يحتاج المرء أحيانا إلى طريقة مناسبة للحوار، وقد يبدأ بموضوع ما ليكون مدخلا للحوار وليس بداية للحوار، ولذلك لا يقال عن حوار أنه غير مهذب أو أنه يفتقر لأدنى مستويات الحوار الناجح. وليس استئناف الحوار يعني بالضرورة الاستسلام والهزيمة.
اعتقد أن الحوار الناجح يجب أن يقوم على حسن النية والشفافية والصدق والبحث عن الحقيقة واستنتاج الحقائق من الدلائل مما يقال أو يكتب ولا يكون للظنون وسوء النية مكان في الحوار.
كما أنه ليس كل ما يقال هو حوار موجّه، فقد يكون مجرد مشاركة، والمرء الذي يريد أن يحاور بصدق يعلنها صريحة: مصارحة ومصالحة ومراجعة وإعادة تقييم للأمور.
إذا أحسنّا الظن في محاورنا وعرفنا سلوكه وخلقه جيدا فلا يجب أن نتهمه بأنه يسعى إلى الانتقام أو التعذيب، فهذا ليس خلق المسلم الذي يخاف الله ويحب الناس.
إن من أخلاقيات ديننا الإسلامي:
وقال صلى الله عليه وسلم: (ما من شئ أثقل في ميزان العبد المؤمن يوم القيامة من حسن الخلق، وإن الله يبغض الفاحش البذئ)
قال الله تعالى: "إنما المؤمنون إخوة"
قال الله تعالى: "يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين"
وقال الله تعالى: "والذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات بغير ما اكتسبوا فقد احتملوا بهتانا وإثما مبينا"
وقال صلى الله عليه وسلم: (المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده، والمهاجر من هجر ما نهى الله عنه)
وقال صلى الله عليه وسلم: (لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحبه لنفسه)
وقال صلى الله عليه وسلم: (لا تظهر الشماتة لأخيك فيرحمه الله ويبتليك)
وقال صلى الله عليه وسلم: (إن الله تعالى قال: من عادى لي وليّا فقد آذنته بالحرب ...)
أما إذا كان المحاور امرؤ سوء أو إنسان يفتقر إلى التفقه في أخلاقيات دينه، فلا حوار معه إلا فيما يفيد في توعيته وهدايته.
قال الله تعالى: "خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين"
وبصورة عامة على المحاور أن يتبع الحق حيث وجده وأن يكون شجاعا في إعلان استسلامه –ولا عيب في ذلك- إن كان الحق عليه، أما إذا كان الحوار في أمر من أمور الدنيا فهي كما يقال "عرض وطلب" يتخذ فيها القرار المناسب حسب الأحوال واعتبار المنافع والمفاسد لجميع الأطراف والمشاركين في هذا القرار.
أما الصداقة فهي مطلوبة إذا كانت قائمة على الحب في الله والكره في الله، قال صلى الله عليه وسلم: (إن الله تعالى يقول يوم القيامة: أين المتحابّون بجلالي؟ اليوم أظلهم في ظلي يوم لا ظل إلا ظلي)
ويجب على المسلم أن يحب الصالحين ويصادقهم ويصاحبهم –إن أمكن- عسى الله أن يجمعه بهم يوم القيامة في الفردوس الأعلى
أحب الصالحين ولست منهم لعلي أنا بهم شفاعة
وأكره من تجارته المعاصي ولو كنا سويا في البضاعة
أشهد الله تعالى بأني أحب الصالحين وأسأله عز وجل أن يجمعني بهم في الدنيا والآخرة
يحتاج المرء أحيانا إلى طريقة مناسبة للحوار، وقد يبدأ بموضوع ما ليكون مدخلا للحوار وليس بداية...
ضبط النفس والحلم والأناة مطلوب في هذا المجال ولنا في سلفا أسوة فقد جاء أحد المسارعين للعدوان إلى أحد السلف فقال له : لئن قلت لي واحدة لتسمعن بها عشرة ، فرد عليه قائلا : فإن قلت عشرة فلن تسمع واحدة .
وهذا الفضيل بن عياض يبكي وهو يقرا رسالة عبدالله بن المبارك المعروفة التي مطلعها :
يا عابد الحرمين لو أبصرتنا …….. لعلمت أنك في العبادة تلعب
فلم يتعصب الفضيل لطريقته ومنهجه ولم يغضب من ابن المبارك وهو يقول : لعلمت أنك بالعبادة تلعب ، لأنه عرف أن الحق مع ابن المبارك .
وهكذا يجب أن نكون متبعين للحق .. ولا يهم إن كان الحق معك أو معي المهم أن نصل غليه .. وألا يتعصب كل واحد لرايه ويريد أن ينتصر هو .
يقول الشافعي : ما ناظرت أحدا إلا وددت أن الحق معه .
ثم هناك أمر مهم في هذا الجانب ألا وهو : إخلاص النية لله تعالى .. فلا تكتب لبقال كاتب ومثقف ومبدع .. ولا تكتب لتنتصر على أقرانك .. ولا لتبرز وتشتهر .. إنك تتعب في الكتابة والبحث فلا تضيع هذا التعب سدى واجعل نيتك خالصة لله لتحصل على الأجر والثواب .
وصدق الشاعر إذ يقول :
وإذابغى باغ عليك بجهله …….. فاقتله بالمعروف لا بالمنكر
جزاك الله خيرا أخي المحتار أعاذنا الله وغياك من الحيرة والزلل .