همة و طموح
همة و طموح
المجموعة الثانية : غراس الأمل
ثمة أموراً قد عطلت من مواصلتهن في الحلقة
لكن أدركو أن الأمل سيبلغ وأن طالت المدة ..
فغرسوا بايديهن املاً وسيبلغ بإذن الله ..
فيسر ربي لهن كل الصعاب .. وجعلهن ممن حفظ كتابه وعمل به























همة و طموح
همة و طموح
همة و طموح
همة و طموح
المجموعة الثالثة : بهمتي أصل إلى القمة .
العاجز هو من يتعذر عن تحقيق الطموح والأمنيات بظروفه.
والناجح هو من يعتذر لظروفه بتحقيق طموحه وأمنياته.
المؤمن المتفائل هو من يسير واثقا غير مبالي بالظروف
فلا تقولي عذرا لك أحلامي عاجزة عن تحقيقك .
بل عذرا إليك ظروفي فلا وقت عندي للنظر إليك فهناك
حلماً ينتظرني (حفظ كتاب ربي )
" ثقي أن معية الله مع من كان مع الله "

فقليل دائم خير من كثير منقطع
وفقكن ربي لنيل اسمى مراتب الحفظ والفهم ..









من سقط اسمها سهوا, أو وجدت في تقريرها خطأ فلتراسلني .
وفقتم يالحبيبات ^ـ^

همة و طموح
همة و طموح

بسم الله الرحمن الرحيم


سورة الضحى .
عن أبو ذر الغفاري قال أن النبي صل الله عليه وسلم قال :
يصبحُ على كلِّ سلامي من أحدِكم صدقةٌ
فكلُّ تسبيحةٍ صدقةٌ
وكلُّ تحميدةٍ صدقةٌ
وكلُّ تهليلةٍ صدقةٌ
وكلُّ تكبيرةٍ صدقةٌ
وأمرٌ بالمعروفِ صدقةٌ
ونهيٌ عن المنكرِ صدقةٌ
ويجزئُ ، من ذلك ، ركعتان يركعُهما من الضحى


.




{بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَـنِ الرَّحِيمِ }

{وَالضُّحَى * وَالَّيْلِ إِذَا سَجَى * مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى * وَللآخرة خَيْرٌ لَّكَ مِنَ الاُْولَى *
وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى * أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيماً فَآوَى * وَوَجَدَكَ ضَآلاًّ فَهَدَى * وَوَجَدَكَ عَآئِلاً فَأَغْنَى *
فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلاَ تَقْهَرْ * وَأَمَّا السَّآئِلَ فَلاَ تَنْهَرْ * وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ
}.




تلاوة بصوت الشيخ علي الحذيفي حفظه الله



{والضحى} :
هو أول النهار، وفيه النور والضياء .

{والليل إذا سجى}:
الليل إذا غطى الأرض وسدل عليها ظلامه.


فأقسم الله تعالى بشيئين متباينين أولهما :
الضحى إذا إنتشر وملأ الأرض ضياءً ونوراً،
والثاني: الليل إذا يغشى وفيه الظلمة.



{ما ودعك ربك} :
أي ما تركك وأهملك .



{ وما قلى } :
أي ما أبغضك.

هذا قسم من الله تعالى لرسوله محمد صلى الله عليه وسلم
اقسم له به على أنه ما تركه ولا ابغضه.
وذلك أنه أبطأ عنه الوحي أياما
فلما رأى ذلك المشركون فرحوا به وعيَّروه
فجاءت امرأة وقالت ما أرى شيطانك إلا قد تركك.

