rose blanche

rose blanche @rose_blanche

عضوة نشيطة

رحلة التحدي مع السرطان المرحلة الرابعة

مريضات السرطان شفاهن الله

بسم الله أفتتح هذه الصفحان لأحدثكم عن رحلة التحدي في مواجهة السرطان الذي انطلق من رحمي لينتشر بجسدي لذلك لم أستطع تبويبه في سرطان الرحم اذ لم يقتصر على ذلك بل بث جنوده باذن الله في القولون العصبي والبويضتين والحبل الفاصل بين الجهاز الهضمي وجهاز التنفس والغشاء الذي يغطي الرئة اليمنى والثدي الأيمن ...الحمد لله على كل حال فكيف بوسعي أن أقتصر على نوع واحد
وفي هذه الصفحات سيجد قارئها من خلال تجربتي كل ما يرتبط بمظاهر الأصابة بسرطان الرحم وعوامله الجسمية والنفسية لكنها ليست هذه المعارف والمعلومات من طبيبة أورام سرطانية أو من باحثة في هذا المجال انما هي معلومات من انسانة عادية خاضت هذه التجربة وتنقلها بكل واقعية حسب معارفها المحدودة وتجاربها مع الحياة...والمرحلة الأولى التي سأفتتح بها الحديث هي قبل اكتشاف الأصابة بسرطان الرحم:

المرحلة الأولى:

أنا فتاة على عتبة الخمسين من عمري عزباء أعمل في مجال التعليم .واجهت في حياتي ضغوطات نفسية لكن بفضل الله كان الأمل دائما يحدوني والصبر بلسمي وكنت لاابوح بمشاعري ولا ضعفي الا لأرحم الراحمين ...وقد شهدت في السنوات العشر الأخيرة تغيرا ملحوظا في جسمي ونفسيتي وطاقتي الجسمية وقد كنت أوعز ذلك الى مرحلة اليأس وانقطاع الطمث مبكرا اذ لم أتجاوز الثانية والأربعين من عمري ..ولم يدر في خلدي أن مبعث ذلك هو بداية السرطان خاصة وأنه مرض قد تفشى في أسرتي ...الا أنني حينما بلغت الأربعين حرصت كا الحرص على الغذاء الصحي للتخفيض من وزني من ناحية والمحافظة على صحته من ناحية خاصة حينما أخبرني طبيب الأسرة أن جسمي مؤهل للاصابة بمرض السكري مثل أمي ,,,
الا أنني لم أكن كثيرة الحركة لأعاقتي برجلي اليمنى وطبعا عادة الكسل أيضا لن أخفيها ,فكنت أقتصر في حركتي بين السعي للعمل والمساعدة في الأعمال المنزلية مما زاد الطين بلة ووجدت الخلايا السرطانية مستقرا لها في رحمي .
انقطع الطمث لدي في سن مبكرة مثلما ذكرت آنفا وقد حز في نفسي كثيرا خاصة وأنني منذ طفولتي وأنا أحلم بانجاب البنين والبنات لأفيض عليهم من الحنان والحب مثلما تنعمت به من أبوي
وفي تلك المرحلة بدأت أعراض انقطاعه فالدورة الشهرية تظل لثلاثة أشهر منقطعة ثم تسيل الدماء في ليلة واحدة بكمية مرتفعة اضافة الى تلك الهبات الحرارية التي تجعلني أتفصد عرقا والاحساس بالضجر والوحدة والملل
هي في حسباني ظواهر طبيعية ترتبط بمرحلة اليأس ما قبل انقطاع الطمث .لكن الأمر مختلف بالنسبة الي لأنني كنت أحيانا بين الفينة والأخرى أجد بعض الطمث الذي تغير لونه الى الأزرق وماكان ينبعث منه منروائح يدل على أن الأمر غير عادي .وللأسف قابلت ذلك بالهمال واللامبالاة ..ولم أخل من سيلان بولي وتلك هي العلامة الأولى من علامات الأصابة بسرطان البويضة ..وبين الفينة والأخرى أجد دما في الغائط خاصة حينما أتناول اللحوم الحمراء والعلامة الثانية هي أنني لم أشهد في العشر سنوات الأخيرة اعتدالا في حاجتي الطبيعية اذ كنت بين اسهال حاد لأشهر يعقبه امساك حاد وهذه الظاهرة هي العلامة الثانية لبروز السرطان وأما من حيث الجانب النفسي فلا تسل عن حالتي اذ كنت أعتزل الناس مع أنني في شخصيتي قبل الأصابة اجتماعية وهبني الله القدرة على فتح القلوب لأتربع عليها و ضجرت من عملي وأصبحت أشعر بالاجهاد والتعب لأقل مجهود وشهدت زيادة في الوزن بصورة غير عادية اذ كنت أجعل متنفسي حين الشعور بالوحدة في الطعام وأسرف في ذلك فزاد ذلك في معاناتي وانعدم التركيز لدي حتى أثناء عملي فتعددت غياباتي وشعرت بجذوة طموحي تكاد تندثر شعلتها الا ان ايماني العميق بان الله بيده الخير هو الذي يهون علي مصابي ويمدني بالصبر فتنقضي تلك العلامات في حياتي دون أن تلحق أذى كثيرا في سير حياتي العادية .
72
79K

يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.

تسجيل دخول

rose blanche
rose blanche
وفي السنتين الأحييرتين قبل اكتشافي لاصابتي بمرض السرطان أصبحت أضجر من الحديث حتى مع أبوي وأفراد أسرثي وكثيرا ما راودتني أفكار ترتبط بالانتحار وأن لاجدوى من وجودي في هذه الحياة وهي مشاعر كان في حسباني أنني أواجه حالة من الاكتئاب الا أنه لم يدر في خلدي أن ذلك من الدمار الذي كان ينتشر في خلايا جسمي ودائما الحمد لله كنت ألجأالى الله في ضعفي فيهون الأمر علي ويمدني بالقوة والمساعدة وكنت كثيرة الصدقات التي بفضل الله تفرج كروبي وأختم القرآن الذي يزيل الاكتئاب عن نفسي ...وأما عن غذائي فقد أصبحت أتجنب كل ما يحدث لي امساكا وأكثر من تناول الخضر لعلي أتخلص من الأمساك الا أنه بالسرطان أضحى حالة مزمنة وأصبحت أجد صعوبة في التنفس لمجرد ارتقائي بعض درجات السلم و دائما أعلل ذلك من البدانة ومن وزني الزائد
وذات ليلة من سنة 2014 بينما كنت أروم الاستلقاء على فراشي للنوم أذ انقطعت أنفاسي تماما فهرع أفراد أسرتي من حولي واستدعي طبيب الأسرة وكنت مغشيا علي و أختي تحتضنني لكن برحمة الله حين قدوم الطبيب عاد التنفس الى مجراه ورفضت الذهاب الى الاستعجالي لأنه كان في حالة مزرية و بذلك طلب مني الطبيب اجراء صورة مقطعية بالأشعة عن رئتي لأنه كان يخشى أن اكون قد أصبت بمرض السل عافانا وعافاكم الله فأراد أن يزيل الشكوك خاصة وأن مناعتي ضد الزكام قد نقصت فكثيرا ما أصبت به في السنتين الأخيرتين .
ومن الغد رافقتني أختي لأنجاز الأشعة المقطعية ثم اتجهت الى طبيب الأسرة .وبعد أن اطلع عليها ارتسمت على وجهه علامات الوجوم فخالجتني هواجس ومخاوف حول حالتي الصحية الا أنني كعادتي أهون الأمر قائلة :"الحمد لله أنا بخير ...بيده الخير "
فأردف الطبيب قائلا :"أرجو ذلك ...وأرجو ألا تكوني قد أصبت بما يدور في خلدي "
ونظرت الى الأشعة فألفيت رئتي اليمنى وقد غشيت بغطاء شفاف من قطرات الماء برمتها .فتفاجأت لرؤية هذا المشهد ودون تفكير قلت :
_"سبحان الله رئتي اليمنى مغلفة بالماء ذلك ما جعل نفسي منقطعا "
وتلك هي العلامة الظاهرة لوجود السرطان اذ انه في مرحلته الأخيرة أما أن تشهد المرأة انتفاخا في بطنها ملحوظا من كمية المياه التي تجمعت أو أن تجتمع المياه في القفص الصدري فتغشى الرئتين ...
ودعاني لزيارة طبيبة مختصة في الأورام السرطانية لسحب المياه التي غشت رئتي اليمنى فلا أستطيع التنفس ولتحليل هذا المحلول للتأكد من عدم الأصابة بمرض السرطان ...
rose blanche
rose blanche
وألح علي أن حالتي خطيرة ودعاني الى وجوب الأسراع بزيارة المختصة وتجنب الاستحمام لأنني قد أصاب بالاختناق .فهرعت برفقة أختي الى الأخصائية ولا أستطيع وصف حالتي فقد انتابتني حالة من الصدمة والمفاجأة عجز عقلي عن تقبل المرض في الوهلة الأولى وكنت أمني النفس بأنه مجرد وعكة صحية سأتعافى منها برحمة الله والشفاء من عند الله ولعل الطبيبة حينما تسحب الماء من رئتي التي اكتنفها سأعود باذن الله سليمة ...