zoooozoooo
zoooozoooo
خطر الغيبة والنميمة



قال رسول الله: ( إن المفلس من أمتي يأتي يوم القيامة بصلاة وصيام وزكاة، ويأتي قد شتم هذا، وقذف هذا، وأكل مال هذا، وسفك دم هذا، وضرب هذا، فيعطى هذا من حسناته، وهذا من حسناته، فإن فنيت حسناته قبل أن يقضى ما عليه أخذ من خطاياهم فطرحت عليه، ثم طرح في النار! ) صحيح مسلم (2581)


فكم بهذه الألسنة عُبد غير الله تعالى وأشرك
وكم بهذه الألسنة حُكم بغير حكمه سبحانه وتعالى
كم بهذه الألسنة أُحدثت بدع.. وأُدميت أفئدة.. وقُرحت أكباد
كم بهذه الألسنة أرحام تقطعت.. وأوصال تحطمت.. وقلوب تفرقت
كم بهذه الألسنة نزفت دماء.. وقُتل أبرياء.. وعُذب مظلومون
كم بها طُلّقت أمهات.. وقذفت محصنات
كم بها من أموال أُكلت.. وأعراض أُنتهكت.. ونفوس زهقت

يموت الفتى مـن عثـرة بلسانـه *** وليس يموت المرء من عثرة الرجل

في يوم من الأيام ألقيتُ محاضرة في أحد السجون.. جُمع لي السجناء في المسجد الكبير قرابة 500 أو الألف سجين ..
انتهيت من المحاضرة.. أول ما انتهيت قال لي أحد الأخوة الذين كانوا مرافقين معي وهو مشرف على بعض المحاضرات في السجن، قال: يا شيخ هنا الجناح الخاص بأصحاب القضايا الكبيرة والجناح الانفرادي لم يحضروا معك المحاضرة فليتك أن تمر بهم وتلقي عليهم كلمة وتجيب على أسئلتهم إن كان عندهم أسئلة.. قلت: حسناً..
أقبلنا فإذا مجموعة كل واحد في زنزانة خاصة به.. مررنا بهم.. ألقيت عليهم كلمة يسيرة ثم أجبت على أسئلتهم .. مررت في أثناء ذلك بزنزانة فيها شاب عمره تقريبا 23 سنة أو في الخامسة والعشرين سنة تقريبا كان جالساً هادئاً في زنزانته، مررت به وسلمت عليه كان هادئاً لطيفاً ثم تجاوزته، سألت صاحبي قلت: ما قضيته؟! يعني هو عليه سرقات أم مضاربة مع أحد أو أدت إلى قتل ذلك الشخص مثلاً ما قضيته؟!
قال: هذا الشاب يا شيخ عليه جريمة قتل لزوجته..
قلت: قتل لزوجته! ما هو السبب؟!
قال: هل تصدق أنهما ما مضى على زواجهما إلا قرابة ثلاثة أشهر وقتلها
قلت كيف قتلها أعوذ بالله يعني كمثل وجدها على فعل معين أو محرم أو فاحشة أو وجدها مع رجل مع أنه لا يجوز أنه يعاملها بالقتل بمثل هذه المواقف لكن أحيانا أن بعض الناس يثور ويتهور ويضربها بشيء فتموت بسببه
قال: لا، ذبحها بالسكين
إنا إليه راجعون.. كيف؟!
قال: هذا تزوج وسكن مع زوجته على أحسن حال.. حقد عليه مجموعة من الناس ربما بينه وبينهم مشاكل في القديم أو أنهم كانوا يريدون أن يتزوجوا هذه الفتاة، المقصود أنهم حقدوا عليه فأقبل إليه أحدهم فقال له: يا فلان
قال الشاب: ما تريد؟
قال: أنت اشتريت سيارة خضراء بدل سيارتك؟ وذكر له أحد أنواع السيارات
الشاب: لا ، أنا والله ما اشتريت، أنا سيارتي السوداء التي معي تعرفونها
قال: والله ما أدري لكن أنا أمس الضحى وأنت في العمل خرجت في حاجة ومررت أمام بيتك ورأيت سيارة خضراء واقفة عند الباب فخرجت امرأة من بيتك وركبت معه وبعد ساعتين رجعت إلى البيت، أنت عندك يمكن في البيت أحد يمكن...
قال الشاب: لا والله ما فيه إلا زوجتي حتى ما عندي خادمة ولا عندي أحد
قال: ما أدري إن شاء الله ما تكون زوجتك.. ومضى..

بعدها بيومين الرجل بدأ يشك يسأل زوجته: فيه أحد جاء ، فيه أحد ذهب..

بعدها بيومين، ثلاثة، أقبل إليه رجل آخر قد اتفق مع الأول فقال له: يا فلان
قال نعم
قال: أنت غيرت سيارتك، اشتريت سيارة بيضاء؟
قال: لا والله هذه سيارتي تحت واقفة
قال: والله ما أدري بس أنا أيضا أمس العصر يبدو إنك ما كنت في البيت، فيه سيارة بيضاء وقفت عند الباب وأقبلت امرأة وركبت معها وذهبت.
جعلوا الرجل ينتفض ..

ثم جاءوا إليه في اليوم الثالث وزادوا عليه الكلام..

جاءوا إليه في اليوم الرابع ..

- أنظر كيف الألسنة تحدث من عقوق وقطيعة –

فلا زالوا به حتى تخاصم مع زوجته وأكثر عليها الكلام وهي صرفت عليه قالت: كيف تتهمني في عرضي، قال نعم أتهمك اعترفي، ما أعترف..... كثر الكلام فذهبت إلى بيت أهلها..

لبثت عند أهلها أياما فلم يرضهم ذلك!

أقبلوا إليه قالوا: يا أخي ترى السيارات نفسها الآن تقف عند بيت أهلها، بكرى البنت تحمل وبعدين تقول هذا ولدك. أنت لست رجلا أنت ما عندك مروءة أنت تلعب بعقلك الفتاة والله لو كنت رجل لو أنك.... الخ.............. فلم يزالوا يعينون الشيطان عليه بالوساوس حتى تغلب عليه الشيطان في ليلة من الليالي فخرج من بيته ومضى إلى بيت أهلها وقفز من فوق السور ودخل إلى البيت والكل النائم، مضى إلى المطبخ وأخذ سكيناً ثم مضى إلى غرفتها ودخلها بهدوء وإذا الفتاة نائمة في أمان الله قد نامت على بطنها في أمان الله على فراشها فأقبل من خلف رقبتها وأبعد شعرها قليلا وذبح حتى قطع أوداجها.. انتفضت قليلا وماتت.. مسح السكين بثيابه وتركها وذهب إلى الشرطة وقال أنا قتلت فلانة! أدري أني سأتعب لو هربت وسوف ألاحق في كل مكان من الآن أنا قتلتها لكن بردت ما في قلبي! ..
وحكم عليه بالقصاص.. النفس بالنفس..

شاب يا جماعة لو ترونه يعني من أحسن الشباب خلقة وأقواهم بدنا لكن بكثرة ما وقع من ألسنة أولئك الظلمة الفجرة
أنظر كيف تحولت الأمور، قد هُتكت بها أعراض وهدمت بيوت بسبب ما يخرج من هذا اللسان
( يا أيها الذين ءامنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوما بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين )

وهؤلاء الظلمة غير أنهم اكتسبوا اثما عظيما اثم الغيبة والنميمة فإنهم أيضا فرقوا بين زوجين وهناك حديث لرسول الله صلى الله عليه وسلم يقرر أن من فرق بين زوجين لا ينظر الله إليه يوم القيامة. وكذلك قذفوا المسلمة المحصنة بالزنا والعياذ بالله من ذلك
-- قذف المحصنات من كبائر الذنوب --

لما أقبل موسى الأشعري إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم مستنصحاً قال: يا رسول الله أي المسلمين أفضل؟
وفي رواية أي المسلمين خير؟
- ما قال صلى الله عليه وسلم خير المسلمين قوام الليل ولا قال خير المسلمين صوام النهار ولا قال خير المسلمين الحجاج والمعتمرون أو المجاهدون لا ، ترك كل هذه الفضائل مع حسنها وقال: ( خير المسلمين من سلم المسلمون من لسانه ويده )
وفي البخاري قال عليه الصلاة والسلام: (إذا أصبح ابن آدم فإن الأعضاء كلها تكفر اللسان، تقول: اتق الله فينا، فإنما نحن بك، فإن استقمت استقمنا، وإن اعوججت اعوججنا) رواه الترمذي.

