50 طريقة لزرع الثقة في طفلك ...
--------------------------------------------------------------------------------
إن الثقة ليس بالأمر اليسير الذي يأتي بين يوم وليلة, والشخص المهزوز يحتاج إلى جهد كبير لإرجاع الثقة إليه هذا ان أمكن, لذلك لابد ان يعمل الوالدان على زرع الثقة في نفوس أطفالهم منذ الصغر حتى تكون لهم شخصيتهم القوية والواثقة بنفسها.
فيما يلي نعرض بعض الأفكار التي تساعد الوالدين على إدخال الثقة في نفوس الأبناء:
1.امدح طفلك أمام الغير.
2. لا تجعله ينتقد نفسه.
3. قل له(لو سمحت) و(شكرا).
4. عامله كطفل واجعله يعيش طفولته.
5. ساعده في اتخاذ القرار بنفسه.
6. علمه السباحة.
7. اجعله ضيف الشرف في إحدى المناسبات.
8. اسأله عن رأيه, وخذ رأيه في أمر من الأمور.
9. اجعل له ركنا في المنزل لأعماله واكتب اسمه على إنجازاته.
10. ساعده في كسب الصداقات, فان الأطفال هذه الأيام لا يعرفون كيف يختارون أصدقائهم.
اجعله يشعر بأهميته ومكانته وأن له قدرات وهبها الله له.
12. علمه أن يصلي معك واغرس فيه مبادئ الإيمان بالله.
13. علمه مهارات إبداء الرأي والتقديم وكيف يتكلم ويعرض ما عنده للناس.
14. علمه كيف يقراء التعليمات ويتبعها.
15. علمه كيف يضع لنفسه مبادئ وواجبات ويتبعها وينفذها.
16. علمه مهارة الإسعافات الأولية.
17. أجب عن جميع أسئلته.
18. أوف بوعدك له.
19. علمه مهارة الطبخ البسيط كسلق البيض وقلي البطاطا وتسخين الخبز وغيرها.
20. عرفه بقوة البركة وأهمية الدعاء.
علمه كيف يعمل ضمن فريقه.
22. شجعه على توجيه الأسئلة.
23. أجعله يشعر أن له مكانة بين أصدقائه.
24. أفصح عن أسباب أي قرار تتخذه.
25. كن في أول يوم من أيام المدرسة معه.
26. اروى له قصصا من أيام طفولتك.
27. اجعل طفلك يلعب دور المدرس وأنت تلعب دور التلميذ.
28. علم طفلك كيف يمكن العثور عليه عندما يضيع.
29. علمه كيف يرفض ويقول (لا) للخطأ.
30. علمه كيف يمنح ويعطي.
31. أعطه مالا يكفي ليتصرف به عند الحاجة.
32. شجعه على الحفظ والاستذكار.
33. علمه كيف يدافع عن نفسه وجسده.
34. اشرح له ما يسأل عنه من شبهات وشكوك في نفسه.
35. لا تهدده على الإطلاق.
36. أعطه تحذيرات مسبقة.
37. علمه كيف يواجه الفشل.
38. علمه كيف يستثمر ماله.
39. جرب شيئا جديدا له ولك في آن معا مع معرفة النتائج مسبقا.
40. علمه كيف يصلح أغراضه ويرتبها.
41. شاطره في أحلامه وطموحاته وشجعه على ان يتمنى.
42. علمه عن الاختلاف بين الذكر والأنثى من وحي آيات القرآن الكريم.
43. علمه القيم والمبادئ السليمة والكريمة.
44. علمه كيف يتحمل مسؤولية تصرفاته.
45. امدح أعماله وإنجازاته وعلمه كتابتها.
46. علمه كيف يتعامل مع الحيوان الأليف.
47 . اعتذر له عن أي خطأ واضح يصدر منك.
48. اجعل له يوما فيه مفاجآت.
49. عوده على قراءة القرآن كل يوم.
50. أخبره انك تحبه وضمه إلى صدرك, فهذا يزرع فيه الثقه بنفسه.
اتمنى ان ينال على إعجابكم إن شاء الله

أيتها الأم الغالية كتبت بناتنا مجموعة من الأوراق مختلفة العناوين في الظاهر لكنها متحدة في المضمون، وهذا المضمون هو حرمانها من (تقدير الذات) إذ لا تجد الفتاة في بعض البيوت تقديراً لذاتها من أمها، ودليل ذلك قول الفتيات:
ليت أمي تحترم رأيي، وأخرى تقول: ليت أمي لا تجرح مشاعري وإن كانت مزحاً!
ومثلها قول إحداهنّ: أريدها أن تثق بي، وأخرى تقول: أريد أمي أن تهتم بحاجاتي النفسيّة أكثر، ومثل هذا المعنى طلبت إحداهنّ قائلة: أريدها أن تتحدث إليّ بطريقة لطيفة وهي تنصحني، وأخيرة تقول: حبذا لو أنها تزيد من اهتماماتها بنا.
هذا سرد لما طلبته البنات من أمهاتهن، ونحن حيال نفوس البنات وكأننا نقف أمام كتاب طويت صفحاته، فإذا أردنا قراءته وجدنا أنه أُعجمت كلماته وعباراته.
نوجّه التهمة إلى أنفسنا أولاً متسائلات: من نحن؟ وما الذي ينبغي أن نعمله؟ وهل طريقتنا في التعامل مع بناتنا صحيحة؟ وهل حددت كل أمٍّ فينا ما الذي تريده من ابنتها؟
أم أننا نعيش معهنّ أسرى موقف، أو اتجاه عاطفي سواء أكان سلبياً أم ايجابياً يتحكم في تصرفاتنا، ولا يشعرنا بفداحة خطأ نرتكبه في حق بناتنا.
هذه أم تسّفه رأي ابنتها، سواء بتعابير وجهها أو بكلماتها أو بردة فعلها، وابنتها تشكو من ذلك، وقد نختلف وتكون إحدانا صائبة والأخرى رأيها سليم، ولكن لماذا لا نضع الرأي المطروح من ابنتنا أمامنا لنجعله أداة للحوار، ولا نتشبث برأينا، بل نكون على استعداد لقبول الحق ولو على أنفسنا.
إن لكل قضية وجهاً يبدو من المكان المنظور إليه، فلم لا نستحسن وجهة نظر ابنتنا، ونقدم دلائل على صحة رأينا إن كان صحيحاً.
لماذا لا نطرح قضايا سهلة المضمون والنتائج ونعزم فيها على أخذ رأي البنات، وخاصّة فيما يتعلق بهنّ من الأمور، أولم يعلمنا الله أن هذه الفتاة يؤخذ رأيها في قضية مصيريّة ألا وهي الزواج، فلم لا نجعل لرأيها اعتباراً ونكرم بذلك ذاتها.
إنّ المنع والزجر يولّد شعوراً بعدم الأمان والعزلة والرغبة في إخفاء المشاعر، وهذا ما لا نريده في واقعنا.
إن الشعور بالكراهية ينتاب المراهق والمراهقة ويعامل من الأبوين بالحكمة، والسعة فما بالنا نخلق أجواء من الكراهية بالاستهزاء من آرائهم، أو إهمالها أو السخرية منها عن طريق المزح.
إن ابنتك بحاجة إلى أن تتأكد من حبّك لها، وأنت فعلاً تحبينها، ولكنها تقيس محبتها من خلال تقديرك لذاتها سواء بملاطفتها أو أخذ رأيها بعين الاعتبار، أو الاهتمام بشؤونها اهتماماً لا يضيّق عليها حياتها بل يفسح المجال لموهبتها أن تظهر ولذاتها أن تتحقق، وإن لم تتأكد من قبول ذاتها لدى أبويها فقد فقدت الأمل في إثبات ذاتها في المجتمع.
من أجمل العلاقات بين الأم وابنتها أن تكون بينهما صداقة، بواسطة هذه الصداقة تفتح الابنة لأمها قلبها، وتجد عندها ملاذاً آمناً، وعقلاً راشدا يستطيع أن يحل المشكلات، وقلباً محبّاً يرى بعيون المحبّة هذه الابنة ويرعاها.
