المراهقات ..الصلاة.. الحجاب ..برنامج للاقتراب العنوان
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، تحية طيبة إلى الموقع وإلى صفحتكم الموقرة، وبعد.. لي بنت تبلغ من العمر ثلاثة عشر عامًا، أحاول معها جاهدة دعوتها إلى الصلاة في وقتها، ولكنها غالبًا ما ترفض، أحاول أن أقربها من الشرائط والخطب الدينية، ولكنها أيضًا تبتعد، حتى إنني أستشعر أنها تخاف من أن تتقرب إلى حقيقة الإسلام، حتى لا يضطرها ذلك إلى لبس الحجاب.
وإني أتساءل: كيف أقنعها بالصلاة والاستماع إلى الخطب الدينية عن اقتناع وحب لا عن تعسف منِّي أو ضرب؟ وكيف أقنعها بالحجاب وهي في سن صغيرة؟ باختصار كيف أقربها من بيئة الإيمان؟ وأيضًا زوجي ملتزم خلقيًّا جدًّا، ولكن مع الصلاة أجده يؤخرها عن وقتها؛ فكيف أوصل له تنبيهًا بعدم تأخير وقت الصلاة دون أن أسبب له إحراجًا؟ والسلام عليكم.
الحل
الأخت الكريمة، أول شيء دعيني أرد عليك السلام، وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، وشكرًا لك على تحيتك الطيبة للموقع ولصفحتنا.
أختي الحبيبة، أريد منك الآن أن تفعلي شيئًا؛ فهل أنت مستعدة؟.. أغمضي عينك لنصف دقيقة، وخذي نفسًا عميقًا، والآن أخرجيه بقوة وأنت تقولين: "يا حي يا قيوم، برحمتك أستغيث"؛ فهو نعم الغوث ونعم العون على كل ما أحاط أبناءنا في هذا العالم من فتن وضغوط باتت فيها شياطين الإنس أقوى وأشد ضراوة وخطرًا على الإنسان من شياطين الجن أنفسهم.
قد يبدو ما سأقوله محبطًا، ولكنها الحقيقة التي يجب أن نتفهَّمها حتى نستطيع التعامل معها، فما تمر به ابنتك وما تجدينه من صعوبة في إقناعها أمر طبيعي جدًّا، خاصة في مرحلة المراهقة التي تتسم بالعند والرفض، والرغبة في إثبات الذات- حتى لو كان ذلك بالمخالفة لمجرد المخالفة- وتضخم الكرامة العمياء التي قد تدفع المراهق رغم إيمانه بفداحة ما يصنعه إلى الاستمرار فيه، إذا شعر أن توقفه عن فعله سيشوبه شائبة أو شبهة من أن يشار إلى أن قراره بالتوقف عن الخطأ ليس نابعًا من ذاته وإنما بتأثير أحد من قريب أو بعيد.
أختي الحبيبة، لن أطيل عليك، وسأبدأ معك في عرض اقتراحاتي لحل المشكلة، وأرجو منك أن تتفهميها وتسمعيني فيها إلى آخر الحديث:
دعيني أوضح لك شيئًا هامًّا، وهو أن أسلوب الدفع في توجيه البنت وتعديل سلوكها، لن يؤدي إلا إلى الرفض والبعد، فكما يقولون: "إن لكل فعل رد فعل مساوٍ له في القوة ومضاد له في الاتجاه".
سأقترح عليك برنامجًا قد يستغرق منك 3 أشهر، وربما أقل أو أكثر حسب توفيق الله وقدره وتنظيمه، كالتالي:
المرحلة الأولى: وستستغرق منك 3 أسابيع إلى شهر:
قومي فيها بالتوقف عن الحديث في هذا الموضوع"الصلاة و الحجاب" تمامًا، ولا تتحدثي فيه من قريب ولا بعيد، ولو حتى بتلميح مهما بعد. أعلم ما قد تبدينه من استغراب قد يصل إلى الاستنكار، ولكن الأمر بالضبط كالدواء الذي يكتبه لنا الطبي و نأخذه رغم عدم درايتنا الكاملة بمكوناته و تأثيراته و لكننا تعلمنا من الرسول صلى الله عليه و سلم أن لكل داء دواء لتمرد المراهقة و هو الداء الذي يصيب أغلبية الشباب كما يصيب البرد أغلبية الأطفال في الشتاء.
تذكري أننا نربِّي ضميرًا ونعالج موضوعًا إذا لم يُعالج في هذه المرحلة فالله سبحانه وحده الذي يعلم إلى أين سينتهي،فلا مناص من الصبر و حسن التوكل على الله و جميل الثقة به سبحانه.
و نعود مرة أخرى إلى العلاج ألا و هو التوقف لمدة لا تقل عن ثلاثة أسابيع عن الخوض في موضوعي الصلاة و الحجاب ،والهدف من توقفك عن الحديث في هذا الأمر هو نسيان ابنتك له، حتى تفصل بين الحديث في هذا الأمر وبين علاقتك بها، لنصل بهذه العلاقة إلى مرحلة تشعر فيها البنت بالراحة، وكأنه ليس هناك أي موضوع خلافي بينكما، فتستعيد الثقة في علاقتك بها، وأنك تحبينها لشخصها، وأن الرفض هو للفعال السيئة وليس لشخصها.
فالتوتر الحاصل في علاقتكما الآن بسبب اختلافكما أحاطك بسياج شائك يؤذيها كلما حاولت الاقتراب منك أو حاولت أنت الاقتراب منها بنصحها حتى أصبحت تحس بأنها تصاب بالأذى النفسي كلما حاولت الكلام معك، وما نريد فعله في هذه المرحلة هو محاولة نزع هذا السياج الشائك الذي أصبح يفصل بينكما.
المرحلة الثانية: مرحلة الفعل الصامت من ثلاثة أسابيع إلى شهر:
في هذه المرحلة لن توجهي إليها أي نوع من أنواع الكلام، وإنما ستقومين بمجموعة من الأفعال المقصودة، فمثلا: تعمدي وضع سجادة الصلاة على كرسيها المفضل في غرفة المعيشة، أو تعمدي أن تتركي حجاب الصلاة على سريرها أو في مكان تواجدها المفضل في البيت، بحيث يكون على مقربة منها دائمًا.