كان السلف يدققون على كلامهم المباح فضلاً عن الكلام المحرم
جلست عائشة أم المؤمنين رضي الله تعالى عنها يوماً قبيل صلاة المغرب وهي صائمة وأذن لصلاة المغرب فأقبلت إليها الجارية قالت فيما معنى قولها: يا أم المؤمنين أقرب إليك المائدة وكانت عائشة ليست بجائعة ولا عطشانة وهذا يقع أحيانا لبعض الصائمين....
فقالت عائشة: والله ما لي بالطعام حاجة لكن قربي المائدة نلهو بها
ثم قالت عائشة أستغفر الله أستغفر الله ألهو بنعمة الله!
مع أنها تقصد " ألهو" يعني آخذ من هنا قليلا، من هذا قليلا فقط لأجل أن أفطر عليه
قالت: أستغفر الله ألهو بنعمة الله ثم بكت ثم جعلت تجمع ما عندها من مال واشترت به عبدين مملوكين وأعتقتهما لوجه الله توبة من هذه الكلمة!
وهذه يا جماعة وهي ما اغتابت أحد ولا سبّت ولا لعنت ولا كفرت بكلمة.. مجرد تقول تسلى بالطعام..

والإمام أحمد رحمه الله دخل مرة يزور مريضا فلما زاره سأل الإمام أحمد هذا الرجل قال: يا أيها المريض هل رآك الطبيب؟
قال: نعم ذهبت إلى فلان الطبيب
فقال أحمد: اذهب إلى فلان الآخر فإنه أطب منه " يعني أعلم بالطب منه"
ثم قال الإمام أحمد: أستغفر الله أراني قد اغتبت الأول أستغفر الله أستغفر الله
- المفروض أنه ما يقال إنه أفضل منه فيقال: جرّب فلانا -

zoooozoooo
zoooozoooo
الظلم ظلمات في الاخرة، ونزع للبركات في الدنيا
الحمد الله الذي حرم الظلم على نفسه وجعله بيننا محرما كما جاء في الحديث القدسي: "يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي، وجعلته بينكم محرماً، فلا تظالموا"؛ وصلى الله وسلم وبارك على نبي الرحمة القائل محذرا من دعوة المظلوم: "واتقوا دعوة المظلوم فإنها ليست بينها وبين الله حجاب".
وبعد..
فإن الظلم عاقبته وخيمة، ولا يصدر إلاَ من النفوس اللئيمة، وآثاره متعدية خطيرة في الدنيا والآخرة؛ وإذا تفشى الظلم في مجتمع من المجتمعات كان سببا لنزع البركات، وتقليل الخيرات، وانتشار الأمراض والأوجاع والآفات.
والظلم قبيح من كل الناس ولكن قبحه اشد وعاقبته أضر إذا صدر من ولاة الأمر نحو رعاياهم، حيث يصعب رفعه عنهم وإزالته منهم، لما للحكام من السطوة والأعوان، ولأن من أهم حقوق الرعية على الرعاة دفع الظلم عنهم، وحماية الضعفاء من جور الأقوياء، ولهذا قال أبو بكر رضي الله عنه عندما ولي الخلافة: "الضعيف منكم قوي عندي حتى آخذ الحق له، والقوي منكم ضعيف عندي حتى آخذ الحق منه"، أوكما قال.
وظلم ولاة الأمر يُجَرِّئ اتباعهم وأعوانهم على الظلم ويدفعهم إليه دفعا لما لهم من المكانة والحظوة واستقلال النفوذ.
إذا كان رب البيت للدف ضارباً فشيمة أهل البيت كلهم الرقص
لقد انتبه بعض الحكام الكفار لخطورة الظلم فخافوه وهابوه، لآثاره الظاهرة ومضاره الواضحة في الدنيا قبل الآخرة، من نزع البركات وقلب النعم نقمات، بمجرد إضمار السوء وإبطان المكر، قبل إعلانه والإفصاح عنه.
روى المنذري في الترغيب والترهيب، والبيهقي في شعب الإيمان، عن ابن عباس رضي الله عنهما: "أن ملكاً من الملوك خرج من بلده يسير في مملكته مستخفٍ من الناس، فنزل على رجل له بقرة، فراحت عليه تلك الليلة البقرة، فحلبت مقدار ثلاثين بقرة، فعجب الملك من ذلك، وحدث نفسه بأخذها؛ فلما كان من الغد غدت البقرة إلى مرعاها ثم راحت فحلبت نصف ذلك؛ فدعا الملك صاحبها وقال له: أخبرني عن بقرتك لِمَ نقص حلابها؟ ألم يكن مرعاها اليوم مرعاها بالأمس؟ قال: بلى، ولكن أرى الملك أضمر لبعض رعيته سوءاً فنقص لبنها، فإن الملك إذا ظلم، أوهمَّ بظلم ذهبت البركة؛ قال: فعاهد الله الملك ربه أن لا يأخذها و لا يظلم أحدا؛ قال: فغدت ورعت ثم راحت فحلب حلابها في اليوم الأول؛ فاعتبر الملك بذلك وعدل؛ وقال: إن الملك إذا ظلم أوهمَّ بظلم ذهبت البركة، لا جرم لأعدلنّ ولأكونن على أفضل الحالات".
وذكره ابن الجوزي رحمه الله في كتاب "مواعظ الملوك والسلاطين" على غير هذا الوجه، قال: "خرج كسرى في بعض الأيام للصيد، فانقطع عن أصحابه وأظلته سحابة، فأمطرت مطرا شديداً حال بينه وبين جنده، فمضى لا يدري إلى أين يذهب، فانتهى إلى كوخ فيه عجوز، فنزل عندها، وأدخلت العجوز فرسه، فأقبلت ابنتها ببقرة قد رعتها فاحتلبتها، ورأى كسرى لبنها كثيراً، فقال: ينبغي أن نجعل على كل بقرة خراجاً، فهذا حلاب كثير؛ ثم قامت البنت في آخر الليل لتحلبها فوجدتها لا لبن فيها فنادت: يا أماه قد أضمر الملك لرعيته سوءاً؛ قالت أمها: وكيف ذلك؟ قالت: إن البقرة ما تبز بقطرة من لبن؛ فقالت لها أمها: اسكتي، فإن عليك ليلا؛ فأضمر كسرى في نفسه العدل والرجوع عن ذلك العزم، فلما كان آخر الليل قالت لها أمها: قومي احلبي؛ فقامت فوجدت البقرة حافلا، فقالت: يا أماه قد والله ذهب ما في نفس الملك من السوء؛ فلما ارتفع النهار جاء أصحاب كسرى فركب، وأمر بحمل العجوز وابنتها إليه، فأحسن إليهما ، وقال : كيف علمتما ذلك ؟ فقالت العجوز: أنا بهذا المكان منذ كذا و كذا، ما عمل فينا بعدل إلا أخصبت أرضنا، واتسع عيشنا، وما عمل فينا بجور إلا ضاق عيشنا وانقطعت موارد النفع عنا".
وذكر الطرطوشي في كتابه "سراج الملوك": "أنه كان بصعيد مصر نخلة تحمل عشرة أرادب تمراً، ولم يكن في ذلك الزمان نخلة تحمل نصف ذلك، فغصبها السلطان، فلم تحمل في ذلك العام ولا تمرة واحدة".
وذكر ابن خلكان في ترجمة جلال الدولة ملك شاه السلجوقي، أن واعظاً دخل عليه، فكان من جملة ما وعظه به أن بعض الأكاسرة اجتاز منفردا عن عسكره، على باب بستان فتقدم إلى الباب، وطلب ماء ليشربه، فخرجت له صبية بإناء فيه ماء قصب السكر والثلج، فشربه فاستطابه، فقال لها: هذا كيف يعمل؟ فقالت إن القصب يزكو عندنا حتى نعصره بأيدينا فيخرج منه هذا الماء؛ فقال: ارجعي واعصري شيئا آخر؛ وكانت الصبية غير عارفة به، فلما ولت قال في نفسه: الصواب أن أعوضهم غير هذا المكان وأصطفيه لنفسي؛ فما كان بأسرع من خروجها باكية، وقالت إن نية السلطان قد تغيرت؛ قال: ومن أين علمت ذلك؟ قالت: كنت آخذ من هذا بغير تعب، والآن قد اجتهدت في عصره فلم استطع؛ فرجع عن تلك النية، ثم قال لها: ارجعي الآن فإنك تبلغين الغرض؛ وعقد في نفسه أن لا يفعل ما نواه، فذهبت ثم جاءت ومعها ما شاءت من ماء القصب، وهي مستبشرة.
قال وكان ملك شاه من أحسن الملوك سيرة، حتى لقب بالملك العادل، وكان قد أبطل المكوس1والخفارات في جميع البلاد فكثر الأمن في زمانه".
آثار العدل من ولاة الأمر الإيجابية من بسط الأمن، والبركة في الأرزاق والأقوات والأوقات من ناحية، وآثاره السلبية من نزع للبركات، ومحق في الأقوات والثمرات والأوقات من ناحية أخرى، ظاهرة مشاهدة جلية، كما دلت على ذلك الأخبار السابقة والآثار السالفة
إذا انتبه بعض الملوك الكفار لأهمية العدل وخطورة الظلم لبعض المشاهدات، فحري بالحكام المسلمين أن يعوا ذلك ويفهموه للأخبار الصحيحة الصريحة التي وردت عن صاحب الشريعة، والسيرة المضيئة التي سلكها الخلفاء الراشدون والأئمة المهديون من هذه الأمة في عصور الإسلام المختلفة، حيث كان العدل رائدهم والإنصاف مقصدهم.
ولم يكن عدلهم هذا قاصراً على المسلمين، بل شمل أهل الذمة والمعاهدين و نحوهم، بينما نجد اليوم بعض الحكام المسلمين ينالون من بعض إخوانهم المسلمين ما لم ينله منهم الكفار المعاندون، بل إن بعض المسلمين حرموا من أوطانهم وأولادهم ولم يجدوا مأوى لهم إلا في ديار الكفار.
فكل المسلم على المسلم حرام، دمه، وعرضه، وماله، ولا ينبغي للحكام ولا لغيرهم أن ينالوا من ذلك شيئا إلا بحق الإسلام.
عن ابن عمر رضي الله عنه يرفعه إلى الرسول صلى الله عليه وسلم :"لن يزال المؤمن في فسحة من دينه ما لم يصب دماً حراماً"2؛ وعن عائشة كذلك ترفعه: "من ظلم قيد شبر من الأرض طوّقه من سبع أرضين"3؛ وعن أبي موسى رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الله ليملي للظالم فإذا أخذه لم يفلته ، ثم قرأ: "وكذلك أخذ ربك إذا أخذ القرى وهي ظالمة إن أخذه أليم شديد."4
فاحذر أخي المسلم، حاكما كنت أو محكوماً، من الظلم، والغش، والتعدي على حقوق الآخرين؛ وأعلم أنه لن تزول قدماك يوم القيامة حتى يقتص منك، فإن دعتك قدرتك اليوم وسطوتك على ظلم الآخرين فتذكر قدرة الله عليك يوم القيامة، واعلم أن أخطر أنواع الظلم بعد الإشراك بالله ظلم العلماء والأولياء، فقد أعلن الله حربه على من عاداهم: "من عادى لي وليا فقد آذنته بالحرب"5.
بالعدل قامت السموات والأرض، وبالعدل يصلح الراعي والرعية، وبالعدل تسعد البشرية وتأمن الرعية.
روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "يوم من إمام عادل أفضل من مطر أربعين صباحا أحوج ما تكون الأرض إليه"6.
وكتب عامل لعمر بن عبد العزيز: "إن مدينتنا قد احتاجت إلى مرمَة، فكتب إليه عمر: حصن مدينتك بالعدل ، ونق طرقها من المظالم".
وقال كعب الأحبار لعمر بن الخطاب رضي الله عنهما: "ويل لسلطان الأرض من سلطان السماء"، فقال عمر: "إلا من حاسب نفسه"؛ فقال كعب: "والذي نفسي بيده إنها لكذلك: إلاَ من حاسب نفسه ، ما بينهما حرف"، يعني في التوراة.
ومن الأمثال السائدة في السلطان: إذا رغب الملك عن العدل رغبت الرعية عن الطاعة؛ لا صلاح للخاصة مع فساد العامة؛ لا نظام للدهماء مع دولة الغوغاء؛ الملك يبقى على الكفر ولا يبقى على الظلم.
وقال مجاهد: المعلم إذا لم يعدل بين الصبيان كتب من الظلمة.
والله أسأل أن يجنبنا وجميع إخواننا المسلمين الظلم، وأن يوفقنا للعدل والإنصاف، في الشدة والرخاء، والرضا والغضب، وأن يصلح الرعاة والرعية، وأن يؤمن المسلمين في أوطانهم، وأن لا يسلط عليهم عدواً من غير أنفسهم، وأن يقيهم شر أنفسهم، و صلى الله وسلم وبارك على محمد وآله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً؛ والسلام.


