ام بودى68
ام بودى68
حجوا قبل أن لا تحجوا

نبذة :
أخي الحبيب: اعمل للدنيا بقدر بقائك فيها وللآخرة بقدر بقائك فيها, ولا تسوف فالموت أمامك والمرض يطرقك والأشغال تتابعك ولكن هرباً من كل ذلك استعن بالله وتوكل عليه وكن من الملبين المكبرين هذا العام.






الحمد الله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.. أما بعد:
فاحمد الله عز وجل – أخي المسلم – أن مد في عمرك لترى تتابع الأيام الشهور, فأمامك الآن موسم الحج الذي قد أشرق،وهاهم وفود الحجيج بدأوا يملأون الفضاء ملبين مكبرين أتوا من أقصى الأرض شرقاً وغرباً وبعضهم له سنوات وهو يجمع درهماً على درهم يقتطعها من قوته حتى جمع ما يعينه على أداء هذه الفريضة العظيمة.

وأنت هنا - أخي الحبيب – قد تيسرت لك الأسباب وتهيأت لك السبل فلماذا تؤخر وإلى متى تؤجل؟، أما سمعت قول الله عز وجل: {وَلِلّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ الله غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ} .

وقوله تعالى: { وَأَتِمُّواْ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلّهِ } وقوله جلا وعلا: { وَأَذِّن فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِن كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ} .

أخي المسلم: الحج ركن من أركان الإسلام الخمسة, قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «بني الإسلام على خمس: شهادة أن لاإله إلاالله وأن محمداً رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان، وحج بيت الله لمن استطاع إلى ذلك سبيلاً» .

ويجب على المسلم المستطيع المبادرة إلى الحج حتى لا يأثم، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «تعجلوا إلى الحج فإن أحدكم لا يدري ما يعرض له» .

وقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: (لقد هممت أن أبعث رجالاً إلى هذه الأمصار, فينظروا كل من كان له جدةٌ ولم يحج، فيضربوا عليهم الجزية، ما هم بمسلمين) .

فيجب عليك أخي المسلم المبادرة والإسراع إلى أداء هذه الفريضة العظيمة فإن الأمور ميسرة ولله الحمد , فلا يقعدنك الشيطان ولايأخذنك التسويف ولا تلهينك الأماني.. واسأل نفسك... إلى متى وأنت تؤخر الحج إلىالعام القادم؟، ومن يعلم أين أنت العام القادم؟!، وتأمل في حال الأجداد كيف كانوا يحجون على أقدامهم وهم يسيرون شهوراً وليالي ليصلوا إلى البيت العتيق؟!

أخي المسلم: إن فضل الحج عظيم وأجره جزيل, فهو يجمع بين عبادة بدنية ومادية، فالأولى بالمشقة والتعب والنصب والحل والترحال والثانية بالنفقة التي ينفقها الحاج في ذلك.

قال صلى الله عليه وسلم: « العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما, والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة»، وقال صلى الله عليه وسلم: « من حج هذا البيت فلم يرفث ولم يفسق رجع كيوم ولدته أمه» .

وسئل النبي صلى الله عليه وسلم: "أي الأعمال أفضل؟"، قال: «إيمان بالله ورسوله»، قيل: "ثم ماذا؟"، قال: «جهاد في سبيل الله»، قيل: "ثم ماذا؟"، قال: «حج مبرور » .

وحث الرسول صلى الله عليه وسلم على التزود من الطاعات والمتابعة بين الحج والعمرة فإنهما ينفيان الفقر والذنوب كما ينفي الكير الحديد والذهب والفضة، وليس للحج المبرور ثواب إلا الجنة .

وقال صلى الله عليه وسلم في حديث يحرك المشاعر ويستحث الخطى: «العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما , والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة» .

ومع هذا الأجر العظيم فإن أيام الحج قليلة لا تتجاوز أسبوعاً لمن هم في هذه البلاد ولله الحمد وأربعة أيام لأهل مكة وما حولها!!، أليست أخي المسلم نعمة عظيمة؟!، فلا تتردد ولا تتهاون فالدروب ميسرة والطرق معبدة والأمن ضارب أطنابه ورغد العيش لا حد له.. نعم تحتاج إلى شكر، وحياة خلقت فيها للعبادة فلا تسوف ولا تؤخر وأبشر فأنت من وفد الرحمن، وفد الله، دعاهم فأجابوا وسألوه فأعطاهم.

وأبشر بيوم عظيم تقال فيه العثرة وتغفر فيه الزلة فقد قال صلى الله عليه وسلم: «ما من يوم أكثر من أن يعتق الله فيه عبداً من النار من يوم عرفة» .

فلتهنأ نفسك ولتقر عينك واستعد للقاء الله عز وجل واستثمر أوقاتك فيما يعود عليك نفعها في الآخرة فإنها ستفرحك يوم لا ينفع مال ولا بنون.. يوم تتطاير الصحف, وترتجف القلوب، وتتقلب الأفئدة، وترى الناس سكارى وما هم بسكارى.. ولكن عذاب الله شديد.

أخي الحبيب: اعمل للدنيا بقدر بقائك فيها وللآخرة بقدر بقائك فيها، ولا تسوف فالموت أمامك والمرض يطرقك والأشغال تتابعك ولكن هرباً من كل ذلك استعن بالله وتوكل عليه وكن من الملبين المكبرين هذا العام.

أخي المسلم: أما وقد انشرح صدرك وأردت الحج وقصدت وجه الله عز وجل والدار الآخرة أذكرك بأمور:
1- الاستخارة والاستشارة: فلا خاب من استخار ولا ندم من استشار، فاستخر الله في الوقت والراحلة والرفيق، وصفة الاستخارة أن تصلي ركعتين ثم تدعو دعاء الاستخارة المعروف.

2- إخلاص النية لله عز وجل: يجب على الحاج أن يقصد بحجه وعمرته وجه الله والدار الآخرة لتكون أعماله وأقواله ونفقاته مقربة إلى الله عز وجل، قال صلى الله عليه وسلم: «إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى» .

3- تعلم أحكام الحج والعمرة وما يتعلق بهما: وتعلم شروط الحج وواجباته وأركانه وسننه حتى تعبد الله على بصيرة وعلم، وحتى لا تقع في الأخطاء التي قد تفسد عليك حجك. وكتب الأحكام ولله الحمد متوفرة بكثرة.

4- توفير المؤنة لأهلك والوصية لهم بالتقوى: فينبغي لمن عزم على الحج أن يوفر لمن تجب عليه نفقتهم ما يحتاجون إليه من المال والطعام والشراب وأن يطمئن على حفظهم وصيانتهم وبعدهم عن الفتن والأخطار.

