الؤلؤة البراقة
وتقول أخرى إن مشكلتها مع والدتها مختلفة، فأمها تعمل طبيبة صباحا ومساء وتعود للبيت مجهدة.. تنال قسطا من الراحة ثم ما تلبث أن تعود للعمل في اليوم التالي دون أن تنظر لاحتياجات أبنائها. وطلبت من والدتها أن تجد حلا لدوامها المتواصل وأن تجلس مع أبنائها لمناقشة مشاكلهم، لأنهم يشعرون بالنقص بين أقاربهم وأصدقائهم. فأجابتها والدتها بأنهم أحسن من غيرهم وأفضل من أقرانهم. فالمصروف يعادل جميع الأصدقاء والملبس أفضل، فماذا ينقصكم؟!.

· وتسجل طالبة بالثاني متوسط بعض السلبيات ولا تجرؤ على مواجهتها لها "والدتي تغدق بالحب والحنان على أبناء شقيقتها أكثر مني وأخوتي، بينما لا نسمع منها إلا النهر والصوت المرتفع.. فهي دائما تكون هاربة من البيت، لا تشاركنا حياتنا حتى أننا لم نجتمع معا على مائدة الطعام، فنحن نتناول طعامنا مع الخادمة قبل مجيء والدتي من العمل، فهي على حد زعمها تحب أن تتناول طعامها في المساء. وتتجنب الجلوس معنا بحجة أنها بحاجة للهدوء والراحة. لا تتطلع إلى احتياجاتنا، تظن أننا فقط بحاجة إلى مصروف المدرسة، تضعه لنا يوميا على طاولة الطعام ".

تأثير الخادمات على الأطفال
وحول تأثير الخدم في تربية الأطفال أجرت جريدة "المسلمون " تحقيقا صحفيا بتاريخ 22/ 1/ 1415 هـ العدد 491 "من المتعارف عليه أن الطفل يتعلق بمن يرعاه ويربيه.. ومن المفترض أن يكون هدا الشخص هو أمه، فهو يترعرع تحت عنايتها ويفتح عينيه على حبها ويكبر على حنانها.. فيشب وفي قلبه حب كبير لهذه الإنسانة التي رعته والتي كانت أول من عرف في حياته.. فهل يستطيع أي شخص أن يأخذ مكان الأم خاصة في وجودها؟.

وماذا يحدث لو أن الخادمة أخذت جزءا كبيرا من المسئولية الملقاة على عاتق الأم؟.

من الطبيعي أن يتعلق بها الطفل، وأن يحتار قلبه الصغير في توزيع الحب بين والدته وبين الخادمة.. وللأسف قد أصبحنا نرى في مجتمعاتنا الكثير من الأطفال المتعلقين بالخادمات اللاتي يقضين وقتا كبيرا مع الطفل. وفي بعض الحالات قد ينشأ الطفل معتقدا أن الخادمة هي أمه. هذا من جهة ومن جهة أخرى قد يعتاد الطفل على العادات الدينية لخادمته، نظرا لقضائه وقتا طويلا معها هذا إذا كانت غير مسلمة.

· وترى إحداهن أن تأثير الخادمات على الأطفال مرض تعاني منه أغلب المنازل الآن حيث تعتمد الأمهات على الخادمات اعتمادا كليا في تولي أمور الأطفال، من ملبس ومأكل ومشرب فيتعود الطفل على الخادمة ويفقد اهتمامه بأمه، وستفقد الأم اشتياق طفلها إليها في حالة غيابها عنه لأنه فقد الشعور بحنان الأم.. وتنصح الأمهات بألا يوكلن أمور الأطفال للخادمات أو المربيات، حتى لا يتعود الأولاد عليهن ويرتبطوا بهن عاطفيا، ثم تكون معاناة الأهل بعد سفر الخادمات أو المربيات.

· وفي باب "المنبر الرابع " بجريدة عكاظ العدد 10077 بتاريخ 24/ 9/ 1414 هـ تقول إحداهن: "من المؤكد أن الخادمة تأتي إلينا محملة بمبادئ وقيم بعيدة تماما عن مبادئنا وقيمنا المستمدة من ديننا الحنيف، لذلك تحاول أن تطبق هذه المبادئ على أطفالنا ظنا منها بأنها على صواب ولأن المرأة العاملة- وأحيانا ربة البيت تقضي معظم وقتها خارج البيت يصبح الوقت ملكا للخادمة فتزرع وجدان الطفل بما تحمله هي ولذلك فقد أزف الوقت لأن نعيد النظر في استقدام الخادمات.

وتقول أخرى "لقد نشأنا في حضن أمهاتنا وجداتنا ولم نكن نتصور أن يأتي اليوم الذي تصبح فيه الأم أما على الورق والغريب أن ترك الأمهات للخادمات هذه المسئولية الجسيمة في زمن صارت البيوت فيه مجهزة بأحدث آلات التكنولوجيا التي تسهل عمل المرأة إلى أقصى حد.

فانتشار ظاهرة الاعتماد على الخادمات في كل صغيرة وكبيرة داخل البيت، أمر أصبح يهدد استقرار الأسرة وتربية النشء. فالاعتماد على الخادمات في تربية الأطفال بصفة خاصة يعني وبمنتهى البساطة استئجار أمهات بديلات يقمن بدور الأمهات في رعاية الأطفال وتربيتهم وتنشئتهم التنشئة الاجتماعية بكل ما تحمله من قيم وأخلاقيات وسلوكيات.

وكما تؤكد امرأة أخرى بجريدة المدينة العدد 11283 أن هذا الأمر خطير بل وفي منتهى الخطورة، خاصة وأن الغالبية العظمى من الخادمات أو الأمهات البديلات قد أتين من بلاد غربية.. ويقمن، بوعي أو من غير وعي، بتربية أطفالنا وفق عادات وقيم بلادهن، بل وبألسنة تنطق العربية بألفاظ معوجة ومكسورة. وبمرور الوقت نفاجأ بأطفالنا غرباء عنا وعن مجتمعهم وبلدهم. وهي بكل المقاييس قضية خطيرة. وقد نفهم أو نقبل أن تتخلى الزوجة والأم- لو كانت عاملة- عن دورها في رعاية بيتها وزوجها ولكن لا نستطيع أبدا أن نفهم أو نقبل أن تتخلى عن دورها كأم بل وأن تسمع بأذنيها أطفالها وهم ينادون الخادمة بكلمة "ماما" دون أن يستيقظ في داخلها الإحساس بالخطر.. بل بالفزع ".

وفي هذا العدد يرى الشيخ سعد بن ضيف الله الحارثي "الخطر أشد الخطر في استقدام الخدم غير المسلمين والنساء على وجه التحديد، لأن الخادمة تربي الأطفال وأحيانا كثيرة تقوم بكل أعمال الأم حتى تصبح في مقام الأم ويتأثر بها الأبناء، وقد تربي الأبناء حسب ديانتها، وهنا يقع المحظور.. ونحن نحذر من الخدم عموما، فما بالك بغير المسلمات ".

كما يرى د. يسري عبد الحميد رسلان أستاذ الاجتماع أن التنشئة الاجتماعية هي تطبيع اجتماعي للنشء، أي غرس العقيدة والثقافة والفكر والقيم والتقاليد في هذا النشء. وعلى هذا فإن وجود أي عنصر يخالفنا دينا وثقافة وفكرا ولغة داخل محيط الأسرة سيكون عامل تشويش وإفساد لأفرادها أو يخرج الجيل بنشأة مشوهة من خليط ما يفد إليه من هنا وهناك ولا ندري أيهما سيطغى على الآخر في النهاية.