ذاك ما كان يراودني وأنا في طريقي الى أخصائية الأورام السرطانية وما ان بلغت عيادتها حتى استقبلتني بسرعة اذ هاتفها طبيب الأسرة لتهتم بحالتي لأنني بلغت مرحلة حرجة .وقبل أن تسحب الماء لتحليله أرادت أن تتبين قدرتي على التنفس من خلال مجس فتبينت أن نفسي في أدنى مستوياته ولذلك ترددت في سحب الماء من رئتي خشية أن تتعكر حالتي .....عندئذ تيقنت أن الله ابتلاني بمرض السرطان ....وطفقت عباراتها التي تخبرني عن شكوكها حول مرضي تقتل أنفاسي بل تخنقني ....واغرورقت عيناي بالدموع وطفقت ألهج بالحمد ...الحمد لله ...الحمد لله...
وهاتفت أخصائي الأورام التي تتصل بالرحم حول سحب الماء من رئتي فنبهها الى خطورة الأمر .فاقترحت علي أن ألتحق بمصحة مختصة في الأورام السرطانية لأنني سأجري عملية جراحية لسحب الماء وقد يقتضي الأمر انجاز العلاج الكيمياوي .وحينما سمعت هذه العبارة انفرط عقد دموعي مدرارا على خدي وتيقنت أنني أصبت بسرطان الرحم .
وفي الليلة نفسها من ديسمبر من سنة 2014 أقمت في المصحة ...وقضيتها وأنبوب الأوكسجين على فمي وآلة تسحب الماء من جانبي الأيمن و لازلت الى الآن حينما تتوارد الصور في ذاكرتي غير مصدقة لما حل بي .وهو شعور عادي ينتاب كل من أصيبت بهذا الابتلاء ....حتى أنني وأنا ملقاة على السرير في المصحة كنت أغمض عيني وأقول في نفسي :
_"انه مجرد كابوس وحينما أفتح عيني ستزول غشاوته وسيندثر ...."وأفتح عيني فأجد أن الكابوس هو عين الواقع ...ولا تسل عن الأشعة التي أنجزتها وعن التحاليل المخبرية للدم ....وكانت نتيجة التحاليل والأشعة أنني أصبت بسرطان المبايض الخبيث وانتشر بجسمي ليمتد الى الأمعاء فالقولون العصبي فالكبد فالرحم فالغشاء الذي يفصل بين الجهاز الهضمي وجهاز التنفس فثديي الأيمن
فالغشاء الذي يغلف الرئة اليمنى .....الحمد لله على كل حال ....ولاتسل عن حال أسرتي ...فقد اطلعت على حيرتهم وحزنهم من خلال الابتسامة التي يرسمونها على وجوههم. وفي بداية الأمر لم تكشف التحاليل ولا الصور بالأشعة بمختلف أنواعها من سكانير أو IRMاأن مركز السرطان في القولون وليس في المبايض .فأقبل الي الطبيب وطمأنني قائلا ان العملية بسيطة جدا وتتمثل في ازالة المبيض الأيمن لأن به ورم سرطاني ولن يتجاوز زمن العملية ساعتين ...واصدقك القول أنني ازددت بقوله ريبة فأردت أن أتيقن بنفسي ....وحينما سحب الماء من رئتي اليمنى عاد تنفسي الى حالته العادية جزئيا ...زفحمدت الله أن استرددت أنفاسي وهرعت الى ملفي الصحي واطلعت عليه ...
rose blanche
rose blanche
واطلعت على حالتي الصحية وتفاجأت كل المفاجأة ...هل أنا حقا فرطت في نفسي الى أو بلغت هذه المرحلة ؟؟؟؟أنا حقا مصابة بسرطان المبايض وعلى المبيض اليمن كيس صلب يبلغ حجمه 10صم ....وكنت قبل أن أكتشف ذلك بسنتين اشعر أحيانا في أسفل بطني بآلام انقباض تشبه تلك التي تشعر بها كل امرأة أثناء الدورة الشهرية والغريب في الأمر أنني لم أبالي بها ولم أهتم لشأنهالأنني قد انقطعت الدورة الشهرية في تلك الفترة وأعللذلك من التعب أو الأرهاق ...كيس يبلغ 10صم هيمن على غشاء المبيض الأيمن والماء الذي غشى رئتي اليمنى هو مأتاه لأن الأورام السرطانية لدى المرأة خاصة في المرحلة الأخيرة تحدث اختلالا هرمونيا يؤثر على وظائف الجسم ....مما يؤدي الى الأرق وكثرة التبول والاكتئاب ....وحمدت الله على أن الأمر هين في هذه المرحلة خاصة وأن الجراح الذي سيجري العملية جزاه الله عني وعن سائر المرضى كل خير ومتعه بالصحة والعافية كانت له خبرة في هذه العمليات ومهارة يشهد بها القاصي والداني
