رندا...
رندا...
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته


المرحلة الحادية عشر

أما تشتاق يا عبد الله ؟

أما تشتاقين يا أمة الله ؟


صـفــــة الـجـنـــــة
_________


فالجنة - وربِّ الكعبة - نور يتلألأ ، وريحانة تهتز ، وقصر مشيد ، ونهر مطرد ، وفاكهة كثيرة نضيجة
وزوجة حسناء جميلة ، وحلل كثيرة ، ومقام أبد في حبرة ونضرة ، في دور عالية سليمة بهية
بناؤها لبنة من فضة ، ولبنة من ذهب ، وملاطها المسك الأذفر ، وحصباؤها اللؤلؤ والياقوت
وتربتها الزعفران ، من دخلها ينعم لا يبأس ، ويخلد لا يموت ، لا تبلى ثيابه ، ولا يفنى شبابه .

* * * * *

وهي دار غرسها الله بيده ، وجعلها مقرا لأحبابه ، وملأها من رحمته وكرامته ورضوانه ، ووصف نعيمها
بالفوز العظيم ، وملكها بالملك الكبير ، وأودعها جميع الخير بحذافيره ، وطهرها من كل عيب وآفة ونقص .

* * * * *

فإن سألت عن أرضها وتربتها فهي المسك والزعفران
وإن سألت عن سقفها فهو عرش الرحمن
وإن سألت عن بلاطها فهو المسك الأذفر .
وإن سألت عن حصبائها فهو اللؤلؤ والجوهر
وإن سألت عن بنائها فلبنة من فضة ولبنة من ذهب
وإن سألت عن أشجارها فما فيها من شجرة إلا وساقها من ذهب وفضة ، لا من الحطب والخشب
وإن سألت عن ثمرها فأمثال القلال ، ألين من الزبد ، وأحلى من العسل
وإن سألت عن ورقها فأحسن ما يكون من رقائق الحلل .

* * * * *

وإن سألت عن أنهارها فأنهار من لبن لم يتغير طعمه ، وأنهار من خمر لذة للشاربين ، وأنهار من عسل مصفى
وإن سألت عن طعامهم ففاكهة مما يتخيرون ، ولحم طير مما يشتهون
وإن سألت عن شرابهم فالتسنيم والزنجبيل والكافور
وإن سألت عن آنيتهم فآنية الذهب والفضة ، في صفاء القوارير
وإن سألت عن سعة أبوابها فبين المصراعين مسيرة أربعين من الأعوام ، وليأتين عليه يوم وهو كظيظ من الزحام .

* * * * *

وإن سألت عن تصفيق الرياح لأشجارها فإنها تنعم بالطرب لمن يسمعها
وإن سألت عن ظلها ففي ظل الشجرة الواحدة يسير الراكب المجد السريع مائة عام لا يقطعها
وإن سألت عن سعتها فأدنى أهلها يسير في ملكه وسرره وقصوره وبساتينه مسيرة ألفي عام
وإن سألت عن خيامها وقبابها فالخيمة الواحدة من درة مجوفة ، طولها ستون ميلا
وإن سألت عن علاليها وجوسقها فهي غرف من فوقها غرف مبنية ، تجري من تحتها الأنهار
وإن سألت عن ارتفاعها فانظر إلى الكوكب الطالع أو الغارب في الأفق ، الذي لا تكاد تناله الأبصار .

* * * * *

وإن سألت عن لباس أهلها فهو الحرير والذهب
وإن سألت عن فرشها فبطائنها من إستبرق، مفروشة في أعلى الرتب
وإن سألت عن أرائكها فهي الأسرة عليها البشخانات ، مزررة بأزرار الذهب
وإن سألت عن وجوه أهلها وحسنهم فعلى صورة القمر
وإن سألت عن أعمارهم فأبناء ثلاث وثلاثين ، على صورة آدم عليه السلام
وإن سألت عن سماعهم فغناء أزواجهم من الحور العين

وأحلى منه سماع الملائكة والنبيين
وأحلى منهما خطاب رب العالمين

وإن سألت عن مطاياهم التي يتزاورون عليها فنجائب مما شاء الله، تسير بهم حيث شاءوا
وإن سألت عن حليهم وشارتهم فأساور الذهب واللؤلؤ ، وعلى رؤوسهم ملابس التيجان
وإن سألت عن غلمانهم فولدان مخلدون ، كأنهم لؤلؤ مكنون .