وللشرع رأيه في هذه القضية. فهذا الشيخ أحمد قاسم الغامدي مدير إدارة القضاء والتحقيق يقول: "دور المرأة في بيتها ونحو زوجها وأطفالها دور هام لا يجوز أن تعتمد فيه المرأة على غيرها من مربية أو عاملة أو خلافهما، فهي المسئولة المباشرة عن واجباتها تلك ولا يصح أن تفرط المرأة في تلك الواجبات بالاعتماد على غيرها فيها. وقد قال رسول الله عليه الصلاة والسلام "كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته فالمرأة راعية في بيت زوجها ومسئولة عن رعيتها.. الحديث " ولا شك أن تلك المسئولية لابد أن تسعى المرأة الصالحة إلى أداء الأمانة فيها ولا يمنعها ذلك من الاستعانة بالمربية أو الخادمة في انفاذ تلك الأعمال المنزلية ولكن بحيث تشرف المرأة تماما على تلك الأعمال وتصلح شأن منزلها وتتابع ما تكلف به غيرها من الأعمال بدقة مع الأخذ في الاعتبار أن هناك أعمالا لا يصح الاعتماد فيها على المربية أو الخادمة كتعليم الأبناء وتربيتهم على الأخلاق الإسلامية والعادات الحسنة والقرب منهم في صغرهم ليكتسبوا من والديهم محاسن الأمور ولتزداد ثقتهم من خلال ما يرون من تصرفات والديهم وهو عله ما أشار الله سبحانه وتعالى إليه بقوله:} وقل رب ارحمهما كما ربياني صغيرا {ومن ذلك ضرورة أن ترعى المرأة شئون زوجها مباشرة وعليها أن تتلمس رضاه فتسعى إليه وتباشره وتبتعد عن غضبه.. وهذه الأمانة والمسئولية لا يكتفى فيهما بترك الأمور للخادمة أو المربية مطلقا. وهذا خطأ كبير تقع فيه الكثير من النساء ولا ينتبهن إلى فداحته إلا إذا وقع ما يؤسف له من تعلم أبنائهن للأخلاق والعادات السيئة أو وقوع الخلاف بين الزوجين، لقصور عمل الخادمة أو المربية. وربما تطور ذلك إلى ما لا يحمد عقباه والله تعالى أوجب على المرأة حقوقا يجب عليها رعاية تلك الحقوق. فإنه تعالى يقول: }ولهن مثل الذي عليهن{ مثل الذي عليهن من الواجبات فلا تتأخر المرأة المسلمة بوجود المربية أو الخادمة عن مباشرة مسئوليتها، فإن التفريط في هذه المسئولية لا يجوز وهو إخلال بواجباتها، وضرره على الأسرة وعلى المجتمع أخطر. فمن واجب المرأة مباشرتها لتربية وتعليم أبنائها، وهذا من أهم حقوق المجتمع الإسلامي على المرأة وهو من أهم حقوق الأبناء. وعلى المرأة المسلمة أن تحيط منزلها بالعناية والرعاية". "

· وتصرح الدكتورة فريدة عبد الوهاب آل مشرف أستاذة التربية بجامعة الملك سعود "نعم أقولها بكل صراحة: الخادمة تشارك في تربية الطفل، فهي تقضي وقتا طويلا معه وتلبي طلباته، بل وأراها تحنو عليه، تحتضنه وتقبله وتصحبه معها للنزهة، وتلعب معه، وتقضي معظم النهار معه- في حالة عمل الأم- فماذا بقي للأم والأب بعد عودتهما من العمل وهما في غاية الإنهاك؟ هل سيكون لديهما مزاج لتحمل بكاء وصراخ طفل ورعايته؟ لقد أوضحت البحوث التي أجريت في منطقة الخليج أن للخادمة تأثيرا سلبيا على الطفل والأسرة في المجالات التالية:

1- القيم الدينية والثقافية.

2- النمو اللغوي والاجتماعي.

3- الأنماط السلوكية.

4- الروابط والعلاقات الزوجية والأسرية.
الؤلؤة البراقة
والحقيقة أنه لا يكفي أن نتحدث عن دور الخادمة السلبي.. فنحن الذين صنعنا هذا الدور.. ويلزم البحث عن بعض الاقتراحات التي ستساعد على تقليل أثر الخادمة على أطفال الخليج .

· ويدلي الدكتور سامي الرافع أستاذ الخدمة الاجتماعية برأيه في قضية الخادمات وتأثيرهن في الأسرة والمجتمع. "إن وجود الخادمة في المنزل بحد ذاته لا يمثل مشكلة في تربية الأبناء، إن ظل الوالدان يحتفظان بدورهما الأساسي في التربية..ويبقى تأثير الخادمة متوقفا على الدور الذي توليها إياه الأسرة، فكلما تنازلت الأسرة، متمثلة في الوالدين، عن بعض أدوارها الاجتماعية والتربوية، مثل طريقة الكلام ونوعه وطريقة الأكل وطريقة قضاء الحاجة بالنسبة للطفل وأسندت ذلك للخادمة كان تأثيرها أكبر وأخطر. وكلما اتصف الوالدان بالحزم والمتابعة للتعليمات التي يوجهانها للخادمة حول طريقة التربية كان دورها ثانويا.. فأهمية الأسرة كمؤسسة تنشئة اجتماعية، لا يقلل من دورها وجود الخادمة، بشرط أن تكون عملية الضبط الاجتماعي دقيقة وصارمة من ناحية الأسرة.

· أما الأستاذ عبد المحسن العقيلي- المعيد بكلية المعلمين بالرياض فيقول: "لا ريب أن الخادمة أحد العناصر المهمة في البناء الأسري في كثير من البيوت، بل إنها قد تعد الرافد الأول في العملية التربوية داخل الأسرة، إذ يعهد إليها برعاية الأبناء والاهتمام بهم في ظل انشغال الأبوين عن الأبناء.. وهنا يفقد الابن حنان الأم وعطف الأب.. ويرى في الخادمة بديلا لهما، وتصبح الخادمة ذات الأثر القوي في العملية التربوية والتكوين السلوكي.. بل وقد يبدو الأبوان بالنسبة للطفل شخصين يستفزانه ويستمطران دموعه، فينكفئ الابن على نفسه أو يهرب لحضن الخادمة ويفقد ثقته وحبه لأبويه ".

وحول رأي الطب النفسي يقول الدكتور فهد اليحيا، استشاري ا لطب النفسي في التحقيق الذي قامت به مجلة الأسرة في عددها 1187 تحت عنوان "أطفال في حضانة خادمات- " وهل تتنازل الأم عن دورها في تربية الأبناء وما هو دور الخادمة في حياتنا؟.

لعل ظاهرة وجود خادمات ومربيات الأطفال ظاهرة ليست غريبة، بالذات لو كانت الأم غائبة لسبب انشغالها، عملها، طلاقها أو وفاتها فلابد من وجود بديل كمربية أو خادمة تتولى أمور الأطفال. ولا سيما أن مسئولية الأطفال مسئولية كبيرة..لذلك يجب على الوالدين الاهتمام بأطفالهما وتعويضهم وشملهم بالرعاية والعطف والحب والحنان والأمان. المهم أن تكون الخادمة أو المربية مؤهلة لهذا الدور وأن تكون لديها خبرة في تربية الأطفال.. ويجب ألا يغفل الوالدان عن الرقابة المشتركة على المربيات والخادمات.. لأن الوالدين أو أحدهما لا يعلم كيف تتعامل الخادمة مع طفله أو طفلته،مع العلم بأن الطفل يعجز عن التعبير أو الكلام،فيحتفظ في عقله الباطن بأمور قد نجهلها، فتؤثر عليه في المستقبل. وهذا الأثر يبقى وقد يولد عنده إحساسا بالذنب قد يستمر معه فيفقد الطمأنينة وقد ينتابه اكتئاب يؤدي إلى اضطراب في الشخصية ويبقى الاضطراب فيه طوال عمره وبالتالي يفقد القدرة على تربية أطفاله تربية سليمة مستقبلا. وفي أوقات كثيرة نسمع: أنا أحب هذا الشيء ولا أعلم لماذا؟ وبالعكس. أنا أكره هذا الشيء ولا أعلم لماذا؟ سواء كانت صورة أو منظرا أو عطرا أو أغنية أو أي شيء آخر، ويعود السبب إلى احتفاظ العقل الباطن بأثر ذكرى قد تنس، مع الأيام ولكن يبقى الأثر وقد يعاني منه ولا يتذكر إلا بجلسات نفسية عديدة

أما مشكلة تعلق الطفل بالمربية التي تتولى أموره ويكون التعلق في سن 3- 4 سنوات من عمر الطفل ومن ثم يكبر ويزداد تعلقه بها وينتهي عقد الخادمة وتعود من حيث أتت، فتختفي فجأة من حياة الطفل وتأتي خادمة أخرى فيدخل الإحباط في نفس الطفل.

