مناير العز

مناير العز @mnayr_alaaz

عضوة شرف في عالم حواء

لـــمـــار ... فـي مـــكـــانٍ مـــا ؟

الأدب النبطي والفصيح

بسم الله الرحمن الرحيم

كتبت هذهـ القصة
وأريد رأيكم فيها
هل أنفع أن أكون كاتبة قصص؟
ربما
؟

في مكان ما..

وفي أحد الحدائق المجانبة لشارع يضج بالحركة في ضوء النهار..

تقف طفلة ذات اثنا عشر عاما

طفلة جميلة بملامح شرقية

عينان سوداوان واسعتان

وأنف عربي شامخ

وفم وردي منقبض

ينسدل على كتفيها شعر كستنائي كثيف يصل إلى منتصف ظهرها

يحيط شعرها بوجهها الدائري الطفولي فكأنها هالة نور تشع بالبراءة والطهر

تقف وهي تلبس فستانا رقيقا إلى منتصف ساقيها

وأكمامها بالكاد تغطي ساعديها

وتنتعل في قديها الرقيقتين صندل ذي حبلين متضاربين

تقف وعيناها مشدودتان للمنظر من حولها

؟ ما هذا؟

هل أنا في حلم

من الذي أتى بي إلى هنا؟؟

00000000000000000000000000

تنفض ثيابها .. فقد كانت نائمة على أحد كراسي الحديقة المطلة على الميدان المزدحم بالناس

تخطو خطوات نحو الشارع فالحديقة عامة ولا يفصلها عن الشارع سوى بعض شجيرات بعضها مرتفع والآخر قصير

تصل إلى الرصيف بينما لسعة من برودها تلمس كتفيها ، فتضم يديها إلى صدرها وتنظر إلى الشارع أمامها

غريب ... كل شيء هنا غريب!!

السيارات لا تحمل لوحات لبلدي والمباني أيضا تختلف.. حتى الناس هناك مختلفون ... أين الملابس العربية؟

الرجال بملابس غربية والنساء كاشفات .. وأيضا هن غربيات ولسن عربيات !

كيف تغير المكان ؟

ما الذي أتى بي إلى هنا ؟

تدفعها التساؤلات لتندفع هي للبحث عن اللغز المحير !

تمشي على الرصيف لا تعرف لها وجهة أو مكان تأوي إليه

تندفع هذهـ الطفلة الصغيرة لتصل إلى شارع ذي محال تجارية ويتزاحم الناس أمامها

لعله سوق .. تدخل بين الناس تبحث عن شيء لا تدري ما هو ؟

لعله دليل أو شخص يخبرها كيف جاءت هنا

طفلة تائهة في شوارع مدينة لا تعلم أين موقعها من العالم

وجوه الناس وبشرتهم البيضاء والشعر الملون ما بين أشقر وبني وأحمر وأسود تشي بأنها مدينة في أوروبا أو أمريكا

ينظر إليها رجل ربما في الخمسين من عمره ويتكلم بلغة غير مفهومة .. ثم يسألها مشيرا إلى ملابسها ولكنها لم تفهم شيئا

فهي لا تعرف غير العربية

وأنى لها أن تعرف لغة ذلك الرجل أو مدينته ؟؟

انصرف الرجل بينما تصغي بأذنيها للغة يتكلمها هؤلاء البشر لا تفقه منها حرفا واحدا

حتى هذهـ الكلمات المكتوبة على واجهات المحلات التجارية لغة غريبة .. قد تكون انجليزية وقد تكون لغة تشبهها

حتى اللغة الانجليزية لا تعرف منها سوى بضع كلمات مثل يس ونو ونيم هواريو التي تعلمتها في المدرسة

اللوحات في الشارع والإعلانات لا يوجد فيها حرف واحد مفهوم

0000000000000000000000000000

أتى المساء وهذهـ الطفلة تهيم وتهيم على وجهها

وتسير على غير هدى والهواء البارد يلفح جبينها ليطير بعض الخصلات من شعرها

وتمسك عضديها بيديها من البرد

تمشي وهي تنتفض

ولا مئونة معها ولا شيء يدفئها

بدأ الظلام الحالك يكسو المدينة التي سكنت لتنام

بينما هذهـ الطفلة الصغيرة لا تستطيع النوم

وخلت الشوارع إلا من بعض السيارات الصغيرة

تعبت من المشي المتواصل ومن الهواء البارد

ومن الجوع القارص

ولا تدري ماذا تفعل

صارت تبحث عن أي شيء يؤكل أو شيء يغطيها عن البرد

ولا شيء سوى الأرصفة والمباني والمحال التجارية

شاهدت هناك بين بعض البيوت الساكنة قطعة خضراء وفيها أشجار وبجانبها مبنى أثري قديم

وصلت إلى جدار المبنى الحجري والتصقت في منعطف منه وأرخت رأسها الصغير والذي لم يعد يقو على التفكير بسبب التعب والجوع والبرد

