Neena
Neena
ورحلت يا صديقي .. قضيت نحبك على قارعة الطريق .. تحت ظلام الليل .. فوق ركام الأحلام ..اختبأ الموت خلف مقعدك .. استمع اليك و انت تنشد قصائد للحب و الفرح و الغد فسخر منك وحصد شبابك .. حفروا قبرك و قالوا : هنا سيرقد شاعرنا ..هنا ستغفو قصيدتنا .. هنا ستنام أحلامنا المستحيلة .. و هنا ستسكن عيون اتعبها السهر و اضناها الترحال من هم الى هم .. و مشوا بجنازتك يا صديقي تحت جناح الليل ..و خلف الموكب مشى طفلك الصغير ..يلهو بلعبة .. بدمعة .. بقصيدة .. قالوا له : لقد سافر أبوك .. قال : ابي مسافر دائما .. لا أراه إلا عندما يضنيه القلم فيركض إلينا يحتضننا بدلا من أوراقه و اقلامه .. قالوا : لقد انكسرت الاقلام و ذابت الاوراق ايها الصغير .. قال : ابي لا يكتب قصائده على الاوراق .. قصائده منثورة على الغيم .. على الريح .. على اوراق الورد .. على ضوء الشمس .. على قوس قزح .. هناك تجدوا قصائد ابي .. و يمشي الصغير خلف الجنازة لا يدري الى اين المستقر .. دمعة خانقة تختبئ خلف عينيه ..صرخة ألم ذبحها بين اضلع قلبه البريء .. ووصلوا الى قبرك يا صديقي ليواروك في ظلمته .. ابنك يقف .. يتأمل .. يبكي بصمت .. يصرخ بصمت .. هنا سينام ابي .. هنا سيرتاح .. لا ضجيج .. لا زحام .. لا احد سوى السكون .. و تتناولك الأيدي برفق .. بحزن .. بحب و تنزل بك الى القرار .. الى حيث ستبيت لياليك القادمة .. يطل ابنك عليك من اعلى القبر .. كأنه يريد ان يقول : ابي ..هل حقا لن اراك مرة اخرى ؟ و يغلق باب القبر .. يغلق باب الحياة .. يهال التراب على قبرك وسط بحر من الآهات و الدموع و لكن .. صغيرك يرفض ان يسكب دمعته .. يذهب الجمع و يبقى صغيرك وحيدا يقف امام قبرك .. لايدري ماذا يقول .. ماذا يفعل ..ينتظرك … ينتظر ابتسامتك .. ينتظر يدك تربت على رأسه و تحنو على طفولته .. ولكن .. اين انت يا صديقي ؟ طفلك ارهقه الحزن .. اتعبه الانتظار .. هل ستعود اليه .. صوت يخترق ظلام الليل ..يتسلل الى مسمع الطفل .. قم يا صغيري .. قم من هنا .. البرد قارس .. المكان موحش .. لا تجعلني احمل همك حيا و ميتا .. قم يا صغيري .. فالعالم ينتظرك .. لا تجلس بين الأموات .. املأ قلبك بالنور و امش في دربك .. كن مع الله يا صغيري .. كن مع الله .
ورحلت يا صديقي .. قضيت نحبك على قارعة الطريق .. تحت ظلام الليل .. فوق ركام الأحلام ..اختبأ الموت...
اخي سراب,,
لن يكون للكلمة معنى,, الا اذا تركت وراءها بصمة,, هذه البصمة
تترك في النفس شعورا عميقا,, تتسلل برفق وخفة الى اعماق القلب,,
فتعمل الكثير,,

ردود فعل كثيرة,, متنوعة,, ربما كانت بكاءا,, وربما صمتا,, وربما
ابتسامة حزينة,, وفي احيان اخرى,, ربما انتقال الى عالم اخر,,
وخاصة اذا كانت من واقع الحياة,,

سراب,,
شعرت بكل هذه المشاعر والانفعالات,, من قصة يائسة,, ولكنها نابضة
بالحياة,, كل ما فيها يهز القلب,, ويؤرجحه وسط دوامة الحيرة,,

سراب,,
( اختبا الموت خلف مقعدك),, ما اقواه من تعبير,, وما اروعه من
تاثير,, اين للموت اين يختبئ ان لم يكن خلف المقعد?,, انه هنا
بالذات,, لانه جندي مجهول,, لا زمن له,, ولا مكان واضح,, انه فعلا
خلف المقعد,, يا سراب..

