ستكون الدورة على هذا النحو..كل يوم جزئين..
الدرس الأول سيكون 3 اجزاء..والدرس الثاني 3 اجزاء..والثالث جزئين والرابع جزئين..
أول يوم سيكون الجزء 1 و2 من الدرس الأول..
ثاني يوم الجزء الثالث من الدرس الأول والجزء الأول من الدرس الثاني..وهكذا..
أولا نفهم أنفسنا ومن ثم نتحكم بها ومن نفهم الآخرين ونؤثر بهم..هذا محور الدورة بإذن الله
ملاحظه :لاتقلقن من كثرة الحديث فهي دورة واقعيه ليست حديث كتب بل حديث تجارب..واغلبها امثله قد مررت بها وكيف تعالجينها..تابعن واقرأن بهدوء.
........

الجزء الأول:
اولا : اعرف نفسك (الادراك او الوعى الذاتى )
،إذ إن كل واحد منا يظل يردد: إنه أدرى بنفسه، وأعلم بعلله ونقاط ضعفه، وهذا صحيح إلى حد ما، لكن حين نعرف أن الواحد منا لا يعيش في جزيرة معزولة، وأن إنجازاته وعلاقاته تتعرض للتقييم والنقد المستمر من قبل الآخرين و ان البشر مختلفون
و لذلك فانك لن تستطيع ارضاء البشر كلهم مهما حرصت و سيكون هذا على حساب تاكيدك لنفسك و ذاتك و فى نفس الوقت لن تستطيع ان تعيش معزولا منفصلا عن مجتمعك
و لذلك لابد من وضع معايير لتقييم نفسك هذه المعايير التى تتناسب مع قناعاتك الدينية و افكارك الشخصية و مع اعراف المجتمع المقبولة
و حين نعرف كل ذلك يبدأ اكتشافنا لتعقيدات الوعي الذاتي والتبصر الشخصي.

فما هو الوعى الذاتى :
و هو القدرة على فهم النفس و رصد الذات
اولا: بالوعى الذاتى انا انشئ علاقة وثيقة مع نفسى قبل ان اطالبها بعلاقة جيدة مع الآخرين لابد اولا ان اتعارف عليها ...فكلما تعرفت عليها اكثر كنت اكثر فهما لها و لسلوكياتها و افكارها و دوافعها
و مشاعرها و قيمها و ساكون اكثر معرفة بمواطن ضعفها لتقويتها و مواطن القوة لتنميتها و استثمارها بل انى سوف احبها و سوف ابذل جهدا اكبر فى سبيل تطويرها و تنميتها و الاخذ بايديها نحو المعالى
يقول الله جل و علا :" بل الإنسان على نفسه بصيرة* ولو ألقى معاذيره "
فكم من امرئ لا يدري أنه عليل؛ لأن في رأسه بعض العلوم، ولو فتّش عن نفسه ربما وجدها مليئة بالمشاعر التي لم تعالج، والخشونة التي لم تهذب ورُبّ إنسان قليل في معارفه،
إلا أنه عميق الإخلاص، كثير التفتيش عن عيوبه، والاعتراف بتقصيره، هذا بلا شك أرقى من الذي رضي عن نفسه واغتر بها،

ثانيا : عندما اعرف نفسى جيدا ساكون اكثر قدرة على التعبير عنها و عن احتياجاتها و رغباتها و بالتالى ساساعد الآخرين فى التعرف عليها و التعامل معها بناء على معرفة تامة بها تبعا لما اقوله أنا و ليس بناء على ظنهم و تخميناتهم
و هذا يوجد نوعا من التفاهم و يحسن من التواصل
ثالثا : عندما اتعرف على نفسى جيدا فساكون اكثر فهما للآخرين و اكثر قدرة على فهم مشاعرهم و افكارهم وقيمهم و دوافعهم بالمقارنة مع ذاتى و بالتالى اتبين مواطن الاتفاق و مواطن الاختلاف بينى و بينهم
و اتقبلهم كما هم بناء على العوامل المؤثرة فيهم بل ساكون اكثر قدرة على معرفة مواطن الضعف و مواطن القوة فى الآخرين و بالتالى التاثير فيهم بتعزيز مواطن القوة و تطوير
مواطن الضعف
لكن يبقى السؤال ....كيف اتعرف على نفسى ؟