ليت أمي تحترم رأيي، وأخرى تقول: ليت أمي لا تجرح مشاعري وإن كانت مزحاً!
ومثلها قول إحداهنّ: أريدها أن تثق بي، وأخرى تقول: أريد أمي أن تهتم بحاجاتي النفسيّة أكثر، ومثل هذا المعنى طلبت إحداهنّ قائلة: أريدها أن تتحدث إليّ بطريقة لطيفة وهي تنصحني، وأخيرة تقول: حبذا لو أنها تزيد من اهتماماتها بنا.
هذا سرد لما طلبته البنات من أمهاتهن، ونحن حيال نفوس البنات وكأننا نقف أمام كتاب طويت صفحاته، فإذا أردنا قراءته وجدنا أنه أُعجمت كلماته وعباراته.
نوجّه التهمة إلى أنفسنا أولاً متسائلات: من نحن؟ وما الذي ينبغي أن نعمله؟ وهل طريقتنا في التعامل مع بناتنا صحيحة؟ وهل حددت كل أمٍّ فينا ما الذي تريده من ابنتها؟
أم أننا نعيش معهنّ أسرى موقف، أو اتجاه عاطفي سواء أكان سلبياً أم ايجابياً يتحكم في تصرفاتنا، ولا يشعرنا بفداحة خطأ نرتكبه في حق بناتنا.
هذه أم تسّفه رأي ابنتها، سواء بتعابير وجهها أو بكلماتها أو بردة فعلها، وابنتها تشكو من ذلك، وقد نختلف وتكون إحدانا صائبة والأخرى رأيها سليم، ولكن لماذا لا نضع الرأي المطروح من ابنتنا أمامنا لنجعله أداة للحوار، ولا نتشبث برأينا، بل نكون على استعداد لقبول الحق ولو على أنفسنا.
إن لكل قضية وجهاً يبدو من المكان المنظور إليه، فلم لا نستحسن وجهة نظر ابنتنا، ونقدم دلائل على صحة رأينا إن كان صحيحاً.
لماذا لا نطرح قضايا سهلة المضمون والنتائج ونعزم فيها على أخذ رأي البنات، وخاصّة فيما يتعلق بهنّ من الأمور، أولم يعلمنا الله أن هذه الفتاة يؤخذ رأيها في قضية مصيريّة ألا وهي الزواج، فلم لا نجعل لرأيها اعتباراً ونكرم بذلك ذاتها.
إنّ المنع والزجر يولّد شعوراً بعدم الأمان والعزلة والرغبة في إخفاء المشاعر، وهذا ما لا نريده في واقعنا.
إن الشعور بالكراهية ينتاب المراهق والمراهقة ويعامل من الأبوين بالحكمة، والسعة فما بالنا نخلق أجواء من الكراهية بالاستهزاء من آرائهم، أو إهمالها أو السخرية منها عن طريق المزح.
إن ابنتك بحاجة إلى أن تتأكد من حبّك لها، وأنت فعلاً تحبينها، ولكنها تقيس محبتها من خلال تقديرك لذاتها سواء بملاطفتها أو أخذ رأيها بعين الاعتبار، أو الاهتمام بشؤونها اهتماماً لا يضيّق عليها حياتها بل يفسح المجال لموهبتها أن تظهر ولذاتها أن تتحقق، وإن لم تتأكد من قبول ذاتها لدى أبويها فقد فقدت الأمل في إثبات ذاتها في المجتمع.
من أجمل العلاقات بين الأم وابنتها أن تكون بينهما صداقة، بواسطة هذه الصداقة تفتح الابنة لأمها قلبها، وتجد عندها ملاذاً آمناً، وعقلاً راشدا يستطيع أن يحل المشكلات، وقلباً محبّاً يرى بعيون المحبّة هذه الابنة ويرعاها.

الابنة غير ملتزمة بالزي الإسلامي، وأنا كثيرة النصح لها بالالتزام به، ولكنها ترفض بشدة؛ لأن صديقاتها بالنادي والمدرسة والمجتمع المحيط بنا غير ملتزمات بهذا الزي، وأنا أخشى من حساب الله لي على عدم التزامها.. فماذا أفعل؟
أبوها يحملني مسؤولية عدم التزامها بالزي الإسلامي، علمًا بأنني وأختها الكبرى ملتزمتان بشرائع الله، ونرتدي الزي الإسلامي.
الأخت الغالية:
فهمت من البيانات أن ياسمين -حماها الله وجعلها اسمًا على مسمى- أنها الصغيرة بين إخوتها، أي أنها كما يقول المثل العامي: "آخر العنقود.. سكر معقود"؛ فالهوينى الهوينى يا أختي ولا تستعجلي.. وكما يقول المثل الغربي: "امنح وقتًا للوقت.. فكل شيء يأتي في حينه".
لم تذكري الداعي لاستعجالك على التزامها بالحجاب، ولعلها بلغت سنّ المحيض، ومع ذلك فلن يختلف الرد في الحالتين، وأعرف أنك مسؤولة عنها، ولكن هذا لا يبرر لوالدها أن يزيد في معاناتك ويحملك أنت المسؤولية.. فأين دوره هو؟ أليس هو مسؤولا أيضًا؟
ولنفترض أنها بلغت السن التي يفترض فيها أن تحجب زينتها وفتنتها عن أعين الرجال، وأن الحجاب فرض عليها كالصلاة.. فهل يصح أن تلزميها به دون أن تكون راغبة أو مقتنعة به، وأنت ترين المجتمع كيف يمور مورًا بالفتن، وكيف يجذب دعاة الإباحية الشباب والفتيات بكل وسيلة مغرية؟ فكيف يمكن أن نقول: إن أحكام الله يجب أن تطبق وحالنا على ما هو عليه؟!
دين الإسلام لا يمكن أن تكون أحكامه مطبقة بشكل فردي ما لم تجِد لها سندًا في المجتمع.. فهو لا يقوم إلا على دعامتين اثنتين: دعامة من أخلاق الفرد، ودعامة من ثوابت المجتمع.
إذا كان عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- قد ألغى حد السرقة في عام الرمادة -أيام القحط- فمالنا والله سوى التوسل لله سبحانه أن يرسل لنا رجلاً ملهمًا كعمر يستطيع أن يأخذ بيدنا في طريق الحيرة والليل الحالك الذي نعيشه.
يا أختي العزيزة، كان من المفروض أن تهيئيها نفسيًّا للحجاب قبل سنتين على الأقل، ولو لم تلزميها به، بل على الأقل تحببينه إليها بالكلام العاطفي، حيث كانت إلى سن الطفولة أقرب ويمكن أن تتأثر بكلامك، لكن الآن وقد تأخرت فلا أنصحك سوى بالصبر، ومع ذلك فلا تفهمي كلامي أنني أشجِّعك –لا سمح الله- أن تيئسي منها، بل تأكدي أننا في هذا الزمن أمام خيارين اثنين لا ثالث لهما: إما أن ننشئ أولادنا على الإسلام الحقيقي أو أن شياطين الإنس والجن ستتخطفهم!.
ابنتك دخلت في سن المراهقة، وهي سن التمرد والبحث عن الذات، وسن الاضطرابات العاطفية والنمو الجسمي الذي لا يوافقه في منحاه النمو العقلي؛ ولذلك كانت مهمة التفاهم مع المراهقين من أصعب المهمات، فهم ليسوا أطفالاً ليتأثروا انفعاليًّا، وليسوا ناضجين ليقتنعوا منطقيًّا، بل هم في تخبط وحيرة، ومع ذلك لا يعترفون بها دائمًا إلا إذا وجدوا الصدر الحاني، والعقل المتفهم، والقلب المحب.. فهل تحاولين أن تكوني معها هكذا قبل أن تطلبي منها أي شيء آخر؟
طبعًا يجب ألا تقارني ياسمين بأختها الكبرى؛ فلكل فرد شخصيته المتميزة منذ ولادته، ولعلَّ أختها لم تخضع للمؤثرات والإغراءات التي تخضع هي لها في المدرسة والنادي والمجتمع.