كما علقت الدكتورة فريدة أبو راشد أخصائية علم الاجتماع في مجلة الأسرة عدد 1187 على هروب الأم من مسئوليتها الأسرية ومن دورها كزوجة وأم بأن ذلك يعد هروبا من الواقع.. وأشارت إلى الدوافع التي تؤدي لهروب الأم بأنها تختلف باختلاف الظروف والمواقف، فقد تكون نتيجة عدم استقرارها النفسي مع الزوج وكثرة المشاكل الأسرية.

الأم في هذه الحالة تتحمل الصدمات والمشكلات الكثيرة في صمت دون أن تشعر بها من حولها، حفاظا على ترابط الأسرة وسلامتها. وهذا الصمت والتحمل الدائم، لا سيما إن كانت الأسرة غير مستقرة، يجعل الأم مجمدة عاطفيا، وتكون هذه الأم عادة من النوع الذي ينحي أمام المشاكل ولا يواجهها متحملة العواقب الوخيمة في سبيل ذلك، واقفة كالسور لتحمي أطفالهما من الصدمات، لكنها في الوقت ذاته تكون غير قادرة على منحهم الحب والاهتمام الكافيين، لأن المشاكل التي تمر بها الأسرة !تكون قد استنفدت طاقتها. أو قد ينجم هروب الأم عن مشاكلها في العمل.. فضغوط العمل ومشاكله إذا قابلها خلاف مع الزوج ومشاكل أسرية قد تكون غيوما سوداء- حول قلب الأم وعقلها وقد لا تستطيع الأمهات التخلص من مشاكلهن، فيستسلمن لها ويبتعدن عن أبنائهن، فتصبح العلاقة بين الأبناء والأم أضعف ما يكون ويختفي الحب والحنان من الحياة الأسرية ولا تجد الأم حلا غير الهروب من المنزل بمشاكله، ومن حياتها المليئة بالصعاب. والأبناء هنا يدفعون الضريبة.

وتتعدد الأسباب التي قد تدفع الأم للابتعاد ولو فكريا عن أسرتها وتفقد الاهتمام الكافي بها ويتوقف الحب الفياض لأطفالها الذي يفترض أن تمنحه لهم. ومن هذه الأسباب، كما - يذكر الأخصائي النفسي محمد وحيد، الشعور بالغربة لدى الأم من الأسباب الرئيسية للهروب، فنشأة الأم الأولى في أسرة مفككة لم يربط أفرادها العواطف الحميمة، ولم تحصل منها على الاهتمام الكافي ! يجعلها غير قادرة على العطاء. أيضا الاضطراب النفسي الذي يكون بسبب ظروف قاسية مرت بها الأم خلال فترة من فترات حياتها مما جعلها تفقد قدرتها على الحب والتفاعل مع من حولها ودفعها للانسحاب بعيدا عن أبنائها لتعيش عالما خاصا بها منفصلا عما حولها.

وعن الدوافع لذلك يرى الأستاذ سعد عويضة العتيي أخصائي نفسي واجتماعي بمجلة الأسرة أن الدوافع النفسية إلى الحب والحنان ذات جذور عميقة في حياة الإنسان. فإذا قارنا الإنسان بغيره من الكائنات نجد أن الطفل البشري يظل ولمدة طويلة يحتاج لرعاية الوالدين والاعتماد عليهما.. والأم هي أول من يحرص الطفل على جذب انتباهها إليه والحصول على حبها، لأنها أول إنسان يتعرف عليه.. ويؤكد علماء النفس الأهمية البالغة لهذه العاطفة المتبادلة بين الطفل وأمه على مستقبل شخصيته وصحته النفسية.

فقد دلت الأبحاث العلمية في هذا المجال على أن كثيرا من حالات انحراف الأحداث والكبار أيضا، هي عبارة عن سلوكيات انتقامية يعود سببها في المقام الأول إلى الافتقار للحب والحنان والأمن في الطفولة. كما ثبت أن أطفال الملاجئ والمؤسسات الاجتماعية، الذين حرموا من حب وعطف وحنان الأم، لا يكونون في مستقبلهم أو مستقبل حياتهم أسوياء كالأطفال الذين تمتعوا بحنان الأم وعطفها. ومن هنا يتضح لنا مدى حاجة الطفل إلى الأم وإلى تربيتها له وتوجيهه توجيها دينيا إسلاميا، مما يكون له أبلغ الأثر على نفسيته وعلى توافقه النفسي والاجتماعي، وأن المربية أو الخادمة لن توفر له مثل هذا الحب والحنان والعطف " كبديلة عن الأم وأن هذه الخادمة ستعامله من منظور ما تعلمته هي في بيئتها الاجتماعية والثقافية والدينية، التي هي عاشت فيها. ومن هنا تظهر مدى هذه الخطورة وتأثير أسلوب المربيات أو الخادمات على نفسيات الأطفال وعلى تكيفهم النفسي والاجتماعي، تبعا لدينهم وعاداتهم وتقاليدهم التي تختلف اختلافا كبيرا عن القيم الخلقية والدينية وعادات وتقاليد وثقافة المربية أو الخادمة، خصوصا إذا كانت حديثة العهد بالإسلام ومن غير الناطقين بالعربية، حيث إن من خصائص النمو في مرحلة الطفولة بصفة عامة سرعة النمو في كافة مظاهره، جسميا وفسيولوجيا ونفسيا وحركيا وعقليا ولغويا وانفعاليا واجتماعيا وجنسيا، وفي هذه المرحلة الطفل عجينة يمكن للمربي أن يشكلها كما يريد. ومن هنا يظهر لنا مدى التأثير النفسي والسلوكي للمربية أو الخادمة على النمو النفسي السوي لدى الطفل. والأم باتباعها للتوجيه الإسلامي يمكن أن تعزز وتدعم في نفوس أبنائها كثيرا من العواطف المرغوبة، كحب الله تعالى، وحب رسول الله صلى الله عليه وسلم وحب الوطن وحب الآخرين، وحب الخير، وعاطفة الإيثار، إلى غير ذلك من العواطف الدينية والنفسية المرغوبة. ولا شك أن مثل هذه العواطف ذات أهمية كبرى في حياة الأطفال لأنها تنظم حياتهم الوجدانية والنـزوعية. وبانعدام هذه العواطف تصبح حياتهم ضربا من الفوضى. أو بالمقابل لن تستطيع هذه المربية أو الخادمة التي تقوم بتربية الأطفال أن توصل ذلك للأطفال كبديل للأم الحقيقية. وفي حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ما يوضح لنا أن الأطفال في سن ما قبل التمييز يتميزون بالإحساس المرهف وان من يقوم بتربيتهم قادر على التغيير في عقيدته! حسبما يشاء. حيث يقول صلى الله عليه وسلم : "ما من مولود إلا ويولد على الفطرة فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه " وعندما تحل الخادمة أو المربية الأجنبية محل الأم فثق أن الطفل سيتعامل معها كما يتعامل مع والدته. لذلك تستطيع أن تعده للديانة أو القيم الخلقية التي تفضلها أو سبق وأن اعتادت عليها. وهذا له أثر كبير في توافقه وتكيفه النفسي والشخصي والاجتماعي وأبلغ الأثر في مستقبله الذي قد يصطدم فيه بواقع يختلف عما جبل هو عليه، فيشعر بأنه تائه أو يدور في حلقة مفرغة بين هؤلاء وأولئك. وهذا ما يجعله فريسة للأوهام والوساوس النفسية وربما الاضطرابات النفسية والعقلية.
الؤلؤة البراقة
في بيتنا مشكلات وليست خادمات

إن مشكلات الخادمات في المنازل التي يعملن فيها لا تعد ولا تحصى، إما أن تكون ربة البيت هي السبب أو يكون السبب من الخادمة نفسها، وهذا هو الأكثر شيوعا.

