الجيل الجديد .
الجيل الجديد .
التفسير الميسر للوجه الثالث 19- 27
( 19 ) قل -أيها الرسول لهؤلاء المشركين-: أيُّ شيء أعظم شهادة في إثبات صدقي فيما أخبرتكم به أني رسول الله؟ قل: الله شهيد بيني وبينكم أي: هو العالم بما جئتكم به وما أنتم قائلونه لي، وأوحى الله إليَّ هذا القرآن مِن أجل أن أنذركم به عذابه أن يحلَّ بكم، وأنذر به مَن وصل إليه من الأمم. إنكم لتقرون أن مع الله معبودات أخرى تشركونها به. قل لهم -أيها الرسول-: إني لا أشهد على ما أقررتم به، إنما الله إله واحد لا شريك له، وإنني بريء من كل شريك تعبدونه معه.
( 20 ) الذين آتيناهم التوراة والإنجيل، يعرفون محمدًا صلى الله عليه وسلم بصفاته المكتوبة عندهم كمعرفتهم أبناءهم، فكما أن أبناءهم لا يشتبهون أمامهم بغيرهم، فكذلك محمد صلى الله عليه وسلم لا يشتبه بغيره لدقة وصفه في كتبهم، ولكنهم اتبعوا أهواءهم، فخسروا أنفسهم حين كفروا بمحمد صلى الله عليه وسلم وبما جاء به.
( 21 ) لا أحد أشد ظلمًا ممَّن تَقَوَّلَ الكذب على الله تعالى، فزعم أن له شركاء في العبادة، أو ادَّعى أن له ولدًا أو صاحبة، أو كذب ببراهينه وأدلته التي أيَّد بها رسله عليهم السلام. إنه لا يفلح الظالمون الذين افتروا الكذب على الله، ولا يظفرون بمطالبهم في الدنيا ولا في الآخرة.
( 22 ) وليحذر هؤلاء المشركون المكذبون بآيات الله تعالى يوم نحشرهم ثم نقول لهم: أين آلهتكم التي كنتم تدَّعون أنهم شركاء مع الله تعالى ليشفعوا لكم؟
( 23 ) ثم لم تكن إجابتهم حين فتنوا واختبروا بالسؤال عن شركائهم إلا أن تبرؤوا منهم، وأقسموا بالله ربهم أنهم لم يكونوا مشركين مع الله غيره.
( 24 ) تأمل -أيها الرسول- كيف كذب هؤلاء المشركون على أنفسهم وهم في الآخرة قد تبرؤوا من الشرك؟ وذهب وغاب عنهم ما كانوا يظنونه من شفاعة آلهتهم.
( 25 ) ومن هؤلاء المشركين من يستمع إليك القرآن -أيها الرسول-، فلا يصل إلى قلوبهم؛ لأنهم بسبب اتباعهم أهواءهم جعلنا على قلوبهم أغطية؛ لئلا يفقهوا القرآن، وجعلنا في آذانهم ثقلا وصممًا فلا تسمع ولا تعي شيئًا، وإن يروا الآيات الكثيرة الدالة على صدق محمد صلى الله عليه وسلم لا يصدقوا بها، حتى إذا جاؤوك -أيها الرسول- بعد معاينة الآيات الدالة على صدقك يخاصمونك: يقول الذين جحدوا آيات الله: ما هذا الذي نسمع إلا ما تناقله الأولون من حكايات لا حقيقة لها.
( 26 ) وهؤلاء المشركون ينهون الناس عن اتباع محمد صلى الله عليه وسلم والاستماع إليه، ويبتعدون بأنفسهم عنه، وما يهلكون -بصدهم عن سبيل الله- إلا أنفسهم، وما يحسون أنهم يعملون لهلاكها.
( 27 ) ولو ترى -أيها الرسول- هؤلاء المشركين يوم القيامة لرأيت أمرًا عظيمًا، وذلك حين يُحْبَسون على النار، ويشاهدون ما فيها من السلاسل والأغلال، ورأوا بأعينهم تلك الأمور العظام والأهوال، فعند ذلك قالوا: ياليتنا نُعاد إلى الحياة الدنيا، فنصدق بآيات الله ونعمل بها، ونكون من المؤمنين.
الجيل الجديد .
