شموع لا تنطفئ .....

الأدب النبطي والفصيح

بسم الله الرحمن الرحيم ..



لا أدري كيف أبدأ ......
أود أن أقول أشياء كثيرة ، لكني أجد الحروف تتوه والكلمات تتبعثر ...!

ما للحروف خطوها وئيداً
أجندلاً يحملن أم حديدا ؟

لا جندلا ولا حديداً .... بل قصة ..
أجل ..
بعد السطور التالية ستجدون قصة كتبتها ..
وترونني أقولها بعد تردد ..
ربما لخوفي أن يكون مصيرها الإهمال ، أو لأنني أخشى ألا تنال الرضا فأخرج من الواحة مكللة بالفشل .. لكن الفشل أولى خطوات النجاح .. أليس هذا صحيحاً ؟
على كل .. سأبدأ القصة بعد هذه المقدمة السخيفة !!!:42:




لحظة ........
لدي طلب ..
لشد ما أتمنى من زهرات واحتنا الغناء أن يتحفنني بآرائهن وردودهن وتعليقاتهن وانتقاداتهن البناءة ...... الخ ( صعب ؟؟؟... )

ولكم أتمنى من مشرفتي ( الواحة الأدبية ) الغاليتين ـ جزاهما الله خيراً ـ أن يمنحاني القليل من وقتهما ويزوداني ببعض نصائحهما بعد قراءة هذه القصة ــ هذا إن صح أن نسمي هذه الخربشات ( قصة ) ! .. ــ ..
ولا أنسى كلماتهما الرقيقة في مشاركاتي السابقة ، وأشكرهما مرة أخرى ..


هل تريدون أن تقرؤؤا القصة فعلاً ؟
إذاً..
فلنبدأ ................
290
32K

يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.

تسجيل دخول

عصفورة الربيع
(1) ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ بحـــــــر الحب .....

.........................

دق بابي الكثير من الخطاب ..
يستمع الخاطب في رضا عني ، حتى إذا ما سمع بمرضي ولى مدبراً ولم يعقب !..
راودتني هواجس كثيرة ..
لم أجد التذكرة لأركب القطار الذي ركبته صديقاتي ، فأغلبهن تزوجن وبعضهن قد أصبحن أمهات ..
بل حتى صديقة عمري ، وبئر أسراري ، تزوجت منذ عدة أشهر ..
وبقيت أنا ..
أتجرع مرارة الوحدة ، وقسوة ألسنة التي لا ترحم ..
ورغم انغماسي في العمل لأخفف مما بي ، يأبى ذلك الحلم الذي يسكن قلب كل فتاة أن يغادرني ..
ويأبى إلا أن يداعب قلبي ، ويدغدغ مشاعري بين آن وآخر ..
وكاد اسمي ينضم إلى لائحة العوانس .. لولا ذلك اليوم ..
حدثتني أمي بكلمات تقطر عسلاً !..
إن اسمه ( سعد ) ، وهو شاب غني ، وذو مكانة مرموقة .. والدك يعرفه ، والكل يمدحه فهو صاحب أخلاق عالية .. و .. و ..
أعرف أن أمي إنما فرحت لأجل أمر سيفرحني ، ولكني أحسست بكلماتها كسهام تنفذ إلى قلبي بلا هوادة ..
ها قد حان وقت التخلص مني ، وهذه فرصة لا تقدر بثمن !!
التفتّ إلى أمي بعيون تكاد الدموع أن تطفر منهما وقلت :
ـ ألم يعلم بمرضي ؟؟
لم تنكس أمي رأسها كعادتها عند هذا السؤال المألوف ، وقالت بابتسامة حانية :
ـ بلى علم ، لكنه أكد أن ذلك لا يهمه ..
لا يهمه ؟ أتراه يشفق علي ؟؟
وكيف يمكنني أن أتحمل العيش مطوقة بنظرات الشفقة ؟!..
لسبب ما رادوني هذا الشعور وآلمني ..
ولسبب ما أيضاً ـ لا أدريه ـ خفضت رأسي ، وقلت بأني موافقة ..
لقد مضى على طلب هذا الشاب قرابة شهر ، سمعت فيه همسات والدي المريبة أكثر من مرة ..
أعرف أنهما لا يريدان التخلص مني ، بل يريدان لي السعادة من كل قلبهما ..

