صباح الضامن
صباح الضامن
14
قالتها كفاح ابنة الرابعة عشر ونيف ..قالت بلسان لا يصف إلا حالا عاشته وتدارسته مع الركب في سنين عمرها
_ أبي
سأحكي لك ما قلته للشيخ وغضب مني
بذكاء أرادت تحويل وجهة التحمس في نبرة أبيها لما وعد الشيخ بالحجاب
ولم تترك مجالا للأب الحنون أن يعترض بل استمرت تحيل المداد في وثيقة العهد التي وقعها الأب بشفتيه للشيخ تحيلها لوجهة اخرى .
بدهاء الصغار الذين يهربون من مواجهة حتمية تفرض عليهم وبإلحاح الدلال الذي تمتعت به كفاح في قلب الأب
استرسلت قائلة وهم يمرون على شجر الياسمين الأبيض الجميل والريح تلقي ببعضه في وجه كفاح فتطير متضاحكة كفراشة لا تعرف الهدوء فقالت بدون تكلف وهي تجمع الياسمين :
_ أردت فقط أن أعرف لم لم يتزوج فهو حنون جدا وقد كنت أتمنى أن تكون له ابنة لأصادقها
ابتسم الأب في داخله المقر بان ابنته داهية
تحاول ان تستميل قلب أباها وتصادر غضبه وتقحم في قلبه الرقيق فكرة براءتها في السؤال .
ولما كان الأب يفهم ابنته فقد ابتدأ بتحويل الدفة إلى مركبها العنفواني قائلا :
_ شيء جميل أن تتمني لمعلمك الشيخ ابنة لا بأس لا ادري لم غضب الشيخ إنك مثل ابنته وسؤالك عادي لولا أن .......
استدار القمر في مواجهة الغيمة القادمة من أثير أبيها , وضاحة المحيا كأنها تكتب سطرا جميلا بقولها
لولا أن .....
_لولا ان الفتاة عندما تكبر يجب أن تلتزم الأدب مع الرجال فلا تتبسط معهم ..
حين أبصرت كفاح أن أباها سيقوم بفتح حوار الحجاب من باب السن ,,,, وأن ما قاله مجرد رشاش بسيط لأول القطر من غيومه القوية المتكاثفة فهو كثير الحجة ذرب اللسان مقنع
حينها ابتدأت بالتملص منه لتحيل الحوار إلى ثلج ماكث بينهما لا شمسها تطلع عليه ولا وهج أنفاسها تذيبه
فيسألها أبوها مفاجئا :
_ أترين يا كفاح هذا الياسمين الذي تجمعينه ؟
_ نعم . مابه يا أبي
_ أترين لو أن الله لم يخلقه , ماذاسيكون حالك ؟؟؟؟ فأنت تعشقينه حد الجنون .
قلبت كفاح كلام أبيها لتتصيد المغزى وتوقعه في فخ ذكائها وشيء يدفعها لإجابة وهي تسترئف النسيم أن ينساب عابثا بشجر الياسمين لتحيطها بعيونها حالما تملأ السماء لونا وشذى , وكأنها خشيت من سؤال أبيها أن يتحقق . فأخذت تعبيء مخيلتها بما خشع من زهر الياسمين على الأرض .
فاجابته وقد ابتدأت نفسها تتأرجح مهتزة خوفا :
_ لا لا أظن أن الله سيحرمنا هذا الجمال
ابتدأ المنغلق ينفتح أ سر الأب لنفسه فقال لها

_ إذن فكل شيء بيد الله يا كفاح أليس كذلك هو يعطي وهو يمنح
_ طبعا يأ ابي طبعا ...
_ فإن أراد حرمك من الياسمين أليس كذلك
_ نعم ! قالتها كفاح شاردة وكأنها تتخيل العالم بلا ياسمينها الحبيب , فأصابها ذهول الفقد ولو بالخيال
_ فالله إذن مالك كل شيء ....
تكلم الأب هذه الجملة وجلس على صخرة كبيرة في ساحة العيد الكبيرة حيث تقام الاحتفالات للعيد .ولكنها الآن خالية إلا منه ...ومن كفاح
وجلست كفاح بجانبه ورجلاها القصيرتان لم تطالا الأرض بعد والتصقت بأبيها ودست يدها في يدها وكأنها تنشد حماية من شيء تهرب منه وجلة مترقبة
فامسك بها قائلا :
_ أنظري يا كفاح إلى هذه الساحة وأغمضي عينيك وتخيلي معي
- ماذا يا أبي ؟؟؟ فرحت كفاح للفكرة فهذا الأسلوب تعلمته من أبيها عندما يستعصي عليها أمر
_ تخيلي أننا في يوم القيامة
التصقت كفاح بأبيها حتى أحس انهما وحدة واحدة فاحاطها بذراعه
وهنا قالت كفاح
_ أبي
ولم يصغ لها والدها بل استمر قائلا
_ المكان مكتظ بالخلائق أنظري !! الكل يأتي ليوم الحساب تصوري أن الأرض كلها ستكون مثل هذه الساحة و.....
وقاطعته كفاح قائلة
_ أبي
ولم يصغ لها فقال
وعندما يأت الله سبحانه ! تخيلي يا كفاح ...تخيلي معي يوم يأتي ويسألنا ماذا فعلنا في الدنيا من خير بم نجيبه ؟؟؟؟؟؟
بم يا بنيتي ؟؟؟؟؟
والتفت الأب إلى كفاح فيجد أنها قد غادرت المكان وأطلقت ساقيها للريح .............
يتبع
امل الامة
امل الامة
تابعي جزاك الله خير

