ام يارا القمره
صباحكم .. جميل

أمس الخميس .. شعرت بشوق عميق لسماع أخبار جاسر

ورحت أدور في بعض الأوراق والقصاصات

اللي كانت معي

وكنت أسجل عليها أرقام بعض الناس

اللي أقابلهم في السجن

.
.

وبعد بحث طويل .. لقيت رقم جواله

وأتصلت به

ولما ذكرته بنفسي

صااااح فيني وهو يقول

وبالحرف الواحد

( شكلك أشتقت للقوقعة )

والقوقعة هي الزاوية التي كنت أجلس معاه فيها

وهو يحكي لي حكاته

.
.

المهم قلت له اني أكتب عن

حكاياتي في السجن

ومن بينها حكايته

.
.

قال ( أفاااا يعين طلعت الفضايح .. )

وكعادته التي لم تتغير

ضحك ضحكة عاااالية ..

.
.

طبعا جاسر لم يدرس سوى سنة واحدة

ومستوى القراءة الكتابة عنده سيء جدا



لا أزال خلف القضبان

أحمل روح انسان

يصارع الواقع .. في السجن

لا عمل أقوم به .. سوى الانتظار

والملل يغلف أجواء الزنزانة .. وروائح السجائر

.
.

أحيانا أقول .. أنها فرصتي لأتعلم .. وأطبق .. وأتعرف أكثر على

تجارب الآخرين عن قرب، حيث يوجد أناس عاشوا تجاربهم الذاتية

ووصلوا الى هنا على قدر الله .. لأجدها فرصة .. وأتعلم



وأحيانا تعتصر المرارة والحسرة أعماقي

وأستعيد شريط ذكرياتي .. وأراجع أخطائي

كما تتزاحم صور وكلمات الناس

من أقاربي .. وماذا يمكن

أن بقولون عن سعيد

الرجل المثقف الواعي القدوة

.
.

لا بد أنهم الآن يشمتون بي .. ويستهزون

.
.

وأغرق في بحر متلاطم من الأفكار والمشاعر

حتى أستصغر ذاتي .. وأشعر بالحسرة عليها



وفي قاع الألم .. أشعر بقوة خارقة

تدفعني الى أعلى فأنتفض

وأقول

( لن تتوقف الحياة عند هذا الحد ، وكيف ستختبر ياسعيد قوتك .. وقدرتك على التعامل الصحيح مع المشكلات .. )

.
.

وأستعيد توازني قليلا قليلا .. وأبدأ في تغيير

مسارات تفكيري .. لأحولها الى المستقبل

بعد أن أخرج وأنا لدي كم هائل من الخبرات والتجارب

توازي كل ماتعلمته نظريا

.
.

لا بد وأن هذه الخبرات ستضيف شيئا جديدا لحياتي

.
.

وأهدأ

.
.

لافكر بهدوء عميق

فيما أسمعه من أبوناصر

ومن جاسر

.
.

وفي كل حكاية من حكاياتهم الكثير من الهدايا

المغلفة بدموع وألم التجربة

فقط كا ما أحتاجه أن أستعيد

كلماتهم التي قالوها

وأشعر بها

وأستخرج منها تلك الهدايا

.
.

واليوم .. أجد نفسي

أروي معاناة مررت بها .. وأنتهت ولفها الماضي بوشاحه

ولم يتبقى منها سوى كلمات .. من نور

أتذكر تفاصيلها .. وأبكي أحيانا

وأنا أستعيد تلك الذكريات

أشعر بالفخر العميق

والحنين لأولئك الأساتذه

الذين تعلمت على أيديهم .. خلف القضبان

.
.

والآن

أريد منكم جميعا التوقف هنا

واعادة القراءة من بداياتي


.

أرجوكم .. ستجدون في أعماق الحكايات

دروس .. ودروس

عيشوها

واستشعروا نعمة الله علينا جميعا

بأن وهبنا هذه الدروس والخبرات

دون أن نقع في معاناة التجربة


كنت .. ولا أزال .. وسأظل

كموج البحر

بين مد وجزر

أعيش حياتي بتفاصيلها

التجارب والخبرات

علمتني الكثير

.
.

مرت علي أسبوعن وأنا في السجن المؤقت .. أنتظر حكم المحكمة

وكنت في تلك الأيام لا أزال أخطو خطواتي الألى

نحو اكتشاف ذاتي

والتعرف على أعماقي

.
.

في النهار أجلس مع المساجين أمثالي .. وأستمع لحكاياتهم

وأنظر اليها بعين من يريد أن يتخلص منها

الدروس والعبر

فتعلمت

.
.

أما اذا

أتي المساء

وبدأ الجميع في التمدد على أرضية الزنزانه

فاني أنزوي في قوقعتي كما يقول جاسر

حيث تلك الزاوية التي ورثتها من

أبو ناصر

.
.

أبدأ في حالة سكون عميق

حتى تهدأ جوارحي

وأكاد أسمع أنفاسي

وهي تدخل وتخرج

عبر حنجرتي

المسكونة بالألم

.
.

أتوشح بالحسرة

ولا أكاد أشعر بما حولي

رغم الروائح الكريهة .. والشخير

.
.

وشيئا فشيئا

أجدني في منطقة


على حدود الحلم

وفوق الخيال

ودون المستحيل

.
.

منطقة بين الوعي واللاوعي

.
.

وهناك أبدأ في التحليق في سماء الماضي

وأجتر الذكريات وأراجع دروس الحياة



كثيرة هي الجراحات التي مررت بها

كثيرة هي أخطائي وزلاتي

كثيرة هي تجاوزاتي في الحياة

.
.

وعند كل ذكرى

أتوقف

لأستخلص العبر والدروس

وأتفكر

ماذا كان سيحدث لو كنت فعلت كذا

أو لولم أفعل كذا

.
.

أحيانا أتعجب

من بعض الفرص التي

لم أراها الا بعد أن تجاوزتها

.
.

وبعضها كانت قريبة مني ..

ولكن كان أختياري خطأ ..

.
.

بقيت أسبوعين في زنزانتي مع قرابة 35 سجين

لكل منهم حكابتة

ولكني لم أكن لأجروء على الحديث مع أي أحد

وأكتفيت بالحديث مع أبوناصر

والرجل العظيم والقدوة الذي لايقرأ ولا يكتب

جاسر

.
.

وبعد أسبوعين

وفي صبيحة اليوم الرابع عشر لي في التوقيف ( السجن المؤقت )

سمعت العسكري ينادي باسمي

فرحت كثيرا

فقط لأني سمعت أحدا ينادين باسمي

الذي اشتقت له

( تثدقون أني خلال 14 يوم لم أسمع أحدا ينادي باسمي .. كانوا ينادوني بـ ياهيه .. يا أنت .. يادوسري .. )

المهم ذهبت الى الباب لأجد العسكري ومعه أوراق

ونادى باسمي مع 6 أشخاص آخرين

وخرجنا من الزنزانة ونحن نتهلل فرحا

وعند الباب

ربطوا أرجلنا وأيدينا بسلاسل

مربوطه في بعضها البعض

.
.

وسرنا خلف العسكري بخطوات متعثرة

لنركب الباص الأسود

ذو السبوك الحديدية على النوافذ

.
.

وسارت بنا السيارة ، لندخل مبنى آخر

وندخل غرفة ضيقة لا نستطيع الجلوس بها

.
.