( هنا ستنام احلامنا المستحيلة),, وهل كان هذا شاعر الخيال,,
هل كان بائع الاحلام,,? لماذا اصبحت احلام القصائد احلام مستحيلة?!!
لماذا تخدعنا خيالاتنا التي نستمتع بها,, قليل من الوقت?!!

(ابي مسافر دائما),, اشعرتني بالضياع والوحدة,, بالرضى بالواقع
الكئيب,, وكيف لا,, وهو لا يحتضننا الا حينما يضنيه قلمه?!!

ما لبثت ان اجد نفسي,, الا واضعتني مرة اخرى من خلال عبارة:
(قصائدهمنثورة على الغيم,, على الريح,,,,,),,
هناك تجدوا قصائد ابي,, هل يكون قد عرف طريق الضياع,, فعشقه,,
و تلذذ في تضييع نفسه??!!
ربما,,,

فعلا,, لن تراه يا طفلي مرة ثانية,, لقد مات ابوك,, واغلقوا عليه
باب القبر,, وباب الحياة,,

(هل ستعود اليه?),, ربما,, ربما يعود اليه مع قصائده المنثورة
هنا وهناك,, مع الريح والغيم,, ربما,,

نهاية رائعة,, فوق الوصف,,
(قم يا صغيري,, املا قلبك بالنور,, وامش في دربك,, )
(كن مع الله يا صغيري,, كن مع الله),,

ما اروعها من نهاية,, اعطتني الامل بعد رحلة الضياع,, اضاءت لي
الضوء الاخضر,, لكي لا اجلس بين الاموات,, فان الله موجود,, ساملا
قلبي بالنور,, لاكون مع الله,, نور السماوات والارض,,

سراب,,
قصتك لم تمت,, فهي تنبض بداخلي كما ينبض الامل الان,,
اروع جريمة ارتكبتها ان اهديت كتاباتك القديمة لنا لكي يعود
النور لنا من جديد,,

بصراحة,,
ان قصتك نالت اعجابي بدرجة كبيرة,,
كلمات مختارة بدقة,, ومشاعر مكثفة,, نقلتني لعالم غير عالمي
لاصل بالنهاية الى اروع السبل,,