* * * * *

أرضها بيضاء ، وتربتها درمكة بيضاء ، مسك خالص ، عرصتها صخور الكافور
وقد أحاط به المسك مثل كثبان الرمل ، فيها أنهار مطردة
فيجتمع فيها أهلها أدناهم وآخرهم ، فيتعارفون فيبعث الله ريح الرحمة
فتهيج عليهم ريح المسك ، وإنها لتُشم من مسيرة مائة عام
فترجع يا أخي إلى زوجتك وقد ازددتَ حسنا وطيبا فتقول لك :
لقد خرجتَ من عندي وأنا بك معجبة ، وأنا بك الآن أشد إعجابا .

* * * * *

وبينما المؤمنون ذات يوم يتحدثون في ظل شجرة طوبى إذ جاءتهم الملائكة بنجائب مزمومة بسلاسل من ذهب
كأن وجوهها المصابيح نضارة وحسنا ، وبرها خز أحمر ، وعبقري أبيض ، مختلطان
الحمرة بالبياض ، والبياض بالحمرة ، لم ينظر الناظرون إلى مثله حسنا وبهاء
ذللا من غير محنة ، نجب من غير رياضة ، رحالها من الياقوت الأخضر
ملبسة بالعبقري والأرجوان ، ولجمها ذهب ، وكسوتها سندس وإستبرق ، فأناخوا إليهم تلك الرواحل
وحيوهم بالسلام من عند الرب السلام ، وقالوا لهم : أجيبوا ربكم جل جلاله ، فإنه يستزيركم فزوروه
وليسلم عليكم وتسلموا عليه ، وينظر إليكم وتنظروا إليه ، ويكلمكم وتكلموه ، ويحييكم وتحيوه
ويزيدكم من فضله ، فإنه ذو الرحمة الواسعة ، وذو فضل عظيم .

* * * * *

فينظرون إليه وينظر إليهم ، لا يضارون في رؤيته ، فيأخذ ربُّنا عز وجل بيده غرفة من الماء
فينضح وجوه المؤمنين بها ، وما تخطئ وجه أحدهم منها قطرة ، فتدع وجوههم
مثل الريطة البيضاء ، فيطلعون على حوض الرسول صلى الله عليه وسلم ،
وما يبسط واحدمنهم يده إلا وضع عليها قدح يطهره من الطوف والبول والأذى
وتُحبس الشمس والقمر ، ولايرون منهما واحدا ، فيبصرون بمثل بصرهم في الدنيا
وذلك قبل طلوع الشمس ، في يوم أشرقت الأرض .

* * * * *

ويطلعون في الجنة على بحر اللبن ، وبحر العسل ، وبحر الخمر ، وأنهار من عسل مصفّى
وأنهار من كأس ، ما بها من صداع ولا ندامة ، وأنهار من لبن لم يتغير طعمه
وماء غير آسن ، وبفاكهة ما يعلمون ، وخير من مثله معه .
وأزواج مطهرة ، صالحات مصلحات ، يلذون بهن مثل لذاتهم في الدنيا
ويلذذن بهم . وإن لهم ما بين المشرق والمغرب ، يحلون منها حيث شاءوا .

