المرحلة العشرون
تابع الحــور العيـــن
احفظ نفسك فيحفظهن الله لك
صفـة الحــور العيــن
__________
وإنك - يا ولي الله - لتتكئ في الجنة سبعين سنة ، قبل أن تتحول ، ثم تأتيك امرأتك ، فتضرب على منكبيك ، فترى وجهك في خدها أصفى من المرآة ، وتنظر إلى بياض ساقها من وراء سبعين حلة ، حتى ترى مخها ، كأنهن الياقوت والمرجان ، وإن أدنى لؤلؤة عليها لتضيء ما بين المشرق والمغرب ، فتُسَلِّم عليك ، فترد السلام ، وتسألها : من أنتِ ؟ فتقول لك : أنا من المزيد ، عليها سبعون ثوبا ، أدناها مثل النعمان من طوبى ، فينفذها بصرك حتى ترى مخ ساقها من وراء ذلك ، وإن عليها من التيجان ، وإن أدنى لؤلؤة عليها لتضيء ما بين المشرق والمغرب . والذي نفسي بيده ، لو اطلعتْ على أهل الأرض لأضاءتْ ما بينهما ، ولملأتْ ما بينهما بريحها ، ولنصيفها على رأسها خير من الدنيا وما فيها . فإن سألتَ عن أزواجك وحبيباتك يا عبد الله ، فاعلم أنهن الكواعب الأتراب ، اللاتي جرى في أعضائهن ماء الشباب ، فللورد والتفاح ما لبسته الخدود ، وللرمان ما تضمنته النهود ، وللؤلؤ المنظوم ما حوته الثغور ، وللرقة واللطافة ما دارت عليه الخصور ، تجري الشمس من محاسن وجهها إذا برزت ، ويضيء البرق من بين ثناياها إذا ابتسمت . إذا قابلتْ حِبَّها فقل ما تشاء في تقابل النورين
وإذا حادثته فما ظنك بمحادثة الحبيبين ، وإن ضمها إليه فما ظنك بتعانق الغصنين
* * * * * *
يرى وجهه في صحن خدها كما يُرى في المرآة التي جلاها صيقلها ، ويَرى مخ ساقها من وراء اللحم ، ولا يستره جلدها ، ولا عظمها ، ولا حللها . لو اطلعت على الدنيا لملأت ما بين الأرض والسماء ريحاً ، وأفواه الخلائق تهليلاً وتكبيراً وتسبيحاً ، ولتزخرفت لها ما بين الخافقين ، ولأغمضت عن غيرها كل عين ، ولطمست ضوءَ الشمس كما تطمس الشمسُ ضوء النجوم ، ولآمن من على ظهرها بالله الحي القيوم ، ولَنصيفها على رأسها خير من الدنيا وما فيها ، ووصالها أشهى إليك من جميع أمانيها . ولا تزداد على طول الأحقاب إلا حسناً وجمالاً ، ولا تزداد لها طول المدى إلا محبة ووصالاً ، مبرأة من الحبل والولادة ، والحيض والنفاس ، مطهرة من المخاط والبصاق ، والمذي والمني ، والبول والغائط، وسائر الأدناس . مطهرة من الأخلاق السيئة ، والصفات المذمومة ، والفحش والبذاء ، ومن النظر إلى غير زوجها . لا يفنى شبابها ، ولا تبلى ثيابها ، ولا يخلِق ثوب جمالها ، ولا يُمَل طيب وصالها ، قد قصرت على زوجها ، فلا تطمح لأحد سواه . وقصر طرفك عليها ، فهي غاية أمنيتك وهواك ، إن نظرتَ إليها سرتك ، وإن أمرتها بطاعتك أطاعتك ، وإن غبتَ عنها حفظتك ، فأنتَ منها في غاية الأماني ، لم يطمثها قبلك إنس ولا جان ،
كلما نظرتَ إليها ملأتْ قلبك سروراً ، وكلما حدثتْك ملأتْ أذنك لؤلؤاً منظوماً ، وإذا برزتْ ملأت القصر والغرفة نوراً .
* * * * * *
وإن سألت عن السن فأتراب في أعدل من الشباب ، وإن سألت عن الحسن فهل رأيت الشمس والقمر، وإن سألت عن الحدق فأحسن سواد في أصفى بياض في أحسن جور ، وإن سألت عن القدود فهل رأيت أحسن الأغصان ، وإن سألت عن النهود فمن الكواعب ، ونهودهن كألطف الرمان ، وإن سألت عن اللون فكأنه الياقوت والمرجان ، وإن سألت عن حسن الْخُلُق فهن الخيرات الحسان ، اللاتي جمعن بين الحسن والإحسان ، فأعطين جمال الباطن والظاهر، فهن أفراح النفوس وقرة النواظر ، وإن سألت عن حسن العشرة ولذة ما هنالك ، فهن العُرب المحببات إلى الأزواج ، بلطافة التبعل التي تمتزج بالروح أي امتزاج . فما ظنك بامرأة إذا ضحكتْ في وجهك أضاءت الجنة من ضحكها ، وإذا انتقلتْ من قصر إلى قصر قلتَ : هذه الشمس متنقلة في بروج فلكها ، وإذا حاضرتك فيا حسن تلك المحاضرة ،
وإن خاصرتك فيا لذة المعانقة والمخاصرة ، وإن غنتْ لك فيا لذة الأبصار والأسماع ، وإن آنستْك وأمتعتْك فيا حَّبذا تلك المؤانسة والإمتاع ،
وإن قبّلتْك فلا شيء أشهى إليك من التقبيل ، وإن نلتَها فلا ألذَّ ولا أطيبَ من ذلك التنويل .
* * * * * *
أما يوم المزيد ، وزيارة العزيز الحميد ، ورؤية وجهه المنزه عن التمثيل والتشبيه ، فإنه اليوم الأعظم والأجمل ، ففيه ترى الرب الرحيم ، كما ترى الشمس في الظهيرة ، والقمر ليلة البدر . فالجنة ، وربِّ الكعبة ، فيها ما لا عين رأت ، ولا أذن سمعت ، ولا خطر على قلب بشر . واسمع - يا عبد الله - وصف الحور العين ، التي قصّ الله عليك ذكرها ، وبيّن لك النبي صلى الله عليه وسلم وصفها ، ولنأخذ في وصفها عضواً عضواً ، ما استطعنا إلى هذا سبيلاً ، وما وجدنا نصاً ودليلاً ، ولنبدأ بأعلاها حتى ننتهي إلى أسفلها . أما طولها فيتناسب مع طول حبيبها ، وأما عرضها فيتلاءم مع عرض زوجها ، وأما الحلل التي عليها فهي من سندس وإستبرق وحرير ، بألوان خضراء وحمراء وغير ذلك ، مع الشفافية والصفاء ، مكللة بالياقوت والزبرجد واللؤلؤ . أما التيجان على رأسها فخير من الدنيا وما فيها ، عليه ألوان وأنواع لا تحصى من الجواهر . وخمارها على رأسها خير من الدنيا وما فيها . وشعرها طويل ناعم ، صُفَّ بطريقة فاتنة ساحرة، ينفجر منه الريح ،
وينبثق منه النور والجمال ، لو أن طاقة من شعرها بدت لملأت ما بين المشرق والمغرب من طيب ريحها .
* * * * * *
وأما وجهها فيعجز اللسان عن وصفه ، ويعجز الكلام عن بيانه ، ويعجز العقل عن تصوره ، فلو أخرجتِ الحور وجهها لأضاء حسنها ما بين السماء والأرض ، فنور وجوههن من نور الله عز وجل . ولو أن يدا من الحور ، بياضها وخواتيمها ، دُلِّيَتْ من السماء ، لأضاءتْ لها الأرض كما تضيء الشمس لأهل الدنيا ، هذه يدها ، فكيف بالوجه بياضه وحسنه وجماله ، وتاجه وياقوته ، ولؤلؤه وزبرجده . وما أدراك ما الجبهة اتساعاً وجمالاً ونوراً ، ثم ما أدراك ما العين ، إنها الحوراء العيناء ، شديدة بياض بياض العين ، شديدة سواد سواد العين ، يحار الطرف في حسن عينها ، عظيمة العين مع اتساع ، ومع كل هذا فهي قاصرة الطرف على زوجها . أما الحاجب فرقيق واسع أسود ، والأنف ضيق ، والفم أيضا ، فمجمع الجمال والحسن ، جمال الشفة ، وجمال الأسنان ، وجمال الصوت والنغمات . يسطع نور في الجنة ، لم يبق موضع من الجنة إلا دخله من ذلك النور ، فإذا رفعوا رؤوسهم وجدوه من ثغر حوراء ، ضحكت في وجه زوجها . وأما ريقها فعذب ، أحلى من العسل ، وأطيب رائحة من المسك ، لو أن حوراء بزقت في بحر لعذب ذلك البحر من عذوبة ريقها ، بل لو أن امرأة من نساء أهل الجنة بصقت في سبعة أبحر ،
لكانت تلك الأبحر أحلى من العسل . وأما كلامها فهو السحر الحلال ، وهي قصيرة اللسان عن كثرة الكلام .
* * * * * *
وأما صوتها وغناؤها ، فلو أن الله كتب على أوليائه الموت لماتوا جميعا من جمال صوتها ، فيا لروعة نغماتها ، ويا لجماله . وأما رائحة فمها ، فلو أن امرأة من نساء أهل الجنة أشرقتْ لملأتْ الأرض ريح مسك ، ولأذهبتْ ضوء الشمس والقمر . وأما عنقها ، فكأنه الياقوت والمرجان ، ترى وجهك في جيدها ، أصفى من المرآة ، وإن لؤلؤة عليها لتضيء ما بين المشرق والمغرب ، وإنه ليكون عليها سبعون ثوباً ، ينفذها بصرك حتى ترى مخ ساقها من وراء ذلك . وأما الثدي ، فكواعب أتراباً ، فثدي الحوراء لا يتدلى ، وإنما هو كالتفاح ، مكعب بدون زوايا ، نواهد مستديرة ، كالرمان . وأما الكبد فمرآة صافية ، كبدك لها مرآة ، وكبدها لك مرآة . وأما صدرها ووسطها وسرتها ، أعلاها وأسفلها ، وفخذاها ، وكتفاها ، وعضدها ، ومرفقاها ، وساعداها ، وركبتاها ، وقدمها ،
فشيء يعلو على الخيال ، ولذا لم يرد فيه وصف عن الكبير المتعال ، ولا النبي سيد الرجال .
* * * * * *
وأما أصابعها ، فأحدها أجمل وأشد ضوءاً من الشمس والقمر ، لو أن بعض بنانها بدا لغلب ضوؤُه ضوءَ الشمس والقمر . وأما أسفلها فهي عظيمة جسم المقعدة ، مع رقة وصفاء ، ولين ولطف ، وإن الواحدة منهن لتأخذ مقعدتها قدر ميل . وإنك يا أخي لتمسك التفاحة من تفاح الجنة ، فتنفلق في يدك ، فتخرج منها حوراء ، لو نظرتْ للشمس لأخجلتِ الشمس من حسنها ، من غير أن ينقص من التفاحة ، كالسراج الذي يوقد منه سراج آخر فلا ينقص ، والله على ما يشاء قدير .
فالحور العين خُلِقتْ من ثلاثة أشياء : أسفلهن من المسك ، وأوسطهن من العنبر ، وأعلاهن من الكافور ، وشعورهن وحواجبهن سواد خط من نور .