ومن الغد أقبل الي الطبيب المختص في التخدير وأخبرني أن عمليتي بسيطة وأنني سأجريها ان شاء الله حين عودت تنفسي الى حالته الطبيعية ...ولاتسل عن كمية المياء التي سحبت من رءتي اذ بلغت لترين و نصف ...,وأنا على مرأى من ذلك وأردد دائما الحمد لله ...وكنت كلما رددتها ولهج بها لساني أشعر بسكينة وطمأنينة وأنني في معية أرحم الراحمين ....كل تلك الأفكار كانت تراودني قبل اجراء العملية ....ودعوت الله مرارا أن يثبتي وأن يبعث السكينة الى قلبي في جوف الليل وأن يلهمني الصبر على بلائه فألفيت لساني في الصباح يردد سورة قريش وكلما ذكرتها زال الخوف عن قلبي وحلت مكانه السكينة والطمأنينة ولسان حالي يقول اني في معية أرحم الراحمين سبحانه وتعالى .
وكان ضغط دمي منخفضا وشهدت في الشهرين الأخيرين انخفاضا حادا في وزني اذ فقدت 10كغ من الوزن وانقطاعا في شهيتي الى الطعام حتى بلغ بي الأمر أن أعجز عن تناول كوبا من الزبادي ....ولا أخفي عنك الأمر بقدر ما أسعدني ذلك وأدخل البهجة الى قلبي لأنني منذ شبابي وأنا أخوض الرجيم تلو الآخر لتخفيض 5كغ من وزني وعجزت عن ذلك .وها ان الأمر قد تحقق لي دون مشقة أو بذل جهد ولم يثر غرابتي ولا حيرتي هذا النزول المفاجئ في الوزن في مدة شهرين وهي علامة ايضا من علامات وجود السرطان ...
وانقضت اليام الثلاثة وأنا بين أنبوب الاكسجين وآلة سحب الماء من جانبي الأيمن وانقطعت عن تناول اي طعام رغم محاولة كل من يعالجني بترغيبي في الطعام الا أن شهيتي اليه انقطعت ولذلك التجأطبيبي الى المصل الغذائي عبر الوريد لثلاثة أيام و كانت تراودني خاصة في الليل هواجس شيطانية أنت ستموتين أنت في مرحلة النهاية فلا أقول الا الحمد لله ان معي أرحم الراحمين فتزول تلك الهواجس عني وأخلد للنوم على مضض ولم يكن بوسعي ذلك لأن آلة سحب الماء تحدث ضجيجا مروعا .
وفي اليوم الرابع استقر وضعي التنفسي وضغط دمي وأصبحت مؤهلة للعملية الجراحية .وفي ذلك اليوم الذي يسبق العملية منعت من تناول الطعام ومن شرب الماء ليوم بأكمله وطلب مني أن أقتصر على شرب محلول 3لتر ولا تسلني عن مذاقه فكلما أذكره يقشعر جسدي لتنذيف الجهاز الهضمي برمته حذرا من الاصابة بالتعفن اثر العملية .وقد رافقتني أختي أثناء اقامتي بالمستشفى لأنني ولأعاقتي تعذر علي الحركة دون مساندتها اضافة الى ما طرأ علي بعد ذلك .وكنت أشاهدها وهي تشرب الماء أتألم لحالي وللمحلول الذي أرغمت على تجرعه لكن سبحان الله كان القرآن بفضل الله هو بلسمي ومؤنسي في رحلتي فأردد في نفسي :"ان مع العسر يسرا ان مع العسر يسرا"....الحمد لله
rose blanche
rose blanche
المرحلة الثانية :اجراء العملية