* * * * *

يتبع إن شاء الله
رندا...
رندا...
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته


المرحلة الثانية عشر


مواصلات الجنة

رواحـــل ودواب الجنـــة
_________


فيتحول كل رجل على راحلته ، ثم يسيرون صفا واحدا معتدلا ، الرجل إلى جنب أخيه عن يمينه
لا يفوت ركبة ناقة ركبة صاحبتها ، ولا تعدوا أذن ناقة أذن صاحبتها ، يمرون بالشجرة من أشجار الجنة
فتميل لهم عن طريقهم كراهية أن يُفرق بينهم ،
فإذا وقفوا بالجبار تبارك وتعالى أسفر لأولياؤه عن وجهه الكريم
وتجلى لهم في عظمته العظيمة ، فيُسلِّم عليهم ، فيرحب بهم ، وسلامهم وتحيتهم أن يقولوا :
ربنا أنت السلام ، ومنك السلام ، ولك حق الجلال والإكرام . فيقول لهم الرب جل جلاله :
عبادي ، عليكم السلام مني ، وعليكم رحمتي ومحبتي ، مرحبا وأهلا بعبادي ، الذين أطاعوني بالغيب
والذين حفظوا وصيتي ، ورعوا عهدي ، وكانوا مني على كل حال مشفقين . فيقولون :
وعزتِك وجلالِك ، وعظمتِك وعلوِّ مكانك ، ما قدرناك حق قدرك ، ولا أدينا إليك كل حقك
فأْذَنْ لنا بالسجود لك. فيقول ربنا عز وجل : إني قد رفعت عنكم مؤنة العبادة ، فهذا حين أرحت لكم أبدانكم
وهذا حين أفضيتم إلى روحي ورحمتي ، وجنتي وكرامتي ، ومبلغ الوعد وعدتكم
فاسألوني ما شئتم ، وتمنوا علي أعطكم أمانيكم ، فإني لن أجزيكم اليوم بقدر أعمالكم
ولكن أجزيكم بقدر رحمتي وكرامتي ورأفتي ، وعزي وجلالي وعُلوِّ مكاني ، وعظمة شأني
فاسألوني ما شئتم .
فما يزالون في الأماني ، حتى أن المقصر في أمنيته يقول :
ربنا تنافس أهل الدنيا في دنياهم ، وفخر بعضهم إلى بعض
فاجعل حظي من الجنة كل شيء كان فيه أهل الدنيا ، من يوم خلقتها إلى يوم أفنيتها
فإنا رفضناها وزهدنا فيها ، وصغرت في أعيننا ، تشاغلا بأمرك ، وإعظاما لك ، وإجلالا وإعزازا .



المرحلة الثالثة عشر


وما زال الله معطيك


إكـرام الله تعالـى
_______

فيقول لهم ربنا عز وجل : قد قصرتم في أمنيتكم : ورضيتم بدون حظكم ، وبأقل من حقكم ، فقد أوجبت لكم ما سألتم وتمنيتم
حتى تعرفه أنفسكم وألحقت بكم ما قصرت عنه أمانيكم ، فانظروا إلى ما أعددت لكم ، وإلى ما لا تبلغه أمانيكم
ولم يخطر على قلوبكم . فيؤتون ذلك فيقولون : ربنا أنت أحق بالأمن والرحمة
ولو وكلتنا إلى أنفسنا وأمانينا لضيّعنا حظنا .


وإذا بقباب في الرفيع الأعلى قد نُصبت ، وغرف من الدر والمرجان قد رُفعت ،
أبوابها من ذهب ، ومنابرها من نور ، وسررها من ياقوت ، وفرشها سندس وإستبرق
يفور من أعراصها وأفواهها ماء ، نور شعاع الشمس عنده كنور الكوكب الدري ، فإذا هم بقصور شامخة في أعلا عليين
من الياقوت ، يزهر نورها ، ولولا إكرام الله تعالى لعباده لامتنعت الأبصار من شدة صفائها ، وعتق جوهرها
فما كان منها أبيض فمن الياقوت الأبيض ، مفروشا بالحرير الأبيض ، وما كان منها أحمر فمن الياقوت الأحمر
مفروشا بالعبقري الأحمر ، وما كان منها أخضر فمن الياقوت الأخضر ، مفروشا بالسندس الأخضر
وما كان منها أصفر فمن الياقوت الأصفر ، مفروشا بالأرجوان الأصفر . مبوبة بالذهب الأحمر والفضة البيضاء
قواعدها من جوهر ، وأركانها من ذهب ، وشفوفها قباب من لؤلؤ ، وبروجها غرف من مرجان .