ثم تعودين لأخذه وأنت تقولين وكأنك تفكرين بصوت مرتفع: أين حجاب الصلاة؟ أريد أن أصلي.. ياه لقد دخل الوقت.. يا إلهي كدت أن أنسى الصلاة…
بين الفرض والآخر تسألينها: حبيبتي، كم الساعة؟ هل أذَّن المؤذن؟ كم بقي على الفرض؟ حبيبتي، هل تذكرين أنني صليت؟ آه لقد أصبحت أنسى هذه الأيام، لكن يا إلهي، إلا هذا الأمر..
واستمري على هذا المنوال لمدة 3 أسابيع أخرى أو أسبوعين حتى تشعري أن البنت قد ارتاحت، ونسيت الضغط الذي كنت تمارسينه عليها.
وساعتها ندخل في المرحلة الثالثة:
قومي بدعوتها- بشكل متقطع على فترات؛ حتى يبدو الأمر طبيعيًّا وتلقائيًّا- للخروج معك، ومشاركتك حضور أحد الدروس بدعوى أنك تريدين مجرد صحبتها وليس دعوتها لحضور الدرس، بقولك: حبيبتي أنا متعبة وأشعر بشيء من الكسل، ولكني أريد الذهاب لحضور هذا الدرس، تعالَي معي، أريد أن أستعين بك وأستند عليك.. فإذا رفضت لا تعلقي ولا تعيدي عليها الطلب، وأعيدي المحاولة في مرة ثانية.
ويتوازى مع هذا الأمر أن تشاركيها في كل ما تصنعينه في أمور التزامك في أول الأمر من خلال طلب رأيها ومشورتها، وكأن هدفك- بل هو في الحقيقة ما يجب- تقريب العلاقة وتحقيق الاندماج بينكما.. بمنتهى الحب والتفاهم تقولين لها: "حبيبتي تعالَي سمِّعي لي القرآن الكريم الذي حفظته"، "حبيبتي ما رأيك في هذا الحجاب الجديد"، "ما رأيك في هذه الربطة"… كل هذا وأنت تقفين أمام المرآة، وحين تستعدين للخروج مثلاً تقولين لها: "تعالَي اسمعي معي هذا الشريط"، "ما رأيك فيه"، "سأحكي لك ما دار في الدرس هذا اليوم"، ثم تأخذين رأيها فيه، وهكذا بدون قصد أوصليها بالطاعات التي تفعلينها أنت.
اتركيها تتحدث عن نفسها، وعن رأيها في الدروس التي تحكين لها عنها بكل حرية وبإنصات منك جيد، واتركيها حتى تبدأ هي بالسؤال عن الدين وعن أموره.
وأود أن أوجِّه نظرك إلى أمور مهمة جدًّا:
- يجب ألا تتعجلي الدخول في مرحلة دون نجاح المرحلة السابقة عليها تمامًا، فالهدف الأساسي من كل هذا هو نزع فتيل التوتر الحاصل في علاقتكما، وإعادة وصل الصلة التي انقطعت بينها وبين أمور الدين؛فهذا الأمر تماما كالمضاد الحيوية يجب أن تأخذ رجعته بانتظام و حتى نهايتها،فإذا تعجلت الأمر و أصدرت لها و لو أمرًا واحدًا خلال الثلاثة أسابيع فتوقفي و ابدئي العلاج من البداية.
- لا تتحدثي في موضوع الحجاب أبدًا، أبدًا في هذا الوقت؛ فهو أمر يجب أن تصل إليه عن قناعة تامة، وإذا نجحتِ في كل ما سبق- وستنجحين بإذن الله، فأنت قد ربيتِ نبتة طيبة حسب ما تذكرين أنك ملتزمة وأن أباها على خُلُق- فسيأتي اليوم الذي تطلب منك هي شخصيًّا أن ترتدي الحجاب، بل قد يأتي اليوم الذي تشتكين فيه من سفر أغطية رأسك وحجابك وهجرتها إلى دولابها الخاص.
- لا تعلِّقي على ملابسها، إلا في أضيق الحدود، وتجاوزي عن بعض التجاوز فيه مثل ألوان لا تعجبك.
- اقصري الاعتراض واستخدام سلطتك في المنع على الأخطاء التي لا يمكن التجاوز عنها، مثل: لو أرادت الخروج مع صحبة غير مؤتمنة، أو أي شيء فيه انتهاك شرعي صريح،قد تعترضين و تقولين :"أليس عدم لبس الحجاب بعد البلوغ تجاوز شرعي؟"لا يُخالفك أحد في هذا الأمر و لكن هذا الموضوع نحن بصدد علاجه بصورة جذرية حتى نصل إلى تشكيل قناعة داخلية لا تجعل من موضوع الحجاب و الطاعة بصفة عامة رد فعل للأوامر الأهل.
- استعيني بالله ولا تحزني، وادعي دائمًا لها، ولا تدعي أبدًا عليها، وتذكري أن الأمر قد يحتاج إلى وقت، لكنه سينتهي بسلام إن شاء الله، فالأبناء في هذه السن ينسون ويتغيرون بسرعة، خاصة إذا تفهمنا طبيعة المرحلة التي يمرون بها وتعاملنا معها بمنتهى الهدوء والتقبل وسعة الصدر والحب.

أنا من أسرة ملتزمة وأختي في سن (15) سنة المراهقة، وهي تظهر بعض من شعرها، وهي لا تتقبل النصيحة من أحد وعنيدة جدًا؟ فماذا أفعل ؟ وهل أكون ديوثًا أم لا ؟ المشكلة
الحل
الأخ العزيز: حرصك على أختك والتزامها في ملبسها وسلوكها حرص محمود، ومتوقع منك إذا كنت ملتزماً حقاً كما تقول، ولكن دعني أنبهك عن التضاريس النفسية لمرحلة المراهقة التي تمر أنت وأختك بها:
من معالم هذه المرحلة إثبات الذات، والبحث عن اختيارات شخصية، وملامح لون وطعم وتوجهات في الحياة، وهي مرحلة انتقالية بين كونك - مثلاً - كنت طفلاً كبيراً إلى كونك الآن رجلاً صغيراً، وكذلك فإن أختك لم تعد الطفلة الوديعة "ذات الضفائر" كما كانت بالأمس، ولكنها أصبحت الآن "آنسة" صغيرة، و"أنثى" "تحت التكوين" ستصبح عمَّا قريب بإذن الله زوجة وأمًّا.