************************

تم عقد القران سريعاً ..
وأخذ غمام الحزن ينجلي شيئاً فشيئاً عن حياتي ..
فحلم الأمس الذي اعتقدته مستحيلاً ، صار اليوم حقيقة واقعة ..
وركبت سفينة الحب .. فمشت تمخر عباب البحر بكل ثبات وطمأنينة ..
خلتني في حلم جميل لن أفيق منه أبداً !!

كنت جالسة في غرفة المدرسات ، وهن يشربن القهوة ، ويتجاذبن أطراف الحديث .. بينما كنت أنا في عالم آخر ..
ـ ( حنان ) .. أين أنت ؟؟
وعدت إلى الواقع على صوت ( هدى ) وهي تلوح بكفها أمام وجهي باسمة ..
ـ اشربي القهوة وإلا ستبرد ، لن تنتظرك حتى تنتهي من أحلامك !..
قالتها وهي تغمز لي في خبث ، فمنحتها ابتسامة وشرعت أشرب القهوة ..
وما كدت أرشف رشفة حتى سمعت صوت هاتفي المحمول ، فأخرجته من الحقيبة ،
كانت رسالة من ( سعد ) كما توقعت ، وابتسمت وأنا أقرؤها ، بينما ضربتني ( هدى ) بمرفقها وهي تقول ضاحكة :
ـ يجيد دور العاشق ببراعة ، أليس كذلك ؟
أعدت الهاتف إلى مكانه وقلت :
ـ وهل نسيت أيامك ؟
ـ نعم ، نعم .. لكل أيامه ..
وأردفت قائلة في صدق :
ـ أدام الله سعادتك يا حبيبتي ..

وقبل أن ينتهي ذلك الأسبوع ، كنت قد انتقلت إلى عالمي الجديد ..

********************

(2) ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ الفاجعة ..

في مساء ذلك اليوم ..
عدنا من منزل صديق ( سعد ) الحميم بعد عشاء فاخر ..
وحين وصلنا إلى المنزل ، ترجل ( سعد ) مسرعاً ، وهرع إلي يفتح لي الباب ، ويقول في لهجة مسرحية :
ـ وصلنا القصر أميرتي .. تفضلي ..
خرجت من السيارة ، وسرت في جسدي قشعريرة باردة وأنا أتطلع إلى منزلنا القابع في الظلام كالجاثوم ..
لا أنكر أبداً بأن البيت كان جميلاً بحق ..
يحيط به سور عال تتدلى منه نباتات جميلة لا أعرف اسمها ..
ومن ورائه يمكن رؤية أشجار النخيل التي يتمايل سعفها برقة مع الرياح الهادئة ..
وتتوسط السور بوابة ضخمة تفضي إلى أجمل حديقة منزل رأتها عيناي ..!
رغم كل ذلك كان شعور بالرهبة يملؤني وأنا أنظر إليه .. ورغم مضي أكثر من أسبوع فيه فإنني لم أألفه بعد ..
ـ كيف كان يومك ؟
قالها ( سعد ) وهو يضيء الأنوار ، فأجبته وأنا أغلق عيني اللتين آلمهما الضوء الباهر :
ـ الحمد لله ، لقد أحببت زوجة صديقك بالفعل ، وأعتقد أني سأكسب صديقة جديدة !
ـ أرجو ذلك .. لا بد أن تكون زوجة ( عبد الرحيم ) تشبهه وإلا لما أحببتها !..
ابتسمت لعبارته .. فلقد كان ( سعد) و ( عبد الرحيم ) أكثر من صديقين ..
درسا معاً ، وتخرجا معاً ، وهاهما الآن يعملان معاً كذلك ..
لقد بقي ( سعد ) وحيداً بعد وفاة والديه ، وبعد سفر شقيقه الأكبر إلى إحدى الدول الأوروبية مع زوجته وأطفاله ..
وكان ( عبد الرحيم ) كل شيء بالنسبة إلى ( سعد ) فقد وجد فيه كل سعادته وأنسه
وكما يقال : ( رب أخ لك لم تلده أمك ) ، كان ( عبد الرحيم ) أخاً لـ ( سعد ) وأكثر وما أقواها من أخوة !!..

