المدينة داري
المدينة داري
الشامخة السديم عزيزاتي كم أسعدني وأفرحني مروركما الكريم بورك فيكما:26:
الشامخة السديم عزيزاتي كم أسعدني وأفرحني مروركما الكريم بورك فيكما:26:


الحلقة السادسة عشر



في اليوم التالي حصل تقريبا ما حصل بالأمس غير أن المفاجأ ة كانت وعلى غير المتوقع

حينما مشيت مع الشيخ في عودته لبيته بعد الدرس الصباحي ..

ناداني الشيخ وبانزعاج ظاهر وقال لي: لما لم يتصل صاحبك؟؟

قلت له: والله لا أدري ولكن في اتصالي السابق عليه قال هو مريض..

فلعله اتصل على تلفونكم فلم يجبه أحد!!

قال الشيخ: هات رقم تلفونه وسوف أتصل عليه أنا!!

لم أكن ساعتها أحمل رقم عباس فقلت له: سأحضره لك بعد صلاة الظهر..

وبعد الصلاة ناولت الشيخ ورقة عليها رقم الشيخ عباس ..

كنت قلقا للغاية .. فالشيخ محمد لمن خالطه رجل حازم ..

ولا أسهل عليه من أن يقول لي ارجع من حيث أتيت!!

وكون الشيخ يطلب رقم عباس ليتصل عليه من طرفه إن ذلك الفعل هو نبيل وتواضع

من شيخنا جزاه الله خيرا.. ورحمه وأسكنه جنات النعيم..

بعد صلاة العصر وانتهاء درس العامة ..أشار لي الشيخ وكنت أمامه بجوار المؤذن أن الحق بي!!

لحقته ومشيت بجواره ولكنه لم يكلمني في شيء..!!

انتظر الشيخ حتى انتهى الناس وقضى حوائجهم وبقيت أنا وهو بمفردنا نسير حتى

اقتربنا من البيت وكنت منتظرا دون أن استبق منه شيء!!

ولكن يعلم الله سبحانه وتعالى أنني قد خفت وظننت الظنون فربما أن أخي سعود أخبر

عباس بمشكلتي ..

وبدوره أطلع عباس الشيخ على الحاصل !!

قال الشيخ: خلاص!!

شدهت وظننت أنه خلاص سيخرجني ولكنه استأنف كلامه...

أنا كلمت عباس وهو أثنى عليك خيرا!!

وسكت!!

قلت في نفسي :ما معنى هذا الكلام؟؟؟

ثم أكمل شيخنا وهو يضم يديه ويشير بها للإمام ويزم شفتيه وقال :

سنقبلك في السكن!! بشرط أن تجتهد في الطلب..

لو كان بيدي في تلك اللحظة أن اصرخ من الفرح لفعلت!!

أي خبر سعيد هذا !! الحمد لله رب العالمين..

ثم قال الشيخ : وأنت يافلان الشمري!!!

اغتنم هذه الفرصة ، خاصة أنك ما زلت في مقتبل عمرك .. وفقك الله..

انصرفت بعد أن قبلت رأسه ودعوت له..

ما أجمل أن ترى بصيص الأمل بعد اليأس .. ما أجمل الشعور بالاستقرار

وخاصة في كنف ورعاية رجل بوزن الشيخ محمد عليه الرحمة والرضوان..

لم أطمع ولم أحلم بل والله الذي لا إله سواه ولم يخطر في بالي أن أحصل على أي

امتيازات مادية أو معنوية من قبل الشيخ محمد ..

بل كان يكفيني أن أحصل على ما حصل عليه

الآلاف سواي من طلبة العلم الذين يحيطون بشيخنا من كل صوب كل يبحث عن

رضاه بعد رضى الخالق سبحانه وتعالى فهو للجميع بمقام الأب الحاني ..

ومن ذا لا يبحث عن رضى والده..أو والدته..

وكذلك يكفيني ويشرفني أن أتتلمذ على يديه وأحصل على علم قل منه أو كثر..

انخرطت بعون الله سبحانه في طلب العلم والتحصيل فكان هو شغلي وهمي ..

اقتنيت عددا من الكتب ورتبتها على الرفوف في غرفتي الصغيرة..

تعرفت على عدد من الطلاب ولكن لم يكن اهتمامي منصبا على ذلك..

من الطلبة الذين عرفتهم وخالطتهم الأخ نافع الشمري ..

وكذلك الخ خالد الشمري .. ومنهم الأخ محمد زين العابدين!!

هذا الأخير هو مشرف السكن ..

وقد وصل من شرورة لكي يرتب سكنا له ولزوجته التي دخل بها قبل أسابيع!!

وبذلك سينتقل من السكن الحالي والذي هو سكن للعزاب فقط ليستأجر بيتا له ولعائلته..

الأخ محمد رجل عاقل وفيه حلم وأناة ولذلك كان اختياره للإشراف على السكن هو اختيار موفق..

كان الأخ محمد هو ملاذ الطلاب عند المحن بعد الله فهو الوسيط بينهم وبين الشيخ ..

ولقد كانت مهابة الشيخ محمد رغم تواضعه تمنع كثيرا منهم عن مخاطبته مباشرة..

ولكن يكفي أن يوصل الأخ محمد شكاويهم وطلباتهم ليبت فيه الشيخ ..

طلبت عن طريق الأخ محمد أن يوفروا لي كتبا ومراجع فوضعت قائمة كبيرة بالكتب..

سلمتها لمحمد .. فظهرت على وجهه ابتسامة صفراء ماكرة !!

وهز رأسه وقال: هل تظن الشيخ يوافق لك على هذه الكتب؟؟

قلت له قدمها له وسنرى..

وفعلا قدم محمد القائمة للشيخ بعد ظهر إحدى الأيام فوضعها الشيخ في جيبه..

بعد يوم أو في ذلك اليوم بعد العصر ناداني محمد وقال : انظر في ورقتك!!

فوقعت عيني على شخاميط بالقلم الأحمر وضعت على كل الكتب تقريبا وأضيف عليه

للتأكيد علامة X

ووافق على كتابين أو ثلاثة وأرفق معها قيمة الكتب نقدا معلقة بالفاتورة!!

أخذتها وحمدت الله تعالى واشتريت الكتابين فأضفتها لمكتبتي الصغيرة..

وعلى كل فقد وفر في السكن مكتبة علمية لا بأس بها وتحوي مراجع كثيرة للباحثين ومحبي القراءة .. ومع ذلك فالمكتبة شبه خالية ..

والسبب في ذلك

أن أغلب الطلاب قد يسر الله لهم مكاتب على حسب تخصصاتهم ومشاربهم في غرفهم..

فترى الطالب المهتم بعلم الحديث والتخريج أكثر كتبه ومراجعه من ذلك..

وينطبق الحال كذلك على طالب الفقه والتفسير وغيرها ..

أما أنا فقد كانت مكتبتي صغيرة ولكنها نمت وترعرعت حتى خرجت من سكن الطلاب..

وإنه ليعجز عن حملها الرجال الأشداء أولي القوة لكثرتها وتنوعها والحمد لله..!!




