مرمر الحنونه
مرمر الحنونه
السلام عليكم نور كيف حالك يا قلبي
سهرنه اليوم ......مواضيعك قيمه بارك الله فيك
مرمر الحنونه
مرمر الحنونه
(( إختلال ميزان الأولويات في الأمة ))


من نظر إلى حياتا في جوانبها المختلفة - مادية كانت أو معنوية، فكرية أو اجتماعية أو اقتصادية أو سياسية أو غيرها - وجد ميزان الأولويات فيها مختًلا كل الاختلال. نجد في كل أقطارنا العربية والإسلامية مفارقات عجيبة:


ما يتعلق بالفن والترفيه مُقدَّم أبدًا على ما يتعلق بالعلم والتعليم.

وفي الأنشطة الشبابية : نجد الاهتمام برياضة الأبدان مُقدَّمًا على الاهتمام برياضة العقول، وكأن معنى رعاية الشباب : رعاية الجانب الجسماني فيهم لا غير، فهل الإنسان بجسمه أو بعقله ونفسه؟


كنا نحفظ قديمًا من قصيدة أبى الفتح البستي الشهيرة:


يا خادم الجسم كم تسعى لخدمته أتطلب الربح مما فيه خسران؟

أقبل على النفس، واستكمل فضائلها فأنت بالنفس - لا بالجسم – إنسان!



وقبله حفظنا عن زهير بن أبي سلمة في معلقته:


لسان الفتى نصف، ونصف فؤاده فلم يبق إلا صورة اللحم والدم!


ولكننا نرى اليوم: أن الإنسان بلحمه وعضلاته قبل كل شيء.


وفي الصيف الماضي (سنة 1993 ) لم يكن لمصر كلها حديث، إلا عن اللاعب الذي (يُعرَض) للبيع، وارتفع سعره في سوق المساومة بين الأندية حتى بلغ نحو ثلاثة أرباع المليون من الجنيهات!


وليتهم اه تموا بكل أنوع الرياضة، وخصوصًا التي ينتفع بها جماهير الناس في حياتهم اليومية، إنما اهتموا برياضة المنافسات، وبخاصة كرة القدم ، التي يلعب فيها عدة أفراد، وسائر الناس متفرجون!!

إن نجوم المجتمع، وألمع الأسماء فيه، ليسوا هم العلماء ولا الأدباء، ولا أهل الفكر أو الدعوة ، بل هم الذين يسمونهم ( الفنانين والفنانات ) ولاعبو الكرة ، وأمثالهم.

الصحف والمجلات، والتليفزيونات والإذاعات، لا حديث لها إلا عن هؤلاء وأعمالهم (وبطولاتهم ) ومغامراتهم وأخبارهم مهما تكن تافهة، أما غيرهم فهم في ظل الظل، بل في أودية الصمت والنسيان.

يموت الفنان، فترجّ الأرض لموته، وتمتلئ أنهار الصحف بالحديث عنه.

ويموت العالم أو الأديب أو الأستاذ الكبير ، فلا يكاد يحس به أحد!

وفي الجانب المالي : ُترصد المبالغ الهائلة ، والأموال الطائلة للرياضة والفن ورعاية الإعلام وحماية أمن الحاكم، الذي يسمونه زورًا (أمن الدولة) ولا يستطيع أحد أن يعارض أو يحاسب: لِمَ هذا كله؟

في حين تشكو الجوانب التعليمية والصحية والدينية والخدمات الأساسية، من التقتير عليها، وادعاء العجز والتقشف إذا طلبت بعض ما تريد لتطوير نفسها، ومواكبة عصرها، فالأمر كما قيل : تقتير هنا، وإسراف هناك ! على نحو ما قاله ابن المقفع قديمًا: ما رأيت إسرافًا إلا وبجانبه حق مضيع!

مرمر الحنونه
مرمر الحنونه
(( إخلال المتدينين اليوم بفقه الأولويات ))


ولا يقف الإخلال بالأولويات ا ليوم عند جماهير المسلمين، أو المنحرفين منهم ، بل الإخلال واقع من المنتسبين إلى التدين ذاته ، لفقدان الفقه الرشيد، والعلم الصحيح. إن العلم هو الذي يبين راجح الأعمال من مرجوحها، وفاضلها من مفضولها، كما يبين صحيحها من فاسدها، ومقبولها من مردودها، ومسنونها من مبتدعها، ويعطي كل عمل"سعره" وقيمته في نظر الشرع.

وكثيرًا من نجد الذين حُرموا نور العلم ورشد الفقه، يذيبون الحدود بين الأعمال فلا تتمايز، أو يحكمون عليها بغير ما حكم الشرع، فيُْفرطون أو يَفرطون، وهنا يضيع الدين بين الغالي فيه والجافي عنه.

وكثير ما رأينا مثل هؤلاء - مع إخلاصهم - يشتغلون بمرجوح العمل، ويدعون راجحه، وينهمكون في المفضول، ويغفلون الفاضل.

وقد يكون العمل الواحد فاض ً لا في وقت مفضو ً لا في وقت آخر، راجحًا في حال مرجوحًا في آخر، ولكنهم - لقلة علمهم وفقههم - لا يفرقون بين الوقتين، ولا يميزون بين الحالين. رأيت من المسلمين الطيبين في أنفسهم من يتبرع ببناء مسجد في بلد حافل بالمساجد، قد يتكلف نصف مليون أو مليونًا أو أكثر من الجنيهات أو الدولارات، فإذا طالبته ببذل مثل هذا المبلغ أو نصفه أو نصف نصفه في نشر الدعوة إلى الإسلام، أو مقاومة الكفر والإلحاد، أو في تأييد العمل الإسلامي لإقامة الشرع وتمكين الدين، أو نحو ذلك من الأهداف الكبيرة التي قد تجد الرجال ولا تجد المال، فهيهات أن تجد أذنًا صاغية، أو إجابة ملبية، لأنهم يؤمنون ببناء الأحجار، ولا يؤمنون ببناء الرجال!.