المطلوب منك أن تحضِّيها على توثيق صلتها بالله سبحانه.. فهل هي تصلي؟ إذا لم تكن تصلي فهنا هو الخلل في الحقيقة؛ لأن الحجاب كما تعلمين لم يُفرض إلا في السنوات الأخيرة من حياة الرسول -عليه الصلاة والسلام-، أما الصلاة فقد فُرضت في الإسراء والمعراج عندما كان -عليه الصلاة والسلام- في مكة، ودليل أهمية الصلاة عن باقي الفرائض أنها لم تُفرض في الأرض، بل فُرضت في السماء مباشرة من الله عز وجل إلى الرسول -عليه الصلاة والسلام-؛ لذلك فلا أنصحك أن تأمريها بأمر أو تنهيها عن شيء إلا إذا كنت واثقة من أدائها لصلاتها من نفسها دون أن تفرض عليها أو أن تؤديها لأن أحدًا ما يراقبها، أي يجب أن ينمَّى فيها مفهوم مراقبة الله سبحانه وتعالى قبل أي شيء، فإذا كانت تصلي وتؤدي الصلاة في أوقاتها فهي علامة خير إن شاء الله. فقد قال الله تعالى: "وَأَقِمِ الصَّلاةَ إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَر". وروى الإمام القرطبي في تفسيره أن أنس -رضي الله عنه- قال: كان فتى من الأنصار يصلي مع النبي -صلى الله عليه وسلم- ولا يدع شيئًا من الفواحش والسرقة إلا ركبه، فذُكِر للنبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: "إن الصلاة ستنهاه"، فلم يلبث أن تاب وصلُحت حاله، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "ألم أقل لكم؟!".
أما إذا لم تكن تصلي أو غير ملتزمة بأداء الصلاة في أوقاتها، فعليك أن تعيدي بناء الإيمان في نفسها، وابدئي معها بطريق الترغيب أولاً والترهيب ثانيًا، وذكِّريها بأفضال الله -عز وجل- علينا ونعمه، واغتنمي الفرص لتُذكِّريها بآلاء الله سبحانه، واشرحي لها أن الصلاة وإن كانت فريضة، وتحمل دلالة عبوديتنا لله سبحانه.. فهي شكر له سبحانه على ما أسبغه علينا من نعم، وحبِّبي الله تعالى إليها؛ فالله هو الرحيم، وهو الودود، وهو اللطيف، وهو الذي ندعوه إذا احتجنا، ونسأله إذا عجزنا، ونتوسَّل إليه إذا افتقرنا، وذكِّريها أنَّها مخلوقةٌ من تراب، ولكن فيها نفحة من روح الله، والجسم كما هو بحاجة للغذاء لينمو، كذلك فإنَّ الروح بحاجة أن تتَّصل بالله لتنمو، واذكري لها كم يعاني الغربيِّون من الضياع والقلق وحالات الانتحار بسبب فقدانهم صلتهم بالله عز وجل.
إذن يجب أن تقوِّي الجانب الروحي فيها كي يكون دافعًا لها على سلوك طريق الله في كل ما أمر ونهي، وذكِّريها باليوم الآخر وأن حياتنا الدنيا هذه هي سبيل لحياتنا الآخرة، وأن التزامنا بفرائض الإسلام نابع من كونه دين الله الذي ارتضاه لنا، وقربي لها مفهوم الدين كما يلي:
إذا اشترى الإنسان أي جهاز مثل تلفاز أو غيره فإنه يطلب من البائع كتيب التعليمات (الكاتالوج)؛ ليعرف كيف يعمل هذا الجهاز وكيف يصونه ويمنعه من الأعطال، فهكذا الدين بالنسبة للإنسان ما هو إلا كتيب التعليمات الخاص بحياته كي تستمر على أفضل حال، والصانع هو الخالق جل وعلا؛ فهو أعلم بما يصلح الإنسان؛ لأنه هو من خلقه وركب فيه الخير والشر "وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْن"، فلا بد للإنسان من التقيد بتعاليم الدين كي يعيش حياة طيبة في الدنيا، ويجزيه الله خير الجزاء في الآخرة، قال تعالى: "مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ".
طبعًا لا يفوتني أن أذكر لك شيئًا مهما، وهو أنها قد لا تقتنع بكلامك أنت؛ لأنك قريبة منها جدا، وكما يقول المثل: "زمّار الحي لا يُطرب"، فعليك في هذه الحالة أن توفري حولها جوا دينيا خارج المنزل أيضا بصديقات أو قريبات ملتزمات معتدلات يحببن الحجاب لها دون أن ترى فيهن المتشددات اللواتي حرمن أنفسهن من متع الحياة الحلال، فيجب أن تفهم أن الدين لا يمنعنا من التمتع بطيبات الحياة الدنيا "وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللهُ الدَّارَ الآَخِرَةَ وَلاَ تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا"، "قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالْطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ". وقد أعجبت بظاهرة موجودة في النوادي في بلدك, وهي ممارسة الفتيات المحجبات لجميع الأنشطة الرياضية المختلفة مع محافظتهن على الحجاب, إذ لم يمنعهن حجابهن من ممارسة هواياتهن المحببة.
وعندما تجد حولها الرفقة الصالحة، فغالبًا ستنجذب إلى طريق التدين والالتزام "الصاحب ساحب"، وكما قال -عليه الصلاة والسلام-: "المرء على دين خليله.. فلينظر أحدكم من يخالل"، وفي نفس الوقت حاولي أن تخففي من تعلقها بالصديقات اللواتي يغريها منظرهن بعدم الحجاب بدون ضغط عليها لفعل ذلك.
قد يساعد أيضًا اصطحابها إلى دروس دينية ومواعظ ترقق قلبها أو سماع أشرطة جيدة لبعض الدعاة الشباب من أمثال "عمرو خالد"، أو متابعة برنامجه على قناة "اقرأ"، وأعتقد أن طريقته جيدة لجذب الشباب والفتيات إلى الدين ولو لم يتكلم بشكل مباشر عن الحجاب. المهم كما قلت لك غرس بذور الإيمان فيها، وقد عرفه -عليه الصلاة والسلام- أن الإيمان هو ما وقر في القلب وصدقه العمل، فعليك أن تقوِّي إيمانها وصلتها بربها أولاً، ثم تحضيها على العمل ثانيًا.
وأجد من الواجب عليّ أن أنبهك يا أختي الكريمة ألا تجبريها على الحجاب إذا لم تقتنع به من ذاتها؛ لأنها قد تضعه أمامك بينما تخلعه في غيابك، وهذا يؤدي إلى إصابتها بازدواج في الشخصية ومعاناة قد لا يظهر أثرها الآن بقدر ما يبدو بعد حين؛ بحيث تنطلق غير عابئة بكم بمجرد أن تجد نفسها حرة من قيود المراقبة، وكم رأيت في الحياة من هؤلاء الفتيات اللواتي يخلعن حجابهن بمجرد وصولهن إلى آخر الشارع، فإياك أن تصلي بابنتك إلى هذه الحال، بل على العكس اغرسي فيها بذور الثقة بنفسها، وأنك واثقة من أخلاقها، ولا أدري مدى إمكانية إفهامها أن الحجاب لم يفرضه الله على الفتاة حرصًا على أخلاقها واستقامتها، بل فرضه كي يصون المجتمع من الفساد والرذيلة؛ لأن المرأة غير الرجل، والحجاب كي تختفي المثيرات عن أعين الرجال؛ فلا يروا في المرأة إلا شريكًا ندًّا له في الإنسانية؛ ليتم بناء المجتمع على أسس حضارية سامية، وربما كلامي هذا يناسبها عندما تصبح في سن أكبر قليلاً.