لكن يمكن القول ان شخصية الإنسان تتكون من مزيج من: الدوافع و العادات والميول و العقل و العواطف و الآراء و العقائد و الأفكار و الاستعدادات و القدرات والمشاعر والاحاسيس و السمات التى تشكلت على مدار ما مضى من عمرنا و التى هى ايضا قابلة للتغيير في الآتى من حياتنا
ويتاثر تكون هذه الشخصية بعوامل عدة : منها العوامل الوراثية و الابوان و المدرسة و المعلمون و الاصدقاء و الاعلام ثم انت نفسك و نظرتك الى ذاتك
كل هذه المؤثرات تعمل فى شخصياتنا التى نشات اول ما نشات على الفطرة السوية (فطرة الله التى فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله ذلك الدين القيم )

فالفطرة كالعجينة اللينة التى من الممكن ان تتشكل على شكل ملاك و من الممكن ان تتشكل على شكل شيطان و لكننا جميعا من بنى أدم يتم تشكيلنا على شكل بشر نحمل من صفات الملائكة و نحمل من صفات الشياطين و تختلف هذه النسبة من فرد الى أخر تبعا للمؤثرات التى تعرض لها
ينعدم الوعى الذاتى عند الاطفال حديثى الولادة فانه لا يشعر الا بانه جزء من والدته و يبدا الوعى الذاتى ينضج شيئا فشيئا فتجد
الطفل يتعرف على جسده و ينظر ليديه و قدميه ثم يبدا فى التعرف على الالفاظ و الكلمات و يلتقط فكرته عن نفسه فى البداية من كلمات ووصف المحيطين به
فعندما يسمع الطفل امه تقول انه (ولد شقى) ...يخزن هذه الكلمة ...حتى يتعرف تدريجيا على معناها ...و يرسخ لديه انه شقى فلا يمكن ان تكذب امه ...و يبدا يتصرف تصرفات الاشقياء حتى يثبت وجوده و ذاته لانه شقى
و لذلك فاننا نوصى الاباء وصية حارة بالا يطلقوا مثل هذه الالفاظ و لا يرددوها على اسماع ابنائهم حتى لا تصبح جزءا من مفهوم الطفل عن ذاته و يتصرف وفقا لها ...انت شقى ...انت غبى ...انت كاذب
و عندما يكبر الطفل و يذهب الى المدرسة و يختلط بالاصدقاء يتاثر ايضا برأى اصدقائه و معلميه فى شخصيته
المفكر الكبير عبد الوهاب المسيرى رحمه الله كان له حديثا يروى قصة حياته و يذكر انه كان فاشلا دراسيا و كان يرسب فى المرحلة الابتدائية ...وفى احدى المراحل الدراسية كان احد معلميه يلقبه بالعبقرى ....مجرد لقب لقبه اياه معلمه للتشجيع اعطى له دفعة كبيرة حتى يثبت لمعلمه انه فعلا عبقرى

و لذلك اقول انتبه كلماتك تبنى الوعى الذاتى لدى طفلك
و عندما نتعرف على الجزء الطيب فى ذواتنا و نعترف و نتقبل ان فينا جزءا خبيثا ...سنكون اقدر على تطوير الطيب و استئصال الخبيث ...فاول العلاج التشخيص
و عندما نتعرف اكثر على العوامل التى ادت الى ظهور هذا الخبيث سواء كان مغروسا فى جيناتنا الوراثية او من تربية خاطئة او من اصدقاء سوء او من معلمين جهلاء او من اعلام قبيح او من غيرها
نكون قد وضعنا يدنا ليس على المرض فقط بل على سببه ايضا و بالتالى سنكون اكثر قدرة على العلاج المتجه نحو السبب و ليس الى مجرد العرض
فالمريض بالصداع يمكن ان يذهب الى الطبيب فيعطيه مسكن للصداع ...هل هذا عالج المرض ؟ بالطبع لا
لابد للطبيب الحاذق ان يتعرف على سبب الصداع حتى يعطى الدواء المضاد للسبب
و هكذا فى امراض النفس
ياتى السؤال وماهى مكونات هذه الشخصية التى احملها ؟
.
.