المدينة داري
المدينة داري
الحلقة السادسة عشر في اليوم التالي حصل تقريبا ما حصل بالأمس غير أن المفاجأ ة كانت وعلى غير المتوقع حينما مشيت مع الشيخ في عودته لبيته بعد الدرس الصباحي .. ناداني الشيخ وبانزعاج ظاهر وقال لي: لما لم يتصل صاحبك؟؟ قلت له: والله لا أدري ولكن في اتصالي السابق عليه قال هو مريض.. فلعله اتصل على تلفونكم فلم يجبه أحد!! قال الشيخ: هات رقم تلفونه وسوف أتصل عليه أنا!! لم أكن ساعتها أحمل رقم عباس فقلت له: سأحضره لك بعد صلاة الظهر.. وبعد الصلاة ناولت الشيخ ورقة عليها رقم الشيخ عباس .. كنت قلقا للغاية .. فالشيخ محمد لمن خالطه رجل حازم .. ولا أسهل عليه من أن يقول لي ارجع من حيث أتيت!! وكون الشيخ يطلب رقم عباس ليتصل عليه من طرفه إن ذلك الفعل هو نبيل وتواضع من شيخنا جزاه الله خيرا.. ورحمه وأسكنه جنات النعيم.. بعد صلاة العصر وانتهاء درس العامة ..أشار لي الشيخ وكنت أمامه بجوار المؤذن أن الحق بي!! لحقته ومشيت بجواره ولكنه لم يكلمني في شيء..!! انتظر الشيخ حتى انتهى الناس وقضى حوائجهم وبقيت أنا وهو بمفردنا نسير حتى اقتربنا من البيت وكنت منتظرا دون أن استبق منه شيء!! ولكن يعلم الله سبحانه وتعالى أنني قد خفت وظننت الظنون فربما أن أخي سعود أخبر عباس بمشكلتي .. وبدوره أطلع عباس الشيخ على الحاصل !! قال الشيخ: خلاص!! شدهت وظننت أنه خلاص سيخرجني ولكنه استأنف كلامه... أنا كلمت عباس وهو أثنى عليك خيرا!! وسكت!! قلت في نفسي :ما معنى هذا الكلام؟؟؟ ثم أكمل شيخنا وهو يضم يديه ويشير بها للإمام ويزم شفتيه وقال : سنقبلك في السكن!! بشرط أن تجتهد في الطلب.. لو كان بيدي في تلك اللحظة أن اصرخ من الفرح لفعلت!! أي خبر سعيد هذا !! الحمد لله رب العالمين.. ثم قال الشيخ : وأنت يافلان الشمري!!! اغتنم هذه الفرصة ، خاصة أنك ما زلت في مقتبل عمرك .. وفقك الله.. انصرفت بعد أن قبلت رأسه ودعوت له.. ما أجمل أن ترى بصيص الأمل بعد اليأس .. ما أجمل الشعور بالاستقرار وخاصة في كنف ورعاية رجل بوزن الشيخ محمد عليه الرحمة والرضوان.. لم أطمع ولم أحلم بل والله الذي لا إله سواه ولم يخطر في بالي أن أحصل على أي امتيازات مادية أو معنوية من قبل الشيخ محمد .. بل كان يكفيني أن أحصل على ما حصل عليه الآلاف سواي من طلبة العلم الذين يحيطون بشيخنا من كل صوب كل يبحث عن رضاه بعد رضى الخالق سبحانه وتعالى فهو للجميع بمقام الأب الحاني .. ومن ذا لا يبحث عن رضى والده..أو والدته.. وكذلك يكفيني ويشرفني أن أتتلمذ على يديه وأحصل على علم قل منه أو كثر.. انخرطت بعون الله سبحانه في طلب العلم والتحصيل فكان هو شغلي وهمي .. اقتنيت عددا من الكتب ورتبتها على الرفوف في غرفتي الصغيرة.. تعرفت على عدد من الطلاب ولكن لم يكن اهتمامي منصبا على ذلك.. من الطلبة الذين عرفتهم وخالطتهم الأخ نافع الشمري .. وكذلك الخ خالد الشمري .. ومنهم الأخ محمد زين العابدين!! هذا الأخير هو مشرف السكن .. وقد وصل من شرورة لكي يرتب سكنا له ولزوجته التي دخل بها قبل أسابيع!! وبذلك سينتقل من السكن الحالي والذي هو سكن للعزاب فقط ليستأجر بيتا له ولعائلته.. الأخ محمد رجل عاقل وفيه حلم وأناة ولذلك كان اختياره للإشراف على السكن هو اختيار موفق.. كان الأخ محمد هو ملاذ الطلاب عند المحن بعد الله فهو الوسيط بينهم وبين الشيخ .. ولقد كانت مهابة الشيخ محمد رغم تواضعه تمنع كثيرا منهم عن مخاطبته مباشرة.. ولكن يكفي أن يوصل الأخ محمد شكاويهم وطلباتهم ليبت فيه الشيخ .. طلبت عن طريق الأخ محمد أن يوفروا لي كتبا ومراجع فوضعت قائمة كبيرة بالكتب.. سلمتها لمحمد .. فظهرت على وجهه ابتسامة صفراء ماكرة !! وهز رأسه وقال: هل تظن الشيخ يوافق لك على هذه الكتب؟؟ قلت له قدمها له وسنرى.. وفعلا قدم محمد القائمة للشيخ بعد ظهر إحدى الأيام فوضعها الشيخ في جيبه.. بعد يوم أو في ذلك اليوم بعد العصر ناداني محمد وقال : انظر في ورقتك!! فوقعت عيني على شخاميط بالقلم الأحمر وضعت على كل الكتب تقريبا وأضيف عليه للتأكيد علامة X ووافق على كتابين أو ثلاثة وأرفق معها قيمة الكتب نقدا معلقة بالفاتورة!! أخذتها وحمدت الله تعالى واشتريت الكتابين فأضفتها لمكتبتي الصغيرة.. وعلى كل فقد وفر في السكن مكتبة علمية لا بأس بها وتحوي مراجع كثيرة للباحثين ومحبي القراءة .. ومع ذلك فالمكتبة شبه خالية .. والسبب في ذلك أن أغلب الطلاب قد يسر الله لهم مكاتب على حسب تخصصاتهم ومشاربهم في غرفهم.. فترى الطالب المهتم بعلم الحديث والتخريج أكثر كتبه ومراجعه من ذلك.. وينطبق الحال كذلك على طالب الفقه والتفسير وغيرها .. أما أنا فقد كانت مكتبتي صغيرة ولكنها نمت وترعرعت حتى خرجت من سكن الطلاب.. وإنه ليعجز عن حملها الرجال الأشداء أولي القوة لكثرتها وتنوعها والحمد لله..!!
الحلقة السادسة عشر في اليوم التالي حصل تقريبا ما حصل بالأمس غير أن المفاجأ ة كانت وعلى غير...
الحلقة السابعة عشر



كنت وبحمد الله مجدا في الطلب وقد انشغلت بالي وتفكيري تماما عن أي شيء آخر سوى العلم وطلبه

قد يلومني أحد على عدم اهتمامي بوالدي وأهلي ذلك الحين، وأنا والله أوافقهم هذا اللوم وأستحقه

ولكن ما الحيلة وما المخرج؟؟

لم أكن ذا رأي وهدى إلا أن الله تعالى برحمته لم يترك الأمور هكذا تسير بل بتدبير عجيب منه سبحانه حصلت وقائع هي أصل روايتنا هذه وهي ذروة سنامها ، وسأحكيها في وقتها كما هي ولا بد من التمهيد لها ولو طال ذلك!!

حتى تتضح الصورة وتنكشف الأوراق دون النيل من أحد بعينه فليس هذا مقصدي والله فلموتي ودفني مع سري عاجلا أو آجلا أهون على نفسي من كشف ذلك أو البوح به فالله سبحانه يعلم أنني أردت الفائدة لي ولمن سيقرأ هذه الرواية من أهلي وأصحابي الذين رغبوا في معرفة الحقيقة ، ولا اشك إن شاء الله أن كثيرا ممن وقع في نفوسهم شيء علي حينها حينما يطلعوا على ما سأخطه هنا أنه لو كان لديهم إنصاف( وهو عزيز ) فلا بد أن يزيل كثيرا من اللبس والخلط غير المقصود..