بقينا واقفين

وأخذونا واحدا واحدا

ليتم أخذ بصماتنا ..

وتصويرنا

.
.

ومن ثم تم اقتيادنا الى

السجن الكبير

.
.

تصدقون رغم أننا سننتقل من سجن الى سجن آخر

الا أني كنت أشعر بالسعادة تتسلل الى أعماقي

تدغدغ مشاعري

.
.

ليس الا لأني شعرت أني انسان

وأن الحياة تتحرك بي

بعد 14 يوم من السكون

بلا حركة ولا أي نشاط

.
.

شعرت بطعم الحياة من حولي

وأنا أنظر من نافذة الباص الأسود

شعرت بأن لكل شيء خارج

الزنزانة طعم آخر

حتى السيارات في الشارع

أشجار النخل على أطراف الطريق

العمال وهم يعبرون بحيرة

من طرف الشارع الى طرفه الآخر

.
.

تصدقون لقد غبطت عامل النظافة

وهو واقف في الشمس

يحمل مكنسته

وينظف الشارع

.
.

لأنه يتمتع بالحرية

.
.

أخذت أحدق في الحياة خلف النافذة

هل تصدقون ماذا قلت لنفسي في تلك اللحظة

ولا زلت أذكرها

.
.

قلت سيأتي يوم ، ويصبح كل شيء ذكرى

وقد أكتب مذكراتي خلف القضبان كما فعل

كثير من العظماء

سيد قطب - غاندي - مانديلا ..

.
.

ابتسمت وأغرورقت عيناي بالدمع

وأنا أقول

متى سيأتي ذلك اليوم

.
.

وصلنا أخيرا الى السجن الكبير

ليتم انزالنا عند البوابة الكبيرة

حيث العساكر .. والحراسات المشددة

وتم تفتيشنا بدقة

تفتيش انفرادي

وجردونا من كل شيء

.
.

لندخل بملابسنا التي علينا فقط


فرحنا كثيرا

حين وصلنا الى عنبر رقم 10

وهو عنبر خاص باستقبال الضيوف الجدد

في السجن ..

شعرنا فيه بالفخامة

حيث أن هناك أسرة كثيرة وتستطيع أن تختار سريرك الخاص

لتنام عليه

وتنقسم الأسرة الى ثلاثة أدوار

يعني فيه أسرة على الأرض .. وفيه سرير دور ثاني .. وفيه سرير السطوح

.
.

وقد وصلنا قرابة الساعة الواحدة ظهرا تقريبا

وتوضأنا وصلينا جماعة

في هذا اليوم

ازدادت روح الألفة بين مجموعتنا

7 أشخاص

ربطونا بسلسبة واحدة وقيدوا أقدامنا لمدة 5 ساعات

وبعد وصولنا .. وفك السلاسل

وبعد أداء صلاة الظهر

جلسنا نضحك ونتبادل التعليقات

وكنا نقول لو كنا نعلم أن هذا هو السجن

كان أتينا من زمان

.
.

كان اليوم الأربعاء

وبقينا ثلاثة أيام

وقد علمنا أننا لن نبقى هنا

في عنبر 10

بل سيتم توزيعنا على بقية العنابر

بعد أن يحلقوا رؤوسنا

وتتم تعبئة الاستمارات

والأوراق الرسمية

.
.

وبالفعل تمت الاجراءات

وفي يوم السبت

تم نقلنا الى العنابر

وقد كنت في

عنبر 7

.
.

يااااااااااااااالله

دخلت العنبر

وكان مكونا من ممر بعرض 2 م

ويوجد فيه 8 غرف جانبيه ( 4 غرف على كل طرف )

وفي نهاية الممر كانت دورات المياه ( 6 دورات مياه فقط )

وكان عدد نزلاء عنبر 7 أكثر من 150 شخص

السجناء القدماء يسكنون في الغرف ويسمونها ( عزبه )

وفي كل غرفة 15 سجين ، وهم السجناء القدماء

أما السجناء الجدد فينامون في الممر

حتى يخرج أحد القدامى .. ليدخل مكانه

.
.

كان عدد من ينامون في الممر أكثر من 50 انسان

وعليهم أن يستحملو مرور الآخرين من فوقهم

وهم يذهبون الى دورات المياه

.
.

كما أن علي الساكنين في الممر أن يقومون

من مكانهم ويخلون الممر في أوقات الصلاة

حيث يخرج السجناء من الغرف الجانبية ( العزب = جمع عزبه )

ليصلوا .. وبعد الصلاة يرجعون الى النوم في المرر

.
.

لا شيئ هنا سوى الحديث والنوم

حتى الكتب لا توجد كتب للقراءة

.
.

وقي هذا المكان سأقضي 6 أشهر

في هذا المكان ستكون ولادة انسان جديد

خرج من أعماقي

,
,

في هذا المكان قضيت أقسى اللحظات وأجملها

في هذا المكان .. حكايات وحكايات

لا تعرف فيها الليل من النهار

.
.

وصلت الى هنا

وليس معي سوى

ثوب اهترأ واتسخ

منذ أسبوعين وأنا لم أغيره

ومنذ أسبوعين وأنا لم أستحم

.
.

وليس معي سوى

ذاتي النائمة في أعماقي

وعقلي الشارد .. الباحث عن تلك الذات

وبعض العلوم التي تعلمتها في الدورات التدريبية

أو قرأتها في بطون الكتب

.
.

ولا شيء

.
.

افترشت أرض الممر مع أناس لا أعرفهم

أناس تسكن ملامحهم علامات الحزن

والألم .. والبؤس .. والشقاء

والغضب لأتفه الأسباب

.
.

أناس مستعدون للقتال لأي سبب

.
.

هنا

عالم من المتناقضات

صغار وكبار

مجرمين ومظلومين

دكاترة جامعيين وعمال نظافة

عرب وأجانب

.
.

كل شيء هنا موجود

الا الحرية الجسدية

وهذا ما تعلمته هنا

أن هناك حرية فكرية

وحرية نفسية

وحرية جسدية

.
.

سلبت الحرية الجسدية

ليبدأ بحثنا وتركيزنا

على الحرية الفكرية والنفسية

.
. كان الوضع هنا

مزري ( بالمعايير الانسانية )

ولكنه مثالي ( بمعاييري الخاصة )

.
.

كنت أشبه هذا المكان الصغير .. بالعالم الكبير

حيث الجنسيات المختلفة

والطباع المتفاوته

والأخلاق .. والأفكار

وحتى المستويات التعليمية

.
.

هنا دكاترة في الجامعات .. وهنا أميين لا يقرأون ولا يكتبون

وفي هذا المزيج الغير متجانس

أجدها فرصة لارهاف السمع

والتأمل في العالم من حولي

.
.

هناك مجرمين قتلوا وعاثوا في الأرض فسادا

وهناك أبرياء ، قادتهم الظروف الى هنا

وتفاوتت أيضا ردود أفعالهم

فأرى هنا من يضحك رغم الظلم الواقع عليه

ويردد حسبنا الله ونعم الوكيل

.
.

وهناك من يصرخ ويتذمر .. رغم أنه يعترف بذنبه الذي اقترفته يداه

.
.

في هذا الجو

وفي هذه البيئة

رأيتها فرصة ذهبية

ومنحة الهية

يجب أن أستثمرها

.
.