وتنحصر هذه المشكلات في ثلاثة أمور جسيمة وخطيرة تنعكس على المجتمع الذي نعيش فيه.. هذا المجتمع المحافظ على عقيدته الإسلامية وعاداته العربية النبيلة.. ناهيك عن الأمور التي تقل درجة عن سابقاتها. وفي الجملة كلها شر مستطير يجب التصدي لها ويمكن إجمالها في الآتي:


الأمر الأول: الانتحار والتخلص من الحياة بأي وسيلة كانت، ويكون الدافع لذلك إما قسوة ربة البيت في معاملة خادمتها من حيث تصرفاتها والإهانات المستمرة والتضييق عليها حتى تصاب هذه الخادمة بالكآبة والملل.

وإما أن يكون السبب هو الخادمة نفسها حيث تجد الحال في هذه البلاد الطيبة غير الحال في بلادها.. ولم تجد حلا ولا مخرجا من مشكلتها إلا الانتحار والتخلص من هذا الكابوس الذي قد خيم على عقلها وجميع قواها، وتكون النتيجة أن تلقي بنفسها من النوافذ وشرفات المنازل والأسطح فتكون النتيجة الموت.

الأمر الثاني: الهروب من المنزل ليلا أو نهارا دون علم ربة البيت بذلك.

الأمر الثالث: استخدام أساليب عديدة ملتوية أخلاقية تتنافى مع ديننا الحنيف والعقل المتزن المنير.. فبعض الخدم من محترفي الجريمة ومن المنتسبين إلى عصابات الإجرام وما نسمعه ونشاهده من جرائم قتل الأبرياء، فضلا عن نشر المخدرات بين المسلمين حتى يأخذوا من وراء تلك المخدرات الأموال الطائلة. أو قد يكون مدفوعا لأغراض أخرى من تجسس أو نشر أفكار منحرفة أو للتعرف على طبيعة البلد وأهلها لتلمس نقاط الضعف فيهم لاستغلالها ومن ثم التأثير عليهم.

وقد يكون المستقدم من المستضعفين.. وقد أتى لكسب الرزق حقيقة.. ولكن عندما يرى هذا الخادم بعض التصرفات من مخدوميه وتفريطهم في أموالهم وأعراضهم مما يغويه هذا بالجريمة ويطمعه بالغنيمة مع السلامة.

إن واقعنا اليوم يوضح لنا صورة بعض المسلمين وما قصروا فيه من أمور دينهم، وتعديهم لحدود الله وعدم استماعهم لتحذير العلماء من أخطار الخدم وفي وجوب الحد منهم.

}ألم يأن للذين أمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله وما نزل من الحق { إن المآسي والجرائم التي نعيشها اليوم تنطق بأنه آن وحان ذلك اليوم الذي تخشع فيه قلوب الناس وتتبع ما أنزل الله من الحق.

إن على ولاة الأمور أن يتقوا الله في محارمهم وأعراضهم التي استهانوا بها وما أعاروها اهتماما، وتخلوا عن الأمانة التي على كاهلهم والتي سيسألون عنها }يوم لا ينفع مال ولا بنون * إلا من أتى الله بقلب سليم { إن ذلك اليوم هو أشد على الظهر من حمل الجبال.

إن السبب في التخلي عن هذه الأمانة هو الإهمال والتفريط والكسل والجري وراء ملذات الحياة الدنيا ومتاعها.. فهم ماديون بمعنى هذه الكلمة، فلا يهمهم صلاح أو فساد أولادهم.. فلا هم لهم سوى جمع المال وكسبه من جميع الطرق التي يمكن أن يجمعوه منها.

ولقد صدق محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم حين قال: "تعس عبد الدينار والدرهم والقطيفة والخميصة، إن أعطي رضي، وإن لم يعط لم يرض " رواه البخاري.

إن كثيرا من أرباب الأسر لا يشعرون بخطورة هذا الأمر ولا بفداحة هذا الخطب.. حتى لو كانوا صالحين في أنفسهم، فما بالك لو كانوا غير ذلك. ممن يدرك أن هذا الفساد له ولأهله ولذريته من بعده فيرى بأم عينه كيف يتسلل أولاده الكبار إلى المعصية وأطفاله إلى الميوعة.. وكيف تنزلق بناته في المزالق وكيف تختلي زوجته بالأجانب من السائقين والخدم.. ومع ذلك يغمض عينيه كأنه لا يرى شيئا ولا يعلم شيئا.

أو لا يدرون ما يصنعون ويظنون أن لا مسئولية عليهم فيما يفعل ابنه ولا مسئولية عليه فيما تفعل ابنته.

والله.. ليسألن الوالد عن ولده.. والولد عن أبيه }وقفوهم إنهم مسئولون {. إن البعض يدرون أن ما يجري في بيوتهم خطأ.. وأيما خطأ ولكنهم لا يستطيعون التغيير. بل عاجزون عنه.

إن صلابة الإيمان.. وقوة الوازع الديني في النفس وصدق العزيمة كاف بعد عون الله على التغيير.

إن استحضار عظمة الله في النفوس وما أعد للطائعين من نعيم.. وللعاصين من عذاب.. إن في استحضار ذلك لأكبر الأثر على التغيير.

ولقد صدق رسول الإنسانية عليه أفضل الصلوات والتسليم ما رأيت مثل النار نام هاربها، ولا مثل الجنة نام طالبها" .

فحري بنا أن ندرك عاقبة ذلك في الدنيا وعند الله في الآخرة }يا أيها الذين أمنوا اتقوا الله ولتنظر نفس ما قدمت لغد واتقوا الله إن الله خبير بما تعملون {.

وعلى الأمهات أن يتقين الله في أنفسهن وفي أزواجهن وأولادهن فبعض أمهات اليوم لسن جديرات بحمل هذا اللقب، فالأم هي التي تربي }يا أيها الذين أمنوا قوا أنفسكم وأهليكم نارا وقودها الناس والحجارة{.

أما بعض النساء اليوم فهن إما جاهلات أو متجاهلات بما يصلحهن ويصلح أسرهن.. فهؤلاء لا تراعي الواحدة منهن ظروف زوجها المادية التي لا تسمح باستقدام الخادمة وكل ذلك وراءه التقليد والمجاراة.. والإحساس بالنقص تجاه الآخرين، حتى أن إحداهن لتستحي أن تذهب إلى الحفلات والمناسبات المختلفة التي تدعى لها بسبب عدم وجود خادمة لها.إن على كل امرأة أن تنتبه، فالأمر شديد الخطورة، عندما تترك الأم أطفالها للخادمة لتقوم بتربيتهم وتعطيها المسئولية الكاملة في التصرف.. وتتخلى الأم عنها فيشب الطفل المسلم على أخلاق اليهود والنصارى والبوذيين والهندوسيين وعاداتهم، منحرف الأخلاق متميع العقيدة مهزوز الشخصية، فيشب الطفل في أقل أحواله- إذا تخلت الأم عنه- مسلما منحرف العقيدة.
الؤلؤة البراقة
اما بالنسبة للهروب والأنتحار للخادمات



إن هروب الخادمات من منازل كفلائهن أصبح ظاهرة مزمنة.، ثابتة لا تقبل الجدل. لقد تحولت هذه الظاهرة فعلا إلى قلق اجتماعي يعاني منه كثير من الأسر.

إن قضية هروب الخادمات قضية خطيرة. فهل يعقل أن تهرب ثلاث خادمات خلال ست سنوات ولم يمض على قدوم الأخيرة سوى أربعة شهور فقط ثم هربت. ويبدو أن ترتيب هربها قد تم قبل مجيئها عن طريق عملاء يتاجرون في هذه السوق السوداء للخادمات كما يسميها الأستاذ علي العمير.

إن إحصاءات الخادمات الهاربات بلغت الآلاف.. كما أن كثيرا من المواطنين سئموا التبليغ عن هرب خادماتهم لشعورهم ألا فائدة ترجى من ذلك.. بل إن المبلغ أصبح ينظر إليه بشذر في بعض أقسام الشرطة وكأنه هو المذنب وليس الخادمة الهاربة بدون حق.

