اللهم لا حول ولا قوة الا بك.
الدنيا محن ومصعائب وأصعبها أن يمتحن المرأ في دينه ومعتقده وحريته.
اللهم نسألك الثبات في الدنيا والآخرة والمغفرة والرحمة.

( 9 ) زيارة الولي الصالح
وقف .. تردد برهة ثم قال باسماً :
ـ ما رأيكِ في أن نخرج الآن إلى مكان مهم جداً ..
تسمرْتُ في مكاني وأنا أتنهد ، فسألته :
ـ إلي أين ؟ لا أريد الخروج كفى أرجوك ..
ـ هيا هيا .. سنذهب إلى مكان ستتعجبين مما سترين فيه وتسمعين .. قلت :
ـ ولكن .. الوقت متأخر .. ومن الأفضل أن .. قاطعني بسرعة :
ـ هيا لا مجال الآن لتضييع الوقت ..
ذهبت معه .. أخذ ينعطف بسيارته يميناً ثم يساراً .. وأنا صامتة أنتظر فرج الله .. فقد أصبحت زاهدة حتى في حياتي .. وقفنا عند منزل متواضع صغير .. سألته بخوف :
ـ أين تذهب بي ؟ ألا تزال مصرّاً على إخفاء ذلك عني ؟! .. سكت وطرق الباب ..
فُتح الباب على يد خادمة غضبى .. دخل مُسلَّماً على الرجل الطاعن في السن وأمرني أن أتبعه .. فوجئت !!!!!!!
ـ ألم ينته الهزل بعد ؟! ( خاطبت نفسي متألمة ) !!
جلس مقابلاً له .. شرح قضيتي وأنني من أهل السنة !! .. تبادل الرجلان النظرات الحانقة .. وبدت علامات التعجب والتفاجؤ على الرجل لسماعه هذا الخبر !! ..
امتعض كثيراً وكأنه سمع عني بأنني ارتددت عن الإسلام !!
أكفهّر وجهه .. وتلونت ملامحه .. قال بحقد :
ـ ما هذا الخبر والحدث الجلل ؟! هل ما يقوله زوجك صحيح ؟ لا أصدق لا أصدق !!
انتابني الذعر والرعب .. تلفتُّ حولي بدهشة .. لا حظ العجوز دهشتي وقال مستنكراً :
ـ لا لا يا ابنتي هذا شيء خطير جداً ! ابتعدي عن ذلك .. انتبهي إلى أن يجرفك تيّارهم !! واستمعي إلى كلام زوجك فهو أعلم بمصلحتك ! .. لا أريد سماع ذلك عنك من اليوم فصاعداً !! ..
لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم !!!
أصابني الخوف والهلع .. اعتذر الرجل المسن ليخرج من المكان .. وأنه سيأتي بعد قليل ..
وعند خروجه قال الزوج واثقاً من قوله :
ـ هل رأيتِ هذا الرجل ؟! إنه عـلاّم الغيـوب .. !!
أجبته بحماس كبير يطوي تحته السخرية من كلامه :
ـ حقاً ؟! .. وهل كان يعلم بمجيئنا إليه ؟ وفي هذا الوقت ؟!!
نظر إلي باستغراب وكأنه يشك في صدق نيتي .. ثم قال :
ـ بالتأكيد !! .. وسيخبرك الآن عن كل ما تفكرين به .. وستُدهشين من إجابته على كل الأسئلة التي تُطرح عليه !! .. وسترين ذلك بأم عينك !
امتلأتُ غيظاً .. فكتمته !!
وعاد الرجل المدعّي وجلس في مكانه السابق .. وإذا بالزوج يخضع ويذل نفسه إليه .. وينحني .. وينكسر !! ..
وإذا به يقبّل يديه ورأسه .. ثم خلع قبعته وفاضت عيناه إجلالاً !!!!!!!!!!!
اقترب بعدها الزوج كثيراً من الرجل .. وأخذ يتمتمان بكلمات لم أفهمها ! .. وفجأة نظر إلي وقال :
اجلسي .. لم تقفين كل هذا الوقت ؟!!
جلست .. ركّزا نظرهما نحوي ! .. يا إلهي ماذا فعلتُ أيضاً ؟ ..
لم أعد أحتمل ! .. لم أعد أستطيع المنافحة .. ماذا ينويان أن يفعلا بي هذه المرة ؟!!!!!!!!!!!!!