لا أخفي عليكم بأني قد صدمت في البداية

وحاولت جاهدا التواصل مع

بعض الأصدقاء الخاصين

والمعارف الذين أثق بهم

وكانت النتيجة أن لا أحد يملك

القدرة على تغيير قدري المكتوب

فكان لابد من أن أرضخ للأمر الواقع وأستثمره

بأعلى درجة ممكنة من الكفاءة

.
.

في العنبر 7

مثل بقية العنابر

عليك أن تحجز زاوية أو ركن أو مكان وتحارب

من أجل البقاء فيه حتى يعرف الجميع أن هذا هو مكانك

ومن أرادك يعرف موقعك

.
.

وقد حجزت لي مكانا قرب الباب

وهو أسوأ مكان

لأن لا أحد يريد هذا المكان

فهو موقع ازعاج

الداخل / والخارج

ولكن لأني جديد

ولا أريد الصراع والمشاكل

فقد ذهبت الى المكان الخالي

.
.

تمددت هناك واستلقيت على ظهري

واضعا ذراعي على عيني

باحثا عن مساحة هدوء

.
.

ويجب أن أتعلم كيف أنفصل

عن الضجيج من حولي

والا أصبت بالجنون

.
.

بدأت أستدعي الماضي

وأتذكر .. الأحداث

وأحلل

.
.

وبدأت الأفكار تتزاحم بجنون في جمجمتي

وشعرت حينها بالاضطراب والقلق يسري بسرعة

البرق في شتى أنحاء جسدي

وأنا أكاد أغرق في تيارات الأفكار

الهوجاء

.
.

وفي زاوية صغيرة من جمجمتي

خطرت على بالي خاطر جديدة

لماذا لاتتحكم في أفكارك

وكيف أتحكم في أفكاري انها أفكار

لاأعلم كيف ولكن يجب أن تتعلم كيف

وبدأت أتمحورحول خاطرتي

وأفكر في الطريقة التي يمكن

أن أتحكم بها في اتجاه الأفكار

.
.

قلت في ذاتي

الفكرة شحنة كهروبيلوجية

تتحرك في اتجاه

ما نحبه أو نخاف منه

ولو استطعنا أن ننشئ

شيئا نحبه

فان الأفكار سيزيد توجهها نحوه

ولو أنشأنا شيئا ( في خيالنا طبعا )

نحبه أكثر فان الأفكار ستترك الأول ..

وتتوجه الى الشيء الثاني

.
.

فكرت حينها في الثروة العملية التي سأكتسبها

في السجن رغم الألم من حولي

والمعاناة

فشعرت براحة كبيرة وبدأت أفكاري

تتزاحم في التفكير

في كيفية الاستفادة

.
.

وخطر في بالي لماذا الطبيب الجراح

يصبر بل ويستمتع بمنظر الدم والمريض الشاكي

ببساطه لأنه يفكر في النتيجة بعد الألم

ألا وهو الصحة .. والراحة

التي سيحصل عليها المريض

اذا فهو يتجاوز اللحظة الحالية ليفكر في

النتيجة وتكون هي الهدف الذي يحبه

وحينها تتحرك أفكار الطبيب في اتجاه

النتيجة

.
.

بقيت مستلقيا على ظهري

أفكر في الطرق والأساليب التي

يمكنني أن أستخدمها مع السجناء

سواء مجرمين أو مظلومين

لكي أستدرجهم في الحديث

وأحصل منهم على الدروس التي

أريدها ..

.
.

وكانت أفكاري كريمة معي

وقد كان للمخزون المعرفي الذي

حصلت عليه من خلال الدورات والقراءة في الكتب

أثر كبير أيضا في صياغة

أسلوب التعامل مع الناس

وخصوصا

ذوي الطباع الصعبة

.
.

كنت لا أزال مستلقيا

ومستمتعا في ادارتي لأفكاري

وأنا أشعر بها مطيعة لي

تسير أينما أشير

.
.

وكنت قد وضعت لذاتي منهجية

واضحة للتعاون معها في اكتساب أكبر

قدر ممكن من الفوائد

وصغتها في النقاط التالية


.
.


أولا

صفتي الشخصية هنا هي

( تلميذ - طالب - متعلم )



ثانيا

أخلاقي هنا هي

احترام الانسان مهما كان

مجرما أو بريئا


ثالثا

أسلوبي هنا

الهدوء الذاتي والصفاء الفكري داخليا

والابتسامة البسيطة غير المتكلفة خارجيا

.
.


وبعد أكثر من ساعتين بقيتها مستلقيا على ظهري

والناس من حولي في صراخ وحركة دائمة

رفعت ذراعي من فوق عيني

وجلست

.
.

أفكر من أين أبدأ
خطوات تتحرك كل يوم نحو أهدافها

.
.

قبل أن أستمر في اجترار ذكرياتي

أحببت أن أذكركم بأن تأثير

ماحولنا من مشاكل وأزمات لا يعتمد على

الأزمة ولا من سببها

ولكن يعتمد على تفسيرنا لها

وزاوية نظرنا اليها


فلو أني نظرت الى هذه الأزمة

على أنها مصيبة وحلت بي

وأن مستقبلي في مجال التدريب

والعمل سينتهي خلف القضبان

لحكمت على نفسي بالفشل مدى الحياة

ولانحدرت بذاتي الى القاع

.
.

ولكن تفسيري أن ماحدث هو فرصة

لاختبار ماتعلمته

ولأضع العلم على محك العمل

.
.

v
v

ذكرت لكم بأننا نحن السجناء الجدد

كنا نفترش الأرض .. ولا نكاد ننام ساعتين متصلة

وعلينا أن نستحمل الرائحة .. والكلام البذيء

وبجواري كان شاب في الثلاثينات من عمره

اسمه عبدالباري

.
.

يقول عبدالباري

أنا عندي الثانوية العامة

وعاطل عن العمل

وكنت أموووت من الفراغ اللي عايشة كل يوم

واحساسي بالغيرة من أصحابي اللي كملوا تعليمهم

وتزوجوا .. وخلفوا .. والحسرة على أيامي اللي تمر بلا هدف ..

.
.

وفي يوم تعرفت على شلة عواطلية مثلي

ويوم ورا يوم أصبحوا يملأون علي فراغي

وأقضي معهم الساعات .. والأيام

ولا أحد يسأل عني

أصبحوا كل حياتي

نأكل ونشرب .. ونسهر في الليل

وننام في النهار

.
.

وشوي شوي

بدينا نتاجر في . الحشيش .. الأمفيتامين

الكبتاجون .. حبوب الهلوسة

وعشت ملك في الوهم

وبديت أبيع وأشتري

وأكسب فلوس

وأشتريت سيارة

وكبرت وكبرت أحلامي

وفي يوم

أختلفت مع واحد من الشلة .. وضربته بحديدة

على رأسه .. مات في لحظة

.
.

وفي لحظة هرب كل من في الاستراحة

وبقيت أنا مشلول التفكير

وبلغوا الشباب عني

بعدما نقلوا المخدرات من الاستراحة

.
.

في تلك اللحظات

لفيت شريط حياتي .. قدام عيني

تذكرت تفاصيل الماضي

من أول يوم دخلت المدرسة

وكلام أبوي وهو يقول لي

أنت فاشل .. وطول عمرك فاشل

ماراح تفلح في شي

لأنك تمشي ورا كلام النسوان ( يقصد أمي )

.
.