كذلك ينبغي العلم أنني حينما أحكي ما يفهم منه الثناء على شخصي لا اقصد والله ذلك بل إنني أروي ما حدث وما مضى عليه حوالي الخمسة عشر سنة خلت ويعلمها كثير من الطلبة ويشهدون عليها ، ولست ادعي أنني أكثر الطلبة أو اقلهم تحصيلا وعلما ولكن هذه هي الحقيقة وهذه الصورة كما وقعت ، لا يأتِّيني أحد غدا يقول لي أنت تمجد شخصك ؟؟

لا والذي بيده علم الساعة ما هذا قصدي بل غايتي من كل ذلك أن أكشف أمرا طالما رغبت في كشفه وفضيلة آن الأوان لبيانها وبالله التوفيق..

لنرجع لروايتنا ...

كما ذكرت توجهت للعلم بكل جوارحي وحصلت خيرا عظيما ، والخير هنا لا يقاس بالكثرة كما قد يتبادر لذهن البعض ، العلم أيها الإخوة والأخوات لمن ذاق طعمه حقيقة هو التأصيل المبني على منهج سديد تحت مظلة عالم راسخ العلم..

شيخنا كما سبق بيانه ربانا على الكيف لا على الكم..

إن كثيرا من علماء وطلبة العلم من زماننا بشكل مباشر أو غير مباشر قد تتلمذوا عليه.

ولو تأملت حال كثير من نجباء زماننا لرأيت من أول قوائم العلماء الذين تتلمذوا عليهم هو الشيخ ابن عثيمين رحمه الله..سواء مباشرة أم عن طريق الشريط والكتاب..

حدثني أحد طلبة العلم في الأردن أن مجموعة من طلبة العلم هناك يستمعون لأشرطة دروس الشيخ على ميكرفون الجامع فيتحلق عليه الطلبة ويغص المسجد منهم كأنهم بين يديه ويستمعون ويدونون ما يقوله الشيخ من علم وافر..!! كل ذلك من شريط!!

كان الشيخ يكلف الطلبة بالبحوث فكنت من المكثرين من ذلك بحمد الله ..

كنت أحيانا أجلس أبحث من بعد صلاة الفجر فلا ارفع رأسي عن الكتاب حتى يؤذن الظهر وأنا لا أشعر..

كان تخريج الحديث الواحد على حسب التأصيل العلمي المعروف يستغرق أحيانا ثلاثين ساعة متواصلة بدون نوم !!

كل ذلك مني قليل مقارنة بفطاحل الطلبة وجهابذته الذين حصلوا خيرا عظيما لدى شيخنا وليس هذا بمستغرب أو مستكثر على تلاميذه صغروا أم كبروا ..

ولو شئت لحدثتكم عن عجائب لا يكاد يصدقها المرء عن مواقف احتفظ فيها عنهم بارك الله فيهم ونفع بهم..

لكن حصل موقف عجيب وغريب سبب تحولا بل عمق العلاقة بيني وبين الشيخ من حيث لا أشعر !!!

طلب منا الشيخ أي من جميع طلبته، أن يقوموا ببحث حول الفوائد أو الحكم من جواز أن يباح لرسول الله صلى الله عليه وسلم أن يتزوج أكثر من أربع نساء...

وكان التكليف بذلك البحث في دروس المساء ...ولا ادري هل كان في التفسير أم في درس البخاري نسيت والله!!

رجعت تلك الليلة وكنت حينها في غرفة الأخ نافع الشمري ...

حيث أن مراجعه وكتبه كثيرة...

قرأت في بعض المراجع مباحث حول هذا الموضوع ولكنها لم ترو الغليل!!

قرأت في أبواب النكاح من كتب الفقه والحديث فبالكاد استطعت استخراج فوائد محدودة العدد....دونتها في دفتر عندي ثم خرجت للبلاكون المقابل لمنارة المسجد في الجهة الجنوبية من سكن الطلاب وأضأت النور ثم جلست أتفكر في المسألة .. وكلما طرأت لي حكمة أو فائدة سارعت بتدوينها ورصدها ثم قمت بإضافتها للمبحث..

مر علي الأخ نافع ومحمد زين العابدين وطلبا مني النوم..

قلت سأفعل و سوف أصعد لغرفتي للنوم بعد أن أنهي كتابة بحثي..

وما زلت أدون واكتب وأتفكر حتى أذن علي الصبح ولم أنم دقيقة واحدة بل لم اشعر بالرغبة في النوم أصلا.. ولقد جمعت في تلك الليلة ما مجموعه أربعون فائدة!!

حملت ذلك الدفتر ونزلت به لصلاة الفجر ..وبعد الصلاة لحقت الشيخ وسلمته ذلك البحث..ولم أذكر له مراجعي أو ما عانيته من كتابة هذا البحث.. أو أي شيء فقط سلمته ورجعت لغرفتي فاستسلمت لنوم عميق ولم احضر درس الصباح!!

لم أكن أقدر ما هي نتائج هذا العمل .. بل كل ما كنت أتوقعه أن يحصل المبحث على تقدير معنوي وتوجيه ونقد لما فيه مما سيصقل موهبة البحث عندي وهذا يكفيني فخرا..

ذهبت لصلاة الظهر كما هي العادة وبعد الصلاة رافقت الشيخ وصحبته لأستفيد أي فائدة خلال مسيره..

ولكن حدث مرة أخرى مالم يكن في الحسبان ...

طلب الشيخ من الطلاب العودة للسكن وصرف الناس ثم أمسك الشيخ بيدي..

وقال : من أين دونت هذا البحث؟؟ وماهي مراجعك؟؟

قلت له وأنا مذهول وخائف كأنني أشعر بارتكاب خطأ أو مصيبة:

قرأت بعض المباحث البسيطة حول الموضوع ولكن غالب ما دونته استنتجته واستخرجته بنفسي!!

قال : هل أنت متأكد ؟؟

قلت: أي والله هذا ما حصل..!!

لا أشك لحظة أن الشيخ ارتاب من كلامي ولم يأخذه محمل الجد..

ولكنه لم يرد أن يشعرني بشيء أو يظهر انبهاره مما كتبته رغم حداثة سني وقرب الفترة التي قضيتها لديه..

اتصل الشيخ بغير علمي على الأخ محمد زين العابدين وسأله عني؟؟

ناداني الأخ محمد وحقق معي تحقيقا غير مباشر ..!!

سألته ما القصة؟؟

قال : بحثك الذي كتبته هذا يقول الشيخ انه فوق مستواك وأنه كلام عميق ونحو هذا الكلام..!! يقول محمد : ولقد أخبرت الشيخ انك لم تنم تلك الليلة حتى صلاة الصبح ..

في درس المساء وبعد أذان العشاء وانتهاء الدرس الأول..

أخرج الشيخ ذلك الدفتر وطلب من أحد طلابه الكبار أن يقرأه عليه علنا لكي ينقح البحث.. ويحكم عليه من قبل الجميع.. ولم يخبر الشيخ الطلاب أو القارئ أنه بحثي..

وكنت جالسا بجوار ذلك القارئ ..

أذكر ذلك الموقف والقارئ هو الشيخ خالد المزيني وهو احد أقدم وأقدر الطلاب علما وتحصيلا.. وكان ذو جرأة على الشيخ في إبداء رأيه والشيخ يحترمه ويحترم رأيه...

كان خطي (وما يزال) سيئا للغاية ويصعب علي قراءته أنا فما بالك بغيري..!!

كان الأخ يقرأ ويتوقف بسبب عدم وضوح كلمات وخربشات لا يفهمها غيري..!!

فكنت اقرب نظري له وأصحح العبارات وأساعده في تهجيها !!

نظر إلي القارئ بتعجب فقال : هل أنت من كتب هذا البحث ؟ كأنه يقول اصمت فهذا لا يعنيك !!

سكت ولم أجب .. ولا أذكر هل أخبرهم الشيخ بأنني أنا كتبت ذلك المبحث في ذلك الدرس أم لاحقا!! ولكنهم في النهاية علموا!!