الف شكر لك,, واهنئ قلمك المبدع,,
ونحن بانتظار ابداعاتك دوما,,

اسفة ان اطلت عليك بكلماتي,,

ودمت,,
الفتاة الشامية
ورحلت يا صديقي .. قضيت نحبك على قارعة الطريق .. تحت ظلام الليل .. فوق ركام الأحلام ..اختبأ الموت خلف مقعدك .. استمع اليك و انت تنشد قصائد للحب و الفرح و الغد فسخر منك وحصد شبابك .. حفروا قبرك و قالوا : هنا سيرقد شاعرنا ..هنا ستغفو قصيدتنا .. هنا ستنام أحلامنا المستحيلة .. و هنا ستسكن عيون اتعبها السهر و اضناها الترحال من هم الى هم .. و مشوا بجنازتك يا صديقي تحت جناح الليل ..و خلف الموكب مشى طفلك الصغير ..يلهو بلعبة .. بدمعة .. بقصيدة .. قالوا له : لقد سافر أبوك .. قال : ابي مسافر دائما .. لا أراه إلا عندما يضنيه القلم فيركض إلينا يحتضننا بدلا من أوراقه و اقلامه .. قالوا : لقد انكسرت الاقلام و ذابت الاوراق ايها الصغير .. قال : ابي لا يكتب قصائده على الاوراق .. قصائده منثورة على الغيم .. على الريح .. على اوراق الورد .. على ضوء الشمس .. على قوس قزح .. هناك تجدوا قصائد ابي .. و يمشي الصغير خلف الجنازة لا يدري الى اين المستقر .. دمعة خانقة تختبئ خلف عينيه ..صرخة ألم ذبحها بين اضلع قلبه البريء .. ووصلوا الى قبرك يا صديقي ليواروك في ظلمته .. ابنك يقف .. يتأمل .. يبكي بصمت .. يصرخ بصمت .. هنا سينام ابي .. هنا سيرتاح .. لا ضجيج .. لا زحام .. لا احد سوى السكون .. و تتناولك الأيدي برفق .. بحزن .. بحب و تنزل بك الى القرار .. الى حيث ستبيت لياليك القادمة .. يطل ابنك عليك من اعلى القبر .. كأنه يريد ان يقول : ابي ..هل حقا لن اراك مرة اخرى ؟ و يغلق باب القبر .. يغلق باب الحياة .. يهال التراب على قبرك وسط بحر من الآهات و الدموع و لكن .. صغيرك يرفض ان يسكب دمعته .. يذهب الجمع و يبقى صغيرك وحيدا يقف امام قبرك .. لايدري ماذا يقول .. ماذا يفعل ..ينتظرك … ينتظر ابتسامتك .. ينتظر يدك تربت على رأسه و تحنو على طفولته .. ولكن .. اين انت يا صديقي ؟ طفلك ارهقه الحزن .. اتعبه الانتظار .. هل ستعود اليه .. صوت يخترق ظلام الليل ..يتسلل الى مسمع الطفل .. قم يا صغيري .. قم من هنا .. البرد قارس .. المكان موحش .. لا تجعلني احمل همك حيا و ميتا .. قم يا صغيري .. فالعالم ينتظرك .. لا تجلس بين الأموات .. املأ قلبك بالنور و امش في دربك .. كن مع الله يا صغيري .. كن مع الله .
ورحلت يا صديقي .. قضيت نحبك على قارعة الطريق .. تحت ظلام الليل .. فوق ركام الأحلام ..اختبأ الموت...
كلمات مؤثرة جدا
و مجسدة لنفسية الطفل البريئة و لأفكاره الصافية
وفقك الله