فحزن لذلك النبي صلى الله عليه وسلم فأنزل الله سورة الضحى
يقسم له فيها بالضحى وهو أول النهار من طلوع الشمس وارتفاعها
قيد رمح إلى ما قبل الزوال بقليل،
وبالليل إذا سجى أي غطى بظلامه المعمورة
وسكن فسكن الناس وخلدوا إلى الراحة فيه


{ ما ودعك ربك } يا محمد أي تركك
{ وما قلى } أي ما أبغضك


{وللآخرة خير لك من الأولى} أي:
من الدنيا، وذلك لأن الآخرة فيها ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر،
وموضع سوط أحدنا في الجنة خير من الدنيا وما فيها،
كما جاء ذلك عن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم.
ولهذا لما خير الله نبيه صلى الله عليه وعلى آله وسلم في مرضه
بين أن يعيش في الدنيا ما يعيش وبين ما عند الله،
اختار ما عند الله .

{ولسوف يعطيك ربك فترضى}:
{سوف} تدل على تحقق الشيء لكن بعد مهلة وزمن .
{يعطيك ربك} أي يعطيك ما يرضيك فترضى، ولقد أعطاه الله ما يرضيه صلى الله عليه وسلّم،
فإن الله تعالى يبعثه يوم القيامة مقاماً محموداً، يحمده فيه الأولون والآخرون،
حتى الأنبياء وأولو العزم من الرسل لا يستطيعون الوصول إلى ما وصل إليه.
فإذا كان يوم القيامة، وعظم الكرب والغم على الخلق،
وضاقت عليهم الأمور طلب بعضهم من بعض أن يلتمسوا من يشفع لهم إلى الله عز وجل فيأتون إلى آدم،
ثم نوح، ثم إبراهيم، ثم موسى، ثم عيسى، هؤلاء خمسة أولهم أبو البشر، ونوح، وإبراهيم، وموسى، وعيسى،
وهؤلاء الأربعة عليهم الصلاة والسلام من أولي العزم،
كلهم يعتذرون عن الشفاعة للخلق حتى تصل إلى
النبي صلى الله عليه وسلّم فيقوم ويشفع،
ولا شك أن هذا عطاء عظيم لم ينله أحد من الخلق،
ثم بين الله سبحانه وتعالى نعمه عليه السابقة حتى يستدل بها على النعم اللاحقة.

فقال عز وجل : {ألم يجدك يتيماً فآوى} :
والاستفهام هنا للتقرير، يعني قد وجدك الله تعالى يتيماً فأواك، يتيماً من الأب، ويتيماً من الأم،
فإن أباه توفي قبل أن يولد، وأمه توفيت قبل أن تتم إرضاعه،
ولكن الله تعالى تكفل به ويسر له من يقوم بتربيته والدفاع عنه،
حتى وصل إلى الغاية التي أرادها الله عز وجل.

وجاء التعبير ـ والله أعلم ـ بـ{فآوى} لسبب لفظي، وسبب معنوي.
أما السبب اللفظي: فلأجل أن تتوافق رؤوس الآيات من أول السورة،
وأما السبب المعنوي: فإنه لو كان التعبير (فآواك)
اختص الإيواء به صلى الله عليه وعلى آله وسلم والأمر أوسع من ذلك، فإن الله تعالى آواه،
وآوى به، آوى به المؤمنين فنصرهم وأيدهم، ودفع عنهم بل دافع عنهم


{ووجدك ضالاً فهدى} :
أي غير عالم؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلّم لم يكن يعلم شيئاً قبل أن ينزل عليه الوحي .
كما قال تعالى: {وعلمك ما لم تكن تعلم} .

{فهدى} ولم يأت التعبير ـ والله أعلم ـ فهداك،
ليكون هذا أشمل وأوسع فهو قد هدى عليه الصلاة والسلام،
وهدى الله به، فهو هاد مهدي عليه الصلاة والسلام.
إذاً فهدى أي فهداك وهدى بك.