زادي التقوى
زادي التقوى

وصايا سبع جامعة من النبي صلى الله عليه وسلم لأبي ذر
عن أبي ذر رضي الله عنه قال: أمرني خليلي صلى الله عليه وسلم بسبع:
أمرني بحب المساكين والدنو منهم، وأمرني أن أنظر إلى من هو دوني ولا أنظر إلى من هو فوقي، وأمرني أن أصل الرحم وإن أدبرت، وأمرني أن لا أسأل أحداً شيئا، وأمرني أن أقول بالحق وإن كان مُرّاً، وأمرني أن لا أخاف في الله لومة لائم، وأمرني أن أُكثر من قول لا حول ولا قوة إلا بالله، فإنهن من كنز تحت العرش.
zoooozoooo
zoooozoooo
الأخلاق
الإسلام دين الأخلاق الحميدة، دعا إليها، وحرص على تربية نفوس المسلمين عليها. وقد مدح الله -تعالى- نبيه، فقال: {وإنك لعلى خلق عظيم}.
.
وجعل الله -سبحانه- الأخلاق الفاضلة سببًا للوصول إلى درجات الجنة العالية، يقول الله -تعالى-: {وسارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السموات والأرض أعدت للمتقين . الذين ينفقون في السراء والضراء والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس والله يحب المحسنين} .
وأمرنا الله بمحاسن الأخلاق، فقال تعالى: {ادفع بالتي هي أحسن فإذا بالذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم} . وحثنا النبي صلى الله عليه وسلم على التحلي بمكارم الأخلاق، فقال: (اتق الله حيثما كنتَ، وأتبع السيئةَ الحسنةَ تَمْحُها، وخالقِ الناسَ بخُلُق حَسَن) .
فعلى المسلم أن يتجمل بحسن الأخلاق، وأن يكون قدوته في ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي كان أحسن الناس خلقًا، وكان خلقه القرآن، وبحسن الخلق يبلغ المسلم أعلى الدرجات، وأرفع المنازل، ويكتسب محبة الله ورسوله والمؤمنين، ويفوز برضا الله -سبحانه- وبدخول الجنة.


الحمد لله رب العالمين، نحمده ونستغفره ونستعينه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلن تجد له وليّاً مرشدا، والصلاة والسلام على من بعث رحمةً للعالمين حبيبنا وإمامنا وقدوتنا وقرة أعيننا محمد صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم أجمعين.