تذكرت أخواني وهم يجيبون شهادات التفوق

وأنا أزور شهادتي عشان مايخاصمني أبوي

.
.

تذكرت الثانوية وأنا أهرب من فوق سور المدرسة

.
.

وفي لحظة تحققت نظرة أبوي

أنا فااااشل

.
.

جت الشرطة

وشالوني بدون أي مقاومة

وحققوا معي وأعترفت

كنت أبي أنهي حياتي

مليت الفشل .. والفراغ

.
.

وبقيت في السجن 5 سنين في عنبر 14

وهو العنبر المخصص للقصاص

وهناك تعرفت على رجل كبير في السن

محكوم عليه بالقصاص بعد

وكنت أجلس معه بالساعات ويكلمني عن بيته

وأهله وبناته أولاده

.
.

كنا نعيش حالة رعب

عندما نسمع العسكري ينادي كل صباح

بأسماء من سينفذ بهم حكم القصاص

حتى أنني أحيانا أعيش كوابيس

القصاص

.
.

وأحيانا أجلس مع هذا الرجل لحظات

ننسى فيها من أنفسنا ونتحدث عن ذكرياتنا الحلوة

وفي يوم

تكلم عن بنته الصغيرة

آخر العنقود

وقال تعرف وش هي أمنيتي قبل ما أموت

أتمنى اني أشوفها عروسه

وأطمئن عليها

.
.

يقول عبدالباري

فقلت له من باب الضحك

هيا .. زوجنياها ياعمي

وضحكت .. أما هو فقد رفع رأسه ونظر الي

وقال موافق .. !!

ضحكت مرة ثانية

قال : ليش لأ

تتزوج وربي يرزقها منك بولد يونسها

ويساعدها

.
.

استمريت في الضحك .. وقلت .. ووين ان شاء الله بدخل بها

قال : اذا أنت موافق نكتب خطاب لمدير السجن اني أنا ولي أمر البنت

وأنت العريس وهم يشوفون طريقة

.
.

بدأت أخفف من ضحكي

وأفكر في الكلام

أتزوج في الزنزانة

والله ماشفتها الا في الأفلام

.
.

ولكن الرجل لم ينتظر ردي وقام ليبحث عن ورقة وقلم

وجاء يكتب خطاب .. وأنتهى منه

وأخذه الى بوابة الزنزانة .. ونادى على العسكري

وأعطاه الورقة

وأنا جااااالس أفكر .. ولا أدري وش الهرجة

.
.

بقينا نتحدث .. وننتظر

هل يأتي رد .. ولا يأتي القصاص

هل نفرح بالزواج ( حلم ) .. أو تتوقف حياتنا عند القصاص قبل الزواج

.
.

تصدق ياسعيد .. أول مرة في تلك اللحظة أحسن بحنين

لأن أرى ولد من صلبي .. من لحمي ودمي

يشيل اسمي

وبدل ماكنت أفكر في كوابيس القصاص

صرت أفكر في زغاريد الزفاف

وأحلم ليلة الزواج

وش باقول لزوجتي

وش بتقول لي

.
.

وصرت أحسب كم شهر نحتاج عشان أخلف ولد

وش باسميه

آمسميه باسم أبوي

ولا باسم عمي أبو زوجتي

أكيد زوجتي بتقول سم باسم أبوي

.
.

مرت ثلاثة أيام

لم أعد أرى الكزابيس

صرا أحلم بالزوااااج

.
.

وثالث يوم

كنا جالسين أنا وعمي

ونادوا باسم عمي

قام فرحان ومبسوط ويقول أكيد هذا

مدير السجن رد على رسالتي

غريب .. الناس اذا سمعوا صوت العسكري

يخافون ، وهذا نط فرحاااان

وفعلا .. لقي العسكري

ومعه ورقة بالموافقة وطلب مقابلتنا

اليوم الثاني

.
.

وليلة نمت فيها .. فرحاااان .. رغم انتظار القصاص

.
.

وفي الصباح نادوا باسمي واسم عمي

ورحنا بالسلاسل للادارة

ومن خلف شبك كلمنا واحد مسئول

وش ها الرسالة اللي كتبتوها ؟

قال عمي : باموت .. وودي أشوف بنتي متزوجه قبل ما أموت .. وهذي أمنيتي

قال المسئول وهو يناظر فين : وأنت عريس الغفلة ؟

قلت : أيوه

ضحك .. وقال طيب هو بنتك موافقه ولا لأ

قال عمي : أكيد بتوافق، لأنها ما تخالف شور أبوها

قال المسئول : طيب عبي هذه الأوراق والبيانات وبنرسلها لبنتك ونشوف رأيها



عبى عمي الأوراق

ورجعنا لعنبر 14

.
.

فرحانين .. وبنطير أنا وعمي من الفرح

كانت الأحداث تمر بسررررعه

وحالتنا النفسية ارتفعت بشكل ما تتوقعه

وعشنا ثلاث أيام ثانية

نسينا الدنيا ومافيها

وعمي كل يوم يقول لي

بتشوف بنتي ما تعصي أمري

ورغم سعادتي وفرحتي

الا أني شعرت بتأنيب الضمير

وخفت أكون ظالم .. كيف أتزوج البنت وأخليها تحمل مني ..

وبعيدن أموت وأتركها تتعب وتعاني بعدي

.
.

ترددت ما قلت لعمي ..

أريد الزواج .. وضميري رافض

ماقدرت أصارح عمي

وماقدرت أرتاح

.
.

لكن الغريب ان شبح القصاص

غاب عن مخيلتي

وحل محله .. الزواج

وأكثر من كذا

ظهر بصيص من الأمل في النجاة

من القصاص

زكنت أقول في أعمااااقي

يمكن اذا تزوجت وخلفت

ربنا يرحمني برحمته

وينجيني من القصاص

كيف .؟ ما أدري !

.
.

وبعد ثلاثة أيام

جت بنت عمي .. في زيارة له

وخرج لها

وقابلها

.
.

وأنا جالس أنتظر الرد

ساعة كاملة كأنها .. ألف سنة

.
.

عشت أحلام وخيالات .. الى حد الجنون

تخسلت اننا تزوجنا وخلفنا .. وخرجت من السجن .. و.. وو

ورجع عمي

وقال وهو باقي خارج الزنزانة ينتظر العسكري يفتح له الباب يدخل

يا عبدالباااااري .. ياعريس اليوم يومك

.
.

جيت بسرعة وأكلمه من ورا الزنزانة

وش السالفة بشر

قال : أنا قلت لك ، بنتي وآعرفها ماعمرها قالت لي لأ

فرحت .. شعرت بالرغبة في البكاء

خنقتني العبرات .. بكيت

ضحكت .. صرخت ..

عشت لحظات

فووووق الخيال

.
.

في تلك الليلة سوينا حفلة زفاف مقدما

أنا وعمي .. وزملاءنا في العنبر

رقصنا .. وطلبنا عشاء

وسهرنا الي منتصف الليل

كانت ليلة .. تسلل الفرح الى قلوب يسكنها الحزن والحسرة

تسلل الفرح الى قلوب نسيت طعم السعادة

وذهب الجميع للنوم

وبقيت أنا في فراشي

أحلم

.
.

