سراب
سراب
ها قد و صلنا الى النهاية .. ترى ماذا عسانا نكتب في آخر السطر .. ؟؟
بعضنا يضع نقطة .. غيرنا يضع دمعة .. بسمة .. همسة .. قنبلة .. المهم ان يغلق السطر ..
بعض السطور تظل مفتوحة .. تبتلع الكلمات .. ترفض النهاية .. ترفض نزول الستار و انارة الأضواء و فتح الأبواب .. تلك السطور تحلم بالمزيد من نبض الحياة و من استمرار دوران الأرض .. و لكن .. الى متى ؟؟ الى متى نظل ندور و القلم يهذي بين الآنامل ؟؟ هل بقي لدينا المزيد من الكذب و الدجل لنرضي تلك السطور التي لا تشبع ؟؟
هل بقي لدينا المزيد من الآهات المزيفة و الدموع الكاذبة نبذرها في تلك السطور لعلها تنبت لنا شجرة نستظل تحتها في الغد ؟؟
هل بقي في قبعة البلياتشو المزيد من الخدع و الكلمات البراقة التي تبهر العيون دون القلوب ؟؟
و ماذا بعد ؟؟ هل نضع نقطة النهاية في آخر السطر ؟
هل سنهدأ بعدها ؟ هل ستغفو تلك المشاعر المتمردة بعد هذه النقطة ؟؟
لنحاول .. كثير من النقط بلا قيمة .. نقطة واحدة فقط قد تضع حداً لهموم كثيرة .. دعوني اضع هذه النقطة و أقول : وداعاً .



<font face="MS Dialog"
ذكـرى
ذكـرى
اسلوبك اكثر من رائع اخي ســراب الى الأمام وبالتوفيق انشأء الله
ذكرى<IMG SRC="http://hawaaworld.com/ubb//smilies/cwm7.gif" border=0> <IMG SRC="http://hawaaworld.com/ubb//smilies/cwm7.gif" border=0>

------------------
الكلمة ليست سهماًلكنها تخرق
القلب *دقيقة صبرتمنحك سنوات
سلام*الحق كالزيت يطفؤدائماً
فوق*اللهم اجعل خير عملي ما
قارب أجلي**
زائرة
بارك الله يداك....وسخرك قلما منيرا في طريق االاله....
سراب
سراب
اختي الفاضلة reema
كلماتك المشجعة تدفعنا نحو المزيد من الإبداع .. فشكرا لك .
اخوكم : سراب
سراب
سراب
لا أدري لماذا أشعر بالحزن دائماً .. هل لمجرد أني أعمى لا أبصر؟!لكني لست الوحيد بين البشر الذي لا يستطيع أن يرى الشمس وهي تشرق أو تغيب .. هل لأني لست بقادر على رؤية الجمال في الطبيعة ؟ يكفيني سماع خرير الماء وهو يسقط من صخرة إلى أخرى .. وأنين الرياح كلما صالت و جالت في الأودية .. و دوي الرعد كلما غامت السماء بسحاب مثقل بحمله .. يكفيني سماع البلابل عندما تشدو و الطفولة عندما تضحك .. و النسيم عندما يلعب و حبات المطر عندما تهطل .. يكفيني أن أسمع آيات الكون جوقة تنشد بالكمال لمن لا كامل سواه ..
و مع هذا كله .. فأنا أشعر بالكآبة دائماً .. هئنذا أقف في محطة الحافلات أنتظر وصول الحافلة التي تذهب بي حيث أدرس و يدي اليمنى تمسك بها أختي الصغيرة .. و يدي اليسرى أمسك بها عصاي رفيقة دربي و بعض كتبي التي أتعلمها ..أما أختي الصغيرة فهي الأخ و الأخت ..و الأب و الأم و الصديق .. و إن كانت صغيرة السن فإنها تكاد تكون مربيتي .. تعتني بشؤوني من مأكل و مشرب و ملبس و ما إلى ذلك من روتينيات الأيام .. و إضافة إلى هذا فهي تقرأ لي يومياً ربع ساعة قبل أن أخلد إلى النوم .. و أني لأراها غالباً تفهم ما تقرأه لي ..
هاهي بصوتها الهادئ الوديع تقول لي (هيا يا أخي .. الحافلة قد وصلت .. إنتبه لنفسك و كتبك و عصاك .. ) و هاهي تمسك بيدي جيداً مساعدة في صعودي للحافلة و صوتها الوديع يقول : مع السلامة .