لا تنسي أن تحثيها دائمًا على الأخلاق السامية والأعمال الخيرة، وإذا كنت قد ربيتها التربية السليمة فإن الله سبحانه لن يخذلك، ولكن اجعليها دائمًا تتبنى موقفًا إيمانيًّا نابعًا من الوعي والقناعة، وبذلك تحترم التزامها وتستطيع أن تدافع عن قناعاتها.
وفقك الله في تربيتها وإخوتها كما يحب الله ويرضى، وأقرَّ عينك بهم في الدنيا، وجعلهم عملاً باقيًا وذخرًا لك في الآخرة، والسلام عليك.
أبوها يحملني مسؤولية عدم التزامها بالزي الإسلامي، علمًا بأنني وأختها الكبرى ملتزمتان بشرائع الله، ونرتدي الزي الإسلامي.
الأخت الغالية:
فهمت من البيانات أن ياسمين -حماها الله وجعلها اسمًا على مسمى- أنها الصغيرة بين إخوتها، أي أنها كما يقول المثل العامي: "آخر العنقود.. سكر معقود"؛ فالهوينى الهوينى يا أختي ولا تستعجلي.. وكما يقول المثل الغربي: "امنح وقتًا للوقت.. فكل شيء يأتي في حينه".
لم تذكري الداعي لاستعجالك على التزامها بالحجاب، ولعلها بلغت سنّ المحيض، ومع ذلك فلن يختلف الرد في الحالتين، وأعرف أنك مسؤولة عنها، ولكن هذا لا يبرر لوالدها أن يزيد في معاناتك ويحملك أنت المسؤولية.. فأين دوره هو؟ أليس هو مسؤولا أيضًا؟
ولنفترض أنها بلغت السن التي يفترض فيها أن تحجب زينتها وفتنتها عن أعين الرجال، وأن الحجاب فرض عليها كالصلاة.. فهل يصح أن تلزميها به دون أن تكون راغبة أو مقتنعة به، وأنت ترين المجتمع كيف يمور مورًا بالفتن، وكيف يجذب دعاة الإباحية الشباب والفتيات بكل وسيلة مغرية؟ فكيف يمكن أن نقول: إن أحكام الله يجب أن تطبق وحالنا على ما هو عليه؟!
دين الإسلام لا يمكن أن تكون أحكامه مطبقة بشكل فردي ما لم تجِد لها سندًا في المجتمع.. فهو لا يقوم إلا على دعامتين اثنتين: دعامة من أخلاق الفرد، ودعامة من ثوابت المجتمع.
إذا كان عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- قد ألغى حد السرقة في عام الرمادة -أيام القحط- فمالنا والله سوى التوسل لله سبحانه أن يرسل لنا رجلاً ملهمًا كعمر يستطيع أن يأخذ بيدنا في طريق الحيرة والليل الحالك الذي نعيشه.
يا أختي العزيزة، كان من المفروض أن تهيئيها نفسيًّا للحجاب قبل سنتين على الأقل، ولو لم تلزميها به، بل على الأقل تحببينه إليها بالكلام العاطفي، حيث كانت إلى سن الطفولة أقرب ويمكن أن تتأثر بكلامك، لكن الآن وقد تأخرت فلا أنصحك سوى بالصبر، ومع ذلك فلا تفهمي كلامي أنني أشجِّعك –لا سمح الله- أن تيئسي منها، بل تأكدي أننا في هذا الزمن أمام خيارين اثنين لا ثالث لهما: إما أن ننشئ أولادنا على الإسلام الحقيقي أو أن شياطين الإنس والجن ستتخطفهم!.
ابنتك دخلت في سن المراهقة، وهي سن التمرد والبحث عن الذات، وسن الاضطرابات العاطفية والنمو الجسمي الذي لا يوافقه في منحاه النمو العقلي؛ ولذلك كانت مهمة التفاهم مع المراهقين من أصعب المهمات، فهم ليسوا أطفالاً ليتأثروا انفعاليًّا، وليسوا ناضجين ليقتنعوا منطقيًّا، بل هم في تخبط وحيرة، ومع ذلك لا يعترفون بها دائمًا إلا إذا وجدوا الصدر الحاني، والعقل المتفهم، والقلب المحب.. فهل تحاولين أن تكوني معها هكذا قبل أن تطلبي منها أي شيء آخر؟
طبعًا يجب ألا تقارني ياسمين بأختها الكبرى؛ فلكل فرد شخصيته المتميزة منذ ولادته، ولعلَّ أختها لم تخضع للمؤثرات والإغراءات التي تخضع هي لها في المدرسة والنادي والمجتمع.
المطلوب منك أن تحضِّيها على توثيق صلتها بالله سبحانه.. فهل هي تصلي؟ إذا لم تكن تصلي فهنا هو الخلل في الحقيقة؛ لأن الحجاب كما تعلمين لم يُفرض إلا في السنوات الأخيرة من حياة الرسول -عليه الصلاة والسلام-، أما الصلاة فقد فُرضت في الإسراء والمعراج عندما كان -عليه الصلاة والسلام- في مكة، ودليل أهمية الصلاة عن باقي الفرائض أنها لم تُفرض في الأرض، بل فُرضت في السماء مباشرة من الله عز وجل إلى الرسول -عليه الصلاة والسلام-؛ لذلك فلا أنصحك أن تأمريها بأمر أو تنهيها عن شيء إلا إذا كنت واثقة من أدائها لصلاتها من نفسها دون أن تفرض عليها أو أن تؤديها لأن أحدًا ما يراقبها، أي يجب أن ينمَّى فيها مفهوم مراقبة الله سبحانه وتعالى قبل أي شيء، فإذا كانت تصلي وتؤدي الصلاة في أوقاتها فهي علامة خير إن شاء الله. فقد قال الله تعالى: "وَأَقِمِ الصَّلاةَ إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَر". وروى الإمام القرطبي في تفسيره أن أنس -رضي الله عنه- قال: كان فتى من الأنصار يصلي مع النبي -صلى الله عليه وسلم- ولا يدع شيئًا من الفواحش والسرقة إلا ركبه، فذُكِر للنبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: "إن الصلاة ستنهاه"، فلم يلبث أن تاب وصلُحت حاله، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "ألم أقل لكم؟!".
أما إذا لم تكن تصلي أو غير ملتزمة بأداء الصلاة في أوقاتها، فعليك أن تعيدي بناء الإيمان في نفسها، وابدئي معها بطريق الترغيب أولاً والترهيب ثانيًا، وذكِّريها بأفضال الله -عز وجل- علينا ونعمه، واغتنمي الفرص لتُذكِّريها بآلاء الله سبحانه، واشرحي لها أن الصلاة وإن كانت فريضة، وتحمل دلالة عبوديتنا لله سبحانه.. فهي شكر له سبحانه على ما أسبغه علينا من نعم، وحبِّبي الله تعالى إليها؛ فالله هو الرحيم، وهو الودود، وهو اللطيف، وهو الذي ندعوه إذا احتجنا، ونسأله إذا عجزنا، ونتوسَّل إليه إذا افتقرنا، وذكِّريها أنَّها مخلوقةٌ من تراب، ولكن فيها نفحة من روح الله، والجسم كما هو بحاجة للغذاء لينمو، كذلك فإنَّ الروح بحاجة أن تتَّصل بالله لتنمو، واذكري لها كم يعاني الغربيِّون من الضياع والقلق وحالات الانتحار بسبب فقدانهم صلتهم بالله عز وجل.
