عزف الخريـــف
-أعتقد ذلك والله أعلم، وأظن أن ثمة مرحلة لا زالت أمامك إن حدث ما نخشاه...
-كيف تعرفين ذلك........ أرجو أن لا يكون الأمر كما تقولين.......

-يا برود، ليس كل ما أقوله حقيقة، إنما هي استنتاجات أبنيها على معطيات فقط، فلا تنظري لي هكذا، أنظري غاليتي، زوجك شخصية جنوبية، وهؤلاء يولدون وفي أجسادهم استعداد جيني للإدمان، جهازهم العصبي مؤهل للأمر أكثر من غيرهم من الشخصيات، رغما عنهم، كما أن أجهزة الشماليين العصبية تكون مجهزة أكثر للتسلط، هل فهمت، لكن هذا لا يبرر أفعالهم بالطبع، لكنه يبرر اتجاههم الغير سوي لعلاج أمور حياتهم، مثلا الشمالي كان بإمكانه أن لا يتسلط، ويصبح إنسانا بهدي الله أفضل ، وكذلك الجنوبي بإمكانه بدلا من التعويض بالإدمان، أن يواجه الأمر، ويثبت....؟؟؟
-وهل من علاج، ..؟؟
-نعم ، فما أنزل الله من داء إلا وله دواء، ........ لكن دعينا نأمل أن لا يكون شيئا من هذا قد حصل، وأن يعود أفضل مما كان.......
-أنت تعلمين، أنه رقيق القلب ولا يحتمل الصدمات، أشعر كثيرا أني أقوى منه، لكني أحببت قلبه الطيب، وسماحته، ...... تعلمين لم أكن أرى تلك الشهامة التي في نفسه، عندما أتذكر يوم أدخل السيارة المرآب إذ كنت حاملا، وأطعمني طبق الرز، وأفكر كيف لم أفكر يومها بأن في داخل هذا الرجل خصال طيبة، كيف لم ألاحظ.....!!!
-لا بأس الإنسان غير معصوم من الخطأ، ..... وها أنت لا زلت بخير، وسيعود بإذن الله.....
-أصدقيني القول، هل يمكن أن يكون شاذا......
-لا يمكن، ذلك احتمال 1% فقط، أي نارد الحدوث، فالجنوبي الجنوبي، به خصال خاصة جدا، لا يمكنه معها أن يعاشر اثنتين على فراش واحد، وهو عاطفي، وجنسانيته العالية هي ثمرة عاطفته الجياشة، والمعاشرة الجماعية، تكون من نصيب الرجال المتخصصين في ذلك لأجل الدعارة، أو رجال لديهم مشاكل جنسية، وزوجك لا يحمل أيا منها.
-متأكدة....... ( وتنظر في وجهي)
-لا أجاملك، أقول الصدق، فإن وددت مجاملتك، صارحتك لكن برفق، .....
-جيد، أعرف ذلك، فقط أحببت التأكد، .. وماذا عن الصورة، كيف يتصور معها عاريا..
-أعتقد أنها صورت له خلسة، دون أن يعرف، لربما كانت تصور (فيديو)، في الخفاء، وانتقت هذه الصورة بالذات ليبدو فيها واضحا بينما لا يتضح وجهها، .....
-نعم، لعلها كذلك، ....... طلبت من السائق إحضار الصورة، فقد حصل على واحدة، تصوري، السائق على علم بالأمر..
-لا بأس، السائق مصيره الرحيل، ولن يذكركم.......
-هل سترين الصورة، ....
-لا بالطبع لا، .... فهو عار فيها، تعلمين حكم الأمر، لكن يمكنك النظر فيها وتصفين لي الزاوية التي صور منها، لأتأكد إن كان صور في الخفاء أم لا... ثم إن زوجك لو كان يعلم بهذه الصور لكان أخذها منها قبل قطع العلاقة، فالرجال بارعين في هذا الأمر.....
-تعتقدين، ..........