*******************

مرت الأيام الأولى كلمح البصر أو أقرب ، وشعرت بأن الدنيا حيزت لي بحذافيرها بعد أن ذقت طعم السعادة التي بقيت محرومة منها دهراً طويلاً ..
بغض النظر ـ طبعا ـ عن الدموع التي أودعها وسادتي ليلاً ، والتي لا يراها ( سعد ) كلما تذكرت أن أمي الحبيبة تفصلني عنها عشرات الكيلومترات ..
من الصعب أن أجد نفسي بعيدة عن والدي ، وقد غمراني بحنانهما أكثر من عشرين عاماً !..
إنه الفطام الثاني كما يقولون ...!

كان صباحاً عادياً كأي يوم ..
غير أنه وقبل انتهاء الدوام المدرسي ، فوجئت برسالة من ( سعد ) في هاتفي المحمول ، يطلب مني فيها العودة للمنزل مع ( هدى ) ، لأنه لن يستطيع الحضور لاصطحابي ..
لم أتصل به بالطبع لأسأله عن السبب ، لأنه لو أراد أن يكلمني لما تصرف هكذا ..

وعدت لمنزلنا المهيب ..
وشعرت برهبة أكبر هذه المرة وأنا أدخل من دون ( سعد ) ..
وبعد لحظات من القلق والانتظار ، وإطلالات خائفة من الشرفة .. سمعت صوت الباب ، فهرعت إليه لأجد ( سعد ) واقفاً وقد كسا وجهه الوجوم ..
دخل وهو ينتزع خطواته انتزاعاً من الأرض ، وألقى علي سلاماً بارداً ، فأدركت من صوته المتعب أنه قضى وقتاً عصيباً ..
ـ ( سعد ) ، أقلقتني ، ما الخطب .. أخبرني ؟!!
جلس صامتاً مطرقاً ، ثم دفن رأسه في كفيه وقال بصوت مفعم بالألم :
ـ ( حنــان ) .....
ـ ماذا ؟؟
ـ .........................
ـ ماذا ؟؟ تكلم ..
ورفع رأسه ، فانفطر قلبي لما رأيت عينيه الدامعتين ، وقال وقد خنقت كلماته العبرات :
ـ لقد .. لقد مات !!... مات ( عبد الرحيم ) .. مات ...!!!
دنوت منه وقد استغرقني الذهول ، بينما الدموع عرفت طريقها إلى مقلتي ..
تمثلت صورة زوجته أمام ناظري ، فلم أستطع أن أصدق بأنها قد أصبحت أرملة !! وبأن طفليها قد أصبحا يتيمين !!..
كيف ؟ كيف حدث ذلك ؟؟!
وانتبهت على صوت ( سعد ) وهو يقول لي ، والدموع لم تفارق عينيه :
ـ كان حادثاً مروعا ً .. لقد صدمت سيارته شاحنة يقودها سائق أرعن !.. انقلبت به السيارة فأسرعنا إليها .. وحين وصلنا .. أخرجناه من السيارة وقد اصطبغ كل شيء بلون الدم ....
وصمت وهلة يسترد أنفاسه ، وأكمل :
ـ عندما أخرجناه .. كانت روحه قد غادرت جسده .. وللأبد !!.....
مات وهو يرفع سبابته متشهداً !!
ولله ما أحلاها من خاتمة !!
إنا لله وإنا إليه راجعون ...

وبقينا صامتين حتى سمعنا صوت الحق يعلو من المسجد المجاور ..

***********************

كانت صلاة الجنازة بعد العشاء ..
اكتظ بيت ( عبد الرحيم ) بالناس الذين جاؤوا من كل مكان للتعزية ..
جلست بقرب زوجته وقد أدهشني صبرها وتماسكها .. كنت عاجزة عن قول أي شيء ..
دمعت عيناي وأنا أمسح على رأس صغيرها .. فنظرت لي وقالت :
ـ من الصعب أن يفقد الإنسان شخصاً مثل ( عبد الرحيم ) .. لكن يجب أن نؤمن بأن الموت .....
وتهدج صوتها فلم تستطع أن تكمل ...