ومرت الأيام ونحن في اجراءات تنسيق مع ادارة السجن

واتصالات عمي ببقية أولاده

حتى تقرر اقامة الزواج في قاعة السجن

وتحت الحراسة المشددة

ولا يحضر سوى عمي وأنا والعروسة واثنين شهود من ادارة السجن

وجاء المأذون .. وتزوجت

تـ ـز و جـ ـت .. أنا تزوجت

.
.

وكان فيه نظام في السجن يسمح للسجناء بالخلوة بزوجاتهم

مرة في الشهر

وفعلا دخلت بزوجتي

ومرت الأيام

وجاءت البشرى

حملت زوجتي

.
.

وتمررررر الأياااام والشهور

وتخلف ولد

وبعد ولادته بأسبوع تم القصاص بعمي

تصدق ياسعيد

يوم نادوا باسمه للقصاص

ما قدرت أخرج أسلم عليه

سويت نفسي نااايم

وأناظر من تحت البطانية

شفته خارج .. ولازالت فرحته بحفيده من ابنته مرسومه على وجهه

.
.

وغااااب عمي عن الحياة

وسميت ولدي على اسم عمي

.
.

حياة غريبة

.
.

بقيت في السجن هذا اليوم .. والأيام اللي بعده

بين فرحة الميلاد .. وحزن الممات

.
.

ماقدرت أشوف ابني 3 شهور

وبعد محاولات جات زوجتي تزورني

وجهزوا لنا الخلوة الشرعية

وجلست معها

ومع ابني .. لحمي ودمي

ما عرفت وش آقول لها

أبارك لها وأبين لها اني فرحااان ومبسوط على سلامتها وعلى ولدنا

ولا أعزيها وأبين لها اني حزين على أبوها

.
.

ما تكلمنا ساعة كاملة الا كلمتين

كيفك .. طيبه

وأنت .. الحمدلله

.
.

تعلق قلبي بالصغير

ولأول مرة في حياتي

أحس باحساس الأب

وتذكرت أبوي

وقلت في نفسي معقوله أبوي كان يحبني كذا

أكيد .. مافيه أب مايحب ابنه

ولكن التعامل الخطأ .. والأسلوب الغلط في التربية

يسبب الضياع مثل ما ضيعني أسلوب أبوي

.
.

وقلت في نفسي الحمدلله ان أبوي علمني درس

وان كان ربي كتب لي العمر .. ماراح أكرر غلطة أبوي

.
.

رجعت لزنزانتي .. وقبي وراي

مع زوجتي .. وولدي

أحس اني انسان ظالم

ومظلوم في نفس الوقت

كيف ما أدري ..

.
.

رجعت لزنزانتي

وأنا لا أعلم كيف ستسير بي الأيام

لكن تصدق

كنت أحس اني راح أخرج

أحس ان فيه عفو من القصاص

.
.

وطلعت حكايتي في الجرايد

محكوم عليه بالقصاص يتزج خلف القضبان

وأصبحت حكايتي في السجن مشهورة

حتى العسكر والمسئولين صاروا يعرفونني

.
.

تغيرت حياتي بعد الزواج والخلفة

أصبحت أفكر في الحياة

أصبحت أفكر في المستقبل

حتى أني أصبحت أفكر في مشاريع تجارية

.
.

وحدث ماكنت أتوقعه

أهل المقتول .. سموعوا بحكايتي .. وأني تزوجت وخلفت

وعفوا عني

وجاءني الخبر

.
.

بكيت مرة أخرى

فرحت .. ضحكت

صرخت

.
.

كنت بين مصدق ومكذب

ولكن التصديق كان أقور

وفعلا أتى العسكري لينادي باسمي

وقال لي مبروك يابو ....

عفو

.
.

وجاءني زملائي في الزنزانة يباركون لي

وبدأت أحلامي تكبر

وبدأت أشعر بالحياة تجري في عروقي

اليوم هو يوم ميلادي

اليوم هو يوم السعادة

اليوم أنا انسان جديد

.
.

وأنتظرت الاجراءات الرسمية

وتوقيع أهل القتيل على التنازل في كتابة العدل

.
.

وأخرجوني من العنبر 14

وجابوني عندك هنا عنبر 7

.
.

وأنتظر كم يوم وأخرج

.
.

سكت عبدالباري

.
.

وبدأ عقلي في الدوران والتفكير والخيال

والتعلم من تفاصيل حكاية عبدالباري

كانت هناك اضاءات

تسطع في أعماقي وأنا أعيد

شريط حكاية عبدالباري

.
.

سأترككم تراجعونها


عالم آخر هنا

خلف القضبان

يسكنه علماء

لهم من الخبرات زالتجارب الكثير

ولو بقيت أكتب وأكتب عنها فلن

أصل الى نهاينها

.
.

حكاية اليوم لشاب صغير

لم يتجاوز الثالثة والعشرين من عمره

يحفظ القرآن الكريم

ويدرس في حلقة من حلق التحفيظ في المسجد

يسكن مع أهله

.
.

كان يصلي بنا في الزنزانة

وله صوت شجي

ووجه مشرق .. وابتسامة آسرة

اسمه فيصل

وقد كنت أستغرب حين أسمع أنه يحفظ القرآن

كيف يأتي الى هنا

لابد من أن وراءه حكاية

وقررت اقتحام عزلته حيث يجلس بالساعات

يراجع القرآن ..

.
.

اقتربت منه .. وسلمت عليه

وكعادته .. ابتسم ورد السلام بهدوء عجيب

وكنت أريد أن يدور الحديث

حتى يأتي دكر أسباب الدخول

الى السجن

وبقيت أياما أدور حوله

حتى كنا دات مساء

نتحدث وكنت ألوي مسار الحديث

لأحكي له حكايتي

حتى أتشجع وأقول له

ماهي حكايتك

.
.

وفعلا

جلس يحكي لي

.
.

أنا ياصاحبي ( وهي كلمته دائما )

كنت طالب في مدرسة تحفيظ القرآن

وتخرجت من الثانوية بامتياز

ولم أقدر ألتحق بالجامعة أو الكلية

لأن أبي كبير في السن

ومريض .. وجلست أنا مع أهلي

أدور على شغل قريب

وبعد بحث متعب .. لقيت شغل في المسجد

مؤدن .. ومعلم تحفيظ

وكنت أؤدن للصلوات الخمس

مند 3 سنوات تقريبا بعد تخرجي من الثانوية

وبعد العصر الى المغرب

أجلس في حلقة التحفيظ مع أطفال ابتدائي

ويوم ورا يوم

أصبحت ولله الحمد معروف في الحي

وأصبح الأطفال يحبونني كثيرا

ويحافظون على الصلاة معنا في المسجد

وفي يوم الأربعاء كنا نسوي

مراجعة للتحفيظ بسرعة .. ونخرج

نلعب كورة مع الأطفال عشان

نحببهم في أنشطة المسجد

.
.

ومرت الأيام

وكان فيه واحد من الآباء

اللي ساكنين جنب المسجد

يتخاصم معي دائما .. ويقول شيلوا مكرفونات

المسجد لأنها تزجنا وتصحينا من النوم

.
.