وشقاوة الأطفال، ومشاجرات ابتدائي لم تعد تصلح أسلوباً لإدارة العلاقة بينكما، كما أن الرجولة التي تنفجر طاقاتها في جسمك وذهنك لها ميادين متعددة للممارسة، ليس منها توجيه أختك وإرشادها فهذا ليس دورك، ولا تستطيعه بحكم أنك أيضاً "تحت التكوين".
المنتظر من هذه الرجولة المتفتحة أن تعطف وتحمي، وتشارك في الرأي والاهتمام بعد السماع، والتقرب، والود والمجاملات الأخوية البسيطة من هدايا في المناسبات، وعون عند الطلب .. إلخ.
وبقدر الذكاء الاجتماعي، والاقتراب سيكون التأثير، وستُلَيِّن الرأس العنيدة، فهي لا تلين إلا لمن يترفق، ولا يقابل العناد بعناد، ولكن يقترب ويهتم، ويساعد ويشارك، وإذا أراد أن ينصح أشار من بعيد "وكل لبيب بالإشارة يفهم"، الذي أرجوه أن يكون الوالد والوالدة على فهم ودراية بحساسية هذه المرحلة الحرجة من السن، وأن يكونوا على مهارة في إدارة علاقتهم بأختك، وعلاقتك بها لآن الشائع في مجتمعاتنا من اعتبار الأخ - القريب في السن من أخته أصلاً - رجلاً - ينضم إلى صف الآمرين الناهين، والمرشدين والموجهين لها، هذا النهج الخاطئ يفسد أول ما يفسد العلاقة بين هذا الأخ وأخته فاحذر هذا، إن كان موجوداً، فليس لك من الأمر شيء على الإطلاق غير ما ذكرته لك، ولا تكون "ديوثاً" لأن الديوث من لا يخاف على عرضه، وأنت لست كذلك بإذن الله، كما إن توجيه أختك وإصلاح أحوالها - وإن كان هناك خلل - لا يكون بالشدة، وليس مطلوباً منك، بل على العكس ينبغي أن تختار الدور المناسب لموقعك منها، وهو دور الأخ الحنون المهتم …. إلخ ما ذكرت لك.
تستطيع أن تكون الصديق الصدوق لأختك بقليل من الحكمة والجهد فتسمع لك، وتتأثر بكلامك "أيما تأثُّر"، ولكن كصديق، ومن المعروف عن هذه المرحلة أن الإنسان يتأثر فيها بمجموعة الأصدقاء أكثر مما يتأثر بالأسرة، "فهل لديك من الذكاء والقدرة ما يجعلك تدخل في هذه الدائرة المؤثرة في حياة كل مراهق، فتكون مع أختك وحولها، وتريدك هي كذلك: شريك اهتمامات، وموضع أسرار، وعونًا على صعوبات تلك المرحلة السنية .. وهي كثيرة أرجو أن تكون عند حسن الظن بك.
وتؤكد الأخت جليلة رحالي ـ الأخصائية النفسية (فريق مشاكل وحلول) ـ ذلك بقولها: شيء عادي أن تكون الفتاة عنيدة في هذا العمر، وقد ترى في أخيها المانع الرادع لها من كل شيء تحبه.. لهذا فعليك كأخ أن تحميها.. وهذا ليس بأن تأمرها بهذا وذاك.. بل أولاً وقبل كل شيء يجب أن تكسب ثقتها، أن تراك بجانبها ليس كالحارس لكل تصرفاتها بل كأخ يحنو عليها، ويحب لها الخير ويبعث في نفسها الفرحة والسرور، وهذا التقرب يكون بإهدائها أشياء تحبها وشراء كتب أو مجلات مفيدة لها وأخذها للنزهة، وبالتصرف معها بلطف في البيت كملاعبتها، واقتراح عليها مباريات تتركها فيها تفوز دون أن تدري، وهذه الأشياء على صغرها ،فإنها جد هامة لتوطيد العلاقة، وبعدها، تقول لها أنها تبدو أجمل عندما تضع الخمار، أو أن شخصاً آخر أعطى هذه الملاحظة، لأن كل الأوامر منك سترفضها لا محالة، ويبقى أن تقترح عليها هذا أو ذاك، وتجعلها تأخذ قرارها بعد أن تجعل في أذنها همسة تجعلها تفكر مليًّا فيما تقول لها، فتلقيها منك كل شيء بلطف سيخلق في نفسها إحساساً بالأخوة الحقة، وستتبع نصائحك بعدها، نصائح لا تكون بطريقة الأمر، بل بطريقة الاقتراح، وجزاك الله خيراً، نحن دوماً في الخدمة إن شاء الله.
الحل
الأخ العزيز: حرصك على أختك والتزامها في ملبسها وسلوكها حرص محمود، ومتوقع منك إذا كنت ملتزماً حقاً كما تقول، ولكن دعني أنبهك عن التضاريس النفسية لمرحلة المراهقة التي تمر أنت وأختك بها:
من معالم هذه المرحلة إثبات الذات، والبحث عن اختيارات شخصية، وملامح لون وطعم وتوجهات في الحياة، وهي مرحلة انتقالية بين كونك - مثلاً - كنت طفلاً كبيراً إلى كونك الآن رجلاً صغيراً، وكذلك فإن أختك لم تعد الطفلة الوديعة "ذات الضفائر" كما كانت بالأمس، ولكنها أصبحت الآن "آنسة" صغيرة، و"أنثى" "تحت التكوين" ستصبح عمَّا قريب بإذن الله زوجة وأمًّا.
وشقاوة الأطفال، ومشاجرات ابتدائي لم تعد تصلح أسلوباً لإدارة العلاقة بينكما، كما أن الرجولة التي تنفجر طاقاتها في جسمك وذهنك لها ميادين متعددة للممارسة، ليس منها توجيه أختك وإرشادها فهذا ليس دورك، ولا تستطيعه بحكم أنك أيضاً "تحت التكوين".