5- التوبة إلى الله عز وجل من جميع الذنوب والمعاصي: قال الله تعالى: {وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} .

وحقيقة التوبة: الإقلاع عن جميع الذنوب والمعاصي وتركها، والندم على فعل ما مضى والعزيمة على عدم العودة إليها، وإن كان عنده مظالم للناس ردها وتحللهم منها سواء كانت عرضا أو مالا أو غير ذلك.

6- اختيار النفقة الحلال: التي تكون من الكسب الطيب حتى لا يكون في حجك شيء من الإثم. فإن الذي يحج وكسبه مشتبه فيه لا يقبل حجه، وقد يكون مقبولا ولكنه آثم من جهة أخرى.

عبدالملك القاسم

موقع صيد الفوائد
ام بودى68
ام بودى68
أعمال تقوم بها في عشر ذي الحجة

نبذة :
بوستر مجاني للطباعة وللتوزيع في الجامعات، المدارس، المستشفيات، دور القرآن، المصالح، المولات التجاري، المحلات وغيرهم الكثير والكثير.. انشره واحتسب الأجر.. لطباعة البوستر يجب عليك أن تحمل ملف البي دي أف...




مرات التحميل : 1280
بوستر بدقة الطباعةpdf/981.1 KB

كيف يكون حجك مقبولاً؟

نبذة :
الأمور التي ينبغي أن يعملها ليكون حجه مقبولاً: أن ينوي بالحج وجه الله عز وجل وهذا هو الإخلاص، وأن يكون متبعاً في حجه لرسول الله صلى الله عليه وسلم وهذا هو المتابعة، وكل عمل صالح فإنّه لا يقبل إلاّ بهذين الشرطين الأساسيين: الإخلاص والمتابعة للنبي...


ما هي الأمور التي ينبغي أن يعملها المسلم ليكون حجه مقبولاً إن شاء الله؟

فأجاب فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله:

الحمد لله:

الأمور التي ينبغي أن يعملها ليكون حجه مقبولاً: أن ينوي بالحج وجه الله عز وجل وهذا هو الإخلاص، وأن يكون متبعاً في حجه لرسول الله صلى الله عليه وسلم وهذا هو المتابعة، وكل عمل صالح فإنّه لا يقبل إلاّ بهذين الشرطين الأساسيين: الإخلاص والمتابعة للنبي صلى الله عليه وسلم لقول الله تعالى: {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَة}ِ .

ولقول النبي صلى الله عليه وسلم: «إِنَّمَا الأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ، وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى»، ولقوله صلى الله عليه وسلم: «مَنْ عَمِلَ عَمَلا لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا فَهُوَ رَدٌّ».

فهذا أهم ما يجب على الحاج أن يعتمد عليه، الإخلاص والمتابعة للنبي صلى الله عليه وسلم، وكان النبي عليه الصلاة والسلام يقول في حجته: «لِتَأْخُذُوا عني مَنَاسِكَكُمْ».

ومنها: أن يكون الحج بمال حلال، فإنّ الحج بمال حرام محرم لا يجوز بل قد قال بعض أهل العلم: "إنّ الحج لا يصح في هذه الحالة".

ويقول بعضهم: "إذا حججت بمال أصله سحت فما حججت ولكن حجت العير يعني حجت الإبل".

ومنها: أن يتجنب ما نهى الله عنه لقوله تعالى: {الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ وَلا جِدَالَ فِي الْحَجِّ} .

فيتجنب ما حرم الله عليه تحريماً عاماً في الحج وغيره من الفسوق والعصيان والأقوال المحرمة والأفعال المحرمة والاستماع إلى آلات اللهو ونحو ذلك، ويجتنب ما حرم الله عليه تحريماً خاصاً في الحج كالرفث: وهو إتيان النساء وحلق الرأس واجتناب ما نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن لبسه في الإحرام وبعبارة أعم: يجتنب جميع محظورات الإحرام.

وينبغي أيضاً للحاج أن يكون ليناً سهلاً كريماً في ماله وعمله، وأن يحسن إلى إخوانه بقدر ما يستطيع، ويجب عليه أن يجتنب إيذاء المسلمين، سواء كان ذلك في المشاعر أو في الأسواق، فيجتنب الإيذاء عند الازدحام في المطاف، وعند الازدحام في المسعى، وعند الازدحام في الجمرات، وغير ذلك.

فهذه الأمور التي ينبغي على الحاج أو يجب للحاج أن يقوم بها، ومن أقرب ما يحقق ذلك: أن يصحب الإنسان رجلاً من أهل العلم حتى يذكره بدينه، وإذا لم يتيسر ذلك فليقرأ من كتب أهل العلم ما كان موثوقاً قبل أن يذهب إلى الحج حتى يعبد الله على بصيرة.


سلسلة العلامتين
ام بودى68
ام بودى68
الحج دروس وعبر

نبذة :
فمن حج مثل هذا الحج المبرور ، واستغرق قلبه بمثل هذا الإحساس والشعور، رجي أن يمحى ما كان علق بنفسه من آثار الذنوب الماضية...









بسم الله الرحمن الرحيم

في الحجِّ: دروسٌ وعبرٌ
الحجّ: أسرار:


جعل الله -تعالى- الكعبة قبلةً للمسلمين، واختار لها البلد الأمين، وشرفه بأن أقسم به في كتابه فقال -سبحانه-: {وَهَذَا الْبَلَدِ الأمِينِ} . وجعله حرمًا آمنًا لا يسفك فيه دمٌ ولا يروع فيه مسلمٌ، ولا ينفر له صيدٌ، ولا تلتقط لقطته إلا للتَّعريف، وجعل الحجُّ المبرورُ ماحيًا للذُّنوب والخطايا موجبًا لدخول الجنَّة بسلامٍ، كما في حديث: «... والحجُّ المبرور ليس له جزاءٌ إلا الجنَّة» .