وطبعا أنا لاحول لي في الأمر

لأن الأوقاف هم المسئولين عن المسجد

لكن الرجل يخاصمني لأن صوتي في المكرفون

مزعج حتى أنه كان يقول صوتك صوت حمار ( أجلكم الله )

ولم يعد يأتي للمسجد للصلاة

أما أولاده اثنين فيأتون للمسجد

ومحافظين على الصلاة معنا

لأن أمهم وهي تعرف أمي

حريصة على أن يتعلموا القرآن ويتعلقون بالصلاة

.
.

وفي يوم جاء الأولاد يوم الجمعة الساعة 9 الصباح

وأنا كنت أنظف المسجد وأجهز المكرفونات

وأرتب المصاحف

وبعدين طلعت للدور الثاني اللي فيه العود والمبخرة

عشان أبخر المسجد .. وطلع واحد من الأولاد خلفي

.
.

ولم أهتم للأمر .. لأنه طبيعي

وبقيت أنا وأنفخ في الجمر وأجهز العودة

والولد جالس يطالع فيني

.
.

وفجأة سمعت صوت الرجال أبو الأولاد

وهو طالع ينادي باسم ولده

وخرجت أنا والولد

.
.

وكانت المصيبة والله المستعان

صرخ الرجل في وجهي وأمسك بثوبي من الرقبة

وقال وش تسوي بالولد ياللي ماتخاف الله

وبدأ في الضرب والركل

وأنا تجدمدت مكاني

ما أعرف وش اللي صاير

.
.

سحبني الرجال وما أعطاني فرصة

وكان يصيح في ولده أخرج ياحيوان أنت

.
.

وكان في ه>ا الوقت جاء مجموعة

من كبار السن وجماعة المسجد

اللي يبكرون لصلاة الجمعة

وحسيت حلقي نشف .. ولساني أنخرس

والدنيا صارت سوداء في عيني

والناس يطالعون فينا

والرجال يقول لهم شوفوا قليل الدين

الحيوان هدا لقيته فوق ماخد الولد

ويبي سفعل به الفاحشة

والناس يطالعون

وأنا كنت ميت خوف

.
.

وطبعا طلع الجوال وقال للناس خلوكم شهود

وأتصل بالشرطة

وجت الشرطة وقال لهم هدا لقيت مختلي بولدي

في الدور الثاني من المسجد

وهدولا الناس شهود

.
.

وطبعا الشرطة ما أنتظرت وسحبتني يوم الجمعة

ودخلوني الزنزانة بعد ماسحبوا جوالي

وقالوا خليك الين بكرة عشان يجي الضابط يحقق في الموضوع

.
.

وبقيت في الزنزانة ساعات كأنها سنين

ما بكيت ولا طلعت مني دمعة واحدة

لكن قلبي يتقطع حسرة

على أبوي وأمي وش بيصير

ادا سمعوا هدا الكلام

أعرف اني مظلوم

وايماني بالله أكبر وأعظم

ولست خائفا على نفسي فان الله معي

لكن أمي .. أبوي .. أخواتي البنات

.
.

وزفر فيصل زفرة حرقة خفيفة .. تغطيها ابتسامته المشرقة

والتفت الي وقال

أنا ياصاحبي .. طول عمري ماعرفت الدرب الملفوف

طول عمري أحب الصراحة .. والصدق

وكل الناس من جماعتنا وأقاربنا يعرفون

من هو فيصل الـ ..

لكن يوم التحقيق والمحاكمة

وطلب الشهود ماشفت منهم أحد

وجاتني أخبار أنهم صاروا يقولون

( صحيح ان فيصل يحفظ القرآن .. لكن الشيطان طلع أقوى منه )

.
.

وجاب الرجال أبو الولد

شهود بالاختلاء بالولد

وأعترف الولد أننا كنا لوحدنا

وكشفوا على الولد ولقيوه سليم

ولم يتعرض لأي اعتداء

ولكنهم دكروا في التقرير

اعتداء خارجي

.
.

وجيت الى هنا ياصاحبي

على قدر الله وعلمه

وحكمة هو يعلمها

.
.

أبوي مات من الصدمة

وأمي زارتني

ووقفت خلف القضبان تنظر لي

والدموع مغرقة عيونها

وبقينا نطالع في بعضنا

ساعة .. ماقالت شي

غير حسبي الله

ونعم الوكيل على من ظلموك ياولدي

.
.

تعرف ياسعيد من اللي دافع عني بقوة

أقولك وما حتصدق

أم الأولاد

جت للمحكمة مع أمي ودخلت

على القاضي المسئول عن القضية

وقالت أنا أم الأولاد .. وأنا اللي سجلتهم

في التحفيظ لأني أعرف أم فيصل

وأعرف سمعة فيصل

أما زوجي فهو

انسان ظالم

ومشاكله كثير علينا

حتى انه مايصلي في المسجد

.
.

وقال لهم القاضي

قدموا طلب استئناف لأن الحكم صدر

وقدموا حكم استئناف

وهدا أنا أنتظر

.
.

كان هدا فيصل

الشاب الدي تقرأ في وجهه

علامات الصدق والبساطة

والابتسامة التي

تجبرك على

أن تقول

ماشاءالله

.
.

كان فيصل يحكي لي الحكاية وبروح معنوية عالية

ووجه مشرق

كان مختلفا عن البقية الدين

تتلوى وجوههم وهم يحكون لي المشكلة

وما حدث .. وشعور الحزن والندم

أما فيصل فكان

حالة

مختلفة



العم يوسف

الرجل الصنم ( كما يسمونه )

قليل الكلام .. بل شبه معدوم الكلام

ليس هناك أي تعابير تظهر على وجهه قد يستدل بها على حالته النفسية

يسكن في العزبة رقم 7

والعزبة كما ذكرت لكم هي غرفة جانبية بدون باب

يسكنها السجناء القدامى ومنهم العم يوسف

ويقع سريره في السطوح

وكلمة السطوح هي تعبير عن أعلى سرير

حيث أن الأسرة تتكون من بدروم ( تحت السرير )

وسرير ملكي ( في الوسط )

والسطوح

وفيه سلم جانبي للصعود الى السطوح

وكل يوم والعم يوسف طالع ونازل في وقت الصلوات الخمس

وباقي الوقت جالس يناظر الناس من فوق

وطبعا لا يسلم من الكلام الناقد ..

كيفك يا أبو الهول .. الرجل الصنم ..

.
.

وهو بلا أي تعابير

كنت أتعمد الصلاة بجواره في كثير من الأحيان

لعلي أستطيع أن أقتحم صمته المطبق

ولكني فضلت أن أخطط له خطه طويلة الأمد

بالصلاة بجواره .. ومبادلته الصمت بالصمت

.
.

في السجن كان هناك ثلاث وجبات فطور بعد الفجر

وغداء بعد الظهر

وعشاء بعد العشاء

.
.