فنحن معك
نــــور
نــــور
:26:
um_suhaib
um_suhaib
جزاك الله خير قصه مفيده وتعيننا على تهذيبي نفسنا
:26:
صباح الضامن
صباح الضامن
15

مقاتلة من الطراز الأول ....بانت نواجذ الأب الحنون معاتبا كفاح بتبسم لخوفها من تجربة التخيل
!!!
_ لا لم يكن تخيلا يا أبي قالتها كفاح وقد تصببت عرقا وطارت جدائلها في كل اتجاه رافضة اتزانا
لم يكن تخيلا يا أبي لقد رأيت حقا كل شيء وكأني في يوم القيامة
وامتدت أشعة من عيونها المتلامعة تغزو قلب الأب وخاف على ابنته فاخذ يعيدها إلىعالم الحقيقة بمزاح يوقظ فيها روحها المشاكسة
_ هيا يا قطتي الحبيبة ....لنقم برحلة أخرى سويا على متن بساطك السحري
إياك أن تهربي الآن كما السابق فأسقط أرضا ولن تستطيعي لم أجزائي فبساطك سريع و..
ضحكت كفاح فانفرج هم الأب وقال لها مسارعا
_ أردت يا حبيبتي أن تعملي ليوم اللقاء الأكبر
أنت تلتقين كل يوم في سيرك مع ياسمينك وطيورك ...وتعيشين بين أفياء ظل شجرك المحبب فكوني طليقة معهم ولا تأسري روحك !
_ وكيف يا ابي أأسر روحي أنا أجري في الحقول وبين الأطيار والأزهار أهذا أسر!!؟
_ نعم هو أسر كبير
أتعلمين يا بنيتي أن الأسر أن تحدي خيالك في الأرض , أفيضي من خيالك على نفسك خارج حدود زهرك وطيرك لا توقفي الانطلاق على بابك ولا تجعليه ينتظر إذنا بالمثول كل مرة !
أحست كفاح بنوع من التشوش وبات عقلها لا يستوعب مد والدها الزخم فاستفسرت
_ أبي ماذا تقصد ؟؟ لم أفهم
_ سأفهمك بنيتي ,,أترين العصفور الذي يحبس في قفص ؟؟ أترينه وهو يطير من جهة إلى أخرى داخلا لا يرى غير القضبان ؟
_ بلى ولا أحب هذا المنظر !
_ نعم ولا انا لأنني أرى أنه منع انطلاقا فلو ترك لكان قد ملأ الدنيا واحتوى فضاءاتها بجناحيه وتغريده , لحرك النسائم في أثير كل مسبح فتناغم معها
فكيف بنيتي بأرواحنا ألا ترين أنها سجينة ؟؟
_ كيف يا أبي ؟؟
_ أريدك أنت تقولي لي كيف نسجن الروح وقارنيها بذلك العصفور في القفص
أخذت كفاح في التفكير ولم يطل تفكيرها لترفع عينين عميقتين إلى والدها وقد أخذها بعيدا بعيدا ..حلقت معه ومع العصفور الطليق لترى أنها تستطيع أن تملأ رئتيها هواء نقيا وتمسك شعاعا لا يهرب ليلا وتعطي إشارات قلبية للولوج في كل حياة مشرقة
ولكنها تعلم أن حوارها مع والدها سيقودها إلى ما يريد هو كما العادة وخشيت أن تعترف ضمنا بعجزها عن الكفاح عن حرية تزعم أنها من حقها
عدم لبس الحجاب
فتلك الحرية التي تريدها
بقرارة نفسها لا تريد أن تتحجب
فأخفت تحليقها بسرعة وقالت لوالدها مباشرة :
_ أبي أنت تريد ان تقنعني بالحجاب أليس كذلك ؟؟
والد كفاح لا يريد هذا البتر ولا الاستعجال يريد أن يصل معها إلى قناعة أن الحرية المأسورة هي الحرية غير المتزنة , هي حرية الانطلاق بلا حد ولا رابط .. وحرية الروح هي المقصودة لا حرية الجسد بكشفه
ولكنها استعجلت النهاية ففوتت عليه التدرج
فأخبرها
_ وهل الأمر بحاجة إلى قناعة منا
أوليس هذا أمر رباني ؟
_ خجلت الفطرة في كفاح فانسكب الدم الحار يرتفع في وجنتيها وحاولت تجاف عن الفهم عمدا حتى لا يلج من هذا الباب
لا تريد الحجاب
وكيف تركض في الحقول ..وكيف تطير مع الفراش والياسمين .,,, إنها لا زالت طفلة في جلباب فتاة في أول سن النضوج وهذا ما يعرفه أبوها رغم علمه أن عقلها أكبر من سنها ولكنه يراها هنا تتمسك بطفولتها لا تريد أن تعتق من سجن الطفولة العشوائية إلى رحب الحياة الجديدة فكرة الانتقال من عالم إلى عالم يقلق كفاح وتظن به موتا
_ إننا يا بنيتي أضاف الأب
إننا في هذه الحياة نعيش بمراحل كل مرحلة لها طعم جميل , طفولتنا هي مداعبة مع الطير وشبابنا هي تسامق مع الديم وخريفنا مد من العطاء على من حولنا , وشتاؤنا أنهار فيض لتخضر حياتنا وحيوات الغير القادمة . فهل رأيت احدا يبقى طفلا
فابقي إذن طفلة تطيرين مع الفراش في الحقول وفوتي على نفسك أن تعيشي الطيران مع الديم المسافرة إلى عوالم جديدة جميلة وضاحة .....
ولا تحزني إن عاملك أحد كطفلة وأنت في العشرين فأنت تختارين عدم التخطي
فلون الفجر عندك واحد ......متوحد
وانتظر الأب ردة فعل كفاح المطرقة .....
يتبع