ومضى الوقت كئيباً ثقيلاً حتى عدنا إلى المنزل ..
ودعت زوجة ( عبد الرحيم ) على أسى .. وقد كنت آمل أن نكون صديقتين ..
كانت من النوع الذي يدخل قلبك بلا استئذان ..

عرفت بأنها ستغادر إلى بيت والديها ..
لم أستطع أن أكتم دموعي وأنا أصافحها للمرة الأخيرة ..!!
إنا لله وإنا إليه راجعون ..

*******************
عصفورة الربيع
هل انتهيتم ؟؟
مهلاً ، فأنا لم أنتهي بعد ..


انتظروني في الحلقة القادمة ..
( لو أردتم إكمال القصة طبعاً ) :23:
ورد الريف
ورد الريف
أكمليها روعه
:27: :26: :26:
بس تحزززززززن
:( :44: :06: :06:
عصفورة الربيع
السلام عليكم ...

ورد الريف ..
أشكرك على الاهتمام :27:


********************
الجزء الثالث ..


(3) ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ جسد بلا روح ..

كانت السيارة تشق بنا الطريق إلى منزلنا الذي غابت عنه السعادة ..
( سعد ) صامت منذ ذلك اليوم ..
الموت قد اغتال البسمة من شفتيه ، فلا تراه إلا عابساً واجما ً ..
وإن أردت أن أزرع زهرة في صحرائه المقفرة صاح بي :
ـ وأي حياة بعد ( عبد الرحيم ) ؟؟ مات صديقي ومات قلبي معه !..

أزداد همة وتزداد صحراؤه قفراً ..
جاهدت كي أرويها بكلماتي .. بحبي .. عل زهرتي أن تحيا ، ولكن هيهات ..
هاهو يقلعها بيديه ، ويصيح بي مجدداً :
ـ لم يعد لحياتي أي معنى بعد رحيله .. هل رأيت جسداً يحيا بدون روح ؟!!

ونصل المنزل الموحش الكئيب .. فأشعر به قد ازداد وحشة !..
كأن الأحلام كلها ماتت ودفنت مع ( عبد الرحيم ) !..

وأنا .. أين أنا من حياتك ؟؟
وكأنني صفر على الشمال لا قيمة لي ..
لم أصارحه بذلك لئلا أجرح مشاعره دون أن أقصد ..
وآثرت الصمت حتى يخبو لهيب الحزن ..

حقاً .. دوام الحال من المحال ..
إن جلسنا معاً نحتسي الشاي فهو صامت ..
وإن وقفنا نرمق السماء المزدانة بالنجوم ، فهو صامت ..
وإن خرجنا نتأمل حديقتنا الساحرة ، فهو أيضاً صامت !!
لقد غدت حياته لوحة باهتة الألوان ..
وما عادت الشمس تسطع في سمائه الغائمة ..

وباتت سفينة الحب تبكي موت قائدها !!....

*****************

ندت مني تنهيدة حارة عندما طرق مسامعي صوت الجرس معلناً انتهاء الحصة الثالثة ..
جمعت أغراضي ونهضت كي أخرج بعد أن عجزت عن شرح درس اليوم ..
رحت أمشي في الردهة التي بدأت تمتلئ بالطالبات ، ورأيت ( هدى ) قادمة وهي ـ كالعادة ـ تحمل في يدها لوحة كبيرة .. لا بد أنها خارطة الوطن العربي أو العالم الإسلامي ..
جاءت إلي وشرعت تمشي إلى جانبي وهي تقول باسمة :
ـ أرى أن حالة الطقس اليوم ليست جيدة ، السماء ملبدة بغيوم الحزن تنذر بعاصفة من البكاء !!
تعمدت أن أتجاهل دعابتها وكأنني أعبر عن سماجتها ـ الدعابة لا ( هدى ) ـ وقلت مشيرة إلى ما تحمله :
ـ لماذا كل ما رأيتك تخرجين من أحد الصفوف ، وجدتك تحملين هذه الخارطة في يدك ؟!.. أنا لا أفهم حقاً سبب ولعكم ـ مدرسي الجغرافيا ـ بالخرائط !!
ضحكت وهي ترد قائلة :
ـ وأنتم مدرسوا اللغة العربية لا هم لكم سوى رفع الفاعل ونصب الحال !..
وأردفت وقد اكتسب صوتها شيئاً من الجدية :
ـ هلا أخبرتني عن حالك الغريبة هذه ؟ لست كعادتك ، أعرف أن هناك ما يشغل بالك
حينها كنا قد وصلنا إلى حجرة المدرسات ، فجلسنا نشرب الشاي ونتحدث على مهل ..