* * * * * *
يخلقهن الله من قضبان العنبر والزعفران ، مضروبات عليهن الخيام . أول ما يخلق الله منهن نهداً من مسك أذفر أبيض ، عليه يلْتامُ البدن . ومنهن من خَلَقَ اللهُ من أصابع رجليها إلى ركبتيها من الزعفران ، ومن ركبتيها إلى ثدييها من المسك الأذفر ، ومن ثدييها إلى عنقها من العنبر الأشهب ، ومن عنقها إلى رأسها من الكافور الأبيض ، عليها سبعون ألف حلة ، مثل شقائق النعمان . إذا أقبلت يتلألأ وجهها نوراً ساطعاً كما تتلألأ الشمس لأهل الدنيا ، وإذا أدبرت يرى كبدها من رقة ثيابها وجلدها ، في رأسها سبعون ألف ذؤابة من المسك الأذفر ، لكل ذؤابة منها وصيفة ترفع ذيلها . مكتوب في نحرها : أنت حبي وأنا حبك ،
لست أبغي بك بدلا ، ولا عنك معدلا ، كبدها مرآتك ، وكبدك مرآتها ، ترى مخ ساقها من وراء لحمها وحليها ،
كما ترى الشراب الأحمر في الزجاجة البيضاء ، وكما ترى السلك الأبيض في جوف الياقوتة الصافية .
* * * * * *
وإن نساءً من الحور العين في خيمة من درة مجوفة ، حورُ مقصوراتٌ في الخيام ، على كل امرأة منهن سبعون حلة
ليس منها حلة على لون الأخرى ، وتعطى سبعين لوناً من الطيب ، ليس منهن لون على ريح الآخر
لكل امرأة منهن سبعون سريراً من ياقوتة حمراء ، موشحة بالدر والياقوت
على كل سرير سبعون فراشاً ، على كل فراش أريكة ، ولكل امرأة
منهن سبعون ألف وصيفة لحاجتها ، وسبعون ألف وصيف
مع كل وصيف صحفة من ذهب ، فيها لون من طعام
تجد لآخر لقمة لذة ما لا تجد لأوله
وتُعطى يا زوجها مثل ذلك
على سرير من ياقوت أحمر
عليك سواران من ذهب
موشح بياقوت أحمر
هذا بكل يوم صمتَه من شهر رمضان
سوى ما عملتَ من الحسنات .
* * * * * *

رندا...
•

رندا...
•
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
المرحلة الحادية والعشرون
على أي شيء تتكيء وتنام ؟؟
ســرر الجـنـــة
________
وذلك أنك - يا ولي الله - في الجنة على سرير ، والسرير ارتفاعه خمسمائة عام ، والسرير من ياقوت أحمر ، منسوج بقضبان الذهب ،
مشتبكة بالدر والياقوت والزبرجد ، له جناحان من زمرد أخضر . وعلى السرير سبعون فراشا ، حشوها النور ، وظواهرها السندس ،
وبطائنها من إستبرق ، ولو دُلِّيَ أعلاها فراشا ما وصل إلى آخرها مقدار أربعين عاما .
وسريرك في الجنة يا عبد الله كما بين مكة وأيلة ، طوله في السماء مائة ذراع ،
إذا أردتَ أن تجلس عليه تواضع لك حتى تجلس عليه ، فإذا جلستَ عليه ارتفع إلى مكانه .
أرائـك الـجنــــة
________
وعلى السرير أريكة من لؤلؤة ، عليها سبعون سترا من نور ، وذلك قوله عز وجل :
( هم وأزواجهم في ظلال على الأرائك متكئون ) أي في ظلال الأشجار على الأرائك متكئون على السرر .
وبينما أنت معانقها ، لا تمل منك ولا تمل منها ، والمعانقة أربعين عاما ، ترفع رأسك ، فإذا أنتَ بأخرى متطلعة تناديك :
يا ولي الله ، أما لنا فيك من دَوْلَة ؟ فتقول : حبيبتي من أنتِ ؟ فتقول : أنا من اللواتي قال الله فيهن ( ولدينا مزيد ) ،
فيطير سريرك ، أو كرسيك الذهب ، وله جناحان ، فإذا رأيتَها وجدتَّها تضعف على الأولى بمائة ألف جزء من النور ،
فتعانقها مقدار أربعين عاما ، لا تمل منك ولا تمل منها ، فإذا رفعتَ رأسك رأيتَ نورا ساطعا في دارك ،
فتعجب ، فتقول : سبحان الله ! أملك كريم زارنا ؟ أم ربنا أشرف علينا ؟ فيقول الملك وهو على كرسي من نور ،
وبينه وبين الملك سبعون عاما ، والملك في حجبته في الملائكة : لم يزرك ملك ، ولم يشرف عليك ربك عز وجل ،
فتقول : ما هذا النور ؟ .
المرحلة الثانية والعشرون
إليك حالك يا أمة الله
نســاء الدنيــــا
______
فيقول الملك : إنها زوجتك الدنيوية ، وهي معك في الجنة ، وإنها اطلعتْ عليك فرأتك معانقا لهذه فتبسمتْ ، فهذا النور الساطع الذي تراه في دارك هو نور ثناياها ،
فترفع رأسك إليها ، فتقول لك : يا ولي الله ، أما لنا فيك من دَوْلَة ؟ فتقول : حبيبتي من أنت ؟ فتقول لك : يا ولي الله ، أما أنا فمن اللواتي قال الله عز وجل فيهن :
( فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين ) ، فيطير سريرك إليها ، فإذا لقيتَها وجدتَّها تضعف عن هذه الأخرى بمائة ألف جزء من النور ،
لأن هذه صامت وصلت وعبدتِ الله عز وجل ، فهي إذا دخلتِ الجنة أفضل من نساء الجنة ، لأن أولئك أُنبِتن نباتا ، فتعانق هذه مقدار أربعين عاما ،
لا تمل منك ولا تمل منها ، ثم إنها تقوم بين يديك وخلاخلها من ياقوت ، فإذا وطئتها سمعتَ من خلاخلها صفير كل طير في الجنة ،
وإذا مسستَ كفها كان ألين من المخ ، وتشم من كفها رائحة طيب الجنة ، وعليها سبعون حلة من نور ، لو نُشِرَ الرداء منها لأضاء ما بين المشرق والمغرب ،
خلقتْ من نور ، والحلل أرق من نسج العنكبوت ، وهو أخف عليها من النقش ، وإنك لترى مخ ساقها ، من صفائها ورقتها ، من وراء العظم واللحم والجلد والحلل ،
مكتوب على ذراعها اليمين بالنور ، ( الحمد لله الذي أذهب عنا الحزن ) .
فالمؤمنات يتفوقن على الحور العين في الجمال ، ويتفوقن عليهن في الحسن ، ويتفوقن عليهن في الأخلاق ، ويتفوقن عليهن في حسن التبعل للأزواج ،
ويتفوقن عليهن في كلمات العشق والحب والغرام ، ويتفوقن عليهن في جمال الصوت ، وحلاوة النغمات ، ويتفوقن عليهن في النور والضياء ،
ويتفوقن عليهن في الحلل والأساور ، والتيجان والكساء ، ويتفوقن عليهن في الولدان والوصائف ،
بل إن الحوراء العيناء خادمة للمؤمنات ، وحبيبها وزوجها أشد شغلاً بها من الحوراء .
( وحورٌ عينٌ ) ، حور بيض ، ضخام العيون ، شقر ، الحوراء بمنزلة جناح النسر ، ( كأمثال اللؤلؤ المكنون ) ، صفاؤهن صفاء الدر الذي في الأصداف الذي لم تمسه الأيدي ،
( كأنهن بيض مكنون ) ، رقتهن كرقة الجلد الذي رأيته في داخل البيضة مما يلي القشر ، وهو الغرقىء ، ( عرباً أتراباً ) ، هن اللواتي قبضن في دار الدنيا عجائز رمصاً شمطاً ،
خلقهن الله بعد الكبر ، فجعلهن عذارى ، عرباً متخشعات مستحببات ، أتراباً على ميلاد واحد ، فنساء الدنيا أفضل من الحور العين ،
كفضل الظهارة على البطانة ، وذلك بصلاتهن وصيامهن وعبادتهن لله تعالى ، ألبس الله وجوههن النور ، وأجسادهن الحرير ،
بيض الألوان ، خضر الثياب ، صفر الحلي ، مجامرهن الدر ، وأمشاطهن الذهب ،
يقلن : نحن الخالدات فلا نموت أبداً ، ونحن الناعمات فلا نبأس أبداً ، ونحن المقيمات فلا نظعن أبداً ، ونحن الراضيات فلا نسخط أبداً ، وطوبى لمن كنا له وكان لنا .
وإن الحور العين إذا قلن : نحن الخالدات فلا نموت أبداً ، ونحن الناعمات فلا نبأس أبداً ، ونحن المقيمات فلا نظعن أبداً ،
ونحن الراضيات فلا نسخط أبداً ، ونحن خَيْرات حسان ، حبيبات لأزواج كرام .
أجابهن المؤمنات من نساء أهل الدنيا : نحن المصليات وما صليتن ، ونحن الصائمات وما صمتن ، ونحن المتوضئات وما توضأتن ، ونحن المتصدقات وما تصدقتن ،
فيغلبنهن . وإن الآدميات أفضل من الحور العين بسبعين ألف ضعف .
والمؤمنة إذا تزوجتْ أكثر من واحد في الدنيا فإنها تُخيَّر، فتختار أحسنهم خُلُقاً ، فتقول : أي رب ، إن هذا كان أحسنهم معي خلقاً في دار الدنيا فزوجنيه ،
فتتزوجه ، فقد ذهب حسن الخلق بخيري الدنيا والآخرة .
* * * * * *
تبـادل الحـــب
______
مكتوب على كبدها بالنور : { حبيبي أنا لك ، لا أريد بك بدلا } ، فكبدها مرآته ، وهي على صفاء الياقوت ، وحسن المرجان ، وبياض البيض المكنون ، عربا أترابا ،
عاشقات لأزواجهن ، بنات خمس وعشرين سنة ، لو ضحكتْ لأضاء نور ثناياها الجنة ، ولو سَمع الخلائق منطقها لافتتن كل بر وفاجر، فهي قائمة بين يديه ،
فساقها يضعف على قدميها بمائة ألف جزء من النور ، وفخذها يضعف على ساقها بمائة ألف جزء من النور ، وعجزها يضعف على فخذها بمائة ألف جزء من النور ،
وبطنها يضعف على عجزها بمائة ألف جزء من النور ، وصدرها يضعف على بطنها بمائة ألف جزء من النور ،
ووجهها يضعف على نحرها بمائة ألف جزء من النور ، ولو تفلتْ في بحار الدنيا لعذبتْ كلها ،
ولو اطلعتْ من سقف بيتها إلى الدنيا لأخفى نورها نور الشمس والقمر ،
عليها تاج من ياقوت أحمر ، مكلل بالدر والمرجان ،
وعلى يمينها مائة ألف قرن من قرون شعرها .
* * * * * *
ضفـائـر الجمــال
_______
وتلك القرون : قرن من نور ، وقرن من ياقوت ، وقرن من لؤلؤ ، وقرن من زبرجد ، وقرن من مرجان ، وقرن من در ، مكلل بالزمرد الأخضر والأحمر ،
مفضض بألوان الجوهر ، موشح بألوان الرياحين ، ليس في الجنة طيب إلا وهو تحت شعرها ، الواحدة تضيء مسيرة أربعين عاما ، وعلى يسارها مثل ذلك ،
وعلى مؤخرها مائة ألف ذؤابة من ذوائب شعرها ، فتلك القرون والذوائب إلى نحرها ، ثم تتدلى إلى عجزتها ، ثم تتدلى إلى قدميها حتى تجره بالمسك ،
وعن يمينها مائة ألف وصيفة ، كل وصيفة آخذة بذؤابة من ذوائب شعرها .
