** المُحبّة للخير **
& أسيــــــــــــــــل & وياك إن شاء الله أختي الكريمة بارك الله فيك . الإسم التاسع عشر من أسماء الله الحسنى .. (( العليــــــــــــم )) ... الجزء الأول ..... قال تعالى: { ربنا إنك تعلم ما نخفي وما نعلن وما يخفي على الله من شيءٍ في الأرض ولا في السماء "38" } (سورة إبراهيم) وقال تعالى: { آلم "1" ذلك الكتاب لا ريب فيه هدى للمتقين "2" الذين يؤمنون بالغيب ويقيمون الصلاة ومما رزقناهم ينفقون "3"} (سورة البقرة) ولابد لنا من تعريف معنى (الغيب) وقلنا: إن الغيب هو ما غاب عن حواس الإنسان الظاهرة، وحواس الإنسان التي لا يدرك الإنسان نفسه حدودها، وأوضحنا أن الحس الإنساني لا يقتصر على الحواس الخمس الظاهرة (التنفس ـ التذوق ـ اللمس ـ السمع ـ الرؤية). ذلك أن هناك حواس أخرى لم تكن معروفة، وقدرات إنسانية لم يكن يعرفها البشر أيام بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولكن هذه الحواس وتلك القدرات تعرف الإنسان عليها بعد تقدم العلم. ومازال هناك حتى الآن بعض احساسات للإنسان لم تستطع البشرية أن تكشف الأدوات التي يدرك الإنسان بها هذه الأحاسيس. بل لقد تقدم العلم ليعلن العجز مع استمرار المعادلة في كشف آفاق قدرات الإحساس عند الإنسان .. حاول العلم ويعجز في أحيان أخرى، بل إن الدراسات الخاصة بعمل (مخ) الإنسان، مازالت تقف عاجزة أمام بعض أسرار عمل المخ وعلاقته بحواس الإنسان الظاهرة والباطنة. وأوضحنا أن معنى كلمة (الغيب) ليس المقصود بها ما لا يعرفه الإنسان، ولا يدخل التنبؤ بالطقس تحت طائلة معنى (الغيب) على سبيل المثال. إن (الغيب) هو الذي يغيب عن الإنسان وعن البشرية جمعاء. فإذا علم واحد شيئاً جديداً كان معلوماً عند غيره فلا يقال عن ذلك (علم الغيب)، وإذا علم الإنسان شيئاً كان مطموراً في الكون أو مستوراً كاكتشاف البترول أو الكهرباء. فذلك أيضاً ليس علماً بالغيب، إنما هو اكتشاف إنساني جاء بعد أن أضنى الإنسان فكره وعمله ليصل إلي هذا الاكتشاف أو ذاك، فكل علم من علوم الدنيا يبدأ دائما بافتراض مقدمات، هذه المقدمات تؤدي إلى نتائج، وذلك ليس غيباً، ومادام الشيء بذاته محسوساً أو بمقدماته التي تدل على محسوسة، فليس ذلك بغيب. إذن: ما الغيب الذي أراد الله أن نؤمن به؟ إنه الغيب الذي لا يكون مصدره إلا الله سبحانه وتعالى، ذلك أن الإيمان لا يكون مصدره إلا الله سبحانه وتعالى، ذلك أن الإيمان لا يمكن أن يتعلق بشيء محسوس أبداً. فلا يقال مثلاً (أنا أؤمن بأن الشمس ساطعة) ولا يقال أيضاً: أنا أؤمن بأن القمر يكون بدراً في منتصف الشهر العربي. مثل هذه الحقائق يقال عنها: إن الإنسان يؤمن بها لأنها أمور محسوسة، لكن يقال مثلاً: (أنا أعلم أن الشمس ساطعة، وأعرف أن القمر بدر في منتصف الشهر العربي)؛ لأن ذلك إدراك بالحواس، والحواس هي نوافذ العلم والمعرفة، وهي بذلك تختلف عن الغيب. حيث إن الإيمان الحقيقي هو إيمان بالغيب المطلق، إيمان بالله وملائكته ورسله واليوم الآخر. وفي رواية عن سيدنا عمر رضي الله عنه قال ما معناه: بينما نحن جلوس عند رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ طلع علينا رجل شديد بياض الثياب، شديد سواد الشعر، ووضع ركبته على ركبتي رسول الله، ووضع يديه على فخذي رسول الله، وسأل السائل رسول الله: ما الإيمان؟ أجاب الله: أن تؤمن بالله (وهو غيب)، وملائكته (وهم غيب)، ورسله (وهم غيب)، وأن تؤمن بالقدر خيره وشره (وهذا أيضاً غيب)، وأن تؤمن باليوم الآخر (وهو غيب). وأضاف السائل سؤالاً أخيراً لرسول الله صلى الله عليه وسلم: ومتى تقوم الساعة؟ أجاب الرسول: "ما المسئول بأعلم من السائل" وانصرف الرجل، فقال الرسول: أتعلمون من كان هذا الرجل؟ قلنا: لا نعلم يا رسول الله. أجاب الرسول: "أنه جبريل جاء يعلمكم أمر دينكم" وقد يتساءل أحد: كيف تكون الكتب السماوية والرسل من علم الغيب؟ هنا نقول: إن الكتب السماوية غيب؛ لأن أحداً لم يرد كيف نزلت الكتب على الرسل. أيضاً الرسل غيب؛ لأن الرسول نفسه كان لا يعرف أمر اختياره إلا لحظة أن يوحي الله إليه بالرسالة. وكلنا نعرف قصة إبلاغ موسى بأنه رسول، وكلنا نعرف قصة إبلاغ محمد رسول الله بأنه رسول الله إلي المسلمين، وكافة الخلق أجمعين أن الكتب والرسل من أمر الغيب علينا أن نصدق ذلك، وأن نسلم به؛ لأن الكتب رغم أنها محسوسة، والرسل رغم أن بلاغهم واضح لنا بياناً عن الخير والشر، والمنهج الذي يقود البشرية إلي اتباعه رغم هذا البلاغ الواضح فإنهم جميعاً من أمر الغيب وعلى الرغم من أن القرآن محسوس بالكلمات التي نقرأها ونكتبها، وهو أمر نعرفه جميعاً، ونعرف أنه نزل على الرسول الكريم الذي أخبرنا بذلك. وعلى الرغم من أن الرسول الكريم قد كانت حياته وكلماته ورحلة هدايته لنا أمراً محسوساً، على الرغم من كل ذلك فكل هذه الأحداث مسائل غيبية لم تكن في حساب البشر. قال تعالى: {وله الملك يوم ينفخ في الصور عالم الغيب والشهادة .. "73"} (سورة الأنعام) وهكذا يوم ينفخ في الصور تزاح الأسباب، ونرى الملك لله مباشرة بلا أسباب، والنفخة الأولى يموت فيها كل من له حياة إلا من شاء الله. والنفخة الثانية يبعث الموتى من القبور، وعندما يتم البعث نعرف أن الله يعلم الغيب، أي ما هو خفى عنا، ويعلم الشهادة أي ما هو مشهود. ونتساءل: مادام الله عالم الغيب، هل لا يعرف ما هو مشهود؟ نقول لك: إن هذا تعبير دقيق جداً؛ لأن أصل الحق غيب عنا فيمكن أن يقال: إن الله غيب ويعلم ما في الغيب، كأن يقول إنه يعيش معي في البيت فيعرف ما في الغيب. الحق غيب عنه، ولكنه يعلم الغيب ويعلم الشهادة وعلمه يترتب عليه الجزاء، والجزاء هنا يتم عن حكمة، وليس عن تحكم. وفرق بين الحكمة والتحكم. يقول الحق سبحانه وتعالى آمراً نبيه أن يبلغه للسائلين: {ولو كنت أعلم الغيب لاستكثرت من الخير وما مسنى السوء .. "188"} (سورة الأعراف)
& أسيــــــــــــــــل & وياك إن شاء الله أختي الكريمة بارك الله فيك . الإسم التاسع...
الإسمين .... الثاني و العشرين ... الثالث و العشرين ... من أسماء الله الحسنى ...
(( الخافض .... الرافع )) ....