نامت نوما أشبه بالإغماء منه بالنوم

0000000000000000000000000000000

في الصبح تدغدغها الشمس بدفئها وبنورها

تصحو لتجد عاملا يكنس المكان بالقرب منها ، وعندما شاهدها مفتحة العينين أتى يجر مكنسته ويلقي عليها بعض الأسئلة

وهي لا تفقه حرفا مما يقول

يشير إليها ثم يلوي يده مستفهما ويردد بعض الكلمات وهي لا تعرف كيف ترد عليه

اقترب منها وأخذ يتكلم ويستجديها أن ترد عليه

قالت : ما أدري وش تقول .. أنا ما أفهمك .. وما أدري وش اللي جابني هنا

نظر إليها مندهشا وكأنه اكتشف شيئا .. نعم اكتشف أن هذهـ الطفلة لا تتكلم بلغته .. إذن كيف يتفاهم معها

لم يكن جنس هذا العامل ممن يميلون للمساعدة ولكن حبه للأطفال وجمال هذهـ الطفلة بالذات جعلاه يعرض عليها مساعدته

ولكن ... كيف يتفاهم معها ؟؟

نظر إليها وقد ازرقت أطرافها من برد البارحة رغم أنهم في أشهر الصيف !

ونظر إلى ثيابها الخفيفة

وشفتيها المتيبستين

فعرف أنها عانت الأمرين الجوع والبرد

الطفلة تكلم بلغة غريبة .. أول مرة يسمعها ولا يكاد يفهم منها شيئا

أشارت إلى بطنها وإلى جسمها

ففهم ما أرادت

كانت تقول: على الأقل جب لي شيء آكله وشيء يدفيني ... تعذبت البارح ما أدري وين أروح

لم يرد عليها وإنما وقف .. لا يدري ماذا يقرر

ثم تذكر زوجته التي عاش معها ثلاثين سنة ورزقا بولد وبنت ماتت صغيرة في حادث غرق

وهذا الولد لقد كبر واستقل بنفسه فلم يعد يراه إلا مرة أو مرتين في السنة

ثم نظر إلى الطفلة المتقوقعة على نفسها في هذهـ الزاوية .. وتخيلها طفلته التي فقدها قبل عشرين عاما عندما كان عمرها سنتين فقط

لو أنها موجودة لكان عمرها الآن اثنين وعشرين عاما

مد يدهـ للطفلة المسكينة فقامت معه لا تمانع شيئا

ومشى معها إلى خارج الحديقة الصغيرة

وسار في الشارع لينعطف يمينا ثم شمالا حيث يقع بيته المتواضع

يفتح الباب الذي يسبق الفناء الصغير المزروع ببعض النباتات والزهور ثم يصل إلى باب المنزل ويفتحه مناديا: ميري
ميري

تخرج امرأة تخطو نحو الخمسين من عمرها ولكنها بصحة جيدة وقوام رشيق ثم تتقدم نحو العامل الكهل الذي يقف في منتصف المكان ممسكا بيد الطفلة

ويبدآن بالكلام الذي ارتفعت حدته قليلا والطفلة العربية تقف بينهما لا تفهم شيئا

بينما يشير الرجل الكهل إليها ويكمل كلامه .. ثم يشير إلى ساعته ويخرج مغلقا الباب خلفه


00000000000000000000000000
أتمنى يكون أعجبكم الجزء الأول :26:

ونكمل أن شاء الله غدا
570
131K

يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.

