سكارلت
سكارلت
أختي بنت البحر

بوركت يمينك

ننتظرك :26:
zahya
zahya

الحلقة الثامنة

آذار00 الرّبيع موسم التفتح والجمال ,ولكنه مختلف بالنسبة للصيَّادين,دائماً ياتي بوجهين,يوم مشرقٌ بحرُه هاديءٌ يغري بالركوب,وآخرغائمٌ بحره هائجٌ يوحي باليأس من فرج قريب0
في أحد هذه الأيام المتشحة بالقنوط خرج عادل من البيت وإحساس بالضيق يزعجه0
مشى في الحارات الضيقة على غير هدىلايقصد هدفاً معيناً, فقط يريد أن يمشي عبر الأزقة, ولاعجب في ذلك, فهو رغم زيارته لعدد كبير من مدن العالم, وموانىء شهيرة ومشاهدته لمظاهر الحضارة فيها ,والتي تفتقد جزيرته الصغيرة الوادعة إلىأقلِّها تطوراً, فإنَّه كان يحب أزقتها الخانقة حباً جماً,ولكنَّ حبه الكبير هذا كاد اليوم أن يتحول كرهاًًًًًًًًً عندما رأى جمهوراً غفيراً من القطط, وقد تجمَّعت حول أكوامِ القمامة الملقاة خارج البيوت دون أكياس, والذباب والبعوض يحوم حولها بشكل مقزِّز,ورائحة كريهة تنبعث منها جعلته يحسُّ بالغثيان والاشمئزازفأغلق أنفه بإصبعيه,والذباب يحيط به كأنَّه وليمة شهيَّة له ,فأسرع باجتياز الحارة التي اشتهرت بعدم نظافتها بخلاف بيوت سكانها,والتي تسبب حرجاً لأهالي الجزيرةأمام السُّيَّاح 0
وبعد تراجع الذباب عنه لابتعاده عن رائحة الأوساخ ,رفع إصبعيه عن أنفه,واستنشق الهواء بملء رئتيه هرباً من الإختناق وسرعان ما تجدد شعوره بحب الجزيرة فحدَّث نفسه : آه لوكنت رئيساً للبلدية 0
فسأله داخله: وماذا كنت ستفعل ياشاطر ؟
أجاب نفسَهُ: الكثير الكثير0
فقال: كلُّهم يقولون مثلك في البداية ,ثم ينسون ويطنّشون عندما يصبحون رؤساء0
فقال: ولكنَّني لن
فقاطعه ساخراً: لن تصبح رئيساً 0
خرج من دائرة الأسئلة والأجوبة ليجد نفسه مواجهاً البحر غرب الجزيرة0
امتطى صهوة صخرة عالية قديمة التاريخ مجهولته وجلس فوقها مبهوراً بعظمة الأمواج الصاخبة التي راحت تضرب شواطىء الجزيرة بثأر لا يعرفه0
حاول اكتشاف المجهول بنظرة إلى الصخور المجاورة,والبعيدة يستطلع منها ملابسات الثأر,ولكنَّه فشل في استدراجها للإعتراف0
جثا صامتاً ,وحائراً تتقاذف الأمواج أفكاره ثمَّ تلقي بها فوق كتل الصُّخور القاسية ,والصامدة فتكسرها بالعناد0
أحس بالبرد يأكل عظامه,فوقف يحرك رجليه كجندي أثناء التَّدريب ليطرد البرد من شرايينه قبل أن تتجمَّد فيها الدماء ,عندما ترجل عن صخرته قدَّمت له الأمواج بغتة هدية بشريَّة جعلت جسده يرتعش لدقائق كادت خلالها أطراف لسانه تقرض تحت أسنانه المضطربة عندما فقد السيطرة علىمشاعره وهو يرى كرم البحر يستقرُّ فوق الصخور خارج الماء0