وبينما أنت في منزلك ، إذ أتاك رسول من الله عز وجل ، فقال للآذن : استأذن لرسول الله على ولي الله ، فيدخل الآذن
فيقول لك : يا ولي الله ، هذا رسول من الله يستأذن عليك ، فتقول : ائذن له ، فيأذن له ، فيدخل عليك ، فيضع بين يديك تحفة
فيقول : يا ولي الله ، إن ربك يقرأ عليك السلام ، ويأمرك أن تأكل من هذه ، فتأكل منها ، فتجد منها طعم كل ثمرة في الجنة .

* * * * * *
رندا...
رندا...
المرحلة الرابعة عشر

ركوب الخيل ومصافحة الملائكة واللعب والضحك معهم

يارب اكرمنا فقد تاقت نفوسنا إليك


خــيــــول الجـنــــة
_______


وبينما أنت كذلك ، إذا خيول مقربة من الياقوت الأحمر ، مصنوع فيها الروح ، بجنبها الولدان المخلدون ، وبيد كل وليد حكمة خيل من تلك الخيول ، على كل أربعة منها مرتبة من مراتب الجنة كالرحالة ، أسفلها سرير من ياقوتة ، وعلى كل سرير منها قبة من ذهب مفرغة ، في كل قبة منها فراش من فرش الجنة ، ليس في الجنة لون حسن إلا وهو فيها ، ولا ريحة طيبة إلا عبق بها ، ينفذ ضوء وجوههما غلظ القبة ، حتى يظن من ينظر إليها أنها من دون القبة ، يتبين مخها في عظامها كما يتبين السلك الأبيض في الياقوتة الصافية ، ثم يأمرك الله عز وجل فتتحول في مركبتك مع صاحبتك ، فتعانقك وتقبلك ، وتمنيك بكرامة الله عز وجل . والقبة إما لؤلؤة ، وإما زمردة ، وإما ياقوتة ، وإما درة . وإذا في قبة من تلك القصور منابر من نور ، عليها ملائكة قعود ، ينتظرونكم ليهنئوكم ويحيوكم ، فيتحول كل واحد منكم على مركبة تزف تلك الخيول ، وبجنبها الولدان المخلدون ، تشيعكم الملائكة المقربون ، يقطعون بكم رياض الجنة ، فلما رُفعتم إلى قصوركم نهضت الملائكة في أعراضكم فاستنزلوكم وصافحوكم ، وشبكوا أيديهم في أيديكم ، ثم أجلسوكم بينهم ، ثم أقبلتم على الضحك والمداعبة حتى علت أصواتكم .



مـصـافـــحة المـلائكـــة
________


فتقول الملائكة : أما وعزة ربنا وجلاله ما ضحكنا منذ خلقنا إلا معكم ، ولا هزلنا إلا معكم ، فهنيئا لكم ، هنيئا بكرامة ربكم ، فلما ودعوهم وانصرفوا عنهم دخلوا قصورهم ، فليس أحد منهم إلا وقد وجد الله عز وجل قد جمع له في قصره أمنيته التي تمنى ، وإذا على كل قصر منها باب يفضي إلى واد أفيح من أودية الجنة ،
محفوفة تلك الأودية بجبال من الكافور الأبيض . وكذلك جبال الجنة ، وهي معادن الجوهر والياقوت والفضة ، فارعة أفواهها في بطون تلك الأودية ،
في بطن كل واحد منها أربع جنان : جنتان ذواتا أفنان ، فيهما عينان تجريان ، فيهما من كل فاكهة زوجان ، وجنتان مدهامتان ، فيهما عينان نضاختان ،
وفيهما فاكهة ونخل ورمان ، وحور مقصورات في الخيام ، لم يطمثهن إنس قبلهم ولا جان ، كأنهن الياقوت والمرجان .

