دونا
دونا
أتأمل سقف الغرفة .. أطلق آهة لا حدود لها .. و ماذا بعد ؟؟ إلى متى هذا البحث عنها ؟؟ لا أدري .. أتأمل أشيائي المبعثرة على مكتبي .. هذه الفوضى تعبر عن شخصيتي .. عن حياتي ولكن .. ترتد عيناي خائبة متحسرة .. فما ابحث عنه ليس هنا .. لا شيء حولي هنا يغري بالبحث عنها .. سأهبط إلى ذاتي .. إلى تلك المقابر المتناثرة على ضفاف نفسي .. لعلي أجدها .. لعلي أقبض عليها .. ولكن .. لا أثر لها هنا .. لا شيء داخلي سوى ذاك الضباب الذي يعانق كل شيء .. وتلك الشواهد القائمة على تلك القبور التي تئن في صمت .. ترى ماذا أقرأ على تلك الشواهد ؟؟ هنا دمعة احترقت .. هنا ضحكة صمتت .. هنا حكاية لفظت أنفاسها يأسا .. هنا قلب اغتيل .. و هنا طفل مشرد .. و هنا صبية أكلها المرض .. و هنا امرأة هزمها الحزن .. و هنا شيخ نفذت دقائق عمره فتلحّف بالموت و اغمض عينيه .. وهنا شاب لم يطويه الموت بعد .. لم تغادره الروح بعد .. لم يصمت قلبه بعد .. ولكنه اختار أن يحفر قبره بيده ليهرب من زحام الدنيا .. من ضجيج البشر .. من قسوة الحياة .. يضيء شمعته داخل قبره .. ليكتب .. نعم .. بعضنا لا تحلو الكتابة في عينه إلا إذا تمدد في قبره و نثر أحزانه حوله لينظمها حروفا و كلمات .. و أظل أبحث عنها في ذاتي .. أغادر تلك المقابر و أنا أشعر أن كل من فيها يقول : إلى اللقاء !! اصل إلى تلك البحيرة البلورية .. أغوص في أعماقها .. هنا سمكة ذهبية .. هنا خاتم نقشت عليه حكاية قديمة .. هنا مرآة محطمة .. أكثرنا يعشق تحطيم المرايا دون أن يدري .. إننا نخاف الحقيقة ..!! ..هنا سرداب مظلم .. هل أجرؤ على دخول سرداب تحت الماء لا أثر فيه إلا لحكايات الرعب و أساطير الجن ؟؟ نعم .. ألست أبحث عنها .. أتسلل بهدوء في هذا السرداب .. أصوات باكية من حولي .. ضحكات ساخرة تحاصرني .. أضواء تلمع من كل صوب .. كل ما حولي يشدني إلى حيث لا أدري ..أنظر هنا و هناك .. لا أرى سوى الفراغ .. و الماء .. و الظلام .. أين هي .. ؟؟ أنظر خلفي .. اختفى مدخل السرداب ..!! إلى أين الآن ؟؟ لا أدري .. كثير من الحكايات في حياتنا تحولت إلى سراديب مرعبة و سرعان ما أغلقت أبوابها على أرواحنا فأصبحنا سجناء لأوهام و أحلام .. لا زلت ابحث عنها .. انظر خلفي .. شيء يتبعني .. اركض .. أي ركض هذا تحت الماء .. ولكن أحاول أن أهرب و لكن .. إلى أين ؟؟ هل هناك محارة تطويني فأختبئ بين أحضانها ؟؟ هل هناك مغارة تحميني فأرمي بنفسي في فمها ؟ لا شيء سوى حفرة عميقة انزلقت إليها قدمي فوجدت نفسي أهوي بلا توقف .. الماء يولد مع الظلام .. كأحلام كثير منا لا تنتعش إلا في الظلام .. ما الذي حملني إلى هذه المغامرة ..؟ هي .. نعم .. هي .. مقابر .. و جماجم .. و أشباح .. و سراديب و عفاريت و خنادق ثم في نهاية الأمر .. لا وجود لها .. نعم .. كثير منا يطارد وهما و خيالا يصنع منه في قرارة نفسه حقيقة .. لربما كان فيها مقتله .. ونهايته .. وآخر كلمة في كتاب عمره .. و الآن .. أنا وحيد هنا في حفرة عميقة .. لا شيء سوى الظلام .. لا شيء سوى أمنيات أن تجف هذه البحيرة ليجف معها هذا الخوف .. ولكن هل تستجيب الشمس للأماني ؟؟ دعونا نكمل الحكاية قريبا ..