قال الله تعالى {يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولاً سديدً * يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزاً عظيما *} الآية
وقال {يا أيها الذين اتقوا الله ولتنظر نفسٌ ما قدمت لغد واتقوا الله إن الله خبيرُ بما تعملون *} أما بعد

فإن الأخلاق الإسلامية والتي جاءت نصوصها من الكتاب والسنة ، وكانت ولا تزال سمات المؤمنين المتقين الصالحين علمٌ يجب علينا تعلمه، ومنهاجٌ لابد أن نسير على طريقته، إذ أنها لا تزيغ بحاملها إلى مواضع النقد والعيب واللوم، ولا تميل بصاحبها إلى أماكن الذنب والخطيئة والإجرام، ولا توقع بمالكها إلى مواطن الرديئة والخسّة وسفا سف الأمور.

فهي وحيٌ إلهي، وهديٌ نبوي، وعلامات روحانيّ معطاءة، وتصرفات فضائليّة وضّاءة، وهي خُلُق النبي الكريم صلى الله عليه وسلم قال تعالى }وإنّك لعلى خُلُقٍ عظيم{القلم (4)، وهي سلوك المسلم الفقيه بأمور دينه، المتيقن بزوال دنياه ومجيء أخرته، وهي الأجر العظيم ومثوبة من عند الرب الكريم لمن جعلها رداءاً
فلبسها، وعمامةً فوضعا فوق رأسه، وأماراتٍ أمام عينيه يهتدي بها إلى الطريق السليم.

لذا فإني أُورد - مستعيناً بالله تعالى - مجموعة من هذه الأخلاق الإسلامية، والتي اخترتها لكونها لصيقةً بتصرفات المسلم في يومه وليلته، ولأننا أصبحنا في مجتمعٍ أصابت أخلاقه الشهوات الدنيويّة، واعترتها الاهتمامات الدونيّة.

ولقد اعتمدت كثيراً على المختصر المفيد، وابتعدت عن الحشو الممل، وطعّمت كل خُلُقٍ ببعض الآيات القرآنيّة والأحاديث الشريفة التي تدل على ماهيّته الإسلامية، وصورته الشرعيّة، مسنداً هذه الآيات والأحاديث إلى مواضعها في القرآن الكريم وكتب السنّة.
وأخذت من كلام أهل السلف الصالح رضوان الله عليهم جميعاً ما يعزّز مكانة هذه الأخلاق في نفوسنا، وأوردت بعض القصص القصيرة والمقالات المختصرة والأبيات الشعرية والتي تهدف جميعها إلى وجوب التحلي بهذه الأخلاق الإسلامية الجميلة.

سائلاً الله العلي القدير أن ينفع بهذا العمل الإسلام والمسلمين، وأن يجعل جميع أقوالنا وأعمالنا خالصةً لوجهه الكريم.

سبحان ربك رب العزّة عما يصفون، وسلامٌ على المرسلين، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف خلق الله سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلّم أجمعين.


الحياء


صاحبه حيُ الضمير، مرهف المشاعر، محب للتواضع، عاشقٌ للهدوء والسكينة.

الحياء مزيّة إسلامية لكل مؤمن خالص إيمانه لله، وشعور يخالج النفس فيترجم على ملامح الوجه.

والحياء خُلُق الإسلام كما قال صلى الله عليه وسلم " لكل دين خلقا وخلق الإسلام الحياء " رواه مالك

والحياء أنواع وأولها وأجلها هو الحياء مع الله سبحانه وتعالى عن ابن مسعود رضي الله عنه قال : قال الرسول صلى الله عليه وسلم " استحيوا من الله حق الحياء، قلنا إنا نستحي من الله يا رسول الله ــ والحمد لله قال : ليس ذلك الاستحياء من الله حق الحياء أن تحفظ الرأس وما عوى، والبطن وما حوى، وتذكر الموت والبلى، ومن أراد الآخرة ترك زينة الدنيا،وآثر الآخرة على الأولى فمن فعل ذلك فقد استحيا من الله حق الحياء " رواه الترمذي.


هب البعث لم تأتنا رسله *** وحاطمة النار لم تضرم

أليس من الواجب المستحق *** حياء العباد من المنعم


ثم يأتي الحياء مع رسول الله صلى الله عليه وسلم باتباع أوامره واجتناب نواهيه ومحبته والصلاة عليه دائماً، وقراءة سيرته وآثاره، وإفهام الناس وتنويرهم بعلو شأنه وسمو قدره وجلال سنته صلى الله عليه وسلم.

وهناك الحياء في الكلام بتنزيه اللسان عن كل ما يعيبه ويضجه، والحياء في المعاملات مع الناس بإظهار خُلُق المسلم الحقيقي، والابتعاد عن النفاق والبدع والمجاملات الرخيصة التي لا تعدو إلا سفا سف أمور لا يلتفت إليها .

قال علي كرّم الله وجهه : من كسى بالحياء ثوبه لم يرى الناس عيبه .

وقيل : إن الحياء دليل الخير كلّه .

وقال بعض العلماء : حقيقة الحياء " خُلُقٌ يبعث على ترك القبيح، ويمنع من التقصير في حق ذي الحق .

والحياء ابتعادٌ عن الشبهات، وترفّعٌ على الدنيئات، والتشبث بالمرؤات، والخوف على المكارم، والحرص على المحامد .

ومن لزم الحياء فهو مؤمن، ومن فارقه فقد وقع أسير الذنوب والمعاصي والله المستعان .

يقول ابن القيّم رحمه الله : ومن عقوباتها - أي الذنوب والمعاصي - ذهاب الحياء الذي هو مادة الحياة للقلب، وهو أصل كل خير، وذهابه ذهاب كل خير بأجمعه .

وفي الصحيح أنه قال صلى الله عليه وسلم " الحياء خير كله " وقال " أن مما أدرك الناس من كلام النبوة الأولى :"إذا لم تستحي فاصنع ما شئت " أخرجه البخاري وأحمد

وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم :" الإيمان بضعٌ وسبعون شعبه أو بضع وستون شعبه، فأفضلها قوا لا إله إلا الله، وأدناها إماطة الأذى عن الطريق، والحياء شعبة من الإيمان" متفق عليه.


الزهد


قال ابن تيميه رحمه الله " الزهد هو ترك الرغبة فيما لا ينفع في الدنيا في الدار الآخرة، وهو فضول المباح التي لا يستعان بها على طاعة الله عز وجل "

وقيل إن أعلى مراتب القناعة الزهد .

وقال ابن القيّم رحمه الله " لا تتم الرغبة في الآخرة إلا بالزهد في الدنيا، ولا يستقيم الزهد في الدنيا إلا بعد نظرين صحيحين :
النظر الأول : النظر في الدنيا وسرعة زوالها وفنائها ونقصها وخستها .
النظر الثاني : النظر في الآخرة وإقبالها وبقاءها ودوامه
وقد أورد الله سبحانه وتعالى الكثير من الآيات في كتابه الحكيم التي تدل على فضل الزهد وقلة الرغبة في ملذات الدنيا وشهواتها قال تعالى { اعلموا أنما الحياة الدنيا لعب ولهو وزينة وتفاخر بينكم وتكاثر في الأموال والأولاد كمثل غيثٍ أعجب الكفار نباته ثم يهيج فتراه مصفرّاً ثم يكون حطاما وفي الآخرة عذاب شديد ومغفرة من الله ورضوان وما الحياة الدنيا إلا متاع الغرور } الحديد (20)

وقال تعالى{ يا أيها الناس إن وعد الله حق فلا تغرنّكم الحياة الدنيا ولا يغرنّكم بالله الغرور } فاطر(5)

وهذا نبينا الكريم صلى الله عليه وسلم وهو القدوة الصالحة لأمته يضرب لنا أروع الأمثلة في الزهد والترفع عن هذه الدنيا الرخيصة، فكانت تمر عليه الأشهر ولم توقد في بيته عليه الصلاة والسلام ناراً، وكان يعيّشه هو وأهله الأسودان التمر والماء، وكان فراشه من أدم، وحشوه من ليف، ونام على الحصير وأثّر ذلك في جنبه.

والزهد لباس الراغب في لقاء الله الطامع في جنته، وظلال المتيقن بدناءة هذه الدنيا وخستها، وعيش المقرّ بفناءها وزوالها .

قال الحسن : لو رأيت الأجل ومروره، لنسيت الأمل وغروره .