إذن يجب أن تقوِّي الجانب الروحي فيها كي يكون دافعًا لها على سلوك طريق الله في كل ما أمر ونهي، وذكِّريها باليوم الآخر وأن حياتنا الدنيا هذه هي سبيل لحياتنا الآخرة، وأن التزامنا بفرائض الإسلام نابع من كونه دين الله الذي ارتضاه لنا، وقربي لها مفهوم الدين كما يلي:
إذا اشترى الإنسان أي جهاز مثل تلفاز أو غيره فإنه يطلب من البائع كتيب التعليمات (الكاتالوج)؛ ليعرف كيف يعمل هذا الجهاز وكيف يصونه ويمنعه من الأعطال، فهكذا الدين بالنسبة للإنسان ما هو إلا كتيب التعليمات الخاص بحياته كي تستمر على أفضل حال، والصانع هو الخالق جل وعلا؛ فهو أعلم بما يصلح الإنسان؛ لأنه هو من خلقه وركب فيه الخير والشر "وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْن"، فلا بد للإنسان من التقيد بتعاليم الدين كي يعيش حياة طيبة في الدنيا، ويجزيه الله خير الجزاء في الآخرة، قال تعالى: "مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ".
طبعًا لا يفوتني أن أذكر لك شيئًا مهما، وهو أنها قد لا تقتنع بكلامك أنت؛ لأنك قريبة منها جدا، وكما يقول المثل: "زمّار الحي لا يُطرب"، فعليك في هذه الحالة أن توفري حولها جوا دينيا خارج المنزل أيضا بصديقات أو قريبات ملتزمات معتدلات يحببن الحجاب لها دون أن ترى فيهن المتشددات اللواتي حرمن أنفسهن من متع الحياة الحلال، فيجب أن تفهم أن الدين لا يمنعنا من التمتع بطيبات الحياة الدنيا "وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللهُ الدَّارَ الآَخِرَةَ وَلاَ تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا"، "قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالْطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ". وقد أعجبت بظاهرة موجودة في النوادي في بلدك, وهي ممارسة الفتيات المحجبات لجميع الأنشطة الرياضية المختلفة مع محافظتهن على الحجاب, إذ لم يمنعهن حجابهن من ممارسة هواياتهن المحببة.
وعندما تجد حولها الرفقة الصالحة، فغالبًا ستنجذب إلى طريق التدين والالتزام "الصاحب ساحب"، وكما قال -عليه الصلاة والسلام-: "المرء على دين خليله.. فلينظر أحدكم من يخالل"، وفي نفس الوقت حاولي أن تخففي من تعلقها بالصديقات اللواتي يغريها منظرهن بعدم الحجاب بدون ضغط عليها لفعل ذلك.
قد يساعد أيضًا اصطحابها إلى دروس دينية ومواعظ ترقق قلبها أو سماع أشرطة جيدة لبعض الدعاة الشباب من أمثال "عمرو خالد"، أو متابعة برنامجه على قناة "اقرأ"، وأعتقد أن طريقته جيدة لجذب الشباب والفتيات إلى الدين ولو لم يتكلم بشكل مباشر عن الحجاب. المهم كما قلت لك غرس بذور الإيمان فيها، وقد عرفه -عليه الصلاة والسلام- أن الإيمان هو ما وقر في القلب وصدقه العمل، فعليك أن تقوِّي إيمانها وصلتها بربها أولاً، ثم تحضيها على العمل ثانيًا.
وأجد من الواجب عليّ أن أنبهك يا أختي الكريمة ألا تجبريها على الحجاب إذا لم تقتنع به من ذاتها؛ لأنها قد تضعه أمامك بينما تخلعه في غيابك، وهذا يؤدي إلى إصابتها بازدواج في الشخصية ومعاناة قد لا يظهر أثرها الآن بقدر ما يبدو بعد حين؛ بحيث تنطلق غير عابئة بكم بمجرد أن تجد نفسها حرة من قيود المراقبة، وكم رأيت في الحياة من هؤلاء الفتيات اللواتي يخلعن حجابهن بمجرد وصولهن إلى آخر الشارع، فإياك أن تصلي بابنتك إلى هذه الحال، بل على العكس اغرسي فيها بذور الثقة بنفسها، وأنك واثقة من أخلاقها، ولا أدري مدى إمكانية إفهامها أن الحجاب لم يفرضه الله على الفتاة حرصًا على أخلاقها واستقامتها، بل فرضه كي يصون المجتمع من الفساد والرذيلة؛ لأن المرأة غير الرجل، والحجاب كي تختفي المثيرات عن أعين الرجال؛ فلا يروا في المرأة إلا شريكًا ندًّا له في الإنسانية؛ ليتم بناء المجتمع على أسس حضارية سامية، وربما كلامي هذا يناسبها عندما تصبح في سن أكبر قليلاً.
لا تنسي أن تحثيها دائمًا على الأخلاق السامية والأعمال الخيرة، وإذا كنت قد ربيتها التربية السليمة فإن الله سبحانه لن يخذلك، ولكن اجعليها دائمًا تتبنى موقفًا إيمانيًّا نابعًا من الوعي والقناعة، وبذلك تحترم التزامها وتستطيع أن تدافع عن قناعاتها.
وفقك الله في تربيتها وإخوتها كما يحب الله ويرضى، وأقرَّ عينك بهم في الدنيا، وجعلهم عملاً باقيًا وذخرًا لك في الآخرة، والسلام عليك.

أنا فتاة في العقد الثاني من العمر، لا أعرف ماذا أقول، ولكنني سأبدأ هكذا.. أمي غير متوفاة، أمي دائما معنا في المنزل، أمي تطبخ وتغسل، أمي...، هذا كل شيء عنها، باختصار أنا لا أشعر أن لها وجودا في حياتي.. للأسف.
مع أنني أسمع من كثير من صديقاتي -حتى من أقاربي- كيف أن علاقتهن بأمهاتهن تصبح رائعة في مثل هذه السنّ.. حتى إنني أرى كيف يمزحن مع أمهاتهن، ويضحكن معهن، وكيف أنهنّ متعلقات بهن كثيرا!... باختصار أيضا هنّ يحببن أمهاتهن.. أما أنا فلا.
ربما أحترمها.. ولكنني لا أحبها.. لا أريد أن أظلم أمي، لكنني لا أشعر بعاطفة تجاهها.. كأنها شخص غريب عنّي، لماذا؟.. بدأ كل شيء في الطفولة.. لا أذكر أنها قبلتني يوما، ولا حتى حضنتني، نعم.. كانت كثيرة الصراخ، وعصبية المزاج، ولا تزال.. وربما ستبقى.. لم تأت يوما إلى المدرسة لتسأل عن نتائجي أو تطور شخصيتي.. لم تهتم يوما حتى بمظهري، لا أذكر شيئا جميلا معها، ولا ذكرى... حتى في ألبوم الصور لم أر شيئا، وكأنها لم تكن جزءا من حياتي أبدا.
هذا كله ولّد عندي شعورا بالنقص، وأنني بحاجة إلى شيء، شيء ما... فبدأت أبحث عنه وأبحث ولا أجده.. وإذا وجدته أعرف أنني لن أستطيع الحصول عليه كما أريد، مثلما تمنيته أن يكون.
بدأت أبحث عن "البديلة لأمي".. في المدرسة، تجلى هذا الأمر بشكل واضح: فعندما كنت في العاشرة من عمري، أحببت معلمة في مدرستي.. أحببتها كثيرا أكثر من أمي (بالتأكيد).. رؤيتها كانت تولد عندي شعورا جميلا، ولكنه آني، ينتهي مع اختفائها، فأبقى أفكر فيها.. وأفكر.
أكره أن أكتب هذا عن نفسي، ولكنني أردت أن تكون بجانبي كل الوقت.. باختصار.. توالت السنون، وفي كل سنة كنت أعجب "بمعلمة".. لأعوض في نفسي الشعور بالفراغ.. وهكذا توالت السنون، وتوالت حلقة المعلمات.. وتعودت على أنه يجب في كل سنة أن يأخذ شخص ما مكانا في قلبي ونفسي حتى لا أشعر بالفراغ.
وتعودت على الأمر لدرجة أنها أصبحت مثل حاجة عندي.. لا أستطيع العيش دونها.. أو بالأحرى تفقد الحياة لذتها دونها.. هذه هي حياتي وقد سئمت.. لا أريد أن أستمر هكذا.