وبينما نحن نتحدث رن جوالها، تلك أخته التي شتمتني البارحة، هل أرد عليها، ..... فقلت لها: ردي ولم لا،
-ألو......، نعم، لا بأس، حصل خير، .... نعم، لم يعد يهمني الآن سوى أن أطمئن عليه، لا أعلم أي شيء، حاولت لا أحد يرد، ........ بإذن الله.
ثم أغلقت الخط وقالت: تلك أخته تعتذر مني، تعلمين سامحتها منذ البارحة، ...!!
ثم رن هاتفها من جديد: إنه شقيقه، لعله وجده،
-ألو......... نعم، .........الحمد لله، وأين أنت الآن.. جيد، .......

ونظرت إلي فرحة مبتسمة: لقد وجدوه، وهم في الطريق إلى البيت، ....... الحمد لله، .....
-الحمد لله، إذا دعيني أستأذن الآن، وطمنيني عليه،
-ابقي معي .. فأنا بحاجة لك..
-لدي عمل كثير، وستكوني مشغولة معهم، بيننا اتصال...
-إن شاء الله، .... لا أعرف كيف أشكرك، ..



للتوضيح:




(( أخواتي، بالنسبة للشذوذ الذي ذكرنا أن العشيقة اتهمت به مطر، نقصد به العلاقات الجنسيةالجماعية، وليس اللواط، وهذا واضح في القصة، فالمعاشرة الجماعية، أيضا شذوذ، ومحرمة شرعا، وتعتبر من العادات الجنسية الشاذة، أن يرغب الرجل في مجامعة اثنتين أو أكثر على فراش واحد ))
عزف الخريـــف
منذ أن تركت برود، وأنا أفكر، كيف يمكنني مساعدتها، لو كنا فقط نعلم أين تقيم ليزا، لنتمكن من إنهاء هذا الكابوس، ففي قرارة نفسي أعلم كيف تتصرف مثل هذه الشخصيات، إنها لا تتوقف حتى تأتي النار على كل ما حولها، إنها لا تملك اليوم ما تخسره، عندما ينفجر بركان الغضب في داخلها، فهي لا تعود تسمع أو ترى، إرادة الإنتقام وحدها التي تعمل وتحركها، .. إذا فلا بد أنها تخطط لأمر ما، ولا يمكننا الوقوف صامتين، نتلقى ضرباتها الواحدة تلو الأخرى لا نحرك ساكنا، ...... فكرت في أن أبدأ في طلب المساعدة من أحد المختصين في الأمر، ...... فلي علاقات طيبة في كل مكان، ... ولله الحمد والمنة ، رفعت السماعة واتصلت بصديقة تشغل منصبا طيبا في الشرطة، لأستشيرها في الأمر، وأرى إن كان بإمكانها المساعدة، وهذا كان ردها،
-نعم بكل تأكيد سأفعل ما بوسعي لأساعد، لكن في نهاية الأمر لا يمكن اتخاذ أية إجراءات عملية بدون بلاغ رسمي، كما تعلمين،........
-لا بأس يكفي أن نعرف بعض المعلومات بداية، ثم سنرى إن كان من الأفضل رفع بلاغ رسمي أم لا.



كانت برود في هذه الأثناء تستعد للقاء زوجها، الذي أدخل محمولا على كتف شقيقيه، وقد غادر أحدهما البيت بصمت بمجرد أن أصبح مطر في سريره، دون أن يسلم حتى على برود، وكأنه يخاصم كل من له علاقة بمطر، .. بينما بقي الشقيق الآخر، ليتحدث إليها: كما ترين، إنه سكران، ... وكأن السكر سيحل المشكلة، .. لا تدخلي إليه في هذه الفترة، فقد بدا عنيفا جدا هذا الصباح، .... انتظري حتى يفيق من سكره، ...
أومأت برود بالموافقة، ثم تابع حديثه: لعلك تعرفين أي شيء عن هذه الليزا، أي شيء قد يساعدنا في التوصل إليها، ..
-لست أعرف أكثر مما تعرفون، ......
-قلت لوالدتي أنك مطلعة على بعض التفاصيل،
-القليل فقط، ولكني لا أعرف أكثر، .....
-طيب إن تذكرت أي شيء هاتفيني، .....
-نعم، إن كان الأمر مهما، فقد اتصلت بي صباح البارحة، وأخبرتني كلاما سيئا عن مطر، لكن الرقم الذي ظهر على الكاشف، كان عموميا، على ما أظن،
-أين الهاتف،
-هناك،
-هل يمكنني إلقاء نظرة،
-بالطبع تفضل،
بدأ الشقيق يسجل الرقم قائلا: على الأقل سنعرف المنطقة التي اتصلت منها، ..... لعل وعسى....
-هل تفكرون في الشكوى ضدها.
-نخشى أن تتطور الأمور أكثر، ثم إننا حتى الآن لا نملك دليلا على أنها الفاعلة، ....
-لا بد ستجدون، ثم لا مصلحة لأي أحد غيرها أن يفعل ذلك، وسبق أن هددت مطر، ....
-هددته، ..... هل تقولين أنها هددته، كيف علمت....؟؟
-سمعتهما مرة كان يحدثها بصوت عالي، وسمعت...
-أمممممممم، نعم، ..... طيب كما أوصيتك لا تحاولي الحديث معه الآن، وإن حصل شيء اتصلي بي فورا، ......
-إن شاء الله......