عندما تحدث علماء النفس عن مكونات الشخصية وضعوا لها الكثير من المكونات و التى يمكن ان نلخصها فى خمس مكونات رئيسية :
الروح : التى هى نفخة من روح الله عز وج
العقل : العقل البشرى بما يحمله من افكار و معتقدات و دوافع و قيم و مبادئ
النفس :ما يحمله الانسان من مشاعر و احاسيس وميول و مواهب و خبرات
الجسد :هو الاطار المادى الذى يحمل كل ما سبق
السلوك : فهذا الكائن ليس معزولا بل هو عضو فى الجماعة البشرية على اختلاف مستوياتها و تتحدد ذات الانسان بموقعه داخل هذه الجماعة البشرية
و بالتالى عندما تريد ان تفهم نفسك ابدا بالتعرف على كل جزء من هذه الاجزاء
و يحتاج التعرف على النفس الى وضعها دوما تحت المنظار و الى محاسبتها و التعرف على خباباها و الى عقد جلسة يومية معها و كانك تجلس مع طبيب نفسى على الكرسى المداد المشهور
ان اهم ما يفعله المستشار او الطبيب النفسى هو اتاحة الفرصة لمريد الاستشارة للحديث عن نفسه بحرية كاملة ...فلماذا لا نقوم بهذه المسالة مع انفسنا
إن الاهتمام والملاحظة واليقظة الذهنية والشعورية أدوات مهمة في فهم أنفسنا ، وعلينا أن ننمي هذه الأدوات، ونستخدمها من أجل الحصول على أعلى درجة من الاستبصار الذاتي،
تدريب مهم :
عليك أن تأخذ قراراً جاداً بان تعود نفسك على أن تستقطع دقائق فى نهاية كل يوم .. أو نهاية كل أسبوع لمحاسبة النفس .. وعليك أن تجيب على عدة أسئلة هامة .. مثل :
-كيف هى علاقتى القلبية بربى ؟
- كيف كانت سلوكياتى اليوم ...ماهى الاعمال الجيدة التى قمت بها و ماهى الاعمال التى لا ترضينى او لم ترض الاخرين ؟
- ماهى الافكار التى سيطرت على عقلى اليوم و هل هذه الافكار افكار ايجابية تساعدنى على الانجاز ام انها افكار سلبية تكرس الاحباط و القعود ؟
- كيف كانت مشاعرى اليوم ؟ هل هى مشاعر ايجابية ام سلبية ؟
- كيف كانت عنايتى بجسدى اليوم ؟ و كيف كان مظهرى العام ؟
فحساب النفس – دون إسراف أو تأنيب للنفس – وكذلك فهم وملاحظة الذات .. أمور بالغة الأهمية .
ولكن احذر من الانشغال بملاحظة الذات أكثر مما ينبغي .. حتى لا تتوتر وحتى لا تنشغل عن أن تعيش حياة تلقائية بسيطة .
فالأمر لا يتطلب أكثر من تعلم عادة جديدة .. هي تخصيص عدة دقائق فى نهاية كل يوم لتدوين ملاحظاتك وإجاباتك على الأسئلة السابقة .. أو اى أسئلة أخرى تجول بذهنك .. وذلك فى
كراسة خاصة أو أجندة أو حتى شريط تسجيل.
على المرء أن يصوغ ما لديه من أفكار ومشاعر وانطباعات وملاحظات و سلوكيات في تعبيرات وجمل واضحة ومنظمة ومسلسلة، وذلك بغية الرجوع إليها عند إرادة التفكير في الشأن الشخصي تماماً
كما تفعل مؤسسة تجارية حين تعد تقريراً عن أوضاعها العامة من أجل مناقشته في اجتماع من الاجتماعات المهمة.
و هذه تمثل مرحلة جمع المعلومات .. ونحن نعلم أن اى عمل علمي دقيق لابد وان يعتمد على معلومات صحيحة ودقيقة . والمعلومات التى يستمدها الفرد عن نفسه .. لا تعتمد فقط على ملاحظاته عن ذاته .. وإنما تعتمد ايضا على ردود الفعل التى يتلقاها من الآخرين ، وذلك من خلال التعامل اليومي معهم .. والاحتكاك المستمر بهم .
. وتؤدى عملية الملاحظة والمتابعة ، فى حد ذاتها ، دوراً تغييريا .. فالذي يلاحظ ويدون عدد المرات التى يكذب فيها .. أو عدد المرات التى يشتم فيها .. أو عدد المرات التى ينفعل فيها بلا داع .. سيلاحظ بعد فترة انخفاض عدد مرات تلك العادة السيئة انخفاضا ملحوظا .