دخلت الحافلة و ضجيجها يفصح عن زحام شديد .. حاولت أن أتقدم فإذا بي أصطدم بأكوام من اللحم البشري .. فقنعت بوقوفي حيث وقفت .. غير أن صوتاً جهورياً يبدو أن صاحبه بدين الجثة سمعته يقول : يا بشر .. يا عالم .. ألا ترون الرجل أعمى يقف بجانب الباب ؟ أما من قلب عطوف يُخلي له مقعداً يجلس عليهن؟
كم أزعجني هذا الرجل بكلماته تلك .. ليته ما نطق بها .. أعلم أني أعمى ..و أعلم أني أقف في مكان بقرب الباب ..يعني أقف بجوار الخطر .. لكنني لست بحاجة إلى كرسيك أيها الرجل ..لأنه لك و ليس لي ..لماذا لا يعدّوني شخصاً عادياً بينهم ؟ هل ذنبي أن مرضاً أصاب عينيّ فعدت ضريرا ؟هل ذنبي أنني لا أستطيع السير إلا بعصا أتلمس بها دربي ؟ و أني لست بقادر أن أنظر من خلال نوافذ الحافلة و أرى واجهات المحلات و دروب المدينة ؟ انني لأشعر في داخلي دروب لا تنتهي .. دروب غاصت بمحلات أشتري منها حياة أخرى و فكر آخر و حرية أخرى و شمس أخرى .. حياة رائعة و إن كانت مظلمة .. و فكر آخر غي الذي تقرأه لي أختي .. و إن كان فكراً لبس لبس رداء حزيناً.. و حرية أخرى غير التي أعيشها داخل جدران منزلي و إن كانت حرية معصوبة العينين .. و شمس غير شمسكم هذه أيها البشر.. و إن كانت دون لهيب و دون حرارة.. داخل ذاتي لا أحد يقول لي : أنت أعمى .. فلماذا تقسو عليّ أيها الرجل ؟ كم أشعر بوخز كلماته تحت جفني .. و مع هذا و رغم ما قاله لم يعره أحد جواباً و تركوه و كلماته وحيدين .
ويبدو أن الرجل تنبه لموقفه فشعرت بعصاي تُجذب مني و إذا الصوت ذاته يقول تعال هنا يا عمّي ..) ولم أدر بنفسي و أنا أحشرها بين الزحام أحاول أن أصل إلى جاذب عصاي ، و أخيراً شعرت بيده و هي تصل بي إلى كرسي يبدو أنه قام عنه و تركه لي .. فجلست شاكراً إياه بلساني معاتباً له في قلبي ..
مرت دقائق و الحافلة تقف بين الحين و الحين كلما علا صوت يقول : (عندك يا شيخ ) أو (بالله على جنب).. أما أنا فلا حاجة بي إلى كل ذلك فالحافلة تنتهي محطاتها حيث أدرس ..
لا تزال الحافلة تسير .. و ضجيج الركاب يعلو .. و هدير المحركات يطغى على أصواتهم .. أما أنا فصامت لا أجد لي محدثاً .. منذ العام الماضي عندما بدأت أستقل حافلة كل صباح.. لماذا يتحاشون الحديث معي ؟ لماذا لا تتحدث معي يا أخي ؟ و إذا عجزتُ أنا عن رؤيتك فلا أقل من أن تسمعني صوتك ..و إذا عجزتَ عن ذلك فلا أقل من أن تسمع صوتي .. فهو لا يقل جهارة عن صوتك و لا أوتار حنجرتي تقل عما لديك .. و إذا كنتَ ترى ببصرك نهاراً يتعاقب عليه ليل فلا أقل من أن أحدثك عن نفسي التي ترزح تحت ليل لا ينقضي و ظلمة لا تنجلي .. ولكني أراك داخل قلبي أيها الإنسان .. فليتك تراني ببصيرتك لا ببصرك .. ليتك ..
و هكذا أقضي معظم وقتي داخل الحافلة ُأعاتبُ بصمت من أشعر بزفير أنفاسهم عن قرب .. و أحياناً أرى – في ظلمتي – أختي الصغيرة .. إنها ملاك من ملائكة الرحمن بعثها الله لي لتداويما أغلق عنه بصري بإنارته في بصيرتي ..
بالأمس عندما كانت تقرأ لي كتاباً سألتني سؤالاً ما عييت قط أمام سواه .. سألتني : (لماذا الشر موجود بين البشر ؟) ..