أتأمل سقف الغرفة .. أطلق آهة لا حدود لها .. و ماذا بعد ؟؟ إلى متى هذا البحث عنها ؟؟ لا أدري .....
هذه هي المرةالاولى التي اقرا لك فيها ..
وماذا وجدت ؟؟؟...
أسلوب رائع...فيه الكثير من التشويق...
و كأنك لم تكتب تلك القصة بفاتيح لوحة التحكم ..
بل كتبتها بحروف الخيال..وكلمات الواقع...ومازجت بينهما حتى و كأنني ارى كل ما رسمت
و لكن دعني اسأل ...
لماذا لا تكمل القصة؟؟
هل تخشى ان لا تجد شهرزاد فتضطر إلى كسر مرآة أخرى...؟؟
===========================================
أسرع بكتابة الجزء الثاني...
فنحن نخشى ان يستمر الظلام...أو أن لا تجف البحيرة...أو ان لا تستجيب الشمس للاماني
Raheel
Raheel
أتأمل سقف الغرفة .. أطلق آهة لا حدود لها .. و ماذا بعد ؟؟ إلى متى هذا البحث عنها ؟؟ لا أدري .. أتأمل أشيائي المبعثرة على مكتبي .. هذه الفوضى تعبر عن شخصيتي .. عن حياتي ولكن .. ترتد عيناي خائبة متحسرة .. فما ابحث عنه ليس هنا .. لا شيء حولي هنا يغري بالبحث عنها .. سأهبط إلى ذاتي .. إلى تلك المقابر المتناثرة على ضفاف نفسي .. لعلي أجدها .. لعلي أقبض عليها .. ولكن .. لا أثر لها هنا .. لا شيء داخلي سوى ذاك الضباب الذي يعانق كل شيء .. وتلك الشواهد القائمة على تلك القبور التي تئن في صمت .. ترى ماذا أقرأ على تلك الشواهد ؟؟ هنا دمعة احترقت .. هنا ضحكة صمتت .. هنا حكاية لفظت أنفاسها يأسا .. هنا قلب اغتيل .. و هنا طفل مشرد .. و هنا صبية أكلها المرض .. و هنا امرأة هزمها الحزن .. و هنا شيخ نفذت دقائق عمره فتلحّف بالموت و اغمض عينيه .. وهنا شاب لم يطويه الموت بعد .. لم تغادره الروح بعد .. لم يصمت قلبه بعد .. ولكنه اختار أن يحفر قبره بيده ليهرب من زحام الدنيا .. من ضجيج البشر .. من قسوة الحياة .. يضيء شمعته داخل قبره .. ليكتب .. نعم .. بعضنا لا تحلو الكتابة في عينه إلا إذا تمدد في قبره و نثر أحزانه حوله لينظمها حروفا و كلمات .. و أظل أبحث عنها في ذاتي .. أغادر تلك المقابر و أنا أشعر أن كل من فيها يقول : إلى اللقاء !! اصل إلى تلك البحيرة البلورية .. أغوص في أعماقها .. هنا سمكة ذهبية .. هنا خاتم نقشت عليه حكاية قديمة .. هنا مرآة محطمة .. أكثرنا يعشق تحطيم المرايا دون أن يدري .. إننا نخاف الحقيقة ..!! ..