المفتاح الخامس: أن تكون القراءةفي ليل
إن الليل وخاصة وقت السحر من أفضل الأوقات للتذكُّر، فالذاكرة تكون في أعلى مستوى بسبب الهدوء والصفاء، وبسبب بركة الوقت حيث النزول الإلهي، وفتح أبواب السماء .. فأي أمر تريد تثبيته في الذاكرة بحيث تتذكره خلال النهار فقم بمراجعته في هذا الوقت ..
وقد استفاد من هذا أهل الدنيا من أهل السياسة والاقتصاد وخاصة الغرب؛ حيث ذكر عدد منهم أنه يقوم بمراجعة أعماله في مثل هذا الوقت وأنه يوفق للصواب في قراراته ..
إن أهل القرآن .. أهل الآخرة أولى باغتنام هذه الفرصة؛ لتثبيت إيمانهم وعلمهم ..
ولو تأملت انتصارات المسلمين لوجدت إنها كانت حينما وصف جنوده بأنهم:
(رهبانٌ بالليل، فرسانٌ في النهار )
فقيامهم بالليل أمدهم بالقوة .. أما إن كانوا سُمار بالليل خوار بالنهار، فأنَّى ينصرون؟!
ومما يدل على كون القراءة في ليل أحد مفاتح التدبر .. قول الله عزَّ وجلَّ {إِنَّ نَاشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْئاً وَأَقْوَمُ قِيلاً}[المزمل: 6] ..
قال ابن عباس "هو أجدر أن يفقه القرآن"، ومعنى ناشئة الليل: أي القيام بعد النوم .. وبه يجتمع راحة البدن والروح فيحصل بذلك اجتماع القلب على قراءة القرآن وتدبره، أما القراءة حين التعب والإجهاد فإن التدبر والفهم يكون ضعيفًا.
والبعض قد يشتكي من عدم انتفاعه بقيام الليل، ولما تنظر في طريقته في القيام تجده يسهر إلى وقت متأخر ثم يحاول القيام آخر الليل وهو في غاية الإجهاد والتعب يغالب النوم، فمثل هذا لا يحصل على نتائج جيدة.
و الأصل في القيام بالحزب من القرآن هو الليل، وفي حالة العذر فإنه يعطى الثواب نفسه إذا قضاه في النهار ..
عن عمر بن الخطاب قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "من نام عن حزبه أو عن شيء منه فقرأه فيما بين صلاة الفجر وصلاة الظهر، كتب له كأنما قرأه من الليل"[رواه مسلم]
والليل يساعد على فهم القرآن وتدبُّره وتثبيت حفظه ..
يقول ابن حجر عن مدارسة جبريل عليه السلام لرسول الله صلى الله عليه وسلم في كل ليلة من رمضان "المقصود من التلاوة الحضور والفهم؛ لأن الليل مظنة ذلك لما في النهار من الشواغل والعوارض الدنيوية والدينية " [فتح الباري (9:45)]
وقال الشيخ عطيه سالم حاكياً عن شيخه الشنقيطي "وقد سمعت الشيخ يقول: لا يُثبِّت القرآن في الصدر، ولا يُسهِّل حفظه، ويُيسِّر فهمه إلا القيام به في جوف الليل" [أضواء البيان (8:478)]
وقال النووي: "ينبغي للمرء أن يكون اعتناؤه بقراءة القرآن في الليل أكثر، وفي صلاة الليل أكثر، والأحاديث والآثار في هذا كثيرة، وإنما رجحت صلاة اليل وقراءته لكونها أجمع للقلب، وأبعد عن الشاغلات والملهيات والتصرف في الحاجات، وأصون عن الرياء وغيره من المحبطات، مع ما جاء به الشرع من إيجاد الخيرات في الليل، فإن الإسـراء بالرسول كان ليلاً" [التبيان في آداب حملة القرآن (1:34)].
القراءة للقلب مثل السقي للنبات
إن القراءة للقلب مثل السقي للنبات، فالسقي لا يكون في حر الشمس فإن هذا يضعف أثره خاصة مع قلة الماء فإنه يتبخَّر .. وكذلك قراءة القرآن إذا كانت قليلة، وكانت في النهار وقت الضجيج والمشغلات، فإن ما يرد على القلب من المعاني يتبخَّر ولا يؤثر فيه ..
وهذا يجيب على تساؤل البعض إذ يقول: إني أكثر قراءة القرآن لكن لا أتأثر به؟، فلما تسأله: متى تقرأ القرآن ؟ يتبيَّن أن كل قراءته في النهار، وفي وقت الضجيج، وبشيء من المكابدة لحصول التركيز .. فكيف سيتأثر ؟!
إن القراءة في الليل يحصل معها الصفاء والهدوء .. حيث لا أصوات تشغل الأذن ولا صور تشغل العين، فيحصل التركيز التام وهو يؤدي إلى وصول معاني القرآن إلى القلب فيحصِّل قوة التدبُّر والتفكُّر وقوة الحفظ والرسوخ لألفاظ القرآن ومعانيه.