وبينما كان يغادر دخلت شقيقة مطر: السلام عليكم، ... كيف حالكما..... أين مطر،
-في الأعلى، لا يستطيع الكلام، وهو نائم الآن،
-أردت الإطمئنان عليه، شغلني أمره، زوجي في السيارة، ووالدته، جاءا للإطمئنان عليه، .. هل يمكنهما الدخول يا برود،
قالت برود: نعم، ثم وجهت الحديث للشقيق: ليتك تبقى لتستقبل زوج شقيقتك ،
قال متعبا: نعم سأبقى، ... اتصلي بزوجتي لتأتي، لعلها تساعدك، يبدو أن الكثير من الزوار سيتوافدون اليوم.
- سأفعل.




وهمت برود بالإستعداد لاستقبال عمة شقيقة مطر، وهي تحدث نفسها، بأن الناس لا تزال بخير، إنهم قلقون بشأن مطر، فيما كانت تعتقد أنهم سيشمتون، يبدو أن الشقيقة أيضا، أصبحت أكثر هدوءا عندما اطمأنت إلى أن زوجها وأهلها تعاطفوا معها في النهاية بدلا من السخرية منها....!!!
خلال دقائق قليلة، كان البيت يعج بالزائرين، شقيقة مطر، وأم زوجها، وزوجات أشقاء مطر جميعا، واثنتين من أقربائه كبار السن ( عمته وخالته) وأم برود،
الجميع يسأل عن مطر، وله عمة حنونة، تحبه كثيرا: أين ابن أخي الحبيب، أكثر إخوانه طيبة، وصلة للرحم، ذلك الذي يسميني أمي الكبيرة، أين هو، قالوا بأنه اختفى طوال الليل، فقمت أصلي وأدعو له عسى أن يرأف الله بحالة، لا يستحق ما ألم به، هذا أطيب الناس، يا عسى الله يفرج عنه، دعوني أصعد إليه، أريد أن أراه، وأطمئن عليه بنفسي، أريد أن تقر عيني به، ....


لكن شقيقة مطر قالت: لا ياعمتي، ليس الآن، إنه متعب، ونائم، تأكدي أنه بخير، اتركيه يرتاح، وعندما يفيق سنصعد له جميعا، ونسلم عليه، .....
قالت خالته: لماذا فعل بنفسه هذا، كيف يعرض نفسه وسمعته وسمعة أهله لهذا الهلاك، أريد أن أراه لأقتلع عينيه، طوال عمره مدلل، ولا يبالي، دائما هو هكذا، .. لديه زوجة كالشهد، وأطفال كالملائكة، فماذا يريد بعد، فيما يرغب أكثر، .. طوال عمره طماع، ويريد أن يجرب من هذا وذاك، لا يقنع ولا يشبع، ....


-ادعوا له بالهداية، ثم إني لست متأكدة من هذا الكلام، لعلها تلك الفاسقة تدعي عليه، لعلها صورت شخصا آخر واتهمته، أبنائي يقولون إن الصور مزورة، يعني أنها لعبت بها،
-لا مزورة ولا غيره، الصورة كانت واضحة، وعرضها ابني على مصور محترف وقال الصورة حقيقية، ....
-يا أختي الرجل في حال لا يعلمها إلا الله، فادعي له بالهداية، ثم إنها فعلت ذلك به لأنه تاب، فاستغفري الله، أنت امرأة مصلية، فلا تتكلمي في أعراض الناس، ...