هنا سرداب مظلم .. هل أجرؤ على دخول سرداب تحت الماء لا أثر فيه إلا لحكايات الرعب و أساطير الجن ؟؟ نعم .. ألست أبحث عنها .. أتسلل بهدوء في هذا السرداب .. أصوات باكية من حولي .. ضحكات ساخرة تحاصرني .. أضواء تلمع من كل صوب .. كل ما حولي يشدني إلى حيث لا أدري ..أنظر هنا و هناك .. لا أرى سوى الفراغ .. و الماء .. و الظلام .. أين هي .. ؟؟ أنظر خلفي .. اختفى مدخل السرداب ..!! إلى أين الآن ؟؟ لا أدري .. كثير من الحكايات في حياتنا تحولت إلى سراديب مرعبة و سرعان ما أغلقت أبوابها على أرواحنا فأصبحنا سجناء لأوهام و أحلام .. لا زلت ابحث عنها .. انظر خلفي .. شيء يتبعني .. اركض .. أي ركض هذا تحت الماء .. ولكن أحاول أن أهرب و لكن .. إلى أين ؟؟ هل هناك محارة تطويني فأختبئ بين أحضانها ؟؟ هل هناك مغارة تحميني فأرمي بنفسي في فمها ؟ لا شيء سوى حفرة عميقة انزلقت إليها قدمي فوجدت نفسي أهوي بلا توقف .. الماء يولد مع الظلام .. كأحلام كثير منا لا تنتعش إلا في الظلام .. ما الذي حملني إلى هذه المغامرة ..؟ هي .. نعم .. هي .. مقابر .. و جماجم .. و أشباح .. و سراديب و عفاريت و خنادق ثم في نهاية الأمر .. لا وجود لها .. نعم .. كثير منا يطارد وهما و خيالا يصنع منه في قرارة نفسه حقيقة .. لربما كان فيها مقتله .. ونهايته .. وآخر كلمة في كتاب عمره .. و الآن .. أنا وحيد هنا في حفرة عميقة .. لا شيء سوى الظلام .. لا شيء سوى أمنيات أن تجف هذه البحيرة ليجف معها هذا الخوف .. ولكن هل تستجيب الشمس للأماني ؟؟ دعونا نكمل الحكاية قريبا ..
أتأمل سقف الغرفة .. أطلق آهة لا حدود لها .. و ماذا بعد ؟؟ إلى متى هذا البحث عنها ؟؟ لا أدري .....
الحمد لله

جزءٌ منا يقبع في الظلام..وجزءٌ آخر خلف أسوار الأوهام......وبقية.....تعبث بها ترهات الأحلام.......

سراب......متى يهزم الحزن المرأة؟؟؟؟؟؟
وكيف يهزم الحزن المرأة؟؟؟؟؟
وماذا لو هزم الحزن المرأة؟؟؟

أحياناً يخيل إلينا أننا طلقاء! ثم نصحو فجأة...لنرى أنفسنا في حفرةٍ كحفرتك يا سراب....

تحياتي لإبداعك المتواصل.....و أنتظر منك الإجابة على تساؤلاتي التي طرحها قلمك......