أمرني الزوج بانكسار أمام الولي أن أخلع حجــــابي ….. رأيت اللهفة في عيني الرجل ليرى أي نوع من الكائنات أنا !!!!!! .. ولماذا تركتهم وما يدّعون !! ..
ترددت كثيراً .. وامتنعت .. فأمرني الزوج بتلك النظرات المخيفة الكريهة ..
فإذا بالوليّ يبتسم ابتسامة عريضة ! .. إنه رجل مسن ! .. بالكاد يرى ويسمع !! ..
وأمرني أن أجلس أمامه مباشرة فرفضت بحياء وخجل .. وهمستُ في أذن الزوج متوسّلة :
ـ أرجوك لا أستطيع .. أقسم بالله العظيم أني لا أستطيع .. أرجوك .. إني أخاف ..
ابتسم بدوره ابتسامة صفراء حاقدة :
ـ لا تخافي إنه ولي صالح جداً .. سيعرّفك على مستقبلك .. إنه يكشف الغيب ويعلمه ..
هيا تقدمي .. هيا .. ارتجفتُ وشعرت بالإغماء .. رباه اصرف أذاهم عني .. ربــاه ..
قام الزوج وأمسك بيدي بقوة آلمتني .. وأجبرني على الجلوس أمام الرجل المسن قائلاً بلطف مصطنع :
ـ هيا تعالي .. إنه لا يخيف .. واخفضي نظركِ عنه إجلالاً لقدرته ومكانته ….. ففعلتُ .. نظر إلي الرجل المسن وابتسم ثانية ثم قال :
ـ ما اسمـك يا فتــاة ؟!
لم أنطق … خشيت إن نطقت أن يسقط سقف المنزل علينا من غضب الله ! .. فأجاب الزوج بلهفة :
ـ اسمها ……………………………….. ! أخبرنا يا وليّنا العظيم عما سينكشف لك !!
ما زالت نظرات الرجل عالقة بي .. ثم قال :
ـ أنت فتاة صالحة .. ولكنك منحرفة عقائدياً .. وسيحلّ عليك غضب الله تعالى إن لم تتركي ما أنتِ فيه من خزعبلات .. وأوهام ..
عودي إلى الطريق السوي .. عودي .. لأن الخير كل الخير طريقتنا .. واتركي عنك كل أقوال الكافرين .. لأنهم سيزيدونك كفراً وإضلالاً وذنوباً .. هل فهمتي ؟!!
ارتعشتُ .. ثم أجبته وأنا أشعر بأنني أخضع لتأثير سحر عظيم .. و .. غريب !!!
ـ فهمت .. فهمت .. !!!
ارتجفت يداي .. شعرت بذهول .. ثم .. أفقت !!
ماذا يقول ذلك المعتوه !!!
أخفض نظره .. ثم أغمض عينيه وكأنه ينظر إلى شيء ما .. لا أراه !! ثم قال :
ـ ستعودين اليوم إلى المنزل .. سيتراءى لك في المنام الولي الصالح الذي قد مات منذ زمن ( فلان بن فلان ) لا أحد يراه في منامه إلا قلة من الناس ! ..
فإذا رأيتيه فأخبريه بما تريدين وسيخبرني هو فيما بعد بما دار بينكما !!!
فتح عينيه المغمضتين .. ونظر إلي مجدّداً .. ثم قال :
ـ ستنجبين ولداً نجيباً .. وستكونين من أولياء الله الصالحين لأنك مترفّعة في أخلاقك ..
وسيخلف الله لك خيراً من دينك الزائف .. وستنضمين إلينا على الرحب والسعة .. !!
ربـاه .. ربـاه .. ماذا يقول هذا الرجل ؟ .. أريد الخروج .. أنا لا أحتمـل ..
وفجأة سمعت صوتاً بجانبي .. انتقلت نظراتي بسرعة .. إنه الزوج يجهش بالبكـاء الحار !! .. إنه متأثر .. منفعل جداً .. مُصدّق !!
ما به ؟! ثم .. سالت دمعات لا هبات من عيني وليّهم !!!!!!!
أرجوك يـا رب .. أبعدني عنهم !
ربـاه .. إنهم يريدون إغراقي معهم ! .. إنني أتهاوى .. وفجأة .. عكف الزوج على يدي الولي وبالغ في تقبيلها .. ثم تمسّح به !!
