جلست الخياطة العجوز تثرثر مع زبائنها الكثر بينما تدون مساعدتها كل الملاحظات .. وأثناء ذلك دخلت سيدة صغيرة إلى المشغل وتقدمت نحو الخياطة فصافحتها بابتسامة رقيقة ثم جلست في انتظار دورها ..
ورغم أن تلك الخياطة كانت تخيفها بنظراتها الغريبة التي تبدو لها أحيانًا زائغة تنفذ إلى ما خلف الأشياء إلا أنها ظلت تتعامل معها لمهارتها وإقبال الناس عليها ..
كانت السيدة صاحبة وجه جميل وعينين بسواد الليل .. وكانت في كل مرة تظل بحجابها مع أن معظم السيدات يبادرن بخلع العباءة في ذلك المشغل ويتزين أمام المرآة وكأنهن ذاهبات إلى سهرة ..
وريثما يجيء دورها راحت تتشاغل بتصفح بعض مجلات الأزياء وتوزيع الابتسامات والنظر بقلق إلى ساعتها الأنيقة ..
- مرحبًا بك سيدة سلافة هل من خدمة ؟؟
- أجل .. أريد خياطة ثوب للسهرة ..
- هل معك القماش والموديل ..
- نعم ولكنني أريد رأيك في الموديل وبعض الإضافات إذا سمحت ..
وبينما تصف لها ما تريد راحت الخياطة تحملق في وجهها بتلك النظرات المخيفة .. فأخذت سلافة تعجل بالوصف لتتخلص من هذه الزيارة الثقيلة وترحل بسلام ..
أخيرًا تم الاتفاق ونهضت سلافة وأعطت الخياطة ظهرها استعدادًا للرحيل فإذا بالخياطة تهتف من خلفها :
- ذو العقد !!!
استدارت سلافة بحركة حادة ونظرت إلى الخياطة باستغراب قائلة :
- عفوًا ؟؟
لكن الخياطة لم تجبها وظلت تنظر من خلال جسدها وكأنما تحول إلى جسم شفاف يظهر ما خلفه .. فتراجعت سلافة بخوف ثم أسرعت إلى الخارج وركبت السيارة وقد كتمت أنفاسها ..
- ماذا دهاك يا عزيزتي ؟؟
- لا شيء تلك المرأة غريبة الأطوار بالفعل وهي تثير خوفي ..
قهقه زوجها بمرح وهو يقول :
- كالعادة .. لا أدري لماذا تصرين على المجيء إليها إذن ..
- إنها الأفضل كما تعلم .. ولا بديل عنها .. هيا بنا ..
وانطلقت السيارة مخلفة وراءها ظل رجل يرتدي السواد ويتأملها بعمق .. وهي تمضي ..
************
تــيــمــة @tym_1
عضوة فعالة
يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.
ها أنت تطلين من جديد ...
تيمتي الحبيبة ..
بخطوات واثقة .. كما عهدناك دومًا ...
ننتظر بقية ( ذو العقد ) بشوق قدر شوقنا إليك .. يا غالية ...
أرجو ألا تطيلي الغيبة .....
ـــــــــ..... ملاحظة صغيرة ..
لماذا لا يكون الخط بالحجم العادي ؟..
أشعر أن الكلمات تتزاحم في وجهي بهذا الخط الكبير !!!
بارك الله فيك .....
تيمتي الحبيبة ..
بخطوات واثقة .. كما عهدناك دومًا ...
ننتظر بقية ( ذو العقد ) بشوق قدر شوقنا إليك .. يا غالية ...
أرجو ألا تطيلي الغيبة .....
ـــــــــ..... ملاحظة صغيرة ..
لماذا لا يكون الخط بالحجم العادي ؟..
أشعر أن الكلمات تتزاحم في وجهي بهذا الخط الكبير !!!
بارك الله فيك .....
وهم : أشكر متابعتك .. لن أطيل عليك باذن الله ..
عصفورة : لأجل عيونك سأصغر الخط .. المهم أن تستمتعي بالقراءة .. لا أريد أن ينغص عليك شيء .. كم عصفورة عندي ؟؟
عصفورة : لأجل عيونك سأصغر الخط .. المهم أن تستمتعي بالقراءة .. لا أريد أن ينغص عليك شيء .. كم عصفورة عندي ؟؟
الصفحة الأخيرة
- كالقمر ليلة اكتماله ..