وذلك أن ملاحظة عادة أو سلوك ما ملاحظة علمية .. يومية .. منظمة .. والتركيز عليها .. يؤدى إلى تغييرها نتيجة وضعها فى دائرة الوعي بصورة مستمرة ومنظمة
يقول الله تعالى " وفى أنفسكم أفلا تبصرون" ........فسبحان الله العظيم
اولا : حاول أن ترى نفسك كما هي لا كما تحب أن تراها ، ستواجهك بعض المصاعب حيث أن الدفاعات النفسية ( مثل الكبت والإسقاط والإنكار والتبرير ) ستحول بينك وبين هذه الرؤية الموضوعية
عندما نرى فى انفسنا صفة سلبية معينة فكثيرا ما نلجأ الى الانكار (انا لست كذلك ) او الى التبرير (بايجاد الاسباب و المبررات التى دفعتك الى ذلك ) او الى الاسقاط (بان اتهم دوما الاخرون انهم السبب ) او الى الكبت ( بان اتجاهل هذا الكلام تماما و كانه لم يقال اصلا )
انصحك بان تكون شجاعا و صريحا فى رؤية نفسك ... تحمل المسئولية ...اعترف باخطائها مهما كانت بشاعتها .......لانك بهذا الامر ستكون اكثر قدرة على اصلاحها
وعليك أن تعلم أن الفرد إذا كذب على الآخرين وراوغهم لكي يحافظ على صورته – الزائفة طبعا – أمامهم .. فإنه لا يجب أن يكذب على نفسه .. كما أن عليك أن تدرك أن الإسراف فى استخدام
الحيل النفسية (كالتبرير والكبت والإسقاط .. وخلافه) لتجنب مواجهة الحقيقة يؤدى حتما إلى عمى البصيرة .. أو ما يطلق عليه البعض عمى القلب ..وعندها يكذب الفرد .. ويصدق نفسه .. يعيش فى أوهام وضلال .. وينغمس بالتدريج فى ظلام لا أول له ولا أخر.
-مثال : تهانى فتاة جميلة و الكل يشيد بحسنها و جمالها ولكنها تشعر بمشاعر سلبية شديدة عندما يشيد ابوها باحد اخواتها من حيث الجمال او الاخلاق او النجاح
انها تشعر بمشاعر الغيرة و يظهر ذلك على سلوكها العام بالغضب و الانفعال او السخرية من اخواتها او اغتيابهم أوايذائهم و لكنها لا تعترف بذلك
و لكن عندما ينمو لديها الوعى الذاتى و تعترف اولا بهذه المشاعر ....و تتقبلها ...ستكون اكثر قدرة على تبين اسباب هذه المشاعر الغير ارادية و على التعامل معها بحكمة و نضج
ثانيا : اسأل الناس المخلصين الصادقين من حولك أن يحدثوك عن نفسك بصراحة ، وتقبل رؤيتهم حتى ولو لم تعجبك
اجعل لسان حالك يقول ( رحم الله امر آ اهدى الى عيوبى )
اعلم تماما ان الامر صعب و خاصة ان كان النقد امام الاخرين او كان باسلوب يحمل معانى السخرية و التهكم
فمن حقك ان تشعر بمشاعر الغضب ...و من حقك ان تحزن ...و لكن حذار ان تكابر او تلجا الى الحيل النفسية التى ذكرناها سابقا
و عندما تهدأ موجة غضبك ...اجلس مع نفسك هل انا احمل هذه الصفة السلبية حقا....ستحاول نفسك الانكار ..لا تدع لها الفرصة ان تتملص
قل لها حتى وان لم تعترفى بذلك فان هذا لن يمنع الناس ان يروك هكذا .......هل انت كذلك ؟....و ان لم يكن لماذا تظهرين بهذه الصورة امام الناس ؟
والشخص الناضج عاطفيا هو الذى يستمع لجميع الآراء باهتمام .. و يستمع بهدوء وتعقل وبلا انفعال للآراء المضادة .. . كما أن استشارة الأقارب والأصدقاء المخلصين وسماع رأيهم .. فى جو من الود والأمان يسمح لهم بالنقد البناء و البعد عن المجاملة أمر هام .. بل وكسب لا يقدر بثمن ,لأنه يمد الفرد بما يسمى بالتغذية الرجعية .. ويسلط الضوء على بعض الجوانب التى لا يراها .. أو التى يهرب من رؤيتها