* * * * * *
وصائـف الـجنـــة
_______
ومن بين يديها مائة ألف وصيفة ، معهن مجامر من در ، فيها بخور من غير نار ، ويذهب ريحه في الجنة مسيرة مائة عام ، حولها ولدان مخلدون ،
وشباب لا يموتون ، كأنهم اللؤلؤ المنثور كثرة ، فهي قائمة بين يديك يا ولي الله ، ترى إعجابك وسرورك بها ، وهي مسرورة عاشقة لك ،
فتقول لك : يا ولي الله ، لتزدادن غبطة وسرورا ، فتمشي بين يديك بمائة ألف لون من المشي ، في كل مشية تتجلى في سبعين حلة من النور ،
والماشطة معها ، فإذا مشت تتمايل وتنعطف ، وتتكاسر وتدور ، وتبتهج بذلك وتبتسم ، فإذا مالت مالت القرون من الشعر معها ، ومالت الذوائب معها ،
ومالت الوصائف معها ، فإذا دارت درن معها ، وإذا أقبلت أقبلن معها ، خلقها الرحمن تبارك وتعالى خِلْقَةً إذا أقبلت فهي مُقبِلة ،
وإذا وَلَّتْ فهي مقبلة الوجه ، لا تفارق وجهك ، ولا تغيب عنك ، وترى كل شيء منها .
وإذا جلستْ بعد مائة ألف لون من المشي ، خرجتْ عجزتها من السرير ، وتدلتْ قرونها وذوائبها ، فتضطرب يا عبد الله ،
ولولا أن الله سبحانه وتعالى قضى أن لا موت فيها لَمُتَّ طربا ، ولولا أن الله تبارك وتعالى قدَّرها لك ، ما استطعتَ أن تنظر إليها ،
مخافة أن يذهب بصرك ، فتقول لك : يا ولي الله ، تمتَّع فلا موت فيها .
* * * * * *
المرحلة الحادية والعشرون
على أي شيء تتكيء وتنام ؟؟
ســرر الجـنـــة
________
وذلك أنك - يا ولي الله - في الجنة على سرير ، والسرير ارتفاعه خمسمائة عام ، والسرير من ياقوت أحمر ، منسوج بقضبان الذهب ،
مشتبكة بالدر والياقوت والزبرجد ، له جناحان من زمرد أخضر . وعلى السرير سبعون فراشا ، حشوها النور ، وظواهرها السندس ،
وبطائنها من إستبرق ، ولو دُلِّيَ أعلاها فراشا ما وصل إلى آخرها مقدار أربعين عاما .
وسريرك في الجنة يا عبد الله كما بين مكة وأيلة ، طوله في السماء مائة ذراع ،
إذا أردتَ أن تجلس عليه تواضع لك حتى تجلس عليه ، فإذا جلستَ عليه ارتفع إلى مكانه .
أرائـك الـجنــــة
________
وعلى السرير أريكة من لؤلؤة ، عليها سبعون سترا من نور ، وذلك قوله عز وجل :
( هم وأزواجهم في ظلال على الأرائك متكئون ) أي في ظلال الأشجار على الأرائك متكئون على السرر .
وبينما أنت معانقها ، لا تمل منك ولا تمل منها ، والمعانقة أربعين عاما ، ترفع رأسك ، فإذا أنتَ بأخرى متطلعة تناديك :
يا ولي الله ، أما لنا فيك من دَوْلَة ؟ فتقول : حبيبتي من أنتِ ؟ فتقول : أنا من اللواتي قال الله فيهن ( ولدينا مزيد ) ،
فيطير سريرك ، أو كرسيك الذهب ، وله جناحان ، فإذا رأيتَها وجدتَّها تضعف على الأولى بمائة ألف جزء من النور ،
فتعانقها مقدار أربعين عاما ، لا تمل منك ولا تمل منها ، فإذا رفعتَ رأسك رأيتَ نورا ساطعا في دارك ،
فتعجب ، فتقول : سبحان الله ! أملك كريم زارنا ؟ أم ربنا أشرف علينا ؟ فيقول الملك وهو على كرسي من نور ،
وبينه وبين الملك سبعون عاما ، والملك في حجبته في الملائكة : لم يزرك ملك ، ولم يشرف عليك ربك عز وجل ،
فتقول : ما هذا النور ؟ .
المرحلة الثانية والعشرون
إليك حالك يا أمة الله
نســاء الدنيــــا
______
فيقول الملك : إنها زوجتك الدنيوية ، وهي معك في الجنة ، وإنها اطلعتْ عليك فرأتك معانقا لهذه فتبسمتْ ، فهذا النور الساطع الذي تراه في دارك هو نور ثناياها ،
فترفع رأسك إليها ، فتقول لك : يا ولي الله ، أما لنا فيك من دَوْلَة ؟ فتقول : حبيبتي من أنت ؟ فتقول لك : يا ولي الله ، أما أنا فمن اللواتي قال الله عز وجل فيهن :
( فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين ) ، فيطير سريرك إليها ، فإذا لقيتَها وجدتَّها تضعف عن هذه الأخرى بمائة ألف جزء من النور ،
لأن هذه صامت وصلت وعبدتِ الله عز وجل ، فهي إذا دخلتِ الجنة أفضل من نساء الجنة ، لأن أولئك أُنبِتن نباتا ، فتعانق هذه مقدار أربعين عاما ،
لا تمل منك ولا تمل منها ، ثم إنها تقوم بين يديك وخلاخلها من ياقوت ، فإذا وطئتها سمعتَ من خلاخلها صفير كل طير في الجنة ،
وإذا مسستَ كفها كان ألين من المخ ، وتشم من كفها رائحة طيب الجنة ، وعليها سبعون حلة من نور ، لو نُشِرَ الرداء منها لأضاء ما بين المشرق والمغرب ،
خلقتْ من نور ، والحلل أرق من نسج العنكبوت ، وهو أخف عليها من النقش ، وإنك لترى مخ ساقها ، من صفائها ورقتها ، من وراء العظم واللحم والجلد والحلل ،
مكتوب على ذراعها اليمين بالنور ، ( الحمد لله الذي أذهب عنا الحزن ) .
فالمؤمنات يتفوقن على الحور العين في الجمال ، ويتفوقن عليهن في الحسن ، ويتفوقن عليهن في الأخلاق ، ويتفوقن عليهن في حسن التبعل للأزواج ،
ويتفوقن عليهن في كلمات العشق والحب والغرام ، ويتفوقن عليهن في جمال الصوت ، وحلاوة النغمات ، ويتفوقن عليهن في النور والضياء ،
ويتفوقن عليهن في الحلل والأساور ، والتيجان والكساء ، ويتفوقن عليهن في الولدان والوصائف ،
بل إن الحوراء العيناء خادمة للمؤمنات ، وحبيبها وزوجها أشد شغلاً بها من الحوراء .
( وحورٌ عينٌ ) ، حور بيض ، ضخام العيون ، شقر ، الحوراء بمنزلة جناح النسر ، ( كأمثال اللؤلؤ المكنون ) ، صفاؤهن صفاء الدر الذي في الأصداف الذي لم تمسه الأيدي ،
( كأنهن بيض مكنون ) ، رقتهن كرقة الجلد الذي رأيته في داخل البيضة مما يلي القشر ، وهو الغرقىء ، ( عرباً أتراباً ) ، هن اللواتي قبضن في دار الدنيا عجائز رمصاً شمطاً ،
خلقهن الله بعد الكبر ، فجعلهن عذارى ، عرباً متخشعات مستحببات ، أتراباً على ميلاد واحد ، فنساء الدنيا أفضل من الحور العين ،
كفضل الظهارة على البطانة ، وذلك بصلاتهن وصيامهن وعبادتهن لله تعالى ، ألبس الله وجوههن النور ، وأجسادهن الحرير ،
بيض الألوان ، خضر الثياب ، صفر الحلي ، مجامرهن الدر ، وأمشاطهن الذهب ،
يقلن : نحن الخالدات فلا نموت أبداً ، ونحن الناعمات فلا نبأس أبداً ، ونحن المقيمات فلا نظعن أبداً ، ونحن الراضيات فلا نسخط أبداً ، وطوبى لمن كنا له وكان لنا .
وإن الحور العين إذا قلن : نحن الخالدات فلا نموت أبداً ، ونحن الناعمات فلا نبأس أبداً ، ونحن المقيمات فلا نظعن أبداً ،
ونحن الراضيات فلا نسخط أبداً ، ونحن خَيْرات حسان ، حبيبات لأزواج كرام .
أجابهن المؤمنات من نساء أهل الدنيا : نحن المصليات وما صليتن ، ونحن الصائمات وما صمتن ، ونحن المتوضئات وما توضأتن ، ونحن المتصدقات وما تصدقتن ،
فيغلبنهن . وإن الآدميات أفضل من الحور العين بسبعين ألف ضعف .
والمؤمنة إذا تزوجتْ أكثر من واحد في الدنيا فإنها تُخيَّر، فتختار أحسنهم خُلُقاً ، فتقول : أي رب ، إن هذا كان أحسنهم معي خلقاً في دار الدنيا فزوجنيه ،
فتتزوجه ، فقد ذهب حسن الخلق بخيري الدنيا والآخرة .
* * * * * *
تبـادل الحـــب
______
مكتوب على كبدها بالنور : { حبيبي أنا لك ، لا أريد بك بدلا } ، فكبدها مرآته ، وهي على صفاء الياقوت ، وحسن المرجان ، وبياض البيض المكنون ، عربا أترابا ،
عاشقات لأزواجهن ، بنات خمس وعشرين سنة ، لو ضحكتْ لأضاء نور ثناياها الجنة ، ولو سَمع الخلائق منطقها لافتتن كل بر وفاجر، فهي قائمة بين يديه ،
فساقها يضعف على قدميها بمائة ألف جزء من النور ، وفخذها يضعف على ساقها بمائة ألف جزء من النور ، وعجزها يضعف على فخذها بمائة ألف جزء من النور ،
وبطنها يضعف على عجزها بمائة ألف جزء من النور ، وصدرها يضعف على بطنها بمائة ألف جزء من النور ،
ووجهها يضعف على نحرها بمائة ألف جزء من النور ، ولو تفلتْ في بحار الدنيا لعذبتْ كلها ،
ولو اطلعتْ من سقف بيتها إلى الدنيا لأخفى نورها نور الشمس والقمر ،
عليها تاج من ياقوت أحمر ، مكلل بالدر والمرجان ،
وعلى يمينها مائة ألف قرن من قرون شعرها .
* * * * * *
ضفـائـر الجمــال
_______
وتلك القرون : قرن من نور ، وقرن من ياقوت ، وقرن من لؤلؤ ، وقرن من زبرجد ، وقرن من مرجان ، وقرن من در ، مكلل بالزمرد الأخضر والأحمر ،
مفضض بألوان الجوهر ، موشح بألوان الرياحين ، ليس في الجنة طيب إلا وهو تحت شعرها ، الواحدة تضيء مسيرة أربعين عاما ، وعلى يسارها مثل ذلك ،
وعلى مؤخرها مائة ألف ذؤابة من ذوائب شعرها ، فتلك القرون والذوائب إلى نحرها ، ثم تتدلى إلى عجزتها ، ثم تتدلى إلى قدميها حتى تجره بالمسك ،
وعن يمينها مائة ألف وصيفة ، كل وصيفة آخذة بذؤابة من ذوائب شعرها .