سراب
سراب
من أنا ؟؟ أنا خطوة على الدرب ، حكاية في آخر العمر ، ورقة على غصن شجر ، همسة في جوف الليل . من أنا ؟؟ صهيل خيل ، هدير موج ، قصف رعود ، من أنا ؟؟ هذه بطاقتي ، إقرأ : انسان العمر الف عام ، لا بل عام ، اقصد انه يوم ، لنقل انه يوم رأيت ذاك الطيف يقصف كياني . العمل : بائع أحلام، بائع أوهام ، أنظر سأبيعك تلك النجمة الساكنة هناك خلف الأفق ، ما رأيك |أن تشتري ذاك البركان الذي يقذف حمما من الورد و الأزهار ؟ خذ كفي ، تأمله ، هل رأيت خيوطه و خطوطه ، هل رأيت تلك السفن الغارقة على ضفافه ؟هل تأملت ذاك الضباب الذي يحيط به ؟ ذاك الضباب هو أنا و تلك الخطوط المتشابكة هي حياتي و أيامي ، لا تنظر في فنجان قهوتي ، لا تستطلع طلاسمه ، هذا الفنجان لا يحتمل حكاية واحدة من حكايات دربي . خذني معك ، ضعني في حقيبتك ، في جيبك ، في قلبك ، لا تتركني وحيدا أمام هذه الأغصان ، أنظر إنها تتحول إلى أفاعي ، الى خيوط دخان ، الى خيوط رماد ، الى شيء ما يتسلل داخلي ، يحفر ، يطرق ، ينقر ، يعبث ، يدمر ، و يخرج بهدوء دون ان أشعر به . ضعني في طريقك ، لا تطفيء تلك المصابيح ، لا تمزق تلك الصحف ، خذ هذه انها لؤلؤة ، ضعها في يدك ، على جبينك ، على أيامك ، اسمع الى همسها ، الى جنونها ، الى صراخها ، انها تقول الكثير . هذه اوراقي الشاكية ، الباكية ، الحروف تتعثر ، تتكسر ، تسير خجولة و لكن هي فرحة بك ، رسمتك على دفتري ، على جدران غرفتي ، لربما اجدك ذات صباح ولكن يبدو ان الحلم بات مستحيلا في زمن أصبح فيه كل شيء ممكنا الا انت .
من أنا ؟؟ أنا خطوة على الدرب ، حكاية في آخر العمر ، ورقة على غصن شجر ، همسة في جوف الليل . من...
الفجر القادم ..
شكرا .. ولو بعد حين ..!!
سراب
سراب
مات قلبي البارحة .. كنت وحيدا في منزلي عندما استيقظت على أنين هامس .. ودموع صامتة .. تفقدت المكان .. تفقدت الزمان .. لا شيء سوى الأنين .. لا شيء سوى الدموع .. مات قلبي البارحة .. كنت محاطا بالأصدقاء و الأحباب عندما شعرت بجثة تسقط داخلي .. هرعت اليها .. أنجدها .. اساعدها .. وجدت قلبي في رمقه الأخير يقول لي : ساعد نفسك يا صديقي .. حتى تساعدني ..!! مات قلبي البارحة .. كنت أقف على الشرفة .. تحت الظلام .. فوق الغيوم .. بين الهموم .. سمعت أنينا يبرق بين السحب .. قلت : ستمطر .. قال قلبي : انه انين الفراق يا صديقي .. قلت : ستمطر حتما قال قلبي : انه لحن الوداع يا رفيقي .. قلت : انها ستمطر لا محالة .. قال قلبي : انها مواكب الموت يا عزيزي .. مددت يدي الى السماء أبحث عن نقطة مطر .. وجدت نقطة ساخنة تهوى على أصابعي .. تحرقها .. تسحقها .. وصوت يشق عنان الظلام : وداعا .. يا قاتلي ..
مات قلبي البارحة .. كنت وحيدا في منزلي عندما استيقظت على أنين هامس .. ودموع صامتة .. تفقدت...
همسات ساقطة تتردد بين أروقة القاعة الدراسية يحاول أن يهرب منها .. أن يتجاهلها .. لا يمكن أن يكون مثلهم و لا أن يسير على دربهم .. انهم حثالة .. هكذا همس لنفسه ..
ولكن هل خفتت همساتهم ؟
لا .. فذاك البيت المشبوه في آخر الشارع أصبح مشهورا أكثر من البيت الأبيض في أمريكا ..والجميع يتهامس عن رقيق ابيض يباع ويشترى في غفلة عن العيون..
قال له صديقه :
تعال معي .. ستعرف أشياء لا تخطر لك على بال ..
قال :
اتركني أرجوك ..
باغته صديقه مغريا :
لا تقلق .. سأدفع عنك الفاتورة .. فقط أريد أن أخرجك من هذه الحياة الكئيبة المسيطرة عليك ..