سراب
سراب
ورحلت يا صديقي .. قضيت نحبك على قارعة الطريق .. تحت ظلام الليل .. فوق ركام الأحلام ..اختبأ الموت خلف مقعدك .. استمع اليك و انت تنشد قصائد للحب و الفرح و الغد فسخر منك وحصد شبابك .. حفروا قبرك و قالوا : هنا سيرقد شاعرنا ..هنا ستغفو قصيدتنا .. هنا ستنام أحلامنا المستحيلة .. و هنا ستسكن عيون اتعبها السهر و اضناها الترحال من هم الى هم .. و مشوا بجنازتك يا صديقي تحت جناح الليل ..و خلف الموكب مشى طفلك الصغير ..يلهو بلعبة .. بدمعة .. بقصيدة .. قالوا له : لقد سافر أبوك .. قال : ابي مسافر دائما .. لا أراه إلا عندما يضنيه القلم فيركض إلينا يحتضننا بدلا من أوراقه و اقلامه .. قالوا : لقد انكسرت الاقلام و ذابت الاوراق ايها الصغير .. قال : ابي لا يكتب قصائده على الاوراق .. قصائده منثورة على الغيم .. على الريح .. على اوراق الورد .. على ضوء الشمس .. على قوس قزح .. هناك تجدوا قصائد ابي .. و يمشي الصغير خلف الجنازة لا يدري الى اين المستقر .. دمعة خانقة تختبئ خلف عينيه ..صرخة ألم ذبحها بين اضلع قلبه البريء .. ووصلوا الى قبرك يا صديقي ليواروك في ظلمته .. ابنك يقف .. يتأمل .. يبكي بصمت .. يصرخ بصمت .. هنا سينام ابي .. هنا سيرتاح .. لا ضجيج .. لا زحام .. لا احد سوى السكون .. و تتناولك الأيدي برفق .. بحزن .. بحب و تنزل بك الى القرار .. الى حيث ستبيت لياليك القادمة .. يطل ابنك عليك من اعلى القبر .. كأنه يريد ان يقول : ابي ..هل حقا لن اراك مرة اخرى ؟ و يغلق باب القبر .. يغلق باب الحياة .. يهال التراب على قبرك وسط بحر من الآهات و الدموع و لكن .. صغيرك يرفض ان يسكب دمعته .. يذهب الجمع و يبقى صغيرك وحيدا يقف امام قبرك .. لايدري ماذا يقول .. ماذا يفعل ..ينتظرك … ينتظر ابتسامتك .. ينتظر يدك تربت على رأسه و تحنو على طفولته .. ولكن .. اين انت يا صديقي ؟ طفلك ارهقه الحزن .. اتعبه الانتظار .. هل ستعود اليه .. صوت يخترق ظلام الليل ..يتسلل الى مسمع الطفل .. قم يا صغيري .. قم من هنا .. البرد قارس .. المكان موحش .. لا تجعلني احمل همك حيا و ميتا .. قم يا صغيري .. فالعالم ينتظرك .. لا تجلس بين الأموات .. املأ قلبك بالنور و امش في دربك .. كن مع الله يا صغيري .. كن مع الله .
ورحلت يا صديقي .. قضيت نحبك على قارعة الطريق .. تحت ظلام الليل .. فوق ركام الأحلام ..اختبأ الموت...
الاخت الكريمة yamama
اشكر لك دعوتك الكريمة .. على اي حال لا فرق بين هنا او هناك .. المهم ان تصل الكلمة الى الاخرين ..
كتاباتي ليست تائهة .. انها محفوظة منذ سنوات و سترى النور قريبا بشكل يسعدني و يسعد كل من قرأها ..