ولاحظت في يوم ان العم يوسف يرجع ينام بعد الفجر

ومايمديه ياخذ الفطور عشان مايزاحم أحد

وقلت هذي فرصتي آخذ فطور لي وله

وطبعا كان هذا مخالف للأنظمة لأنه لازم كل واحد

ياخذ فطورة بنفسه

وكان في كل عنبر مدير للعنبر

وهو ذو شخصية قوية وقيادية ومحبوب من الجميع

وعنده حبوب بنادول لجميع الأوجاع

فرحت للمدير وكلمته اني أريد أخذ فطوري وفطور

العم يوسف .. ووافق على طول

وفعلا بديت كل يوم آخذ فطوري وفطور العم يوسف

وهو عباره عن حبة فاكهة ( برتقال / موزة / تفاحة )

وعصير سن توب أو حليب السعودية

وسندوتش الجاهز المغلف اللي يباع في السوبرماركت

أخذ الفطور وأحطه بجوار مخدة العم يوسف

واستمريت كل يوم أحطه وهو نايم ولما يصحى

يلاقي الفطور ويفطر

ولأنه ماتعود يسألأ أو يتكلم مع أحد فما كان يسأل من

جاب الفطور .. ويم من الأيام وأنا أحط الفطور جنب المخده

تحرك وطالع .. وشافني

ابتسمت ومشيت

.
.

ومن يومها بديت ألاحظ ابتسامة خفيفة على وجهه

كلما شافني .. وكنت أفرح بهذه الابتسامة

لأني قدرت أنتزعها من ملامح وجهه

قدرت أزرع فرحة في أعماقه في حين

عجز الآخرون عن ذلك

.
.

كنت أزاحم المساجين في الصلاة حتى أصلي بجواره

ولكن لاحظت في اليوم اللي بعدها انه بدأ

يحجز لي مكان بجواره

يحط طاقيته الين أجي وبعدين يشيلها اذا جيت

وأنا أعتبر هذا اشارة خضراء

للتحرك نحو قلب العم يوسف

.
.

وكانت المرحلة الثانية اني أسوي عزومة

.
.

كل يوم أربعاء بعد العصر فيه مندوب من السجن

يشوف المساجين اللي لهم طلبات يبون يشترونها من برا

ويسجلها في ورقة وياخذ الفلوس .. ويجيبها يوم الخميس بعد العصر

.
.

طلبت من المندوب 2 وجبة من البيك

وجابها يوم الخميس في العصر

وأخذت واحد منها .. وطلعت للسطوح

عن العم يوسف

وأعطيته البيك .. ولما جت عيني في عينه

لاحظت أن عينيه غارقتين

في بحر من الدموع .. وعض طرف شفته السفلى بأسنانه

ثم أغمض عينيه .. وبدأ يبكي ..

لم أتمالك نفسي .. وتركت الأكل

ونزلت بسرعة

.
.

ورجعت الى الممر حيث أجلس مع عدد

من الشباب الذين كانوا معي من التوقيف

المؤقت .. ومع عبدالباري

وجلسنا أربعة أشخاص لنأكل

وجبة بيك واحده

وكنت ألتفت كل فترة نحو العزبة رقم 7

متوقعا خروج العم يوسف

ولكن لم يخرج

.
.

انتهينا وجمعنا فضلات الأكل

ونظفنا مكاننا .. وذهبت بها الى برميل المهملات

في آخر الممر .. حيث لابد أن أمر من أمام

عزبة العم يوسف .. ولمحته جالسا على وضعه الذي

تركته عليه .. متكأ على الجدار

.
.

غسلت يدي .. ثم رجعت اليه

وصعدت الى السطح

لتبدأ حكاية جديدة



كنت قد وصلت الى قلب العم يوسف

وهذا ما شعرت به كلما مررت بقربه أوصليت

بجواره .. فقد كنت أقرأ الكثير من الكلام

الغير منطوق .. خلف عينين غائرتين

ونظرات تائهة ..

تشجعت في احدى المرات .. وصعدت معه

الى سريره ( على السطح )

وجلسنا قرابة الخمس دقائق نتبادل

النظرات .. والابتسامات

الباهته .. والمشبعة بالألم

.
.
بالنسبة لي فلم أكن أتألم كثيرا لوجودي في السجن

ولكني كنت أشعر بأن خلف هذا الرجل

معاناة عميقة .. وشيء يمكن أن أتعلمه

.
.

كان السجناء في عزبة 7 يستغربون

من وجودي مع الرجل الصنم

وكانوا يطلقون النكت .. والضحكات

الساخرة ..

- اذا تكلم أبو الهول .. بنسوي حفلة

- هااااي هااااي هووووه هووووه

أبو الهووووول بيتكلم عربي

- لا تتعب نفسك يالدوسري تراه أخرس

( طبعا أنا ماصدقتهم لأني اسمعه في الصلاة يكبر ويسبح ويهلل )

.
.

نظرت الى عينيه وأنا أشعر بأني أمام أبي

وقلت له

عمي - جعل راسك سالم - لايهمونك

نظر الي وقال

تسلم الله يوفقك

.
.

نطق أول كلمة أسمعها منه

فرحت كثيرا وغمرني احساس بالنشوة

ولم أشأ أن أضيع الفرصة .. فقلت له

محنة وتزول .. ولا احنا أفضل من يوسف

ابتسم وقال

صدقت

.
.

وبدأ الكلام يجر بعضه ( على مايقولون )

في أحاديث عامة عن الأوضاع

هنا في السجن

وعن بعض السجناء المزعجين

ثم بدأنا نخرج بالكلام عن السجن

الى خارج الأسوار .. الحياة والناس

وبدأ يذكر لي ان عنده 4 أولاد و بنت واحدة

وبدأ يعود الى حالة الألم والمعاناة

وهذا مالمحته على وجهه حين تكلم

عن أولاده وبنته

فتوقفت عن الكلام

وتركته يعيش حالته

.
.


ثم نظر الي وعيونه مغرورقة بالدمع

وقال .. تعرف انك تشبه ولدي ريان

قلت بصوت خفيف الله يحفظه لك

عض على شفتيه .. وبكى

.
.

ولم أشأ أن أتدخل في مشاعره

لأني أعرف بأنها بداية ثورة داخلية

لتتنفس أعماقه من الألم

.
.

بقيت أشغل نفسي عنه وأبتعد عن

النظر الى عينيه حتى يهدأ

.
.

اقترب مني قليلا حتى وضع ركبته على ركبتي

ومال برأسه قليلا نحوي وكأنه سيحكي سر

قال .. تدري من اللي جابني للسجن

نظرت اليه .. ورفعت جاجباي

لأسجعه على الكلام

قال

ولدي الكبير ريان

لم أرد عليه .. وأنتظرت أن

ينساب منه الحديث دون تدخل مني

.
.

كانت الساعة قد تجاوزت الحادية عشرة مساء

وبدأ الجميع في النوم

وقد بدأ العم يوسف

في الاقتراب مني حتى لايزعج النائمين

.
.

يقول

عندي أربع أولاد

ريان وخالد وسعود وتركي

وبنت وحده اسمها مها

وكان حلم عمري اني أزوج مها

بعد ماخلصت الجامعة وجلست عندي

في البيت تنتظر التعيين

.
.

وفي يوم أتصل بي خوي وقال

ان فيه واحد من أصحابه عنده ولد وانهم يبون

يجون يتكلمون معك في موضوع زواج مها

فرحت .. وماقلت لأحد، أنتظر الين يجون في الليل

عشان أتأكد من الموضوع

وفي العصر رحت للسوق وأشتريت لي ذبيحه

ووديتها للمسلخ

وقلت لأم ريان يمكن يجينا ضيفان

سوو عشا

وجاء الليل وجا خوي ومعه رجال وولده

وأنا آحس اني الليلة ملكت الدنيا ومافيها

وفعلا تكلم الرجال وقال نبي بنتكم لولدنا

.
.