وفي موسم الحج من كل عام أرى أعدادًا غفيرًة من المسلمين الموسرين يحرصون على شهود الموسم متطوعين، وكثيرًا ما يضيفون إليه العُمرة في رمضان، ينفقون في ذلك عن سخاء، وقد يصطحبون معهم أناسًا من الفقراء على نفقتهم، وما كلَّف الله بالحج ولا العُمرة هؤلاء. فإذا طالبتهم ببذل هذه النفقات السنوية ذاتها لمحاربة اليه ود في فلسطين، أو الصرب في البوسنة والهرسك، أو لمقاومة الغزو التنصيري في إندونيسيا، أو بنجلاديش، أو غيرها من بلاد آسيا وإفريقيا، أو ***** مركز للدعوة، أو تجهيز دعاة متخصصين متفرغين، و تأليف أو ترجمة ونشر كتب إسلامية نافعة، لوَّوْا رؤوسهم، ورأيتهم يصدون وهم مستكبرون
مرمر الحنونه
مرمر الحنونه
أولوية الكيف على الكم ))


من الأولويات المهمة شرعا: تقديم الكيف والنوع على الكم والحجم، فليست العبرة بالكثرة في العدد، ولا بالضخامة في الحجم: إنما المدار على النوعية والكيفية.

لقد ذم القرآن الأكثرية إذا كان أصحابها ممن لا يعقلون أو لا يعلمون أو لا يؤمنون أو لا يشكرون : كما نطقت بذلك آيات وفيرة م ن كتاب الله : (بل أكثرهم لا يعقلون )، (ولكن أكثر الناس لا يعلمون)، (ولكن أكثر الناس لا يؤمنون)، (ولكن أكثر الناس لا يشكرون).

(وإن تطع أكثر من في الأرض يضلوك عن سبيل الله).

في حين مدح القرآن القلة المؤمنة العاملة الشاكرة، كما في قوله تعالى : (إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات قليل ما هم )، (وقليل من عبادي الشكور )، (واذكروا إذ أنتم قليل مستضعفون في الأرض )، (فلولا كان من القرون من قبلكم أولوا بقية ينهون عن الفساد في الأرض إلا قليلا ممن أنجينا منهم).

ولهذا ليس المهم أن يكثر عدد الناس، ولكن المهم أن يكثر عدد المؤمنين الصالحين منهم. يذكر كثيرون الحديث النبوي: "تناكحوا تناسلوا تكثروا فإني مكاثر بكم الأمم "، ولكن الرسول لن يباهي الأمم بالجهلة ولا بالفسقة ولا بالظالمين، إنما يباهي بالطيبين العاملين النافعين.

وقد قال عليه الصلاة والسلام : "الناس كإبل مائة لا تجد فيها راحلة ". دلالة على ندرة النوع الجيد من الناس، كندرة الراحلة الصالحة للسفر والركوب والحمل في الإبل، حتى إن المائة لا يكاد يوجد فيها واحدة من هذا النوع.

والتفاوت في بني الإنسان أكثر منه في جميع الفصائل والأنواع الأخرى من الحـيوانات وغيره. حتى جاء في الحديث: "ليس شيء خيرا من ألف مثله إلا الإنسان".

إننا مولعون بالكم وبالكثرة في كل شيء، وإبراز الأرقام بالألوف والملايين، ولا يعنينا كثيرا ما وراء هذه الكثرة، ولا ماذا تحمل هذه الأرقام.

مرمر الحنونه
مرمر الحنونه

والقرآن ذكر لنا كيف انتصر جنود طالوت، وهم قلة على جنود جالوت وهم كثرة: (فلما فصل طالوت بالجنود قال إن الله مبتليكم بنهر فمن شرب منه فليس مني ومن لم يطعمه فإنه مني إلا من اغترف غرفة بيده، فشربوا منه إلا قليلا منهم، فلما جاوزه هو والذين آمنوا معه قالوا لا طاقة لنا اليوم بجالوت وجنوده، قال الذين يظنون أنهم ملاقوا الله كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله، والله مع الصابرين) ، إلى أن قال: (فهزموهم بإذن الله).

وذكر لنا القرآن ك يف انتصر الرسول وأصحابه في بدر، وهم قلة على المشركين وهم كثرة كما قال تعالى : (ولقد نصركم الله ببدر وأنتم أذلة، فاتقوا الله لعلكم تشكرون )، (واذكروا إذ أنتم قليل مستضعفون في الأرض تخافون أن يتخطفكم الناس فآواكم وأيدكم بنصره).

على حين كاد المسلمون يخسرون في حنين، إذ نظروا إلى الكم لا الكيف وغرتهم الكثرة، وأهملوا القوة الروحية، والحيطة العسكرية، فدارت الدائرة عليهم أولا، حتى يتعلموا وينتبهوا أو يتوبوا، ثم فتح الله عليهم وأيدهم بجنود لم يروها.

يقول الله تعالى : (لقد نصركم الله في مواطن كثيرة ويوم حنين إذ أعجبتكم ك ثرتكم فلم تغن عنكم شيئا وضاقت عليكم الأرض بما رحبت ثم وليتم مدبرين، ثم أنزل الله سكينته على رسوله وعلى المؤمنين وأنزل جنودا لم تروها وعذب الذين كفروا، وذلك جزاء الكافرين).