وفي الليلة التي تفصلني عن اليوم المحدد لأجراء العملية وقبل صلاة الفجر استيقظت وأنبوب التنفس في أنفي وفي فمي حينها في لحظة الضعف تلك بكيت وذرفت الدموع ودعوت الله دعوة المظطر أن يحييني ما كانت الحياة خيرا لي في ديني ودنياي وآ خرتي وألا يشقي أبوي بمرضي وأن يقبض روحي اذا كانت حياتي زيادة لسيئاتي وشقاء لأسرتي خاصة رأفة بأمي وأبي اللذان بلغ مرحلة الشيخوخة وو الله في دعائي لم أفكر في شفائي فقط كنت ألح في الدعاء رأفة ورحمة بأبوي أكثر من نفسي .وانتابتني سنة من النوم فرأيت مجلسا للنساء وهن باكيات وكنت متفاجئة وكأنني في مأتم فقلت من مات فقيل لي انها عائدة صديقتك ماتت وهي ساجدة و حين سماعي الخبر أغشي على فاستيقظت من غفوتي وأولت الرؤيا أنني سأعود للحياة وأرجة من الله أن يكرمني برحمته الموت في الحرم المكي وأنا ساجدة بين يديه وذاك حلمي ورجائي وأمنيتي ....وقضيت تلك الليلة وعفوا ان اخبرت الحدث بدقائقه وجزئياته لأنني رمت الصدق بهذه الحروف بين بيت الراحة وفراشي من أثر ذلك المحلول الذي شربته اليوم بأكمله
وجزى الله عني أختي كل خير فلم يغمض لها جفن في تلك الليلة لأنها في كل مرة كانت تساعدني في الذهاب الى بيت الراحة والعودة الى سريري ...
وأطلت بشائر اليوم الموعود وتلك الرؤيا أزالت الخوف من قلبي وروحي وشعرت انني في معية الله أرحم الراحمين .وقبل الدخول الى قاعة العمليات قرأت ما تيسر من الذكر وقلت الشهادة قبل تخديري بلحظات ...وكانت حقا عملية خطيرة بتصريح لجنة الطباء التي أجرتها اذ كانت لازلت في المرحلة الولى من عودة رئتي اليمنى اى حالتها الطبيعية واما رئتي اليسرى فقد أثقلها الاجهاد من خلال النهوض بتوفير الاكسجين الى الجسم بأكمله منذ سنوات فشهدت بعض التعثر في انجاز ذلك من أثر المخدر .....ويا لهول المفاجأة ...
فففي مثل حالتي في سرطان المبايض كان يحدث ثقب في أسفل البطن من جهة المبيض المصاب ثم تؤخذ عينة من الكيس للتأكد من أنه ورم سرطاني وتحليله لتبين العلاج الملائم له من خلال نوعية السرطان وخلاياه ثم بعد ذلك ينجز شق من السرة الى أسفل البطن لأزالة المبيض والتخلص من الورم ...الا أنه في حالتي اثر تحليل الورم السرطاني تبين الجراح أنه ورم خبيث ولكنه ليس رأس الورم وان اقصر على ازالة المبيض فسيعود الورم وينتشر بصورة مكثفة في الجسم لأن رأس الورم لم يحذف واقتضى الأمر أن يجري عملية جراحية كاملة امتد الجرح في بطني من أسفل القفص الصدري الى أسفل بطني ...فأزيلت المبايض والرحم وتبين أنه قد بلغ الأمعاء وخاصة القولون العصبي الذي كان مستقرا للورم الأم وهو ورم سرطاني صلب يزن 350غ ...وعلى هذا النحو امتدت العملية الجراحية لست ساعات حاولت اللجنة الطبية التي باشرتني أن تزيل قدر المستطاع من الأورام السرطانية الي امتدت في رحمي والجهاز الهضمي والأمعاء والتجأت لاحداث ثقب في الجانب الأيسر من بطني تم ربطه بمعي دقيق لاخراج الغائط منه لأن أمعائي والقولون العصبي قد انتشرت به الأورام السرطانية بصورة مكثفة .