أجابه و هو يتحسس جيبه :
لا ..إنها مسألة مبدأ .. أخلاقي لا يمكن أن تنحدر إلى هذا الحضيض ..
أجابه صديقه وهو يبتعد عنه :
كما تريد .. ولكن اكتشف على الأقل هذا العالم .. أدخل للفرجة فقط .. للفرجة يا .. أبا المبادئ ..
قالها ساخرا .. وانسحب ..
وغرق صاحبنا في صمت عميق .. حاصرته الأفكار .. دس يده في جيبه .. انها بضع ورقات نقدية استدانها من شقيقته ليكمل بقية الأسبوع بها .. يفكر في بيته .. أمه .. أخته .. شقيقه الصغير .. كل هؤلاء ينتظرون منه أن يتخرج من الجامعة ليبحث عن عمل و يصرف عليهم .. أخته سبقته إلى التخرج وحملت شيئا من العبء .. أصبحت تعمل صباح مساء في أحد المستشفيات لتوفر له لقمة هانئة و وسادة مريحة ينام عليها آخر النهار .. بقي هو .. عليه أن ينتحر في المذاكرة لينهي دراسته بامتياز ..
ولكن .. هؤلاء اخوة الشيطان لا يتركونه .. وان ابتعدوا عنه فإن كلماتهم لا زالت ترفرف فوق رأسه :
أدخل و اتفرج يا أبا المبادئ ..
نعم .. فقط أريد أن أعرف ماذا في الداخل ..
قالها لنفسه وهو يسير إلى نهاية الشارع بخطوات مرتبكة .. يعلم جيدا موقع البيت .. ولكن .. هل يملك الجرأة لدخوله .. ؟
وقف بجانب البناء الذي يحتضن البيت المشبوه .. تسمرت قدماه .. نظر حوله .. الحركة تضج في الشارع .. للحظة شعر أن كل العيون ترقبه .. و كل الأصابع تشير إليه و كل اتهامات الدنيا تطوق عنقه .. هل يدخل المبنى ..؟
تذكر أمه .. أخته .. أخوه الصغير .. تذكر أباه الذي يرقد في مقبرة مجاورة لهذا المكان .. تراجع .. ولكن ..
( سأتفرج .. لن أرتكب أي حماقة .. أريد أن أعرف أي بيئة ساقطة هذه ) ..
كلمات قليلة همس بها لنفسه كانت كفيلة بأن تجعله يتسلل بهدوء إلى العمارة و يهبط الى القبو الأرضي منها .. باب واحد فقط أمامه ..امتدت يده ليقرع الجرس .. تراجع .. أوشك أن يصعد .. كل شيء داخله يقول له :
هذا ليس مكانك .. ولكن كلمة الشيطان البشري لا زالت تدور فوق رأسه :
تفرج .. فقط تفرج ..!!
قرع الجرس .. ووقف لبرهة قبل أن يسمع صوتا أنثويا خلف الباب يقول : من ؟
اضطرب .. أمطر جبينه عرقا .. قلب قفز من صدره .. أوشك أن يطلق ساقيه للريح لولا أن الباب فتح بسرعة لتطل سيدة تكاد تقترب من الخمسين من العمر ..
تأملها .. تأملته .. أرخى عينيه في الأرض .. خجلا ؟ .. رعبا ؟ .. حزنا ؟ ربما كل هذا ..
قالت له : أهلا .. أهلا .. تفضل ..
هل ( يتفضل ) ؟ .. انه لم يأت ليقف عند الباب .. دلف إلى الداخل .. العتمة توشك أن تحتضن كل شيء .. لم يتبين ملامح البيت .. جلس .. وجلست السيدة بجواره ..
لحظات صمت خالها صاحبنا دهرا ..
قالت له : يبدو انك مهموم .. لم أرك من قبل هنا ..ما اسمك ؟
قال مرتبكا : لا داعي للأسماء يا ( طنط ) ..