المفتاح الخامس: أن تكون القراءةفي ليل
إن الليل وخاصة وقت السحر من أفضل الأوقات للتذكُّر،...
إن الليل وخاصة وقت السحر من أفضل الأوقات للتذكُّر، فالذاكرة تكون في أعلى مستوى بسبب الهدوء والصفاء، وبسبب بركة الوقت حيث النزول الإلهي، وفتح أبواب السماء .. فأي أمر تريد تثبيته في الذاكرة بحيث تتذكره خلال النهار فقم بمراجعته في هذا الوقت ..
وقد استفاد من هذا أهل الدنيا من أهل السياسة والاقتصاد وخاصة الغرب؛ حيث ذكر عدد منهم أنه يقوم بمراجعة أعماله في مثل هذا الوقت وأنه يوفق للصواب في قراراته ..
إن أهل القرآن .. أهل الآخرة أولى باغتنام هذه الفرصة؛ لتثبيت إيمانهم وعلمهم ..
ولو تأملت انتصارات المسلمين لوجدت إنها كانت حينما وصف جنوده بأنهم:
(رهبانٌ بالليل، فرسانٌ في النهار )
فقيامهم بالليل أمدهم بالقوة .. أما إن كانوا سُمار بالليل خوار بالنهار، فأنَّى ينصرون؟!
ومما يدل على كون القراءة في ليل أحد مفاتح التدبر .. قول الله عزَّ وجلَّ {إِنَّ نَاشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْئاً وَأَقْوَمُ قِيلاً} ..
قال ابن عباس "هو أجدر أن يفقه القرآن"، ومعنى ناشئة الليل: أي القيام بعد النوم .. وبه يجتمع راحة البدن والروح فيحصل بذلك اجتماع القلب على قراءة القرآن وتدبره، أما القراءة حين التعب والإجهاد فإن التدبر والفهم يكون ضعيفًا.
والبعض قد يشتكي من عدم انتفاعه بقيام الليل، ولما تنظر في طريقته في القيام تجده يسهر إلى وقت متأخر ثم يحاول القيام آخر الليل وهو في غاية الإجهاد والتعب يغالب النوم، فمثل هذا لا يحصل على نتائج جيدة.
و الأصل في القيام بالحزب من القرآن هو الليل، وفي حالة العذر فإنه يعطى الثواب نفسه إذا قضاه في النهار ..
عن عمر بن الخطاب قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "من نام عن حزبه أو عن شيء منه فقرأه فيما بين صلاة الفجر وصلاة الظهر، كتب له كأنما قرأه من الليل"
والليل يساعد على فهم القرآن وتدبُّره وتثبيت حفظه ..
يقول ابن حجر عن مدارسة جبريل عليه السلام لرسول الله صلى الله عليه وسلم في كل ليلة من رمضان "المقصود من التلاوة الحضور والفهم؛ لأن الليل مظنة ذلك لما في النهار من الشواغل والعوارض الدنيوية والدينية "
وقال الشيخ عطيه سالم حاكياً عن شيخه الشنقيطي "وقد سمعت الشيخ يقول: لا يُثبِّت القرآن في الصدر، ولا يُسهِّل حفظه، ويُيسِّر فهمه إلا القيام به في جوف الليل"
وقال النووي: "ينبغي للمرء أن يكون اعتناؤه بقراءة القرآن في الليل أكثر، وفي صلاة الليل أكثر، والأحاديث والآثار في هذا كثيرة، وإنما رجحت صلاة اليل وقراءته لكونها أجمع للقلب، وأبعد عن الشاغلات والملهيات والتصرف في الحاجات، وأصون عن الرياء وغيره من المحبطات، مع ما جاء به الشرع من إيجاد الخيرات في الليل، فإن الإسـراء بالرسول كان ليلاً" .
القراءة للقلب مثل السقي للنبات
إن القراءة للقلب مثل السقي للنبات، فالسقي لا يكون في حر الشمس فإن هذا يضعف أثره خاصة مع قلة الماء فإنه يتبخَّر .. وكذلك قراءة القرآن إذا كانت قليلة، وكانت في النهار وقت الضجيج والمشغلات، فإن ما يرد على القلب من المعاني يتبخَّر ولا يؤثر فيه ..
وهذا يجيب على تساؤل البعض إذ يقول: إني أكثر قراءة القرآن لكن لا أتأثر به؟، فلما تسأله: متى تقرأ القرآن ؟ يتبيَّن أن كل قراءته في النهار، وفي وقت الضجيج، وبشيء من المكابدة لحصول التركيز .. فكيف سيتأثر ؟!
إن القراءة في الليل يحصل معها الصفاء والهدوء .. حيث لا أصوات تشغل الأذن ولا صور تشغل العين، فيحصل التركيز التام وهو يؤدي إلى وصول معاني القرآن إلى القلب فيحصِّل قوة التدبُّر والتفكُّر وقوة الحفظ والرسوخ لألفاظ القرآن ومعانيه.