وحين تشتد رغبة الإنسان في الدنيا، ويميل إليها ميلاً شديداً، فإنه بذلك أبعد ما يكون عن طاعة الله والتقيد بأوامره، متجاهلاً نهايته الحتميّة، مخدوع بطول الأمل والسوفيّة .

قد شاب رأسي ورأس الدهر لم يشب إن الحريص على الدنيا لفي تعبِ

وقال ابن القيّم رحمه الله إن الزهد أقسام : زهد في الحرام، وزهد في الشبهات، وزهد فيما لايعني من الكلام والنظر والسؤال واللقاء، وزهد في الناس، وزهد في النفس، وزهد جامع لذلك كلّه : وهو الزهد فيما سوى الله وفي كل ما شغلك عنه .انتهى كلامه رحمه الله.

وقيل لبعض الزهّاد أوصني : دع هم الدنيا لأهلها كما تركوا هم الآخرة لأهلها .

وقال أحدهم :

أيا من عاش في الدنيا طويلاً وأفنى العمر في قيلٍ وقالِ

وأتعب نفسه فيما سيفنى وجمّع من حرامٍ أو حلالِ

هب الدنيا تقاد إليك عفواً أليس مصير ذلك للزوالِ


وقال الله تعالى وهو أصدق القائلين : { زُيّن للناس حب الشهوات من النساء والبنين والقناطير المقنطرة من الذهب والفضة والخيل المسوّمة والأنعام والحرث ذلك متاع الحياة الدنيا والله عنده حسن الثواب . قل أؤنبكم بخيرٍ من ذلكم للذين اتقوا عند ربهم جنّات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها وأزواجٌ مطهّرة ورضوان من الله والله بصيرٌ بالعباد }آل عمران (15،14).


الكرم


وتحت مسمّاه الجود والسخاء والإيثار والإنفاق وأبلغها الجود فمن بذل أكثر ماله فهو جواد، ومن أعطى البعض وأمسك البعض الآخر فهو سخي، ومن آثر غيره لكبر أو احترام إلى مكان يرجوه الجميع وبقي هو أو أخّر نفسه عنه فهو صاحب إيثار الشخص غيره في صفوف الصلاة .

والكرم من علامات البر قوله تعالى :{لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون } آل عمران(92)

وهو أحد مقوّمات هذا الدين العظيم، إذْ لا يقبل البخل،ويتضجر من أهل الشح، وتوعد أهل الإنفاق بالخير الكثير قال تعالى { وما أنفقتم من شيء فهو يخلفه }سبأ (39)

وأقربه إلى الله حينما يكون خالصاً لوجه الله الكريم، لا يقصد منه المراء، ولا يراد منه السمعة قال تعالى
{ إنما نطعمكم لوجه الله لا نريد منكم جزاءاً ولا شكورا } الإنسان (9).

من يفعل الخير لا يعدم جوازيه لا يذهب العرف بين الله والناس

والكرم أحد أسباب سعادة العبد في دينه ودنياه متى ما تلمس حاجة الضعيف فقضاها، وسأل عن مطلب الفقير فأعطاه، وتحرّى رغبات المحتاج فسددها، عن ابن مسعود رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلّم قال : " لا حسد إلا في اثنتين .رجل أتاه الله مالاً فسلّطه على هلكته في الحق، ورجل آتاه الله حكمه فهو يقضي بها ويعلمه " متفق عليه.
قال النووي معناه. ينبغي أن لا يُغبط أحدٌ إلا على إحدى الخصلتين .
ومعنى كلمته (على هلكته) أي على الذين يهلكون هذا المال أي ينفقونه .



وعدّ من الرحمن فضلاً ونعمةً عليك إذا ما جاء للخير طالبُ

ولا تمنعن ذا حاجة جاء راغباً فإنك لا تدري متى أنت راغبُ


وكرم الفقير أجل الكرم، وأبلغ الجود، وأعظم معاني السمو، وأطهر عبارات السماحة .

قال يحيى البرمكي: أعط الدنيا وهي مقبلة فإن ذلك لا ينقصك شيئاً، أعط منها وهي مدبرة فإن منعك لا يبقى عليك منها شيئاً .

قال الحسن بن سهل ويتعجب من ذلك ويقول : لله درّه ما أطبعه على الكرم واعلمه بالدنيا .

قال الشافعي رحمه الله :

أجود بموجود ولو بت طاويا على الجوع كشحاً والحشا يتألم


وقال أحدهم :
أبيت خميص البطن عريان طاويا وأوثر بالزاد الرفيق على نفسي

وامنحه فرشي وافترش الثرى واجعل ستر الليل من دونه لبسي


قال تعالى { وما تنفقوا من خيرٍ فلأنفسكم وما تنفقون إلا ابتغاء وجه الله وما تنفقوا من خيرٍ يوفَّ إليكم وأنتم لا تظلمون } البقرة (272)



العدل


أساس كل أمن، وطريق كل عيش ٍ سعيد، وأمنية المظلوم، ورغبة من يشتكي الجور والبهتان .

هو التساوي بين المخلوقين، والتراحم فيما بينهم، والمحافظة على حقوقهم، والأخذ على يد جاهلهم وضعيفهم وصغيرهم .

العدل هو ميزان الله تعالى في الأرض الذي يؤخذ به للضعيف من القوي، والمحقّ من المبطل .

ويلزم على كل من وُلِّي أمراً من أمور المسلمين أن يعدل فيما بينهم وأن يتقي الله في حقوقهم، فقد ورد أن من السبعة الذين يظلّهم الله في ظلّه يوم لا ظلَّ إلاّ ظلّه " إمامٌ عادل " متفقٌ عليه
وقبل هذا قال الله تعالى : {إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى.... الآية } النحل (90)

وقيل قديماً : " اعلم أن عدل الإمام يوجب محبته، وجوره يوجب الافتراق عنه "

وكتب بعض عمّال عمر بن عبد العزيز - يشكو إليه من خراب مدينته،ويسأله مالاً يرمِمُها به - فكتب إليه عمر بقوله : " قد فهمت كتابك فإذا قرأت كتابي هذا فحصّن مدينتك بالعدل، ونقِّ طرقها من الظلم فإنه يرمِمُها"

ومن عدل الرسول صلى الله عليه وسلّم وهو النبي العادل عدله بين أزواجه عليه الصلاة والسلام إذْ أنّه كان إذا أراد أن يخرج إلى الغزو أقرع بين نسائه فأيتهن يخرج سهمها خرج بها " رواه البخاري .

فحريٌّ بك أيها المسلم العدل في جميع شؤون حياتك. في بيتك، وفي عملك، وبين أهلك وجيرانك وأصدقائك ومرؤوسيك.

فبالعدل تسير الحياة كما نريد ويريدها الله جل في علاه، وبالعدل يتم لنا الرضى بما قسم الله لنا من أرزاق وأموال وأولاد، وبالعدل تهنأ النفوس، وتستريح الأفئدة، وتبتهج الخواطر .

قال تعالى : { وأقسطوا إن الله يحب المقسطين } الحجرات (9)



الصدق

لأن من سلك دربه وصل، ومن لزِمه نجى، ومن عمل على إقامته أُجِر، ولأنه سمةٌ من سمات المؤمنين، وخُلُق من أخلاق المتقين، وصفةٌ من صفات أهل الفضل، فقد حرّص عليه الإله جل شأنه، ووعد من يتّصف به دار النعيم. ذلكم هو الصدق، منارة الحق، وعنوان الولاء لله تعالى

قال تعالى في محكم التنزيل { والصادقين والصادقات } الأحزاب (35)

وقال { فلو صدقوا الله لكان خيراً لهم } محمد (21)

وهو علامة لأهل الإصلاح، وحجة الأنبياء والرسل للناس فهذا نبينا عليه الصلاة والسلام كان يسمّى قبل الإسلام بالصادق الأمين، وهذا إسماعيل عليه السلام يقول عنه الله تعالى : { واذكر في الكتاب إسماعيل إنّه كان صادق الوعد وكان رسولاً نبيّا } مريم (54).