-من قهري وغصتي، أختي هناك في المستشفى بين الحياة والموت، بسبب أفعاله، دائما يفعل ما يجلب الشقاء، شقي منذ كان صغيرا، واتعبها كبيرا، ماذا يريد، ماذا ينقصها برود، دنيء طوال عمره دنيء.
عزف الخريـــف
دخلت برود إلى المطبخ صامتة، وتبعتها والدتها، ....... وضعت أمها يديها الحانيتين على كتف برود، فما أن أحست بها برود حتى ارتمت في حضنها، وبكت، .........
قالت الأم: لماذا لم تخبريني بالأمر مسبقا، ....؟؟
-لم أشأ أن أزعجك، ثم إنه تاب، أقسم لك أنه تركها...
-نعم، لكن بعد ماذا...؟؟ فضحنا،.. وأحرجنا أمام من يسوى ومن لا يسوى، وأخوانك يرغبون في تطليقك منه،
-لا يا أمي إلا هذا، أرجوك، أنا أحبه، ولا زلت أريده، هذا أب أبنائي، لا أستطيع تركه أبدا.
-وأنا أقول أيضا، لا تتطلقي، لكن أخوك الأكبر بالذات، مصر، وأرسلني لأعود بك، قلت أجلس عندك هنا كم يوم، ريثما يهدأ، أحضرت حقيبتي في السيارة، ما رأيك، ...؟؟
-لا أعرف كيف أشكرك يا أمي، نعم أنا في أشد الحاجة إليك الآن، ابقي معي ما شئت، وجودك سيريحني، ولعله يريح مطر أيضا، فأنت تعلمين أنه يحبك....
-مطر، ...... بت أكره اسمه إن صدقتني، كنت أحبه كثيرا، لأنك تحرصين على مدحه أمامي، اعتقدت أنه يوفر لك كل سبل السعادة، والآن بعد أن اكتشفت الأمر، بت أراه نتنا، وما عدت أرغب في رؤيته، بقائي هنا لأجلك يا نظر عيني، كلما فكرت في وضعك أبكي على حظك، .. حسبي الله ونعم الوكيل على من كان السبب...
-أمي، صدقيني، رغم كل ما فعله مطر، أنا سعيدة معه، وأحبه حبا كبيرا، وأرغب في العيش معه، مطر رغم خيانته لي لم يجرح شعوري يوما، ولم أكن أشعر بها، صدقيني، قد يكون مر بنزوة معها، لأني كنت أعاني من نزيف، تذكرين ذلك النزيف، وهو رجل، لربما هذا ما حدث، لكنه عاد إلي، ولهذا تحاربه، .....
-وماذا ستقولين للناس، هل ستخبرين الناس كل الناس هذا الكلام، و من تراه يتفهم..؟؟، الناس عليها بالظاهر، ...
-ماذا عساي أفعل، هل أتخلى عنه، لدي أطفال منه، ..
-أنا معك، أي اختيار تختارينه، سأكون معك فيه، .. لكن ماذا أقول لإخوتك...
-إخوتي، ليسوا أفضل حالا منه، الفرق الوحيد أن مطر افتضح أمره، بينما هم لا زال الله حليم عليهم، ...........
-لا تقولي هذا أمامي، إخوتك لا يفعلون أمورا كهذه، لا تجعلي غضبك يجرك إلى ظلمهم، ......
دخلت مريم زوجة أحد أشقاء مطر: برود، هل يمكنك تقديم إبريق شاي أخر، فقد انتهى الأول.
-نعم، سأخبر الخادمة لتعد واحدا آخر، لحظات،
ثم قالت لأمها: هيا بنا، لا يجوز أن نترك الناس تنتظر في الخارج.....


عزف الخريـــف
قالت أم برود هامسة: هيا، هل أطلب من السائق إنزال الحقائب، هل أنت متأكدة أنك تريدين بقائي،
- نعم يا أمي، بل أرجوك، والآن، دعيني أدخل للضيوف، واجعلي الخادمة تجلب الحقائب من الباب الخلفي، هناك، ...