فلكل منا نقطة عمياء فى ادراكنا لانفسنا ...اننا نحب ان نرى فى المواقف المختلفة ما نريد ان نراه فقط و نتجاهل بشكل لا ارادى ما لا نريد ان نراه
مثال : ثابت شخصية محبوبة و اجتماعية و جذابة يستمتع جدا بتواجده مع اصدقائه و يشعر بانجذابهم نحو افكاره و ارائه و يرى فى عيونهم نظرات الاعجاب و يسمع منهم كلمات المدح و الاطراء
و لكنه فوجئ بصديقه يخبره انه بالرغم من انه يستمتع بصحبته و
حديثه الا انه يشعر انه (يسيطر او يحتكر الجلسة ) فهو لا يسمح للآخرين بالتعبير عن انفسهم و آرائهم و ليس لديه الرغبة فى الاستماع اليهم و هذا ما يسبب لهم بعض الضيق
ثابت كان غافلا عن هذا و لا يرى الا متعته الشخصية و متعه الاخرين بحديثه و لم ينتبه الى هذا الامر الا بنصيحه صديق مخلص
ثالثا : اقبل نفسك كما أنت فقبول نفسك وعدم إدانتها يجعلك أكثر قدرة على التخلص من أخطائك ومن نقاط الضعف فيك
و ان تتقبلها اى ان تقتنع تماما انه من الطبيعى ان تكون في نفسك معايب و سيئات و هذا لا يحط ابدا من قدرها و لا من شانها ....مهما كانت بشاعة اخطائك .....فكل ابن ادم
خطاء...بل ان استمرارك فى تجاهل او التبرير او الاسقاط او الانكار يزيد الامر سوءا و يظهرك بمظهر العنيد الذى لا يريد الاعتراف باخطائه و لا يحاول تغيير نفسه
كن شجاعا فى الاعتراف باخطائك و اعتذر الى من اخطات اليه ...فان هذا يمنحك راحة نفسية كبيرة و يحمل عن كاهلك هم كبير
من حقك ان تلوم نفسك ...فقد اقسم جل و علا بالنفس اللوامة (و لا اقسم بالنفس اللوامة ) و اعلى من قدرها و لكن احذر من المغالاة فى ذلك فانه مدعاة الى الاحباط و التوقف عن الاصلاح
مثال : جميلة زوجة محبة لزوجها ...و لكنها شديدة الحساسية ...تفسر كل تصرف منه على انه تجاهل او اهانة او عدم حب ...فتغضب و تثير المشكلات على اتفه سبب
جميلة كانت تواجه هذا النقد من اهلها و اخواتها و لكنها لا تعترف بهذا الامر و دائما ما تلقى باللوم عليهم و كذلك تفعل مع
زوجها ...فبعد اى مشكلة تحاول تبرير موقفها و اتهامه انه السبب مما يجعله دوما فى موقف الدفاع عن نفسه او موقف الهجوم المضاد مما يجعل المشكلة اكبر مما تحتمل
و لكن عندما تتعرف جميلة على نفسها و على مشكلتها وتعترف جميلة بخطئها و عيبها لنفسها (انها شديدة الحساسية )....و تتقبل هذا العيب .....و تفتش عن اسبابه .....و تعترف به لزوجها ...و تعبر عن مشاعرها التى تشعر بها بمنتهى الصراحة دون اتهام زوجها ....ثم تعتذر عن انها اساءت الظن
به ....سيكون زوجها اكثر تقبلا و انفتاحا و اكثر رغبة فى معاونتها و تجنب مواقف الحساسية لديها
تخيل انت صديق اخطا فى حقك و جاء معتذرا و معترفا ...هل سيكون موقفك منه كآخر تجاهل الامر او حاول التبرير لنفسه او حتى اتهمك انك انت السبب ....و هذا ما نقع فيه فى خلافاتنا الزوجية او الخلافات بين الاباء و الابناء ....كل يلقى بالتهم على الآخر ...لاننا لا نريد ان نعترف باخطائنا
اننا نعتقد دوما (انا لا اخطئ ) ...الاخرون هم من يخطئون فى حقى .....و هذا هو الكبر بعينه