ماذا يقصد ؟ .. إنه يضع يده على رأس الولي ويأمرني بوضع يدي أيضاً !!! ..
أدرتُ وجهي .. إلا هذا ! لا أستطيع !! .. وأُمرت مرة أخرى فرفضت ببقائي صامتة جامدة !
نظر الرجل إلي بقلق عندما طال صمتي ..
قال الزوج وقد مدّ يده إليه بقبعة قديمة :
ـ إذاً اجعلها تخلع حجابها كاملاً حتى تلبس هذه القبعة وتتبارك بها ! ..
فنهض بقوة وشدّ عني حجابي بكيد دفين ثم ألبسني القبعة .. ودمعاتي تحرق كل جزء في وجهي المتألم ! .. وتناول من الرجل قطعة قماش بالية وهو يشكره بذل !! .. فقال الرجل يوجه إلي الحديث :
ـ أما هذه القطعة فضعيها تحت وسادتك وستقيك الشر وتدفع عنك الضر !
قمت من مكاني أترنح من شدة البأس الذي أصابني حتى هذه اللحظة العصيبة ! ..
لا أحد يبالي بمشاعري .. يـا رب رحمـاك !!
سمعتُ الزوج في هذه الأثناء يقول والدموع الذليلة لا تزال تتدفق من حجرها :
ـ أتوسل إليك يا ولينا العظيم أن تخبرني عن أبي .. لقد مات منذ وقت قصير .. هل في الجنة هو أم في النار ؟ وهل هو في نعيم أم جحيم !
وزاد بكاؤه وعويله .. فأطرق الولي مليّاً .. ثم وضع أصابعه على صدره وأغمض عينيه .. وافتعل حركات كأنما هو يرى أشياء أغضبته .. فتلوى وجهه .. وتقطّب حاجباه .. ثم .. أشياء سرّته .. فقال له :
لا تحزن فأبوك في الجنة .. لقد رأيته الآن .. إنه يرتع فيها .. هنيئاً لك وله ..
إنه في نعيم مقيم .. لا تخف .. فأبوك بخير فاطمئن وطمئن ذويك عنه ..
زاد بكاء الزوج وارتفع صوته ولكن هذه المرة .. بكاء الفرح والحبور هو الذي كان له صدى في الأرجاء !!!
أستغفر الله العظيم .. ماذا يفعل هؤلاء ؟ .. هل فقدوا صوابهم ؟
لماذا يفعلون ذلك ؟ وأمامي ؟ ..
إن هذا الرجل المسن يدّعي علم الغيب والإحاطة به !! ثم يقول إنه كشف وإلهام ؟!
ولكن لا يعلم الغيب إلا الله تعالى فكيف يجرؤون ؟! إنه شرك كيف أخبرهم ؟ كيف أقنعهم ؟ سيقتلوني إن تفوّهت بكلمة واحدة !
ولكن ألم بقل الله تعالى لرسوله الكريم ( ولو كنت أعلم الغيب لا ستكثرت من الخير وما مسني السوء )
إذا كان رسول الله إلى الناس وخاتم الأنبياء والمرسلين لا يعلم الغيب .. فهل يعلمه هؤلاء ؟! ..
إنهم قوم يستكبرون !! .. هممت بالاحتجاج .. تراجعت .. سيؤذونني بلا شك .. أعرف ذلك !
وقف .. تردد برهة ثم قال باسماً :
ـ ما رأيكِ في أن نخرج الآن إلى مكان مهم جداً ..
تسمرْتُ في مكاني وأنا أتنهد ، فسألته :
ـ إلي أين ؟ لا أريد الخروج كفى أرجوك ..
ـ هيا هيا .. سنذهب إلى مكان ستتعجبين مما سترين فيه وتسمعين .. قلت :
ـ ولكن .. الوقت متأخر .. ومن الأفضل أن .. قاطعني بسرعة :
ـ هيا لا مجال الآن لتضييع الوقت ..
ذهبت معه .. أخذ ينعطف بسيارته يميناً ثم يساراً .. وأنا صامتة أنتظر فرج الله .. فقد أصبحت زاهدة حتى في حياتي .. وقفنا عند منزل متواضع صغير .. سألته بخوف :
ـ أين تذهب بي ؟ ألا تزال مصرّاً على إخفاء ذلك عني ؟! .. سكت وطرق الباب ..