فالحمد لله -عزَّ وجلَّ- الَّذي جعل البيت الحرام مثابةً للنَّاس وأمنًا، وجعل الحجَّ من بين أركان الإسلام فريضة العمر، وأكمل -تعالى- به الدِّين، وأتمَّ به النِّعمة، وأنزل على نبيِّه -صلوات الله عليه وسلامه- {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلامَ دِينًا} .
قال العلماء: "الحج المبرور هو المقبول: وهو الَّذي جاء على الوجه الأكمل لاستيفاء الأعمال البدنيَّة والقلبيَّة".
والحج المبرور الَّذي لا رفث فيه ولا فسوق أي الَّذي ليس فيه كلامٌ فاحشٌ ولا خروجٌ عن آداب الشَّرع وحدوده، له في النَّفس وإصلاحها أكبر الآثار لما فيه من الانقطاع عن الأهل والوطن والأعمال الدُّنيويَّة والإقبال على الله -تعالى- وإحياء شعائر أعظم المرشدين والوقوف في مواقف أفضل المرسلين، لا حظَّ للنَّفس فيه.
فمن حج مثل هذا الحجّ المبرور، واستغرق قلبه بمثل هذا الإحساس والشُّعور، رُجي أن يُمحى ما كان علق بنفسه من آثار الذُّنوب الماضيَّة.

يقول الشَّيخ محمَّد بهجة البيطار: "عند ذلك تنبعث النَّفس إلى حسن الطَّاعة والاستقامة على طريق الهداية، فيصح أن يقال: إنها ولدت ولادةً جديدةً".

إنَّ حكَم الحج كثيرةٌ، وفي كلِّ واحدٍ من أعمال المناسك تذكرةٌ للمتذكر وعبرةٌ للمعتبر، وقد شرَّف الله البيت الحرام بالإضافة إلى نفسه، ونصبه مقصدًا لعباده وجعل ما حوله حرمًا لبيته تفخيمًا لأمره، وأكد حرمة الموضع بتحريم صيده وشجره، وفي الطَّواف بالبيت تشبه بالملائكة المقربين الحافِّين حول العرش، الطَّائفين حوله، وما القصد طواف الجسم فحسب، بل طواف القلب بذكر الرَّبِّ.

وفي السَّعي بين الصَّفا والمروة إظهار للخلوص في الخدمة ورجاء للملاحظة بعين الرَّحمة. وفي الوقوف بعرفة وازدحام الخلق وارتفاع الأصوات باختلاف اللغات تذكر لاجتماع الأمم بين يدي الله -تعالى- يوم القيامة.

وفي رمي الجمرات طاعةٌ للرَّحمن وانقياد لأمره وإرغام للشَّيطان وقصم لظهره، وفي كلِّ مشعرٍ وكلِّ شعيرةٍ حِكَمٌ ومقاصدُ نبيلةٌ.
هذا قليلٌ من كثيرٍ، وغيضٌ من فيضٍ من مقاصد الحجِّ وحكمه وفوائده.

وما أفضل الحجّ وشدَّ الرِّحال إلى المسجد الحرام في البلد الحرام موطن الرَّسول ومهبط الوحي ومطلع النُّور.

ما أعظم الحجّ في عاصمة الإسلام ومهوى أفئدة بنيه ومجتمع المسلمين كلّ عامٍ من جميع أقطار الأرض على تعداد أجناسهم وتنوع لغاتهم وتنائي بلدانهم يجتمعون؛ ليشهدوا منافع لهم روحيَّةً وجسديَّةً، دينيَّةً ودنيويَّةً، فضلًا من الله ونعمة.

ما أجمل رؤية الحجاج محرمين وملبين، ولله درهم طائفين وعاكفين وراكعين وساجدين وساعين بين الصَّفا والمروة ومتعارفين متراحمين في بيت الله -عزَّ وجلَّ-، يبتغون فضلًا من الله ورضوانًا.

إنَّ ممَّا ينبغي تأكيده أنَّ للحجِّ في شعائره حكمًا وأسرارًا، وأن في كلِّ عملٍ من أعمال مناسك الحجِّ تذكرةً للمتذكر وعبرةً للمعتبر، إذا انكشف بابها ظهر من أسرارها ما يقتضيه صفاء قلبه وغزارة علمه وفهمه.

ثمَّ إنَّ الحجَّ هو مؤتمر المسلمين العام الَّذي يعقد كلَّ عامٍ في منزل الوحي وفي البلد الأمين، وفي المسجد الحرام مهد الإسلام ومطاف المسلمين، فما يظهر فيه من ألفةٍ ومحبةٍ يفوح شذى عرفه في سائر الأقطار الإسلاميَّة، فيكون له أجمل وقع في نفس كلِّ مسلمٍ، فلا عجب إذا لبى المسلمون لنداء ربِّهم..

الحجّ: دروس:

هذا هو الحجُّ، حلُّ وترحالٌ، وسفرٌ وانتقالٌ وطوافٌ وسعيٌ فيهما إسراعٌ ثمَّ تمهلٌ، حتَّى إنَّ رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- اتخذ من الطَّواف مظهرًا لإرهاب المشركين وإظهار قوة المسلمين في عمرة القضاء وأهل مكة ينظرون يظنون بالمسلمين الضَّعف والتَّراخي.

يقول الشَّيخ محمود علي أحمد: "إنَّ من تمام الحكمة الرِّياضيَّة في الحجِّ مجيئه في سائر فصول السَّنة صيفًا وشتاءً".
وما بين ذلك مرتبط بالأشهر القمريَّة؛ ليعتاد المسلم العمل والجهاد والسَّعي في كلِّ وقتٍ غير عابئ بتقلب الفصول وتبدل الأجواء وليألف النِّظام والتَّرتيب حيث حددت بعض شعائر الحجِّ بزمنٍ معينٍ ووقتٍ معلومٍ كالوقوف بعرفة والإفاضة إلى مزدلفة وروي الجمار.

أليس الحجُّ في حكمته هذه خليقًا بعناية المربين والرِّياضيين ومن يريدون لأمَّتهم قوةً ونخوةً وشجاعةً وعزَّةً {وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ} .
لقد رصدت الدَّولة الأموال على الرِّياضة البدنيَّة والتَّدريبات العسكريَّة، فالرَّياضة قوةٌ ورجولةٌ ومروءةٌ.

وربط الرِّياضة بالعبادات مطلوب لتشترك العاطفة والشُّعور مع القلب في أدائها، فتكون الرِّياضة قوةٌ بدنيَّةٌ وعبادةٌ روحيَّةٌ لها في الدُّنيا منافعها ولها في الآخرة ثوابها.

وإذا غرق النَّاس في المادة، بحيث تشغلهم عن الإنتاج النَّافع في الحياة، فإنَّ الحجَّ يوجه المادة لخدمة الحقِّ.