- طيب،





عند دخول برود ، سمعت عمة مطر تقول: كيف لا ينحرف الرجال، والنساء لم يعدن كالسابق، كل واحدة منهن حملت شنطتها على كتفها وخرجت تركض على وظيفتها، متناسية بيتها وأولادها، وزوجها...؟؟؟ هذه المرأة التي تعمل ليل نهار، في الوظيفة ثم في البيت، وآخر النهار تدور في السوق، كأنه دوام رسمي آخر، هذه المرأة ماذا يتبقى لزوجها منها، مهما كان الإنسان في النهاية طاقة، يعني ماذا سيحصل لو أنها تجلس في البيت ( تجابل) أولادها وزوجها، .. (ماكان أخير لها، فلوس وعندهم ما ناقصهم شي).

ردت خالته: رياييل ( رجال) اليوم لا يريدون ربة المنزل، يريدون الموظفة، يريدونها متعلمة ومثقفة.
- لم نقل أن لا تتثقف لكن تنهي جامعتها وتلزم بيتها،
- وما فايدة الشهادة إذا..
- (علشان تقنع، وتعلم اعيالها، ... بالذمة اللحين اللي تشتغل مرتاحة في حياتها...)

نظرت مريم إلى العمة، ولأول مرة أرادت الدخول في هذا النقاش، قائلة: شوفي يا عمتي، الرجل العايب، شو ماتسويلة بنت الناس ما يعجبه، واللي عجز أهله يربونه، بنت الناس مب ملزومة تربيه، ......
ردت العمة غاضبة: ولد أخوية مرباي، وأحسن من مليون ريال غيرة، .. لكن الحرمة إذا ما دايرة بالها على بيتها، لازم الريال بطالع برا، ......... ( ثم تنهنهت) إهي، إهي، منفطر قلبي عليه، الله يشلع قلبج من مكانه يا ليزوه، ...... يوم هو مب مرتاح ويا برود، وما قايمة بواجبه، ليته ياني، وقالي عمتي شوفي لي حرمة ثانية، الحريم مكودات ( كثيرات) .. وكل وحدة أحلى من الثانية، بس ما أقول غير حسبي الله على اللي كانت السبب....!!!

نظرت لها برود غير مبالية وقالت: كيف حال ابنتك فلانه، هل لازالت في بيتكم، منذ أن تركت بيتها قبل عامين، .........!!!
فهمت العمة المقصد، فقالت: بنتي الله يفرج كربتها، زوجها مب ريال، بعدها عذرا الله يسلمج، ولا راضي يطلق، والمحاكم ما لنا فيها، ...... وشوفت عينج، هذا حنا مكتفين، ما نقدر نسوي شي، .....
قالت مريم متهكمة: وليش ما تحاول بنتج تصلح الريال، يمكن عنده حالة نفسية، ليش ما تعالجه، .. ولا هيه غير...!!

فقامت العمة من مجلسها قائلة: أنا سايرة الميلس عند ولد أخوي، اليلسة وياكن غثة، ...
قالت برود: المجلس مزدحم بالشباب، أصدقاء مطر كلهم هنا......
- هيه، يا حليلهم، جي ( هكذا ) الربع ( الأصدقاء )، عيل يوم هم ربعة، جيه ما يزخون هاليزوه........... حسبي الله عليها.......



* ملاحظة : مريم هي إحدى الحاضرات في ذلك اليوم في بيت برود ومطر وهي إحدى أفراد العائلة ....
عزف الخريـــف
تأخر مطر في النهوض، وربما قصد ذلك عندما شعر بوجود كل هؤلاء الناس في المنزل...... وبعد الظهر اتجه الجميع للإطمئنان على أم مطر المقيمة مذ ذاك الحين في المستشفى، ..... وبقيت برود، التي وجدتها فرصة لتتحدث إلى مطر، حيث أفاق، وبقي في غرفته صامتا لا يتحدث، ......