فُتح الباب على يد خادمة غضبى .. دخل مُسلَّماً على الرجل الطاعن في السن وأمرني أن أتبعه .. فوجئت !!!!!!!
ـ ألم ينته الهزل بعد ؟! ( خاطبت نفسي متألمة ) !!
جلس مقابلاً له .. شرح قضيتي وأنني من أهل السنة !! .. تبادل الرجلان النظرات الحانقة .. وبدت علامات التعجب والتفاجؤ على الرجل لسماعه هذا الخبر !! ..
امتعض كثيراً وكأنه سمع عني بأنني ارتددت عن الإسلام !!
أكفهّر وجهه .. وتلونت ملامحه .. قال بحقد :
ـ ما هذا الخبر والحدث الجلل ؟! هل ما يقوله زوجك صحيح ؟ لا أصدق لا أصدق !!
انتابني الذعر والرعب .. تلفتُّ حولي بدهشة .. لا حظ العجوز دهشتي وقال مستنكراً :
ـ لا لا يا ابنتي هذا شيء خطير جداً ! ابتعدي عن ذلك .. انتبهي إلى أن يجرفك تيّارهم !! واستمعي إلى كلام زوجك فهو أعلم بمصلحتك ! .. لا أريد سماع ذلك عنك من اليوم فصاعداً !! ..
لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم !!!
أصابني الخوف والهلع .. اعتذر الرجل المسن ليخرج من المكان .. وأنه سيأتي بعد قليل ..
وعند خروجه قال الزوج واثقاً من قوله :
ـ هل رأيتِ هذا الرجل ؟! إنه عـلاّم الغيـوب .. !!
أجبته بحماس كبير يطوي تحته السخرية من كلامه :
ـ حقاً ؟! .. وهل كان يعلم بمجيئنا إليه ؟ وفي هذا الوقت ؟!!
نظر إلي باستغراب وكأنه يشك في صدق نيتي .. ثم قال :
ـ بالتأكيد !! .. وسيخبرك الآن عن كل ما تفكرين به .. وستُدهشين من إجابته على كل الأسئلة التي تُطرح عليه !! .. وسترين ذلك بأم عينك !
امتلأتُ غيظاً .. فكتمته !!
وعاد الرجل المدعّي وجلس في مكانه السابق .. وإذا بالزوج يخضع ويذل نفسه إليه .. وينحني .. وينكسر !! ..
وإذا به يقبّل يديه ورأسه .. ثم خلع قبعته وفاضت عيناه إجلالاً !!!!!!!!!!!
اقترب بعدها الزوج كثيراً من الرجل .. وأخذ يتمتمان بكلمات لم أفهمها ! .. وفجأة نظر إلي وقال :
اجلسي .. لم تقفين كل هذا الوقت ؟!!
جلست .. ركّزا نظرهما نحوي ! .. يا إلهي ماذا فعلتُ أيضاً ؟ ..
لم أعد أحتمل ! .. لم أعد أستطيع المنافحة .. ماذا ينويان أن يفعلا بي هذه المرة ؟!!!!!!!!!!!!!
أمرني الزوج بانكسار أمام الولي أن أخلع حجــــابي ….. رأيت اللهفة في عيني الرجل ليرى أي نوع من الكائنات أنا !!!!!! .. ولماذا تركتهم وما يدّعون !! ..
ترددت كثيراً .. وامتنعت .. فأمرني الزوج بتلك النظرات المخيفة الكريهة ..
فإذا بالوليّ يبتسم ابتسامة عريضة ! .. إنه رجل مسن ! .. بالكاد يرى ويسمع !! ..
وأمرني أن أجلس أمامه مباشرة فرفضت بحياء وخجل .. وهمستُ في أذن الزوج متوسّلة :
ـ أرجوك لا أستطيع .. أقسم بالله العظيم أني لا أستطيع .. أرجوك .. إني أخاف ..
ابتسم بدوره ابتسامة صفراء حاقدة :
ـ لا تخافي إنه ولي صالح جداً .. سيعرّفك على مستقبلك .. إنه يكشف الغيب ويعلمه ..
هيا تقدمي .. هيا .. ارتجفتُ وشعرت بالإغماء .. رباه اصرف أذاهم عني .. ربــاه ..