يتبع

مع تحيات

بنت البحر

يكفيكم فخراً فأحمد منكم***وكفى به نسباً لعزِّ المؤمن
zahya
zahya
سكارلت

ندى

شكراً لكما غاليتيَّ

أختكما

بنت البحر
سكارلت
سكارلت
بمزيد من الإعجاب والإنبهار





أنتظرك يا غالية :26:
zahya
zahya

الحلقة التاسعة

استجمع قواه لاهثاً فهو رجل, والخوف ليس من شيم الرجال,ونظر إلى بيوت الجزيرة المجاورة للبحر وأزقَّتها النحيلةالمودية إليه علَّه يجد من يساعده في انتشال مالفظته الأمواج خارج فيها المخيف 0
ثمة رجلين كانا فوق أحد السطوح في عمل ما سمعا صوته يستنجد بهما فأسرعا بالنزول إليه0
تعاون الرجال الثَّلاثة في إخراج الجثَّة المنتفخة التي حوصرت بين الصخور0
كانت جثَّة رجل مجهول الهويَّة ,مشوَّه الملامح ,مقيَّد بالحبال وشبه عار0
لم يتعرَّف أحد على الجثة شأن كلِّ جثَّة تحملها الأمواج عادة إلى شواطىء الجزيرة0
أخطر المخفر بامر الجثة فأُمر بدفنها في المقبرة قرب مدافن الغرباء بعد الصَّلاة عليها0
في المساء جلس عادل أمام التلفاز يشاهد نشرة الأخبارمن إحدى المحطَّات الكثيرة والتي يلتقطها الهوائى بسهولة في الجزيرة0
وعندما دعته زوجته للعشاء اعتذر بلباقة بحجَّة عدم شعوره بالجوع ولفقدان الشَّهيَّة 0
وبإلحاح من والدته تناول بضع لقيمات عاد بعدها لمتابعة النشرة الجويَّة في التلفزيون المحلي0
سألته والدته وقد جلست بالقرب منه:هل توصَّلوا لمعرفة صاحب الجثة ؟
أجابها دون اكتراث:من هم؟
هي: رجال المخفر0
قال ببرود:إنَّهم بضعة رجال وهم ليسوا بمحقِّقين0
فسألته:ومن سيتولَّى التَّحقيق إذن؟
فأجابها مشفقاً: لاتشغلي بالك ياأمّ عادل 0هم يعرفون عملهم أكثر منا0
فسألته بحزن:وأهل الغريق ألن يسألوا عنه؟
أجابها: حتماً هم يسألون ولكن لاأحد يعرف عنهم شيئاً0
قالت :أهو من بلدنا؟
أجابها: ربَّما أو من بلد عربي أو أجنبي00البحر واسع ياأمي والأمواج تقرب البعيد وتبعد القريب0
اقتربت منه قليلاً وهمست في أذنه: هل في الأمر جريمة؟
أجابها بفتور:ربَّما فالجثَّة وجدت مقيَّدة بالحبال:
سألته: ولِمَ قيَّدوه بالحبال؟
أجاب بضيق: لم أكن معهم عندما قيَّدوه0
فسألته: هل ألقي من إحدى السفن إلى البحر؟
أجابها وهو ينظر إلى زوجته:ربَّما أو قد يكون مات في السفينة فألقوه في البحرلأن البحر مقبرة أموات السفن,أو قد يكون قُتِلَ فيها مقيَّداً ثمَّ القوه للتَّخلص من آثار الجريمة أو ربَّما قتل فوق اليابسةوالقي في البحر فحملته الأمواج الينا أو قد يكون انتحرو
فقالت وهي تنظرإلى سراب التي كانت تصغي إليهما: من الأفضل أن تبقى صيَّاداً إن شبعنا يوماً أو جعنا سنة0
جثَّة الغريب حرَّكت الألام المُسَكَّنة بمشاغل الزَّمن 00هيَّجت الشجون الدَّفينة في الصدور فتمرَّدت على سجَّانيها وتفجَّرت براكين دمع غسلت بها النسوة قبور الأحبَّة أباً00أخاً00زوجاً وولداً
وأمَّا الذين لم يؤتى بجثثهم إلى الجزيرة فقد زار ذووهم قبور الغرباء ووضعوا فوقها الرياحين0
استطاعت هذه الجثَّة المنتفخة أن تفجِّر طاقات ٍ إبداعية في رواية القصص المحزنة عن أبطال حقيقيين من أهل الجزيرة غادروها وهم يبتسمون وعادوا إليها في توابيت مغلقة أو لم يعودوا كالغرباء0
ومنهم من ذهب للعلم فقتل قبل أن يعود لرفضه العمل في دول الأعداء 0
فقالت سراب وهي تسمع مثل هذه القصص : عندما يصبح لي طفل لن ارسله للدراسة هناك 0
وتمر الأيام يطويها الزمن في سجله يوماً بعد يوم ويلقي بها في ملَّفات العمر
المهملة ,يثور خلالها البحر ويهدأ00يثور ويهدأ ويعلو بطن سراب ثم يبدأ بالهبوط,تحدد القابلة القانونية التي تقيم في الجزيرة موعد الولادة التي ستتم في البيت لعدم وجود مستشفى لأجل هذا الغرض0
لاشيء يستوجب القلق هكذا قالت القابلة

مع تحيات

بنت البحر

يكفيكم فخراً فأحمد منكم***وكفى به نسباً لعزِّ المؤمن