المنتظر من هذه الرجولة المتفتحة أن تعطف وتحمي، وتشارك في الرأي والاهتمام بعد السماع، والتقرب، والود والمجاملات الأخوية البسيطة من هدايا في المناسبات، وعون عند الطلب .. إلخ.
وبقدر الذكاء الاجتماعي، والاقتراب سيكون التأثير، وستُلَيِّن الرأس العنيدة، فهي لا تلين إلا لمن يترفق، ولا يقابل العناد بعناد، ولكن يقترب ويهتم، ويساعد ويشارك، وإذا أراد أن ينصح أشار من بعيد "وكل لبيب بالإشارة يفهم"، الذي أرجوه أن يكون الوالد والوالدة على فهم ودراية بحساسية هذه المرحلة الحرجة من السن، وأن يكونوا على مهارة في إدارة علاقتهم بأختك، وعلاقتك بها لآن الشائع في مجتمعاتنا من اعتبار الأخ - القريب في السن من أخته أصلاً - رجلاً - ينضم إلى صف الآمرين الناهين، والمرشدين والموجهين لها، هذا النهج الخاطئ يفسد أول ما يفسد العلاقة بين هذا الأخ وأخته فاحذر هذا، إن كان موجوداً، فليس لك من الأمر شيء على الإطلاق غير ما ذكرته لك، ولا تكون "ديوثاً" لأن الديوث من لا يخاف على عرضه، وأنت لست كذلك بإذن الله، كما إن توجيه أختك وإصلاح أحوالها - وإن كان هناك خلل - لا يكون بالشدة، وليس مطلوباً منك، بل على العكس ينبغي أن تختار الدور المناسب لموقعك منها، وهو دور الأخ الحنون المهتم …. إلخ ما ذكرت لك.
تستطيع أن تكون الصديق الصدوق لأختك بقليل من الحكمة والجهد فتسمع لك، وتتأثر بكلامك "أيما تأثُّر"، ولكن كصديق، ومن المعروف عن هذه المرحلة أن الإنسان يتأثر فيها بمجموعة الأصدقاء أكثر مما يتأثر بالأسرة، "فهل لديك من الذكاء والقدرة ما يجعلك تدخل في هذه الدائرة المؤثرة في حياة كل مراهق، فتكون مع أختك وحولها، وتريدك هي كذلك: شريك اهتمامات، وموضع أسرار، وعونًا على صعوبات تلك المرحلة السنية .. وهي كثيرة أرجو أن تكون عند حسن الظن بك.
وتؤكد الأخت جليلة رحالي ـ الأخصائية النفسية (فريق مشاكل وحلول) ـ ذلك بقولها: شيء عادي أن تكون الفتاة عنيدة في هذا العمر، وقد ترى في أخيها المانع الرادع لها من كل شيء تحبه.. لهذا فعليك كأخ أن تحميها.. وهذا ليس بأن تأمرها بهذا وذاك.. بل أولاً وقبل كل شيء يجب أن تكسب ثقتها، أن تراك بجانبها ليس كالحارس لكل تصرفاتها بل كأخ يحنو عليها، ويحب لها الخير ويبعث في نفسها الفرحة والسرور، وهذا التقرب يكون بإهدائها أشياء تحبها وشراء كتب أو مجلات مفيدة لها وأخذها للنزهة، وبالتصرف معها بلطف في البيت كملاعبتها، واقتراح عليها مباريات تتركها فيها تفوز دون أن تدري، وهذه الأشياء على صغرها ،فإنها جد هامة لتوطيد العلاقة، وبعدها، تقول لها أنها تبدو أجمل عندما تضع الخمار، أو أن شخصاً آخر أعطى هذه الملاحظة، لأن كل الأوامر منك سترفضها لا محالة، ويبقى أن تقترح عليها هذا أو ذاك، وتجعلها تأخذ قرارها بعد أن تجعل في أذنها همسة تجعلها تفكر مليًّا فيما تقول لها، فتلقيها منك كل شيء بلطف سيخلق في نفسها إحساساً بالأخوة الحقة، وستتبع نصائحك بعدها، نصائح لا تكون بطريقة الأمر، بل بطريقة الاقتراح، وجزاك الله خيراً، نحن دوماً في الخدمة إن شاء الله.

مع الأهل الموضوع
لي أخ يبلغ من العمر 15 سنة ولكنه كثير المشاكل فهو لا يبالي بأي نقد أو توجيه من قبلي أو من قبل والديه ولقد حاولنا معه مرارا وتكرارا حتى نجعله يرضخ ويذعن وينفذ الأوامر ولكنه ازداد سوءا وترديا وقد حاولنا معه بأسلوب لين ولكنه لم ينفع وحاولنا معه بأسلوب قاس ولكنه لم ينفع فما الحل وما الطريق؟ المشكلة
الحل
الأخ العزيز: حرصك على استقامة أخيك حرص محمود لاشك في ذلك، واهتمامك بأمره متوقع منك بوصفك الأخ الأكبر.
ولكن المشكلة التي نحن بصددها هي بالتحديد شاب مراهق، وأسرة لا تعرف معنى المراهقة، وبالتالي تخطئ السبيل في التعامل مع ذلك الابن الذي يعيش عمره بما فيه من مصاعب.
والمراهقة يا أخي هي تلك المرحلة التي يمر بها الإنسان بدءاً من بلوغه الجسماني البيولوجي حتى نضجه النفسي والذهني، وهي كما ترى محددة البداية، ونسبية النهاية.
ومن معالم هذه المرحلة - التي يعيشها أخوك الآن - التمرد ليس سبب سوء الأدب، ولكن لإثبات الذات والاستقلال، ومحاولة تكوين شخصية لها معالم واختيارات، وهي مرحلة تتصف ببعض التشوش في تحديد هذه الملامح الضرورية لتكوين الإنسان، ويتم هذا التكوين عبر الرفض والقبول، والتجريب بما يحمل من احتمالات الخطأ والصواب. وتزداد المشكلة تفاقماً إذا كنتم تعيشون في بلد غربي به ما في هذه البلاد من مصاعب وتناقضات.