و ارى انك منحتني لقب الأديب الصغير دون مبرر لك او لسطوري و كتاباتي .. علينا ان نعد للعشرة قبل ان نصفق لأحد ..
تحياتي
yamama
yamama
ورحلت يا صديقي .. قضيت نحبك على قارعة الطريق .. تحت ظلام الليل .. فوق ركام الأحلام ..اختبأ الموت خلف مقعدك .. استمع اليك و انت تنشد قصائد للحب و الفرح و الغد فسخر منك وحصد شبابك .. حفروا قبرك و قالوا : هنا سيرقد شاعرنا ..هنا ستغفو قصيدتنا .. هنا ستنام أحلامنا المستحيلة .. و هنا ستسكن عيون اتعبها السهر و اضناها الترحال من هم الى هم .. و مشوا بجنازتك يا صديقي تحت جناح الليل ..و خلف الموكب مشى طفلك الصغير ..يلهو بلعبة .. بدمعة .. بقصيدة .. قالوا له : لقد سافر أبوك .. قال : ابي مسافر دائما .. لا أراه إلا عندما يضنيه القلم فيركض إلينا يحتضننا بدلا من أوراقه و اقلامه .. قالوا : لقد انكسرت الاقلام و ذابت الاوراق ايها الصغير .. قال : ابي لا يكتب قصائده على الاوراق .. قصائده منثورة على الغيم .. على الريح .. على اوراق الورد .. على ضوء الشمس .. على قوس قزح .. هناك تجدوا قصائد ابي .. و يمشي الصغير خلف الجنازة لا يدري الى اين المستقر .. دمعة خانقة تختبئ خلف عينيه ..صرخة ألم ذبحها بين اضلع قلبه البريء .. ووصلوا الى قبرك يا صديقي ليواروك في ظلمته .. ابنك يقف .. يتأمل .. يبكي بصمت .. يصرخ بصمت .. هنا سينام ابي .. هنا سيرتاح .. لا ضجيج .. لا زحام .. لا احد سوى السكون .. و تتناولك الأيدي برفق .. بحزن .. بحب و تنزل بك الى القرار .. الى حيث ستبيت لياليك القادمة .. يطل ابنك عليك من اعلى القبر .. كأنه يريد ان يقول : ابي ..هل حقا لن اراك مرة اخرى ؟ و يغلق باب القبر .. يغلق باب الحياة .. يهال التراب على قبرك وسط بحر من الآهات و الدموع و لكن .. صغيرك يرفض ان يسكب دمعته .. يذهب الجمع و يبقى صغيرك وحيدا يقف امام قبرك .. لايدري ماذا يقول .. ماذا يفعل ..ينتظرك … ينتظر ابتسامتك .. ينتظر يدك تربت على رأسه و تحنو على طفولته .. ولكن .. اين انت يا صديقي ؟ طفلك ارهقه الحزن .. اتعبه الانتظار .. هل ستعود اليه .. صوت يخترق ظلام الليل ..يتسلل الى مسمع الطفل .. قم يا صغيري .. قم من هنا .. البرد قارس .. المكان موحش .. لا تجعلني احمل همك حيا و ميتا .. قم يا صغيري .. فالعالم ينتظرك .. لا تجلس بين الأموات .. املأ قلبك بالنور و امش في دربك .. كن مع الله يا صغيري .. كن مع الله .
ورحلت يا صديقي .. قضيت نحبك على قارعة الطريق .. تحت ظلام الليل .. فوق ركام الأحلام ..اختبأ الموت...
سيدي الفاضل ،،