عن ابن مسعود رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلّم : " إن الصدق يهدي إلى البر، وإن البر يهدي إلى الجنّة، وإن الرجل ليصدق حتى يكتب عند الله صدّيقا..... الحديث متفقٌ عليه

الصدق ملاذاً من الشبهات، ومأوى من الريبة، وهو ركن الطمأنينة، وأحق الأركان وأعمدها، وأصل المروءات وأنبلها .

عن أبي محمد الحسن بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهما قال : " حفظت من رسول الله صلى الله عليه وسلّم. دع ما يريبك إلا مالا يريبك، فإن الصدق طمأنينة، والكذب ريبة " رواه الترمذي وقال حديث صحيح .

وقال محمد الورّاق :

الصدق منجاةٌ لأربابه وقربةٌ تدني من الربِّ


وقال عمر رضي الله عنه " عليك بالصدق وإن قتلك "

ووافقه قول الشاعر :
عليك بالصدق ولو أنّه أحرقك الصدق بنار الوعيدْ
وابغ رضى المولى فأغبى الورى من أسخط المولى وأرضى العبيدْ

وأصدق من ذلك قول الرسول صلى الله عليه وسلّم " تحروا الصدق وإن رأيتم أن الهلكة فيه، فإن فيه نجاه " رواه ابن أبي الدنيا.

وقال الغزالي في (خلق المسلم) " العمل الصادق هو العمل الذي لا ريبة فيه لأنه وليد اليقين،ولا هوى معه لأنه قرين الإخلاص، ولا عوج عليه لأنه نبعٌ من الحق "

وقال ابن القيّم رحمه الله " ومن صدق الله في جميع أموره صنع الله له فوق ما يصنع لغيره، وهذا الصدق معنى يلتئم من صحة الأخلاق وصدق التوكل، فأصدق الناس من صح إخلاصه وتوكله "

وقيل : أحسن الكلام ما صدق فيه قائله، وانتفع به سامعه .

الصدق يضيف إلى نجاح الأمة نجاح، وإلى رقيّها رقي، وإلى ثرواتها ثروات .

قال المهلّب ابن أبي صفرة " ما لسيف الصارم في يد الشجاع بأعزّ له من الصدق "

قال الله تعالى : { ليس البر أن تولوا وجوهكم قِبَل المشرق والمغرب ولكن البر من آمن بالله واليوم الآخر والملائكة والكتاب والنبيين وآتى المال على حبه ذوي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل والسائلين وفي الرقاب وأقام الصلاة وآتى الزكاة والموفون بعهدهم إذا عاهدوا والصابرين في البأساء والضراء وحين البأس أولئك الذين صدقوا وأولئك هم المتقون } البقرة (177).



الأمانة


مطلب إسلامي حق، وثقيلة لا تقواها حتى الجبال، وصاحبها هو العف الزاهد النزيه، ومضيّعها هو المنافق الجاحد اللئيم .

قال تعالى : { إنا عرضنا الأمانة على السماوات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها وحملها الإنسان إنه كان ظلوماً جهولا } الأحزاب (72)

وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلّم قال : " آية المنافق ثلاث، إذا حدث كذب، وإذا أوعد أخلف، وإذا أُوتمن خان " متفق عليه وفي رواية " وإن صام وصلّى وزعم أنّه مسلم ".

الأمانة أمرها عظيم، ومعانيها كثيرة وجليلة، يحملها جميع الناس علموا ذلك أم لم يعلموا، الإمام، القاضي، العالم، الطالب، الموظف، الجندي رب الأسرة .....الخ. " كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته " رواه البخاري .

ورسولنا صلى الله عليه وسلّم هو الصادق الأمين فبعد أن بزغ نور الحق، وعلمت قريش بما ينوي محمد أن يفعله من نشرٍ لدينه الجديد عملت على عداوته أشدّ عداوة، إلا أن ذلك لم يثنيهم على أن يجعلوا أموالهم وأحمالهم أمانةً عنده، ولا غرابة في ذلك فلا يوجد من هو أمين ٌ مثل محمد صلى الله عليه وسلّم، وعند هجرته صلى الله عليه وسلّم استخلف ابن عمّه علي ابن أبي طالب رضي الله عنه ليسلّم المشركين الودائع التي استحفظها عنده .

قال ميمون ابن مهران " ثلاثة يؤدين إلى البَر والفاجر - الأمانة، والعهد، وصلة الرحم - "

وهي مظهر اجتماعي جلي، يدعو إلى الترابط بين الأفراد، وإقامة العدل بين ظهرانيهم، وتأدية الحقوق اللازم تأديتها بينهم .

والأمانة : حفظ سر، وإيفاء وعد، وإقامة عدل، وأمرٌ بمعروف، ونهيٌ عن منكر، وصدق حديث .

والأمانة : تحميك من كل دنيّة،. وتهديك محبة الناس على اختلاف آرائهم وأعمارهم .

في ضياعها تُؤسر الحقوق، وتتعطّل المهن، ويغوص الناس في بحور الظن، ويتسكّعون في ميادين الوهم، لا ثقة واضحة بينهم، ولا حب خالص يجمعهم .

قال يزيد ابن أبي سفيان. قال لي أبو بكر الصديق حين بعثني إلى الشام " يا يزيد أن لك قرابة عسيت أن تؤثرهم بالأمارة، وذلك أكثر ما أخاف عليك بعد ما قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم : " من ولي أمر المسلمين شيئاً فأمر عليهم أحداً محاباة فعليه لعنة الله لا يقبل منه صرفاً ولا عدلاً حتى يدخله جهنم ""

قال تعالى : { يا أيها الذين آمنوا لا تخونوا الله والرسول وتخونوا أماناتكم وأنتم تعلمون. واعلموا أنما أموالكم وأولادكم فتنه وأن الله عنده أجرٌ عظيم } الأنفال (27،28)



الحلم


هو ثباتك أمام من ينهرك، وثقتك بنفسك قِبَلَ من يستصغرك، وسلاحك لمن أرد أن يقتلك .

الحلم هو كظمك الغيظ، وعفوك عن المخطئ، وصبرك على الإساءة .

الحلم سيّد الأخلاق، وعلامة للصابرين المحتسبين، وصفةٌ محبوبةٌ لرب العالمين

عن ابن عباس رضي الله عنهما قال.قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم لأشج عبد القيس " أن فيك خصلتين يحبهما الله - الحلم والأناة - " رواه مسلم.

والحلم هو أساس الرفق، قال صلى الله عليه وسلّم " إن الرفق لا يكون في شيءٍ إلاّ زانه، ولا يُنزع من شيءٍ إلاّ شانه " رواه مسلم .

والحلم أصل الرفعة والأنفة. قال الشافعي رحمه الله :
ولو لم تكن نفسي عليَّ عزيزةٌ لمكّنتها من كل نذلٍ تحاربه

والحلم عنوان الصفح والعفو .

قال تعالى :{ خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين } الأعراف (119).

وقال علي رضي الله عنه :" أولى الناس بالعفو أقدرهم على العفويّة ".

وكان المأمون يحب العفو ويؤثره .


وقال الحسين بن مطير :
وأصفح عن سباب الناس حلماً وشرُّ الناس من يهوى السبابا

والحلم طبع الكرماء، وعادة الأجواد، وترجمان الأوفياء .

وقد قيل : من عادة الكريم إذا قَدِرَ غفر، وإذا رأى زلةً ستر .

والحلم تجاوزك عن أخيك، والتماسك له العذر، ودعائك له بالهداية والصلاح، وتفتيشك عن معايبك، وسؤالك نفسك عن خطأها، وردها عن تكبّرها .
إذا مرضتم أتيناكم نعودكم وتذنبون فنأتيكم ونعتذرُ

والحليم هو الذي لا يعشق الانتقام، ولا يحمل في قلبه الحقد والضغينة، ولا يأبه بهفوات الساقطين من الناس .
وأكثر ما يكون سديداً في رأيه، بطيئاً في غضبه، وجيهاً في كلمته ومشورته .

وقد قيل : ليس من عادة الكرماء الغضب والانتقام .

وقيل " الحليم عليم، والسفيه كليم "

وقال ابن عجلان : " ما شيء أشد على الشيطان من عالم معه حلم إن تكلّم تكلّم بعلم، وإن سكت سكت بحلم يقول الشيطان : سكوته أشد عليَّ من كلامه".