والدي حنون وكريم، ويلبِّي لنا كل ما نريد، ولكنه يعمل كثيرا، ومع هذا فهو لاحظ أن طريقة معاملة أمنا لنا خالية من العاطفة.. في مرّة قال لها: "ولا مرة رأيتك تقبلين أولادك؟".
لا عجب بأنني أبحث عن شيء ليأخذني بعيدا عن هذا الجو.. جربت عزف الموسيقى، ولكن سرعان ما منعني والدي من الذهاب لحضور الدروس.. فهو لا يريدني أن أنخرط بجو الموسيقى.. عندي أصدقاء.. الشيء الوحيد الذي يفرحني، فأنا لا أملك أي شيء في البيت.. فطاقاتي كلها متّجهة للخارج؛ ولهذا أنا طيبة مع الكلّ، أتكلم مع الجميع، وأضحك مع الجميع، فبالنسبة لي هذه هي الطريقة الوحيدة للتعويض عن النقص...، الجميع يعتقد أنني سعيدة، هذا ما يرون، يعتقدون أنني سعيدة كل الوقت، ليس عندي هموم، وأن حياتي جميلة.. على الأقل هذا ما يبدو لهن من الخارج.
ولكن ماذا لو رأوا داخلي.. هذا الداخل الكئيب.. فعندما أنفرد في المنزل وحدي أبدأ بالبكاء دون أن يراني أحد.. أنام والدموع لا تزال على وجنتي.. في البيت عندي إخوتي "كلهم صبيان" وعلاقتي جيدة جدا معهم، وعندي أخ صغير أهتم به كثيرا وأحبه كثيرا.
أحيانا ألوم نفسي لأنني لا أتكلم مع أمي عن مشاعري تجاهها ربما تتغير طريقتها معي.. ولكنني أعود وأفكر بأن الوقت قد تأخر، فحتى لو تغيرت أمي وأصبحت عاطفتها "جياشة"، لن يؤثر هذا معي بل بالعكس سوف أشعر بعدم راحة معها... كان يجب أن تبدي حبها لي سابقا وليس الآن.
أحيانا تقترب مني، فأشعر بعدم راحة، بل أشعر بالضيق فأكتفي بالابتعاد عنها.. أحيانا تشتري لي "الشوكولا" وتعطيني نقودا.. ولكن أنا لا أريد هذا.
وبعد هذا، بماذا أشعر اليوم: حاليا أنا معجبة بمعلمة "كالعادة".. هي في الأربعين من عمرها، ولكنني معجبة بشخصيتها.. أتمنى لو كانت أمي.. ولكنني لا أجرؤ على التقرب منها.
أريد حلولا من إخصائيين وخبراء مثلكم فيما يتعلق بالطرق لكي أتوقف عن اتباع هواي وعن الإعجاب بالمعلمات.. فأنا لا أستطيع التوقف عن التفكير بها.
ازداد شرودي كثيرا في المرحلة الأخيرة، أريد أن أصلح نفسي.. أتمنى الإجابة فعندي صديقتي عندها نفس مشاكلي تقريبا، وكلتانا تريد حلا ونحن ننتظر بفارغ الصبر إجابة منكم!.
ولكم جزيل الشكر.
الحل
ابنتي العزيزة..
لن أتوقف كثيرا عند السبب الذي جعل أمك تعاملك بهذا الشكل، وكذلك لن أتوقف كثيرا عند ما يجب عليك تجاهها، فهي والدتك على كل حال، ولا ننسى نصيحة رسول الله صلى الله عليه وسلم لأحد الصحابة عندما جاءه يشكو أن أمه سيئة الخلق، فأوصاه ببرها، فكرر الرجل شكواه عدة مرات، ولكن رسول الله صلى الله عليه وسلم كرر نفس الوصية في كل مرة!.
البر والإحسان قد يكونان أمرين شاقين على نفسك، ولكن عزاءك أن أجرك عند الله محفوظ في الدنيا والآخرة.. بركة الدنيا وسعادة الآخرة.
الأمر الذي أريد التوقف عنده طويلا هو رد فعلك تجاه الحرمان الذي تعانين منه، وهو افتقادك لعاطفة الأم.. رد فعلك فيه جوانب إيجابية تحتاج التأكيد عليها، وجوانب سلبية تحتاج الوقوف أمامها، والسيطرة عليها.
ولكن قبل أن أستفيض أريد أن أذكرك بشيء هام.. كل إنسان على سطح الأرض يعاني من حرمان ما، يختلف من إنسان لآخر، منه ما هو ظاهر يراه الناس، ومنه ما هو خفي لا يراه أحد، وفكرة الحياة كلها قائمة على كفاح الإنسان في سبيل رسالته رغم ما يعانيه من حرمان، وكيف يستمد من هذا الحرمان طاقة تدفعه للأمام لا تجره للخلف.
هناك من يجلس بجوار حرمانه يبكي ويصرخ ويلطم ويعلق فشله وتقصيره بل وظلمه على شماعة الحرمان، وهناك من يتعامل مع الأمر بدرجة أعلى من المسئولية فيضع الضمادات على جراحه، ويتجرع الدواء المر، ويستكمل مسيرته في استقامة وثبات نحو غايته في الحياة.
هناك ردود أفعال إيجابية تحتاج أن تستمري عليها مثل: طيبتك مع الكل، وابتسامتك للجميع، وأنت تحتاجين أن تؤكدي هذا الخط فتتوجهي بطاقتك ومشاعرك نحو العمل الخيري، وتخففي المعاناة عن المحتاجين، ولا يخلو جدول أعمالك من عطف على يتيم أو مساعدة امرأة مُعيلة، أو مؤانسة شخص مُسنّ، أو مدّ يد العون لطفل من ذوي الاحتياجات الخاصة.
وحذار من الاعتقاد الشائع بأن فاقد الشيء لا يعطيه، بمعنى أن من لم يحصل على الحب لا يستطيع تقديمه.. هذا غير صحيح بل على العكس إن الإنسان عندما يُحرم من الحب والحنان ثم يجاهد نفسه، ويحاول أن يمنح الحب للآخرين، فإن الله يُبدل في قلبه سكينة وارتياحا، كما أن الحب ينتقل بالعدوى فيجد المرء حياته ممتلئة بجو من الحب سواء ممن يقدم لهم العطف أو من شركائه في عمله الخيري.
هناك رد فعل إيجابي آخر وهو عزف الموسيقى، وممارسة الهوايات.. لماذا لا تحاولين مع والدك مرة أخرى.. ليست المشكلة في الجو الموسيقي، ولكن المشكلة إن كان هذا الجو ملوثا.. بمعنى أن هناك فرقا كبيرا أن تتعلمي الجيتار في وسط مجموعة من الفتيات على خلق، وبين أن تتعلميه في جو فاسد مختلط يكثر فيه الخروج عن القيم والأخلاق.
على أية حال إن لم تجدي الجو الموسيقي المناسب، فلا مانع أن تفتشي عن نشاط آخر ممتع، وأكرر كلمة "ممتع" لأن وجود المتع الحلال في حياتنا هي من أهم الحصون التي تحافظ علينا ضد الاكتئاب بل والانحراف.
ولا بد في كل الأحوال أن تكون لك أحلامك وأهدافك في الحياة، وربما يعينك على ذلك الصحبة الصالحة، والتقرب إلى الله تعالى، والإكثار من الدعاء والمناجاة.
على الجانب الآخر هناك جوانب سلبية في رد فعلك.. مثل: التعلق الزائد بالمعلمات مع الشرود الكثير.
والحقيقة هي أن هذا التعلق إن كان في الحدود الصحية بلا مبالغات، وكانت المعلمة متوازنة وصبورة وقبلت هذا، فلا بأس، ولتكن هذه المعلمة أختا كبرى لك، أما إن أخذ شكلا مرضيا مبالغا فيه فلا بد أن تساعدي نفسك على مقاومته والسيطرة عليه، والانشغال عنه بالأنشطة التي ذكرناها في السطور السابقة.