* * * * * *
وصائـف الـجنـــة
_______
ومن بين يديها مائة ألف وصيفة ، معهن مجامر من در ، فيها بخور من غير نار ، ويذهب ريحه في الجنة مسيرة مائة عام ، حولها ولدان مخلدون ،
وشباب لا يموتون ، كأنهم اللؤلؤ المنثور كثرة ، فهي قائمة بين يديك يا ولي الله ، ترى إعجابك وسرورك بها ، وهي مسرورة عاشقة لك ،
فتقول لك : يا ولي الله ، لتزدادن غبطة وسرورا ، فتمشي بين يديك بمائة ألف لون من المشي ، في كل مشية تتجلى في سبعين حلة من النور ،
والماشطة معها ، فإذا مشت تتمايل وتنعطف ، وتتكاسر وتدور ، وتبتهج بذلك وتبتسم ، فإذا مالت مالت القرون من الشعر معها ، ومالت الذوائب معها ،
ومالت الوصائف معها ، فإذا دارت درن معها ، وإذا أقبلت أقبلن معها ، خلقها الرحمن تبارك وتعالى خِلْقَةً إذا أقبلت فهي مُقبِلة ،
وإذا وَلَّتْ فهي مقبلة الوجه ، لا تفارق وجهك ، ولا تغيب عنك ، وترى كل شيء منها .
وإذا جلستْ بعد مائة ألف لون من المشي ، خرجتْ عجزتها من السرير ، وتدلتْ قرونها وذوائبها ، فتضطرب يا عبد الله ،
ولولا أن الله سبحانه وتعالى قضى أن لا موت فيها لَمُتَّ طربا ، ولولا أن الله تبارك وتعالى قدَّرها لك ، ما استطعتَ أن تنظر إليها ،
مخافة أن يذهب بصرك ، فتقول لك : يا ولي الله ، تمتَّع فلا موت فيها .
* * * * * *

رندا...
•
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
المرحلة الثالثة والعشرون
يا عبد الله يا أمة الله ألا تريدون
ضيــافـة الله ؟
_______
وإذا سكن أهل الجنة الجنة ، وأهل النار النار ، هبط ربنا الجليل جل جلاله ، بلا تكييف ولا تمثيل ، يتعالى ربنا عن ذلك إلى
مرج أفيح ، فمُدَّ بينه وبين خلقه حجابا من لؤلؤ ، وحجابا من نور ، ثم وُضِعَتْ منابر النور ، وسرر النور ، وكراسي النور
ثم أُذِن لرجل كريم على الله عز وجل ، بين يديه أمثال من النور ، يسمع دوي تسبيح الملائكة معه
وصفْقَ أجنحتهم ، فمَدَّ أهل الجنة أعناقهم ، فقيل : من هذا الذي قد أَذِن له الله عز وجل ؟
فقيل : هذا المجبول بيده ، والمعلَّم الأسماء ، والذي أُمرتِ الملائكة فسجدتْ له
والذي أبيحتْ له الجنة ، آدم ( صلى الله عليه وسلم ) ، أَذن له الله عز وجل .
ثم أُذِن لرجل آخر على الله عز وجل ، بين يديه أمثال الجبال من النور ، يسمع تسبيح الملائكة معه ، وصفْق أجنحتهم
فمَدَّ أهل الجنة أعناقهم ، فقيل : من هذا الذي أَذن له الله عز وجل ؟ فقيل : هذا الذي اتخذه الله خليلا
وجعل النار عليه بردا وسلاما ، إبراهيم ( عليه الصلاة والسلام ) ، قد أَذِن له الله عز وجل .
ثم أُذِن إلى رجل آخر على الله عز وجل ، بين يديه أمثال الجبال من النور ، يسمع تسبيح الملائكة معه
وصفْق أجنحتهم ، فمَدَّ أهل الجنة أعناقهم ، فقيل : من هذا الذي قد أُذن له على الله عز وجل ؟ فقيل :
هذا الذي اصطفاه الله عز وجل برسالته ، وقربه نجيا وكلمه تكليما
موسى ( عليه الصلاة والسلام ) ، قد أُذِن له على الله عز وجل .
ثم أُذِن لرجل آخر ، معه مثل جميع مواكب النبيين قبله ، بين يديه أمثال الجبال من النور ، ويسمع دوي
تسبيح الملائكة ، وصفْق أجنحتهم فقيل : من هذا الذي قد أُذِن له على الله عز وجل ؟
فقيل : هذا أول شافع وأول مشفَّع ، وسيّد ولد آدم ، من تنشق عنه الأرض
وصاحب لواء الحمد ، أحمد ، نبينا محمد ( صلى الله عليه وسلم )
قد أُذِن له على الله عز وجل .
فجلس النبيون على منابر النور
والصديقون على سرر النور
والشهداء على كراسي النور
وجلس سائر الناس على كثبان من المسك الأبيض الأذفر .
* * * * * *
وفـــــد الله
______
ثم ناداهم الرب جل جلاله من وراء الحجب : مرحبا بعبادي وزواري ، وجيراني ووفدي
يا ملائكتي ، انهضوا إلى عبادي فأطعموهم ، فقَرَّبتِ الملائكة إليهم لحم طير كأنها البخت
لا ريش معها ولا عظم ، فأكلوا . ثم ناداهم الرب جل جلاله من وراء الحجب :
مرحبا بعبادي وزواري ، وجيراني ووفدي ، أكلوا ، اسقوهم يا ملائكتي
فنهض إليهم غلمان كأنهم اللؤلؤ المنثور ، بأباريق الذهب
بأشربة مختلفة ، تجد لذة آخرها كلذة أولها
( لا يصدعون عنها ولا ينزفون ) .
ثم ناداهم الرب تبارك وتعالى من وراء الحجب :
مرحبا بعبادي وزواري ، وجيراني ووفدي
أكلوا وشربوا ، فَكِّهوهم ، فقُرِّبتْ إليهم أطباق مكللة بالياقوت ، من الرطب الجني
الذي أسماه الله ، أشد بياضا من اللبن ، وأطيب من عذوبة الشهد ، فطعموا وشربوا وفكهوا .
ثم ناداهم الرب جل جلاله ، من وراء الحجب : مرحبا بعبادي وزواري
وجيراني ووفدي ، أكلوا وشربوا وفكهوا ، اكسوهم .
* * * * * *
كرامــة الله لعبـــاده
__________
فَفُتحتْ لهم أشجار الجنة بحلل مصفوفة بنور الرحمن ، فأُلبسوا . ثم ناداهم الرب من وراء الحجب : مرحبا بعبادي وزواري
وجيراني ووفدي ، أكلوا وشربوا وفكهوا وكسوا، طيبوهم ، فهاجت عليهم ريح من تحت العرش يقال لها المثيرة
بأنابيب المسك الأبيض الأذفر، فنضحت على وجوههم من غير غبار ولا قتار .
ثم يناديهم الرب تبارك وتعالى من وراء الحجب :
مرحبا بعبادي وزواري ، وجيراني ووفدي ، أكلوا وشربوا وفكهوا وكسوا وطيبوا ، وعزتي وجلالي لأتجلين لهم حتى ينظروا إلي
فذلك منتهى العطايا ، وفضل المزيد ، فيتجلى الرب تبارك وتعالى ، فيقول : السلام عليكم عبادي ، انظروا إلي ، فقد رضيت عنكم
فتداعت قصور الجنة وأشجارها واهتزت ، تقول : سبحانك ، أربع مرات ،
وخر القوم سجدا ، فناداهم الرب عز وجل : ارفعوا رؤوسكم
فإنها ليست بدار عمل ، ولا بدار نصب ، وإنما هي دار جزاء ودار ثواب ، وعزتي وجلالي ، ما خلقتها إلا لأجلكم
وما من ساعة ذكرتموني فيها في دار الدنيا إلا ذكرتكم فوق عرشي .
فالمؤمنون أرواحهم في جوف طير خضر، تسرح في الجنة حيث شاءت ، تَرِدُ أنهار الجنة ، وتأكل من ثمارها
وتأوي إلى قناديل من ذهب معلقة في ظل العرش ، وقد وَجدوا طيب مأكلهم ، ومشربهم ، ومقيلهم ، فينادي فيهم منادٍ :
أن لكم أن تحيوا فلا تموتوا أبدا ، وأن لكم أن تصحوا فلا تسقموا أبدا ، وأن لكم أن تشبوا ولا تهرموا
وأن لكم أن تنعموا ولا تبأسوا ، فذلك قوله عز وجل :
( ونودوا أن تلكم الجنة أورثتموها بما كنتم تعملون ) .
* * * * * *
المرحلة الرابعة والعشرون
وبعد كل هذا ألك مطلب وغرض ؟
اذهب لتشتر من
ســــــــوق الجــــنة
_________
وأهل الجنة إذا دخلوا الجنة نزلوا فيها بفضل أعمالهم ، ثم يُؤذن في مقدار يوم الجمعة من أيام الدنيا ، فيزورون ربهم
ويبرز لهم عرشه ، ويتبدى لهم في روضة من رياض الجنة ، فتوضع لهم منابر من نور، ومنابر من لؤلؤ ، ومنابر من ياقوت
ومنابر من زبرجد ، ومنابر من ذهب ، ومنابر من فضة ، ويجلس أدناهم ، وما فيهم دني ، على كثبان المسك والكافور
وما يرون أن أصحاب الكراسي بأفضل منهم مجلسا ، فيرون ربهم ، لا يمارون في رؤيته
ولا يبقى في ذلك المجلس رجل إلا حاضره الله محاضرة ، حتى يقول للرجل منهم : يا فلان بن فلان ، أتذكر يوم قلتَ كذا وكذا ؟
فيُذَكر ببعض غدراته في الدنيا ، فيقول : يا رب ، أفلم تغفر لي ؟ فيقول : بلى ، فسعة مغفرتي بلغت بك منزلتك هذه .
فبينما هم على ذلك ، تغشاهم سحابة من فوقهم ، فتمطر عليهم طيبا ، لم يجدوا مثل ريحه شيئا قط ، ويقول ربنا تبارك وتعالى :
قوموا إلى ما أعددت لكم من الكرامة ، فخذوا ما اشتهيتم ، فيأتون سوقا قد حفتْ به الملائكة ، ما فيه بيع ولا شراء
إلا الصور من النساء والرجال ، فإذا اشتهى أحدهم صورة دخل فيها ، وفيه ما لم تنظر العيون إلى مثله
ولم تسمع الآذان ، ولم يخطر على القلوب ، فيحمل لهم مااشتهوا .
وفيه مجمع للحور العين ، يرفعن أصواتا لم يرى ولم يسمع مثلها قط ، يقلن : نحن الخالدات فلا نبيد
ونحن الراضيات فلا نسخط ، ونحن الناعمات فلا نبؤس ، فطوبى لمن كان لنا وكنا له .