قال تعالى فى عرضه لصفات اهل الايمان : (و الذين إذا فعلوا فاحشة او ظلموا أنفسهم ذكروا الله فاستغفروا لذنوبهم و من يغفر الذنوب إلا الله و لم يصروا على ما فعلوا و هم يعلمون)
رابعا : راقب دوما روحك و قلبك
روحك نفخة من روح الله تعالى وسعادة هذه الروح و صلاحها هى فى اتصالها بالاصل جل و علا
قال تعالى : ( والذين امنوا و تطمئن قلوبهم بذكر الله ألا بذكر الله تطمئن القلوب )
و يقول ( هو الذى أنزل السكينة فى قلوب المؤمنين ليزدادوا ايمانا مع ايمانهم )
فكلما كنت موصولا روحيا بخالقك كلما كان رقيك و صعودك و تطورك فى مدراج الصعود اسرع و اكثر كفاءة بلا شك
و لا اعنى تقييمك لروحك هو مدى التزامك الدينى بالفرائض و
النوافل او البعد عن المحرمات و المكروهات فهى مجرد سلوكيات قد تتحول الى عادات او هى مجرد وسائل لتقوية هذا الاتصال الروحى
بل اقصد تماما مدى حضور قلبك مع ربك يوميا
مدى استشعارك وقوفك بين يديه و انت تصلى له ...مدى ذكرك لربك و انت فى معترك الحياة ...مدى توكلك عليه و انت تبادر الى عملك ...مدى شكرك له عند احراز اى نجاح ....مدى استعانتك به امام العقبات ...مدى استخارتك له عند
التحير ...و مدى لجوءك له عند احتياجك العون....هذا الحضور القلبى هو ما اقصده تماما
فان لم تتصل روحك بخالقها فقد تتصل بغيره ....دوما راقب نفسك و تعرف اين تذهب و مع من يكون قلبك
قد تتصل بحبيب يكون فيه كل رجائها ....قد تتصل بعرض من الدنيا يكون فيه كل امالها ...دوما اسال نفسك ؟ اين قلبى ؟
تجد كثير من الملتزمين دينيا يؤدون الفرائض و النوافل و ينتهون عن
المحرمات و المكروهات و لا يتوسعون فى المباحات و لكن تجدهم يحملون نفوسا غير سوية من ناحية الصحة النفسية و يشعرون دوما بالحزن و القلق و الكآبة وجوههم متجهمة و السنتهم لاذعة و يعانون من مشاكل كثيرة فى علاقاتهم الاجتماعية 0000
هؤلاء لم ياخذوا من الدين الا مظاهره و لم يعلموا منه الا شرائعه و جهلوا او غفلوا عن روح الدين
إن الدين ليس أحكامًا جافة، وأوامر ميتة، إنه قلب يتحرك شوقًا ورغبة، شوقًا يحمل صاحبه إلى المسارعة في الخيرات وهو يردد:
"وَعجِلتُ إلَيكَ رَبِّ لِتَرْضَى" فكيف نحوّل التكاليف الصعبة إلى شيء سائغ مرغوب؟ كيف نصنع الضراعة الحارة لتسوق أرواحنا إلى الرحيم الودود؟
هذا الجانب و ان كان مهملا عند الغرب و دراساتهم و لكنى اراه جزءا هاما فى تكوين الشخصية المسلمة التى تتحقق فيها سعادتها و نجاحها
يقول جل و علا : ( و من أعرض عن ذكرى فان له معيشة ضنكا )
- ضع معيارا معينا ليسهل عليك تقييمك للجانب الروحى و صلته بالخالق جل و علا
على سبيل المثال :
* استحضارك للنية فى كل عمل تقوم به
* مدى ذكرك لربك خلال اليوم
*مدى حضور قلبك عند ادائك لصلواتك الخمس
*مدى استعانتك بربك قبل اى عمل
* مدى شكرك لربك على انهائك لاعمالك
- قيم مدى اتصالك بربك خلال اليوم بوضع نسبة تقديرية
- قيم بمن تعلقت روحك اليوم بخلاف ربك ....برئيسك ..بحبيبك ...بعملك ...بابنائك
اسال نفسك دوما : اين قلبى ؟
خامسا : راقب دوما قيمك :
القيم هى مجموعة من المفاهيم التى تحدد خط سير الانسان فى هذه الحياة للوصول الى اهدافه