فقطعت أجزاء منها واحتفظ ببعضها الذي لم يصب واقتصر الأمر على ذلك وعجز الطباء عن استئصال بقية الأورام التي كان حجمها ضئيلا مقارنة بالورم الموجود في القولون وفي المبيض اذ لاتتجاوز المليمتراتوهي لازالت الى هذه اللحظة موجودة بالغشاء الذي يضم الرئتين وبثديي الأيمة وبالكبد
rose blanche
rose blanche
وانقضت العملية وكانت تمثل بالنسبة لأسرتي ساعات رهيبة كنت فيها بين الموت والحياة .ساعاات قضتها أمي بالتضرع لربي أن يرحمني برحمته وأن يشفيني وهي تترقب بين الفينة والأخرى خروجي من العملية ...وأقبل اليها الجراح وطمأنها على حالتي الصحية وهي رغم خطورة العملية مستقرة ومكثت في غرفة الانعاش لأربع ساعات ثم نقلت الى غرفتي وقد زال المخدر عني تدريجيا ولا أذكر الا عبارتي الحمد لله وعبارة لاحول ولا قوة الا بالله ...وظلت الممرضة وأخصائي التخدير قربي في حالة استنفار من تعكر الحالى اثر العملية .ومن الغد كنت على وعي مما يحيط بي وأنا ممددة على سريري وأنبوب الاكسجين في فمي وأنبوب آخر في أنفي ليمتد الى حلقي ليسحب كل عصارة تنزل الى معدتي من الريق أو مما يرتبط بالعملية ولشد ما كان يثير ازعاجي اذ كانت لدي حساسية مفرطة في حلقي فسرعان ما أختنق به حينما أحرك رأسي فتجدني دون حراك حتى أتجنب حركته وقد جعل المصل الغذائي في الوريد بيدي اليسرى حيث تحقن الأدوية فيه والمضادات للالتهابات والمسكنات أو المهدئات للألم وجعل كيس لسحب الفضلات وكيس لجمع البول حتى لاأنزعج بالتنقل بين بيت الراحة وسريري عند الحاجة ....ولا تسل عن حالتي النفسية في تلك اللحظات والأيام العشر التي قضيتها وأنا على هذه الحالة والوضعية ومنعت من شرب الماء ولو قطرة واحدة رغم أن حرارتي كانت مرتفعة والأمر سيان بالنسبة الى الطعام . وكنت في حالتي تلك وأنا أشاهد أختي تتناول غداءها أو عشاءها أذكر قول الحق تعالى في سورة البقرة :
بسم الله الرحمان الرحيم :ولنبلونكم بشيء من الخوف والجوع ونقص من الأموال والأنفس والثمرات وبشر الصابرين الذين اذا أصابتهم مصيبة قالوا انا لله وانا اليه راجعون " وأنذر الى الطعام وأنا أشتهيه وأقول في نفسي :
_"الحمد لله انا لله وانا اليه راجعون ابتليت بالخوف والجوع ونقص من الأموال لأن العملية كانت باهضة الثمن و أنا على يقين بأن البشرى من الله أرحم الراحمين (وبشر الصابرين)
وتردد الأطباء على زيارتي وكل واحد يذكر الي أنني ولدت من جديد ...بلى انها ولادة جديدة رغم أني في الخمسين من عمري اكتشفت في هذه الأيام العشر قدرات جسدية ونفسية لم أتبينها طيلة ما مضى من حياتي والميزة الرئيسية هي رحمة الله بي فقد كنت في معية الله بأتم معنى الكلمة وعشت أجمل مرحلة في حياتي وأنا في معية أرحم الراحمين