تسجيل دخول

مناير العز
مناير العز
تتقدم ميري من الطفلة

لتأخذ بيدها وتدلها على الحمام وتحضر لها منشفة

جلست ميري على الكرسي في الصالة المتسعة والتي يتربع على يمينها كنب ومكتبة فيها تلفاز تتوسطها نافذة كبيرة

وفي الجانب الآخر طاولة الطعام وبالقرب من الباب كرسيان بينهما طاولة مستديرة عليها شمعدان

في المقابل من باب المنزل هناك بهو صغير عليه غرفتان وباب متواري في ركن منه هو الحمام - أعزكم الله - وفي آخر البهو مطبخ صغير له باب خلفي
خرجت الطفلة من الحمام بعد أن استحمت ولبست ملابسها وهي تجفف شعرها

وتقدمت إلى وسط الصالة .. تنظر إلى السيدة لا تدري ماذا ستفعل بها؟؟

أشارت ميري إلى طبق من الخبز وبعض الجبن وكوب من الحليب وهي تتكلم بلغتها غير المفهومة

جلست إلى طبقها لتأكل وتسد جوعها ولما انتهت نظرت إليها ميري مبتسمة وأشارت إلى صدرها وقالت: ميري ... ميري
ثم أشارت إلى الباب حيث خرج زوجها وقالت ستوفيوس .. ستوفيوس

ثم أشارت إليها مستفهمة ...أي ما اسمك؟

فهمت الطفلة العربية فقالت: لمار
أعادت ميري الاسم وكررته كأنها تريد حفظه : لمار ... لمار

وصفقت بحيوية وكأنه تصفق للانتصار في التواصل مع هذهـ الطفلة الأجنبية

ارتاحت لمار عندما فهمت أن اسم السيدة ميري وأن السيدة عرفت اسمها

انتهت من وجبتها ثم أخذتها ميري لتتجول في المنزل وكأنه منزلها وتشير إلى الأشياء لتعلمها اسمها بلغتها

وأخذت لمار تردد خلفها باب طاولة كرسي نافذة

ثم أخذتها إلى غرفة مكدس فيها بعض الأثاث وفي جانب منها وضعت ميري مرتبة ثم غطتها بغطاء أبيض وأشارت إليها أن ارتاحي هنا

وجلبت لها لحافا دافئا

وتركت الباب مواربا

ضمت لمار لحافها الجديد واستلقت على فراشها وأغمضت عينيها

كأن طعام الإفطار أعاد لها ذاكرتها وفكرها وذكاءها

فأخذت تتذكر الأحداث غي الآونة الأخيرة

0000000000000000000000000000000000000000000000000

كيف جاءت إلى هنا
أين أمها وأبوها وأخوتها؟

نعم تذكرت عندما ودعتهم في مطار المدينة لتسافر مع أخيها أحمد إلى الرياض لتزور بعض أقاربها ريثما يلحق بها والداها وبقية أخوتها في الغد

قبل أيام قليلة تسلمت شهادة النجاح من المرحلة الابتدائية حيث ستنتقل إلى المرحلة المتوسطة بعد ثلاثة أشهر

وفي اليوم التالي أقاموا هي وأخوتها وأبناء الجيران حفلة نجاح جميلة

تقاسموا فيها الحلوى والهدايا وكانت أحلى المفاجئات قدوم أخيها أحمد الذي يكبرها بسبع سنوات من الرياض حيث يدرس هناك

وبعد يومين عاد إلى الرياض ليصحب معه أخته بالطائرة

أبوها ودعها وداعا حارا وحزينا وكأنه لن يراها بعد ذلك

وركبا الطائرة صباحا ولكنها وبسبب السهر ليلا نامت في الطائرة وعليها ......

لا تدري كيف جاءت إلى هذا البلد الغريب؟

هل أخطأت الطائرة في مسيرها؟

هل اختطفت؟

وحتى لو حصل واحد من هذهـ الأمور .. أين أحمد؟؟

من المفترض أن يكون معها الآن ..!

هذا اللغز الكبير .. قدومها إلى هذهـ البلاد الغريبة واختفاء أخيها .. يحيرها فعلا !!