باختصار نحن أمام طاقة متفجرة لا يقودها عقل ناضج بعد، أو فرس جامحة لا لجام لها، أو ناقة شاردة، فهل يصلح للتعامل مع هذه الحالة ذلك الأسلوب الذي تتبعونه، والقائم على النقد بهدف "الرضوخ" و "الإذعان" و "تنفيذ الأوامر"؟
ما هذا يا أخي العزيز؟.. هل تتكلم بهذه الألفاظ عن إنسان هو أخيك، أم عن "عبد أبق" تريدون تأديبه؟! هل تتحدث عن تعامل اجتماعي راشد في محيط أسرة أم نظام عسكري صارم في ثكنة؟!
أخوك في سن حرجة، ويحتاج إلى تفهم من قريب، وهي مرحلة قال عنها الإمام علي كرم الله وجهه: "صادقه سبع"، أي بعد مرحلة الملاعبة في السنوات السبع الأولى ثم التأديب في الثانية يأتي دور الصحبة للسبع سنوات الثالثة تمهيداً لاستقلاله، ونضجه كرجل بإذن الله.
ولا يكون القرب هنا بالضغط ولا بالعنف بل بالإقناع والتفهم والتفاهم، ومعرفة ما يدور في ذهنه، وتوجيهه بشكل غير مباشر عبر ضرب المثال بنماذج حسنة، والتنبيه إلى العواقب الوخيمة التي حاقت بنماذج أخرى واقعية سيئة، فنرى في الحياة أمثلة لضائعين وفاشلين، ونرى أمثلة لطرق سوية، وأخرى منحرفة للوصول إلى الأهداف المرجوة.
ومن استعراض تجارب الحياة معه في ودّ، والاقتراب منه، من معرفة اهتماماته وأصدقائه وأقرانه عن كثب؛ يمكن تقديم النصح الهادئ، وإلا سينفر من بيت لا يرى فيه إلا النقد والضغط والرفض إلى دوائر أخرى، ربما تكون بداية نهايته، بينما لو وجد فيكم، وفيك أنت بالذات، الصدر الواسع، والعقل الراجح، والرأي الهادئ السديد فسيلجأ تلقائياً إليك في كل شئونه.
وأخيراً فإن ارتباط كلا منكما بالله عز وجل، وبرباط الحب الأخوي المتبادل، والحرص المشترك على خيره ونجاحه في حياته سيسهل كثيراً من هذه المهمة الشاقة إلا على من سهلها الله عليه.. والسلام.
جميع الاستشارات المنشورة على شبكة "إسلام أون لاين.نت" تعبر عن آراء أصحابها من السادة المستشارين ، ولا تعبر بالضرورة عن آراء أو مواقف تتبناها الشبكة. انقر هنا لقراءة اتفاقية استعمال الخدمة و الإعفاء من المسؤولية.
لي أخ يبلغ من العمر 15 سنة ولكنه كثير المشاكل فهو لا يبالي بأي نقد أو توجيه من قبلي أو من قبل والديه ولقد حاولنا معه مرارا وتكرارا حتى نجعله يرضخ ويذعن وينفذ الأوامر ولكنه ازداد سوءا وترديا وقد حاولنا معه بأسلوب لين ولكنه لم ينفع وحاولنا معه بأسلوب قاس ولكنه لم ينفع فما الحل وما الطريق؟ المشكلة
الحل
الأخ العزيز: حرصك على استقامة أخيك حرص محمود لاشك في ذلك، واهتمامك بأمره متوقع منك بوصفك الأخ الأكبر.
ولكن المشكلة التي نحن بصددها هي بالتحديد شاب مراهق، وأسرة لا تعرف معنى المراهقة، وبالتالي تخطئ السبيل في التعامل مع ذلك الابن الذي يعيش عمره بما فيه من مصاعب.
والمراهقة يا أخي هي تلك المرحلة التي يمر بها الإنسان بدءاً من بلوغه الجسماني البيولوجي حتى نضجه النفسي والذهني، وهي كما ترى محددة البداية، ونسبية النهاية.
ومن معالم هذه المرحلة - التي يعيشها أخوك الآن - التمرد ليس سبب سوء الأدب، ولكن لإثبات الذات والاستقلال، ومحاولة تكوين شخصية لها معالم واختيارات، وهي مرحلة تتصف ببعض التشوش في تحديد هذه الملامح الضرورية لتكوين الإنسان، ويتم هذا التكوين عبر الرفض والقبول، والتجريب بما يحمل من احتمالات الخطأ والصواب. وتزداد المشكلة تفاقماً إذا كنتم تعيشون في بلد غربي به ما في هذه البلاد من مصاعب وتناقضات.
باختصار نحن أمام طاقة متفجرة لا يقودها عقل ناضج بعد، أو فرس جامحة لا لجام لها، أو ناقة شاردة، فهل يصلح للتعامل مع هذه الحالة ذلك الأسلوب الذي تتبعونه، والقائم على النقد بهدف "الرضوخ" و "الإذعان" و "تنفيذ الأوامر"؟
ما هذا يا أخي العزيز؟.. هل تتكلم بهذه الألفاظ عن إنسان هو أخيك، أم عن "عبد أبق" تريدون تأديبه؟! هل تتحدث عن تعامل اجتماعي راشد في محيط أسرة أم نظام عسكري صارم في ثكنة؟!
أخوك في سن حرجة، ويحتاج إلى تفهم من قريب، وهي مرحلة قال عنها الإمام علي كرم الله وجهه: "صادقه سبع"، أي بعد مرحلة الملاعبة في السنوات السبع الأولى ثم التأديب في الثانية يأتي دور الصحبة للسبع سنوات الثالثة تمهيداً لاستقلاله، ونضجه كرجل بإذن الله.
ولا يكون القرب هنا بالضغط ولا بالعنف بل بالإقناع والتفهم والتفاهم، ومعرفة ما يدور في ذهنه، وتوجيهه بشكل غير مباشر عبر ضرب المثال بنماذج حسنة، والتنبيه إلى العواقب الوخيمة التي حاقت بنماذج أخرى واقعية سيئة، فنرى في الحياة أمثلة لضائعين وفاشلين، ونرى أمثلة لطرق سوية، وأخرى منحرفة للوصول إلى الأهداف المرجوة.