{ووجدك عائلاً فأغنى}:
أي وجدك فقيراً لا تملك شيئاً
{فأغنى} أي أغناك وأغنى بك
قال الله تعالى: {وعدكم الله مغانم كثيرة تأخذونها} .
وما أكثر ما غنم المسلمون من الكفار تحت ظلال السيوف، غنائم عظيمة كثيرة
كلها بسبب هذا الرسول الكريم عليه الصلاة والسلام حين اهتدوا بهديه،
واتبعوا سنته فنصرهم الله تعالى به وغنموا من مشارق الأرض ومغاربها،
ولو أن الأمة الإسلامية عادت إلى ما كان عليه السلف الصالح لعاد النصر إليهم،

والغنى، والعزة، والقوة ولكن مع الأسف أن الأمة الإسلامية

في الوقت الحاضر كل منها ينظر إلى حظوظ نفسه بقطع النظر عما يكون به نصرة الإسلام
أو خذلان الإسلام.

ولا يخفى على من تأمل الوقائع التي حدثت أخيراً أنها في الحقيقة إذلال للمسلمين،
وأنها سبب لشر عظيم كبير يترقب من وراء ما حدث،
ولاسيما من اليهود والنصارى الذين هم أولياء بعضهم لبعض

ولكن سينصر الله تعالى دينه مهما كانت الأحوال، فالله تعالى ناصر دينه وكتابه،
وإن حصل على المسلمين ما يحصل فإن الله يقول: {وتلك الأيام نداولها بين الناس} .
وسيأتي اليوم الذي يجاهد فيه المسلمون اليهود يختبىء اليهودي خلف الشجر فينادي الشجر
يا مسلم، يا عبدالله هذا يهودي خلفي، فيأتي المسلم ويقتله .
وما ذلك على الله بعزيز.



{فأما اليتيم فلا تقهر}
هذا في مقابلة {ألم يجدك يتيماً فآوى
كما كنت يتيما فآواك الله فلا تقهر اليتيم ، أي :
لا تذله وتنهره وتهنه ، ولكن أحسن إليه ، وتلطف به



{وأما السائل فلا تنهر}:
هذا في مقابل {ووجدك ضالاً فهدى} , أي :
أول ما يدخل في السائل، السائل عن الشريعة عن العلم لا تنهره؛
لأنه إذا سألك يريد أن تبين له الشريعة وجب عليك أن تبينها له .
لا تنهره إن نهرته نفرته، ثم إنك إذا نهرته وهو يعتقد أنك فوقه؛
لأنه لم يأت يسأل إلا أنه يعتقد أنك فوقه،
إذا نهرته وهو يشعر أنك فوقه أصابه الرعب واختلفت حواسه،
وربما لا يفقه ما يلقي إليك من السؤال، أو لا يفقه ما تلقيه إليه من الجواب،
وقس نفسك أنت لو كلمت رجلاً أكبر منك منزلة ثم نهرك ضاعت حواسك،
ولم تستطع أن ترتب فكرك وعقلك، لهذا لا تنهر السائل،

وربما يدخل في ذلك أيضاً سائل المال،
وهو الفقير المسكين وذو الحاجة
يسألك ما يسدّ خلّته فاعطه ما وجدت عطاءً أو ورده بكلمة طيبة تشرح صدره
وتخفف ألم نفسه
ولا تنهره بزجر عنيف ولا بقول غير لطيف
ذاكرا ما كنت عليه من حاجة وما كنت تشعر به من احتياج

لكن هذا العموم يدخله التخصيص .


*حالات يُنهر بها السائل ؟

إذا عرفت أن السائل في العلم إنما يريد التعنت،
وأخذ رأيك وأخذ رأي فلان وفلان حتى يضرب آراء العلماء بعضها ببعض،
فإذا علمت ذلك فهنا لك الحق أن تنهره،
وأن تقول: يا فلان اتق الله ألم تسأل فلاناً كيف تسألني بعدما سألته؟!
أتلعب بدين الله؟!