بقيت تفكر وتفكر حتى أتعبها التفكير

فجلست تتذكر أمها وأخوتها الصغار

رغم أن أمها تقسو عليها أحيانا إلا إنها تحبها وتشتاق إليها

ربما تقسو عليها لأنها الكبرى

أو لأنها كثيرة الحركة وتحب اللعب

أين أنت يا أمي الآن ؟ ... تعالي وسوف أطيعك في كل شيء

وسوف لن ألعب كثيرا

سوف أعتني بأخوتي

أبي .. حبيبي ... أين أنت؟؟

وفاضت من عينيها دموعا لتسيل على خديها المتوردين

وأخذت تبكي وتبكي فأبوها يحبها كثيرا ويضمها على صدره دائما ويفرحها بالهدايا والألعاب والملابس

يفضلها على أخوتها ويحقق لها كل ما تتمناه في هذهـ الدنيا

كيف هو الآن ؟ لا بد أنه سيجن عندما يعلم باختفائي في هذهـ البلاد البعيدة

ظلت تبكي إلى أن نامت ورأت في حلمها امرأة بملابس بيضاء على فراشها لم ترها قبل في حياتها
تقول لها أنت قريبة يا ابنتي ، لا تيأسي وابحثي عني

000000000000000000000000000000000000000000000000000000000

انتبهت من نومها على صوت ميري التي تتكلم وهي تقف بجانبها وتشير إلى خارج الغرفة

ثم خرجت لمار لتجد العامل يجلس بجانب زوجته على طاولة الطعام التي يتوسطها الغداء ففهمت أنها نامت حتى وقت الغداء

فتوجهت إلى الحمام لتغسل وجهها

ثم تذكرت أمرا

لقد تذكرت الوضوء والصلاة

كيف لم تصل من الأمس ؟

وتذكرت أباها وهو يقول أهم شيء يا بنتي في الدنيا هي الصلاة .. ما يتوفق الإنسان في حياته وهو ما يصلي لربه واللي ما يصلي كافر .. إلخ النصائح التي ينصحها بها أبوها

وتذكرت أنها في مأزق وكربة ... ولن يفرج عنها هذهـ الكربة إلا الله ... فتوضأت ثم اتجهت إلى الغرفة لتأخذ الغطاء الأبيض رغم اتساعه وتلفه عليها لتصلي وعندما أرادت التوجه للقبلة حارت في أمرها فهي لا تعرف أين هي أصلا حتى تعرف القبلة ؟؟

وهؤلاء الذين تسكن عندهم بالتأكيد غير مسلمين

دارت حول نفسها مرتين ثم قررت أن تتجه إلى الوجهة التي ارتاحت لها وصلت

وأخذت تصلي الصلوات الفائتة

عندما تباطأت ميري لمار ذهبت إليها في غرفتها لتصدم بالأمر !

ماذا تفعل هذهـ الفتاة؟؟

وأسرعت إلى زوجها الذي جاء مسرعا ووقفا بالباب يتفرجان عليها

ويسألان بعضهما ماذا تفعل؟

قال ستوفيوس لزوجته : لابد أنها صلاة المسلمين

لقد رأيت مرة عندما سافرت إلى تركيا أناس مسلمون يصلون هكذا ونساؤهم يتحجبن هكذا

فردت ميري: إذن هذهـ الفتاة تركية مسلمة

هز كتفيه وقال: ربما

إنه لا يحب الأتراك ولا يحب المسلمين

وفوق هذا يجلب فتاة مسلمة إلى بيته؟؟

ماذا يفعل؟

هل يطردها؟

لا فهذا ليس من الذوق في شيء

ولمعت في رأسه فكرة

سينصّرها

فهي لا تزال طفلة

وستساعده ميري في ذلك فهي متعصبة للكنيسة

00000000000000000000000000000000000000000000000000000

انتظروني

سلام
* كـان*
* كـان*
لم أقرأها ولكن تبدو من

اسمها رائعـــة ..

لي عودة بإذن الله ...
مناير العز
مناير العز
8

لا تفوتينها حلوة وفكرتها حلوة

ستتابعينها بشغف وقولي ما قالت مناير

حياااك اختي
مناير العز
مناير العز
هناك في السعودية وفي المدينة تحديدا ... أبو أحمد ينتظر اتصالا من ابنه الذي سافر قبل أيام قليلة بخصوص موضوع بينهما هما الاثنين ويخص طفلته المحبوبة (لـمـار)

ولكن..
لم يتصل إلى الآن وقد حاول الاتصال على جواله مرارا ولم يرد

ما الذي حصل يا ترى؟

هل وصلا بسلام؟

هل أضاع جواله؟

هل حصل لهما مكروه؟

لا يدري كيف يتوصل أبو أحمد إلى إجابة لهذهـ التساؤلات ؟؟

زوجته أم عمر وهي ليست أم أحمد لأنها الزوجة الثانية بعد الزوجة الأولى التي سمعت أنها توفيت أثر مرضها ..