قال تعالى:
{ والسماء رفعها ووضع الميزان "7" } (سورة الرحمن)

هو الذي يخفض الكفار بالإشقاء ، ويرفع المؤمنين بالإسعاد . وهو الذي يرفع أولياءه بالتقرب ، ويخفض أعداءه بالإبعاد . هو رب الواقعة . الخافضة الرافعة ، أي: خافضة لقوم إلى النار، ورافعة آخرين إلى الجنة. الخافض لمن تعالى ، الرافع لمن تواضع ، ومن بيده الميزان يخفض ويرفع.
{ إذا وقعت الواقعة "1" ليس لوقعتها كاذبة "2" خافضة رافعة "3"} (سورة الرحمن)
** المُحبّة للخير **
& أسيــــــــــــــــل & وياك إن شاء الله أختي الكريمة بارك الله فيك . الإسم التاسع عشر من أسماء الله الحسنى .. (( العليــــــــــــم )) ... الجزء الأول ..... قال تعالى: { ربنا إنك تعلم ما نخفي وما نعلن وما يخفي على الله من شيءٍ في الأرض ولا في السماء "38" } (سورة إبراهيم) وقال تعالى: { آلم "1" ذلك الكتاب لا ريب فيه هدى للمتقين "2" الذين يؤمنون بالغيب ويقيمون الصلاة ومما رزقناهم ينفقون "3"} (سورة البقرة) ولابد لنا من تعريف معنى (الغيب) وقلنا: إن الغيب هو ما غاب عن حواس الإنسان الظاهرة، وحواس الإنسان التي لا يدرك الإنسان نفسه حدودها، وأوضحنا أن الحس الإنساني لا يقتصر على الحواس الخمس الظاهرة (التنفس ـ التذوق ـ اللمس ـ السمع ـ الرؤية). ذلك أن هناك حواس أخرى لم تكن معروفة، وقدرات إنسانية لم يكن يعرفها البشر أيام بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولكن هذه الحواس وتلك القدرات تعرف الإنسان عليها بعد تقدم العلم. ومازال هناك حتى الآن بعض احساسات للإنسان لم تستطع البشرية أن تكشف الأدوات التي يدرك الإنسان بها هذه الأحاسيس. بل لقد تقدم العلم ليعلن العجز مع استمرار المعادلة في كشف آفاق قدرات الإحساس عند الإنسان .. حاول العلم ويعجز في أحيان أخرى، بل إن الدراسات الخاصة بعمل (مخ) الإنسان، مازالت تقف عاجزة أمام بعض أسرار عمل المخ وعلاقته بحواس الإنسان الظاهرة والباطنة. وأوضحنا أن معنى كلمة (الغيب) ليس المقصود بها ما لا يعرفه الإنسان، ولا يدخل التنبؤ بالطقس تحت طائلة معنى (الغيب) على سبيل المثال. إن (الغيب) هو الذي يغيب عن الإنسان وعن البشرية جمعاء. فإذا علم واحد شيئاً جديداً كان معلوماً عند غيره فلا يقال عن ذلك (علم الغيب)، وإذا علم الإنسان شيئاً كان مطموراً في الكون أو مستوراً كاكتشاف البترول أو الكهرباء. فذلك أيضاً ليس علماً بالغيب، إنما هو اكتشاف إنساني جاء بعد أن أضنى الإنسان فكره وعمله ليصل إلي هذا الاكتشاف أو ذاك، فكل علم من علوم الدنيا يبدأ دائما بافتراض مقدمات، هذه المقدمات تؤدي إلى نتائج، وذلك ليس غيباً، ومادام الشيء بذاته محسوساً أو بمقدماته التي تدل على محسوسة، فليس ذلك بغيب. إذن: ما الغيب الذي أراد الله أن نؤمن به؟ إنه الغيب الذي لا يكون مصدره إلا الله سبحانه وتعالى، ذلك أن الإيمان لا يكون مصدره إلا الله سبحانه وتعالى، ذلك أن الإيمان لا يمكن أن يتعلق بشيء محسوس أبداً. فلا يقال مثلاً (أنا أؤمن بأن الشمس ساطعة) ولا يقال أيضاً: أنا أؤمن بأن القمر يكون بدراً في منتصف الشهر العربي. مثل هذه الحقائق يقال عنها: إن الإنسان يؤمن بها لأنها أمور محسوسة، لكن يقال مثلاً: (أنا أعلم أن الشمس ساطعة، وأعرف أن القمر بدر في منتصف الشهر العربي)؛ لأن ذلك إدراك بالحواس، والحواس هي نوافذ العلم والمعرفة، وهي بذلك تختلف عن الغيب. حيث إن الإيمان الحقيقي هو إيمان بالغيب المطلق، إيمان بالله وملائكته ورسله واليوم الآخر. وفي رواية عن سيدنا عمر رضي الله عنه قال ما معناه: بينما نحن جلوس عند رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ طلع علينا رجل شديد بياض الثياب، شديد سواد الشعر، ووضع ركبته على ركبتي رسول الله، ووضع يديه على فخذي رسول الله، وسأل السائل رسول الله: ما الإيمان؟ أجاب الله: أن تؤمن بالله (وهو غيب)، وملائكته (وهم غيب)، ورسله (وهم غيب)، وأن تؤمن بالقدر خيره وشره (وهذا أيضاً غيب)، وأن تؤمن باليوم الآخر (وهو غيب). وأضاف السائل سؤالاً أخيراً لرسول الله صلى الله عليه وسلم: ومتى تقوم الساعة؟ أجاب الرسول: "ما المسئول بأعلم من السائل" وانصرف الرجل، فقال الرسول: أتعلمون من كان هذا الرجل؟ قلنا: لا نعلم يا رسول الله. أجاب الرسول: "أنه جبريل جاء يعلمكم أمر دينكم" وقد يتساءل أحد: كيف تكون الكتب السماوية والرسل من علم الغيب؟ هنا نقول: إن الكتب السماوية غيب؛ لأن أحداً لم يرد كيف نزلت الكتب على الرسل. أيضاً الرسل غيب؛ لأن الرسول نفسه كان لا يعرف أمر اختياره إلا لحظة أن يوحي الله إليه بالرسالة. وكلنا نعرف قصة إبلاغ موسى بأنه رسول، وكلنا نعرف قصة إبلاغ محمد رسول الله بأنه رسول الله إلي المسلمين، وكافة الخلق أجمعين أن الكتب والرسل من أمر الغيب علينا أن نصدق ذلك، وأن نسلم به؛ لأن الكتب رغم أنها محسوسة، والرسل رغم أن بلاغهم واضح لنا بياناً عن الخير والشر، والمنهج الذي يقود البشرية إلي اتباعه رغم هذا البلاغ الواضح فإنهم جميعاً من أمر الغيب وعلى الرغم من أن القرآن محسوس بالكلمات التي نقرأها ونكتبها، وهو أمر نعرفه جميعاً، ونعرف أنه نزل على الرسول الكريم الذي أخبرنا بذلك. وعلى الرغم من أن الرسول الكريم قد كانت حياته وكلماته ورحلة هدايته لنا أمراً محسوساً، على الرغم من كل ذلك فكل هذه الأحداث مسائل غيبية لم تكن في حساب البشر. قال تعالى: {وله الملك يوم ينفخ في الصور عالم الغيب والشهادة .. "73"} (سورة الأنعام) وهكذا يوم ينفخ في الصور تزاح الأسباب، ونرى الملك لله مباشرة بلا أسباب، والنفخة الأولى يموت فيها كل من له حياة إلا من شاء الله. والنفخة الثانية يبعث الموتى من القبور، وعندما يتم البعث نعرف أن الله يعلم الغيب، أي ما هو خفى عنا، ويعلم الشهادة أي ما هو مشهود. ونتساءل: مادام الله عالم الغيب، هل لا يعرف ما هو مشهود؟ نقول لك: إن هذا تعبير دقيق جداً؛ لأن أصل الحق غيب عنا فيمكن أن يقال: إن الله غيب ويعلم ما في الغيب، كأن يقول إنه يعيش معي في البيت فيعرف ما في الغيب. الحق غيب عنه، ولكنه يعلم الغيب ويعلم الشهادة وعلمه يترتب عليه الجزاء، والجزاء هنا يتم عن حكمة، وليس عن تحكم. وفرق بين الحكمة والتحكم. يقول الحق سبحانه وتعالى آمراً نبيه أن يبلغه للسائلين: {ولو كنت أعلم الغيب لاستكثرت من الخير وما مسنى السوء .. "188"} (سورة الأعراف)
& أسيــــــــــــــــل & وياك إن شاء الله أختي الكريمة بارك الله فيك . الإسم التاسع...
الإسمين الرابع و العشرين , الخامس و العشرين من أسماء الله الحسنى .