فرحت .. طرت من الفرح

حسيت اني ملكت الدنيا ومافيها

قلت لهم حياكم الله

لكن خلوني آشوف رأي البنت

.
.

قمت من المجلس

ودخلت البيت أدور بنتي الوحيدة

مها .. وأول مادخلت شفت قدامي وحده

وفتحت ايديني وضميتها

وقمت أحبها .. وأبكي من الفرح

وآقول مبروك ياعيون أبوك

ربنا يوفقك

وكانت تدفعني بقوة وتصيح

وأنا آضمها بقوة

.
.

وماصحيت الا ولدي ريان يسحب ايدي ويدفعني

بقوة .. ويقول ماتستحي .. عيب عليك

وقفت شوي وأناظر الا اللي كنت ماسكها

كانت زوجة ريان .. عرفت اني أخطيت

لكن ماتوقعت كلام ريان

كان كلامه صدمه .. وماعرفت أتكلم

.
.

شوي جت زوجتي .. وبنتي مها

وأنا زي المسطول

ما أدري .. وكأن الدنيا بدت تدور براسي

من كلام ريان .. وش يقصد

حسيت قلبي بيطلع من بين ضلوعي

كل هذا وأنا سااااكت

وسمعت أم ريان تقول وش صار

وش السالفة

وسمعت ريان يقول لزوجته

قولي لأمي وش اللي صار

.
.

قالت زوجت ريان ما أدري ..

لقيته داخل علي وضمني بقوة

يقول حبيبتي .. بس

.
.

ماقلت شيء .. لأني ماني داري

وش آقول

.
.

طلعت بسرعة لخوي ودعيته

وقلت له تصرف مع الرجال

أنا مشغول شوي في البت

قال خوي

خير ان شاءالله، فيه شي

صار شي .. شكلك ترتجف .. قلت له لا

.
.

ورحت دخلت غرفتي وتسكرت الباب

وجلست أبكي .. كني ورع صغير

حسيت ان قلبي انكسر من قمة الفرح

بقدوم عريس لبنتي

الى قمة الألم بكلام ولدي ريان وتفسيره

للموقف

.
.

بعد العشاء .. سمعت أم ريان عند باب الغرفة تدق

فتحت الباب .. وبدأت أم ريان تقول

الله يهديك يابوريان .. لاتكبر الموضوع

ماحصل شي ..

قلت لها .. ماسمعتي ولدك وش يقول

يقول لي عيب عليك .. ماتستحي

ليه وش يحسب .. !!

.
.

مانمت ذلك الليلة .. وفي الصباح الساعة 9

تفاجأت بعسكري عند الباب

قال لي أنت يوسف .. قلت نعم

قال أنت مطلوب في قسم الشرطة

قلت ليه ، قال فيه شكوى ضدك بالتعدي

من مين .. قال من ريان يوسف

.
.

ضاقت علي الدنيا .. وخذيت غترتي على كتفي

ورحت لمركز الشرطة .. وفتحوا محضر

وحولوني على الادعاء والتحقيق العام

وقلت لهم اللي صار .. لكن قالوا

نبي نخليك معنا في السجن كم يوم الين ينتهي التحقيق

.
.

ومن سجن الى سجن .. الى أن وصلت هنا

.
.

كان العم يوسف يحكي حكايته

أسمع بعض الكلام .. وبعضه يضيع

وسط حشرجات الألم .. ونزيف المشاعر

وأنا ساكت .. بدون أي كلام

حتى لم أرفع رأسي لأنظر الى وجهه

فقد كان حجم الجرح كبير جدا

وأعمق من أن يستوعبه قلب أب

وقع من قمة الأمل .. الى قاعة الألم

.
.

انسحبت

.
.

نزلت من سرير العم يوف

لأترك له مساحة أكبر .. يتنفس عن ألمه

.
.

كانت الساعة قد تجاوزت الثانية بعد منتصف الليل

ذهبت .. لأتمدد في الممر .. بجوار عبدالباري

كان عبدالباري لايزال صاحيا

حيث رفع غترته من على وجهه

وقال .. هااه شايفك تتسحب تالي الليل

من وين جاي ..

لم أرد عليه

تمددت .. وأنا في حالة ذهول !!

.
.

في صلاة الفجر .. لم أجرؤ أن أصلي بجواره

مع أني قد رأيت طاقيته بجواره يحجز بها مكاني

وعند الاقامة كان يتلفت يبحث عني

.
.

صليت بعيدا .. لا أعلم لماذا !!

قد يكون زخم المشاعر .. وعمق الألم

قد غمرني !!

.
.

رجعت بعد صلاة الفجر أبحث عن مكان هادي

لأنام فيه .. قال لي عبدالباري تعال

وأخذني الى سرير فاضي في عزبة رقم 1

وقال ان صاحب هذا السرير عنده

موعد اليوم في المحكمة وبيطلع مابيرجع

الا الظهر

.
.

دخلت في السرير لأنام

تصدقون أول مرة أنام على سرير منذ أكثر من شهرين

وفعلا .. نمت نووووم عميق

.
.

وقبل الظهر لقيت صاحب السرير قد رجع من المحكمة

ويريد أن ينام

فقمت .. وذهبت الى الممر

حيث المجموعات من السجناء

يتكلمون ويضحكون .. وبعضهم يلعبون ورقه

.
.

شعرت بالرغبة في العودة الى العم يوسف

لقيت عبدالباري جالس مع مجموعة

وقال تعال اجلس

قلت لأ شكرا .. أنا معزوم

ضحك وقال يالله أنا معك

.
.

رحنا للعم يوسف .. ولقيناه جالس

في السطح .. وعندما رأني

تهلل وجهه فرح .. وقال

بصوت عالي لأول مرة

أرحبوا أرحبوا .. أقلطوا

ضحكت .. وضحك عبدالباري

بينما سمعت ضحكات السجناء في عزبة رقم 7

يقولون .. والله انك يالدوسري منت بسيط

خليت أبو الهول يتكلم

.
.

طلعت بالسلم وتبعني عبدالباري

وعرفت عبدالباري على العم يوسف

قال العم يوسف : وينك اليوم ماصليت الفجر

قلت : الا لكن جيت متأخر

.
.

وحسيت اني جالس مع شخص آخر

العم يوسف يضحك بصوت عالي

ويتكلم بكل أريحية

.
.

شعرت بأن حكايته كانت حجرا يثقل على قلبه

ويعيق مشاعره وتفكيرة

.
.

وبقينا نتكلم حتى أذان الظهر

وصلينا ..

مر اليوم جميل وهادي

وفي الليل قال عبدالباري هاه وش رأيك نروح نسهر عند صاحبك

قلت يالله .. ورحنا وسهرنا الى الثالثة فجرا تكلمنا في كل شيء

الا المشاكل والهموم

وقبل مانمشي قال العم يوف

عشاكم عندي يوم الخميس ليلة الجمعة








مدمنة احباط
مدمنة احباط
واصلي --مستمتعه جدا
مدمنة احباط
مدمنة احباط
ياليت ترسلين لي ياحلوه المنتدى اللي قريتي منه القصه
شروق الشمس 1414
شروق الشمس 1414
كملي شكلها قصة مفيدة