إنَّ الإسلام لا يكتفي بالنَّظريات يقررها ولا يقف عند حدِّ الدَّعوة للحقِّ، بل يقرن القول بالعمل والتَّطبيق الفعلي، لذا دعا إلى التَّآلف والتَّعارف والتَّعاون ثمَّ أوجد للتَّعارف اجتماع الصَّلاة، وأوجب الجمعة والعيدين لأبناء البلد الواحد، وأوجب الحجَّ ليكون مؤتمر البلاد الإسلاميَّة.
وقد شبه أحد المفكرين مكة في موسم الحجِّ بمقر هيئة الأمم للمسلمين.
لقد عمت الفوضى في منازلنا ومجتمعاتنا ومؤتمراتنا حتَّى سئمنا حالتنا وأصبحنا في زمن يحتاج إلى علاجٍ عاجلٍ ودواءٍ شافٍ يقضي عليها القضاء المبرم، ويبدل حالنا من فوضى مدمرة إلى نظام معمر ومن هياجٍ مفرقٍ إلى هدوءٍ جامعٍ.

فإذا ما بحثنا عن هذا العلاج وجدناه شاخصًا أمامنا في تلك الفريضة العظمى -فريضة الحجِّ- فضلًا عمَّا في إحرام الحجَّاج بلباسٍ واحدٍ وطوافهم في وقتٍ واحدٍ وتلبيتهم لدعوة مولاهم في وقتٍ معينٍ واحدٍ بأدعيةٍ واحدةٍ، من وحدةٍ دينيَّةٍ تحتم عليهم الاتحاد والتَّماسك.

إنَّ في فريضة الحجِّ درسًا عمليًّا يدعو إلى النِّظام والتَّرتيب وضبط الميعاد، ومتى صبغت أعمالنا ومجتمعاتنا ومنازلنا بصبغة النِّظام والتَّرتيب أتت بالفائدة المرجوة منها وأصبحنا في أحسن حالٍ بفضل الله -تعالى- ثمَّ بفضل إحياء شعيرة الحجِّ في نفوسنا.

وفضلًا عن تيسير السُّبل وتمهيد الطُّرق لراحة الحجَّاج، فإنِ استتباب الأمن والطُّمأنينة على النَّفس والمال، كان لهما اليد الطولى في ازدياد عدد الحجَّاج سنة بعد سنة.
وإنَّ ما نسمعه مما تفيض به ألسنة الحاجِّ من قصصٍ وحكاياتٍ وما نقرأه في صحفنا ومجلاتنا عن تعميم الأمن وكفالة الطَّمأنينة في هذا البلد الأمين ليجعلنا نؤمن بانفراده في هذا الأمر المحروم منه غيره من سائر البلاد الشَّرقيَّة والغربيَّة.

وليس بغريبٍ على بلدٍ ركن إلى الدِّين الإسلامي ورجع إليه وطبق تعاليمه الصَّحيحة أن يكون هذا حاله سراجًا منيرًا يهتدي به كلّ ضالٍّ بعيد عن الطَّريق المستقيم؛ ليحذو حذوه وينسج على منواله..

الحج: ذكريات:

الحجُّ رحلةٌ دينيَّةٌ ورياضةٌ روحيَّةٌ، طالبت به الأديان على اختلاف المعتقدات عبر أزمنة عديدة، فالمصريون القدماء كانوا يحجُّون واليونان والصِّينيون والهنود والنَّصارى واليهود كلُّ أولئك يحجُّون، لما في الحجِّ من مزايا روحيَّةٌ لا تنال بغير الحجِّ.

وكان العرب قبل الإسلام بقرون يحجُّون إلى الكعبة ويأتون بأعماله من طوافٍ وسعيٍ وغير ذلك من شعائر الحجِّ، فجاء الإسلام وأمر بعض الشَّعائر ممَّا يتفق مع الشَّرع والمطهر وأنكر بعضها.

وأصبح الحج ركنًا من أركان الإسلام الخمسة وليس ذكر الحجِّ في آخر الأركان (الشَّهادتان، الصَّلاة، الزَّكاة، الصَّوم، الحجّ) إلا لأنَّه عبادة العمر وختام الأمر وتمام الإسلام وكمال الدِّين.

ثمَّ إنَّ في الحجِّ فوائدَ دينيَّةً عديدةً، فالحاج إذا نوى السفر من وطنه استحضر أعماله واستذكر سيئاته وندم عليها وتهيئت نفسه لقبول الخير، فكان في ذلك طهارةً من ذنوبه وحسن استعداد لطهارة نفسه وقربها من الخير وبعدها عن الشَّرِّ.

فإذا تقدم في أعمال الحجِّ فأوَّل ما يواجهه الإحرام وهو أن يتجرد الحاج من كلِّ ثوبٍ مخيطٍ ويلبس إزارًا ورداءً ويلبس في رجليه نعلين. واختيار اللون الأبيض في الإحرام فيه دلالة على الطَّهارة والنَّظافة الحسيَّة والمعنويَّة.

كما أنَّ بياض الحجُّاج يدلُّ على بياض نفوسهم، شعارهم الدَّائم هو التَّلبية (لبيك اللهمَّ لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إنَّ الحمد والنِّعمة لك والملك، لا شريك لك).

والحاجُّ وهو في هذه الحالة، كلما قابل أحدًا أو دخل مجتمعًا أو صعد أو هبط كرر: (لبيك اللهمَّ لبيك)، ليذكر دائمًا موقفه أمام ربِّه وليحفظ على نفسه طهارتها وصفاءها وشوقها إلى خالقها.

يقول الأستاذ احمد أمين: "ولا يزال الحاجُّ على هذه الحالة النَّفسيَّة بين إحرامٍ وتلبيةٍ، وتفكرٍ في الله وتضرعٍ إليه حتَّى يدخل مكة" .

والحاجُّ في هذا كلِّه يرتاض رياضةً بدنيَّةً إلى جانب هذه الرِّياضة الرَّوحيَّة، فهذا العيش اليسير والملبس العادي والحركة الدَّائمة والسَّفر ومتاعبه يجعل من الإنسان رجلًا قادرًا على احتمال المشاق، غير منغمسٍ في النَّعيم الَّذي يذهب بالرُّجولة.

فإذا شاهد الحاجُّ مكة ثارت في نفسه الذِّكريات، هذه مكة الَّتي كانت واديًا غير ذي زرعٍ.
هذه هي مكة الَّتي أخذت شهرتها تنمو وتتسع حتَّى قصدها النَّاس من كلِّ فجٍّ عميقٍ.
هذه هي مكة الَّتي سكنتها قريش واعتزت بما كان في يدها من مفاتيح الكعبة.
هذه هي مكة الَّتي ولد فيها رسول الهدى -صلَّى الله عليه وسلَّم- وتتابع الوحي فيها ثلاث عشرة سنة.
هذه هي مكة الَّتي جرت فيها الأحداث الجسام والمحاولات الدَّعويَّة والاجتماعيَّة والعسكريَّة.
هذه هي مكة الَّتي هاجر منها رسول الله -عليه السَّلام- بعد أن ألح قومه في إيذائه وأصحابه.
هذه هي مكة الَّتي ظلَّت مقصد النَّاس في حجِّهم من عهد إبراهيم الخليل -عليه السَّلام- إلى اليوم.