ومن استعراض تجارب الحياة معه في ودّ، والاقتراب منه، من معرفة اهتماماته وأصدقائه وأقرانه عن كثب؛ يمكن تقديم النصح الهادئ، وإلا سينفر من بيت لا يرى فيه إلا النقد والضغط والرفض إلى دوائر أخرى، ربما تكون بداية نهايته، بينما لو وجد فيكم، وفيك أنت بالذات، الصدر الواسع، والعقل الراجح، والرأي الهادئ السديد فسيلجأ تلقائياً إليك في كل شئونه.
وأخيراً فإن ارتباط كلا منكما بالله عز وجل، وبرباط الحب الأخوي المتبادل، والحرص المشترك على خيره ونجاحه في حياته سيسهل كثيراً من هذه المهمة الشاقة إلا على من سهلها الله عليه.. والسلام.
جميع الاستشارات المنشورة على شبكة "إسلام أون لاين.نت" تعبر عن آراء أصحابها من السادة المستشارين ، ولا تعبر بالضرورة عن آراء أو مواقف تتبناها الشبكة. انقر هنا لقراءة اتفاقية استعمال الخدمة و الإعفاء من المسؤولية.

ابنتي التى تبلغ من العمر14 سنة بدأ يظهر عليها نوع من القلق المفرط، وترد على والديها بعصبية وقلق، وتحاول أن تتدخل في كل الأمور، جزاكم الله خيرًا.
السؤال
عالم المراهقة الموضوع
فريق الاستشارات التربوية اسم الخبير
الحل
تقول الدكتورة الزهراء شاهين أخصائية الطب النفسي:
السائل الفاضل:
إن ما تعانى منه ابنتك في عامها الرابع عشر من قلق مفرط أمر طبيعي في هذه المرحلة، فقد كبرت الفتاة التي كنت تدللها بالأمس، وصارت تطالب بحق الاحترام والاعتراف بها كناضجة تستطيع تحمل مسئولية هذا النضج، ومن أهم الحقوق حق إبداء الرأي الذي يؤكد إثبات الذات، واعتراف الكبار بانسلاخها من الطفولة.
وفي هذه المرحلة يتعرض المراهق/ المراهقة لنوع من تغيرات النمو البيولوجية داخله، في الوقت الذي تتغير فيه نظرة المجتمع إليه باعتباره مراهقًا، ولم يَعُد يُنظر إليه كطفل؛ وبالتالي يبدأ المجتمع في معاملته معاملة مختلفة،هذا من ناحية.
ومن ناحية أخرى أصبح واعياً ومدركًا للتغيرات التي تحدث له في مرحلة المراهقة؛ لأن نمو الوعي والإحساس بالواقع وإدراكه أصبح موجودًا ومستقرًّا ، بل يصل في هذه المرحلة لقِمَّته، وكما يزداد الذكاء في هذه المرحلة،في الوقت الذي لم يكن الطفل ينتبه لتغيرات النمو التي تحدث له في مراحل الطفولة المبكرة والمتأخرة.
وإذا كان هذا هو الحال بصفة عامة، فإن الفتيات أكثر إجبارًا على إدراك هذا التغير عندما يدق مغص أيام الدورة الشهرية في جسدها أول مرة فجاءة.
وفي ظل كل هذه المتغيرات المتلاحقة المباغتة يقع المراهق/ المراهقة - و المراهقة بصفة خاصة - تحت وطأة ضغط عصبي ونفسي رهيب هو مزيج من القلق والاضطراب الذي لا دخل له فيه لدرجة كبيرة، والذي يظهر في صور القلق والاضطراب وعدم الثبات على رأي أو ميل، ومحاولة التدخل في كل الأمور. ولكن كيف و بما نتسلح لمواجهة هذا القلق الذي تعاني منه المراهقة كما في هذه الحالة؟
بالتفهم الكامل لما تعاني منه وامتصاص غضبها؛ لأن هذه المرحلة هي مرحلة انفجار الغضب، مما يجعل المراهقة شخصًا سهل الاستثارة والغضب.
ببناء جسر من الصداقة معها، والعمل على نقل الخبرات لها بلغة الصديقة والأخت لا لغة ولي الأمر، بأن تشرح لها التغيرات التي تحدث في أعماقها وجسدها؛ لتزيل الحرج عن عالم الأسئلة الصعب الذي توجهه ويمثل ضغطًا نفسيًا لها، ولأن هذه الصداقة هي الحماية الأولى لها من أي زلل أو تخبط غير محسوب.
على الأم أن تعامل الفتاة كصديقة وأخت تُنصت لها وتسمع بصبر شديد وتفهم وتقبل، وتناقش معها كل ما يخطر ببالها، تناقش أفكارها وكل ما تنقله عن الآخرين (كزميلات المدرسة والنادي والجيران) من أفكار.. وحتى الأفكار التي قد تبدو غريبة وشاذة مهما كانت، بهدوء وصبر بحيث تطمئن الفتاة إلى أمها وتصبح هي صديقتها الأولى ومكان سرها، فتستطيع الأم في هذه الحالة أن تنقل خبراتها للفتاة وتصحح مفاهيمها.
ما نريد أن نقوله: إن على الأم أن تكون نِعْم العون ونعم السند، ففي هذه المرحلة تصبح هي المسئولة الأولى عن شرح كل شيء للفتاة.
و إلا ….فعالم الإنترنت في متناول الجميع.
السؤال
عالم المراهقة الموضوع
فريق الاستشارات التربوية اسم الخبير
الحل
تقول الدكتورة الزهراء شاهين أخصائية الطب النفسي:
السائل الفاضل:
إن ما تعانى منه ابنتك في عامها الرابع عشر من قلق مفرط أمر طبيعي في هذه المرحلة، فقد كبرت الفتاة التي كنت تدللها بالأمس، وصارت تطالب بحق الاحترام والاعتراف بها كناضجة تستطيع تحمل مسئولية هذا النضج، ومن أهم الحقوق حق إبداء الرأي الذي يؤكد إثبات الذات، واعتراف الكبار بانسلاخها من الطفولة.
وفي هذه المرحلة يتعرض المراهق/ المراهقة لنوع من تغيرات النمو البيولوجية داخله، في الوقت الذي تتغير فيه نظرة المجتمع إليه باعتباره مراهقًا، ولم يَعُد يُنظر إليه كطفل؛ وبالتالي يبدأ المجتمع في معاملته معاملة مختلفة،هذا من ناحية.