لعل قضية هروب الخادمات من المنازل أصبحت تحتل مرتبة متقدمة في جدول اهتمامات المعلمات وهمومهن كما قالت إحدى المعلمات. ويرى الدكتور عبد القادر طاش بجريدة المدينة أن هذه الظاهرة المقلقة للكثير من العائلات تحتاج حقا لاهتمام جاد من قبل المسئولين في الدولة ولا ينبغي الاستسلام لتلك النظرة السائدة التي ترى أن هروب الخادمات سببه الوحيد" سوء معاملتهن من قبل كفلائهن. إن المسألة أكبر من ذلك. لقد تحولت إلى نوع من التجارة غير المشروعة التي يقوم بها بعض ضعاف النفوس من المتسترين المواطنين ومجموعات من المقيمين المستفيدين. ولا يستبعد تورط بعض الأشخاص ممن لهم علاقة بقنصليات بلدانهم.

ويضيف أن هذه الظاهرة ما كان يمكن أن تنتشر لو لم تجد "الخادمات الهاربات " من المواطنين إقبالا على تشغيلهن لديهم عن طريق السوق السوداء، دون اهتمام بمخالفة الأنظمة، أو دون احترام لما يعنيه مثل هذا التستر من ضياع لحقوق المواطنين من و أصحاب الحق في هذه العمالة. ويتساءل د. عبد القادر واصفا الواقع المرير المخالف للأنظمة والذي قد يشعر فاعله بوخز الضمير وتأنيبه "ماذا يفعل المواطن الذي يضطر إلى جلب هؤلاء الخادمات الهاربات وتشغيلهن، إذا كان يحس بأن اتباعه للأنظمة يكلفه أموالا قد تذهب هدرا وتسبب له في النهاية قلقا.

فمسئولية تفاقم ظاهرة هروب الخادمات لا يتحملها المواطن

وحده، بل لابد أن ننظر للمشكلة من جوانبها المختلفة. فالمسئول الأول عن هذه الظاهرة هم أولئك الذين يتاجرون بالخادمات سواء أكانوا المتسترين عليهن من المواطنين الذين خانوا أمانة الوطن، أو المجموعات أو العصابات المكونة من المقيمين المستفيدين من هذه التجارة.. ولو وجد هؤلاء وأولئك العقاب الرادع لتغير الحال كثيرا.

ومن المشكلات الأخرى التي يعاني منها المواطن المستقدم للخادمة هي مشكلة هروب الخادمات والتي تعرض المواطن لمسئوليات عديدة، إضافة للخسارة المادية.. وأحيانا قد تقدم الخادمة على السقوط من ارتفاع بعيد لتتمكن من الهروب فيحدث لها كسور فيكون المواطن مسئولا عن علاجها.

ويقول المواطن سعد محمد الجهني في التحقيق الذي أجرته جريدة الجزيرة إن هروب الخادمات ظاهرة شجع على استفحالها تشجيع بعض المواطنين باستقبال الخادمات الهاربات ومنحهن رواتب مجزية والتستر عليهن رغم أن الأنظمة تمنع ذلك. ولكن للأسف أن البعض يتجاوز كل الأنظمة والقوانين وهذا ما شجع على هروب الخادمات. والمطلوب هو توعية المواطن بمخاطر هذه المخالفات وسلبياتها للحد من هذه الظاهرة.

وحول ظاهرة انتحار الخادمات أجرت جريدة القبس الكويتية تحقيقا عن الأسباب التي تقف وراء هذه الظاهرة وفي ذلك يقول الأستاذ مشاري خالد: للأسف هذه الظاهرة تفشت في مجتمعنا في الفترة الأخيرة.. وهذا شيء غريب علينا.. وأعتقد أن هناك أسبابا عديدة تدفع الخادمة للانتحار، وأهمها في اعتقادي المعاملة السيئة التي يمارسها البعض مع الخادمات.. وهو ما يدفعها في النهاية إلى اليأس والإحباط والانتحار. ولو أحسن هؤلاء القلة معاملة هؤلاء الخدم لما أقدموا على هذا وما أقدموا على الانتقام أو إيذاء أهل البيت.

كما يرى خالد المطيري أن الخادمة تأتي من مجتمع يختلف تماما عنا في العادات والتقاليد والدين. والأخطر في الموضوع ليس في انتحار الخادمات، بل قبل ذلك يجب أن نناقش خطورة وجود مثل هؤلاء الخدم في البيوت وتشبع الأبناء بالعادات والتقاليد والقيم الغريبة عن مجتمعنا. وإذا كنا نسمع منذ فترة عن حوادث الخدم في حق المخدومين، فها نحن نسمع عن انتحار الخادمات. وهنا لابد من وقفة لتصحيح الخطأ من جلب هؤلاء الخدم .

وتواصل الجريدة عرض الأسباب الكامنة وراء ظاهرة الانتحار للخادمات فتقول شروق العنزي إنه في الفترة الأخيرة . زادت حوادث الخدم بشكل مرعب.. فنحن نسمع عن وضع الخادمة السم في الطعام أو إيذاء الأطفال أو التبول في الماء.. وكل هذا مؤشر غير سوي لما يحدث الآن من انتحار الخادمات.. وأنا أفكر ألف مرة قبل جلب خادمة لبيتي وأضعها تحت المراقبة باستمرار. لكن في مقابل ذلك يجب أن تعامل الخادمة معاملة طيبة وبطريقة إنسانية وأن تأخذ حقوقها كاملة، سواء في المأكل أو الملبس أو الراتب أو الراحة.

ويرى عبد الله الدوسري أنه قبل أن نتحدث عن انتحار الخادمات فلابد أن نعرف الظروف المحيطة بقدوم هذه الخادمة إلى بلادنا.. لقد تركت بلادها من أجل كسب مبالغ زهيدة تعود بها إلى بلادها. وتركت بلدها وأهلها وربما زوجها وأولادها. وعندما تعيش لفترة طويلة وتشعر بالإحباط لعدم كسب هذه المبالغ فهي تشعر باليأس وعدم الرغبة بالعودة بخفي حنين إلى بلادها، فتقرر الانتحار.. هذا بالإضافة لأسباب أخرى مثل المعاملة غير اللائقة من البعض.. وأنا أعرف خادمات يعشن في بعض البيوت منذ سنوات طويلة ولم يفكرن في الانتحار لأنهن يعاملن معاملة طيبة.

ويرى أسامة الهاجري: أن انتحار الخادمات ظاهرة غريبة جدا ويجب على المتخصصين دراستها لمعرفة أسبابها ووضع حلول مناسبة لها، لأن الانتحار ظاهرة دخيلة على مجتمعنا الإسلامي. وإذا كان البعض يشير للمعاملة السيئة والظلم الواقع على الخادمة فإن الإسلام يأمرنا بمعاملة الخدم معاملة إنسانية كما لو كانوا من أفراد الأسرة، لهم ما لهم وعليهم ما عليهم.

أما عنود البدر فتقول إن انتحار الخادمات في الفترة الأخيرة يفتح أمامنا الباب للتفكير في الاستغناء عن الخادمات في بيوتنا.. فلابد من عودة المرأة لبيتها وممارسة مهامها كأم وربة بيت، ولا أعني أن تترك المرأة العمل إنما تنظم وقتها بين العمل والبيت، وإذا كانت الحاجة إلى خادمة يجب أن يكون في أضيق الحدود ولابد من وضع قيود وضوابط لعمل الخدم، سواء من الناحية الطبية أو معاملة المخدوم أو الحصول على الراتب المناسب كي نقضي على هذه الظاهرة والمشاكل الناتجة عنها .

وهذه قصة، فقد انتحرت إحدى الشغالات الأندونيسيات لدى قفزها من الدور التاسع من منزل مكفولها. وكان المارة في الشارع العام المحاذي لإسكان المعذر لمدينة الرياض قد تفاجأوا بسقوط مدو للشغالة لتلقى مصرعها على الفور. وأوضح كفيل الشغالة أن هذه الخادمة تعمل لديه منذ ما يقارب السنة والنصف.