كلُّ هذه الذكريات وغيرها تملأ النَّفس وتأخذ بمجامع القلب وتدخلها في موسم الحجِّ، فترى عجبًا أي عجب، مئات الألوف من النَّاس في ثوب الإحرام مغمورون بالشُّعور الدِّيني، يعجُّون بالدُّعاء والتَّلبية وترى معرضًا يفوق كلّ معرضٍ من الأجناس البشريَّة مختلفي الألوان، مختلفي الألسنة، مختلفي العادات لكن وحدهم العقيدة والعبادة والأخوة.

يشيع في هذا الجمع الحبّ والإخاء والمساواة والتَّعاطف.
هنا -في مكة- تتساوى الرُّؤوس وهنا يقوم الإنسان قيمته الذَّاتيَّة، فلا فضل لأحدٍ على أحدٍ بماله أو جاهه أو لونه أو أي غرضٍ دنيويٍ .
هذه كلُّها ذكريات تمر بذهن الحاجِّ وهو في موسم الحجِّ، تقبل الله -تعالى- من المسلمين حجّهم وأعاده على المسلمين بالخير والسَّعادة والعزَّة..

الحجّ: فرص:
مكة المكرمة: كانت ومازالت العقبة الكؤود في سبيل أعداء الإسلام ومكائدهم وأعمالهم التَّخريبيَّة؛ لأنَّها محضن الكعبة المشرفة، ومهبط الوحي الإلهي، ومثابة الوافدين، ومهوى أفئدة المسلمين من كلِّ مكانٍ في العالم قريبة وبعيدة.

إنَّها المحور والمركز والمبدأ والمنتهى والملتزم والرَّابطة لكلِّ مسلمٍ مهما نأت به دياره ومهما اختلفت لغته وجنسيته عن إخوانه المسلمين في شرق الدُّنيا وغربها.

والمسلمون يقرأون اعترافات الكائدين لدينهم ولقبلتهم وهم غافلون عن مقاصدها وأهدافها وعلى حركات الحاقدين الصَّريحة والخفيَّة.

يقول القسيس وليم جيفور بالكراف: "متى توارى القرآن ومدينة مكة عن بلاد العرب أمكننا حينئذ أن نرى العربي يندرج في سبيل الحضارة الَّتي لم يبعده عنها إلا محمَّد -صلَّى الله عليه وسلَّم- وكتابه.

ويقول الكاتب الرُّوسي كليموفتش: "إنَّ الحجَّ مصدر دخل لتجار العربيَّة وإقطاعييها، وإنَّ القرآن إنَّما ألِّف لإرضاء الإقطاعيين والتُّجار".

إنَّ هذه المزاعم من أنَّ موسم الحجِّ فرصة للإقطاعيين والتجار وأنَّ القرآن ألَّفه محمَّد أو ألفه المسلمون إرضاءً للإقطاعيين منهم، فذلك -والحديث للأستاذ محمَّد أحمد جمال- لصرف حجًّاح بلادهم والبلاد الدَّائرة في فلك الشُّيوعيَّة الدُّولية عن أداء هذه الفريضة الجامعة المانعة، والاحتفاظ بنفقات الحجِّ لزيادة الإنتاج، إذ لا ضرورة للحجِّ، بل لا ضرورة للدِّين كله، فهو بزعمهم أفيون الشَّعب!!.
وللأسف وتجاوبًا مع مقاصد الاستعمار المتربص بالمسلمين الدَّوائر، أوصى (البهاء) مؤسس البهائيَّة بهدم الكعبة المشرفة؛ لأنَّها الجامعة المانعة، الجامعة لشمل المسلمين على اختلاف الدِّيار والألسنة والألوان، والمانعة من تصدعهم وتمزقهم إذ يتجهون إليها أكثر من خمس مرَّاتٍ في اليوم لا يذكرون إلهاً إلا الله الواحد، ولا أمَّة إلا المسلمين في كلِّ مكانٍ، ثمَّ يحجُّون إليها كلَّ عامٍ فيلتقي الأباعد والأقارب، السُّود والبيض، لا نسب بينهم إلا الإسلام ولا تحية لهم إلا الإسلام.

فالحجُّ – كما يقول الأستاذ محمد الغزالي في كتابه (دفاع عن العقيدة الشَّرعيَّة)- عملٌّ ينغص على المستعمرين استقرارهم ويوهن كيدهم، فإنَّ المسلم في داكار على شواطئ الأطلسي عندما يلتقي بأخيه في سنغافورة والملايو على شاطئ الهادي، يخترق نطاق العزلة الَّتي يريد الاستعمار حبسه وراء أسوارها كي يتمكنوا من الإجهاز عليه.
إنَّ تقطيع أوصال العالم الإسلامي وجعل كلُّ قطرٍ عربيٍّ غريباً عن الأخر، غاية أولي للسَّياسية الصَّليبيَّة، والحجُّ عبادةٌ تلقائيَّةٌ لجميع المسلمين من الأرجاء القصيَّة في يومٍ واحدٍ، ومكانٍ واحدٍ. فإذا ظهرت تعاليم دينية -كما تزعم- تسقط هذه الفريضة، وتذود الجموع عنها، فهذا ربحٌ عظيمٌ للاستعمار، وخطوةٌ فسيحةٌ لتحقيق أغراضه.

وبعد. فإنَّ الحجَّ فرصةٌ كبرى للصَّلاح الفردي والإصلاح الجماعي، وعلى قادة المسلمين من أمراء وعلماء أن يعملوا صادقين للانتفاع من هذه الفرصة المتكررة كلِّ عامٍ مرَّةً لتحقيق عزَّة العالم الإسلامي.

إنَّ العالم الإسلامي اليوم يعيش مرحلةً مهمَّةً في مواسم الحجِّ، ففي كلِّ عامٍ يحجُّ أناس جددُ ومسلمون لم يسبق لهم الحجّ.

إذًا، لم لا نستفيد من مقدم هؤلاء، في مجال الإعلام الإسلامي؛ لإخراس ألسنة المستعمرين وكشف مزاعمهم ومخططاتهم.

إنَّ العالم الإسلامي وهو يشعر بالوحدة والعزلة ليسره أن يسهم في كلِّ مكانٍ بالتِّعريف بأصوله وقيمة، بأرضه وجبله، بكلِّ بقعةٍ منه على هذه المعمورة، ومن خلال كلِّ ثقافةٍ ولغةٍ ممكنةٍ.
ولذا ينبغي تكثيف الجهود والطَّاقات وحفظ الهمم والإمكانات.
وقد آن الأوان!!!.