أشكرك على تفضلك َ بالرد علي ،،

ولكن أحب أن أقول لك أنني قد عددت للعشرين قبل أن أصفق لكَ ،،

أو لغيرك ،،

لقد عدت ُ للمجلس العام وحاولت أن اقرأ أغلب ما كتبته ونشرته ،،

وأعتقد أنني لم أخطأ حين أطلقت عليك الأديب الصغير ،، لأنك تستحق هذا اللقب ،،

أعلم أنك قد تجاوزت عمر الصغر ،، ولكني منحتك َ لقبا ً يوازي إبداعاتك ،،

أستاذي الفاضل ،،

إن كنتَ قد استأت من تلقيبي إياك (بالأديب الصغير )،، فأنا أسحبها ، وسأغيرها إن أردت ،،

ربما أكون قد أخطأت ُ ، حين لم أستشرك ،،

آسفة .........


يمامه


------------------
ولنسل كل كرامةأنا أنتمي * عربيةٌ ، تاقت إلى استسقاء
سراب
سراب
تمنيت يومها أن يضل الليل طريقه إلى مدينتنا .. كانت الرياح تعزف نغمة جنائزية .. و السماء تطل بنجوم باهتة وقمر بارد لا نبض فيه .. و أنا .. أنا أقف وراء نافذتي أبعثر همومي هنا و هناك .. ضجيج المدعوين يمزق أذنيّ .. أصواتهم صرخات تضج في أعماقي .. سياط تلتهب فوق ظهري .. أشواك تدمي عينيّ .. أريد أن أنسى كل شيء .. أريد أن أنسى اني عروس .. و أن هناك بشر ينتظرون طلّتي عليهم ليرشقوني بخناجر فضولهم .. أريد أن أنسى أن هناك رجلا غريبا سوف يمزق وحدتي و يقودني إلى صخب الحياة و زحامها ..أريد أن أنسى كل شيء .. سوى نافذتي هذه التي تركض بي نحو السحاب .. وهذا الشارع الذي احكي له أحلامي.. وتلك النجوم التي يحلو لي أن أداعبها والعب بها .. وتلك الرياح التي تهمس لي بأساطير قديمة .. هذه هي دنياي .. ليل يبتسم .. و ريح تغني .. لم تكن لي أحلام الصبايا وآمالهن .. لم أحلم بفارس مستقبل .. ولا بضجيج أطفال .. ولا بقصر يغفو على ربوة تطل على ذراعي شاطئ .. كان أقصى حلم لدي هو أن أجد كتابا أقفز به إلى نافذتي كلما حط الليل رحاله .. اجلس و أقرأ بنهم شديد إلى أن أرى خيوط الفجر تتسابق في صفحة السماء .. وربما سقط كتابي من يدي إذا ما غلبني النعاس على النافذة .. لم أكن اعشق ارتياد منتدى الفتيات .. ولا لقائهن أو الحديث معهن .. ليس كراهية في ذلك وإنما هو خوف .. نعم خوف … كنت أخاف أن يفتضح أمري لديهن .. إن بي عاهة ألمت بي في طفولتي .. كم كانت أياما قاسية .. كنت حينها طفلة صغيرة لا تعرف سوى الابتسامة الصافية .. و القلب الأبيض و الوجه المشرق المضيء .. إلى أن جاء ذلك اليوم الذي اختفت فيه الابتسامة و تمرد القلب الأبيض و تلون الوجه المضيء بألوان قاتمة .. وذلك حينما امتدت ألسنة نار عاتية لتحرق كل ما في بيتنا بلا هوادة .. ولم تشبع النيران ليلتها إلا بعد أن امتدت بقسوة لتلتهم يدي اليمنى .. وهئنذا الآن أعيش بيد واحدة أكافح بها في زحمة الحياة ..ولم تقو والدتي على رؤية الفراغ تحت كتفي الأيمن فما كان منها إلا أن أصرت على وضع يد صناعية خشبية تقضى على هذا الفراغ .. و لكن لم تقض على أحزاني و دموعي و آهاتي ..لهذا كله كنت أفضل أن أنزوي بعيدا عن البشر لأنني ببساطة عاجزة عن رد تحيتهن الحارة إلا بيد باردة لا حياة فيها و هذا مالا أريده .. أوه .. ضجيج المدعوين يرتفع .. و هدير الرياح يشتد .. ماذا أفعل ؟ أمي تدخل اليّ و علامات الدهشة على وجهها : ( إلى الآن لم تلبسي فستان الزفاف ؟ تعالي أساعدك يا حبيبتي ) .. و امتدت يدها لتساعدني بينما شرد عقلي هناك .. في البعيد .. عند ذاك الرجل الذي يريدني زوجة له .. أتراه ضل دربه في العثور على عروس بذراعين ؟ قادرة على تطويق عنقه و احتضان أحلامه و بناء المستقبل معه ؟ أم .. أم ؟ .. وقفز السؤال ينتصب أمامي كأفعى مميتة .. أتراه يجهل ما بي .. ؟ و ألقيت سؤالي إلى أمي فوجدتها تتلعثم في كلماتها و تتعثر في إجابتها و كأنها تحاول إخفاء الحقيقة عني .. ( بالطبع يا ابنتي انه يعرف ما بك و يقدر مصابك و إن شاء الله سيكون قادرا على مساعدتك و إسعادك أيضا ..