أخذ الشيخ في التعليق على كل فائدة ويصحح العبارات ويقومها ويحذف المكرر حتى بلغ مجموع الفروق البينة بلا تكرار ولا تناقض خمسة وعشرون فائدة..!!

لم أستطع تذكر ما حصل في ذلك الدرس ولكن الذي أعرفه أن شيخنا رحمه الله كلما أراد أن يثني علي أمام احد يقول : فلان الشمري !! كتب بحثا ممتازا ويذكره بذاته من مناقبي!!

حينما أطلع على ذلك البحث (وهو عندي) الآن لا أشك أن مستواه العلمي بالنظر الثاقبة هو متواضع في ترتيبه وأسلوبه غير أنك حينما تنظر إليه من ناحية عدد الفوائد وصحتها بصرف النظر عن الأسلوب وما فيه من خلل والحكم عليه كمنهجية دقيقة من هذه الناحية لا شك أن ذلك يعتبر وفي سني ذلك إنجازا ..

انظروا للطفل الصغير حينما ترونه يفعل شيئا مميزا كأن يلفظ عبارة جديدة لأول مرة أو يقوم بحركة لم يعتد الوالدان على رؤيتها سوف يرون ذلك منه شيئا عجيبا .. وذلك بالنظر لمستواه العقلي والسن ونحو ذلك من مقاييس ..

أما لو حدث من غيره ممن يكبره بعدة سنوات مثلا فهو غير مستغرب بتاتا والفكرة واضحة إن شاء الله..

لا يهم الآن بالنسبة لك أخي الكريم أختي الكريمة الحكم على ما فعلته هل هو إنجاز أم غير إنجاز المهم لكم الآن هو معرفة ما حصل بعد ذلك من طوام ودواهي سأحكيها في الحلقات القادمة بإذن الله تعالى يتبع إن شاء الله..