و يبدأ الانسان في تكوين الاتجاهات والقيم الذاتية منذ الصغر فقيم مثل الصدق او الامانة او النظام و النظافة يتعلمها الصغار منذ نعومة
اظفارهم و لكن عندما يخرج الاطفال الى العالم الخارجى يتشربون من القيم المتواجدة داخل مجتمعاتهم فنجدهم يتأثرون بخليط مضطرب من قيم العصبية والقبلية، مع قيم الحضارة الغربية بالإضافة إلى القيم الاعلامية و القيم الاستهلاكية
، فحضارة المادة اليوم تربط الإنسان بالأرض وتقطعه عن السماء، وتعلق ذاته بمطالب الدنيا وتُذهلها عن مطالب الآخرة
ولا شك أن قيم التقوى الإسلامية تعالج كل هذه الأخلاط المشوِّهة للذات، فهي تمنح الذات ثقة وقدرة خاصة على الكشف، ومعرفة مدى القصور في كل زاوية من دروبها، فكل درب وميدان يتطلب
قيمًا إيجابية معينة، توجه الذات وأنماط السلوك نحو هدف معين، وهذا بداهة يتطلب تزكية خاصة مستمرة لا توجد إلا في قيم التقوى.و التى نعتبرها المعيار الامثل لتقييم قيمنا و مبادئنا
ففى هذا العالم اصبحت قيم مثل الكذب و النفاق اصبحت
دبلوماسية .....و الغش اصبح فهلوة ....و الخداع شطارة ...و العفاف تخلف......و العرى
تحضر ....و ....و....فعلم نعتمد على تحديد و تقييم قيمنا فلابد من وضع معيار لكل قيمة يتم تقييمها عليه حتى لا تصبح الصورة مشوهة و لا اجل و لا اعدل من قيم التقوى
و لكل منا منظومة من القيم يعتبرها اولويات فى حياته و هذه القيم هى التى تشكل افكاره و بالتالى تظهر على سلوكه و اهدافه و نختلف غالبا فيما بيننا فى تحديد اولويات هذه القيم
على سبيل المثال:
عندما تتزوج الفتاة فانها تعتبر ان الزواج تتمثل فيه مجموعة من القيم الهامة بالنسبة لها منها :الحب والامومة و الصداقة و المسئولية
و تختلف الفتيات فى تحديد الاولويات :
فهناك من تقدم قيمة الحب عن المسئولية فتجدها محبة لزوجها و لكنها مقصرة فى تحمل مسئولياتها كزوجة
و هناك من تقدم قيمة الامومة عن الحب فنجدها تولى كل اهتمامه بطفلها على حساب اهتمامها بزوجها
و هناك من تقدم قيمة الصداقة (بين الزوجين ) على الحب فهى تسعى الى الحوار و الصداقة اكثر من سعيها لتبادل الحب
و قد تختلف هذه القيم عن الزوج الذى يرى فى الزواج قيم الاستقرار و النجاح
و يقدمها على قيم مثل الحب و الصداقة
و يكون اختلافنا فى القيم و اختلافنا فى تحديد الاولويات سببا رئيسيا من اسباب مشاكل سنة اولى زواج
مثال اخر : فى مرحلة الطفولة تحتل قيمة الامومة الاولوية الاولى فى حياة الطفل فى حين قد تكون الصداقة هى الاولوية الاولى فى حياة المراهق (مما يستثير حفيظة الاهل فى كثير من الاحيان )
ثم تاتى قيمة الزواج لتحتل المرتبة الاولى فى مرحلة اخرى او قيمة العمل او غيرها
مثال آخر : يشعر محمد دوما انه غير محبوب من والديه و انهم ينتهزون كل فرصه لنقده و توبيخه مع انه شخصية هادئة الطباع ملتزم دينيا و لكنه لا يحب المذاكرة و يحرز نتائج اكاديمية غير مرضية
هو يرى ان التفوق الدراسى غير مهم يكفى ان ينجح و ينتقل الى المرحلة الاعلى و والديه يرون ان التفوق الدراسى قيمة لا يمكن النجاح فى الحياة بدونها
و هنا تحدث المفارقة بين قيم الوالدين و القيم الشخصية لمحمد
*****