هيا يا ابنتي .. ها أنت جاهزة ) .. نظرت لنفسي في المرآة .. وجه ذابل .. عيون دامعة .. قلب باكٍ .. وجسد سرقت النيران بعضه .. وروح تزدحم بالغصات و الحسرات .. انه قدرك أيها الرجل .. انه قدرك .. و امتدت يد أمي لتساعدني في نزول درجات السلم بينما تقدمنا نساء حملن الدفوف و فتحن أفواههن بأصوات و كلمات لم أفهمها .. شعرت و كأنهن يحاولن إغاظتي .. كل واحدة منهن حملت دفاً و تضرب عليه بيدها الأخرى ..لم أبالي كثيرا .. فما أراه أمامي لا يعطيني فرصة لأهرب بعقلي بعيداً .. أعبر القاعة التي غصّت بالنساء و الصبايا .. لا أعرف أحداً منهن .. جميعهن صديقات للعائلة .. أما أنا فلا أصدقاء لي سوى الليل الذي يحتضن دموعي كل ليلة .. الرياح التي تزمجر هذا المساء شعرت بها تشدو لي بفرح ..والقمر الذي كان يغفو بحزن على نافذتي كل ليلة كأني رأيته يبتسم قبل قليل .. لا زلت أعبر القاعة الواسعة .. أترى أين المستقر ؟ .. انه هناك .. شاب في أبهى الثياب يقف ينتظر وصولي إليه .. إنها ألف خطوة و خطوة .. و كل خطوة تحمل ألف علامة استفهام عن القادم من الأيام .. أصبحت أمامه الآن .. ابتسم في وجهي .. حاولت أن أبتسم له فجاءت ابتسامتي باهتة كضوء الشمعة التي تضيء ظلام حياتي .. جلسنا .. صمتٌ ثقيل ران علينا .. سرقت بعض النظرات إليه .. هذا زوجي .. هكذا أمي تقول .. وقالت انه يعلم أني لا املك سوى ذراعاً واحدة .. أتراه هل يستطيع أن يتحملني و يتحمل أيامي معه ؟ .. أترى هل سننجح في بناء بيت سعيد ؟ .. و .. و .. أسئلة حائرة حامت فوق رأسي ولم أعثر إلا على الحيرة و المزيد من القلق .. أمي تدعونا إلى البوفيه .. تتوسطه تورتة كبيرة ..و تحيط به أصناف كثيرة من الطعام لا اعرف لها إسماً .. وبين ضجيج المدعوين الذين أحاطوا بنا وبين شبح الخوف الذي سكن قلبي و بين نظرات أمي الحانية التي تدعوني للاطمئنان امتدت يد الزوج لتمسك بيدي لنقطع قالب الحلوى ..وجمت .. خفت .. اهتز كياني كله .. أمي وضعت يدها على فمها كأنها تريد أن تكتم صرخة مدوية .. حاولت أن ابتعد عنه .. يده تحمل سكينا صغيرة و قالب الحلوى ينتظر و العيون تراقب بفضول و نهم .. هممت أن اهرب .. ولكن يده كانت أسبق فقد أمسك بيدي الخشبية .. الدم يتفجر في عروقي و الدمع فر من عيني .. و الرعب يتراقص في أعماقي ..كل ما حولي يخذلني فجأة و يتخلى عني ..ابتعدت عن عريسي أكثر فأكثر و صخب القاعة يعلو و يعلو .. سحبني بقوة نحوه فما شعرت إلا ويدي الخشبية قد انسلّت من كتفي .. ذهل العريس .. صرخت أمي .. هرج و مرج في القاعة .. صرخت أنا بأعلى صوتي … لا .. امتدت يدي اليتيمة إلى السكين وهويت بها إلى صدر هذا الشاب الذي هتك سر حزني و عذابي .. الصراخ يملأ المكان .. يدي ترتفع و تهوي .. أمي سقطت في إغماءة مفجعة .. و عريسي أمامي يتخبط في دماءه التي ارتوى منها فستاني الأبيض .. شيطان مذعور سكن يدي اليسرى و أنا أرى يدي الخشبية ملقاة تحت الأقدام تفضحني و تهزأ بي .. السكين في يدي تهوي في كل اتجاه .. و نظرت إلى نفسي فجأة .. فوجدتني غارقة في بركة من الدماء و النحيب و الوعيل يطوقني .. فسقطت مغميا عليّ .. ولم أفق من غيبوبتي إلا على سرير أبيض و في يدي اليسرى قيود من الحديد ربطت إلى السرير ..
تمنيت يومها أن يضل الليل طريقه إلى مدينتنا .. كانت الرياح تعزف نغمة جنائزية .. و السماء تطل بنجوم...
الأخت الكريمة بسمة القمر
عجز قلمي عن كتابة قصة من النوع الذي تفضلتي بذكره .. وهذا عجز مني و من موهبتي .. اعتذر بشدة عن تأخر هذا الرد .. ولك الإحترام و التقدير ..