(( المعــــــــــــز , المـــــــــــذل )) ...

قال تعالى :

{ وتعز من تشاء وتذل من تشاء "26" } (سورة آل عمران)

لأن ظواهر الكون لا تقتصر على من يملك، وإنما مع من يملك ، أناس هم ملوك ظل ، ومعنى (ملوك ظل) أي يتمتعون بنفوذ مؤقت ، هؤلاء منهم كل الشر ، يغترون بالملك ويفعلون ما يشاءون ، أو يفعل الآخرون لهم ما يأمرون به . وحين ينزع الملك لاشك أن المغلوب يعزه الله ، أما الظالمون أنفسهم فيذلهم الله .

إذن : كان لابد أن يجئ بعد :
{ تؤتي الملك من تشاء وتنزع الملك ممن تشاء .. "26" } (سورة آل عمران)
هذا القول الحق:
{ وتعز من تشاء وتذل من تشاء .. "26"} (سورة آل عمران)
لماذا؟
لأن كل ملك حوله من يتمتع بجاهه ونفوذه . فإذا ما قام سلطان وانتهى ظهروا على السطح ، وهذا نشاهده كل يوم وكل عصر .

{ وتعز من تشاء وتذل من تشاء بيدك الخير "26" } (سورة آل عمران)

ونلاحظ هنا أن إيتاء الملك في أعراف الناس خير ، ونزع الملك في أعراف الناس شر ، ولهذا نقول : إن نزع الملك شر على من خلع منه ، ولكنه خير لمن؟ لمن أوتي الملك ، وقد يكون خيراً لمن نزع منه الملك أيضاً . لأن الله حين ينزع منه الملك أو ينزعه من الملك يخفف عليه مئونة ظلمه، فلو كان ذلك الملك المخلوع عاقلاً لتقبل ذلك ، وقال: إن الله يريد أن يخلصني لنفسه لعلي أتوب .

إذن : فلو نظرت إلى الجزئيات في الأشخاص ، ونظرت إلي الكليات في العموم وجدت أن ما يجري في كون الله من إتيان الملك ، وما يتبعه من إعزاز . ونزع الملك وما يتبعه من إذلال ، كل ذلك ظاهرة خير في الوجود ، ولذلك لم يكن الأمر كما قال بعض العلماء لابد أن نقدر أن ( بيدك الخير) تتضمن أيضاً أن بيدك الشر ، وأن الله لم يأتي بالشر هنا ، حتى لا ينسبه إلى يده .

لهذا القول نقول : لا , لو نظرت إلى مجريات الأمور بدقة ، فمادام الله هو الذي يؤتي ، ومادام الله هو الذي ينزع ، ومادام الله هو الذي يعز ، ومادام الله هو الذي يذل فلابد أن يكون كل ذلك صور الخير في الوجود . لذلك لابد أن نقول كما قال الله سبحانه وتعالى :
{ بيدك الخير إنك على كل شيء قدير "26" } (سورة آل عمران)

إن إيتاء الملك عملية تحتاج إلى تحضير بشري ، وبأسباب بشرية ، وأحياناً يكون الوصول إلى الحكم عن طريق الانقلابات العسكرية أو السياسية . وكذلك نزع الملك يحتاج إلى نفس الجهد ، إن الحق سبحانه وتعالى يبين لنا أن هذا ليس بأمر صعب على قدرته اللانهائية ، لأنه سبحانه لا يتناول الأفعال بعلاج أو بعمل ، إنما يقول "كن" فتنفعل الأشياء لإرادته سبحانه . الحق سبحانه وتعالى طلب منا حين نبدأ في قراءة القرآن ، وفي كل عمل أن نبدأه بسم الله الرحمن الرحيم ، باسم الله لأنه هو الذي سخر لنا كل الأشياء ولولا تسخيرها لنا لما استطعنا أن نسخرها لأنفسنا .