ومن ناحية أخرى أصبح واعياً ومدركًا للتغيرات التي تحدث له في مرحلة المراهقة؛ لأن نمو الوعي والإحساس بالواقع وإدراكه أصبح موجودًا ومستقرًّا ، بل يصل في هذه المرحلة لقِمَّته، وكما يزداد الذكاء في هذه المرحلة،في الوقت الذي لم يكن الطفل ينتبه لتغيرات النمو التي تحدث له في مراحل الطفولة المبكرة والمتأخرة.
وإذا كان هذا هو الحال بصفة عامة، فإن الفتيات أكثر إجبارًا على إدراك هذا التغير عندما يدق مغص أيام الدورة الشهرية في جسدها أول مرة فجاءة.
وفي ظل كل هذه المتغيرات المتلاحقة المباغتة يقع المراهق/ المراهقة - و المراهقة بصفة خاصة - تحت وطأة ضغط عصبي ونفسي رهيب هو مزيج من القلق والاضطراب الذي لا دخل له فيه لدرجة كبيرة، والذي يظهر في صور القلق والاضطراب وعدم الثبات على رأي أو ميل، ومحاولة التدخل في كل الأمور. ولكن كيف و بما نتسلح لمواجهة هذا القلق الذي تعاني منه المراهقة كما في هذه الحالة؟
بالتفهم الكامل لما تعاني منه وامتصاص غضبها؛ لأن هذه المرحلة هي مرحلة انفجار الغضب، مما يجعل المراهقة شخصًا سهل الاستثارة والغضب.
ببناء جسر من الصداقة معها، والعمل على نقل الخبرات لها بلغة الصديقة والأخت لا لغة ولي الأمر، بأن تشرح لها التغيرات التي تحدث في أعماقها وجسدها؛ لتزيل الحرج عن عالم الأسئلة الصعب الذي توجهه ويمثل ضغطًا نفسيًا لها، ولأن هذه الصداقة هي الحماية الأولى لها من أي زلل أو تخبط غير محسوب.
على الأم أن تعامل الفتاة كصديقة وأخت تُنصت لها وتسمع بصبر شديد وتفهم وتقبل، وتناقش معها كل ما يخطر ببالها، تناقش أفكارها وكل ما تنقله عن الآخرين (كزميلات المدرسة والنادي والجيران) من أفكار.. وحتى الأفكار التي قد تبدو غريبة وشاذة مهما كانت، بهدوء وصبر بحيث تطمئن الفتاة إلى أمها وتصبح هي صديقتها الأولى ومكان سرها، فتستطيع الأم في هذه الحالة أن تنقل خبراتها للفتاة وتصحح مفاهيمها.
ما نريد أن نقوله: إن على الأم أن تكون نِعْم العون ونعم السند، ففي هذه المرحلة تصبح هي المسئولة الأولى عن شرح كل شيء للفتاة.
و إلا ….فعالم الإنترنت في متناول الجميع.
الصفحة الأخيرة
الحل
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته..سيدتي الفاضلة والأم الحنون.
معذرة لو وجدت مقدمة هذه الاستشارة على خلاف سابقتها.. فإليك لقطات، إنها ليست لقطات سينمائية ولا مسرحية ولا من مسلسل عربي.. إنها لقطات لأحداث واقعية وقعت لبنات في سن ابنتك منذ ما يقرب من 10 سنوات.
اللقطة الأولى:
بنت في الثانية عشرة من العمر تعيش في كنف أسرة مستقرة، ولكن تعاني من تعسف الأب في تقبل وتفهم طلباتها العادية.. أسبوعيا فستان جديد مثل باقي زميلاتها تختاره بنفسها، الخروج مع صديقاتها خلال عطلة الأسبوع كانت متفوقة حتى إنها فازت بجائزة السفر إلى إحدى دول أوربا وافق الأب، فهو من وجهة نظره قد ربى ابنته جيدا، ودخلت هذه الفتاة الطائرة، وما إن غادرت الطائرة أراضي الوطن حتى تعهدت الابنة أمام نفسها بأن تكسر خلال هذه الأسابيع الثلاثة القادمة (فترة السفر) كل أنواع القيود، وأن تعيش كما يحلو لها، فكفى بها متعة أن يختار المرء الحياة التي يعيشها وأسلوبها وقد كان.
اللقطة الثانية:
ابنة أخرى أكبر سنا (14 سنة) تعيش وسط أسرة تربي على التقاليد.. التقاليد فقط، وليس الدين، يطمح الوالدان أن يريا الابنة متفوقة في دراستها وعملها حتى يفتخر بها أمام الأعمام والخالات، المهم عندهم المظهر؛ لذا عملا على أن تلبس أحسن الملابس من أوربا وأن تسافر كل عام في الخارج لا مانع من أن تتعرف على الشباب طالما كانوا أولاد ذوات كما يقولون.
وفي حين غفلة من أهلها أخذت تقرأ بعض الكتب الدينية الإسلامية، وأخذت تسأل عن الدين ودون علمهم أخذت تستمع إلى الدروس الدينية في الشرائط، وتذهب لتحضر بنفسها لعدد من الشيوخ الأفاضل، باختصار هداها الله تعالى إلى الطريق المستقيم، فقامت الدنيا ولم تقعد، الأب ينهر ويسخر ويعترض، بل يضرب، والأعمام والخالات ما بين ساخر وناقد، ووقفت وحدها أياما، وأشهرا وسنين تدافع عن اختيارها، فهي اختارت واقتنعت وهداها الله أليس هذا سببا كافيا لتحمل المشاق والمتاعب؟
نرجع إلى واقعنا الحالي نرجع إلى ابنتك الحبيبة سوزي، فهي تحتاج إلى هذا الإحساس إحساس أنها اختارت بنفسها لنفسها يومها، يومها فقط ستجدينها تدافع عن رأيها واحتياجها النابع من داخلها، بل تقتنع كل من حولها به.
كيف السبيل إلى ذلك؟
في البدء لا بد أن نحمد لله سبحانه وتعالى أنها لم تدخل طور البلوغ والتكليف بعد، وهذا يجعل الأمور أسهل في التعامل كما يقول الإستراتيجيون: "الوقت في صالحنا"، هناك عدد من الأمور لا بد من اتباعها، وهي كلها من الأهمية بحيث لا يمكن إغفال واحدة منها أو التقليل من شأنها.
