ورحلت يا صديقي .. قضيت نحبك على قارعة الطريق .. تحت ظلام الليل .. فوق ركام الأحلام ..اختبأ الموت خلف مقعدك .. استمع اليك و انت تنشد قصائد للحب و الفرح و الغد فسخر منك وحصد شبابك ..
حفروا قبرك و قالوا : هنا سيرقد شاعرنا ..هنا ستغفو قصيدتنا .. هنا ستنام أحلامنا المستحيلة .. و هنا ستسكن عيون اتعبها السهر و اضناها الترحال من هم الى هم ..
و مشوا بجنازتك يا صديقي تحت جناح الليل ..و خلف الموكب مشى طفلك الصغير ..يلهو بلعبة .. بدمعة .. بقصيدة .. قالوا له : لقد سافر أبوك .. قال : ابي مسافر دائما .. لا أراه إلا عندما يضنيه القلم فيركض إلينا يحتضننا بدلا من أوراقه و اقلامه ..
قالوا : لقد انكسرت الاقلام و ذابت الاوراق ايها الصغير .. قال : ابي لا يكتب قصائده على الاوراق .. قصائده منثورة على الغيم .. على الريح .. على اوراق الورد .. على ضوء الشمس .. على قوس قزح .. هناك تجدوا قصائد ابي ..
و يمشي الصغير خلف الجنازة لا يدري الى اين المستقر .. دمعة خانقة تختبئ خلف عينيه ..صرخة ألم ذبحها بين اضلع قلبه البريء ..
ووصلوا الى قبرك يا صديقي ليواروك في ظلمته .. ابنك يقف .. يتأمل .. يبكي بصمت .. يصرخ بصمت .. هنا سينام ابي .. هنا سيرتاح .. لا ضجيج .. لا زحام .. لا احد سوى السكون ..
و تتناولك الأيدي برفق .. بحزن .. بحب و تنزل بك الى القرار .. الى حيث ستبيت لياليك القادمة .. يطل ابنك عليك من اعلى القبر .. كأنه يريد ان يقول : ابي ..هل حقا لن اراك مرة اخرى ؟
و يغلق باب القبر .. يغلق باب الحياة .. يهال التراب على قبرك وسط بحر من الآهات و الدموع و لكن .. صغيرك يرفض ان يسكب دمعته .. يذهب الجمع و يبقى صغيرك وحيدا يقف امام قبرك .. لايدري ماذا يقول .. ماذا يفعل ..ينتظرك … ينتظر ابتسامتك .. ينتظر يدك تربت على رأسه و تحنو على طفولته .. ولكن ..
اين انت يا صديقي ؟ طفلك ارهقه الحزن .. اتعبه الانتظار .. هل ستعود اليه ..
صوت يخترق ظلام الليل ..يتسلل الى مسمع الطفل .. قم يا صغيري .. قم من هنا .. البرد قارس .. المكان موحش .. لا تجعلني احمل همك حيا و ميتا .. قم يا صغيري .. فالعالم ينتظرك .. لا تجلس بين الأموات .. املأ قلبك بالنور و امش في دربك .. كن مع الله يا صغيري .. كن مع الله .
ورحلت يا صديقي .. قضيت نحبك على قارعة الطريق .. تحت ظلام الليل .. فوق ركام الأحلام ..اختبأ الموت...
لن يكون للكلمة معنى,, الا اذا تركت وراءها بصمة,, هذه البصمة
تترك في النفس شعورا عميقا,, تتسلل برفق وخفة الى اعماق القلب,,
فتعمل الكثير,,
ردود فعل كثيرة,, متنوعة,, ربما كانت بكاءا,, وربما صمتا,, وربما
ابتسامة حزينة,, وفي احيان اخرى,, ربما انتقال الى عالم اخر,,
وخاصة اذا كانت من واقع الحياة,,
سراب,,
شعرت بكل هذه المشاعر والانفعالات,, من قصة يائسة,, ولكنها نابضة
بالحياة,, كل ما فيها يهز القلب,, ويؤرجحه وسط دوامة الحيرة,,
سراب,,
( اختبا الموت خلف مقعدك),, ما اقواه من تعبير,, وما اروعه من
تاثير,, اين للموت اين يختبئ ان لم يكن خلف المقعد?,, انه هنا
بالذات,, لانه جندي مجهول,, لا زمن له,, ولا مكان واضح,, انه فعلا
خلف المقعد,, يا سراب..
( هنا ستنام احلامنا المستحيلة),, وهل كان هذا شاعر الخيال,,
هل كان بائع الاحلام,,? لماذا اصبحت احلام القصائد احلام مستحيلة?!!
لماذا تخدعنا خيالاتنا التي نستمتع بها,, قليل من الوقت?!!
(ابي مسافر دائما),, اشعرتني بالضياع والوحدة,, بالرضى بالواقع
الكئيب,, وكيف لا,, وهو لا يحتضننا الا حينما يضنيه قلمه?!!
ما لبثت ان اجد نفسي,, الا واضعتني مرة اخرى من خلال عبارة:
(قصائدهمنثورة على الغيم,, على الريح,,,,,),,
هناك تجدوا قصائد ابي,, هل يكون قد عرف طريق الضياع,, فعشقه,,
و تلذذ في تضييع نفسه??!!
ربما,,,
فعلا,, لن تراه يا طفلي مرة ثانية,, لقد مات ابوك,, واغلقوا عليه
باب القبر,, وباب الحياة,,
(هل ستعود اليه?),, ربما,, ربما يعود اليه مع قصائده المنثورة
هنا وهناك,, مع الريح والغيم,, ربما,,
نهاية رائعة,, فوق الوصف,,
(قم يا صغيري,, املا قلبك بالنور,, وامش في دربك,, )
(كن مع الله يا صغيري,, كن مع الله),,
ما اروعها من نهاية,, اعطتني الامل بعد رحلة الضياع,, اضاءت لي
الضوء الاخضر,, لكي لا اجلس بين الاموات,, فان الله موجود,, ساملا
قلبي بالنور,, لاكون مع الله,, نور السماوات والارض,,
سراب,,
قصتك لم تمت,, فهي تنبض بداخلي كما ينبض الامل الان,,
اروع جريمة ارتكبتها ان اهديت كتاباتك القديمة لنا لكي يعود
النور لنا من جديد,,
بصراحة,,
ان قصتك نالت اعجابي بدرجة كبيرة,,
كلمات مختارة بدقة,, ومشاعر مكثفة,, نقلتني لعالم غير عالمي
لاصل بالنهاية الى اروع السبل,,
الف شكر لك,, واهنئ قلمك المبدع,,
ونحن بانتظار ابداعاتك دوما,,
اسفة ان اطلت عليك بكلماتي,,
ودمت,,