وقد لاحظ تغيرا في أوضاعها وحالتها وانعزالها المتكرر في غرف المنزل، وبين الكفيل أن شغالته تسلمت رسالة من ذويها مطلع الأسبوع الذي حدثت فيه الحادثة وواصلت وتيرة الانعزال أثار استغرابنا. وبعد صلاة الظهر لم تجد زوجتي الشغالة وبحت عنها طويلا ولم تجدها، ووجدت باب غرفتها مفتوحا والنافذة مفتوحة، وحينما نظرت من النافذة وجدتها مرمية على إسفلت الشارع منتحرة. وقد شاهدها أحد المواطنين وهي تقفز من الدور التاسع إلى الأرض لتلقى حتفها على الفور.
الؤلؤة البراقة
--------------------------------------------------------------------------------

ما هي الدوافع والأسباب للظاهرة ….
إن أسباب عملية الانتحار تتركز بشكل عام على الأسباب المادية .وهذه الأسباب تتركز غالبا في الضيق المالي .. وقد يكون هذا الشخص قد فشل في جمع المال الذي يعينه على الحياة داخل الكويت ، إلى جانب عدم تمكنه من جمع المبالغ التي يرسلها لأسرته التي تنتظره ليحقق لهم أملهم في حياة كريمة وبالتالي فشله في تحقيق طموحه وطموح أسرته .. ومن هنا تضيق به الحياة ولذلك فإن التفكير القاصر للبعض يؤدي به للتخليص من الحياة.

كما تتركز الأسباب في المشاكل العائلية سواء بسبب المضايقات النفسية أو الاجتماعية.. ولذلك يحاول الشخص التخلص من هذه المشاكل بطريقة أسوأ.

وعما إذا كانت المعاملة السيئة من قبل المخدوم هي السبب في إقدام الخادمة على الانتحار، يقول العقيد بدر صالح مدير العلاقات العامة بوزارة الداخلية الكويتية: بالطبع هناك أشخاص يعاملون خدمهم معاملة سيئة وهناك خدم أيضا يعاملون مخدوميهم معاملة سيئة، ولا يقومون بواجبهم كما يجب. وقد رأينا كثيرا أن بعض الخادمات يضعن القاذورات في طعام مخدوميهم، منها البول في حليب الطفل كنوع من الانتقام .

وهنا لا نستطيع أن نقول هذا هو السيئ أو ذاك هو السيئ، إنما كلا النوعين موجود.. وشخصيا لدي خادمتان منذ 22 عاما، تعملان ولا تفكران في العودة إلى بلدهما، لأننا نعاملهما معاملة جيدة. وهما في المقابل تعاملاننا معاملة جيدة ويوضح طرق الانتحار وأساليبه فيقول : إن أكثر حالات الانتحار تتم من خلال الشنق بالتعليق عبر المروحة ، وهذا النوع لا يستطيع المنتحر التخلص منه إذا حاول التراجع . إني أذكر الجميع بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم(كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته )) وحتى الخادم كذلك. وأقول للمخدوم: الخدم يخدمونك أكثر من أبنائك وزوجتك.. وبالتالي لابد من المعاملة الجيدة وإعطائهم إكرامية أو منحهم إجازات لرؤية أهلهم وأبنائهم، وهذا حقهم وواجب عليك.. كذلك الاهتمامات بطعامهم وملابسهم ومكان النوم النظيف، ولابد أنك في المقابل ستجد من الخادم المعاملة الحسنة بالمثل.. ويضيف، أقول: الله.. الله في الخدم لأنهم أصبحوا الآن جزءا أساسيا في البيت. إن أكثر المشاكل التي يحدثها الخدم هي الهروب.. وهي مشكلة تضايق رب الأسرة وتضايقنا نحن كجهة أمنية في البحت والتحري عن الخادمة أو الخادم. وكذلك الأمر بالنسبة للشخص الذي يؤوي المتغيب تقع عليه مسئولية وهنا المسئولية مشتركة بين الكفيل الذي يجب عليه أن يقوم بالإبلاغ والشخص الذي يؤويه وكذلك هناك مسئولية على الشخص الهارب. ولا تزال الصحف تطالعنا بجرائم الخدم ومحاولات الانتحار والقتل المتعمد، فهذه خادمة أقدمت مؤخرا على طعن كفيلها وهو يشاهد التليفزيون. وقال المواطن إنه فوجئ بالخادمة السيرلانكية بمهاجمته في صالون البيت أثناء مشاهدة برنامج تليفزيوني وهي تحمل سكينتين واستطاعت الخادمة أن توجه له طعنة في صدره نقل على أثرها للعلاج في أحد المستشفيات. وقال: لقد كادت توجه طعنة أخرى إلا أنني استطعت الإمساك بها والصراخ بصوت عال طالباً النجدة.. هرع من في المنزل على أثره. وقال نجل المصاب والذي كان في الطابق العلوي من البيت أثناء وقوع الحادثة.. إن الخادمة لم يمض على استقدامها 25 يوماً قبل أن تقوم بفعلتها. والقصة بدأت عندما طلبت زوجة المصاب ووالده من الخادمة أن تنتقل من غرفة حارة الطقس والجلوس في غرفة مكيفة.. فقامت وتوجهت للحمام ثم خرجت إلى المطبخ وعادت وهي تحمل السكينتين واستطاعت الأم أن تغلق عليها الباب لإحدى الغرف بعد أن أدخلتها فيها ثم تم استدعاء الشرطة. وأثناء التحقيق معها لم تتحدث مطلقا ثم نقلت لمستشفى للأمراض العقلية والنفسية وبعد أن تنازل المصاب عن حقه تجاهها قام قسم الترحيل بالجوازات بترحيلها إلى بلادها. وقال الابن إن الخادمة السيرلانكية في العشرينيات من عمرها ولديها ولدان تركتهما في بلادها. وقد لاحظت العائلة على الخادمة حنينها إلى أبنائها وكانت تضع وسادة في حضنها وتربت عليها بشكل يشبه التربيت على طفلها. وحكاية أخرى تقول: ألقت خادمة أندونيسية بنفسها من الدور الثالث بعد خصام كلامي مع زوجة مكفولها.. ونجت من إصابة شبه مؤكدة وذلك بعناية من الله.. حيثما سقطت على سطح إحدى السيارات الواقفة أسفل العمارة التي تعمل فيها الخادمة. كفيل الخادمة حمل الخادمة إلى المستشفى وبعد الكشف عليها اتضح أنها سليمة ولم تصب بأي أذى وتتمتع بصحة جيدة مشيرا إلى أن هذه الخادمة هي الثالثة من نفس الجنسية التي يستقدمها خلال أقل من عامين، حيث هربت الخادمة الأولى إلى جهة غير معلومة وكذلك الثانية.. مبديا استغرابه من تصرفات الخادمات وعدم رغبتهن في العمل بعد وصولهن إلى المملكة بعدة أيام. وفي هذا الصدد استيقظ سكان أحد الأحياء على صوت صراخ ((نسائي )) فإذا بإحدى الخادمات مصابة في نحرها اثر طعنة سكين حادة من خادمة الجيران. ويتلخص الموضوع في أن الخادمة المتهمة لها علاقة بسائق جيران آخرين في نفس الحي والخادمة المصابة لها علاقة أيضا بنفس السائق. فقد كانت الخادمة الأولى تتردد على السائق باستمرار. وفي إحدى المرات وأثناء ذهابها إليه لمحتها الخادمة "المصابة" فتشاجرت الاثنتان معا، فأخذت الخادمة الأولى سكيناً من نفس موقع المشاجرة وقامت بطعن الخادمة الأخرى. الخادمة المصابة نقلت لتعالج في المستشفى والخادمة المتهمة حولت لقسم الشرطة. كما تم إنقاذ خادمة من الانتحار بعد إصابتها بحالة هستيرية اثر تلقيها رسالة من ذويها تضمنت أن زوجها قام بالزواج عليها من أخرى. وقد تمكنت العائلة التي تعمل الخادمة لديها من نقل الخادمة إلى أحد المستشفيات بعد محاولتها الحصول على آلة حادة لقتل نفسها. وقد تم تنويم الخادمة في أحد المستشفيات تمهيدا لترحيلها بعد ثبوت إصابتها ببعض الأمراض النفسية. وما رأي الطب النفسي وعلم الاجتماع في ظاهرة انتحار الخادمات؟ ترى الدكتورة نضال الموسوي أستاذة علم الاجتماع أن أسباب انتحار الخادمات في الفترة الأخيرة كثيرة ومتعددة.. فبعض الخادمات قد يغلب عليهن المرض النفسي وهذه الفئة قادمة إلينا وعليها ضغوط نفسيه هائلة، مثل ترك الأولاد والزوج والأهل وابتعادها عن بلادها لسنوات طويلة. هذا يؤدي إلى عدم استقرارها نفسيا وتكون صيدا سهلا للتفكير في الانتحار. ولا نستطيع أن ننكر أن المعاملة اللاإنسانية للخادمات تشكل أهم أسباب الانتحار. فالبعض يتعامل مع الخادمات بطريقة غير آدمية ويعرضهن للضرب والحبس في البيت. وهذا يؤدي بهن إلى الهرب أو الانتحار. وهنا أنصح كل ربة منزل بالتخلص من خادمتها إذا شعرت بعدم رغبتها في عملها في بيتها، لأن إجبار الخادمة على العمل في البيت له مضار كثيرة، مثل السرقة وإيذاء الأطفال أو وضع السم في الطعام بدافع الانتقام. فالتضحية بمبلغ زهيد أفضل من إجبار الخادمة على العمل في المنزل ولا نعرف ماذا ستفعله. إن الحد من هذه الظاهرة يتأتى ببعض الشروط الإنسانية. فالمعاملة الإنسانية التي ينادي بها إسلامنا الحنيف للخدم يؤدي إلى إخلاصها في خدمتنا واتقاء شرها.. كما لابد من جلب خدم يتفقون معنا في العادات والتقاليد والدين.. ولابد من الكشف الطبي والنفسي باستمرار على الخادمات وإعطاء الخادمة حقها في الراتب والراحة والإجازة. وأخيرا إذا رغبت الخادمة في ترك المنزل فلا نجبرها على البقاء لأن ذلك الإجبار قد يؤدي إلى ما لا تحمد عقباه. ويعلق العقيد بدر صالح مدير العلاقات العامة بوزارة الداخلية الكويتية على موضوع الانتحار بشكل عام والخادمات بشكل خاص(أولا يقول الله تعالى:{ ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق} فعملية الانتحار محرمة دينياً ومحرمة اجتماعياً في كل معاني العرف والعادات. لكن قد تجد البعض يقدمون عليها كآخر ورقة لديهم يستعملونها بقرار شخصي. والغالب في عملية الانتحار يظهر في غير الكويتيين.. وإن كانت هناك حالات نادرة من قبل الكويتيين، لكن الغالب من العمالة الوافدة والسواد الأعظم من شرق وجنوب شرق أسيا.