وهناك نصيحة أخرى قد تفيدك.. ابحثي في محيطك أو أسرتك عن خالة أو عمة أو جارة يمكن أن تقوم بدور الأخت الكبرى، ولن أقول الأم، ولعل وجود هذه الشخصية يخفف من تعلقك الزائد بالمعلمات.
وأخيرا لا تنسي أن والدك يمكن أن يكون له دور في التخفيف من معاناتك، فلا تترددي في طلب العون منه، وأن تحافظي على علاقتك به وتواصلك معه، فقد يعوض بعضا من غياب الأم.
أدعو الله أن يرزقك السعادة والرضا والهدوء.
جميع الاستشارات المنشورة على شبكة "إسلام أون لاين.نت" تعبر عن آراء أصحابها من السادة المستشارين ، ولا تعبر بالضرورة عن آراء أو مواقف تتبناها الشبكة. انقر هنا لقراءة اتفاقية استعمال الخدمة و الإعفاء من المسؤولية.
مع أنني أسمع من كثير من صديقاتي -حتى من أقاربي- كيف أن علاقتهن بأمهاتهن تصبح رائعة في مثل هذه السنّ.. حتى إنني أرى كيف يمزحن مع أمهاتهن، ويضحكن معهن، وكيف أنهنّ متعلقات بهن كثيرا!... باختصار أيضا هنّ يحببن أمهاتهن.. أما أنا فلا.
ربما أحترمها.. ولكنني لا أحبها.. لا أريد أن أظلم أمي، لكنني لا أشعر بعاطفة تجاهها.. كأنها شخص غريب عنّي، لماذا؟.. بدأ كل شيء في الطفولة.. لا أذكر أنها قبلتني يوما، ولا حتى حضنتني، نعم.. كانت كثيرة الصراخ، وعصبية المزاج، ولا تزال.. وربما ستبقى.. لم تأت يوما إلى المدرسة لتسأل عن نتائجي أو تطور شخصيتي.. لم تهتم يوما حتى بمظهري، لا أذكر شيئا جميلا معها، ولا ذكرى... حتى في ألبوم الصور لم أر شيئا، وكأنها لم تكن جزءا من حياتي أبدا.
هذا كله ولّد عندي شعورا بالنقص، وأنني بحاجة إلى شيء، شيء ما... فبدأت أبحث عنه وأبحث ولا أجده.. وإذا وجدته أعرف أنني لن أستطيع الحصول عليه كما أريد، مثلما تمنيته أن يكون.
بدأت أبحث عن "البديلة لأمي".. في المدرسة، تجلى هذا الأمر بشكل واضح: فعندما كنت في العاشرة من عمري، أحببت معلمة في مدرستي.. أحببتها كثيرا أكثر من أمي (بالتأكيد).. رؤيتها كانت تولد عندي شعورا جميلا، ولكنه آني، ينتهي مع اختفائها، فأبقى أفكر فيها.. وأفكر.
أكره أن أكتب هذا عن نفسي، ولكنني أردت أن تكون بجانبي كل الوقت.. باختصار.. توالت السنون، وفي كل سنة كنت أعجب "بمعلمة".. لأعوض في نفسي الشعور بالفراغ.. وهكذا توالت السنون، وتوالت حلقة المعلمات.. وتعودت على أنه يجب في كل سنة أن يأخذ شخص ما مكانا في قلبي ونفسي حتى لا أشعر بالفراغ.
وتعودت على الأمر لدرجة أنها أصبحت مثل حاجة عندي.. لا أستطيع العيش دونها.. أو بالأحرى تفقد الحياة لذتها دونها.. هذه هي حياتي وقد سئمت.. لا أريد أن أستمر هكذا.
والدي حنون وكريم، ويلبِّي لنا كل ما نريد، ولكنه يعمل كثيرا، ومع هذا فهو لاحظ أن طريقة معاملة أمنا لنا خالية من العاطفة.. في مرّة قال لها: "ولا مرة رأيتك تقبلين أولادك؟".
لا عجب بأنني أبحث عن شيء ليأخذني بعيدا عن هذا الجو.. جربت عزف الموسيقى، ولكن سرعان ما منعني والدي من الذهاب لحضور الدروس.. فهو لا يريدني أن أنخرط بجو الموسيقى.. عندي أصدقاء.. الشيء الوحيد الذي يفرحني، فأنا لا أملك أي شيء في البيت.. فطاقاتي كلها متّجهة للخارج؛ ولهذا أنا طيبة مع الكلّ، أتكلم مع الجميع، وأضحك مع الجميع، فبالنسبة لي هذه هي الطريقة الوحيدة للتعويض عن النقص...، الجميع يعتقد أنني سعيدة، هذا ما يرون، يعتقدون أنني سعيدة كل الوقت، ليس عندي هموم، وأن حياتي جميلة.. على الأقل هذا ما يبدو لهن من الخارج.
ولكن ماذا لو رأوا داخلي.. هذا الداخل الكئيب.. فعندما أنفرد في المنزل وحدي أبدأ بالبكاء دون أن يراني أحد.. أنام والدموع لا تزال على وجنتي.. في البيت عندي إخوتي "كلهم صبيان" وعلاقتي جيدة جدا معهم، وعندي أخ صغير أهتم به كثيرا وأحبه كثيرا.
أحيانا ألوم نفسي لأنني لا أتكلم مع أمي عن مشاعري تجاهها ربما تتغير طريقتها معي.. ولكنني أعود وأفكر بأن الوقت قد تأخر، فحتى لو تغيرت أمي وأصبحت عاطفتها "جياشة"، لن يؤثر هذا معي بل بالعكس سوف أشعر بعدم راحة معها... كان يجب أن تبدي حبها لي سابقا وليس الآن.
أحيانا تقترب مني، فأشعر بعدم راحة، بل أشعر بالضيق فأكتفي بالابتعاد عنها.. أحيانا تشتري لي "الشوكولا" وتعطيني نقودا.. ولكن أنا لا أريد هذا.
وبعد هذا، بماذا أشعر اليوم: حاليا أنا معجبة بمعلمة "كالعادة".. هي في الأربعين من عمرها، ولكنني معجبة بشخصيتها.. أتمنى لو كانت أمي.. ولكنني لا أجرؤ على التقرب منها.
أريد حلولا من إخصائيين وخبراء مثلكم فيما يتعلق بالطرق لكي أتوقف عن اتباع هواي وعن الإعجاب بالمعلمات.. فأنا لا أستطيع التوقف عن التفكير بها.
ازداد شرودي كثيرا في المرحلة الأخيرة، أريد أن أصلح نفسي.. أتمنى الإجابة فعندي صديقتي عندها نفس مشاكلي تقريبا، وكلتانا تريد حلا ونحن ننتظر بفارغ الصبر إجابة منكم!.
ولكم جزيل الشكر.
الحل
ابنتي العزيزة..
لن أتوقف كثيرا عند السبب الذي جعل أمك تعاملك بهذا الشكل، وكذلك لن أتوقف كثيرا عند ما يجب عليك تجاهها، فهي والدتك على كل حال، ولا ننسى نصيحة رسول الله صلى الله عليه وسلم لأحد الصحابة عندما جاءه يشكو أن أمه سيئة الخلق، فأوصاه ببرها، فكرر الرجل شكواه عدة مرات، ولكن رسول الله صلى الله عليه وسلم كرر نفس الوصية في كل مرة!.
البر والإحسان قد يكونان أمرين شاقين على نفسك، ولكن عزاءك أن أجرك عند الله محفوظ في الدنيا والآخرة.. بركة الدنيا وسعادة الآخرة.
الأمر الذي أريد التوقف عنده طويلا هو رد فعلك تجاه الحرمان الذي تعانين منه، وهو افتقادك لعاطفة الأم.. رد فعلك فيه جوانب إيجابية تحتاج التأكيد عليها، وجوانب سلبية تحتاج الوقوف أمامها، والسيطرة عليها.