الجيل الجديد .
التفسير الميسر للوجه الرابع 28- 35
( 28 ) ليس الأمر كذلك، بل ظهر لهم يوم القيامة ما كانوا يعلمونه من أنفسهم من صدق ما جاءت به الرسل في الدنيا، وإن كانوا يظهرون لأتباعه خلافه. ولو فرض أن أعيدوا إلى الدنيا فأمهلوا لرجعوا إلى العناد بالكفر والتكذيب. وإنهم لكاذبون في قولهم: لو رددنا إلى الدنيا لم نكذب بآيات ربنا، وكنا من المؤمنين.
( 29 ) وقال هؤلاء المشركون المنكرون للبعث: ما الحياة إلا هذه الحياة التي نحن فيها، وما نحن بمبعوثين بعد موتنا.
( 30 ) ولو ترى -أيها الرسول- منكري البعث إذ حُبسوا بين يدي الله تعالى لقضائه فيهم يوم القيامة، لرأيت أسوأ حال، إذ يقول الله جل وعلا أليس هذا بالحق، أي: أليس هذا البعث الذي كنتم تنكرونه في الدنيا حقًّا؟ قالوا: بلى وربنا إنه لحق، قال الله تعالى: فذوقوا العذاب بما كنتم تكفرون أي: العذاب الذي كنتم تكذبون به في الدنيا بسبب جحودكم بالله تعالى ورسوله محمد صلى الله عليه وسلم.
( 31 ) قد خسر الكفار الذين أنكروا البعث بعد الموت، حتى إذا قامت القيامة، وفوجئوا بسوء المصير، نادَوا على أنفسهم بالحسرة على ما ضيَّعوه في حياتهم الدنيا، وهم يحملون آثامهم على ظهورهم، فما أسوأ الأحمال الثقيلة السيئة التي يحملونها!!
( 32 ) وما الحياة الدنيا في غالب أحوالها إلا غرور وباطل، والعمل الصالح للدار الآخرة خير للذين يخشون الله، فيتقون عذابه بطاعته واجتناب معاصيه. أفلا تعقلون -أيها المشركون المغترون بزينة الحياة الدنيا- فتقدِّموا ما يبقى على ما يفنى؟
( 33 ) إنا نعلم إنه ليُدْخل الحزنَ إلى قلبك تكذيبُ قومك لك في الظاهر، فاصبر واطمئن؛ فإنهم لا يكذبونك في قرارة أنفسهم، بل يعتقدون صدقك، ولكنهم لظلمهم وعدوانهم يجحدون البراهين الواضحة على صدقك، فيكذبونك فيما جئت به.
( 34 ) ولقد كذَّب الكفارُ رسلا من قبلك أرسلهم الله تعالى إلى أممهم وأوذوا في سبيله، فصبروا على ذلك ومضوا في دعوتهم وجهادهم حتى أتاهم نصر الله. ولا مبدل لكلمات الله، وهي ما أنزل على نبيه محمد صلى الله عليه وسلم مِن وعده إياه بالنصر على مَن عاداه. ولقد جاءك -أيها الرسول- مِن خبر مَن كان قبلك من الرسل، وما تحقق لهم من نصر الله، وما جرى على مكذبيهم من نقمة الله منهم وغضبه عليهم، فلك فيمن تقدم من الرسل أسوة وقدوة. وفي هذا تسلية للرسول صلى الله عليه وسلم.
( 35 ) وإن كان عَظُمَ عليك -أيها الرسول- صدود هؤلاء المشركين وانصرافهم عن الاستجابة لدعوتك، فإن استطعت أن تتخذ نفقًا في الأرض، أو مصعدًا تصعد فيه إلى السماء، فتأتيهم بعلامة وبرهان على صحة قولك غير الذي جئناهم به فافعل. ولو شاء الله لَجَمعهم على الهدى الذي أنتم عليه ووفَّقهم للإيمان، ولكن لم يشأ ذلك لحكمة يعلمها سبحانه، فلا تكونن -أيها الرسول- من الجاهلين الذين اشتد حزنهم، وتحسَّروا حتى أوصلهم ذلك إلى الجزع الشديد.
الجيل الجديد .
الجيل الجديد .
أسباب نزول بعض آيات سورة الإنعام