قال تعالى
وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ{46} فَبِأَيِّ آلَاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ{47} ذَوَاتَا أَفْنَانٍ{48} فَبِأَيِّ آلَاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ{49} فِيهِمَا عَيْنَانِ تَجْرِيَانِ{50} فَبِأَيِّ آلَاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ{51} فِيهِمَا مِن كُلِّ فَاكِهَةٍ زَوْجَانِ{52} فَبِأَيِّ آلَاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ{53} مُتَّكِئِينَ عَلَى فُرُشٍ بَطَائِنُهَا مِنْ إِسْتَبْرَقٍ وَجَنَى الْجَنَّتَيْنِ دَانٍ{54} فَبِأَيِّ آلَاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ{55} فِيهِنَّ قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنسٌ قَبْلَهُمْ وَلَا جَانٌّ{56} فَبِأَيِّ آلَاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ{57} كَأَنَّهُنَّ الْيَاقُوتُ وَالْمَرْجَانُ{58} فَبِأَيِّ آلَاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ{59} هَلْ جَزَاء الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ{60} فَبِأَيِّ آلَاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ{61} وَمِن دُونِهِمَا جَنَّتَانِ{62} فَبِأَيِّ آلَاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ{63} مُدْهَامَّتَانِ{64} فَبِأَيِّ آلَاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ{65} فِيهِمَا عَيْنَانِ نَضَّاخَتَانِ{66} فَبِأَيِّ آلَاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ{67} فِيهِمَا فَاكِهَةٌ وَنَخْلٌ وَرُمَّانٌ{68} فَبِأَيِّ آلَاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ{69} فِيهِنَّ خَيْرَاتٌ حِسَانٌ{70} فَبِأَيِّ آلَاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ{71} حُورٌ مَّقْصُورَاتٌ فِي الْخِيَامِ{72} فَبِأَيِّ آلَاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ{73} لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنسٌ قَبْلَهُمْ وَلَا جَانٌّ{74} فَبِأَيِّ آلَاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ{75} مُتَّكِئِينَ عَلَى رَفْرَفٍ خُضْرٍ وَعَبْقَرِيٍّ حِسَانٍ{76} فَبِأَيِّ آلَاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ{77} تَبَارَكَ اسْمُ رَبِّكَ ذِي الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ{78}

فيتبؤن تلك المنازل ، فيستقر قرارهم فيها ، فيزورهم ربهم تبارك وتعالى في ملائكته ، فيقول لهم : هل وجدتم ما وعد ربكم حقا ؟ فيقولون : نعم ، فيقول : كيف وجدتم ثواب ربكم ؟ فيقولون : ربنا رضينا فارض عنا ، فيقول لهم الجليل جل جلاله : برضائي عنكم نظرتم إلى وجهي ، وسمعتم كلامي ، وحللتم داري ، وصافحتم ملائكتي ، فهنيئا هنيئا عطائي لكم ، ليس فيه نكد ولا تكدير ، فيقولون : الحمد لله الذي أحلنا دار المقامة من فضله ، لا يمسهم فيها نصب ، ولا يمسهم فيها لغوب .