ولكن قبل أن أستفيض أريد أن أذكرك بشيء هام.. كل إنسان على سطح الأرض يعاني من حرمان ما، يختلف من إنسان لآخر، منه ما هو ظاهر يراه الناس، ومنه ما هو خفي لا يراه أحد، وفكرة الحياة كلها قائمة على كفاح الإنسان في سبيل رسالته رغم ما يعانيه من حرمان، وكيف يستمد من هذا الحرمان طاقة تدفعه للأمام لا تجره للخلف.
هناك من يجلس بجوار حرمانه يبكي ويصرخ ويلطم ويعلق فشله وتقصيره بل وظلمه على شماعة الحرمان، وهناك من يتعامل مع الأمر بدرجة أعلى من المسئولية فيضع الضمادات على جراحه، ويتجرع الدواء المر، ويستكمل مسيرته في استقامة وثبات نحو غايته في الحياة.
هناك ردود أفعال إيجابية تحتاج أن تستمري عليها مثل: طيبتك مع الكل، وابتسامتك للجميع، وأنت تحتاجين أن تؤكدي هذا الخط فتتوجهي بطاقتك ومشاعرك نحو العمل الخيري، وتخففي المعاناة عن المحتاجين، ولا يخلو جدول أعمالك من عطف على يتيم أو مساعدة امرأة مُعيلة، أو مؤانسة شخص مُسنّ، أو مدّ يد العون لطفل من ذوي الاحتياجات الخاصة.
وحذار من الاعتقاد الشائع بأن فاقد الشيء لا يعطيه، بمعنى أن من لم يحصل على الحب لا يستطيع تقديمه.. هذا غير صحيح بل على العكس إن الإنسان عندما يُحرم من الحب والحنان ثم يجاهد نفسه، ويحاول أن يمنح الحب للآخرين، فإن الله يُبدل في قلبه سكينة وارتياحا، كما أن الحب ينتقل بالعدوى فيجد المرء حياته ممتلئة بجو من الحب سواء ممن يقدم لهم العطف أو من شركائه في عمله الخيري.
هناك رد فعل إيجابي آخر وهو عزف الموسيقى، وممارسة الهوايات.. لماذا لا تحاولين مع والدك مرة أخرى.. ليست المشكلة في الجو الموسيقي، ولكن المشكلة إن كان هذا الجو ملوثا.. بمعنى أن هناك فرقا كبيرا أن تتعلمي الجيتار في وسط مجموعة من الفتيات على خلق، وبين أن تتعلميه في جو فاسد مختلط يكثر فيه الخروج عن القيم والأخلاق.
على أية حال إن لم تجدي الجو الموسيقي المناسب، فلا مانع أن تفتشي عن نشاط آخر ممتع، وأكرر كلمة "ممتع" لأن وجود المتع الحلال في حياتنا هي من أهم الحصون التي تحافظ علينا ضد الاكتئاب بل والانحراف.
ولا بد في كل الأحوال أن تكون لك أحلامك وأهدافك في الحياة، وربما يعينك على ذلك الصحبة الصالحة، والتقرب إلى الله تعالى، والإكثار من الدعاء والمناجاة.
على الجانب الآخر هناك جوانب سلبية في رد فعلك.. مثل: التعلق الزائد بالمعلمات مع الشرود الكثير.
والحقيقة هي أن هذا التعلق إن كان في الحدود الصحية بلا مبالغات، وكانت المعلمة متوازنة وصبورة وقبلت هذا، فلا بأس، ولتكن هذه المعلمة أختا كبرى لك، أما إن أخذ شكلا مرضيا مبالغا فيه فلا بد أن تساعدي نفسك على مقاومته والسيطرة عليه، والانشغال عنه بالأنشطة التي ذكرناها في السطور السابقة.
وهناك نصيحة أخرى قد تفيدك.. ابحثي في محيطك أو أسرتك عن خالة أو عمة أو جارة يمكن أن تقوم بدور الأخت الكبرى، ولن أقول الأم، ولعل وجود هذه الشخصية يخفف من تعلقك الزائد بالمعلمات.
وأخيرا لا تنسي أن والدك يمكن أن يكون له دور في التخفيف من معاناتك، فلا تترددي في طلب العون منه، وأن تحافظي على علاقتك به وتواصلك معه، فقد يعوض بعضا من غياب الأم.
أدعو الله أن يرزقك السعادة والرضا والهدوء.
جميع الاستشارات المنشورة على شبكة "إسلام أون لاين.نت" تعبر عن آراء أصحابها من السادة المستشارين ، ولا تعبر بالضرورة عن آراء أو مواقف تتبناها الشبكة. انقر هنا لقراءة اتفاقية استعمال الخدمة و الإعفاء من المسؤولية.
الصفحة الأخيرة
--------------------------------------------------------------------------------
ما أجمل أن يشعر الإنسان بالدفء في أبرد أيام الشتاء , وبهجة الربيع في وقت الخريف , وبأنغام رقيقة حالمة وسط صخب الحياة وضجيجها ومتاعبها وهمومها .
ما أروع أن تحظى باهتمام خاص , وما أعذب أن تسمع عن نفسك أحاديث شجية .
إن الله عز وجل فطر الإنسان على العاطفة والحب , وخلق له المشاعر والأحاسيس , ولو تأملت معي الكون لوجدت أن أساسه الحب , فالكواكب لا تفارق مجموعاتها ؛ لأنها دوما في حالة انجذاب , والقمر لا يغادر كوكبه لأنه في حالة ارتباط , هذا في أعظم المخلوقات , فما بالك بنا نحن البشر ؟!
وإذا تقرر ما سبق فيجب أن ندرك أن هناك فروقاً بين الجنس الناعم اللطيف ذي الأحاسيس المرهفة ونقيضه الجنس ذي الطبيعة الشديدة الصارمة الذي يعتبر أقل عاطفة وأقدر على التحكم بمشاعره وتصرفاته , من هذا المنطلق يجب علينا جميعاً أن ندرك حقيقة غائبة عن مجتمعنا , وهي :
أن الفتاة بحاجة إلى اهتمام من والديها , ويتمثل ذلك الاهتمام بإشباع رغبتها الأنثوية بالكلام العاطفي المنضبط , وممازحتها والثناء على جمالها وحسن ملبسها .
فإذا كانت علاقتك مع ابنتك علاقة ودية , بل ربما تصل إلى علاقة صداقة فإن هذا يجعل الفتاة تفرغ هذه الشحنات العاطفية عند أب حنون وأم عطوف ..
وأنا هنا أتساءل ؟!
هل هناك ما يمنع من ذلك شرعا ً ؟ هل هناك ما يمنع من ذلك عرفاً ؟ هل هذه العلاقة تنقص من قيمة الرجل ؟ إذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أشبع عاطفة ابنته فاطمة حباً وحناناً وعطفاً , بل كان صلى الله عليه وسلم يُقبل ما بين عينيها رضي الله عنها , إذا كان الأمر كذلك فهل نؤيد هذا التوجيه ؟
إن الفتاة في هذا العصر تعاني من انعدام العاطفة من الأبوين , فقد تجد هذه العاطفة عند الآخرين , ربما تجدها عند صديقة , وربما تجد مشاعرها وعواطفها عند صديق لا يراعي فيها إلاً ولا ذمة !!!
وفي ظل غياب دور الأم وبلادة الأب وتغافل الأخ قد تحدث أمور لا تحمد عقباها !!
إن الفتاة بحاجة إلى من يروي ظمأها بالحنان والحب , إنها بحاجة إلى الثناء , بحاجة إلى قولكم لها : أنتِ جميلة , أنتِ فاتنة , أنتِ رائعة ..
وإلا جاء من يقول لها مثل ذلك , بل أفضل !!
أتمنى أن نترك عبارة ( عيب ) , ( ما يصلح ) , ونحتوي بناتنا وفلذات أكبادنا ما استطعنا إلى ذلك سبيلا ,فإذا اقترنت بشريك الحياة فإنها بإذن الله وصلت إلى بر الأمان ....