صور حية لانحرافات الخدم

وتتعدد مشكلات الخادمات وتتنوع باستخدام أساليب متعددة إجرامية منافية للعقل والدين، ما بين جرائم أخلاقية وممارسة الرذيلة والزنا.. إلى الغواية بالأزواج ونصب الشراك حولهم لابتزازهم أو الزواج منهم.. أو نشر المخدرات.. أو عصابات التهريب.. والتجسس أو نشر الأفكار المضللة المنحرفة.. أو جرائم السحر والشعوذة وجرائم السرقة.. وقتل الأبرياء من الأطفال أو بث الرعب والفزع في نفوسهم وتعذيبهم بأحدث وسائل التعذيب والترهيب أو نشر الأمراض والعدوى والتسمم بوضع البول أو البراز أو الدم الفاسد النجس في الطعام والشراب.. أو العلاقات الشاذة المريبة بين الخدم وغيرها مما تطالعنا به الصحف كل يوم من فضائح وجرائم الخدم التي يندى لها الجبين.

سحر

قصة غريبة وعجيبة ترددها الألسن ونشرتها جريدة عكاظ بتاريخ 23/ 11/ 998 1 م العدد 11781.

إنها خادمة تسحر مخدومتها وتمنعها من الولادة رغم مرور أكثر من شهر على موعدها.

والقصة كما رواها الزوج ليست ضربا من الخيال ولكنها وقعت بالفعل وكشفتها الصدفة البحتة أثناء الرقية الشرعية على الزوجة بعدما فشلت كل محاولات الأطباء في إخراج الجنين الذي "تكور" في بطن الأم المسحورة. فما أن قرأ الشيخ على الزوجة الحامل وكانت بجوارها خادمتها تمسك بأرجلها حتى صاحت الخادمة واضطربت وأخذت تهذي بكلمات غير مفهومة، مهددة بالقتل والوعيد لكل من يقف في وجهها. وأخرجت من تحت عباءتها حزاما بلونين أسود وأصفر، يحتوي على لفافات من الأوراق والمطويات والطلاسم قائلة بأنها بذلك تجعل الزوجة خاتماً في إصبعها، تحركها كما تريد وتأخذ منها ما تشاء.

ووسط ذهول الجميع أفاقت الزوجة الحامل من آلامها، وأسرع الزوج بها إلى غرفة الولادة. وبفضل من الله وضعت طفلا جميلا بطريقة طبيعية وتم ترحيل الخادمة الشريرة..وروى الزوج لنا تفاصيل الحكاية.. "فمنذ ثلاث سنوات استقدمت خادمة آسيوية وفجأة طلبت تأشيرة خروج وعودة فوافقت. ثم عادت إلينا، وليتها لم ترجع، فقد تغيرت أحوالها وطريقة معاملتها عما قبل.. فقد كانت مطيعة للجميع وتحافظ على أداء الصلوات في وقتها. وإنها تبدلت وأصبحت تملي علينا شروطها ولا نرد لها طلبا. وشاءت إرادة الله أن تحمل زوجتي، ولما حان وقت الولادة ذهبت إلى المستشفى وهناك كانت المفاجأة، ظلت زوجتي تتألم وظهرت تباشير وعلامات الولادة ولكنها لم تلد. ولارتفاع السكر عندها نصحني الطبيب بعدم إجراء عملية قيصرية، مفضلا، إحضار أحد الشيوخ للقراءة عليها "رقية شرعية". ومضى أسبوع ولم تلد زوجتي. وكلما ذهبنا إلى مستشفى أو مستوصف، قال الأطباء الطلق موجود وبقوة ولكن الجنين "يتكور" في الجهة العلوية اليسرى من البطن، مما تتعذر معه عملية الولادة.

واحترت وقتها ماذا أفعل بزوجتي التي هي بين الحياة والموت ووليدي المنتظر لم يخرج بعد.

بدت خيوط الفجر، وبعد الصلاة أسرعت للشيخ وطلبت منه القراءة على زوجتي. فاستغرب الشيخ مجيئي في هذا الوقت، فقد اعتاد القراءة بعد صلاة العصر، ولكن أمام حالتي وبعد أن استمع لظروف زوجتي التي فات على موعد ولادتها شهر وستة أيام، تفهم الموقف وقصصت عليه ما يحدث لزوجتي وقت جلوسها للولادة. وبدأ الشيخ قراءته بصوت مرتفع، فيما كانت الخادمة تجلس عند أرجل زوجتي. وما أن انتهى قراءة الآيات الأخيرة من سورة البقرة حتى فوجئنا بالخادمة تقف مضطربة وتهذي بعبارات غير مفهومة، وعندما بدأ الشيخ يقرأ آيات فك السحر من سورة الصافات وسورة الرحمن، زاد اضطراب الخادمة وصاحت بأعلى صوت لا.. لا..