أتريد إن أفتاك الناس بما تحب سكتّ، وإن أفتوك بما لا تحب ذهبت تسأل؟!.
هذا لا بأس أن تنهره، لأن هذا النهر تأديب له.
وكذلك سائل المال إذا علمت أن الذي سألك المال غني
فلك الحق أن تنهره ولك الحق أيضاً أن توبخه على سؤاله وهو غني .



{وأما بنعمة ربك فحدث}:

نعمة الله تعالى على الرسول صلى الله عليه وسلّم التي ذكرت في هذه الآيات ثلاث
{ألم يجدك يتيماً فآوى. ووجدك ضالاً فهدى. ووجدك عائلاً فأغنى}
وبهذه الثلاث تتم النعم.
حدث بنعمة الله قل: كنت يتيماً فآواني الله،
كنت ضالاً فهداني الله،
كنت عائلاً فأغناني الله،

لكن تحدث بها إظهاراً للنعمة وشكراً للمنعم،
لا افتخاراً بها على الخلق؛ لأنك إذا فعلت ذلك افتخاراً على الخلق كان هذا مذموماً.

أما إذا قلت أو إذا ذكرت نعمة الله عليك تحدثاً بالنعم، وشكراً للمنعم فهذا مما أمر الله به.

(كان عبد الله بن مسعود يكثر أن يدعو بهؤلاء الدعوات
ربنا أصلح بيننا ، واهدنا سبل السلام ، ونجنا من الظلمات إلى النور ،
واصرف عنا الفواحش ما ظهر منها وما بطن ،
وبارك لنا في أسماعنا وأبصارنا وقلوبنا وأزواجنا وذرياتنا ،
وتب علينا إنك أنت التواب الرحيم ،
واجعلنا شاكرين لنعمتك ، مثنين بها ، قائلين بها ، وأتمها علينا
)


هذه كلمات يسيرة على هذه السورة العظيمة، وما نقوله نحن أو غيرنا من أهل العلم
فإنه لا يستوعب ما دل عليه القرآن من المعاني العظيمة،


نسأل الله أن يرزقنا الفهم في دين الله، والعمل بما علمنا إنه على كل شيء قدير.

روابط انصح بها :
مسيرة النور مولده حتى وفاته_صلى الله عليه وسلم
وَفاةُ أمــه
هل تريد أن ترى الرسول صلى الله عليه وسلم في المنام ؟







همة و طموح
همة و طموح
بسم الله الرحمن الرحيم .

الحمدلله الذي بنعمته تتم الصالحات ,
الحمدلله حتى يرضى وله الحمد إذا رضي ..
وله الحمد في كل حال ..
والصلاة والسلام على أشرف الخلق محمد صل الله عليه وسلم .

أما بعد

حياكم الله وبياكم يالغاليات , في الدرس الثاني عشر في التفسير
واتمنى أن يكون وقت نزول الدرس مناسب تلبية لرغبة بعض الأخوات ..

فتح الله لنا تدبر كتابه وفهمه والعمل به .






سورة الليل :

* كانَ النبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ في جنازَةٍ ،
فأخذَ شيئًا فجعلَ يَنْكُتُ بهِ الأرضَ ،
فقالَ : ( ما منكمْ من أحدٍ ، إلا وقدْ كُتِبَ مَقْعَدُهُ من النارِ ومقْعَدُهُ من الجنةِ ) .
قالوا : يا رسولَ اللهِ ، أفلا نَتَّكِلُ على كتَابِنَا ونَدَعُ العملَ ؟
قالَ : ( اعمَلوا فكلٌ مُيَسَّرٌ لمَا خُلِقَ لهُ ،
أمَّا من كانَ من أهلِ السعادةِ فَيُيَسَّرُ لعملِ أهلِ السعادَةِ ،
وأمَّا من كانَ من أهلِ الشقاءِ فَيُيَسَّرُ لعملِ أهلِ الشقاوَةِ
.
ثم قرأَ : {فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى وَصَدَّقَ بِالحُسْنَى }. الآية .








{بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَـنِ الرَّحِيمِ }

{وَالَّيْلِ إِذَا يَغْشَى * وَالنَّهَارِ إِذَا تَجَلَّى * وَمَا خَلَقَ الذَّكَرَ وَالأنثى * إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّى *
فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى * وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى * فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى * وَأَمَّا مَن بَخِلَ وَاسْتَغْنَى *
وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى * فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى * وَمَا يُغْنِى عَنْهُ مَالُهُ إِذَا تَرَدَّى
إِنَّ عَلَيْنَا لَلْهُدَى * وَإِنَّ لَنَا للآخرة وَالاُْولَى * فَأَنذَرْتُكُمْ نَاراً تَلَظَّى * لاَ يَصْلَـهَآ إِلاَّ الاَْشْقَى *
الَّذِى كَذَّبَ وَتَوَلَّى * وَسَيُجَنَّبُهَا الاَْتْقَى * الَّذِى يُؤْتِى مَالَهُ يَتَزَكَّى * وَمَا لاَِحَدٍ عِندَهُ مِن نِّعْمَةٍ تُجْزَى *
إِلاَّ ابْتِغَآءَ وَجْهِ رَبِّهِ الاَْعْلَى * وَلَسَوْفَ يَرْضَى
}.





تلاوة بصوت الشيخ علي الحذيفي .




{والليل إذا يغشى}:
أقسم الله سبحانه وتعالى بالليل إذا يغشى
يعني حين يغشى الأرض ويغطيها بظلامه , لأن الغشاء بمعنى الغطاء.


{والنهار إذا تجلى} :
أي إذا ظهر وبان، وذلك بطلوع الفجر الذي هو النور الذي هو
مقدمة طلوع الشمس،
والشمس هي آية النهار كما أن القمر آية الليل.



{وما خلق الذكر والأنثى}:
يعني وخَلْق الذكر والأنثى على أحد التفسيرين
الذي جعل (ما) هنا مصدرية،
والذي خَلَق الذكر والأنثى وهو الله عز وجل على التفسير الآخر.
فعلى المعنى الأول: يكون الله سبحانه وتعالى أقسم بخلق الذكر والأنثى.
وعلى الثاني: يكون الله تعالى أقسم بنفسه، لأنه هو الذي خلق الذكر والأنثى.



{ إن سعيكم لشتى } :
أي ان عملكم أيها الناس لمختلف منه الحسنة الموروثة للجنة
ومنه السيئة الموجبة للنار

فالله عز وجل أقسم بأشياء متضادة على أشياء متضادة:
الليل ضد النهار،
الذكر ضد الأنثى،
السعي متضاد صالح وسيىء،
فتناسب المقسم به والمقسم عليه، وهذا من بلاغة القرآن.


فالمعنى أن اختلاف الليل والنهار والذكر والأنثى أمر ظاهر لا يخفى،
فكذلك أعمال العباد متباينة متفاوتة، منها الصالح، ومنها الفاسد،
ومنها ما يخلط صالحاً وفاسداً،
كل ذلك بتقدير الله عز وجل، والله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم،
ثم فصّل هذا السعي المتفرق


{فأما من أعطى واتقى* وصدق بالحسنى* فسنيسره لليسرى}:

{ من أعطى واتقى } :
أي حق الله وانفق في سبيل الله
واتقى ما يسخط الله تعالى من الشرك والمعاصي.

{وصدق بالحسنى} :
صدق بالقولة الحسنى وهي قول الله عز وجل،
وقول رسوله صلى الله عليه وسلّم،
لأن أصدق الكلام، وأحسن الكلام كلام الله عز وجل.