وإذا كان بعض الناس لا يفطن إلى تسخير الله لما في الكون ، فالله سبحانه وتعالى يذكرنا بذلك دائماً ، حتى لا ننسى ، ولكن لماذا ننسى ؟ لأن رتابة الأشياء تجعلنا نحس بأنها حق مكتسب لنا في الحياة ، فالشمس تشرق كل صباح ولكن من منا يفكر ساعة شروق الشمس أن الله سبحانه وتعالى قد سخرها لنا سبيلاً من سبل الحياة في الكون . فنحن نرى الشمس كل يوم ولا نحس إلا أن ذلك هو من رتابة الكون ونظامه دون أي تفكير ، ولو أن الإنسان فكر لحظة واحدة في أن هذه الشمس التي تشرق كل صباح نعمة من نعم الله التي سخرها لعباده وأنه لا أحد يستطيع أن يسخر الشمس للخلق ، تشرق كل يوم بإذن ربها لتذكره بنعمة الله عليه وتسخيرها له .

وكذلك القمر. وكذلك النجوم، وكذلك الأرض ، وكل ما تعطي من عطاء البشر ، الأرض التي ذللها الله سبحانه وتعالى للإنسان ، وكذلك الأنعام التي تدر لنا الألبان ، ونستخدمها في أشياء كثيرة ولكن الإنسان ينسى هذا . فإذا ركب الطفل الصغير حصاناً أو جملاً فإننا نقول إن الطفل يقود الجمل . ذلك ما يقال في الدنيا مجازاً ، ولكن الحقيقة أن الله سبحانه وتعالى قد ذلل الحصان أو الجمل للإنسان فاستطاع هذا الطفل أن يقوده . ذلك أن هذا الحصان أو هذا الجمل هو أقوى من الطفل عشرات المرات ، ويستطيع أن يتغلب عليه ويفتك به ، ولكنك تجده مع ذلك طائعاً ذليلاً للإنسان .

هذه الطاعة ليست للبشر، وإنما لأمر الله في التسخير للبشر . فهذا الجمل أو الحصان لا يخضع للطفل الصغير خوفاً منه ، ولا عن عدم قدرة ، وإنما يخضع له لأن الله أمره أن يخضع ولذلك فإن الله سبحانه وتعالى أراد أن يلفتنا إلى هذه النعمة في الكون ، فجاء بعض الحيوانات التي خلقها الله ولم يجعلها مذللة للإنسان، بل تركها غير مسخرة له .


جاء الله في الكون بعدد هائل من الحيوانات ، أخضعها للبشر وذللها لهم ، وبعدد قليل منها لم يذلله مثل الثعبان والعقرب ، والحيوانات المفترسة التي يخشاها الإنسان ويخافها ، لأنها تلحق الضرر به . ورغم مرور مئات الألوف من السنين وربما ملايين السنين ، فإن هذه الحيوانات ظلت لا تخضع للبشر ، ولا يستطيع إنسان أن يستأنسها ويستخدمها . فلا تجد إنساناً مثلاً يستطيع أن يستخدم الأسد في جر المحراث أو حراسة الأرض ، أو يستطيع أن يستخدم النمر في إدارة الساقية ، رغم أهما اقوى من البقر، لماذا؟
حتى إذا جاء إنسان وجادل وقال: أنا سخرت هذا واستخدمته لنفسي ، وذللته فإننا نقول له : إذا كنت قد فعلت ذلك ، فذلل لنا العقرب وابعد عنا سمها وذلل لنا الثعبان أو الأسد أو النمر ، إلى غير ذلك من الحيوانات غير المذللة للبشر ، حينئذ سيعجز تماماً . إذن أنت لم تستطع أن تذلل العقرب على ضآلة شأنه والثعبان على صغر حجمه ، فكيف تستطيع أن تذلل الجمل أو الحصان على قوتهما وكبر حجمهما ، وقدرتهما على الفتك بك ؟

إنك لم تذللهما ، ولكن الله سبحانه وتعالى هو الذي سخرهما لك ، والدليل قدمناه على أن بعض الناس يثيرون هنا نقطة هامة ، فالحيوانات المفترسة يأتون بها إلى السيرك ، ويقوم الإنسان بواسطة الكرباج أو التخويف بتدريبها بحيث تطيعه . أفلا يعتبر هذا تذليلاً ؟ نقول لهؤلاء: لا؛ لا يعتبر هذا تذليلاً؛ لأن هذه حالة فردية تتوقف على مهارة المدرب وموهبته وإخضاعه للأسد الذي أمامه فقط ، وفي كثير من الأحيان يقوم الأسد بافتراس مدربه. ولكن ، هل يستطيع مدرب أن ينقل هذا إلى جنس السود عامة؟ وهل استئناس هذا الأسد ـ إذا كان يصح أن يقال إنه استئناس ـ ينتقل إلى ذريته، بحيث تولد هذه الذرية خاضعة للبشر؟

الجواب: طبعاً لا. إذن: لا هو استئناس للجنس على إطلاقه ، ولا هو استئناس ينطلق إلى ذرية نفس النوع . ولكنها حالة فردية لا يمكن القياس عليها . وكما قلت في أحيان كثيرة : قد يفترس الأسد مدربه ، وبذلك ينهدم القول بالاستئناس . إذن: فكل ما يحدث بالنسبة لاستئناس حيوانات مفترسة هو حالات فردية ، تتوقف على مهارة المدرب.