وقال الشافعي رحمه الله :
يخاطبني السفيه بكل قبحٍ فأكره أن أكون له مجيبا
يزيد سفاهةً فأزيد حلماً كعودٍ زاده الإحراق طيبا

قال تعالى : {والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس والله يحب المحسنين } آل عمران (134)


الصبر


من منّا لم تصرعه الخطوب، ولم تحصره المحن، ولم تنزل على رأسه المصائب .

من منّا لا يقلقه المستقبل، ولم يخاف من الحاضر، ولم يحزن على الماضي .

فكلّنا ذاق ألم الفراق، وموت الأحبة، وشدّة المرض، وموجات الجوع، وبلاء العيش والدنيا،وتناوب الآهات والزفرات .

وكلنا مرت علينا موجات الحزن، وهطل من أعيننا دموع وأسى، واعتصرتنا كل أنواع الهموم والغموم في صدورنا .

قال تعال: {ولنبلونّكم بشيءٍ من الخوف والجوع ونقصٍ من الأموال والأنفس والثمرات... الآية }البقرة (155) .

إلا أن الصابرون قليل، والأشداء على تحمّل الفجائع نادرون، مع أن الصبر للمؤمن علامة، وللراضي بقضاء الله وقدره وسام، وهو لمن يتجسّد به بشرى ونور من عند الله تعالى {.... وبشّر الصابرين. الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون. أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون.} البقرة ( 155ــ157).

الصبر نهايته إلى خير بإذن الله متى ما احتسب المؤمن بذلك وجه الله تعالى .

قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم :" عجباّ لأمر المؤمن إن أمره كلّه خير وليس ذلك لأحدٍ إلا للمؤمن : إن أصابته سراء شكر فكان خيراً له، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيراً " رواه مسلم .

قال الشاعر :
الصبر مثل اسمه مرٌ مذاقته لكن عواقبه أحلى من العسل

ولنا في صبر الأنبياء أروع الأمثلة، فهذا يعقوب عليه السلام صبر على فراق يوسف عليه السلام، وهذا أيوب صبر على المرض، وهذا يونس صبر على الظلمات الثلاث، وصالح ولوط صبرا على إيذاء أقوامهم
لهم، وهذا نبينا محمد صلى الله عليه وسلّم صبر عندما فارق الأحبة، وصبر عندما آذوه قومه، وصبر على الجوع .

وللصبر أنواع ثلاثة :ـ
1 - الصبر على طاعة الله في الإتيان لكل ما أمر به .
قال تعالى { واستعينوا بالصبر والصلاة وإنها لكبيرة إلا على الخاشعين }البقرة (45).
2 - الصبر على المعصية، وذلك بأن يعمل المؤمن على تحصين نفسه من كل ما هو مزيّن أمامه، ومن الشهوات الدنيوية والتي تكسب الإنسان ذلاًّ في الدنيا، وعذاباً شديداً في الآخرة .
قال تعالى :{ ربنا أفرغ علينا صبراً وتوفّنا مسلمين } الأعراف (126).
3 - الصبر على النوازل والمصائب، لما في ذلك من الأجر العظيم والثواب الجزيل .
عن أبي سعيد وأبي هريرة رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلّم قال :" ما يصيب المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها إلا كفّر الله بها من خطاياه " متفق عليه

قال الجنيد وقد سئل عن الصبر " هو تجرّع المرارة من غير تعبّس "

وقال ابن عياض في قوله تعالى }سلامٌ عليكم بما صبرتم فنعم عقبى الدار {الرعد (24) " صبروا على ما أُمروا به وعمّا نهوا عنه .

قال تعالى { يا أيها الذين آمنوا اصبروا وصابروا ورابطوا واتقوا الله لعلكم تُفلحون } آل عمران (200)


التواضع


عبادة جليلة، وعادةٌ حميدة، وخُلُقٌ رائع، لا يتّصف به إلاّ أسياد الأمة، وأشراف الخلْق.

جزاءه بإذن رب الناس الجنّة، قال تعالى:{ تلك الدار الآخرة نجعلها للدين لا يريدون علواً في الأرض
ولا فساداً والعاقبة للمتقين} القصص (83).

التواضع هو لين الجانب للصغير والكبير، وهو خفض الجناح للمسيء والمقصّر، قال تعالى {واخفض جناحك للمؤمنين} الحجر (88).

هو الكلمة الحسنة الهادئة الهادفة، والابتسامة الصادقة النزيهة، والخطوة المتزنة الثابتة، والمعاملة الإسلامية التي أوصى بها نبينا محمد عليه وعلى آله وصحبه أفضل الصلاة والتسليم.

عن أنس رضي الله عنه قال:" إن كانت الأمة لتأخذ بيد النبي صلى الله عليه وسلّم فتنطلق به حيث شاءت" رواه البخاري .

ولنا في تواضع رسول الله عليه الصلاة والسلام أسوة حسنة وهو أشرف وأجل من وطأت قدماه الأرض، والذي بُعِثَ رحمةً للعالمين فقد كان يرقع ثوبه، ويخصف نعله، ويعاون أهله في شؤون بيته، ويسلّم على الصغير، ويوقر الكبير، ويرعى الغنم، ويمشي في الأسواق .

وقيل قديماً "التواضع سلّم الشرف"

قال عدي بن أرطأة لإياس بن معاوية : إنّك لسريع المشية قال: ذلك أبعد من الكِبْر، وأسرع في الحاجة.

قال أحد الشعراء:
لعمرك ما الأشراف في كل بلدةٍ وإن - عظموا - للفضل إلاّ صنائعُ
أرى عظماء الناس للفضل خشّعاً إذا ما بدوا والفضل لله خاشعُ
تواضع لمّا زاده الله رفعةً فكل رفيع عنده متواضعُ

قال الله تعالى: { يا أيها الذين آمنوا من يرتد منكم عن دينه فسوف يأتي الله بقومٍ يحبهم ويحبونه أذلةٍ على المؤمنين أعزةٍ على الكافرين } المائدة (54) .



كتمان السر


إن كتمان السر من الأخلاق الجميلة التي يتحلّى بها المسلم، وهو من الدلالات الطيبة التي تعزّز علاقات الناس بعضهم ببعض، وتجدد مواضع الثقة بينهم، وتضاعف من درجات الحب والتواد والتواصل مع بعضهم البعض.

قال المهلّب:" أدنى أخلاق الشريف كتمان السر، وأعلى أخلاقه نسيان ما أُسِرَّ له "

لذا يتعيّن على من حمل سرّاً لأخيه أو صديقه أن يحفظ هذا السر ولا يذيعه، وأن يحرص عليه حرصه على نفسه ودينه، فإن كتمان الأسرار كما قيل يدل على جواهر الرجال.

ولنا في قصة يوسف مع أبيه يعقوب عليهما وعلى نبينا أفضل الصلاة والتسليم التوجيه السليم بضرورة كتمان السر خاصةً إذا كان ذلك السر هو عبارة عن فضل ونعمة من الله سبحانه وتعالى خشية الحسد والمؤامرة من الغير، فحينما أخبر يوسف أباه بالرؤيا التي في المنام فسّرها بأن إخوانه سيخرون له ساجدين إجلالا واحتراماً وإكراماً، فخشي يعقوب على ابنه من إخوانه فأمره بأن لا يخبر أحداً بتلك الرؤيا، وأن لا يفشي السر الذي بينهما فقال الله تعالى على لسانه عليه السلام { قال يا بنيَّ لا تقصص رؤياك على اخوتك فيكيدوا لك كيداً إن الشيطان للإنسان عدوٌ مبين } يوسف (5).

و روي عن الرسول صلى الله عليه وسلّم قوله:" استعينوا على قضاء الحوائج بالكتمان، فإن كل ذي نعمةٍ محسود ".

و قال صالح بن عبد القدوس:" لا تودع سرّك إلى من طلبه فالطالب للسر مذيع ".

و إذا أردت أن تخبر سرك أحداً لمصلحة ما تعود لك فلا بد أن تختار الرجل المناسب المتّصف بالثقة والرشد.