{فسنيسره لليسرى}
السين: هنا للتحقيق
أي: أن من أعطى واتقى،
وصدق بالحسنى، فسييسره الله عز وجل لليسرى في أموره كلها،
في أمور دينه ودنياه، ولهذا تجد أيسر الناس عملاً هو من اتقى الله عز وجل،
من أعطى واتقى وصدق بالحسنى.
وكلما كان الآنسان أتقى لله كانت أموره أيسر له.

قال تعالى: {ومن يتق الله يجعل له من أمره يسًرا}. .

وكلما كان الآنسان أبعد عن الله كان أشد عسراً في أموره ولهذا قال


{وأما من بخل *واستغنى * وكذب بالحسنى )

{وأما من بخل}
فلم يعط ما أمر بإعطائه

{واستغنى}
استغنى عن الله عز وجل، ولم يتق ربه،
بل رأى أنه في غنى عن رحمة الله.


{وكذب بالحسنى}:
بالقولة الحسنى،وهي قول الله تعالى
وقول رسوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم.

{فسنيسره للعسرى} :
ييسر للعسرى في أموره كلها، ولكن

* قد يأتي الشيطان للإنسان ويقول نجد أن الكفار تيسر أمورهم .

فيقال: نعم.
قد تيسر أمورهم، لكن قلوبهم تشتعل ناراً وضيقاً وحرجاً كما قال تعالى:
{ومن يرد أن يضله يجعل صدره ضيقاً حرجاً كأنما يصعد في السماء}. .
ثم ما ينعمون به فهو تنعيم جسد فقط، لا تنعيم روح،
ثم هو أيضاً وبال عليهم لقول الله تعالى فيهم:
{سنستدرجهم من حيث لا يعلمون وأملي لهم إن كيدي متين}. .

وقال النبي صلى الله عليه وسلّم: «إن الله ليملي للظالم حتى إذا أخذه لم يفلته».
وتلا قوله تعالى: {وكذلك أخذ ربك إذا أخذ القرى وهي ظالمة إن أخذه أليم شديد}. .

وهؤلاء عجلت لهم طيباتهم في حياتهم الدنيا، ومع ذلك فإن هذه الدنيا جنة لهم بالنسبة للآخرة.

* قصة :
وقد ذكروا عن ابن حجر العسقلاني شارح البخاري بالشرح الذي سماه (فتح الباري)
وكان قاضي القضاة بمصر،
أنه مر ذات يوم وهو على عربته تجره البغال والناس حوله،
مر برجل يهودي سمان يعني:
يبيع السمن والزيت، ومن المعلوم أن الذي يبيع السمن والزيت
تكون ثيابه وسخة وحاله سيئة
فأوقف العربة وقال لابن حجر: إن نبيكم يقول: «الدنيا سجن المؤمن، وجنة الكافر»،
فكيف أنا أكون بهذه الحال وأنت بهذه الحال؟
فقال له ابن حجر على البديهة:
أنا في سجن بالنسبة لما أعد الله للمؤمنين من الثواب والنعيم،
لأن الدنيا بالنسبة للآخرة ليست بشيء

كما قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم
«لموضع سوط في الجنة خير من الدنيا وما فيها»،
وأما أنت أيها اليهودي: فأنت في جنة بالنسبة لما أعد لك من العذاب إن مت على الكفر
فاقتنع بذلك اليهودي وصار ذلك سبباً في إسلامه وقال:
أشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدًا رسول الله.


{وما يغني عنه ماله إذا تردى}:
يخبر تعالى بأن من بخل واستغنى وكذب بالحسنى حفاظا على ماله
وشحا به وبخلا أن ينفقه في سبيل ربه هذا المال
لا يغني عنه شيئا يوم القيامة
إذا ألقي به في نار جهنم فتردى ساقطا فيها على أم رأسه


{إن علينا للهدى} :
أي إن علينا لبيان الحق من الباطل والطاعة من المعصية.
لهدى نوعان:

1 ـ هدى التوفيق. فهذا لا يقدر عليه إلا الله.