فإذا فقد المدرب مهارته أو غفل عنها لحظة أفترسه الأسد أو النمر، ولكن الله سبحانه قد أطلق لنا الحيوانات على إطلاقها . فكل بقرة تولد ذلولاً ، وكل جمل يأتي إلى هذه الدنيا هو خاضع للبشر مذلل له ، وكل حصان يستطيع الطفل الصغير إذا دربته أن يقوده . وهذه ليست حالات فردية ، ولكنها عامة تخضع لعموم التكليف ، وتنتقل وراثياً من الأب والأم إلي الجنس كله، وهذا هو التذليل الحقيقي ، والتسخير الذي يحمل آية من آيات الله للبشر. ولنعلم أن للعزة مقومات يقول سبحانه:
{ ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين .. "8"} (سورة المنافقون)

بشرط أن يكون الإنسان صادقاً مع الله ومع الناس ومع النفس . أميناً مع الله ، ومع الناس ، ومع النفس. محاولاً في تحقيق منهج الله. تقياً يحمل قلباً طاهراً. ونفساً زكية، وعقلاً مفكراً ، وروحاً تحب الحق والخير والسلام .
** المُحبّة للخير **
& أسيــــــــــــــــل & وياك إن شاء الله أختي الكريمة بارك الله فيك . الإسم التاسع عشر من أسماء الله الحسنى .. (( العليــــــــــــم )) ... الجزء الأول ..... قال تعالى: { ربنا إنك تعلم ما نخفي وما نعلن وما يخفي على الله من شيءٍ في الأرض ولا في السماء "38" } (سورة إبراهيم) وقال تعالى: { آلم "1" ذلك الكتاب لا ريب فيه هدى للمتقين "2" الذين يؤمنون بالغيب ويقيمون الصلاة ومما رزقناهم ينفقون "3"} (سورة البقرة) ولابد لنا من تعريف معنى (الغيب) وقلنا: إن الغيب هو ما غاب عن حواس الإنسان الظاهرة، وحواس الإنسان التي لا يدرك الإنسان نفسه حدودها، وأوضحنا أن الحس الإنساني لا يقتصر على الحواس الخمس الظاهرة (التنفس ـ التذوق ـ اللمس ـ السمع ـ الرؤية). ذلك أن هناك حواس أخرى لم تكن معروفة، وقدرات إنسانية لم يكن يعرفها البشر أيام بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولكن هذه الحواس وتلك القدرات تعرف الإنسان عليها بعد تقدم العلم. ومازال هناك حتى الآن بعض احساسات للإنسان لم تستطع البشرية أن تكشف الأدوات التي يدرك الإنسان بها هذه الأحاسيس. بل لقد تقدم العلم ليعلن العجز مع استمرار المعادلة في كشف آفاق قدرات الإحساس عند الإنسان .. حاول العلم ويعجز في أحيان أخرى، بل إن الدراسات الخاصة بعمل (مخ) الإنسان، مازالت تقف عاجزة أمام بعض أسرار عمل المخ وعلاقته بحواس الإنسان الظاهرة والباطنة. وأوضحنا أن معنى كلمة (الغيب) ليس المقصود بها ما لا يعرفه الإنسان، ولا يدخل التنبؤ بالطقس تحت طائلة معنى (الغيب) على سبيل المثال. إن (الغيب) هو الذي يغيب عن الإنسان وعن البشرية جمعاء. فإذا علم واحد شيئاً جديداً كان معلوماً عند غيره فلا يقال عن ذلك (علم الغيب)، وإذا علم الإنسان شيئاً كان مطموراً في الكون أو مستوراً كاكتشاف البترول أو الكهرباء. فذلك أيضاً ليس علماً بالغيب، إنما هو اكتشاف إنساني جاء بعد أن أضنى الإنسان فكره وعمله ليصل إلي هذا الاكتشاف أو ذاك، فكل علم من علوم الدنيا يبدأ دائما بافتراض مقدمات، هذه المقدمات تؤدي إلى نتائج، وذلك ليس غيباً، ومادام الشيء بذاته محسوساً أو بمقدماته التي تدل على محسوسة، فليس ذلك بغيب. إذن: ما الغيب الذي أراد الله أن نؤمن به؟ إنه الغيب الذي لا يكون مصدره إلا الله سبحانه وتعالى، ذلك أن الإيمان لا يكون مصدره إلا الله سبحانه وتعالى، ذلك أن الإيمان لا يمكن أن يتعلق بشيء محسوس أبداً. فلا يقال مثلاً (أنا أؤمن بأن الشمس ساطعة) ولا يقال أيضاً: أنا أؤمن بأن القمر يكون بدراً في منتصف الشهر العربي. مثل هذه الحقائق يقال عنها: إن الإنسان يؤمن بها لأنها أمور محسوسة، لكن يقال مثلاً: (أنا أعلم أن الشمس ساطعة، وأعرف أن القمر بدر في منتصف الشهر العربي)؛ لأن ذلك إدراك بالحواس، والحواس هي نوافذ العلم والمعرفة، وهي بذلك تختلف عن الغيب. حيث إن الإيمان الحقيقي هو إيمان بالغيب المطلق، إيمان بالله وملائكته ورسله واليوم الآخر. وفي رواية عن سيدنا عمر رضي الله عنه قال ما معناه: بينما نحن جلوس عند رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ طلع علينا رجل شديد بياض الثياب، شديد سواد الشعر، ووضع ركبته على ركبتي رسول الله، ووضع يديه على فخذي رسول الله، وسأل السائل رسول الله: ما الإيمان؟ أجاب الله: أن تؤمن بالله (وهو غيب)، وملائكته (وهم غيب)، ورسله (وهم غيب)، وأن تؤمن بالقدر خيره وشره (وهذا أيضاً غيب)، وأن تؤمن باليوم الآخر (وهو غيب). وأضاف السائل سؤالاً أخيراً لرسول الله صلى الله عليه وسلم: ومتى تقوم الساعة؟ أجاب الرسول: "ما المسئول بأعلم من السائل" وانصرف الرجل، فقال الرسول: أتعلمون من كان هذا الرجل؟ قلنا: لا نعلم يا رسول الله. أجاب الرسول: "أنه جبريل جاء يعلمكم أمر دينكم" وقد يتساءل أحد: كيف تكون الكتب السماوية والرسل من علم الغيب؟ هنا نقول: إن الكتب السماوية غيب؛ لأن أحداً لم يرد كيف نزلت الكتب على الرسل. أيضاً الرسل غيب؛ لأن الرسول نفسه كان لا يعرف أمر اختياره إلا لحظة أن يوحي الله إليه بالرسالة. وكلنا نعرف قصة إبلاغ موسى بأنه رسول، وكلنا نعرف قصة إبلاغ محمد رسول الله بأنه رسول الله إلي المسلمين، وكافة الخلق أجمعين أن الكتب والرسل من أمر الغيب علينا أن نصدق ذلك، وأن نسلم به؛ لأن الكتب رغم أنها محسوسة، والرسل رغم أن بلاغهم واضح لنا بياناً عن الخير والشر، والمنهج الذي يقود البشرية إلي اتباعه رغم هذا البلاغ الواضح فإنهم جميعاً من أمر الغيب وعلى الرغم من أن القرآن محسوس بالكلمات التي نقرأها ونكتبها، وهو أمر نعرفه جميعاً، ونعرف أنه نزل على الرسول الكريم الذي أخبرنا بذلك. وعلى الرغم من أن الرسول الكريم قد كانت حياته وكلماته ورحلة هدايته لنا أمراً محسوساً، على الرغم من كل ذلك فكل هذه الأحداث مسائل غيبية لم تكن في حساب البشر. قال تعالى: {وله الملك يوم ينفخ في الصور عالم الغيب والشهادة .. "73"} (سورة الأنعام) وهكذا يوم ينفخ في الصور تزاح الأسباب، ونرى الملك لله مباشرة بلا أسباب، والنفخة الأولى يموت فيها كل من له حياة إلا من شاء الله. والنفخة الثانية يبعث الموتى من القبور، وعندما يتم البعث نعرف أن الله يعلم الغيب، أي ما هو خفى عنا، ويعلم الشهادة أي ما هو مشهود. ونتساءل: مادام الله عالم الغيب، هل لا يعرف ما هو مشهود؟ نقول لك: إن هذا تعبير دقيق جداً؛ لأن أصل الحق غيب عنا فيمكن أن يقال: إن الله غيب ويعلم ما في الغيب، كأن يقول إنه يعيش معي في البيت فيعرف ما في الغيب. الحق غيب عنه، ولكنه يعلم الغيب ويعلم الشهادة وعلمه يترتب عليه الجزاء، والجزاء هنا يتم عن حكمة، وليس عن تحكم. وفرق بين الحكمة والتحكم. يقول الحق سبحانه وتعالى آمراً نبيه أن يبلغه للسائلين: {ولو كنت أعلم الغيب لاستكثرت من الخير وما مسنى السوء .. "188"} (سورة الأعراف)
& أسيــــــــــــــــل & وياك إن شاء الله أختي الكريمة بارك الله فيك . الإسم التاسع...
الإسم السادس و العشرين من أسماء الله الحسنى ....
(( السميـــــــــــــع )) ....