دخلت برود بهدوء، وسألته بشكل عادي: هل ترغب في تناول الطعام في الغرفة، هل أحضره لك...
لكن مطر لم يرد، فقط غادر السرير إلى الحمام، بلا أية كلمة، ......
بقيت برود قلقة، ..... حتى إذا خرج، ارتدى ملابسه ليخرج، ....لكنها استوقفته، وقالت : إلى أين، لن أسمح لك بالخروج، ..... حتى تخبرني إلى أين......



نظر إليها مطر بغضب، ثم شد ملابسه من بين يديها، .. لكنها أصرت وأمسكت بها: لا، لا تعذبني معك أكثر، لقد قلقت عليك طوال الليل، لن أتركك تخرج ... أو أخرج معك،...


ترك الملابس من بين يديها ثم جلس على طرف السرير وهو ينفخ بغضب، ... اقتربت منه قليلا وقالت: ما رأيك أن نذهب لزيارة والدتك، .... لابد أنها تسأل عنك، لعلك برضاها عليك يفرج الله عنك .. هيا نذهب، عليك أن تثبت لها أن كل ما سمعته من كلام غير صحيح، .. هيا استحم، واحلق، وتعطر ودعنا نخرج لزيارتها، ....




فسقط مطر على جانبه الأيمن فوق السرير، وكأنه ورقة هزيلة، ودس وجهه بين ذراعية، فاقتربت منه: هروبك سيؤكد الأمر، بينما خروجك للناس، سيثبت العكس، .. على كل حال، بقاؤك هنا لن يعالج المشكلة، .. أتعلم من زارنا اليوم، كل أصحابك، وأقرابائنا، كلهم، أمي أيضا جاءت، وإخوتي، كل من علم بالأمر جاؤوا ليخبروك أن ما حدث لن يغير مكانتك في قلوبهم، فأنت بشخصيتك الإجتماعية وطيبة قلبك، جعلت لك مكانة خاصة في قلوبهم، لا يحطمها أي شيء، ثم أصبح الكل يعلم أنها نزوة، وعندما تبت وحسمتها، كان جزاؤك انقامها، .. أصبحت أفضل منهم، فمنهم من يخون ولا يتوب، توبتك كانت السبب في ما أنت فيه، عليك أن تفتخر، بذلك..


بقي مطر صامتا للحظات، ....... ثم هم بارتداء ملابسه من جديد، ..... سألت برود: وأنا أيضا، ..؟؟ فأشار لها بالموافقة، .... فسألت من جديد: أليس من الأفضل لو أنك تستحم، .... فنظر لنفسه، ثم ابتسم، ودخل من فوره إلى الحمام، .....







هكذا تعالج الأمور، أن نبسطها، نجعلها أقل جللا أقل وطئا، نبتعد عن كل من يبالغ، ويصعب الحياة، ..... نحن من نقيم الأمور ونصنفها، نحن من نقول هذه مصيبة، أو عارض، ..... نحن من نضع الأمور في نصابها، .....
نحن نكيل، ونقيس، نحن من اخترعنا المكاييل والمقاييس، .....




في السيارة تقول برود كان يقود وهو في عالم آخر، ....... ثم مد يديه، وأمسك بيديها، ..... حتى إذا وصلا إلى هناك، ووجد الأحبة من أصحاب وأقرباء مجتمعون، كش قليلا، لكن ترحيبهم به، شجعه على الوقوف بقوة، جر نفسا عميقا، وسلم ............


في غرفة والدته كان كل شيء على ما يرام، فوالدته لا تعلم عن أمر الصورة أي شيء، لكن عجوزا كبيرة، صديقة لأمه، عندما هم بالمغادرة مع زوجته، لحقت به خارج الغرفة وقالت له: لا يغرك ضحك الناس في وجهك، الناس تلوك سيرتك وراءك ، العاقل يمشي بخط مستقيم لكي لا يسمح لعدوه بالضحك عليه، ....!!! ثم نظرت إلى برود، وواصلت كلامها لمطر: العمى عمى البصيرة، وإلا بنت الناس زوجتك ماذا يعيبها، لتجري خلف الفاسدة، أم أنكم صرتم تحبون الخبائث والمضرة لأنفسكم، العدو الوحيد لك يا مطر نفسك، من يوم كنت صغير وأنت غرورك مضيعنك....