* * * * * *

يتبع إن شاء الله

هذا هو حال المؤمنين أهل الجنة


" اللهم اجعلنا منهم
رندا...
رندا...
--------------------------------------------------------------------------------




المرحلة الخامسة عشر

جنان من الياقوت والزبرجد والفضة البيضاء والذهب

اللهم اجعل سعينا خالصا لوجهك العظيم


الجــنــــــان
_______



دار الســـــلام
______

ويدخل المؤمنون دار السلام ، ودار السلام من الياقوت كلها ، أزواجها وخدمها ، وآنيتها وأسرتها ، وحجالها وقصورها ، وخيامها ومدائنها ، ودرجها وغرفها وأبوابها ، وثمارها من اللؤلؤ والياقوت ، فيرون ربهم فيها ، فيعطيهم الله خواتم من ذهب يلبسونها ، وهي خواتم الخلد ، ثم يعطيهم خواتم من در وياقوت ولؤلؤ ، فيلبسونها .


جـنــة عــــدن
________

ويدخل المؤمنون جنة عدن ، وهي من الزبرجد كلها ، على هذه الصفة ، فيها روضة عظيمة ، لم يرى أعظم منها ولا أحسن ، خلقها الله عز وجل بيده ، ودلى فيها ثمارها ، وشق فيها أنهارها ، وجعلها لبنة من درة بيضاء ، ولبنة من ياقوتة حمراء ، ولبنة من زبرجدة خضراء ، ملاطها مسك ، حشيشها الزعفران ، حصباؤها اللؤلؤ ، ترابها العنبر ، وهي مدينة مبنية بلبن ذهب ولبن فضة ، فيها نهر معترض يجري ، كأن ماؤه المحض في البياض ، والأنهار فيها تشخب ، ثم تصدع بعد ذلك أنهارا . يكونون فيها في أحسن صورة ، في قصر مثل الربابة البيضاء ، ليس بينهم وبين أن ينظروا إلى ربهم عز وجل إلا رداء الكبرياء على وجهه .


جـنــة المـأوى
________

من الذهب الأحمر ، بجميع ما فيها ، على هذه الصفة .


جـنــة الخـــلـد
________

ويدخل المؤمنون جنة الخلد ، وهي من الفضة البيضاء ، بجميع ما فيها على هذه الصفة . والجنات كلها مائة درجة ، ما بين الدرجتين خمسمائة عام . حيطانها لبنة من ذهب ، ولبنة من فضة ، ولبنة من ياقوت ، ولبنة من زبرجد ، ملاطها المسك ، وقصورها الياقوت ، وغرفها اللؤلؤ ، ومصارعها الذهب ، وأرضها الفضة ، وحصباؤها المرجان ، وترابها المسك ، أعدها الله عز وجل لأوليائه ، ينادي الله جل جلاله : يا أوليائي ، جوزوا الصراط بعفوي ، وادخلوا الجنة برحمتي ، واقتسموها بأعمالكم ، فلكم صنعت ثمار الفردوس ، ولكم نصبت شجرة الخلد ، ولكم بنيت القصور التي أُسست بالنعيم ، وشُرِّفت بالملك والخلود .


جـنــة الفردوس
_________

ويدخل المؤمنون جنة الفردوس ، وهي أعلا الجنان سُمُوّا ، وأوسعها محلا ، ومنها تفجر أنهار الجنة ، وعليها يوضع العرش يوم القيامة ، فجنان الفردوس أربع : اثنتان من ذهب ، حليتهما وآنيتهما وما فيهما ، واثنتان من فضة ، حليتهما وآنيتهما وما فيهما .




المرحلة السادسة عشر

ما لذ وطاب أذاقنا الله منه وإياكم


طعام وشراب أهل الجنة
________


فيأكلون في هذه الجنان ويشربون ، وأول طعامهم في الجنة زيادة كبد الحوت ، ثم يُنحر لهم ثور رعى من أطراف الجنة ، ثم تُوضع لهم مائدة الخلد ، زاوية من زواياها أوسع مما بين المشرق والمغرب ، ثم يتفكهون ، ولا يتفلون ، ولا يتبولون ، ولا يتغوطون ، ولا يتمخطون ، يلهمون التسبيح والتحميد كما يُلهم أهل الدنيا النفس .
فمن يدخل الجنة يأكل أشهى الطعام ، ويشرب ألذ الشراب ، لا يتعب ، ولا يقلق ، ولا يعرق ، ولا يتبول ، ولا يتغوط ، ولا يمتخط ، ولا يبصق ، ولا يتفل .