قام الزوج وأمسك بيدي بقوة آلمتني .. وأجبرني على الجلوس أمام الرجل المسن قائلاً بلطف مصطنع :
ـ هيا تعالي .. إنه لا يخيف .. واخفضي نظركِ عنه إجلالاً لقدرته ومكانته ….. ففعلتُ .. نظر إلي الرجل المسن وابتسم ثانية ثم قال :
ـ ما اسمـك يا فتــاة ؟!
لم أنطق … خشيت إن نطقت أن يسقط سقف المنزل علينا من غضب الله ! .. فأجاب الزوج بلهفة :
ـ اسمها ……………………………….. ! أخبرنا يا وليّنا العظيم عما سينكشف لك !!
ما زالت نظرات الرجل عالقة بي .. ثم قال :
ـ أنت فتاة صالحة .. ولكنك منحرفة عقائدياً .. وسيحلّ عليك غضب الله تعالى إن لم تتركي ما أنتِ فيه من خزعبلات .. وأوهام ..
عودي إلى الطريق السوي .. عودي .. لأن الخير كل الخير طريقتنا .. واتركي عنك كل أقوال الكافرين .. لأنهم سيزيدونك كفراً وإضلالاً وذنوباً .. هل فهمتي ؟!!
ارتعشتُ .. ثم أجبته وأنا أشعر بأنني أخضع لتأثير سحر عظيم .. و .. غريب !!!
ـ فهمت .. فهمت .. !!!
ارتجفت يداي .. شعرت بذهول .. ثم .. أفقت !!
ماذا يقول ذلك المعتوه !!!
أخفض نظره .. ثم أغمض عينيه وكأنه ينظر إلى شيء ما .. لا أراه !! ثم قال :
ـ ستعودين اليوم إلى المنزل .. سيتراءى لك في المنام الولي الصالح الذي قد مات منذ زمن ( فلان بن فلان ) لا أحد يراه في منامه إلا قلة من الناس ! ..
فإذا رأيتيه فأخبريه بما تريدين وسيخبرني هو فيما بعد بما دار بينكما !!!
فتح عينيه المغمضتين .. ونظر إلي مجدّداً .. ثم قال :
ـ ستنجبين ولداً نجيباً .. وستكونين من أولياء الله الصالحين لأنك مترفّعة في أخلاقك ..
وسيخلف الله لك خيراً من دينك الزائف .. وستنضمين إلينا على الرحب والسعة .. !!
ربـاه .. ربـاه .. ماذا يقول هذا الرجل ؟ .. أريد الخروج .. أنا لا أحتمـل ..
وفجأة سمعت صوتاً بجانبي .. انتقلت نظراتي بسرعة .. إنه الزوج يجهش بالبكـاء الحار !! .. إنه متأثر .. منفعل جداً .. مُصدّق !!
ما به ؟! ثم .. سالت دمعات لا هبات من عيني وليّهم !!!!!!!
أرجوك يـا رب .. أبعدني عنهم !
ربـاه .. إنهم يريدون إغراقي معهم ! .. إنني أتهاوى .. وفجأة .. عكف الزوج على يدي الولي وبالغ في تقبيلها .. ثم تمسّح به !!
ماذا يقصد ؟ .. إنه يضع يده على رأس الولي ويأمرني بوضع يدي أيضاً !!! ..
أدرتُ وجهي .. إلا هذا ! لا أستطيع !! .. وأُمرت مرة أخرى فرفضت ببقائي صامتة جامدة !
نظر الرجل إلي بقلق عندما طال صمتي ..
قال الزوج وقد مدّ يده إليه بقبعة قديمة :
ـ إذاً اجعلها تخلع حجابها كاملاً حتى تلبس هذه القبعة وتتبارك بها ! ..
فنهض بقوة وشدّ عني حجابي بكيد دفين ثم ألبسني القبعة .. ودمعاتي تحرق كل جزء في وجهي المتألم ! .. وتناول من الرجل قطعة قماش بالية وهو يشكره بذل !! .. فقال الرجل يوجه إلي الحديث :
ـ أما هذه القطعة فضعيها تحت وسادتك وستقيك الشر وتدفع عنك الضر !
قمت من مكاني أترنح من شدة البأس الذي أصابني حتى هذه اللحظة العصيبة ! ..
لا أحد يبالي بمشاعري .. يـا رب رحمـاك !!
سمعتُ الزوج في هذه الأثناء يقول والدموع الذليلة لا تزال تتدفق من حجرها :
ـ أتوسل إليك يا ولينا العظيم أن تخبرني عن أبي .. لقد مات منذ وقت قصير .. هل في الجنة هو أم في النار ؟ وهل هو في نعيم أم جحيم !
