الساعة: الثانية والنصف صباحاً
المكان: قاعة الطعام الخاصة بالحفلة
دخلت المكان وفجأة رأيت أجساد تتقاتل على البوفية..تركض هنا وهناك وبيدها أكثر من طبق
تكدس الطعام عليه بحماسية عجيبة تجعلها تضع كل صنف فوق الآخر بفوضويه مقززة...
أما الأخوات فيشكلن فريق عمل فكل واحده منهن تنقض على جهة معينة من البوفية
فواحده تغرف من جميع الأنواع في ركن الحلويات وبكميات مهولة..والآخرى ركن المقبلات..والثالثة ركن الأطباق الرئيسية وهكذا
الجميع يتزاحم على البوفية وكأننا نرى الطعام لأول مره..أو نعاني من مجاعة جماعية....
تكديس الأطباق بالأكل ظاهرة تلازمنا بكل مكان..في الأعراس..السفر...في بوفيهات المطاعم والفنادق..
وهي ظاهرة محيرة فعلاً، فعلى الرغم من أننا لم نعاني من شح غذائي أو جوع جماعي إلا أننا نتعامل مع الأكل بشراهة نفسية عجيبة ومن منطلق القلة وليس الوفرة ....وكأن الخوف من الجوع مبرمج بجيناتنا...
نغرف أكل فوق حاجتنا وقدرتنا على البلع والهضم ..وعندما نوضع أمام بوفيه نفقد أي حس بالأتيكت فنبدأ بالركض هنا وهناك
وكأننا لأول مره نرى مكرونة بالبشاميل أو رز برياني...نسكب ليس بدافع رغبتنا بتذوقه والأستمتاع به لكن بدافع الخوف من انتهائه...
الجميع في حالة استنفار..وخوف و..وقلق من عدم غرف الكميات الكافية ..
لكننا لا نسأل أنفسنا لما نحن خائفين ؟؟ ومايقلقنا؟؟؟؟هل نقلق من من إنتهاء الكمية قبل أن نسكب لأنفسنا؟؟؟؟
طيب ما أسوء شيء ممكن أن يحدث لو انتهت صينية المكرونة البشاميل ؟؟؟؟؟؟؟
هل ستكون الفرصة الوحيدة بحياتي لتذوقها؟؟؟؟؟ ومحصلة هذا القلق...وهذا الشره النفسي هو أكوام من الصحون المكدسة بالأكل ترمى في برميل النفايات....
والمشكلة ليست فينا نحن فأطفالنا يفعلون نفس الشيء أليس الطفل يكونو ا مايروه !!!!!!
نعود لقصتنا..الجميع يتزاحم...فوضى عجيبة ليس هناك نظام..ولا ترتيب ولا حتى هدوء في غرف الأكل
وكأننا في مسابقة من يغرف أكثر أطباق بأسرع وقت ممكن....تكديس الأطباق فوق الطاولة بطريق عشوائية تماما..
ومن ثم يبدأ الجميع بالأكل...وهنا لايكون أي أثر لأي أنوثة أو اتيكت ..أو نعومة أو حتى اتباع لتعاليمنا الإسلامية في آداب الطعام قال صلى الله عليه وسلم أيضاً
( طعام الواحد يكفي لإثنين، وطعام الإثنين يكفي لأربعة، وطعام الأربعة يكفي لثمانية)
لكن مانفعله نحن معاكس لذلك تماماً.....
حتى طريقتنا في تناول الطعام تفتقر للذوق وأبسط مباديء أتيكت الطاولة فالأكل بفم ممتليء ومضغ الطعام بطريقة مقززة وبفم مفتوح
الأكل بسرعه والكلام والتعليق أثناء الأكل...الأصناف تؤكل كلها دفعة واحدة ليس هناك تسلسل(مقبلات...أطباق رئيسية..ثم حلى)
التحدث وتحريك الشوكة والملعقة والتأشير بهن
استخدام اليد و الأصابع لأكل الطعام(وهذا مقبول فقط من النساء الكبيرات بالسن) لكن ليس من فتيات ومتعلمات...
رمي الشوكة والملعقة بطريقة عشوائية بعد الأنتهاء من الأكل...
تنظيف الأسنان من بقايا الطعام بطريقة تصيب من مازال يأكل بالأشمئزاز وتعكس عدم الإحترام للغير
ترك طاولة الطعام وكأن حرب ضروس حدثت للتو وليس مجموعه من النساء الأنيقات المتعلمات تناولن طعامهن....
أين الأناقه؟؟
أين النعومة والأنوثة التي كنت اتأملها قبل قليل؟؟
أين الرقة والرشاقة في الحديث والصوت والحركة...??
وكأن المرأة في لحظة إلتهامها للطعام تنسى أنها في محفل اجتماعي
وان هناك ربما من يراقبها وان هناك اتيكت المائدة وآداب لتناول الطعام ..
فتأكل بشراهة وتلقائية مطلقة تجعلها تبدو في شكل سيء جداً....
الكثير من النساء تعتقد أنها تتحلى بالأنوثة الراقية والأناقة والاتيكيت بلبس ساعة فخمة..وشنطة يد ماااركة..
وإرتداء أفخم الماركات فقط لاغير ..
لكنها تغفل أن الأناقة..والذوق..والرقي ليس لها علاقة بهذه الشكليات والمظاهر الخارجية التي تشترى بالمال
فالذوق...والرقي..والأناقة..واللباقة هي اسلوب تفكير و حياة ......
وأن كل امرأة تطمح أن تكون مميزة وصاحبة كريزما اجتماعية أن تعمل على تطوير عقلها أيضا...
و تدرب نفسها على أصول وفنون الحوار مع الآخر..و فن اتيكت الاستقبال والمحافل..أن تدرب نفسها على اتيكت المائدة وآداب الطعام.....
يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.
الصفحة الأخيرة