الحجّ: عبر:

الحجُّ هو مؤتمر المسلمين الجامع، الَّذي يتلاقون مجردين من كلِّ آصرةٍ سوى آصرة الإسلام، في هذا المحفل الكريم، متجردين من كلِّ سمةِ إلا سمة الإسلام، عرايا من كلِّ شيءٍ إلا من ثوبٍ غير مخيطٍ، ولا يميز فردٌ عن فردٍ، ولا قبيلةٌ عن قبيلةٍ، ولا جنسٌ عن جنسٍ، فالإسلام وحده هو النَّسب الجامع، الَّذي يمثل وحدة المسلمين.

إنَّ من نعم الله -تعالى- علينا في هذا الزَّمن أن يسر لنا سبيل الوصول إلى بيته الحرام، حتَّى غدا من يسكن أبعد نقطة في العالم يجد نفسه في بضع ساعات في بيت الله الحرام بالمقارنة مع ما كان يتحمل من مشقةٍ وأخطارٍ فيما سبق، أضف إلى ذلك نعمة الأمن والطَّمأنينة التي يعيشها الحاجُّ.

فعلى الإنسان أن يغتنم هذه الفرص ويبادر في أداء فريضة الحجِّ، وليعلم الحاجُّ أنَّ للحج معانٍ ومقاصدَ ودلالاتٌ ينبغي أن يتعرف عليها.

إنَّ في إحرام العبد في ردائين أبيضين تذكيرًا له بإدراجه في الكفن، فهذا سفرٌ إلى عرفات، وذاك سفرٌ إلى الموقف العظيم، فإذا لبست الإحرام ذكرك بالكفن الأبيض.

ومن معاني الإحرام المساواة، فالغني والفقير والشريف والوضيع كلُّهم يلبس الإحرام بلا تمييزٍ.
إنَّ الحجَّ هو ملتقى المسلمين من كلِّ مكانٍ، ومن كلِّ فجٍّ عميقٍ، فيه يجتمعون على صعيدٍ واحدٍ، ويدعون ربًّا واحدًا، كلُّهم قد ترك أهله وماله، وجاؤوا طمعًا في مرضاة ربِّهم.

أليس هذا الرُّكن يدلُّ على عظمة هذا الدِّين الَّذي وحَّد القلوب، بحيث تلهج بذكر الله (لبيك اللهمَّ لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك).
وفي هذا الموقف العظيم يقف النَّاس في خشوعٍ وخضوعٍ، فلا عظمة إلا لله، ولا كبرياء إلا له -سبحانه-.

لذلك كان يوم عرفة هو ركن الحج الأعظم حيث يتجلى الله -تعالى- لعباده، فينزل إلى السَّماء الدُّنيا نزولًا يليق بجلالة ويباهي بهذا الجمع العظيم ملائكة السَّماء، حيث يقول: «انظروا إلى عبادي جاءوني شعثًا غبرًا» .
إنَّه الموقف العظيم الَّذي تنهمر فيه الدُّموع وتسكب فيه العبرات.

هذه بعض معاني الحجِّ، وهي غيضٌ من فيضٍ وقليلٌ من كثيرٍ، ومن كان هناك من الحجيج فسوف يعيش هذه الأجواء الطَّاهرة على صعيد عرفات وفي سهل مزدلفة وبين جبال منى وحول البيت الحرام.

لقد كان من عجائب حجّة رسول الهدى -عليه السَّلام- أنَّه خطب في أكثر من مائةٍ ألف حاجٍّ غير النِّساء والأطفال - كما يقول الشَّيخ محمد عبد الله بن معيذر- ومع أنَّه لم يكن عنده مكبر صوت إلا أنَّ الله -تبارك وتعالى- أسمعهم جميعًا وهم في أماكنهم، وقال -عليه السَّلام- في يوم النَّحر لأصحابه: «لتأخذوا مناسككم. فإنِّي لا أدري لعلي لا أحجُّ بعد حجتي هذه» .
فعرف الصحابة أنَّ رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- يودعهم إلى لقاء ربِّه، فارتفع البكاء والضَّجيج وكثر النَّحيب، فسميت حجَّة الوداع.

إنَّ المؤمن ليقف أمام خطبة الوداع، فلا يكاد ينتهي من استعراض ما تحمله في ثناياها من حقائقَ كبيرةٍ وتوجيهاتٍ عميقةٍ وقيمٍ ومبادئ .
يقول -تعالى-: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلامَ دِينًا} .
أعلن -سبحانه- إكمال العقيدة، وإكمال الشَّريعة فهذا هو الدِّين.

اللهمَّ تقبل منَّا أعمالنا خالصةً لوجهك الكريم، وتقبل من الحجَّاح حجَّهم وأعدهم إلى ديارهم وبلادهم سالمين غانمين آمين.. آمين..



الدُّكتور / زيد بن محمَّد الرّماني
عضو هيئة التَّدريس بجامعة الإمام محمَّد بن سعود الإسلاميَّة
دار ابن الأثير
ام بودى68
ام بودى68
ترغيب الكرام في حج البيت الحرام

نبذة :
«من حج هذا البيت، فلم يرفث، ولم يفسق، رجع كيوم ولدته أمه» ؛ فمغفرة الذنوب بالحج ودخول الجنة مرتب على كون الحج مبرورا.





بسم الله الرحمن الرحيم

ترغيب الكرام في حج البيت الحرام

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد..

في الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل أي العمل أفضل؟، فقال: "إيمان بالله ورسوله"، قيل: "ثم ماذا؟"، قال: "الجهاد في سبيل الله"، قيل: "ثم ماذا؟"، قال: "حج مبرور"» .

وقد دل هذا الحديث على أن أفضل الأعمال بعد الجهاد في سبيل الله: جنس عمارة المساجد، بذكرا له وطاعته، فيدخل في ذلك الصلاة والذكر والتلاوة والاعتكاف، وتعليم العلم النافع واستماعه وأفضل من ذلك عمارة أفضل المساجد وأشرفها وهو المسجد الحرام بالزيارة والطواف فلهذا خصه بالذكر، وجعل قصده للحج أفضل الأعمال بعد الجهاد.

فضل البيت الحرام:

وقد ذكر الله تعالى هذا البيت في كتابه بأعظم ذكر وأفخم تعظيم وثناء.