وزاد بكاؤه وعويله .. فأطرق الولي مليّاً .. ثم وضع أصابعه على صدره وأغمض عينيه .. وافتعل حركات كأنما هو يرى أشياء أغضبته .. فتلوى وجهه .. وتقطّب حاجباه .. ثم .. أشياء سرّته .. فقال له :
لا تحزن فأبوك في الجنة .. لقد رأيته الآن .. إنه يرتع فيها .. هنيئاً لك وله ..
إنه في نعيم مقيم .. لا تخف .. فأبوك بخير فاطمئن وطمئن ذويك عنه ..
زاد بكاء الزوج وارتفع صوته ولكن هذه المرة .. بكاء الفرح والحبور هو الذي كان له صدى في الأرجاء !!!
أستغفر الله العظيم .. ماذا يفعل هؤلاء ؟ .. هل فقدوا صوابهم ؟
لماذا يفعلون ذلك ؟ وأمامي ؟ ..
إن هذا الرجل المسن يدّعي علم الغيب والإحاطة به !! ثم يقول إنه كشف وإلهام ؟!
ولكن لا يعلم الغيب إلا الله تعالى فكيف يجرؤون ؟! إنه شرك كيف أخبرهم ؟ كيف أقنعهم ؟ سيقتلوني إن تفوّهت بكلمة واحدة !
ولكن ألم بقل الله تعالى لرسوله الكريم ( ولو كنت أعلم الغيب لا ستكثرت من الخير وما مسني السوء )
إذا كان رسول الله إلى الناس وخاتم الأنبياء والمرسلين لا يعلم الغيب .. فهل يعلمه هؤلاء ؟! ..
إنهم قوم يستكبرون !! .. هممت بالاحتجاج .. تراجعت .. سيؤذونني بلا شك .. أعرف ذلك !

بارك الله فيك أختي المشتاقه للجنه وضحتي لي صوره كنت أجهلها عن الصوفيه ,أكملي باقي القصه إلى النهايه
فالقصه جدا مشوقه و هادفه .
فالقصه جدا مشوقه و هادفه .

الصفحة الأخيرة
ما العمل الآن !! سوف أعود للمنزل ! .. وسأجده هناك ينتظرني ! وسيسألني عما إذا امتثلت لما أمرني به أم لا ! .. ولكني لم أستطع ذلك .. كيف له أن يفهم ؟
كيف أنجو منه ؟ .. ما العمل يا رب ما العمل ؟ .. اللهم إني أنتظر منك فرجاً ومخرجاً من بعد ما عانيت من الضيق والبلاء !!
عدنا إلى المنزل ! .. وفي الطريق أخذت والدته الكأس من يدي وهي تحافظ عليه كما تحافظ الأم على الوليد لم أعلّق ولم أنطق .. كان تفكيري منصباً على هذا الزوج الذي ينتظرني في المنزل !
أوووه .. تذكرت .. عضضت على فمي بقوة كدت منه أن أدميه .. يا وليتي .. لقد نسيت المفتاح بالداخل .. لا بد من الصدام !!!
طرقت الباب بأنامل قد جمّدها الخوف .. استجمعت قواي .. طرقت مراراً وأنا أشعر بالهلع العظيم !!!
أخيراً .. فُتح الباب على مصراعيه .. رأيته أمامي .. تنحّى عن الباب قليلاً .. دخلنا .. نبضت خفقات قلبي بقوة أسمعت من في المشرق والمغرب .
أغلق الباب خلفه بركلة من رجله ونظراته تحدّق بي .. نقل نظراته إلى والدته التي تقف بجانبي وقال :
ـ أمّــاه .. هل فعلت ما أمرتها به ؟
لم ترد أمه .. نظرت إلي بعيني جامدتين خائفتين ..
أضاف وهو يحرقني بنظراته موجهاً الحديث لأمه :
ـ تكلمي يا أمّـاه .. هل فعلت أم لا ؟ .. بالطبع لا !!
تكلمـوا .. لم تفعل أليس كذلك يا أمي ؟!
شعرتُ بثقل يكبّل أجزائي وبقلبي يصارع في الخروج من مخبأه من وطأة الخوف !
قالت أمه بخوف أمام نظراته المثبتة عليّ :
ـ يا بني .. هدئ من روعك .. إنها .. آه .. نعم نعم .. لقد فعلت !!