وفي ذلك السوق يلقى بعضهم بعضا ، فيقبل الواحد منهم ذو المنزلة المرتفعة ، فيلقى من هو دونه
وما فيهم دني ، فيروعه ما يرى عليه من اللباس ، فما ينقضي آخر حديثه
حتى يتخيل إليه ما هو أحسن منه وذلك أنه لا ينبغي لأحد أن يحزن فيها
ثم ينصرفون إلى منازلهم ، فتتلقاهم أزواجهم ، فيقلن : مرحبا وأهلا
لقد جئتَ وإن بك من الجمال أفضل مما فارقتنا عليه ، فيقولون :
إنا جالسنا اليوم ربنا الجبار ، ويحقنا أن ننقلب بمثل ما انقلبنا .
* * * * * *
يتبع إن شاء الله
المرحلة الثالثة والعشرون
يا عبد الله يا أمة الله ألا تريدون
ضيــافـة الله ؟
_______
وإذا سكن أهل الجنة الجنة ، وأهل النار النار ، هبط ربنا الجليل جل جلاله ، بلا تكييف ولا تمثيل ، يتعالى ربنا عن ذلك إلى
مرج أفيح ، فمُدَّ بينه وبين خلقه حجابا من لؤلؤ ، وحجابا من نور ، ثم وُضِعَتْ منابر النور ، وسرر النور ، وكراسي النور
ثم أُذِن لرجل كريم على الله عز وجل ، بين يديه أمثال من النور ، يسمع دوي تسبيح الملائكة معه
وصفْقَ أجنحتهم ، فمَدَّ أهل الجنة أعناقهم ، فقيل : من هذا الذي قد أَذِن له الله عز وجل ؟
فقيل : هذا المجبول بيده ، والمعلَّم الأسماء ، والذي أُمرتِ الملائكة فسجدتْ له
والذي أبيحتْ له الجنة ، آدم ( صلى الله عليه وسلم ) ، أَذن له الله عز وجل .
ثم أُذِن لرجل آخر على الله عز وجل ، بين يديه أمثال الجبال من النور ، يسمع تسبيح الملائكة معه ، وصفْق أجنحتهم
فمَدَّ أهل الجنة أعناقهم ، فقيل : من هذا الذي أَذن له الله عز وجل ؟ فقيل : هذا الذي اتخذه الله خليلا
وجعل النار عليه بردا وسلاما ، إبراهيم ( عليه الصلاة والسلام ) ، قد أَذِن له الله عز وجل .
ثم أُذِن إلى رجل آخر على الله عز وجل ، بين يديه أمثال الجبال من النور ، يسمع تسبيح الملائكة معه
وصفْق أجنحتهم ، فمَدَّ أهل الجنة أعناقهم ، فقيل : من هذا الذي قد أُذن له على الله عز وجل ؟ فقيل :
هذا الذي اصطفاه الله عز وجل برسالته ، وقربه نجيا وكلمه تكليما
موسى ( عليه الصلاة والسلام ) ، قد أُذِن له على الله عز وجل .
ثم أُذِن لرجل آخر ، معه مثل جميع مواكب النبيين قبله ، بين يديه أمثال الجبال من النور ، ويسمع دوي
تسبيح الملائكة ، وصفْق أجنحتهم فقيل : من هذا الذي قد أُذِن له على الله عز وجل ؟
فقيل : هذا أول شافع وأول مشفَّع ، وسيّد ولد آدم ، من تنشق عنه الأرض
وصاحب لواء الحمد ، أحمد ، نبينا محمد ( صلى الله عليه وسلم )
قد أُذِن له على الله عز وجل .
فجلس النبيون على منابر النور
والصديقون على سرر النور
والشهداء على كراسي النور
وجلس سائر الناس على كثبان من المسك الأبيض الأذفر .
* * * * * *
وفـــــد الله
______
ثم ناداهم الرب جل جلاله من وراء الحجب : مرحبا بعبادي وزواري ، وجيراني ووفدي
يا ملائكتي ، انهضوا إلى عبادي فأطعموهم ، فقَرَّبتِ الملائكة إليهم لحم طير كأنها البخت
لا ريش معها ولا عظم ، فأكلوا . ثم ناداهم الرب جل جلاله من وراء الحجب :
مرحبا بعبادي وزواري ، وجيراني ووفدي ، أكلوا ، اسقوهم يا ملائكتي
فنهض إليهم غلمان كأنهم اللؤلؤ المنثور ، بأباريق الذهب
بأشربة مختلفة ، تجد لذة آخرها كلذة أولها
( لا يصدعون عنها ولا ينزفون ) .
ثم ناداهم الرب تبارك وتعالى من وراء الحجب :
مرحبا بعبادي وزواري ، وجيراني ووفدي
أكلوا وشربوا ، فَكِّهوهم ، فقُرِّبتْ إليهم أطباق مكللة بالياقوت ، من الرطب الجني
الذي أسماه الله ، أشد بياضا من اللبن ، وأطيب من عذوبة الشهد ، فطعموا وشربوا وفكهوا .
ثم ناداهم الرب جل جلاله ، من وراء الحجب : مرحبا بعبادي وزواري
وجيراني ووفدي ، أكلوا وشربوا وفكهوا ، اكسوهم .
* * * * * *
كرامــة الله لعبـــاده
__________
فَفُتحتْ لهم أشجار الجنة بحلل مصفوفة بنور الرحمن ، فأُلبسوا . ثم ناداهم الرب من وراء الحجب : مرحبا بعبادي وزواري
وجيراني ووفدي ، أكلوا وشربوا وفكهوا وكسوا، طيبوهم ، فهاجت عليهم ريح من تحت العرش يقال لها المثيرة
بأنابيب المسك الأبيض الأذفر، فنضحت على وجوههم من غير غبار ولا قتار .
ثم يناديهم الرب تبارك وتعالى من وراء الحجب :
مرحبا بعبادي وزواري ، وجيراني ووفدي ، أكلوا وشربوا وفكهوا وكسوا وطيبوا ، وعزتي وجلالي لأتجلين لهم حتى ينظروا إلي
فذلك منتهى العطايا ، وفضل المزيد ، فيتجلى الرب تبارك وتعالى ، فيقول : السلام عليكم عبادي ، انظروا إلي ، فقد رضيت عنكم
فتداعت قصور الجنة وأشجارها واهتزت ، تقول : سبحانك ، أربع مرات ،
وخر القوم سجدا ، فناداهم الرب عز وجل : ارفعوا رؤوسكم
فإنها ليست بدار عمل ، ولا بدار نصب ، وإنما هي دار جزاء ودار ثواب ، وعزتي وجلالي ، ما خلقتها إلا لأجلكم
وما من ساعة ذكرتموني فيها في دار الدنيا إلا ذكرتكم فوق عرشي .
فالمؤمنون أرواحهم في جوف طير خضر، تسرح في الجنة حيث شاءت ، تَرِدُ أنهار الجنة ، وتأكل من ثمارها
وتأوي إلى قناديل من ذهب معلقة في ظل العرش ، وقد وَجدوا طيب مأكلهم ، ومشربهم ، ومقيلهم ، فينادي فيهم منادٍ :
أن لكم أن تحيوا فلا تموتوا أبدا ، وأن لكم أن تصحوا فلا تسقموا أبدا ، وأن لكم أن تشبوا ولا تهرموا
وأن لكم أن تنعموا ولا تبأسوا ، فذلك قوله عز وجل :
( ونودوا أن تلكم الجنة أورثتموها بما كنتم تعملون ) .
* * * * * *
المرحلة الرابعة والعشرون
وبعد كل هذا ألك مطلب وغرض ؟
اذهب لتشتر من
ســــــــوق الجــــنة
_________
وأهل الجنة إذا دخلوا الجنة نزلوا فيها بفضل أعمالهم ، ثم يُؤذن في مقدار يوم الجمعة من أيام الدنيا ، فيزورون ربهم
ويبرز لهم عرشه ، ويتبدى لهم في روضة من رياض الجنة ، فتوضع لهم منابر من نور، ومنابر من لؤلؤ ، ومنابر من ياقوت
ومنابر من زبرجد ، ومنابر من ذهب ، ومنابر من فضة ، ويجلس أدناهم ، وما فيهم دني ، على كثبان المسك والكافور
وما يرون أن أصحاب الكراسي بأفضل منهم مجلسا ، فيرون ربهم ، لا يمارون في رؤيته
ولا يبقى في ذلك المجلس رجل إلا حاضره الله محاضرة ، حتى يقول للرجل منهم : يا فلان بن فلان ، أتذكر يوم قلتَ كذا وكذا ؟
فيُذَكر ببعض غدراته في الدنيا ، فيقول : يا رب ، أفلم تغفر لي ؟ فيقول : بلى ، فسعة مغفرتي بلغت بك منزلتك هذه .
فبينما هم على ذلك ، تغشاهم سحابة من فوقهم ، فتمطر عليهم طيبا ، لم يجدوا مثل ريحه شيئا قط ، ويقول ربنا تبارك وتعالى :
قوموا إلى ما أعددت لكم من الكرامة ، فخذوا ما اشتهيتم ، فيأتون سوقا قد حفتْ به الملائكة ، ما فيه بيع ولا شراء
إلا الصور من النساء والرجال ، فإذا اشتهى أحدهم صورة دخل فيها ، وفيه ما لم تنظر العيون إلى مثله
ولم تسمع الآذان ، ولم يخطر على القلوب ، فيحمل لهم مااشتهوا .
وفيه مجمع للحور العين ، يرفعن أصواتا لم يرى ولم يسمع مثلها قط ، يقلن : نحن الخالدات فلا نبيد
ونحن الراضيات فلا نسخط ، ونحن الناعمات فلا نبؤس ، فطوبى لمن كان لنا وكنا له .
وفي ذلك السوق يلقى بعضهم بعضا ، فيقبل الواحد منهم ذو المنزلة المرتفعة ، فيلقى من هو دونه
وما فيهم دني ، فيروعه ما يرى عليه من اللباس ، فما ينقضي آخر حديثه
حتى يتخيل إليه ما هو أحسن منه وذلك أنه لا ينبغي لأحد أن يحزن فيها
ثم ينصرفون إلى منازلهم ، فتتلقاهم أزواجهم ، فيقلن : مرحبا وأهلا
لقد جئتَ وإن بك من الجمال أفضل مما فارقتنا عليه ، فيقولون :
إنا جالسنا اليوم ربنا الجبار ، ويحقنا أن ننقلب بمثل ما انقلبنا .
* * * * * *
يتبع إن شاء الله

رندا...
•
المرحلة الخامسة والعشرون
كيف تلتقي بمن كنت معهم في حال الدنيا وكيف تزورهم ؟؟
تزاور أهــل الجـــنة
________
ويتزاور أهل الجنة على المطايا والنجب ، فيؤتى في الجنة بخيل مسرجة ملجمة ، لا تروث ولا تبول
فيركبها الراكب حتى ينتهي حيث شاء الله عز وجل
فتأتيهم مثل السحابة ، فيها ما لا عين رأت ، ولا أذن سمعت ، فيقولون : أمطري علينا
فما يزال المطر عليهم حتى ينتهي ذلك فوق أمانيهم
ثم يبعثُ الله ريحاً غير مؤذية ، فتنسف كثباناً من مسك ، عن أيمانهم وعن شمائلهم
فيؤخذ ذلك المسك في نواصي خيلهم وفي معارفها
وعلى رؤوسهم ، ولكل رجل منهم جمة على ما اشتهت نفسه ، فيتعلق ذلك المسك في تلك الجمام
وفي الخيل ، وفيما سوى ذلك من الثياب
ثم يقبلون عليها حيث ينتهون إلى ما شاء الله ، فإذا المرأة تناديك : يا عبد الله ، أما لك فينا حاجة ؟
فتقول لها : ما أنتِ ، ومن أنتِ ؟ فتقول لك : أنا زوجتك ، وحبك
فتقول لها : ما كنتُ علمتُ بمكانك ، فتقول آرأه : أَوَ ما تعلم أن الله تعالى قال :
( فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين جزاءً بما كانوا يعملون )
فتقول لها : بلى وربي ، فلعلك تُشغَل عنها بعد ذلك الموقف أربعين خريفاً
لا تلتفت ولا تعود ، ولا يشغلك عنها إلا ما أنت فيه من النعيم والكرامة .