• قال تعالى: {وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثَابَةً لِّلنَّاسِ وَأَمْنًا وَاتَّخِذُوا مِن مَّقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى ۖ وَعَهِدْنَا إِلَىٰ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ أَن طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ} .

• وقال تعالى: {إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى لِّلْعَالَمِينَ ﴿٩٦﴾ فِيهِ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ مَّقَامُ إِبْرَاهِيمَ ۖ وَمَن دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا} .

• وقال تعالى: {وَإِذْ بَوَّأْنَا لِإِبْرَاهِيمَ مَكَانَ الْبَيْتِ أَن لَّا تُشْرِكْ بِي شَيْئًا وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْقَائِمِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ ﴿٢٦﴾ وَأَذِّن فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَىٰ كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِن كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ} .

فعمارة سائر المساجد -سوى المسجد الحرام- وقصدها للصلاة فيها وأنواع العبادات من الرباط في سبيل الله، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: «"ألا أدلكم على ما يمحو الله به الخطايا ويرفع به الدرجات؟"، قالوا : "بلى، يا رسول الله"، قال: "إسباغ الوضوء على المكاره، وكثرة الخطا إلى المساجد، وانتظار الصلاة بعد الصلاة، فذلكم الرباط» .

فأما المسجد الحرام بخصوصه فقصده لزيارته وعمارته بالطواف الذي خصه الله به من نوع الجهاد في سبيل الله عز وجل.

الحج جهاد لا قتال فيه:

وفي صحيح البخاري عن عائشة رضي الله عنها قالت: «"يا رسول الله، ترى الجهاد أفضل العمل، أفلا نجاهد؟"، قال: "لكن أفضل الجهاد حج مبرور"» يعني أفضل جهاد النساء.

ورواه بعضهم: «لَكُّنَ أفضلُ الجهاد حج مبرور» فيكون صريحا في هذا المعنى. وقد خرجه البخاري بلفظ آخر وهو: «استأذنت النبي صلى الله عليه وسلم في الجهاد، فقال: "جهادكن الحج"» وهو كذلك.

وفي المسند وسنن ابن ماجة عن أم سلمة رضي الله عنها ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «الحج جهاد كل ضعيف» .

وخرج البيهقي وغيره من حديث أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعا: «جهاد الكبير والضعيف والمرأة الحج والعمرة» .

وعن عمر أنه قال: إذا وضعتم السروج -يعني من سفر الجهاد- فشدوا الرحال إلى الحج وعمرة، فإنه أحد الجهادين، وذكره البخاري تعليقا.

وقال ابن مسعود رضي الله عنه : إنما هو سُرُج ورحل فالسرج في سبيل الله والرحل الحج.

وإنما كان الحج والعمرة جهادا لأنه يجهد المال والنفس والبدن، كما قال أبو الشعثاء: "نظرت في أعمال البر، فإذا الصلاة تجهد البدن دون المال، والصيام كذلك، والحج يجهدهما فرأيته أفضل".

- وعن طاووس أنه سئل: "هل الحج بعد الفريضة أفضل أم الصدقة؟"، قال: فأين الحلّ والرحيل، والسهر ، والنصب والطواف بالبيت، والصلاة عنده، والوقوف بعرفة وجمع (المزدلفة) ، ورمي الجمار؟"، كأنه يقول: "الحج أفضل".

- فضل النفقة في الحج:

ويدل عليه قوله تعالى: {وَأَنفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّـهِ وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ ۛ وَأَحْسِنُوا ۛ إِنَّ اللَّـهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ ﴿١٩٥﴾ وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّـهِ} ؛ ففيه دليل على أن النفقة في الحج تدخل في جملة النفقة في سبيل الله.

وقد كان بعض الصحابة جعل بعيره في سبيل الله فأرادت امرأته أن تحج عليه فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم: «فهلا خرجت عليه؛ فإن الحج في سبيل الله» .

فضل الحج المبرور:

وفي المسند أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل: «أفضل الأعمال الإيمان بالله وحده، ثم الجهاد، ثم حجة برة تفضل سائر الأعمال كما بين مطلع الشمس إلى مغربها» .

وثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: «من حج هذا البيت، فلم يرفث، ولم يفسق، رجع كيوم ولدته أمه» ؛ فمغفرة الذنوب بالحج ودخول الجنة مرتب على كون الحج مبرورا.

علامات الحج المبرور:

إنما يكون الحج مبرورا باجتماع أمرين فيه:

- أحدهما: الإتيان فيه بأعمال البر. والبر يطلق بمعنيين أحدهما: بمعنى الإحسان إلى الناس ، كما يقال: البر والصلة. وضده العقوق.

وفي صحيح مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن البر فقال: «البر حسن الخلق».

وكان ابن عمر يقول: إن البر شيء هين؛ وجه طليق وكلام لين. وهذا يحتاج إليه في الحج كثيرا، أعني معاملة الناس بالإحسان بالقول والفعل.

قال بعضهم: إنما سمي السفر سفرا، لأنه يسفر عن اخلاق الرجال.

وفي المسند عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «بر الحج إطعام الطعام، وطيب الكلام» .

وسئل سعيد بن جبير: "أي الحاج أفضل؟"، قال: "من أطعم الطعام، وكف لسانه"، قال الثوري: "سمعت أنه من بر الحج".

وقال أبو جعفر الباقر: "ما يعبأ بمن يؤم هذا البيت إذا لم يأتِ بثلاثة: ورع يحجزه عن معاصي الله، وحلم يكف به غضبه، وحسن الصحبة لمن يصحبه من المسلمين"؛ فهذه الثلاثة يحتاج إليها في الأسفار، خصوصا في سفر الحج فمن كملها فقد كمل حجه وبر.

خدمة الحجيج:

ومن أجمع خصال البر التي يحتاج إليها الحاج: ما وصى به النبي صلى الله لعيه وسلام أبا جري الهجيمي فقال: «لا تحقرن من المعروف شيئا أن تأتيه ولو أن تهب صلة الحبل، ولو أن تفرغ من دلوك في إناء المستقي، ولو أن تلقى أخاك المسلم ووجهك بسط إليه، ولو أن تؤنس الوحشان بنفسك، ولو أن تهب الشسع» .

وفي الجملة فخير الناس أنفعهم للناس، وأصبرهم على أذى الناس، كما وصف الله المتقين بذلك في قوله: {الَّذِينَ يُنفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ ۗ وَاللَّـهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} .

والحاج يحتاج إلى مخالطة الناس، والمؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أفضل ممن لا يخالطهم ولا يصبر على أذاهم.

قال ربيعة المروءة في السفر: "بذل الزاد، وقلة الحلاف على الأصحاب، وكثرة المزاح في غير مساخط الله عز وجل" (1).