(( الأسبوع الثاني))



قوله تعالى: (قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهَادَةً) الآية 19.

قال الكلبي: إن رؤساء مكة قالوا:

يا محمد ما نرى أحدًا يصدقك بما تقول من أمر الرسالة،

ولقد سألنا عنك اليهود والنصارى

فزعموا أن ليس لك عندهم ذكر ولا صفة،

فأَرنا من يشهد لك أنك رسول كما تزعم،

فأنـزل الله تعالى هذه الآية.





قوله تعالى: ( وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ) الآية 25.

قال ابن عباس في رواية أبي صالح:

إن أبا سفيان بن حرب والوليد بن المغيرة والنضر بن الحارث،

وعتبة وشيبة ابني ربيعة، وأمية وأبيا ابني خلف،

استمعوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا للنضر:

يا أبا قتيلة ما يقول محمد؟ قال: والذي جعلها بيته ما أدري ما يقول،

إلا أني أرى يحرك شفتيه يتكلم بشيء وما يقول إلا أساطير الأولين

مثل ما كنت أحدثكم عن القرون الماضية، وكان النضر كثير الحديث عن القرون الأولى،

وكان يحدث قريشًا فيستملحون حديثه، فأنـزل الله تعالى هذه الآية.



قوله تعالى: ( وَهُمْ يَنْهَوْنَ عَنْهُ وَيَنْأَوْنَ عَنْهُ) 26.

1- أخبرنا عبد الرحمن بن عبدان قال: حدثنا محمد بن عبد الله بن نعيم قال:

حدثنا علي بن حمشاد قال: حدثنا محمد بن مندة الأصفهاني قال:

حدثنا بكر بن بكار قال: حدثنا حمزة بن حبيب، عن حبيب بن أبي ثابت،

عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس في قوله: ( وَهُمْ يَنْهَوْنَ عَنْهُ وَيَنْأَوْنَ عَنْهُ )

قال: نـزلت في أبي طالب كان ينهي المشركين

أن يؤذوا رسول الله صلى الله عليه وسلم ويتباعد عما جاء به.

وهذا قول عطاء بن دينار والقاسم بن مخيمرة.

قال مقاتل: وذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم كان عند أبي طالب

يدعوه إلى الإسلام، فاجتمعت قريش إلى أبي طالب

يريدون سوءا بالنبي صلى الله عليه وسلم فقال أبو طالب:

واللـه لـن يصلـوا إليــك بجـمعهم حـتى أوسـد فــي الـتراب دفينـا فـاصدع بـأمرك مـا عليك غضاضـة وأبشــر وقـر بـذاك منـك عيونـا وعــرضت دينًــا لا محالـة أنــه مــن خـير أديـان البـريـة دينـا لــولا الملامـة أو حـذاري سـبـة لـوجــدتني سـمحًـا بــذاك متينا
فأَنـزل الله تعالى: ( وَهُمْ يَنْهَوْنَ عَنْهُ) الآية.

2- وقال محمد بن الحنفية والسدي والضحاك:

نـزلت في كفار مكة كانوا ينهون الناس عن اتباع محمد صلى الله عليه وسلم

ويتباعدون بأنفسهم عنه، وهو قول ابن عباس في رواية الوالبي.



قوله تعالى: ( قَدْ نَعْلَمُ إِنَّهُ لَيَحْزُنُكَ الَّذِي يَقُولُونَ) الآية 33.

