$el.classList.remove('shaking'), 820))"
x-transition:enter="ease-out duration-300"
x-transition:enter-start="opacity-0 translate-y-4 sm:translate-y-0 sm:scale-95"
x-transition:enter-end="opacity-100 translate-y-0 sm:scale-100"
x-transition:leave="ease-in duration-200"
x-transition:leave-start="opacity-100 translate-y-0 sm:scale-100"
x-transition:leave-end="opacity-0 translate-y-4 sm:translate-y-0 sm:scale-95"
x-bind:class="modalWidth"
class="inline-block w-full align-bottom bg-white dark:bg-neutral-900 rounded-lg text-right overflow-hidden shadow-xl transform transition-all sm:my-8 sm:align-middle sm:w-full"
id="modal-container"
>
منذ تلك الأيام
التي أجبرتني الأيام على أن أنثني
وأجثو على ركبتي .. كي أتعلم
من أناس .. لم يخطر في ذهني يوما
بأني سأتعلم منهم ..
كنت أعتقد أن الانسان يتعلم فقط من أشخاص
كبار في العمر .. وفي المستوى العلمي والشهادات
ولكن سرعان ما تزعزعت هذه الثقة .. لأعلم
بأن الانسان يمكنه أن يتعلم من أي شيء حوله
وليس شرطا أن يتقبل قبولا غير مشروطا كل ما يتعلمه
بل عليه أن يعرضه على فكره الواعي .. وعلى معتقداته وقيمه
ويناقش بما وهبه الله من مواهب وقدرات حتى يتبين مجى
ما يمكن أن يستخلصه من هذه الدروس.
ولعل لنا في قصة ابني آدم ( هابيل وقابيل ) حين تقاتلا
فقتل قابيل أخاه هابيل .. وتعلم من الغراب !!
.
.
أقول هذا لأني قابلت أناسا على درجات متفاوته من العلم
ولكن جميعهم بلا استثناء كانوا أساتذه بما يملكون من
خبرات وتجارب .. وحصلوا على نتيجتها
وأتيت أنا بقدر الله وقدرته
كي أتعلم علما طازجا
وأعيش تفاصيله
بكل ما يحمل من ألم .. وحزن ..
.
.
.
.
وكان أحد هؤلاء الرائعين
جاسر
هذا الشاب أعتبرته قدوة
.
.
بعد أن جلست مع جاسر وبدأنا في
تبادل الحديث .. وكان يبدو هادئا في ذاته
وكانت تقاسيم وجهه واسلوبه مريح وجذاب
رغم ( الازعاج ) الذي يقوم به في السجن
فهو يحب الحركة .. والحديث مع كل من يمر من حوله
.
.
قال لي جاسر وهو يبتسم كعادته
وبلغته البسيطه .. الخالية من التكلف ..
" أنا - ياطويل العمر ولدت رجل بالغ على طول .. ما عرفت الطفولة ولا المراهقة
تطلقت أمي من أبوي وأنا عمري سبع سنين
لأن أبوي كان مدمن مخدرات
دخلت المدرسة سنة وحده فقط
.
وبعدها جلست في البيت لأن ظروف أمي
صعبه من الناحية الصحية والنفسية والمادية
وكان عندها مكينة خياطه
وتخيط ملابس لجاراتنا
طبعا كان المبلغ اللي نحصل عليه من الخياطه
ما يسوي شي .. بيت ايجار .. وكهرباء وماء
وأكل وشرب .. وكل ما ضاقت الدنيا .. رحت
لأحد خوالي يعطينا شوي فلوس تساعدنا
.
.
ولأني أسمع وأرى حالة أمي
وأشوف الألم في وجهها
قلت لها في يوم
" أمي .. ودي أدور لي أي شغل "
قالت " ياولدي أنت بعد صغير "
قلت " لأ .. أنا رجال "
ومع اصراري لأني أشعر بأمي ومدى معاناتها
قالت " طيب وش تبي تشتغل "
قلت " أي شي .. ان شاء الله لو عامل "
ضمتني أمي هذاك اليوم وبكت بصوت عالي
وهي تقول " الله يحفظك يا جاسر .. الله يحفظك ياجاسر .. الله يوفقك وين ما وجهت وجهك "
وفي حضنها حسيت بالدفء .. والحنان .. والأمن
وبقيت فترة .. حتى هدأت من بكاها
.
.
ومن يومها قررت أكون رجل
كيف ما أدري .. ولكن كان عندي قناعة
واعتقاد جازم بأن هناك طريقة كي أحقق لنا دخل
.
.