وجاء رجلان إلى ابن عون يودعانه، وسألانه أن يوصيهما، فقال لهما: "عليكما بكظم الغيظ وبذل الزاد".

الإحسان إلى رفقة السفر:

والإحسان إلى الرفقة في السفر أفضل من العبادة القاصرة لاسيما إن احتاج العابد إلى خدمة إخوانه وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم في سفر في حر شديد ومعه من هو صائم ومفطر، فسقط الصوام وقام المفطرون، فضربوا الأبنية وسقوا الركاب، فقال النبي صلى الله عليه وسلم «ذهب المفطرون اليوم بالأجر» .

وقال مجاهد: "صحبت ابن عمر في السفر لأخدمه فكان يخدمني".

وكان كثير من السلف يشترط على أصحابه في السفر الخدمة والأذان.

وكان أبن المبارك يطعم أصحابه في الأسفار أطيب الطعام وهو صائم.

والمعنى الثاني مما يراد بالبر فعل الطاعات كلها وضده الإثم.

وقد فسر الله تعالى البر بذلك في قوله: {وَلَـٰكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّـهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَىٰ حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَىٰ وَالْيَتَامَىٰ وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا ۖ وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ ۗ أُولَـٰئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا ۖ وَأُولَـٰئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ} .

فتضمنت الأية أن أنواع البر ستة أنوا ع من استكملها فقد استكمل البر وكلها يحتاج الحاج إليها فإنه لا يصح حجه بدون الإيمان ولا يكمل حجه ويكون مبرورا بدون إقام الصلاة وإيتاء الزكاة؛ فإن أركان الإسلام بعضها مرتبطة ببعض؛ فلا يكمل الإيمان والإسلام حتى يؤتى بها كلها، ولا يكمل بر الحج بدون الوفاء بالعهود في المعاقدات والمشاركات المحتاج إليها في السفر الحج، وإيتاء المال المحبوب لمن يحب الله إيتاءه ويحتاج مع ذلك إلى الصبر على ما يصيبه من المشاق في السفر، وهاك أخي الحاج بعضا من خصال البر المرجو من الحج.

المحافظة على الصلاة:

فأقام الصلاة أهم خصال البر، فمن حج من غير إقام الصلاة، لاسيما إن كان حجه تطوعا كان بمنزلة من سعى في ربح درهم، وضيع رأس ماله وهو ألوف كثيرة.

وقد كان السلف يواظبون على قيام الليل على راحلته في أسفاره كلها ويتر عليها.

وحج مسروق فما نام إلا ساجدا!!

وكان محمد بن واسع يصلي في طريق مكة ليلة أجمع في محمله، يومئ إيماء.

فنحن ما نأمر إلا بالمحافظة على الصلاة في أوقاتها فإنه لا يرخص لأحد أن يصلي صلاة الليل في النهار ولا صلة النهار في الليل ولا أن يصلي المكتوبة على ظهر راحلته، إلا من خاف الانقطاع عن رفقته، أو نحو ذلك مما يخاف على نفسه.

كثرة ذكر الله:

ومن أعظم أنواع بر الحج: كثرة ذكر الله فيه، وقد أمر الله بكثرة ذكره في إقامة مناسك الحج مرة بعد أخرى وخصوصا كثرة الذكر في حال الإحرام بالتلبية والتكبير وفي الترمذي وغيره «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل: "أي الحج أفضل؟"، قال: "العج والثج"» .

فالعج: رفع الصوت بالتكبير والتلبية.

والثج: إراقة دماء الهدايا والنسك.

ذبح الهدي:

والهدي من أفضل الأعمال. قال تعالى: {وَالْبُدْنَ جَعَلْنَاهَا لَكُم مِّن شَعَائِرِ اللَّـهِ لَكُمْ فِيهَا خَيْرٌ} ، وقال تعلى: {وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّـهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ} ، وأهدى النبي صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع مائة بدنة.

اجتناب الإثم:

الأمر الثاني مما يكمل بر الحج: "اجتناب أفعال الإثم فيه من الرفث والفسوق والمعاصي".

قال تعالى: {فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ ۗ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللَّـهُ ۗ وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَىٰ} .

وفي الحديث الصحيح: «من حج هذا البيت، فلم يرفث، ولم يفسق، رجع كيوم ولدته أمه» .

خيرا الزاد التقوى:

فما تزود حاج ولا غيره أفضل من زاد التقوى، ولا دُعي للحاج عند توديعه لأفضل من التقوى.

قال بعض السلف لمن ودعه للحج: "أوصيك بما وصى به النبي صلى الله عليه وسلم معاذا حين ودعه: «اتق الله حيثما كنت ، وأتبع السيئة الحسنة تمحها ، وخالق الناس بخلق حسن» ".

طيب النفقة:

ومن أعظم ما يجب على الحاج اتقاؤه من الحرام، وأن يطيب نفقته في الحج، وألا يجعلها من كسب حرام.

الحذر من الرياء:

ومما يجب اجتنابه على الحاج وبه يتم بر حجه؛ ألا يقصد بحجه رياء ولا سمعة ولا مباهاة ولا فخرا، ولا خيلاء، ولا يقصد به إلا وجه الله ورضوانه، ويتواضع في حجه ويستكين ويخشع لربه.

وروي عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم حج على رحل رث وقطيفة ما تساوي أربعة دراهم وقال: «اللهم اجعلها حجة لا رياء فيها ولا سمعة» .

قال رجل لابن عمر: "ما أكثر الحاج"!، فقال ابن عمر: "ما أقلهم!".

وقال شريح: "الحاج قليل والركبان كثير، ما أكثر من يعمل الخير، ولكن ما أقل الذين يريدون وجهه".

____________

(1) لأن السفر مظنة الوحشة والكآبة، فيحتاج فيه إلى نوع من المزاح والبسط بما لا يخرج عن حدود الشريعة.


-بتصرف يسير-

من كلام الإمام الحافظ
ابن رجب الحنبلي


دار الوطن
ام بودى68
ام بودى68
أحسِن لرفقاءك في الحج

نبذة :
كان السلف -رحمهم الله- يعلمون حق رفيق السفر، فيحسنون صحبته، ويواسونه بما تيسّر لديهم من طعام وشراب، وكان كل واحد منهم يريد أن يخدم أخاه ويقوم بأعماله، لا يمنعه من ذلك نسبٌ ولا شرفٌ ولا مكانة عالية.... بوستر مجاني للطباعة...




مرات التحميل : 161
لتحميل البوستر بدقة الطباعةpdf/1.9 MB