مشى بخطوات عريضة تجاهي .. نظر إليّ بتحد عندما طال صمتي .. عرف أن والدته قد كذبت عليه ..
فأمّعن النظر في وجهي وكزّ على أسنانه بقوة جبارة .. أما أنا فقد أدركت بأن شعوري بالأمان في هذه اللحظة قد ابتعد عني بعيداً جداً في الأفق !!
هزّني بعنف .. وصفعني صفقـة قاسية جـداً أفقدتني الذاكرة لبضع دقائق .. فبدا لي وكأنه يُقهقه ضاحكاً من شدة القهر والغيظ .. والخيبة فيما يرجو !!!!!
صرخ قـائـلاً :
ـ لا فائدة ترجى منها في هذا المجال يا أمي .. ماذا عساي أن أصنع بها ؟ ..
لقد أمَّلتُ فيها خيراً كثيراً ولكن يبدو أنني كنت مخطئاً ! .. أخبروني ماذا أفعل معها ؟ .. أقتلهـا ؟ ..
سأصبح عما قريب إماماً للأولياء والصوفية .. وزوجتي هي العدّو الأول لي في مذهبي !! ..
كيف سيصوّت الجميع لي وهي بهذه الطريقة ؟ كيف ؟ كيف ؟ .. انفجرتُ باكية حينها :
ـ إذاً .. أطلق سراحي .. والآن .. أنا لا أريدك .. لا مجال للعيش بيننا .. هيا .. افعل .. لا تعذبني ..
لماذا تصرّ على بقائي معك ؟ .. أنا سأضرك أكثر من أن أنفعك ! ..
كانت أنفاسه تتردد بصوت مسموع لكنه قال بهدوء : وهل تظنين بأني فاعل ؟ أرجو ألا يراودكِ الأمل في ذلك مطلقاً ! .. لن أتركك أبداً مهما طال النزاع بيننا !! ..
ثم انسحب بسرعة ودون أن يضيف شيئاً آخر …
ارتميت على الأريكة وامتلأت عيناي حسرة وحزناً على حالي ! .. يا إلهي أنت ملاذي وملجأي فساعدني ..
ذهب الجميع .. بقيت وحدي .. ولكن لن أقول سوى الحمد لله على كل حال !
أتت والدته بعد قليل وكأنها تتشفى مما حدث .. اقتربت مني وأنا أرتجف كطائر جريح لم يجد له راعياً ومطمئناً .. وقفت قليلاً ثم ابتعدتُ عنها وحاولت التظاهر بالتفتح والنسيان فقلت لها :
ـ لا بأس .. كل شيء على ما يرام يا خالتي !! .. لا تقلقي سيعتدل الوضع قريباً .. سيعتدل ..
تركتها بخطوات زاحفة .. شعرت بأنها تريد أن تقول شيئاً ما .. ولكني لم أفضل البقاء ! ..
توجهت نحو غرفتي .. استلقيت على فراشي .. أخذت أفكر ملياً بالوضع .. آآه يا رأسي إنه يؤلمني من كثرة البكاء .. والأنين .. ما سر حقدهم المتناهي عليّ ؟ هل لأنني سنية ؟ .. ولكن لو كان طريقهم يؤدي إلى الجنة وإلى رضوان الله فأنا مستعدة لاتباعه ..
ابتسمت متحسرة .. الحمد لله الذي نجاني مما هم فيه !
سمعت صوتاً ينادي ! .. لم أجب ! .. أشعر برغبة في الانفراد والانعزال ! ..
نحن لا نتفق فما الذي يجبرني على البقاء ؟ .. يجب أن أذهب بأي طريقة ! ليس لي مكان في هذا المكان !!!!
سمعت الصوت مرة أخرى .. إنه صوته .. سكتّ ! .. ثم أجبت : ماذا بعد ؟! ماذا يريدون بي ؟
نزلت إلى الطابق السفلي .. وآثار الصفعة الموجعة ما زالت تعلن عن إصرارها على البقاء على وجهي الحزين .. شعرت بوجوده دون أن أنظر إليه .. أجبته وأنا أنظر إلى أصابعي المرتعشة :
ـ نعم .. بم تأمرني ؟!!!!!