المدينة داري
المدينة داري
الحلقة السابعة عشر كنت وبحمد الله مجدا في الطلب وقد انشغلت بالي وتفكيري تماما عن أي شيء آخر سوى العلم وطلبه قد يلومني أحد على عدم اهتمامي بوالدي وأهلي ذلك الحين، وأنا والله أوافقهم هذا اللوم وأستحقه ولكن ما الحيلة وما المخرج؟؟ لم أكن ذا رأي وهدى إلا أن الله تعالى برحمته لم يترك الأمور هكذا تسير بل بتدبير عجيب منه سبحانه حصلت وقائع هي أصل روايتنا هذه وهي ذروة سنامها ، وسأحكيها في وقتها كما هي ولا بد من التمهيد لها ولو طال ذلك!! حتى تتضح الصورة وتنكشف الأوراق دون النيل من أحد بعينه فليس هذا مقصدي والله فلموتي ودفني مع سري عاجلا أو آجلا أهون على نفسي من كشف ذلك أو البوح به فالله سبحانه يعلم أنني أردت الفائدة لي ولمن سيقرأ هذه الرواية من أهلي وأصحابي الذين رغبوا في معرفة الحقيقة ، ولا اشك إن شاء الله أن كثيرا ممن وقع في نفوسهم شيء علي حينها حينما يطلعوا على ما سأخطه هنا أنه لو كان لديهم إنصاف( وهو عزيز ) فلا بد أن يزيل كثيرا من اللبس والخلط غير المقصود.. كذلك ينبغي العلم أنني حينما أحكي ما يفهم منه الثناء على شخصي لا اقصد والله ذلك بل إنني أروي ما حدث وما مضى عليه حوالي الخمسة عشر سنة خلت ويعلمها كثير من الطلبة ويشهدون عليها ، ولست ادعي أنني أكثر الطلبة أو اقلهم تحصيلا وعلما ولكن هذه هي الحقيقة وهذه الصورة كما وقعت ، لا يأتِّيني أحد غدا يقول لي أنت تمجد شخصك ؟؟ لا والذي بيده علم الساعة ما هذا قصدي بل غايتي من كل ذلك أن أكشف أمرا طالما رغبت في كشفه وفضيلة آن الأوان لبيانها وبالله التوفيق.. لنرجع لروايتنا ... كما ذكرت توجهت للعلم بكل جوارحي وحصلت خيرا عظيما ، والخير هنا لا يقاس بالكثرة كما قد يتبادر لذهن البعض ، العلم أيها الإخوة والأخوات لمن ذاق طعمه حقيقة هو التأصيل المبني على منهج سديد تحت مظلة عالم راسخ العلم.. شيخنا كما سبق بيانه ربانا على الكيف لا على الكم.. إن كثيرا من علماء وطلبة العلم من زماننا بشكل مباشر أو غير مباشر قد تتلمذوا عليه. ولو تأملت حال كثير من نجباء زماننا لرأيت من أول قوائم العلماء الذين تتلمذوا عليهم هو الشيخ ابن عثيمين رحمه الله..سواء مباشرة أم عن طريق الشريط والكتاب.. حدثني أحد طلبة العلم في الأردن أن مجموعة من طلبة العلم هناك يستمعون لأشرطة دروس الشيخ على ميكرفون الجامع فيتحلق عليه الطلبة ويغص المسجد منهم كأنهم بين يديه ويستمعون ويدونون ما يقوله الشيخ من علم وافر..!! كل ذلك من شريط!! كان الشيخ يكلف الطلبة بالبحوث فكنت من المكثرين من ذلك بحمد الله .. كنت أحيانا أجلس أبحث من بعد صلاة الفجر فلا ارفع رأسي عن الكتاب حتى يؤذن الظهر وأنا لا أشعر.. كان تخريج الحديث الواحد على حسب التأصيل العلمي المعروف يستغرق أحيانا ثلاثين ساعة متواصلة بدون نوم !! كل ذلك مني قليل مقارنة بفطاحل الطلبة وجهابذته الذين حصلوا خيرا عظيما لدى شيخنا وليس هذا بمستغرب أو مستكثر على تلاميذه صغروا أم كبروا .. ولو شئت لحدثتكم عن عجائب لا يكاد يصدقها المرء عن مواقف احتفظ فيها عنهم بارك الله فيهم ونفع بهم.. لكن حصل موقف عجيب وغريب سبب تحولا بل عمق العلاقة بيني وبين الشيخ من حيث لا أشعر !!! طلب منا الشيخ أي من جميع طلبته، أن يقوموا ببحث حول الفوائد أو الحكم من جواز أن يباح لرسول الله صلى الله عليه وسلم أن يتزوج أكثر من أربع نساء... وكان التكليف بذلك البحث في دروس المساء ...ولا ادري هل كان في التفسير أم في درس البخاري نسيت والله!! رجعت تلك الليلة وكنت حينها في غرفة الأخ نافع الشمري ... حيث أن مراجعه وكتبه كثيرة... قرأت في بعض المراجع مباحث حول هذا الموضوع ولكنها لم ترو الغليل!! قرأت في أبواب النكاح من كتب الفقه والحديث فبالكاد استطعت استخراج فوائد محدودة العدد....دونتها في دفتر عندي ثم خرجت للبلاكون المقابل لمنارة المسجد في الجهة الجنوبية من سكن الطلاب وأضأت النور ثم جلست أتفكر في المسألة .. وكلما طرأت لي حكمة أو فائدة سارعت بتدوينها ورصدها ثم قمت بإضافتها للمبحث.. مر علي الأخ نافع ومحمد زين العابدين وطلبا مني النوم.. قلت سأفعل و سوف أصعد لغرفتي للنوم بعد أن أنهي كتابة بحثي.. وما زلت أدون واكتب وأتفكر حتى أذن علي الصبح ولم أنم دقيقة واحدة بل لم اشعر بالرغبة في النوم أصلا.. ولقد جمعت في تلك الليلة ما مجموعه أربعون فائدة!! حملت ذلك الدفتر ونزلت به لصلاة الفجر ..وبعد الصلاة لحقت الشيخ وسلمته ذلك البحث..ولم أذكر له مراجعي أو ما عانيته من كتابة هذا البحث.. أو أي شيء فقط سلمته ورجعت لغرفتي فاستسلمت لنوم عميق ولم احضر درس الصباح!! لم أكن أقدر ما هي نتائج هذا العمل .. بل كل ما كنت أتوقعه أن يحصل المبحث على تقدير معنوي وتوجيه ونقد لما فيه مما سيصقل موهبة البحث عندي وهذا يكفيني فخرا.. ذهبت لصلاة الظهر كما هي العادة وبعد الصلاة رافقت الشيخ وصحبته لأستفيد أي فائدة خلال مسيره.. ولكن حدث مرة أخرى مالم يكن في الحسبان ... طلب الشيخ من الطلاب العودة للسكن وصرف الناس ثم أمسك الشيخ بيدي.. وقال : من أين دونت هذا البحث؟؟ وماهي مراجعك؟؟ قلت له وأنا مذهول وخائف كأنني أشعر بارتكاب خطأ أو مصيبة: قرأت بعض المباحث البسيطة حول الموضوع ولكن غالب ما دونته استنتجته واستخرجته بنفسي!! قال : هل أنت متأكد ؟؟ قلت: أي والله هذا ما حصل..!! لا أشك لحظة أن الشيخ ارتاب من كلامي ولم يأخذه محمل الجد.. ولكنه لم يرد أن يشعرني بشيء أو يظهر انبهاره مما كتبته رغم حداثة سني وقرب الفترة التي قضيتها لديه.. اتصل الشيخ بغير علمي على الأخ محمد زين العابدين وسأله عني؟؟ ناداني الأخ محمد وحقق معي تحقيقا غير مباشر ..!! سألته ما القصة؟؟ قال : بحثك الذي كتبته هذا يقول الشيخ انه فوق مستواك وأنه كلام عميق ونحو هذا الكلام..!! يقول محمد : ولقد أخبرت الشيخ انك لم تنم تلك الليلة حتى صلاة الصبح .. في درس المساء وبعد أذان العشاء وانتهاء الدرس الأول.. أخرج الشيخ ذلك الدفتر وطلب من أحد طلابه الكبار أن يقرأه عليه علنا لكي ينقح البحث.. ويحكم عليه من قبل الجميع.. ولم يخبر الشيخ الطلاب أو القارئ أنه بحثي.. وكنت جالسا بجوار ذلك القارئ .. أذكر ذلك الموقف والقارئ هو الشيخ خالد المزيني وهو احد أقدم وأقدر الطلاب علما وتحصيلا.. وكان ذو جرأة على الشيخ في إبداء رأيه والشيخ يحترمه ويحترم رأيه... كان خطي (وما يزال) سيئا للغاية ويصعب علي قراءته أنا فما بالك بغيري..!! كان الأخ يقرأ ويتوقف بسبب عدم وضوح كلمات وخربشات لا يفهمها غيري..!! فكنت اقرب نظري له وأصحح العبارات وأساعده في تهجيها !! نظر إلي القارئ بتعجب فقال : هل أنت من كتب هذا البحث ؟ كأنه يقول اصمت فهذا لا يعنيك !! سكت ولم أجب .. ولا أذكر هل أخبرهم الشيخ بأنني أنا كتبت ذلك المبحث في ذلك الدرس أم لاحقا!! ولكنهم في النهاية علموا!! أخذ الشيخ في التعليق على كل فائدة ويصحح العبارات ويقومها ويحذف المكرر حتى بلغ مجموع الفروق البينة بلا تكرار ولا تناقض خمسة وعشرون فائدة..!! لم أستطع تذكر ما حصل في ذلك الدرس ولكن الذي أعرفه أن شيخنا رحمه الله كلما أراد أن يثني علي أمام احد يقول : فلان الشمري !! كتب بحثا ممتازا ويذكره بذاته من مناقبي!! حينما أطلع على ذلك البحث (وهو عندي) الآن لا أشك أن مستواه العلمي بالنظر الثاقبة هو متواضع في ترتيبه وأسلوبه غير أنك حينما تنظر إليه من ناحية عدد الفوائد وصحتها بصرف النظر عن الأسلوب وما فيه من خلل والحكم عليه كمنهجية دقيقة من هذه الناحية لا شك أن ذلك يعتبر وفي سني ذلك إنجازا .. انظروا للطفل الصغير حينما ترونه يفعل شيئا مميزا كأن يلفظ عبارة جديدة لأول مرة أو يقوم بحركة لم يعتد الوالدان على رؤيتها سوف يرون ذلك منه شيئا عجيبا .. وذلك بالنظر لمستواه العقلي والسن ونحو ذلك من مقاييس .. أما لو حدث من غيره ممن يكبره بعدة سنوات مثلا فهو غير مستغرب بتاتا والفكرة واضحة إن شاء الله.. لا يهم الآن بالنسبة لك أخي الكريم أختي الكريمة الحكم على ما فعلته هل هو إنجاز أم غير إنجاز المهم لكم الآن هو معرفة ما حصل بعد ذلك من طوام ودواهي سأحكيها في الحلقات القادمة بإذن الله تعالى يتبع إن شاء الله..
الحلقة السابعة عشر كنت وبحمد الله مجدا في الطلب وقد انشغلت بالي وتفكيري تماما عن أي شيء آخر...
سبحان الله .. أما من أحدٍ هنا .. حقيقةً أكره إستجداء الردود ..
لكن من حقي أيضاً التأكد أن هناك من يتابعني ولو القليل ..
عموماً .. سأحاول إكمال قصتي ولو لم يكن هناك من يتابعها..
أو حتى يطلع عليها .. وذلك وفاءً بعهدي .. وليعينني الله ..
المدينة داري
المدينة داري
سبحان الله .. أما من أحدٍ هنا .. حقيقةً أكره إستجداء الردود .. لكن من حقي أيضاً التأكد أن هناك من يتابعني ولو القليل .. عموماً .. سأحاول إكمال قصتي ولو لم يكن هناك من يتابعها.. أو حتى يطلع عليها .. وذلك وفاءً بعهدي .. وليعينني الله ..
سبحان الله .. أما من أحدٍ هنا .. حقيقةً أكره إستجداء الردود .. لكن من حقي أيضاً التأكد أن هناك من...
الحلقة الثامنة عشر



من خلال جلوسي الدائم أمام الشيخ وبجوار قدماء الطلبة

لا بد أن يؤدي ذلك برغبة أو بغير رغبة إلى نشوء علاقة ما!!

لن أتوسع في هذا الأمر وهو غير مهم أبدا لكم غير أن هناك حالة لا بد من ذكرها..

في حلقة مضت ذكرت ذلك الشاب الذي خرج من غرفة مجاورة لموقع الدرس..

كان ذلك الشاب من كبار طلبة الشيخ وأفقههم بل ومن أقرب الناس لشيخنا..

لا ينافسه على ذلك أحد ، ولم يكن يخفى علي ولا على سواي ذلك ..

بل أن للقرابة العائلية بينه وبين الشيخ زادت الأمر رسوخا وبيانا..

تعرفت على الرجل وكانت علاقتنا لا بأس بها ..

كنت أتصافح معه قبل الدروس ويزداد التعارف بيننا يوما فيوما!!

ذكرت في الحلقة الماضية أن الشيخ أعجب ببحثي الذي كتبته..

ورأى أن ذلك علامة نبوغ مني على صغر سني ولكنه حتى ذلك الحين لم يبد الشيخ

نحوي شيئا..

وذات مرة تغيبت في سفرة لمدينة حائل لزيارة الأخ سعود وغبت ثلاثة أيام..