وإذا اشتقتَ يا عبد الله إلى أخيك المؤمن في الجنة ، يسير سريرك إلى سريره ، وسريره إلى سريرك
حتى تجتمعا جميعاً ، فتتكئ أنت ويتكئ هو ، فتقول لصاحبك : أتعلم متى غفر الله لنا ؟ فيقول صاحبك :
نعم ، يوم كنا في موضع كذا وكذا ، فدعونا الله فغفر لنا .
قال تعالى
{ وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِم مِّنْ غِلٍّ إِخْوَاناً عَلَى سُرُرٍ مُّتَقَابِلِينَ } الحجر47
* * * * * *
المرحلة السادسة والعشرون
وبعد منّ الله عليك وكرمه وعطاءة أما تشتهي شيئا ؟
ألا تريد أن تراه ؟
رؤيـة أهـل الجنــة لربهـم عـز وجـل
__________________
وبينا أهل الجنة في نعيمهم إذ سطع لهم نور، فرفعوا رؤوسهم ، فإذا الرب قد أشرف عليهم من فوقهم
فقال : السلام عليكم يا أهل الجنة ، وذلك قول الله : ( سلام قولا من رب رحيم )
تريدون شيئا أزيدكم ؟ فيقولون : ربَّنا ، وأي خير لم تفعله بنا ؟ ألست أعنتنا على سكرات الموت
وآنستَ منا الوحشة في ظلمات القبور، وآمنتَ روعتنا عند النفخة في الصور، ألستَ أقلتَ عثراتنا
وسترتَ علينا القبيح من فعلنا ، وثبَّتَ على جسر جهنم أقدامنا ، ألستَ الذي أدنيتنا من جوارك
وأسمعتنا لذاذة منطقك ، وتجليتَ لنا بنورك ، فأي خير لم تفعله بنا ! ألم تُبيِّض وجوهنا
ألم تدخلنا الجنة وتنجنا من النار . فيكشف الحجاب ، فينظر إليهم وينظرون إليه
فما أُعطوا شيئا أحب إليهم من النظر إلى ربهم عز وجل
ولا يلتفتون إلى شيء من النعيم ما داموا ينظرون إليه حتى
يحتجب عنهم ، ويبقى نوره وبركته عليهم في ديارهم
قال تعالى : ( للذين أحسنوا الحسنى وزيادة ) .
وأهل الجنة إذا رأوا ربهم وأرادوا الانصراف ، يُعطى كل رجل منهم رمانة خضراء ، فيها سبعون حلة لكل حلة
سبعون لونا ، ليس منهم حلة تشبه الأخرى ، فإذا انصرفوا عن ربهم مروا في أسواق الجنة ، ليس فيها
بيع ولا شراء ، وفيهما من الحلل والسندس والإستبرق ، والحرير والرفرف والعبقري من در وياقوت
وأكاليل معلقة ، فيأخذون من تلك الأسواق من هذه الأصناف ما شاءوا ، ولا ينقص من تلك الأسواق شيئا
وفيها صور كصور الناس ، مِن أحسن ما يكون من الصور ، مكتوب في نحر كل صورة منها :
مَن تمنى أن يكون مثل صورتي جعل الله حسنه على صورتي ، فمَن تمنى أن يكون حسن وجهه
مثل حسن تلك الصورة ، جعله الله على تلك الصورة ، ثم ينصرفون إلى منازلهم .
وبينما هم في مجلس لهم إذ سطع لهم نور على باب الجنة ، فرفعوا رؤوسهم ، فإذا الرب تبارك وتعالى
قد أشرف عليهم ، فقال : يا أهل الجنة ، سلوني ، فقالوا : نسألك الرضا عنا ، قال : رضائي أحلّكم داري
وأنالكم كرامتي ، وهذا أوانها فسلوني ، قالوا : نسألك الزيادة ، فيُؤتَون بنجائب من ياقوت أحمر
أزمّتها من زمرد أخضر وياقوت أحمر، فيُحملون عليها ، تضع حوافرها عند منتهى طرفيها
فيأمر الله عز وجل بأشجار عليها الثمار ، فتجيءُ الحور ، من الحور العين ، وهُن يقلن :
نحن الناعمات فلا نبأس ، ونحن الخالدات فلا نموت ،أزواج قوم مؤمنين كرام .
ويأمر الله عز وجل من مسك أبيض أذفر ، فينثر عليهم ريحاً يقال لها المثيرة
حتى تنتهي بهم إلى جنة عدن ، فتقول الملائكة : يا ربنا ، قد جاء القوم ، فيقول :
مرحباً بالصادقين ، مرحباً بالطائعين ، فيكشف لهم الحجاب ، فينظرون إلى الله تبارك وتعالى
فيتمتعون بنور الرحمن ، حتى لا ينظر بعضهم بعضاً ، ثم يقول : أرجعوهم إلى القصور بالتحف
فيرجعون وقد أبصر بعضهم بعضاً ، فذلك قوله : ( نزلاً من غفور رحيم ) .
وإن ربك عز وجل اتخذ في الجنة وادياً أفيح من مسك أبيض ، فإذا كان يوم الجمعة نزل تبارك وتعالى من عليين على كرسيه
ثم حف الكرسي بمنابر من نور ، وجاء النبيون حتى يجلسوا عليها ، ثم حف المنابر بكراسي من ذهب
ثم جاء الصديقون والشهداء حتى يجلسوا عليها ، ثم يجيء أهل الجنة حتى يجلسوا على الكثيب
فيتجلى لهم ربهم تبارك وتعالى حتى ينظروا إلى وجهه ، وهو يقول : أنا الذي صدقتُكم وعدي
وأتممتُ عليكم نعمتي ، هذا محل كرامتي ، فسلوني ، فيسألونه الرضا ، فيقول الله عز وجل :
رضائي أحلكم داري ، وأنالكم كرامتي ، فسلوني ، فيسألونه حتى تنتهي رغبتهم
فيفتح لهم عند ذلك ما لا عين رأت ، ولا أذن سمعت ، ولا خطر على قلب بشر
إلى مقدار منصرف الناس يوم الجمعة ، وهو من الجمعة إلى الجمعة .
ثم يصعد الرب تبارك وتعالى على كرسيه ، فيصعد معه الشهداء والصديقون
ويرجع أهل الغرف إلى غرفهم ، درة بيضاء ، لا فصم فيها ولا وصم
أو ياقوتة حمراء ، أو زبرجدة خضراء ، منها غرفها وأبوابها
مطردة فيها أنهارها ، متدلية فيها ثمارها ، فيها أزواجها وخدمها
فليسوا إلى شيء أحوج منهم إلى يوم الجمعة
ليزدادوا فيه نظراً إلى وجهه تبارك وتعالى
ولذلك دُعي يوم المزيد .
وإذا كان يوم الجمعة في الحين الذي يخرج فيه أهل الجمعة إلى جمعتهم ، نادى منادٍ :
يا أهل الجنة اخرجوا إلى دار المزيد ، لا يعلم سعتها وعرضها وطولها إلا الله عز وجل
فيخرجون في كثبان من المسك ، وإنه أشد بياضاً من الدقيق ، فيخرج غلمان الأنبياء بمنابر من نور
ويخرج غلمان المؤمنين بكراسي من ياقوت ، فإذا وُضعت لهم ، وأخذ القوم مجالسهم ، بعث الله تبارك وتعالى
عليهم ريحاً تُدعى المثيرة ، تُثير عليهم أثابير المسك الأبيض ، فتُدخله من تحت ثيابهم ، وتُخرجه في وجوههم وأشعارهم
فتلك الريح أعلم كيف تصنع بذلك المسك من امرأة أحدكم ، ولو دُفع إليها كل طيب على وجه الأرض
ثم يوحي الله سبحانه إلى حملة العرش ، فيوضع بين ظهراني الجنة ، وبينه وبينهم الحجب ، فيكون أول ما يسمعون منه
أن يقول : أين عبادي الذين أطاعوني بالغيب ولم يروني ، وصدقوا رسلي واتبعوا أمري؟ فسلوني ، فهذا يوم المزيد
فيجتمعون على كلمة واحدة : رب رضينا عنك فارض عنا ، فيرجع الله تعالى في قولهم :
يا أهل الجنة ، إني لو لم أرض عنكم لما أسكنتُكم جنتي ، فسلوني ، فهذا يوم المزيد ، فيجتمعون على كلمة واحدة :
رب ، وجهك أرنا ننظر إليه ، فيكشف الله تبارك وتعالى تلك الحجب ، ويتجلى لهم ، فيغشاهم من نوره شيء
لولا أنه قضى عليهم أن لا يحترقوا لاحترقوا مما غشيهم من نوره ، ثم يُقال لهم : ارجعوا إلى منازلكم
فيَرجعون إلى منازلهم وقد خَفُوا على أزواجهم وخفين عليهم ، مما غشيهم من نوره تبارك وتعالى
فإذا صاروا إلى منازلهم ترادّ النور ، وأمسكن حتى يرجعوا إلى صورهم التي كانوا عليها
فتقول لهم أزواجهم : لقد خرجتم من عندنا على صورة ، ورجعتم على غيرها
فيقولون : ذلك بأن الله تبارك وتعالى تجلى لنا فنظرنا منه إلى ما خفينا به عليكم
فلهم في كل سبعة أيام الضعف على ما كانوا ، وذلك قوله عز وجل :
( فلا تعلم نفسٌ ما أخفي لهم من قرة أعين ، جزاءً بما كانوا يعملون ) .
* * * * * *
كيف تلتقي بمن كنت معهم في حال الدنيا وكيف تزورهم ؟؟
تزاور أهــل الجـــنة
________
ويتزاور أهل الجنة على المطايا والنجب ، فيؤتى في الجنة بخيل مسرجة ملجمة ، لا تروث ولا تبول
فيركبها الراكب حتى ينتهي حيث شاء الله عز وجل
فتأتيهم مثل السحابة ، فيها ما لا عين رأت ، ولا أذن سمعت ، فيقولون : أمطري علينا
فما يزال المطر عليهم حتى ينتهي ذلك فوق أمانيهم
ثم يبعثُ الله ريحاً غير مؤذية ، فتنسف كثباناً من مسك ، عن أيمانهم وعن شمائلهم
فيؤخذ ذلك المسك في نواصي خيلهم وفي معارفها
وعلى رؤوسهم ، ولكل رجل منهم جمة على ما اشتهت نفسه ، فيتعلق ذلك المسك في تلك الجمام
وفي الخيل ، وفيما سوى ذلك من الثياب
ثم يقبلون عليها حيث ينتهون إلى ما شاء الله ، فإذا المرأة تناديك : يا عبد الله ، أما لك فينا حاجة ؟
فتقول لها : ما أنتِ ، ومن أنتِ ؟ فتقول لك : أنا زوجتك ، وحبك
فتقول لها : ما كنتُ علمتُ بمكانك ، فتقول آرأه : أَوَ ما تعلم أن الله تعالى قال :
( فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين جزاءً بما كانوا يعملون )
فتقول لها : بلى وربي ، فلعلك تُشغَل عنها بعد ذلك الموقف أربعين خريفاً
لا تلتفت ولا تعود ، ولا يشغلك عنها إلا ما أنت فيه من النعيم والكرامة .