قال تعالى:
{ إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل إن الله نعما يعظكم به إن الله كان سمعياً بصيراً "58"} (سورة النساء)

وحين نرى تذييل آية بصفتين من صفات الحق ، أو باسمين من أسماء الله الحق سبحانه ، فلابد أن تعلم أن بين الصفتين أو الاسمين وبين متعلق الآية علاقة ، مثل هذا التذييل:
{ إن الله كان سمعياً بصيراً "58"} (سورة النساء)
لقد جاء هذا التذييل بعد أمر بأداء الأمانة ، وأمر بالحكم بالعدل بين الناس . ولقد شرح الرسول صلى الله عليه وسلم ذلك حين أمر من يقضي بين الناس أن يسوي بين الخصمين في لحظه ولفظه ، فلا ينظر لواحد دون الآخر ، وفي اللفظ أي : لا يكرم واحداً دون الآخر ، وذلك حتى يشعر الطرفان بالمساواة أمام القاضي ، فلا ينظر القاضي إلى طرف بحنان وعطف ، وينظر إلى الآخر بجفاء ؛ لأن النظرة يجب أن تكون متساوية ، وكذلك الألفاظ .

ولذلك نجد سيدنا الإمام علياً كرم الله وجهه قد رد القاضي لأنه قال له : يا أبا الحسن ، فقال علي كرم الله وجهه: أنت لا تقضي بيني وبين خصمي ؛ لأنك كنيتني دون أن تكنيه، فالتكنية دليل المودة والتعظيم . إذن : حين يقول رسول الله للقاضي : "سو بينهم في لحظك ولفظك". فاللحظ عمل العين ، وذلك بأن يعرف القاضي أن فوقه بصيراً بالعباد ، واللفظ يطلب الإذن ، وذلك بأن يعرف القاضي أن فوقه سمعياً للعباد ، وقد يقول قائل : لماذا جاء الحق هنا بأنه سميع بصير؟ وقيل : بأن ما يسمح به التكريم واضح ، لكن النظرة قد تكون عقوبة وغير ملحوظة إلا لمن انتبه بشدة .