لم يفتقدني أحد كما كنت أظن ولم أكن أعلم قوانين السكن حينها وضرورة أخذ الأذن

من المشرف...

ولقد اشتقت لرؤية سعود بعد أن انقطعت عنه حوالي الشهر وزيادة فرغبت بلقائه..

زرته في حائل ومنها نزلت للرياض بالطائرة ثم للشرقية ثم عدت منها للقصيم..

كانت رحلة استجمام وترويح بعد عناء وانشغال بالطلب ..

حينما عدت لعنيزة كانت الأمور على مايرام فيما أظن !!

أذكر أنني بعد صلاة عشاء ذلك اليوم وقد وصلت للجامع قبل الصلاة بقليل..

رافقت الحشد الذي يسير مع الشيخ لبيته ..

ولم يكن ذلك الحشد كبيرا ..

بعد انتهاء الناس تقدمت للشيخ فقبلت رأسه ..

قال لي: أين كنت ؟؟ لا حظت أنك تغيبت عن الدروس عدة أيام!!

لقد كانت لفتة أبوية وحانية افتقدها والله في تلك الأيام..

ما أجمل أن يشعرك أحد بالاهتمام بك والاطمئنان عليك خاصة لو كنت في ضائقة وكربه..

أما أن تأتي تلك اللفتة من شيخنا فوا لله إن ذلك لشرف لي وأي شرف ..

قلت له: لقد سافرت لحائل لزيارة أقربائي ..!!

قال لي: ووالديك ؟

شدهت وارتفع حاجباي وعجزت عن الإجابة ولكن تداركت الأمر سريعا وقلت:

طبعا والداي نعم!!

دار بيننا الحوار التالي:

أين يعمل والدك ؟

قلت له :والدي رجل أعمال!!

ثم استأنفت كلامي .. بدون حساب للعواقب ..

ولكن والدي بيني وبينه خلاف !!

قال : كيف؟

قلت : لا يحب والدي أن اطلب العلم بل يريدني أن اهتم بدراستي النظامية فقط..!!

وأخذت في فبركة كلام على الوالد مما لا يصلح الحديث عنه هنا والله يعفو عني فيما

قلت!!

قال لي : وأين يقيم والدك ؟

قلت له : في الطائف !!

قال : الم تقل انك ذهبت لرؤية والديك في حائل؟؟

سكت ولم اجبه فعرف الشيخ أن في الأمر شيئا ولكنه لم يبال حينها!!

ختم حواره بهذه الجملة : لا أسمح لك مرة أخرى بالسفر حتى تأخذ أذنا مني فأنا في مقام والدك !!

ما أجمل وقع تلك الكلمات على نفسي هي والله في نفسي ذلك اليوم ..

كماء بارد شربته بعد عطش شديد في صحراء قاحلة وساخنة..

لقد بثت تلك الكلمات في نفسي روحا جديدة وهمة لا يقاومها أي كساد أو تلف ..

رحمة الله عليه واسكنه فسيح جناته وجعل ذلك في ميزان حسناته..

رجعت لغرفتي فحكيت لبندر ما حصل بيني وبين الشيخ من حوار..

لم يصدق بندر أن يكون هذا التصرف من الشيخ بهذا الشكل !!

فمن أنت حتى تحصل على هذه الميزة وهذا الاهتمام؟؟

.. ولكن والله هذا ما حصل..

أخذت قلمي وفتحت دفتري وأردت أن اعبر عن سعادتي بخاطرة أو شعر أو أي شيء!!

كتبت رسالة للشيخ .. قلت له فيها ..

أشكرك من أعماق قلبي فوا لله لقد كانت عبارتك تلك كالماء الذي يروي نبتة أوشكت على الذبول والفناء..

كانت عباراتها ركيكة ومعانيها عميقة سطرتها بعبارات امتزجت بالشقاء والعذاب والخوف والضياع واليأس ..وسلمتها للشيخ بعد صلاة الفجر ..

لقد وقعت تلك الكلمات في نفس شيخنا موقعا عظيما فدعاني بعد درس المساء للسير معه..

قال لي : لقد تأثرت بكلامك وأرجو منك أن تثق في وتجعلني في مقام أبيك ..

وأريد منك أن تستمر في الطلب والتحصيل وأرجو من الله تعالى أن ينفع بك الإسلام والمسلمين...

أكدت له مرة أخرى عن مشاكلي مع والدي وأنه لا يريدني أن اطلب العلم ..

كنت أريد أن افتح موضوعي كله مع الشيخ وليتني فعلت!!

ولكنني جبنت واستحييت أن احكي للشيخ كل شيء.. خوفا من عواقب كلامي!!

لقد كانت فرصة سانحة ولكن الله تعالى كان يريد لي شيئا آخر ..!!

ذات ليلة دعا مشرف السكن الأخ محمد زين العابدين الطلاب للاجتماع مع الشيخ بعد صلاة العشاء في سطوح السكن ...

أجتمع طلاب السكن وجاء الشيخ وجلس على مقعد قديم لا يكاد يستوي عليه لتهالكه!!

استمع الشيخ لمشاكل الطلاب وما يعانونه من صعوبات مادية نحو غلاء الكتب..

وأشرطة التسجيل ، وتحدثوا مع الشيخ حول ترميم السكن ورفع قيمة المكافآت وتوسيع المكتبة وزيادة المراجع ونحو ذلك غير انه حصل في تلك الجلسة موقف أحرجني للغاية!!

كتبت سؤالا للشيخ باسمي وبلقبي المزيف !!

قال الشيخ: أنت مرة تقول انك كذا ومرة تقول إنك شمري وش الصحيح؟؟

وقعت في حرج شديد ولم استطع التعليق ولكن شيخنا تجاوز ذلك وغير الموضوع!!

كيف عرف الشيخ بلقبي الحقيقي؟؟

من نظام السكن لا بد أن يكون لك ملف لدى المشرف ومن متطلبات فتح الملف ..

إحضار صورة الهوية !!

وضعت صورة الهوية في ملفي وسلمتها مع السيرة الذاتية للمشرف..

نظر في وجهي المشرف وقال لي: مكتوب هنا أنت من القبيلة الفلانية؟؟

وأنت شمري ؟؟

كنت قد زورت في نفسي كلاما لأبرر هذا الحال فقلته فقبله في الظاهر غير انه نقله

للشيخ بالتأكيد!!

لقد كنت بليدا فلو أنني قلت الحقيقة وشرحتها لكان خيرا من الخزي الذي كنت فيه..

ولنجوت من الفضيحة التي سأقدم عليها!!

كان الشيخ في ذلك اللقاء يرسخ في أذهان طلبته انه فعلا والد للجميع ..

فكل الطلبة بلا استثناء هم فقراء ومعوزون وفيهم السعودي وغير السعودي..

ولكنهم في نظر شيخنا سواء جزاه الله عنا خير الجزاء..

في ذلك اللقاء سأل أحد الطلبة الشيخ عن حضور دروس الشيخ سلمان العودة في بريدة!!

قال الشيخ : سلمان هو احد العلماء لكنني أنصحكم بالتقيد بحضور دروس عالم واحد

فإذا شعرتم أنكم اكتفيتم مما لديه فلا بأس بالانتقال لعالم آخر ..

رجعت برفقة الشيخ لبيته وحينما اقتربنا من البيت بقيت معه أنا والأخ محمد زين العابدين ..

أطال الأخ محمد الحديث مع الشيخ حتى تعب !!

ثم ابتعد قليلا واقتربت أنا من الشيخ فجلس على درج ملحق بيته وبقيت واقفا!!

فأردت أن أجلس مقابله على الأرض لأكمل أسئلتي .. فقال لي الشيخ..

أجلس بجواري ؟؟

جلست بجواره فأكملت أسئلتي ثم انصرفت ...