أم عمر ترى زوجها قلقا على ابنيه وتحاول أن تعرف ما الذي يجري بالضبط؟

لقد قال لها أبو أحمد أنهما وصلا بسلام وسيعاودان الاتصال بها ... ولكن...

لماذا لم يتصلا إلى الآن ؟؟

لقد وعدتها لمار بأن تتصل بها وقالت : أنا لن أصبر عنك يوما واحدا يا ماما

ومضت أيام ولم تسمع صوتها

إنها تفتقدها وتفتقد شقاوتها وحركتها

وحتى مشاجراتها مع أخوتها

لقد كانت تكره تدليل أبيها لها

والآن...

أحست بالرحمة لذلك الأب المدلل لابنته

ولتلك البنت التي ابتعدت عن أبوها

يا ترى ما الذي يجري؟؟

لماذا أبو أحمد قلق ولا يريدها أن تسأل عنهما؟

لا بد أن الأمر فيه شيء غير طبيعي!

العائلة كلها أصابها التوتر والاضطراب رغم تكتم الأب على اختفاء ولديه ، الذي اعترف بعد أن طالت المدة لزوجته فصدمت بالأمر

00000000000000000000000000000

أحمد لا أحد يعلم ما الذي أصابه

لمار هي الأخرى لا أحد يعرف عنها شيئا

فقط هي تعلم أنها في دولة غربـية وبعيدة ولا تعلم كيف وصلت إليها ؟؟

الآن..

لـمـار تعيش مع هذهـ الأسرة الغربـية رغم صعوبة العيش والتأقلم معهم وبيئتهم المختلفة عنها

في الأيام التالية نظفت ميري وساعدتها لـمـار الغرفة حتى تستطيع الارتياح والنوم فيها

الغرفة كانت لابنها الذي تركهم من سنين مهاجرا إلى بريطانيا لدراسة الطب، وهو قبل أشهر أخبرهم في رسالته أنه عازم على الزواج قريبا عندما ينهي دراسته، وعودته ستكون حسب ظروف عمله وعمل زوجته الجديدة

يوجد في الغرفة دولاب خشبي قديم وسرير وبعض العفش المكدس، استعانت ميري بزوجها ستوفيوس لتحريك الدولاب ولتركيب السرير من جديد

ومن ثم أكملتا ترتيب وتنظيف الغرفة حتى أصبحت معقولة

لقد كان ذلك يوم الأحد يوم الإجازة الأسبوعية فميري غير متفرغة خلال الأسبوع فهي تعمل في مصنع للنسيج وفي نهاية الأسبوع تقوم ببعض الأعمال المنزلية المكدسة بسبب عدم وجود خادمة ومرتبهما الاثنين متواضع بالنسبة لأسعار المعيشة المرتفعة

وفي المساء قبل غروب الشمس بساعة تخرج مع زوجها للنزهة خارجا إما على شاطئ البحر أو للسينما أو للتسوق أو لتناول طعام العشاء البحري

وفي ذلك المساء عندما انتهت من ترتيب غرفة لـمـار أخذتها للسوق لتشتري لها ملابس وأغراضا أخرى ثم تتواعدان مع ستوفي كما تناديه ميري في أحد المطاعم البحرية الشعبية والتي تقدم السمك المشوي اللذيذ

0000000000000000000000000

ارتاحت لـمـار نوعا ما للمعاملة الحسنة التي قوبلت بها من العامل ستوفي وزوجته، فقد أكرماها ورتبا لها غرفة خاصة واشتريا لها ما يلزمها وأخذاها في نزهة جميلة ذلك المساء

ومرت الأيام سراعا ولـمـار تعيش أجواءً جديدة وغريبة ... لكنها بدأت تتأقلم

ورغم أنها إلى الآن لا تعرف موقعها من العالم ولا كيف تتفاهم مع هؤلاء البشر إلا أنها ارتاحت لمعرفتها بعض الألفاظ التي تعلمها إياها ميري

ففي كل يوم تعيد عليها بعض الكلمات مع زيادة يومية وتكررها وتعلمها الحروف تدريجيا وتطلب منها كتابتها

وهكذا

مضى شهر كامل ولـمـار لا تعرف كيف تصوغ سؤالا من هذهـ اللغة الجديدة عن اسم البلد والمدينة واسم اللغة التي تتكلمها