وعندما انتهى الشيخ من القراءة على زوجتي سألني، من هذه المرأة؟ فقلت: الخادمة التي تعمل عندنا. فاتجه الشيخ صوبها ليقرأ عليها القران ويهدئ من روعها، فأخذت أطرافها ترتعش بقوة وتضرب في الأرض بقدمها اليسرى، ثم كشفت عن وجهها وأطلت من عينيها شرارات نارية وأخذت تهددنا بأنها ستحرقنا وتقتلنا واستمرت في سبها وشتمها وقالت بصوت عال أنا التي سحرتها حتى آخذ منكم ما أريد وسأفعل وأفعل. وعندها لم أتمالك نفسي ووقفت مذعورا أطالبها بإخراج السحر، فيما استمر الشيخ في القراءة عليها فأخرجت الخادمة لفافتين مقسمتين إلى مربعات ومستطيلات على شكل حزام رفيع لونه أصفر وأسود، فألجمت الدهشة لساني واستمر الشيخ يقرأ وبفضل من الله تمت الولادة طبيعية وفي دقائق معدودة ورزقني الله بمولود جميل. وقمت بترحيل الخادمة إلى بلادها ورحلت معها دوافعها الشريرة، وإن كنت نادما على ترحيلها حيث كان من المفترض تسليمها للجهات المختصة لتنال جزاءها. أما لفافتها المربعة والمستطيلة فقد تركتها لدى الشيخ لإتلافها وإبطالها بكتاب الله، حيث كانت تحوي أوراقا مطوية تفوح منها رائحة كريهة جدا بالإضافة لأوراق أخرى مكتوبة بلغة الخادمة ومدعمة بجداول وطلاسم غير مفهومة.

وتحول الماء النظيف لدم أحمر

وتقول إحدى السيدات: إنه عند وصول الخادمة إلى منزلها قامت بتفتيشها وهالها ما رأت: حزام عبارة عن عدة أجزاء لف حول وسطها ومثبت بمشبك خاص وكل جزء به شيء مختلف، قسم به مسحوق البيض داخل كيس من النايلون وكيس آخر به بهار أسود وقسم آخر به مسامير وشعر وزجاج مطحون.. وعندها قمت بنزع الحزام من جسدها ووضعه داخل الماء.. ودهشت لما رأيته، عندما رأيت الماء النظيف يتحول لدم أحمر ذي رائحة كريهة غير مستساغة وقد تم ترحيلها في نفس اليوم اتقاء لشرها.

المنوم لراحة الخادمة

وخادمة تنوم العائلة لراحتها. يقول صاحب المنزل: فور وصول الخادمة إلى منزلنا أصبحنا كسالى نغط في نوم عميق، لا نصحو منه إلا قليلا من أجل الشرب أو تناول الطعام ومن ثم العودة إلى أسرة النوم الذي لا ينتهي.. ولقد حذرنا الأهل والأقارب من أمر ما قد حدث لنا على يد الخادمة، لأن ما نحن فيه شيء غير طبيعي.. وبعد الضغط على الخادمة والتحقيق معها اعترفت بأنها كانت تضع لنا منوما خاصا قوي المفعول، أحضرته من بلادها من أجل عدم، إزعاجها أو إرهاقها بالخدمة.

السحر في الحليب

واعترفت خادمة أنها كانت تضع سحرا عبارة عن مسحوق أبيض داخل إبريق الحليب، بقصد إلحاق الضرر بأفراد الأسرة، حيث يؤدي هذا المسحوق إلى تمزق جدار المعدة تدريجياً. كما كانت تضع مادة سحرية داخل زيت الشعر الخاص بمخدومتها من أجل إسقاط شعرها وتشويهها وكانت تضع مادة سحرية لمخدومها من أجل ربطه عن زوجته ومن أجل إثارة أعصابه على أفراد أسرته بسبب إرهاقهم المستمر لها بمتطلبات المنزل الكبير ورعاية أطفالهم.

عزائم وتعويذات أقوى من السحر

وأخرى تعترف: "إنني أقرأ بعض العزائم والتعويذات التحضيرية والتي هي أقوى وأشد ضررا من السحر. وقامت مخدومتي بضبطي وكادت أن تسفرني إلى بلادي. ولكن ظروفي المعشية صعبة داخل وطني ولا أريد العودة إلى هناك. لقد هربت من مخدومتي التي كشفت سري. كنت استخدم تلك "التعزيمة" قصد إجبارهم على إعطائي مرتبي دون تأخير أو مماطلة )).

وآخر موضة طالعتنا بها الخدم لفنون السحر الخفي، هي جلب بعض الكتب الدينية التي تحتوي على أدعية وأذكار ويقبع داخلها أدعية شركية للاستعانة بغير الله من كبار الجن وغيرهم، من أجل إلحاق الضرر بالمخدوم.. وتقول معلمة بمدرسة ثانوية وأم لعدد من الأبناء: "كنت أعيش حياة هادئة ومستقرة مع زوجي وأبنائي، وكانت صحتي على خير ما يرام ولكن تغير الوضع بعد قدوم الخادمة الجديدة، حيث لاحظت أنها تقوم ببعض التصرفات الغريبة إلى جانب ممارستها لبعض الطقوس. لم أعرها أي اهتمام ولكن فجأة تدهورت صحتي وأصبحت أعاني من حالة أرق شديدة استمرت لعدة أيام دون نوم، حتى أصبت بالإرهاق والإعياء التام وأصبحت لا أغادر سريري أبدا وأهملت شئون زوجي وأطفالي وجميع شئون المنزل، إلى جانب أنني أصبحت كالقطة الأليفة أمام الخادمة، لا أجرؤ على إصدار أي أمر أو رفع عيني في عينها. وفي أحد الأيام قالت لي إحدى زميلاتي في المدرسة اذهبي وفتشي أغراض الخادمة، ربما تعثرين لك على دليل يدينها، لأن صحتك تدهورت بعد وصولها فقط.. وبالفعل قمت بإرسال الخادمة إلى والدتي بحجة إحضار شيء ما وأخذت أفتش هنا وهناك وأقلب، وأبعثر في أوراقها، وهالني ما رأيت.. آيات قرآنية مقلوبة وكتاب أخضر تحت مسمى "لمعة الأوراد" يحتوي على بعض الأدعية الدينية وفي داخل الكتاب وجدت إحدى صفحاته قد ثنيت وطويت من طرفها وتبين أن هذه الورقة مهمة جدا للخادمة.. وأخذني الفضول وبدأت بقراءتها وفجأة أصبت بدوار شديد وسمعت صوت إعصار يدور في الغرفة، إلى جانب رعشة وخوف وبرودة في الأطراف. استعذت بالله وتمالكت نفسي وشتات أمري..وجمعت أغراض الخادمة.. وأخذت الكتاب معي وذهبت به إلى امرأة إندونيسية تقطن بجوارنا على دين وخلق وأطلعتها على الكتاب، حيث وضحت لي أن هذه الورقة هي ورقة سحرية خطيرة فيها قسم شديد ومؤثر يجلب أكابر الشياطين ويستحضرهم، ولا يملكون أمامها سوى الطاعة العمياء. وضررها وخطرها أشد وطأة من السحر، لأن فيها شركا عظيما للاستعانة بغير الله. بعد ذلك يتم الاتفاق بين الساحر والشيطان دون وجود مادة ظاهرة للسحر من أجل الإضرار بكافة أشكاله الظاهرة والباطنة. ومن شروط قراءة هذه الورقة الصوم لمدة ثلاثة أيام وعدم أكل اللحوم خلال هذه الفترة ثم قراءتها في جو هادئ مظلم.

وبعد مواجهة الخادمة اعترفت بكل شيء.. بأنها قبل حضورها للبلاد ذهبت لكاهن "ساحر" معروف من أجل أخذ بعض "العزائم " والطلاسم الكفرية والسحرية، سواء كانت عبارة عن أوراق أو مسحوق بودرة أو باخور أو نشارة خشب وكلها ذات تأثير

وضرر وكل هذه الأشياء بمثابة أسلحة تستخدم عند الضرورة.

واعترفت أن كل الخادمات من بلدها يفعلن ذلك.وقد كانت هذه الخادمة تقوم بقراءة التعزيمة واستحضار الشياطين وإصدار الأوامر لهم بإيذائي دون استخدام مواد سحرية.وبعد ترحيل الخادمة عادت حياتي وصحتي كما كانت على أحسن وجه ولله الحمد من قبل ومن بعد.

سرقة.. إجرام..إهمال