أولا: خلق الجو والبيئة المناسبة
والمقصود بذلك استبدال جو أولاد وبنات العم والخال بصحبة جديدة ذات أخلاق ودين وأمانة، تعيش معهم حياة تتسم بالطاعة وفي نفس الوقت حياة كلها انطلاق ومرح (مباح).
بمعنى صحبة تخرج معهم في نزهة إلى النادي، يقمن بالطهي سويا في المطبخ، يذهبن سويا لتعلم الكمبيوتر في الصيف، وفي نفس هذا الوقت يلتزمن سويا بالصلاة، تصحبينهم في اختيار الملابس المحترمة المناسبة، (أعرف أن إحدى المشاكل التي ستقابلك هي عدم وجود الملابس المناسبة لهذه السن في السوق المصرية، فقد تقررين – مثلي – العودة إلى الخياطة: وهذا فيه ميزة أن الابنة باختيارها للألوان والأقمشة ستشعر بأن مجال الاختيار مفتوح بالنسبة لها).
ما أريد أن أقوله: الصحبة.. الصحبة .. الصحبة.. وقد صدق رسولنا الكريم صلي الله عليه وسلم: "المرء على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل".
على أن يكون اختيار هذه الصحبة من قبلك انتقاء واعيا وغير متسرع، فعليك اختيار الشخصيات التي تتناسب مع شخصية ابنتك، فلا تختاري صحبة رياضية مثقفة ثقافة عالية جدا، وإن لم تكن ابنتك كذلك حتى يحدث الاندماج المطلوب.
كما أن الاختيار يحتاج إلى وعي وتدقيق ووقت ومجهود، كذلك طريقة تعرف ابنتك على هذه الصحبة لا بد أن يكون بصورة طبيعية غير تعسفية.
لا أدعو أبدا لأن تقطع صلة الرحم ببنات العم والخالة، ولكن ليكن تواجدها في الفترة القادمة وسط هذا الجو أقل ما يمكن وفي نطاق محدود؛ فنحن كلنا ندرك كم الضغوط النفسية وكم الآثار السلبية التي تمثلها مثل هذه الصحبة.
ثانيا: تدريب الابنة على مهمة الاختيار
الحمد لله مرة ثانية ابنتك لم تبلغ بعد، وهذا يجعلنا نقول (بقلب جامد) اجعليها تختار بين الحين والحين أشياء تروق لها؛ حتى وإن كانت في نظرك غير مناسبة مع إظهار الضيق وعدم الرضي الكامل عن هذا الأسلوب، ولكن هذا وحده لا يكفي لا بد من الكلام، لا عن موضوع اللبس فقط، بل اجعلي الملابس هذه مجرد مدخل لأمور أهم: لماذا نفعل ما نفعل؟ كيف نختار؟
لابد أن تعيش معني الآية "وما خلقت الجن والأنس إلا ليعبدون" الموضوع ليس مشكلة ملابس مناسبة أو غير مناسبة، الموضوع أعمق من هذا.
عليك وبأسلوب المتفهم لطبيعة المرحلة التي تمر بها وبأسلوب الأم الحنونة أن تفهميها أننا نعيش حياتنا لغرض وهدف وغاية.
ألا وهي خلافة الله على الأرض، وكل ما يصب في هذا الهدف مما شرعه الله هو طاعة، فالمأكل الحلال طاعة، واللبس الحلال الأنيق المتناسق في ألوانه وشكله طاعة، تعلم اللغات طاعة .. كل ذلك نثاب عليه.. وبالتالي علينا دوما أن يقع اختيارنا على ما فيه الثواب وما جوهره الطاعة لله.
كيف؟ هذا هو السؤال
ولا إجابة على كيف هذه سوى القدوة، عليها أن ترى فيك الأم التي تعيش حياة الطاعة .
فمجرد تذكرها أننا سنخرج سويا للتنزه؛ لأن الترويح عن النفوس إن صاحبته النية الصالحة يكون طاعة، وأنها إن اختارت ملابس أنيقة ومتناسقة؛ ففي مظهر المسلم الجميل دعوة للغير، وأنك تبذل طاعة لله فالأصل في اختيارنا للأفعال والأقوال وأسلوب الحياة هو الطاعة لابد أن يكون هذا هو الهم الأكبر.
ولتنمية القدرات مع الاختيار إليك سيدتي بعض النقاط العملية:
لابد من أن يترك لها مساحة للاختيار في كل ما هو مباح والأمثلة كثيرة: اختيار نوع الرياضة التي ستمارسها، اختيار الطريق لاستثمار وقت الفراغ، اختيار المصيف مثلا إن أمكن ذلك، وتوجيهها بهدوء ولطف دون تعسف ودون ضغط.
وللأسف هناك خطأ شائع عند كثير من الأسر في عالمنا العربي، فنحن نضيق آفاق الاختيار لدى أبنائنا فينشئون بلا قدرة على الاختيار، وقد اعتادوا الانقياد إلى أوامر وتعليمات الأهل، وهذا يعني الحياة بلا قضية يدافعون عنها، وهذا هو "الوهن" والضعف، فالضعيف سبب ضعفه الأول إنه لم ينعم بحرية الاختيار، فلم يختر لنفسه هدفا ولا غاية؛ فعلام "القوة والشدة والبأس"؟ ولعلاج هذا الخطأ أرى أن نرفع شعار "ارفعوا أيديكم عن أولادكم فيما يخض حرية الاختيار".
و لمزيد من المعلومات المفيدة حول هذا الموضوع يمكن الرجوع إلى الموضوعين التاليين:
أختي المراهقة عنيدة .. أين المشكلة
المراهقات ..الصلاة.. الحجاب ..برنامج للاقتراب
جميع الاستشارات المنشورة على شبكة "إسلام أون لاين.نت" تعبر عن آراء أصحابها من السادة المستشارين ، ولا تعبر بالضرورة عن آراء أو مواقف تتبناها الشبكة لقراءة اتفاقية استعمال الخدمة و الإعفاء من المسؤولية