والحق سبحانه وتعالى لم توجد له صفة السمع بعد أن وجد ما يسمعه ، ولم توجد له صفة البصر بعد أن وجد ما يبصره ، إنه سبحانه وجدت له صفة السمع قبل أن يخلق خلقاً يسمع منه ، ووجدت له صفة البصر قبل أن يخلق خلقاً ليبصر أفعالهم . إذن: فهناك فرق بين أن يقول (سميع بصير) و(سامع ومبصر) إن كلمة (سميع) معناها أن يكون المدرك على صفة يجب أن تدرك المسموع إن وجد المسموع . ولكن إن لم يوجد المسموع بعد فهو سميع ، وإن كان لا يوجد ما يسمعه .

فالشاعر قبل أن يقول القصيدة هو موهوب في الشعر ، وقال القصيدة لوجود موهبة الشعر عنده. إذن: فالحق سبحانه وتعالى على سبيل المثال غفار حتى قبل أن يوجد الخلق ، أي: أنه سبحانه على صفة يجري عليها الأمر إن وجد، وهو سبحانه غافر إن وجد الأمر عندما يوجد ما يغفره بالفعل ، إنه سبحانه وتعالى سميع وبصير ، إذ لا قبل أن يخلق الذين ينشأ من وجودهم ما يسمع وما يبصر . يعلمنا الحق سبحانه أن كل شيء إنما هو ممنوح من الله ، لذلك فبعد أن أتم إبراهيم وإسماعيل رفع القواعد قالا :
{ ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم "127"} (سورة البقرة)

إن الحق سبحانه يعلمنا بدعاء إبراهيم وإسماعيل عليهما السلام أن يدعو الإنسان بقبول عمله إذا قام به ونيته خالصة لوجه الله . إن دعوة إبراهيم وإسماعيل
{ ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم "127"} (سورة البقرة)
و(القبول) و(المقابلة) و(الاستقبال) كلها مأخوذة من مادة (المواجهة) أي: يا ربنا لا تعرض عن عملنا ، إنه دعاء يريد به إبراهيم وإسماعيل الثواب ، إنهما يرفعان الرجاء إلى الله ، ويا رب أنت كلفتنا ونحن قمنا بالتكليف ، ونرجو أن تثيبنا على عملنا . إن إبراهيم عليه السلام وإسماعيل عليه السلام يعلمان أن الإنسان حين ينجز عملاً مطلوباً لله ، فإن على الإنسان أن يدعو الله وقت العمل أن يتقبله منه ، لماذا؟
وذلك ليستحضر الإنسان استخلاص النية في العمل لله الذي أمره بهذه العمل ، إن الحق سبحانه لا يكلف إنساناً بعمل ما إلا لينفع الإنسان ، وإذا استحضر الإنسان كل نيته، وهو يقوم بالعمل الذي أمره به الله ، فإنه يرجو الله أن يقبل العمل . وقال إبراهيم عليه السلام وإسماعيل عليه السلام:
{ إنك أنت السميع العليم "127"} (سورة البقرة)


هذا القول هو مخاطبة للحق بأنه السامع لكل دعاء ، والعليم بكل نية ، ذلك أن أي عمل له (قالب) ينفذه به الإنسان ، وللعمل أيضا ( نية)، وعندما تتفق (النية) مع (القالب) فإن ذلك هو العمل الذي يتلقى الإنسان عليه الثواب . أما الذي لا يستحضر النية في العمل ، ويؤدي العمل لمجرد التظاهر ، فهذا الأمر قد يعرض الإنسان لفقدان الثواب ، ...

ولذلك نجد الرسول محمداً صلى الله عليه وسلم يقول في الحديث الشريف:
"إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى ، فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله، فهجرته إلى الله ورسوله، ومن كانت هجرته إلى دنيا يصيبها أو امرأة يتزوجها فهجرته إلى ما هاجر إليه " صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم ...

إذن : فكل عمل له ( قالب) يحدث عليه ، وهذا القالب قد ينهي شكلية التكليف ، وكل عمل له ( نية) يقوم بها العمل ، ويقصد بها الإنسان القيام بالعمل ، وعلى ذلك يكون مقدار الثواب على التكليف موقف من يقوم بالعمل الإيماني ليلقي عن كاهله عين التكليف وموقف من يقوم بالعمل الإيماني وهو مخلص النية في الفعل . ويخرج من العمل وهو يرجو أن يتقبل الله منه ما قام به ، وينوي استقبال أي تكليف إيماني آخر. إن الموقف الثاني هو موقف العشق، والحب لتكاليف الرحمن.
sweetgirl_h
sweetgirl_h
يعطيك العافيه يارب مجهود رائع الله يجعله في ميزان حسناتك :26:
بس ياريت لو تكتبي الاسماء وراء بعض بدون شرح لأن الشرح ماشاءالله كتير وماالحق اقرأه كله .
& أسيــــــــــــــــل &
جزاك المولى خير الجزاء

وأثابك الله عز وجل على ما تكتبين

وجعله تبارك وتعالى في ميزان حسناتك