000000000000000000000000000000

خلال هذا الشهر سافر أبو أحمد في أثر ابنيه أحمد ولمار باحثا عنهما ومبلغا الشرطة عن اختفائهما

ولا أثر أو معلومات عنهما ؟؟

وظل يبحث ويسأل حتى تسلل إلى نفسه اليأس والحزن

ومر شهر آخر ولا معلومة واحدة، وأبو أحمد في حيرة من أمره ... أيسافر للبحث عنهما ,يترك زوجته وأولاده والمدارس على الأبواب

أم يترك الأمر للشرطة والإعلام؟

ولكن ما من مفر من الجلوس مع أبنائه حيث ابتدأت المدرسة وهم في حاجته ولم يجد خيرا من الدعاء في أن يعيد الله له أبناءه المفقودين

000000000000000000000000000000000000000000

بدأت لـمـار تجتهد في تعلم اللغة الجديدة وصارت تتحدث مع سيدة المنزل ميري بلغة مكسرة مضحكة ولكن سرعان ما تحسنت وسؤال يشغل بالها أين أنا ؟؟ ومن هم؟؟ وما حال أهلي بعدي؟؟ ورغم محاولاتها تركيب هذهـ الأسئلة إلا أن ميري لم تفهم عليها

لقد قالت لميري يوما أنها من المدينة من السعودية ولكن ميري لم تفهم كلامها ربما لطريقة نطق لمار ولسانها العربي المختلف

وظلت لمار تحاول وتحاول

إلى ذلك اليوم عندما دخلتا السوق لشراء بعض الأغراض المنزلية وذلك بعد مضي شهرين ونصف من قدوم لمار

فرأت لمار امرأة محجبة بجانب زوجها ففرحت وتهلل وجهها فهذهـ المرة الأولى التي ترى امرأة مسلمة في هذا البلد المسيحي

انسلت من جانب ميري وتوجهت لتك المرأة لتسألها: أأنت مسلمة؟
التفتت المرأة باستغراب نحو الفتاة وقالت بلهجة أجنبية : آهـ موسليما
فسألتها لمار: تتكلمين عربي؟
فردت المرأة باسمة : أربي أوه نو نو

ظهرت الخيبة على وجه لمار فقد كانت في جعبتها أسئلة تريد طرحها على هذهـ المرأة ، وبينما هي واقفة والحزن يخيم عليها سحبت ميري يدها لتسألها عن هذهـ المرأة وتوبخها على الابتعاد عنها

ثم أشارت إلى المرأة وقالت للمار بلغتها: إنها تركية مثلك

فهمت لمار في تلك اللحظة أن ميري تعتقد أنها تركية وليست عربية

فردت لمار عليها وقالت أنا لست تركية أنا سعودية

فتحت ميري عينيها مندهشة وقالت أأنت عربية
ثم قالت سؤديا أريبيا
أوه يا للاكتشاف المثير حقا !!

وعادت إلى البيت مسرعة فهي تحس برغبة في الثرثرة مع لمار عن حقيقة جنسيتها

وعندما وصلتا للمنزل حكت لها لمار بلغة مكسرة وبصعوبة بالغة عن الأحداث الغريبة التي حصلت لها مؤخرا

وميري كانت تستوقفها عند كل جملة حتى تفهم عليها جيدا

فهمت ميري مجمل القصة ولكن بعض الكلام التي أرادت لمار إيصاله لم تفهمه بسبب التكسير في لهجة لمار

سألتها لمار في نهاية الحديث : أنا أين أنا

سؤديا تركيا أمريكا ... وأخذت تعدد عليها بلهجة مخلوطة بالعربية

فهمت ميري مقصد لمار أخيرا وأخذت تضحك

لقد اكتشفت للتو اكتشافا خطيرا

فهذهـ الطفلة رغم ذكائها لا تعرف موقعها من العالم

ثم أعطتها الإجابة

ولكن لمار لم تستفد منها شيئا فهي لأول مرة تسمع بهذهـ المدينة ربما بسبب النطق وربما بسبب ثقافتها الضحلة .. فهي لا تزال طفلة الثانية عشرة

=======================================================

نتابع في الجزء الرابع إن شاء الله
*عيــ الكوون ــون*
اسلوب رااااااااااائع مناير

وسرد جميل للقصه

استمري ,,