المدينة داري
المدينة داري
الحلقة الثامنة عشر من خلال جلوسي الدائم أمام الشيخ وبجوار قدماء الطلبة لا بد أن يؤدي ذلك برغبة أو بغير رغبة إلى نشوء علاقة ما!! لن أتوسع في هذا الأمر وهو غير مهم أبدا لكم غير أن هناك حالة لا بد من ذكرها.. في حلقة مضت ذكرت ذلك الشاب الذي خرج من غرفة مجاورة لموقع الدرس.. كان ذلك الشاب من كبار طلبة الشيخ وأفقههم بل ومن أقرب الناس لشيخنا.. لا ينافسه على ذلك أحد ، ولم يكن يخفى علي ولا على سواي ذلك .. بل أن للقرابة العائلية بينه وبين الشيخ زادت الأمر رسوخا وبيانا.. تعرفت على الرجل وكانت علاقتنا لا بأس بها .. كنت أتصافح معه قبل الدروس ويزداد التعارف بيننا يوما فيوما!! ذكرت في الحلقة الماضية أن الشيخ أعجب ببحثي الذي كتبته.. ورأى أن ذلك علامة نبوغ مني على صغر سني ولكنه حتى ذلك الحين لم يبد الشيخ نحوي شيئا.. وذات مرة تغيبت في سفرة لمدينة حائل لزيارة الأخ سعود وغبت ثلاثة أيام.. لم يفتقدني أحد كما كنت أظن ولم أكن أعلم قوانين السكن حينها وضرورة أخذ الأذن من المشرف... ولقد اشتقت لرؤية سعود بعد أن انقطعت عنه حوالي الشهر وزيادة فرغبت بلقائه.. زرته في حائل ومنها نزلت للرياض بالطائرة ثم للشرقية ثم عدت منها للقصيم.. كانت رحلة استجمام وترويح بعد عناء وانشغال بالطلب .. حينما عدت لعنيزة كانت الأمور على مايرام فيما أظن !! أذكر أنني بعد صلاة عشاء ذلك اليوم وقد وصلت للجامع قبل الصلاة بقليل.. رافقت الحشد الذي يسير مع الشيخ لبيته .. ولم يكن ذلك الحشد كبيرا .. بعد انتهاء الناس تقدمت للشيخ فقبلت رأسه .. قال لي: أين كنت ؟؟ لا حظت أنك تغيبت عن الدروس عدة أيام!! لقد كانت لفتة أبوية وحانية افتقدها والله في تلك الأيام.. ما أجمل أن يشعرك أحد بالاهتمام بك والاطمئنان عليك خاصة لو كنت في ضائقة وكربه.. أما أن تأتي تلك اللفتة من شيخنا فوا لله إن ذلك لشرف لي وأي شرف .. قلت له: لقد سافرت لحائل لزيارة أقربائي ..!! قال لي: ووالديك ؟ شدهت وارتفع حاجباي وعجزت عن الإجابة ولكن تداركت الأمر سريعا وقلت: طبعا والداي نعم!! دار بيننا الحوار التالي: أين يعمل والدك ؟ قلت له :والدي رجل أعمال!! ثم استأنفت كلامي .. بدون حساب للعواقب .. ولكن والدي بيني وبينه خلاف !! قال : كيف؟ قلت : لا يحب والدي أن اطلب العلم بل يريدني أن اهتم بدراستي النظامية فقط..!! وأخذت في فبركة كلام على الوالد مما لا يصلح الحديث عنه هنا والله يعفو عني فيما قلت!! قال لي : وأين يقيم والدك ؟ قلت له : في الطائف !! قال : الم تقل انك ذهبت لرؤية والديك في حائل؟؟ سكت ولم اجبه فعرف الشيخ أن في الأمر شيئا ولكنه لم يبال حينها!! ختم حواره بهذه الجملة : لا أسمح لك مرة أخرى بالسفر حتى تأخذ أذنا مني فأنا في مقام والدك !! ما أجمل وقع تلك الكلمات على نفسي هي والله في نفسي ذلك اليوم .. كماء بارد شربته بعد عطش شديد في صحراء قاحلة وساخنة.. لقد بثت تلك الكلمات في نفسي روحا جديدة وهمة لا يقاومها أي كساد أو تلف .. رحمة الله عليه واسكنه فسيح جناته وجعل ذلك في ميزان حسناته.. رجعت لغرفتي فحكيت لبندر ما حصل بيني وبين الشيخ من حوار.. لم يصدق بندر أن يكون هذا التصرف من الشيخ بهذا الشكل !! فمن أنت حتى تحصل على هذه الميزة وهذا الاهتمام؟؟ .. ولكن والله هذا ما حصل.. أخذت قلمي وفتحت دفتري وأردت أن اعبر عن سعادتي بخاطرة أو شعر أو أي شيء!! كتبت رسالة للشيخ .. قلت له فيها .. أشكرك من أعماق قلبي فوا لله لقد كانت عبارتك تلك كالماء الذي يروي نبتة أوشكت على الذبول والفناء.. كانت عباراتها ركيكة ومعانيها عميقة سطرتها بعبارات امتزجت بالشقاء والعذاب والخوف والضياع واليأس ..وسلمتها للشيخ بعد صلاة الفجر .. لقد وقعت تلك الكلمات في نفس شيخنا موقعا عظيما فدعاني بعد درس المساء للسير معه.. قال لي : لقد تأثرت بكلامك وأرجو منك أن تثق في وتجعلني في مقام أبيك .. وأريد منك أن تستمر في الطلب والتحصيل وأرجو من الله تعالى أن ينفع بك الإسلام والمسلمين... أكدت له مرة أخرى عن مشاكلي مع والدي وأنه لا يريدني أن اطلب العلم .. كنت أريد أن افتح موضوعي كله مع الشيخ وليتني فعلت!! ولكنني جبنت واستحييت أن احكي للشيخ كل شيء.. خوفا من عواقب كلامي!! لقد كانت فرصة سانحة ولكن الله تعالى كان يريد لي شيئا آخر ..!! ذات ليلة دعا مشرف السكن الأخ محمد زين العابدين الطلاب للاجتماع مع الشيخ بعد صلاة العشاء في سطوح السكن ... أجتمع طلاب السكن وجاء الشيخ وجلس على مقعد قديم لا يكاد يستوي عليه لتهالكه!! استمع الشيخ لمشاكل الطلاب وما يعانونه من صعوبات مادية نحو غلاء الكتب.. وأشرطة التسجيل ، وتحدثوا مع الشيخ حول ترميم السكن ورفع قيمة المكافآت وتوسيع المكتبة وزيادة المراجع ونحو ذلك غير انه حصل في تلك الجلسة موقف أحرجني للغاية!! كتبت سؤالا للشيخ باسمي وبلقبي المزيف !! قال الشيخ: أنت مرة تقول انك كذا ومرة تقول إنك شمري وش الصحيح؟؟ وقعت في حرج شديد ولم استطع التعليق ولكن شيخنا تجاوز ذلك وغير الموضوع!! كيف عرف الشيخ بلقبي الحقيقي؟؟ من نظام السكن لا بد أن يكون لك ملف لدى المشرف ومن متطلبات فتح الملف .. إحضار صورة الهوية !! وضعت صورة الهوية في ملفي وسلمتها مع السيرة الذاتية للمشرف.. نظر في وجهي المشرف وقال لي: مكتوب هنا أنت من القبيلة الفلانية؟؟ وأنت شمري ؟؟ كنت قد زورت في نفسي كلاما لأبرر هذا الحال فقلته فقبله في الظاهر غير انه نقله للشيخ بالتأكيد!! لقد كنت بليدا فلو أنني قلت الحقيقة وشرحتها لكان خيرا من الخزي الذي كنت فيه.. ولنجوت من الفضيحة التي سأقدم عليها!! كان الشيخ في ذلك اللقاء يرسخ في أذهان طلبته انه فعلا والد للجميع .. فكل الطلبة بلا استثناء هم فقراء ومعوزون وفيهم السعودي وغير السعودي.. ولكنهم في نظر شيخنا سواء جزاه الله عنا خير الجزاء.. في ذلك اللقاء سأل أحد الطلبة الشيخ عن حضور دروس الشيخ سلمان العودة في بريدة!! قال الشيخ : سلمان هو احد العلماء لكنني أنصحكم بالتقيد بحضور دروس عالم واحد فإذا شعرتم أنكم اكتفيتم مما لديه فلا بأس بالانتقال لعالم آخر .. رجعت برفقة الشيخ لبيته وحينما اقتربنا من البيت بقيت معه أنا والأخ محمد زين العابدين .. أطال الأخ محمد الحديث مع الشيخ حتى تعب !! ثم ابتعد قليلا واقتربت أنا من الشيخ فجلس على درج ملحق بيته وبقيت واقفا!! فأردت أن أجلس مقابله على الأرض لأكمل أسئلتي .. فقال لي الشيخ.. أجلس بجواري ؟؟ جلست بجواره فأكملت أسئلتي ثم انصرفت ...
الحلقة الثامنة عشر من خلال جلوسي الدائم أمام الشيخ وبجوار قدماء الطلبة لا بد أن يؤدي ذلك...
الحلقة التاسعة عشر