و ذلك لأنك لو أعطيته من لم يقدرك ويقدر سرك فعندئذٍ يحل بك الندم وتلحق نفسك اللوم بعد اللوم لسوء اختيارك في من أعطيته سرك.

قال عمرو بن العاص:" ما وضعت سري عند أحد فلمْته على أن يفشيه، كيف ألومه وقد ضقت به ".

وقال الشافعي رحمه الله:- إذا المرء أفشى سره بلسانه ولام عليه غيره فهو أحمقُ.
إذا ضاق صدر المرء عن سر نفسه فصدر الذي يستودع السر أضيقُ.

ومن الخير والصلاح كتم أسرار الآخرين وعدم الإفضاء بها خشية وقوع فتنة ما أو ضغينة أو كراهية لا يحمد عقباها.



الشورى


الإنسان فقير بنفسه، غنيٌ بإخوانه وأقرانه، فهو لوحده لاشيء، وبتفرده في رأيه متسلّط ومنبوذ، وبانطوائيته وانعزاله إما متعال أو مريض .

قال الورّاق :
إن اللبيب إذا تفرق أمره فتق الأمور مناظراً ومشاورا
وأخو الجهالة يستبدّ برأيه فتراه يغتسف الأمور مخاطرا

ومن محاسن هذا الدين الشريف أن رغّب في الشورى، وأرشد إلى التعاون فيها وإبداء الرأي، والسماع للآخر.

قال تعلى موجهاً خطابه إلى نبيه الكريم صلى الله عليه وسلّم:{ وشاورهم في الأمر }

ومن ذلك استشارته عليه الصلة والسلام لأصحابه في الخروج أو البقاء في المدينة يوم أحد، وفي مصالحة بعض الأحزاب يوم الخندق على ثلث ثمار المدينة.

وفي المشورة نور بعد ظلام، وهدى بعد ظلال، وسلامة بعد خوف وحذر وتخبّط.

وقالوا قديماً: لا مال أوفر من العقل، ولا فقر أعظم من الجهل، ولا أظهر أقوى من المشورة.

وقال الحسن: الناس ثلاثة فرجلٌ رجل، ورجلٌ نصف رجل، ورجلٌ لا رجل، فأما الرجل الرجل فذو الرأي والمشورة، والرجل نصف الرجل الذل له رأي ولا يشاور، والرجل لا رجل فالذي ليس له رأي ولا يشاور.


وإني أعجب من الرجل الذي يتعصب عند رأيه، مفتخراً بذلك التعصب زاعماً أنه من عمل الرجال الأفذاذ، قائلاً أنا كذلك إن أردتم رأي هكذا وإلا فبعداً لكم، ولا يعلن إن الله رغّب في الشورى، وأرشد إلى التناصح ووجّه نبيه إلى ذلك، وهو طريق السلف الصالح، ولعلّه يجهل أن تفرده في رأيه يكسبه عيباً عند ناسه، وصفة سؤ عند أقرانه، وأعظم من ذلك حينما يجد نفسه وحيداً عندما يلمُّ به أمر شنيع، ويصبح في أمسّ الحاجة إلى الشور الراشد، والدليل المنير، عندها لن يقبل أحد أن يبديه المشورة أو يهديه النصح لما سبق من جرم اقترفه وهو لا يعلم .

وفي ذلك قال محمد بن إدريس الطائي :
ذهب الصواب برأيه فكأنما آراؤه اشتقت من التأييدِ
فإذا جاء خطبٌ تبلّج رأيه صبحاً من التوفيق والتسديدِ

عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : ما رأيت أحداً أكثر مشورة لأصحابه من رسول الله صلى الله عليه وسلّم أخرجه الترمذي .



الخاتمة


الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده.
وبهذه الأسطر أُنهي هذه الورقات والتي ضمنتها بعضاً من أخلاق المسلم التي يجب أن يتحلى بها في كل حين وتكون عنوانه دائماً في كل مكان.
سائلاً الله العلي القدير أن يكون هذا العمل خالصاً لوجهه الكريم، وأن يتقبل الله منّا صالح الأعمال والأقوال إنّه القادر على ذلك سبحانه وتعالى .


zoooozoooo
zoooozoooo
لاتندم على من تحبه وتركك بل اندم على من يحبك وتركته

كل ما صادقت انسانا عامله بنفس ما عاملك فاعطاءه اكبر من حقه سوف يمرده عليك

الحب ليس ان تحب وتنسى العالم بل ان تحب وتحب العالم

عندما يحبك شخص ويعتبرك انسان بمعنى الكلمه ويحاول ارضاؤك بكل الطرق فلا تحاول خسارته او تحاول النظر الى نقطه صغيره فيه لم تعجبك وتتغاضى عن باقي صفاته العفيفه فنحن دائما ننظر الي الشي بجانبه المعتم فاحرص على رؤيته من جانبه المضئ..

من لم يحاول بيعك لمره واحده فاعرف انه لن يبيعك للابد وان باعك لمره واحده مهما كان السبب فاعرف انه سيبيعك مره اخرى حتى ولو بعد قرن..

كل ما غيرت نفسك الى الافضل ارتاح ضميرك الى الله ورضى الله عنك وعن تصرفاتك وكل ما حاولت تغير نفسك للأسوء فاعلم بانك تنام وعيون تذرف دمعا من اجلك وعيون اخرى تنهار وعيون.... ....الخ,, ومنها لن يرضى الله عليك وستنام والله غير راض عنك.. فارضى الله دائما

كل ما قرب منك شخص لا تدفعه الى الوراء فدفعاته لك قد تغيره عنك وقد تحتاجه يوما ولن تلقاه ابدا

لا تنظر الى من جرحك بنظره عتاب بل انظر اليه بنظره عاديه كي لا يشعر ان له قيمه امامك

لا تحاول انتقاد من جرحك وذمه من وراء ظهره لانك ستعطيه من اجرك وهذا مالا تريده انت في الواقع ..بل لا تعطي ليومك وقتا لمجرد التفكير بهم..

من حاول ارضاؤك بكل الطرق لا تحاول خذلانه بأي طريقه

ان كنت غاضبا لاتخسر من حولك ومن يحبك بسببهم من اغضبك فهم من الاساس لا يعنون لك شيئا.. فلا تخسر غاليك بسبب واطيك

الغضب ليس حلا للمشكله بل سببا اخرا لحدوث مشكله اكبر
ويقول الدكتور "تشارلز" أن الرسالة التي يوجهها الشخص الغاضب
لنفسه والتي توقد مشاعر الغضب لديه هي الكلمات التالية: " الأشياء لابد وأن تسير وفق رغبتي وبطريقتي"، فالغاضب يشعر بأن ما يتبعه هو الأصح دائماً، وأي شيء يعوق أو يغير من خططه غير مقبول وغير محتمل حدوثه من وجهة نظره.
وعندما يشعر الشخص بهذا الحافز، عليه أن يرسم صورة هزلية لنفسه فى خياله ليس فقط لمن يغضب منه، بأن يتصور نفسه وكأنه حاكم يحكم الشوارع والمحال أو أي شيء من حوله ويوجد إناس يعارضونه .. وكلما دخل الشخص فى تفاصيل العلاقة كلما زاد وعيه بمدى تناوله للأمور بمنطق غير عقلاني، وسيدرك أيضاً أن الأشياء التي يغضب منها هي أشياء تافهة غير هامة

واخيرا:: فكر بينك وبين نفسك من الذي يحبك ويرضيك بكل انواع الرضى وانت تتجاهله وهو ينتظر منك قبولا ومن الذي ترضيه ويحاول ان يتجاهلك وانت تنتظر منه قبولا ان عرفت الاجابه فسارع الى النوع الاول فهو من يحبك ولا تفكر ان تذهب اليه متى شئت فقد تحتاجه وتذهب اليه بعد ايام ولا تلقاه ... وتفقده.. فكل انسان مهما كان صبورا قد يمل وييأس من الانتظار حتى لوكان يحبك..
اما الصنف الثاني حاول فقط معاملته بمثل ما يعاملك وتجاهله فسارع الى الافضل ولا تتردد..