2 ـ هدى إرشاد ودلالة، فهذا يكون من الله،
ويكون من الخلق من الرسل عليهم الصلاة والسلام، ومن العلماء.


{وإن لنا للآخرة والأولى}:
أي ملك ما فيي الدنيا والآخرة نعطي ونحرم من نشاء لا مالك غيرنا.

{فأنذرتكم نارًا تلظى}:
{فأنذرتكم}: يعني خوفتكم
{تلظى} تشتعل، ولها أوصاف كثيرة في القرآن والسنة.



{لا يصلاها إلا الأشقى}:
{لا يصلاها} يعني: لا يحترق بها
{إلا الأشقى} يعني الذي قدرت له الشقاوة.
والشقاوة ضد السعادة لقوله تعالى: {فأما الذين شقوا ففي النار} .
وقوله: {وأما الذين سعدوا ففي الجنة} .

* فالمراد بالأشقى
يعني: الذي لم تكتب له السعادة، هذا هو الذي يصلى النار التي تلظى.
ثم فسره وقال تعالى :

{الذي كذب وتولى} :
كذب النبي صلى الله عليه وسلم فيما جاء به
وتولى أعرض عن الإِيمان به وبما جاء به
من التوحيد والطاعة لله ورسوله.


{وسيجنبها الأتقى *الذي يؤتي ماله يتزكى }

{وسيجنبها} أي:
يكون بعيدا منها .

{الأتقى} :
يعني: الذي اتقى الله تعالى حق تقاته.

{الذي يؤتي ماله يتزكى}:
يعني: يعطي ماله من يستحقه على وجه يتزكى به،
أي: يتطهر به،
قال الله تعالى: {خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها
وصل عليهم إن صلاتك سكن لهم
}.


*
هل يجوز أن يتدين الآنسان ليتصدق؟

فالجواب: لا.
لأن الصدقة تطوع، والتزام الدّين خطر عظيم، لأن الدين ليس بالأمر الهين،
فالآنسان إذا مات وعليه دين فإن نفسه معلقة بدينه حتى يقضى عنه،
وكثير من الورثة لا يهتم بدين الميت، تجده يتأخر يماطل وربما لا يوفيه.
وقد كان النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم إذا قدمت إليه جنازة سأل
هل عليه دين؟ أله وفاء؟ فإن قالوا لا،
قال: «صلوا على صاحبكم».
وأخبر صلى الله عليه وعلى آله وسلم أن
الشهادة في سبيل الله تكفر كل شيء إلا الدين،
فالدين أمره عظيم، لا يجوز للإنسان أن يتهاون به

{وما لأحد عنده من نعمة تجزى}:
يعني أنه لا يعطي المال مكافأة على نعمة سابقة من شخص
فليس لأحد عليه فضل حتى يعطيه مكافأة،
ولكنه يعطي ابتغاء وجه الله ولهذا قال:

{إلا ابتغاء وجه ربه الأعلى}.
فهو لا ينفق إلا طلب وجه الله، أي طلب الوصول
إلى دار كرامة الله التي يكون بها رؤية الله عز وجل.

{ولسوف يرضى}
يعني سوف يرضيه الله عز وجل بما يعطيه من الثواب الكثير
وقد بين الله ذلك في قوله: {مثل الذين ينفقون أموالهم في سبيل الله كمثل حبة
أنبتت سبع سنابل في كل سنبلة مائة حبة
والله يضاعف لمن يشاء والله واسع عليم
} .





تم بحمد لله تفسير ماتيسر من سورة الليل
والله أعلم .



نسأل الله أن يجعلنا من هؤلاء البررة الأطهار الكرام، إنه على كل شيء قدير.

روابط أنصح أحبتي بها :
سلسلة حقائق مجهولة الحلقة 6 لجام التقوى
أوصاف أهل التقوى للشيخ نبيل العوضي
كيف تقضى حاجتك ويكفى همك بعمل بسيط دون أن تدعو

,........
,