كم أتعبني هذا السؤال الذي ترددت أصداؤه داخل نفسي منذ زمن طويل .. حاولت أن أجيبها بنصف الحقيقة و النصف الآخر كتمته في نفسي لهوله على تلك الصغيرة .. فقلت لها : (يا أختي .. الناس يبحثون عن دروب الخير فأعتقدوا أن الشر أحد هذه الدروب) .. ولا أدري ما إذا صدقت كلامي ولكن كان ي.. أوه ..ماذا حدث ؟ يبدو أن الحافلة قد وقفت فجأة .. و أسمع الركاب كأنهم يهمون بالخروج و أصواتهم تعلو و تزمجر .. و شعرت بأن من جلس بجانبي يحاول أن ينهض هو الآخر .. فأمسكت بثوبه و سألته عما يحدث .. فقال بأن محركات الحافلة قد توقفت و سائقها لا يدري عن السبب .. ما أتعسني بهذا الخبر .. و سألته قبل أن يتابع خطواته عن الرجل الذي ترك مقعده لي فأجاب بأنه ترك الحافلة في محطة سابقة .. و سألته عن سائق الحافلة .. فلم أجد جواباً و لا أنفاساً تفيد بوجود إنسان داخل الحافلة .. فأخذت طريقي باحثاً عن الباب و عصاي تساعدني في ذلك .. و أخيراً وجدته .. فهبطت درجاته .. فشعرت بقدمي تهبطان أرضاً بدت و كأنها جانب الطريق .. فوقفت حيث قدّر لي الوقوف .. و لكن .. ماذا أفعل الأن ؟ هل أقف هكذا ؟ أين ذهب سائق الحافلة ؟ ناديت بأعلى صوتي على الرجل فما من جواب غير صوت ولد صغير طرق أذني وهو يقول : (هل من مساعدة أقدمها لك يا سيدي ؟) كم سررت بهذا الصوت و صاحبه .. فسألته عن إسم الشارع فسمّاه لي .. يا لسوء حظي .. إن مكاني الذي أنشده بعيد كل البعد عن هذا الشارع .. سألته عن المحطة التي أستطيع منها العودة منحيث أتيت .. فقال بأنها على الرصيف الأخر من الشارع .. ولكنه إستدرك قائلاً : (لا يا سيدي .. سأقف معك الى أن تصل حافلة أخرى تأخذك حيث تبغي ..) و قبل أن أُجيبه سمعت صوتاً يزمجر عن بعد و هو يقول : (تعال يا ولد )فردّ الصبي : (لحظة يا أبي .. هذا الرجل بحاجة الى مساعدة ) .. و فجأة سمعت أقداماً تهرول تجاهي و صوت يسبقها يقول : (تعال هنا أيها الولد العاق .. ألا تخاف من هذا الرجل ؟ ) .. و لم أشعر إلا بكف الصغير و هي تنسل من كفي .. سامحك الله أيها الرجل .. سامحك الله ..
ماذا أفعل الأن ؟ لا أملك سوى العودة من حيث أتيت .. الصبي قال أن محطة العودة على الرصيف المقابل تماماً .. ها قد جاءت مشكلة عبورك أيها الشارع و جاء دورك أيتها العصا بالتراقص في الهواء تنبئين السيارات عن حاملك .. هئنذا أخطو الخطوة الأولى .. و عصاي في الهواء تترنح .. هاهي الخطوة الثانية .. الثالثة .. الرابعة .. الخامسة .. صوت منبهان السيارات يعلو من خلفي و أمامي و كل مكان .. أصوات من بعد تصرخ بي : (انتبه أيها الرجل ) .. لقد بقي أمامي عدة خطوات لأصل الى بر الأمان .. صوت المنبهات يعلو أكثر .. السيارات تزمجر من حولي .. والريح تعصف بي من كل جانب .. صرخة أمرأة من بعيد تعلو .. و صفارة رجل مرور تلعلع في الفضاء من حيث لا أدري .. و أعصابي تكاد تخونني .. و فجأة شعرت بسيارة كأنها تطير في الفضاء تشق الريح تطلق أبواقها تحذرني من الخطر .. لوّحت بعصاي .. بكتبي .. و نظارتي السوداء على وجهي تعذرني أمام الناظر إليّ و تشكو حال .. إلا أن السيارة لم ترحم ما بي عجز و ضعف .. فما شعرت بنفسي إلا و أنا على الأرض و كل شيء ينزف داخلي .. و أصوات كثيرة تحوم من حولي .. (السائق هرب ) ، (الرجل قلبه توقف) ، (يا حرام .. مسكين ) .. أما أنا فأشعر بأني أطير في فسحة السماء .. أرى رجلاً ممدداً على الأرض بجانبه تناثرت كتب .. و عصا .. و نظارة سوداء .. وبشراً حلّقوا حوله .. و عن بعد أرى أختى الصغيرة .. و هي تقرأ في كتاب الأمس .. كأنها تبحث عن إجابة كاملة لسؤال أخفيت عنها نصف حقيقته .



تمت الفهرسة