وإن أحدهم في الجنة ليعطى قوة مائة رجل ، في الأكل والشرب ، والجماع والشهوة ، وإن أحدهم ليشتهي الطعام ، وسيد طعامهم اللحم ،
فيقوم على رأسه عشرة آلاف خادم ، مع كل خادم صحفتان : واحدة من فضة ، وواحدة من ذهب ، في كل صحفة لون ليس في الأخرى مثلها ،
يأكل من آخره كما يأكل من أوله ، فيجد لآخره من اللذة والطعم ما لا يجد لأوله ، ويبلغ غداؤه سبعين ألف صحفة ، من ألوان لحوم الطير ، كأنها البخت ،
لا ريش لها ، ولا زغب ولا عظم ، ولا تُطبخ بالنار ، ولا تقليها القدور ،

ولذتها لذة الزبد ، وحلاوتها حلاوة العسل ، ورائحتها رائحة المسك ، يأكل من كلها ، يجد لآخرها من الطعم كما يجد لأولها ، وفي عشائه مثل ذلك ،
فيقول : يا رب ، لو أَذِنْتَ لي لأطعمتُ أهل الجنة ، وسقيتُهم ، وما ينقص مما عندي شيء .

وإن أحدهم ليشتهي الشراب من شراب الجنة ، فيجيء الإبريق إليه ، فيقع في يده ، فيشرب ، ثم يعود مكانه . وإذا كانت منه الحاجة ،
خرج الطعام من جسده جشاء ورشحا كرشح المسك ، وفاض من جلده عرقا ، وسال من تحت ذوائبه إلى قدميه مسكا ، فإذا بطنه قد ضمر .

* * * * * *

" اللهم أسألك رضاك والجنة وأعوذ بك من سخطك ومن عذاب النار "
رندا...
رندا...
المرحلة السابعة عشر

لباس وحلل أهل الجنة
_____________


ويدعوه الله عز وجل على رؤوس الخلائق ، حتى يخيره من أي حلل الجنة شاء لبس ، فيلبس منها ما أراد ، ثم يذهب إلى شجرة في الجنة ،
فيلبس منها ثيابا ، لا تبلى ولا تفنى ، لو أن ثوبا منها لُبس في الدنيا لصعق من ينظر إليه ، وما حملته أبصارهم . فيكون عليه ثوبان يتجاوبان ،
بصوت مليح ، يقول الثوب الذي يلي جسده : أنا أكرم على ولي الله منك ، أنا أمس بدنه ، وأنت لا تمس بدنه ، فيقول الثوب الذي يلي وجهه :
بل أنا أكرم على ولي الله منك ، أنا أرى وجهه ، وأنت لا ترى وجهه .

وثيابنا في الجنة لا خلقا تُخلق ، ولا نسجا تُنسج ، بل تشقق عنها ثمر الجنة . ويَلبس الذهب ، إن لم يكن يلبسه في الدنيا ،
ويلبس الحرير، إن لم يكن يلبسه في الدنيا ، فيعطيه الله خاتم من ذهب يلبسه ، وهو خاتم الخلد ،
ثم يعطيه خواتم من در وياقوت ولؤلؤ ، وذلك إذا رأى ربه في داره دار السلام .

ويُؤتى بمن قرأ القرآن فأكمله ، وعمل بما فيه ، فيُلبس والديه تاجا هو أحسن من ضوء الشمس ، هذا لوالديه ،
فما ظنكم بالذي عمل به . ويَلقى أهل الجنة بعضهم بعضا ، فيُقبل الرجل ذو المنزلة المرتفعة ، فيَلقى من هو دونه ،
وما فيهم دني ، فيروعه ما يرى عليه من اللباس ، فما ينقضي آخر حديثه حتى يتخيل إليه ما هو أحسن منه ،
وذلك أنه لا ينبغي لأحد أن يحزن فيها ، ثم ينصرف إلى منزله ، فتتلقاه أزواجه ،
فيقلن : مرحبا وأهلا ، لقد جئتَ وإن بك من الجمال أفضل مما فارقتنا عليه .