1- قال السدي: التقى الأخنس بن شريق وأبو جهل بن هشام،

فقال الأخنس لأبي جهل: يا أبا الحكم أخبرني عن محمد أصادق هو أم كاذب؟

فإنـه ليس هنا من يسمع كلامك غيري، فقال أبو جهل: والله إن محمدًا لصادق‏،

وما كذب محمد قط، ولكن إذا ذهب بنو قصي باللواء والسقاية والحجابة

والندوة والنبوة فماذا يكون لسائر قريش؟ فأَنـزل الله تعالى هذه الآية.




2- وقال أبو ميسرة: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم مر بأبي جهل وأصحابه

فقالوا: يا محمد إنا والله ما نكذبك، وإنك عندنا لصادق، ولكن نكذب ما جئت به،

فنـزلت: ( فَإِنَّهُمْ لا يُكَذِّبُونَكَ وَلَكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآيَاتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ)
3-وقال مقاتل: نـزلت في الحارث بن عامر بن نوفل

بن عبد مناف بن قصي بن كلاب‏،

كان يكذّب النبيّ صلى الله عليه وسلم في العلانية،

وإذا خلا مع أهل بيته قال: ما محمد من أهل الكذب،

ولا أحسبه إلا صادقًا، فأَنـزل الله تعالى هذه الآية.



المصدر موقع قبلة
الجيل الجديد .
الجيل الجديد .
الجيل الجديد .
الجيل الجديد .
قال تعالى (﴿ٱنظُرْ كَيْفَ كَذَبُوا۟ عَلَىٰٓ أَنفُسِهِمْ ۚ وَضَلَّ عَنْهُم مَّا كَانُوا۟ يَفْتَرُونَ
كيف ضل عنهم باطلهم في ذلك اليوم؟


(وضل عنهم): زال وذهب عنهم (ما كانوا يفترون) من الأصنام؛
وذلك أنهم كانوا يرجون شفاعتها ونصرتها؛ فبطل كله في ذلك اليوم.



قال تعالى (﴿ ۖ وَجَعَلْنَا عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَن يَفْقَهُوهُ وَفِىٓ ءَاذَانِهِمْ وَقْرًا ۚ
وَإِن يَرَوْا۟ كُلَّ ءَايَةٍ لَّا يُؤْمِنُوا۟ بِهَا ۚ ﴾)
ماسبب عدم انتفاع الكفار بالقرآن؟
(وَجعَلْنا عَلى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ): (أكنة) جمع كنان؛ وهو الغطاء،
و(أن يفقهوه) في موضع مفعول من أجله؛ تقديره:
كراهة أن يفقهوه، ومعنى الآية: أن الله حال بينهم وبين فهم القرآن
إذا استمعوه، وعبر بالأكنة والوقر مبالغة



نصيحة القرآن للعقلاء بأن لا يغتروا بالحياة الدنيا ويهملوا شأن الآخرة؛
فهي خير للعبد، ﴿ وَمَا ٱلْحَيَوٰةُ ٱلدُّنْيَآ إِلَّا لَعِبٌ وَلَهْوٌ ۖ وَلَلدَّارُ ٱلْءَاخِرَةُ
خَيْرٌ لِّلَّذِينَ يَتَّقُونَ ۗ أَفَلَا تَعْقِلُونَ ﴾



حدد عبادة تتمنى فعلها، ولكن أخرتها بالتسويف،
ثم بادر بفعلها اليوم، ﴿ ۖ حَتَّىٰٓ إِذَا جَآءَتْهُمُ ٱلسَّاعَةُ بَغْتَةً قَالُوا۟ يَٰحَسْرَتَنَا
عَلَىٰ مَا فَرَّطْنَا فِيهَا وَهُمْ يَحْمِلُونَ أَوْزَارَهُمْ عَلَىٰ ظُهُورِهِمْ ۚ أَلَا سَآءَ مَا يَزِرُونَ ﴾