وإذا اشتقتَ يا عبد الله إلى أخيك المؤمن في الجنة ، يسير سريرك إلى سريره ، وسريره إلى سريرك
حتى تجتمعا جميعاً ، فتتكئ أنت ويتكئ هو ، فتقول لصاحبك : أتعلم متى غفر الله لنا ؟ فيقول صاحبك :
نعم ، يوم كنا في موضع كذا وكذا ، فدعونا الله فغفر لنا .
قال تعالى
{ وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِم مِّنْ غِلٍّ إِخْوَاناً عَلَى سُرُرٍ مُّتَقَابِلِينَ } الحجر47
* * * * * *
المرحلة السادسة والعشرون
وبعد منّ الله عليك وكرمه وعطاءة أما تشتهي شيئا ؟
ألا تريد أن تراه ؟
رؤيـة أهـل الجنــة لربهـم عـز وجـل
__________________
وبينا أهل الجنة في نعيمهم إذ سطع لهم نور، فرفعوا رؤوسهم ، فإذا الرب قد أشرف عليهم من فوقهم
فقال : السلام عليكم يا أهل الجنة ، وذلك قول الله : ( سلام قولا من رب رحيم )
تريدون شيئا أزيدكم ؟ فيقولون : ربَّنا ، وأي خير لم تفعله بنا ؟ ألست أعنتنا على سكرات الموت
وآنستَ منا الوحشة في ظلمات القبور، وآمنتَ روعتنا عند النفخة في الصور، ألستَ أقلتَ عثراتنا
وسترتَ علينا القبيح من فعلنا ، وثبَّتَ على جسر جهنم أقدامنا ، ألستَ الذي أدنيتنا من جوارك
وأسمعتنا لذاذة منطقك ، وتجليتَ لنا بنورك ، فأي خير لم تفعله بنا ! ألم تُبيِّض وجوهنا
ألم تدخلنا الجنة وتنجنا من النار . فيكشف الحجاب ، فينظر إليهم وينظرون إليه
فما أُعطوا شيئا أحب إليهم من النظر إلى ربهم عز وجل
ولا يلتفتون إلى شيء من النعيم ما داموا ينظرون إليه حتى
يحتجب عنهم ، ويبقى نوره وبركته عليهم في ديارهم
قال تعالى : ( للذين أحسنوا الحسنى وزيادة ) .
وأهل الجنة إذا رأوا ربهم وأرادوا الانصراف ، يُعطى كل رجل منهم رمانة خضراء ، فيها سبعون حلة لكل حلة
سبعون لونا ، ليس منهم حلة تشبه الأخرى ، فإذا انصرفوا عن ربهم مروا في أسواق الجنة ، ليس فيها
بيع ولا شراء ، وفيهما من الحلل والسندس والإستبرق ، والحرير والرفرف والعبقري من در وياقوت
وأكاليل معلقة ، فيأخذون من تلك الأسواق من هذه الأصناف ما شاءوا ، ولا ينقص من تلك الأسواق شيئا
وفيها صور كصور الناس ، مِن أحسن ما يكون من الصور ، مكتوب في نحر كل صورة منها :
مَن تمنى أن يكون مثل صورتي جعل الله حسنه على صورتي ، فمَن تمنى أن يكون حسن وجهه
مثل حسن تلك الصورة ، جعله الله على تلك الصورة ، ثم ينصرفون إلى منازلهم .
وبينما هم في مجلس لهم إذ سطع لهم نور على باب الجنة ، فرفعوا رؤوسهم ، فإذا الرب تبارك وتعالى
قد أشرف عليهم ، فقال : يا أهل الجنة ، سلوني ، فقالوا : نسألك الرضا عنا ، قال : رضائي أحلّكم داري
وأنالكم كرامتي ، وهذا أوانها فسلوني ، قالوا : نسألك الزيادة ، فيُؤتَون بنجائب من ياقوت أحمر
أزمّتها من زمرد أخضر وياقوت أحمر، فيُحملون عليها ، تضع حوافرها عند منتهى طرفيها
فيأمر الله عز وجل بأشجار عليها الثمار ، فتجيءُ الحور ، من الحور العين ، وهُن يقلن :
نحن الناعمات فلا نبأس ، ونحن الخالدات فلا نموت ،أزواج قوم مؤمنين كرام .
ويأمر الله عز وجل من مسك أبيض أذفر ، فينثر عليهم ريحاً يقال لها المثيرة
حتى تنتهي بهم إلى جنة عدن ، فتقول الملائكة : يا ربنا ، قد جاء القوم ، فيقول :
مرحباً بالصادقين ، مرحباً بالطائعين ، فيكشف لهم الحجاب ، فينظرون إلى الله تبارك وتعالى
فيتمتعون بنور الرحمن ، حتى لا ينظر بعضهم بعضاً ، ثم يقول : أرجعوهم إلى القصور بالتحف
فيرجعون وقد أبصر بعضهم بعضاً ، فذلك قوله : ( نزلاً من غفور رحيم ) .
وإن ربك عز وجل اتخذ في الجنة وادياً أفيح من مسك أبيض ، فإذا كان يوم الجمعة نزل تبارك وتعالى من عليين على كرسيه
ثم حف الكرسي بمنابر من نور ، وجاء النبيون حتى يجلسوا عليها ، ثم حف المنابر بكراسي من ذهب
ثم جاء الصديقون والشهداء حتى يجلسوا عليها ، ثم يجيء أهل الجنة حتى يجلسوا على الكثيب
فيتجلى لهم ربهم تبارك وتعالى حتى ينظروا إلى وجهه ، وهو يقول : أنا الذي صدقتُكم وعدي
وأتممتُ عليكم نعمتي ، هذا محل كرامتي ، فسلوني ، فيسألونه الرضا ، فيقول الله عز وجل :
رضائي أحلكم داري ، وأنالكم كرامتي ، فسلوني ، فيسألونه حتى تنتهي رغبتهم
فيفتح لهم عند ذلك ما لا عين رأت ، ولا أذن سمعت ، ولا خطر على قلب بشر
إلى مقدار منصرف الناس يوم الجمعة ، وهو من الجمعة إلى الجمعة .
ثم يصعد الرب تبارك وتعالى على كرسيه ، فيصعد معه الشهداء والصديقون
ويرجع أهل الغرف إلى غرفهم ، درة بيضاء ، لا فصم فيها ولا وصم
أو ياقوتة حمراء ، أو زبرجدة خضراء ، منها غرفها وأبوابها
مطردة فيها أنهارها ، متدلية فيها ثمارها ، فيها أزواجها وخدمها
فليسوا إلى شيء أحوج منهم إلى يوم الجمعة
ليزدادوا فيه نظراً إلى وجهه تبارك وتعالى
ولذلك دُعي يوم المزيد .
وإذا كان يوم الجمعة في الحين الذي يخرج فيه أهل الجمعة إلى جمعتهم ، نادى منادٍ :
يا أهل الجنة اخرجوا إلى دار المزيد ، لا يعلم سعتها وعرضها وطولها إلا الله عز وجل
فيخرجون في كثبان من المسك ، وإنه أشد بياضاً من الدقيق ، فيخرج غلمان الأنبياء بمنابر من نور
ويخرج غلمان المؤمنين بكراسي من ياقوت ، فإذا وُضعت لهم ، وأخذ القوم مجالسهم ، بعث الله تبارك وتعالى
عليهم ريحاً تُدعى المثيرة ، تُثير عليهم أثابير المسك الأبيض ، فتُدخله من تحت ثيابهم ، وتُخرجه في وجوههم وأشعارهم
فتلك الريح أعلم كيف تصنع بذلك المسك من امرأة أحدكم ، ولو دُفع إليها كل طيب على وجه الأرض
ثم يوحي الله سبحانه إلى حملة العرش ، فيوضع بين ظهراني الجنة ، وبينه وبينهم الحجب ، فيكون أول ما يسمعون منه
أن يقول : أين عبادي الذين أطاعوني بالغيب ولم يروني ، وصدقوا رسلي واتبعوا أمري؟ فسلوني ، فهذا يوم المزيد
فيجتمعون على كلمة واحدة : رب رضينا عنك فارض عنا ، فيرجع الله تعالى في قولهم :
يا أهل الجنة ، إني لو لم أرض عنكم لما أسكنتُكم جنتي ، فسلوني ، فهذا يوم المزيد ، فيجتمعون على كلمة واحدة :
رب ، وجهك أرنا ننظر إليه ، فيكشف الله تبارك وتعالى تلك الحجب ، ويتجلى لهم ، فيغشاهم من نوره شيء
لولا أنه قضى عليهم أن لا يحترقوا لاحترقوا مما غشيهم من نوره ، ثم يُقال لهم : ارجعوا إلى منازلكم
فيَرجعون إلى منازلهم وقد خَفُوا على أزواجهم وخفين عليهم ، مما غشيهم من نوره تبارك وتعالى
فإذا صاروا إلى منازلهم ترادّ النور ، وأمسكن حتى يرجعوا إلى صورهم التي كانوا عليها
فتقول لهم أزواجهم : لقد خرجتم من عندنا على صورة ، ورجعتم على غيرها
فيقولون : ذلك بأن الله تبارك وتعالى تجلى لنا فنظرنا منه إلى ما خفينا به عليكم
فلهم في كل سبعة أيام الضعف على ما كانوا ، وذلك قوله عز وجل :
( فلا تعلم نفسٌ ما أخفي لهم من قرة أعين ، جزاءً بما كانوا يعملون ) .
* * * * * *
الصفحة الأخيرة
شواء وقديد من طيور شربت من أنهار وأكلت من ثمار الجنان
طــــيور الجـنـة
______
وتنظر من حولك ، فترى طيور الجنة ، كأمثال البخت ، ترعى في شجر الجنة ، أعناقها كأعناق الجزر ، وإنها لناعمة ، وأنت أنعم منها ، تنظر إلى أحدها فيخر بين يديك مشويا ، ويقول لك : يا ولي الله ، أمّا أنا فقد رعيتُ في واد كذا وكذا ، وأكلتُ من ثمار كذا وكذا ، وشربتُ من ماء عين كذا وكذا ، وسني كذا ، وريحي كذا ،
فكل مني ، فإذا اشتهيتَ حسن الطير واشتهيتَ صفته ، ووقع في نفسك ، وقع الطائر على ما تريد ، قبل أن تتكلم ، نصفه قديدا ونصفه شواء ، متفلقا نضجا .
وتشتهي طيرا آخر ، فيجيء مثل البختي ، حتى يقع عل خوانه ، لم يصبه دخان ، ولم تمسه نار ، فتأكل منه حتى تشبع ، ثم يطير . فيقع عل صحفتك طير غيره ،
له سبعون ألف ريشة ، فينتفض ، فيقع من كل ريشة لون أبيض من الثلج ، وألين من الزبد ، وألذ من الشهد ، ليس منها لون يشبه صاحبه ، فتأكل منه حتى تشبع ،
ثم يطير . وكلما شبعتَ ألق الله عليك ألف باب من الشهوة في الأكل . ثم تؤتى بالشراب ، على برد الكافور، وطعم الزنجبيل ، وريح المسك ، فتشرب ،
فإذا شربتَ هضمت ما أكلت من الطعام ، وإنك لتأكل مقدار أربعين عاما .