وإنه ليتكئ في الجنة سبعين سنة ، قبل أن يتحول ، ثم تأتيه امرأته ، فتضرب على منكبيه ، فينظر وجهه في خدها أصفى من المرآة ،
وإن أدنى لؤلؤة عليها تضيء ما بين المشرق والمغرب ، فتُسلم عليه ، فيرد السلام ، ويسألها : من أنتِ ؟ فتقول أنا من المزيد ،
وإنه ليكون عليها سبعون ثوبا ، أدناها مثل النعمان من طوبى ، فينفذها بصره ، حتى يرى مخ ساقها من وراء ذلك ،
وإن عليها التيجان المزينة باللؤلؤ ، لو أن أدنى لؤلؤة عليها نزلت إلى الدنيا ، لأضاءت ما بين المشرق والمغرب ،
فيتمتع معها ، ويلذ بها ، كيفما أراد ، ومتى ما أراد ، وحيثما أراد ، فلا مقطوعة ولا ممنوعة .


( يارب أكرمنا )


المرحلة الثامنة عشر

قصـور وبيـوت خيـر من الدنيـا وما فيها

مسـاكن وقصـور أهـل الجـنـة
_____________


وإذا دخلتَ الجنة يا ولي الله يدخل أمامك ملك ، فيأخذ بك في سككها ،
فيقول لك : انظر ما ترى، فتقول : أرى أكثر قصور رأيتها من ذهب وفضة ،
وأكثر أنيس ، فيقول لك الملك : فإن هذا أجمع لك ، حتى إذا رُفعتَ إليهم
استقبلوك من كل باب ، ومن كل مكان ، يقولون : نحن لك ، ثم يقول لك الملك :
امش ، فتمشي ، فيقول الملك : ماذا ترى ؟ فتقول : أرى أكثر عساكر رأيتها من خيام ،
وأكثر أنيس ، فيقول الملك : فإن هذا أجمع لك ، فإذا رُفعتَ إليهم استقبلوك وقالوا : نحن لك .

ومنزلك في الجنة لؤلؤة ، فيها أربعون ألف دار ، وفيها شجرة تنبت الحلل ،
فتأخذ بإصبعيك سبعين حلة ، متمنطقة باللؤلؤ والمرجان .
وفيها مساكن طيبة في جنات عدن ، وإنك لأدل على منزلك في الجنة من منزلك الذي كان لك في الدنيا .
ومسكنك في الجنة قصر من لؤلؤة بيضاء ، فيها سبعون دارا من ياقوتة حمراء ، في كل دار سبعون بيتا من زمردة خضراء ،
في كل بيت سبعون سريرا ، على كل سرير فراش ، لون على لون ، على كل فراش امرأة من الحور العين.
في كل بيت مائدة ، على كل مائدة سبعون قصعة ، وعلى كل مائدة سبعون وصيفا ووصيفة ،
يعطيك الله عز وجل في غداة واحدة من الشهوة والقوة ما تأكل ذلك الطعام ، وتطوف على تلك الأزواج .

وعلى أبواب قصورك كثبان من مسك ، تزور الله جل وعلا في الجمعة مرتين ،
فتجلس على كرسي من ذهب ، مكلل باللؤلؤ والياقوت والزبرجد ،
تنظر إلى الله عز وجل ، وينظر إليك ، فإذا قمتَ انقلبتَ إلى الغرفة من غرفك ،
ولها سبعون باباً ، مكللة بالياقوت والزبرجد .

* * * * * *