قالت له : نعم يا روح أمك ؟؟ طنط ؟؟
قال : آسف .. آسف .. يبدو أني ..
انه ماذا ؟؟ لقد حاول أن يكذب ويوهمها أنه يبحث عن صديق له..
قالت : ها .. أطلب .. أؤمر .. طلباتك كلها متوفرة ..
قال : أنا .. أنا .. لا أدري ..
نعم .. لا يدري .. لا يدري كيف اقنع نفسه بالوصول إلى هنا ودخول هذا البيت و الجلوس هنا مع هذه السيدة ..
قالت له : واضح انك محرج .. وأنا عندي التي تفك عقدتك ..
انظر ذاك الباب .. افتحه .. ستجد من تنسيك هموم الدنيا كلها ..
قال ولا زال الاضطراب يخنقه : ولكن .. أنا .. لا أريد أن ..
قاطعته : لا بأس .. هذا الاضطراب سيزول فور دخولك هنا .. انتبه .. لا تفزعها .. لا تستخدم العنف معها .. إياك من أي تصرف خاطئ .. إنها بشر هي أيضا ..
قام من مقعده .. و امتدت يده إلى الباب .. فتحه .. ودخل .. فتح عينه جيدا .. إنها هناك .. لم تنبته لدخوله .. قال على استحياء : احم .. احم ..
انتبهت له .. رفع عينيه إليها .. يا للكارثة .. إنها أخته ..!!
وردة الشتاء الحمراء
همسات ساقطة تتردد بين أروقة القاعة الدراسية يحاول أن يهرب منها .. أن يتجاهلها .. لا يمكن أن يكون مثلهم و لا أن يسير على دربهم .. انهم حثالة .. هكذا همس لنفسه .. ولكن هل خفتت همساتهم ؟ لا .. فذاك البيت المشبوه في آخر الشارع أصبح مشهورا أكثر من البيت الأبيض في أمريكا ..والجميع يتهامس عن رقيق ابيض يباع ويشترى في غفلة عن العيون.. قال له صديقه : تعال معي .. ستعرف أشياء لا تخطر لك على بال .. قال : اتركني أرجوك .. باغته صديقه مغريا : لا تقلق .. سأدفع عنك الفاتورة .. فقط أريد أن أخرجك من هذه الحياة الكئيبة المسيطرة عليك .. أجابه و هو يتحسس جيبه : لا ..إنها مسألة مبدأ .. أخلاقي لا يمكن أن تنحدر إلى هذا الحضيض .. أجابه صديقه وهو يبتعد عنه : كما تريد .. ولكن اكتشف على الأقل هذا العالم .. أدخل للفرجة فقط .. للفرجة يا .. أبا المبادئ .. قالها ساخرا .. وانسحب .. وغرق صاحبنا في صمت عميق .. حاصرته الأفكار .. دس يده في جيبه .. انها بضع ورقات نقدية استدانها من شقيقته ليكمل بقية الأسبوع بها .. يفكر في بيته .. أمه .. أخته .. شقيقه الصغير .. كل هؤلاء ينتظرون منه أن يتخرج من الجامعة ليبحث عن عمل و يصرف عليهم .. أخته سبقته إلى التخرج وحملت شيئا من العبء .. أصبحت تعمل صباح مساء في أحد المستشفيات لتوفر له لقمة هانئة و وسادة مريحة ينام عليها آخر النهار .. بقي هو .. عليه أن ينتحر في المذاكرة لينهي دراسته بامتياز .. ولكن .. هؤلاء اخوة الشيطان لا يتركونه .. وان ابتعدوا عنه فإن كلماتهم لا زالت ترفرف فوق رأسه : أدخل و اتفرج يا أبا المبادئ .. نعم .. فقط أريد أن أعرف ماذا في الداخل .. قالها لنفسه وهو يسير إلى نهاية الشارع بخطوات مرتبكة .. يعلم جيدا موقع البيت .. ولكن .. هل يملك الجرأة لدخوله .. ؟ وقف بجانب البناء الذي يحتضن البيت المشبوه .. تسمرت قدماه .. نظر حوله .. الحركة تضج في الشارع .. للحظة شعر أن كل العيون ترقبه .. و كل الأصابع تشير إليه و كل اتهامات الدنيا تطوق عنقه .. هل يدخل المبنى ..؟ تذكر أمه .. أخته .. أخوه الصغير .. تذكر أباه الذي يرقد في مقبرة مجاورة لهذا المكان .. تراجع .. ولكن .. ( سأتفرج .. لن أرتكب أي حماقة .. أريد أن أعرف أي بيئة ساقطة هذه ) .. كلمات قليلة همس بها لنفسه كانت كفيلة بأن تجعله يتسلل بهدوء إلى العمارة و يهبط الى القبو الأرضي منها .. باب واحد فقط أمامه ..امتدت يده ليقرع الجرس .. تراجع .. أوشك أن يصعد .. كل شيء داخله يقول له : هذا ليس مكانك .. ولكن كلمة الشيطان البشري لا زالت تدور فوق رأسه : تفرج .. فقط تفرج ..!! قرع الجرس .. ووقف لبرهة قبل أن يسمع صوتا أنثويا خلف الباب يقول : من ؟ اضطرب .. أمطر جبينه عرقا .. قلب قفز من صدره .. أوشك أن يطلق ساقيه للريح لولا أن الباب فتح بسرعة لتطل سيدة تكاد تقترب من الخمسين من العمر .. تأملها .. تأملته .. أرخى عينيه في الأرض .. خجلا ؟ .. رعبا ؟ .. حزنا ؟ ربما كل هذا .. قالت له : أهلا .. أهلا .. تفضل .. هل ( يتفضل ) ؟ .. انه لم يأت ليقف عند الباب .. دلف إلى الداخل .. العتمة توشك أن تحتضن كل شيء .. لم يتبين ملامح البيت .. جلس .. وجلست السيدة بجواره .. لحظات صمت خالها صاحبنا دهرا .. قالت له : يبدو انك مهموم .. لم أرك من قبل هنا ..ما اسمك ؟ قال مرتبكا : لا داعي للأسماء يا ( طنط ) .. قالت له : نعم يا روح أمك ؟؟ طنط ؟؟ قال : آسف .. آسف .. يبدو أني .. انه ماذا ؟؟ لقد حاول أن يكذب ويوهمها أنه يبحث عن صديق له.. قالت : ها .. أطلب .. أؤمر .. طلباتك كلها متوفرة .. قال : أنا .. أنا .. لا أدري .. نعم .. لا يدري .. لا يدري كيف اقنع نفسه بالوصول إلى هنا ودخول هذا البيت و الجلوس هنا مع هذه السيدة .. قالت له : واضح انك محرج .. وأنا عندي التي تفك عقدتك .. انظر ذاك الباب .. افتحه .. ستجد من تنسيك هموم الدنيا كلها .. قال ولا زال الاضطراب يخنقه : ولكن .. أنا .. لا أريد أن .. قاطعته : لا بأس .. هذا الاضطراب سيزول فور دخولك هنا .. انتبه .. لا تفزعها .. لا تستخدم العنف معها .. إياك من أي تصرف خاطئ .. إنها بشر هي أيضا .. قام من مقعده .. و امتدت يده إلى الباب .. فتحه .. ودخل .. فتح عينه جيدا .. إنها هناك .. لم تنبته لدخوله .. قال على استحياء : احم .. احم .. انتبهت له .. رفع عينيه إليها .. يا للكارثة .. إنها أخته ..!!
همسات ساقطة تتردد بين أروقة القاعة الدراسية يحاول أن يهرب منها .. أن يتجاهلها .. لا يمكن أن يكون...
هل انتهت القصة ......

جميلة لكني لم أفهمها بعد...