المرحلة العشرون
الحـــــور العــــيـن
________
أول لـقــاءك بـهــن
وتأتيك الأزواج المطهرة ، والعين الغنجات ، بوشح الكرامة متزينات ، بالمسك متزملات ، حدق أعينهن كاحلات ، وأطرافهن خاشعات ،
وفروقهن مكللة بالدر ، مركبة بالياقوت ، ينادين بأصوات غنجة رخيمة لذيذة ، يقلن : نحن الخالدات فلا نموت أبدا ، ونحن الغانجات فلا نبأس أبدا ،
ونحن المقيمات فلا نظعن أبدا ، ونحن الراضيات فلا نسخط أبدا ، ونحن الحور الحسان ، أزواج أقوام كرام ، ونحن الأبكار السوام ، للعباد المؤمنين ،
طوبى لمن كان لنا وكنا له . أنشأهن الله *****ًَََ ، فجعلهن أبكارا ، عاشقات لأزواجهن ، مستويات في الأسنان ، حسان جمال ، كأمثال اللؤلؤ المكنون ،
كأنهن الياقوت والمرجان ، مشيها هرولة ، ونغمتها شهية بهية ، فائقة وامقة ، لزوجها عاشقة ، وعليه محبوسة ،
وعن غيره محجوبة ، قاصرة الطرف عن الرجال ،
* * * * * *
فلا تنظر إلى غير زوجها . لم يطمثها إنس قبله ولا جان ، كلما أصابها زوجها وجدها عذراء ، عليها سبعون حلة ،
مختلفة الوُشِيِّ والألوان ، حملها أهون عليها وأخف من شعرها . فما من أحد يدخله الله الجنة إلا زوجه اثنتين وسبعين زوجة ،
اثنتين من الحور العين ، سبعين من ميراثه من أهل النار ( ميراثه من أهل النار يعني رجالا دخلوا النار فورث أهل الجنة نساءهم كما وُرِثَتْ امرأة فرعون ) ،
ما منهن واحدة إلا ولها قبل شهي ، وله ذكر لا ينثني ، ويعطى قوة مائة شاب في الجماع ، فيجامع مقدار أربعين سنة ، وله في كل يوم مائة عذراء ،
بذكر لا يمل ولا ينثني ، وفرج لا يحثى ولا يمنى . على كل واحدة منهن سبعون حلة ، يرى مخ ساقها من وراء الثياب .
* * * * * *
أصناف الحـــــور العــــين
____________
ولك يا ولي الله ما اشتهت نفسك من الحور العين ، فهن أصناف ، ففيهن حوراء يقال لها
اللُّعبة ، كل حور الجنات يُعجبن بها ، يَضربن بأيديهن على كتفها ويقلن : طوبى لك يالُعبة ،
لو يعلم الطالبون لك لجدّوا ، بين عينيها مكتوب : { من كان يبتغي أن يكون له مثلي فليعمل برضاء ربي } . وفيهن
حوراء يتباهى أهل الجنة بحسنها ، ولولا أن الله تعالى كتب على أهل الجنة أن لا يموتوا لماتوا من حسنها . وفيهن حوراء يقال لها
العيناء ، إذا مشت مشى حولها سبعون ألف وصيف عن يمينها ، وعن يسارها كذلك ، وهي تقول : أين الآمرون بالمعروف ،
والناهون عن المنكر . فتختارَ - يا عبد الله - منهن أو من غيرهن من تشاء ، وتجامعها مقدار عمرك في الدنيا ، فلا مقطوعة ولا ممنوعة .
* * * * * *
أول لقاء بالحوراء
________
- يا ولي الله - عندما تخرج من قبرك ، تتلقاك النجائب ، فتركب وتأكل وتشرب وتتنخم ، حتى تصل إلى باب الجنة ، فترى عينين من عيون الجنة ، فتشرب من أحدهما ، وتتوضأ من الأخرى ، فإذا أنت على طول آدم ، ستون ذراعاً في السماء ، وعلى صبر أيوب ، وعلى جمال يوسف ، وعلى سن عيسى ، ثلاثة وثلاثون عاماً ، وعلى أخلاق محمد ، عليهم جميعا الصلاة والسلام . فإذا جئتَ لتدخل من باب الجنة ، جاءتْ أزواجك من الحور العين يتلقونك بالغناء والمعانقة والتقبيل . وإذا خرجتَ من قبرك استُقبلْتَ بنوق بيض لها أجنحة ، عليها رحال الذهب ، شرك نعلك نور يتلألأ ، كل خطوة منها مثل مد البصر ، فتنتهي إلى باب الجنة ،
* * * * * *
فإذا حلقة من ياقوتة حمراء على صفائح الذهب ، وإذا شجرة على باب الجنة ينبع من أصلها عينان ، فإذا شربتَ من أحدهما جرت في وجهك بنضرة النعيم ، وإذا توضأت من الأخرى لم يشعث شعرك أبداً ، فتضرب الحلقة بالصفيحة ، فيبلغ كل حوراء أن زوجها قد أقبل ، فتستخفها العجلة ، فتبعث قَيِّمها فيفتح لك الباب ، فلولا أن الله عز وجل عرّفك نفسه لخررتَ له ساجداً ، مما ترى من النور والبهاء ، فيقول القَيِّم : أنا قَيِّمك الذي وُكِّلْتُ بأمرك ، فتتبعه ، وتقفو أثره ، فتأتي زوجتك ، فتستخفها العجلة ، فتخرج من الخيمة ، فتعانقك ، وتقول لك : أنت حبي وأنا حبك ، وأنا الراضية فلا أسخط أبداً ،
وأنا الناعمة فلا أبأس أبداً ، وأنا الخالدة فلا أظعن أبداً ،
* * * * * *
فتدخل بيتاً من أساسه ، وطرائق صفر ما منها طريقة تشاكل صاحبتها ، فتأتي الأريكة ، فإذا عليها سرير ، على السرير سبعون فراشاً ، على كل فراش سبعون زوجة ، على كل زوجة سبعون حلة ، ترى مخ ساقها من باطن الحلل ، تفضي جماعهن في مقدار ليلة . تجري من تحتكم أنهار مطردة ، وأنهار من ماء غير آسن ، صاف ليس فيه كدر ، وأنهار من عسل مصفى ، لم يخرج من بطون النحل ، وأنهار من خمر لذة للشاربين ، لم تعصره الرجال بأقدامها
وأنهار من لبن لم يتغير طعمه ، لم يخرج من بطون الماشية .
* * * * * *
فإذا اشتهيت الطعام جاءتك طير بيض ، فترفع أجنحتها ، فتأكل من جنوبها من أي الثمار شئت ، إن شئت قائماً ، وإن شئت متكئاً . وبين يديك خدم كاللؤلؤ ، يطيعونك ، ولا يعصون لك أمرا . ويساق الذين اتقوا ربهم إلى الجنة زمراً ، حتى إذا انتهوا إلى باب من أبوابها ، وجدوا عنده شجرة يخرج من تحت ساقها عينان تجريان ، فعمدوا إلى إحداهما ، كأنما أمروا بها ، فشربوا منها ، فأذهبت ما في بطونهم من أذى أو قذى أو بأس ، ثم عمدوا إلى الأخرى ، فتطهروا منها ، فجرت عليهم بنضرة النعيم ، فلن تتغير أبشارهم تغييراً بعدها أبداً ، ولن تشعث أشعارهم ، كأنما دهنوا بالدهان ،
* * * * * *
ثم انتهوا إلى خزنة الجنة ، فقالوا :
( سلامُ عليكم طبتم فادخلوها خالدين ) ، ثم يلقاهم الوِلْدان ، يطيفون بهم كما يطيف وِلْدان أهل الدنيا بالحميم ، فيقولون : أبشر بما أعد الله لك من الكرامة ، ثم ينطلق غلام من أولئك الوِلْدان إلى بعض أزواجك من الحور العين ، فيقول : قد جاء فلان ، باسمه الذي يُدعى به في الدنيا ، فتقول : أنت رأيتَه ، فيقول : أنا رأيتُه ، وهو ذا بأثري ، فيستخف إحداهن الفرح ، حتى تقوم على أسكفة بابها ، فإذا انتهيت إلى منزلك نظرتَ إلى أي شيء أساس بنيانه ، فإذا جندل اللؤلؤ ، فوقه صرح أخضر وأصفر وأحمر ، ومن كل لون ، ثم ترفع رأسك فتنظر إلى سقفه ، فإذا مثل البرق ، لولا أن الله قدر لك لذهب ببصرك ،
* * * * * *
ثم تطأطئ رأسك ، فتنظر إلى أزواجك ، وإلى أكواب موضوعة ، ونمارق مصفوفة ، وزرابي مبثوثة ، فتنظر إلى تلك النعمة ، ثم تتكئ وتقول :
( الحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله ) ثم ينادي منادٍ : تحيون فلا تموتون أبداً ، وتقيمون فلا تظعنون أبداً ، وتصحّون فلا تمرضون أبدا . وعندما تدخل يا ولي الله من باب الجنة ، يتلقاك غلمانك ، فيقولون : مرحباً بسيدنا ، قد آن لك أن تزورنا ، فتُمد لك الزرابي أربعين سنة ،
* * * * * *
ثم تنظر عن يمينك وشمالك ، فترى الجنان ، فتقول : لمن ما ها هنا ؟ فيُقال : لك، حتى إذا انتهيتَ رُفعتْ لك ياقوتة حمراء ، أو زبرجدة خضراء ، لها سبعون شِعباً ، في كل شِعبٍ سبعون غرفة ، في كل غرفة سبعون باباً ، فيُقال لك : اقرأ وارق ، فتقرأ وترقى ، حتى إذا انتهيتَ إلى سرير ملكك اتكأتَ عليه ، سعته ميلٌ في ميل ، ولك فيه قصور ، فيسعى إليك غلمانك بسبعين صحفةً من ذهب ، ليس فيها صحفة فيها من لون أختها ، تجد لذة آخرها كما تجد لذة أولها ، ثم يسعون إليك بألوان الأشربة ، فتشرب منها ما اشتهيت ، ثم يقول الغلمان : اتركوه وأزواجه ، فينطلق الغلمان ،
* * * * * *
ثم تنظر ، فإذا حوراء من الحور العين جالسة على سرير ملكها ، عليها سبعون حلة ، ليس منها حلة من لون صاحبتها ،
فترى مخ ساقها من وراء اللحم والدم والعظم ، والكسوة فوق ذلك ، فتنظر إليها وتقول : من أنتِ ؟ فتقول لك : أنا من الحور العين اللاتي خُبئن لك ،
فتنظر إليها أربعين سنة ، لا تصرف بصرك عنها ، لشدة جمالها ، ثم ترفع بصرك إلى الغرفة ، فإذا أخرى أجمل منها ، فتقول الحوراء :
أما آن لك أن يكون لنا منك نصيب ؟ فترقى إليها أربعين سنة ، لا تصرف بصرك عنها .
* * * * * *
ثم إذا بلغ النعيم منهم كل مبلغ ، وظنوا أن لا نعيم أفضل منه ، تجلى لهم الرب تبارك اسمه ، فينظرون إلى وجهه الكريم ،
فيقول جل في علاه : يا أهل الجنة ، هللوني ، فيتجاوبون بتهليل الرحمن ،
ثم يقول : يا داود ، قم فمجدني كما كنت تمجدني في الدنيا ، فيمجد داود ربه عز وجل ، بصوت لم تسمع الخلائق مثله
* * * * * *