أنا أكتب هذه الروايات والقصص في الحضر والسفر..

فمرة تجدني مع حاسوبي المحمول جالسا على طاولة طعام وأمامي كوب الشاي البارد!!

والناس حولي ينظرون ولعل أحدهم يقول : إيه ...!!!

هذا لا بد أنه يعد خطة لعملية إرهابية؟؟؟

أو تجدني على مكتبي حولي معاملات ومستندات تحتاج لتدقيق ومراجعة فأترك كل

ذلك.. وانكب على جهازي أسطر لكم المفيد والغث!!!

أو تجدني في ساعة سحر والناس حولي يشخرون وأنا منهمك في إضافة عبارة أو مراجعة

قاموس أو سرقة نص!!

مالذي يكتبه مطوع في هذا الزمان ؟؟

تساؤلات هل هي مشروعة؟؟

هذه للأسف صورة سيئة كادت أن ترسخ في رؤوس الجهال من العوام على كل من سيماه

الخير والاستقامة... قاتل الله الإعلام الفاسد والسياسة الملعونة!!!

دعونا نرجع لروايتنا ..

لقد كان لاحتكاكي بل ومحاولة الاستفادة القصوى من علم الشيخ سبب ذلك شيئا من

المودة والقرب منه!!

العالم إخوتي الكرام يحب المجد ومن يحسن الإصغاء والاستماع إليه ..



لم أكن أسعى لذلك أو أريده فلذلك ضريبة ليست بالهينة .. !! لمن يفهم ما أعنيه!!

ولكن العلاقة زادت وتطورت من مجرد طالب مجتهد إلى طالب مميز ومحبوب نوعا

ما!!

ويعلم الله سبحانه وتعالى أنني كنت ساذجا بحيث أنني لم اشعر بذلك ولم أميز ..

أول موقف أذكر ه في مخيلتي الآن أنني في ذات ليلة وبعد درس المساء ..

كنت برفقة الشيخ كالعادة حتى وصل البيت .. وكان الأخ محمد زين العابدين

مشرف السكن يتعمد أن يلحق الشيخ بسيارته حتى المنزل ليعرض عليه ما لديه

ما استجد من نواقص أو معاملات أو طلب مال للسكن أو نحو ذلك ..

كان من عادة الشيخ أن يرجع الطلاب حينما يصل لبيته أو قريبا منه ..

أما أنا فبقيت أتناقش معه في بعض المسائل العلمية حتى وصل لباب البيت..

فتح الشيخ باب منزله وكان مظلما من الخارج ولا تسمع فيه حركة أو لجة ..

قال الشيخ لمحمد وكان قريبا مني : تعش معي أنت وفلان( يقصدني أنا)..!!

العائلة ليست موجودة وأنا لوحدي في البيت!!

تبادلت أنا ومحمد النظرات استغرابا من هذا العرض المغري!!

قبلت أنا ومحمد تلك الدعوة بكل سرور وبلا تردد!!

قال لنا : انتظرا حتى افتح لكم باب الملحق..

وهو عبارة عن غرفة مستقلة بطرف المنزل في شماله الغربي..

فتح الشيخ باب الملحق فدلفنا للبيت ..

نزع الشيخ عباءته وعلقها على يده ثم قال : سأتسنن وأحضر لكما العشاء !!

ثم خرج من الباب الفاصل بين الملحق والبيت والذي يدخل مباشرة للفناء ..

في ذلك الملحق كعادة البيوت في نجد ، حيث يمزج بين الطراز القديم و ثوب

الحداثة..!!

تحتوي الغرفة في صدرها على مشب للنار خلفه مخزن مكشوف للحطب ..

وعلى يساره بنيت رفوف رصت عليها دلال القهوة العربية وأباريق الشاي..

وتحته توجد مغسلة لغسل الفناجيل وإعداد القهوة والشاي للضيوف..

الغرفة مفروشة بفرش جميل لونه ازرق ..

سألت الأخ محمد .. لقد كنت أظن قبل حضوري لعنيزة أن الشيخ يقيم في بيت طيني؟؟

قال : لقد انتقل الشيخ لهذا المنزل عام 1409 ولم يكن راغبا ترك بيته الطيني!!

ولكن أبناءه أصروا عليه أن يبني بيتا حديثا ففعل..

قلت : وأين يقع ذلك البيت .. ؟؟

قال :سأريك إياه بعد أن ننتهي من العشاء ..

بعد قليل .. فتح الباب الفاصل .. فبرزت صينية كبيرة قد أحاط الشيخ عليها بذراعيه

وتوشك أن تقع .. فقمت فحملتها من يده .. وقلت له : هل ترغب أن أساعدك؟

قال لي : تعال ...!!

لحقته حافيا فدخل من باب كبير فانتظرته ظنا أنه سيقدم هو الطعام فأحمله للملحق ..

فخرج علي الشيخ وقال : لا يوجد أحد تعال ادخل..

دخلت البيت وكان نور الصالة خافتا .. حتى وصلنا المطبخ على يمين الداخل .. انشغلت

بالنظر والفضول ..

فأشار الشيخ لي أن تعال واحمل الطعام!!

حملت الحافظات والصواني الصغيرة فوضعتها على سفرة الطعام..

كانت تلك أول مرة آكل فيها من طعام بيت الشيخ ..

كان الطعام خفيفا وسهل الهضم ولو شئت لذكرته!!

بعدها ساعدت الشيخ في حمل المواعين والسفرة ..

سألت الشيخ ونحن بمفردنا في المطبخ : أين تقع مكتبتكم؟

أمسك بيدي وقادني للجهة الشرقية من المنزل ومررنا بسيب ضيق

ويقع عن يمينه علاقات وضع عليها عباءات الشيخ وعن اليسار درج يقود للقبو.

أخرج الشيخ من جيبه الذي على صدره شبكا علقت عليه مفاتيح كثيرة..

ثم أدخل أحد المفاتيح في الباب المغلق الذي أمامنا ..

فدلف للغرفة وأضاء المصباح ..

أي حظ هذا وأي شرف لي أن أدخل بيت شيخنا بل وأدخل مكتبته ..

لقد مر على قدومي لعنيزة منذ ذلك التاريخ وحتى تلك الليلة حوالي الشهرين وزيادة..

سأصف مكتبة الشيخ من الداخل في الحلقة القادمة إن شاء الله ..