نظر إلى ما تركه من أثر في وجهي .. اقترب قليلاً ليتأكد منه .. ثم تنهد .. ومشى بخطواته الثقيلة إلى مكان وجود أكواب الماء وأخذ كوباً وقدّمه إلي وهو ينظر بمكر دون أن يحاول إخفاء نبرة البرودة التي تشعّ من صوته .. ثم جاء بجالون ماء كبير وسكب في كأسي وقال آمراً ..
ـ تفضلي بشرب هذا الماء ..
نظرت إلى الجالون في يده .. عدت بذاكرتي إلى الوراء قليلاً .. أين شاهدته ؟
لقد رأيته في مكان ما بهذه الإشارة الحمراء .. نعم .. نعم تذكرت !! ..
إنه الماء الذي تخاطفته النسوة في العزاء ! .. كيف أتى به إلى هنا ؟ ماذا حدث ؟
شعرت بأنها محاولة منه لامتحان ذكائي وقدرتي على الملاحظة .. لأنه وضع الجالون أمام عيني .
حاولت التصرف برزانة .. فقلت وقد رفعت نظري إليه :
ـ عذراً .. لا رغبة لي في شرب الماء الآن .. لقد شربت للتوّ كأسين من الماء .. أعتذر عن شربه ..
قاطعني بحـدة :
ـ ولكنك ستشربين .. أليس كذلك .. ؟!
دخلت أمه وأخوته في هذه اللحظة .. مسحت جبيني بالمنديل .. وهممت بالاحتجاج ..
وهنا بادرني كمن قرأ أفكاري .
ـ قلت : ستشربين !! أم أنك ستعارضيني على ذلك أمام أهلي جميعاً ؟!
أشعر بأن هذا الماء يحوي شيئاً ما لا أعرفه ! .. أردت الاعتذار ثانية .. وفعلت .. ولكن اعتذاري هذه المرة كان عن طريق عيني اللتين تضرعتا للجميع بأن يقنعوه بأن يتركني وشأني ..
وعرفت أن لا فائدة ترجى منه أو منهم !!
شربته !!!!!! .. لم أبقِ فيه قطرة واحدة .. فلمعت عيناه بالانتصار العظيم .. وازداد انكسار قلبي وألمه .. فقال مبتهجاً ضاحكاً :
ـ صدقيني .. أتوقع أن تفوق النتيجة آمالنا !
حدّقتُ فيه ثم قلت بهدوء وأنا أمسح وجهي المعروق بظاهر يدي :
ـ كي تحصل على ما تريد فإنك تدوس على مشاعر الآخرين دون أن تهتم بقليل من اعتبارهم .. أليس كذلك ؟!!
قال بمرح دون أن ينظر إلي وهو يستدير ليعيد الماء إلى مكانه :
ـ نعم .. أصبتِ .. أصبتِ .. !
في اليوم التالي مباشرة علمت أن الماء الذي شربته كان لأحد أوليائهم !! ..
لقد غسّلوا فيه هذا الولي الذي حضرنا عزاءه بعد موته !!!!!!! .. إي أنه غسول ميت !!!! .. والغرض بالطبع منه أن تسري بركته في جسدي مجرى الدم فأتأثر وأصبح صوفية !!!!!!!!!!
سألته وقد عانيت ما عانيت من الشعور بالاستياء والظلم .. وبكل لطف يخفي ما أنا فيه من لوعة ومرارة وحزن :
ـ ما نوع الماء الذي أسقيتنيه البارحة ؟
فقال شارداً .. وقد أحسست من خلال شروده أنه فوجئ بمعرفتي لمصدر الماء :
ـ الماء ! إنه ماء طبيعي ! أم أنك ستقولين بأنك تشكّين بمصدره أيضاً ؟!
انهمرت أدمعي .. أحشفة وسوء كيلة ؟! ..
لماذا يكذب علي أيضاً ؟! .. فقلت منهارة :
ـ ولكني علمت من مصدر موثوق طبيعة هذا الماء !! .. حرام عليك حرام ما تفعله بي .. لماذا تفعل كل ذلك بي لماذا ؟ .. قال جاداً وبحماس :
ـ ماذا ؟ .. يجب أن تتباركي بهذا الماء .. فأنتِ قد شربت من غسول ولي صالح .. فمن يحصل له ذلك !!
عجباً لأمـرك !!
دعوت الله أن يفرج همي وأن يبقي على ما بقي من صبري وجلَدي فيخرجني من بين هؤلاء القوم الظالمين .. ويعتقني من أسرهم !