اقترب منها جلال وهو يغمز قائلاً :
- انك تغرينني بالتنازل عن سهرتي للبقاء معك ..
ضحكت سلافة بنعومة وقالت :
- ما كنت لأسمح لك أن تفوت سهرة بمثل هذه الأهمية ..
عاد جلال يعدل من وضع غترته معقبًا :
- أجل .. إنها من الأهمية بمكان ..
كان جلال رجلاً ناجحًا بكل المقاييس .. وكان يعرف متى يخطو خطوته في مجال العمل .. ومع من يوثق علاقاته لذلك راح يرتقي سلم النجاح بسرعة .. وكثر من حوله الحساد .. بينما ظلت زوجته تحدث عنه في كل مجلس لشدة فخرها به .. بل إنها لم تكتف بذلك .. فراحت تحكي عن أخلاقه وجماله وروحه المرحة وحنانه الأبوي مع أطفاله الثلاث .. ولم تترك شاردة ولا واردة إلا تحدثت بها في غير تعقل وأمام كل إنسان .. حتى أصبحت مضرب الأمثال في السعادة الزوجية .. وراحت كل سيدة تندب حظها على زوجها الخائب .. وكل فتاة تدعو ربها أن يرزقها رجلاً مثل جلال ..
ورغم أن المضايقات الهاتفية ازدادت في الآونة الأخيرة .. ظلت سلافة سعيدة بزوجها ودائمة الفخر به .. ولم تحرك تلك المعاكسات في نفسها أي شك أو ريبة ..
أما جلال فكان على علم بما تفعله زوجته .. إلا أنه لم يحاول منعها .. ربما لأن ما تفعله يرضي شيئًا من غروره ويثبت له عميق حبها له ..
انطلق جلال إلى سهرة العمل .. بينما قامت سلافة بترتيب ثيابه الملقاة في كل زاوية ثم اطمأنت على الأطفال النائمين .. وبعدها أخذت تتشاغل بقراءة قصة ريثما يعود زوجها .. وغفت عينها قليلا ..
كانت الحجرة مظلمة عدا ضوء ضعيف ينبعث من فوقها ليسمح لها بالقراءة .. ورأت سلافة في حلمها نفس المنظر .. الحجرة المظلمة وكل شيء في مكانه لكن زوجها كان نائمًا إلى جوارها .. أما هي فكان شكلها مختلفًا .. كان شعرها بنيًا فاتحًا ينسدل على أكتافها .. وكانت بشرتها برونزية جميلة .. وكانت عيناها عسليتان .. ولم تكن ترتدي تنورتها القصيرة الجينز بل كانت ترتدي قميصًا أبيضًا من الحرير الذي لم تملكه يومًا .. وكانت تنظر إلى زوجها النائم بحب جارف .. وتحاول لمسه .. وفجأة .. وقبل أن تصل يدها إلى رأسه ظهر أمامها رجل مهيب يرتدي السواد .. ويمسك في يده بأغلال حديدية رهيبة .. ثم يهز يده متوعدًا ويهمهم بكلمات لم تستطع فهمها .. وحينها شعرت بصداع يجتاح رأسها بعنف .. واستيقظت وهي ترتجف رعبًا ..
إن أكثر ما يزعجها من تلك السهرات التي يدعى إليها زوجها أنها لا تجده جوارها حين ترى كابوسًا ..
نهضت من مكانها بسرعة وخرجت تلتمس شيئًا من الطمأنينة عند أطفالها الصغار .. واتخذت لها مقعدًا بين الأسرة بعد أن أشعلت مصباحًا .. ثم استرجعت ما رأته بخوف .. وهي تحاول تفسيره بصعوبة ..
في النهاية هزت رأسها بقوة وقالت :
- لا معنى لذلك أبدًا .. انه الشيطان يريد أن يخوفني فحسب ..
وحين جاء زوجها أسرعت تحشر نفسها في أحضانه .. لكنها لم تنبس ببنت شفة .. وهو أيضًا لم يسألها إذ كان متعبًا ..
************