كانت أمي حريصة اني أخرج للصلااة في المسجد
وفي يوم .. بعد صلاة العصر
جلست قدام باب المسجد
وكأن فيه مجموعة من كبار السن
يجلسون كل عصرية في ظل المسجد
وجلست قريب منهم
مع أني عادة .. أرجع لأمي على طول بعد الصلاة
ولكن لسبب ما .. لا أعرفه ليش جلست هذا اليوم
أستمع .. وأنظر ..
حتى ألتفت الي واحد من الشيبان وقال
" هاه .. وش عندك ياولد ساره "
قلت له " ماعندي شي "
قال " تعال .. الله يصلحك "
اقتربت من هذا الرجل وكان كبيرا ولحيته بيضاء
قال " كيف أحوالكم .. وكيف أمك "
قلت " الحمدلله .. "
قال " من وين تصرفون على البيت .. "
قلت " أمي تخيط الثياب وتبيعها "
قال " وأنت ؟ "
شعرت بأني سأحقق ما كنت أتمناه .. وقد تكون هذه فرصتي لأجد عمل "
قلت " أنا جالس في البيت .. بس ياليت ألقى شغل أساعد أمي "
سحبني الرجل .. وضمني الى صدره
قال " ياجاسر .. أنت رجال لأنك تفكر مثل الرجال "
ثم أكمل الرجل كلامه
" ان شاء الله يومين أو ثلاثة .. وتجي تشتغل "
فز قلبي .. وانتفضت من الفرح .. وقلت " وين ؟ "
قال " بعد يومين .. أقول لك "
قمت بسرعة .. ورحت للبيت
دفعت الباب بقوة
وأنا أبحث عن أمي لأجدها جالسه على مكينتها
وتخيط ملابس الناس
قلت " أمي أمي .. وش نفسك فيه "
رفعت رأسها وقالت " نفسي فيك أنت "
قلت " من جد والله أمي .. لو كنت رجال وعندي وظيفة .. ويجيني راتب .. وش نفسك أهدي لك "
أشرق وجهها بالنور .. ونظرت في عيوني .. وقالت " الحمدلله رب العالمين .. أنت أكبر وأجمل وأحلى وأغلى هديه "
اقتربت منها وجلست .. وقلت " أنا لقيت لي شغل "
أشرق وجهها أكثر وقالت " وش تقول "
قلت " أ نـ ا .. لـ قـ يـ ت .. شـ غـ ل "
قالت " وش ذا الشغل "
قلت " بعد يومين ان شاء الله ، فيه واحد من المسجد قال بعد يومين تجي تستلم شغلك "
قالت " ومن هو اللي قال لك كذا "
قلت " ما أعرف وش اسمه .. بس اني أشوفه دايما في المسجد "
سكتت أمي .. وأسندت ظهرها على الجدار
وسكتت دقائق .. وأنا أنتظرها تقول شي
.
.
تنفست بعمق وقالت " الله يوفقك .. ويحفظك .. ويكفيك شر خلقه بما شاء وكيف شاء "
.
.
ومرت يومين وأنا أعدها ساعة .. ورا ساعة
مرت يومين .. وأنا أخرج كل يوم وأدور على البقالات والمحلات وأناظر في البضاعة اللي فيها
عشان أختار هدية أمي اللي راح أشتريها من أول راتب
مرت يومين .. وأنا أفكر في المستقبل .. أبشتري بيت ملك لي أنا وأمي
وسيارة نروح بها ونجي بدل ما كنا محبوسين .. ما نروح لأحد ولا أحد يجينا
حتى أخوالي وأعمامي .. ماعاد يجونا ..
لأن أبوي كان مدمن مخدرات
.
.
وبعد يومين
وفي نفس المكان .. لقيت الرجل
جالس في مكانه وعنده أربعه من كبار السن
من الحي .. وقفت بعيد منهم شوي
أترقب .. متى يناديني
وفعلا
قال " تعال ياجاسر "
اقتربت منه وقلت " السلام عليكم "
قال " هلا وعليكم السلام .. جاهز للشغل "
قلت " ايه جاهز "
قال " تعرف تعد .. تجمع .. تطرح .. "
قلت " ايه سهله ذي "
قام الرجل وأمسك بيدي
وسرت معه خطوات
ودخل بي في بقالة بجوار المسجد
قال " تعرف تبيع وتشتري "
قلت " ايه سهله ذي "
قال " طيب .. اجلس هنا - وكان فيه عامل بنجالي - مع نظام الدين وهو بيعلمك الأسعار وكيف تبيع وتشري "
فرحت وقلت " ان شاءالله "
.
.
وبديت أول يوم لي في العمل وعمري ثمان سنين ونصف
.
.