ـ والآن أخبريني ما الأمر ؟
كذا سألتني وهي تصب لنا بعض الشاي الساخن ..
ـ إنه ( سعد ) يا ( هدى ) .. لقد تغير تماماً بعد وفاة ( عبد الرحيم ) ، أصبحت أحس أنني أعيش مع جسد بلا روح !!
ـ إلى هذه الدرجة ؟؟
ـ آه يا ( هدى ) ، أنت لا تعرفين ماذا كان ( عبد الرحيم ) بالنسبة إليه ..!
نظرت إلي بشيء من الدهشة ، وقالت في لهجة حذرة :
ـ و... وأنت ؟
أطرقت برأسي وهمست :
ـ على الهامش فقط ..!
قالت ( هدى ) محاولة أن تبث في قلبي شيئاً من الاطمئنان :
ـ لا تقولي ذلك ، فلربما كان هناك أمر آخر يجعله هكذا .... مشاكل في العمل مثلا ؟..
وسكتت لحظة ثم أردفت في حكمة :
ـ ( حنان ) .. حاولي أن تتصارحي معه .. لا زلتما في بداية حياتكما ..
لم أقل شيئاً .. أومأت برأسي وشرعت أشرب الشاي ..

*********************

أقبل المساء بنسماته الهادئة ..
أعددت لنفسي قدحاً من القهوة بعد أن أنهيت تصحيح بعض الكراسات ، وخرجت إلى الشرفة لأنعم بهواء الليل المنعش ، لعل ذلك أن يزيل عن قلبي همومه ..
وقفت أرمق الأشجار وأسمع حفيف أوراقها ..

هنا سمعت صوت خطوات من ورائي ، فأجفلت ..
استدرت لأرى ( سعد ) واقفاً وقد بدا منشرح الصدر مسرور البال ..

ـ لماذا تجلسين وحدك ؟
صرفت بصري عنه ، وأجبت هامسة :
ـ لأنه لا أحد معي !..
تعمدت أن أقول ذلك لأرى ردة فعله ، وسرني أنه قال :
ـ ومتى رأيت المرء يتخلى عن قلبه ؟!!
ودنا مني وقال وهو يملأ رئتيه بالهواء :
ـ بعد موت ( عبد الرحيم ) ، حسبت الدنيا قد توقفت ... فقدت كل طعم لها ، وشعرت بأني أصبحت وحيداًً ....
قلت بصوت خافت :
ـ إنما الصبر عند الصدمة الأولى ..
نظر إلي وابتسم محاولاً تنفيس ما به من حزن وقال :
ـ صدقت .. تركت نصفي الآخر ونسيت كل شيء ، تذكرت بأني لم أعد وحيداً .. هناك من يسكن قلبي ويأبى الرحيل عنه ..
رسمت على وجهي ابتسامة هادئة ما لبثت أن تلاشت حين شعرت بألم عنيف يجتاح عيني ، ولوهلة اكتنف الظلام كل شيء .. وكدت أسقط لولا أن أمسك بي ( سعد ) هاتفاً :
ـ ( حنان ) ... ما الأمر ؟؟
وعادت الصورة تتضح ثانية .. أمسكت برأسي وقلت :
ـ لا تقلق .. لقد زال الألم ..

كنت أعلم أن حالة عيني ليست على ما يرام ، لكني تناسيت ذلك في غمرة السعادة ، ونسيت كذلك أن أراجع الطبيبة لأعرف نتائج التحاليل الأخيرة ..

عدنا إلى الداخل ..
وعادت زهور الحب تنمو من جديد ...

*******************
عصفورة الربيع
:06::06::06:
أين أنتم يا زهرات الواحة ..

خيبتم آمالي ..:44: