قمه
قمه
وآآو رهييبة ..بانتظار التكملة
وآآو رهييبة ..بانتظار التكملة
الأروع وجودك ........................ أنتظري بتشوفين أحداث قوية جااااااااااااااااايه :)
قمه
قمه
:: الجزء الثاني عشر ::




((مراسم المولد النبوي الشريف))






طُرق البـاب .. استدرت نحوه بعينين أثقلهما النوم .. قلت بإعياء :
ـ من الطـارق ؟!

سمعت صوت أخت الزوج تستأذن بالدخول .. نظرتُ إلى الحائط .. الساعة الثانية عشر والنصف ظهراً ..
ساعتان مضتا منذ أن عدنا من البحر .. حلّقت أفكاري حول ما حدث اليوم ..

طرق الباب مرة أخرى .. أووه تذكرت !! وثبتُ واقفة وأدرت مفتاح الباب وقلت لها بإرهاق :
ـ تفضلي .. عذراً .. كنت نائمة ..

قالت بصوت ينم عن بهجتها الخفية :
ـ هل .. هل ستذهبين معنا اليوم ؟!!

ترددت برهة ثم ابتسمت وأنا أسألها بفضول :
ـ إلى أين ؟ هل سنتنزه قليلاً مثلاً ؟ أشعر بالضجر !

قالت بمكـر :
ـ لا أعلم .. لا أعلم .. ألم .. ألم يخبرك زوجك عن ذهابنا اليوم ؟

أحسست بانقباض في صدري لا أعرف له سبباً :
ـ لا يا عزيزتي .. حتى الآن لم يخبرني أحد إلى أين سنذهب ! ألا تعلمين !!!!!

بعد تردد أجابـت :
ـ لا أعلم .. أقصد .. حسناً أراكِ فيما بعد .. سوف .. حسناً أعتقد أن والدتي تناديني .. بالإذن .. !!!!

ما بها ؟ .. لم هي مرتبكة ؟ .. لا يهم أشعر برغبة في الاستلقاء وأخذ قسط من الراحة بعد القراءة .. قرأت قليلاً .. ثم أعدت وضع كتبي في الدرج الخاص بي .. وفيما أنا أفعل .. دخل الزوج :
ـ ماذا تفعلين ؟! ألم تنامي بعد ؟!
ـ سأفعل .. فضلت قراءة بعض الكتب .. سآخذ قسطاً من الراحة الآن ..
ـ قراءة بعض الكتب ؟! .. أي كتب تقصدين ؟!!
نهض من مكانه وشعرت بأنه يفضل الإطلاع على الكتب بنفسه .. لم أمانع .. من حقه أن يراها !

فتح الدرج .. أخرج الكتب .. امتقع وجهه وهو يقرأ العناوين بصوت خافت :
ـ الكلم الطيب لابن تيمية .. الأذكار للنووي .. جلاء الأفهام في الصلاة والسلام على خير الأنام لابن القيم .. الشفا بتعريف حقوق المصطفى للقاضي عياض .. فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية .. رسالة لسماحة الشيخ عبد العزيز بن باز في حكم الاحتفال بالمولد ……

صاح بي قائلاً وصدره يتأجّج غضباً :
ـ من أين جاءت هذه الكتب ؟!!

ـ جئت بها من منزل عائلتي .. ما بك ؟!!!!

اعترض على وجودها معي بإصرار :
ـ كان يجدر بك استشارتي في قراءة هذه الكتب السخيفة !!

ألقى نظرة إلى الكتب مرة أخرى وأضاف حانقاً وهو يلقي بها أرضا :
ـ كان بإمكاني أن أختار لك الكتب التي يجب عليك قراءتها والتدبر فيها ….. !!

إنه يتضايق كثيراً عندما أبدي اهتماماً بالغاً بالكتب والمطالعة !!!!!!

كرر حديثه مرة أخرى وقال بإصرار :
ـ لا أريد أن أرى هذه الكتب في الحجرة ولا في البيت بأكمله ! .. أنا سآتي لك بالكتب التي أرغب في قراءتك لها !

ابتسمتُ لهذه الفكرة وأجبت :
ـ ولكن لا أظن بأننا نفضل نوعية الكتب نفسها .. أليس كذلك ؟!

لم يجد أي تعليق يضيفه على كلامي سوى :
ـ لن تقرأي هذه الكتب مرة أخرى .. هذا أمر .. لا أريد تكرار الكـلام .. تخلّصي منها بأسرع وقت .. فهذه الكتب هي التي تغسل أفكارك .. وتحجّـر معتقداتك !!!

آه .. لا مجال للمناقشة .. لا أريد الدخول في حلقة مفرغة جديدة .. لن أنازعه .. قلت باستسلام :
ـ حسناً .. لك ما تريد .. سأحرقها إن أردت !!!
رأيت ومضياً راقصاً في عينيه !!

استيقظتُ على صوت آذان العصر .. ما زالت الكتب في مكانها !! .. أخذتها بسرعة .. خبأتها تحت السرير .. في مكان لن يراها فيه !
أيقظته .. قام كالملدوغ وهو ينظر إلى الساعة !! .. ما باله ؟! .. هل خاف أن تفوته صلاة العصر في المسجد ؟! .. مستحيل !!!!!! .. لم أسأله …

قال لي وعيناه ما تزالان مغمضتين :
ـ هيا بسرعة .. استعدي سنذهب بعد نصف ساعة .. لا تعتذري عن الذهاب .. لا أريد اعتراضات ! .. بسرعة سأذهب إلى أمي لأستحثها على الاستعداد بسرعة .. أمامـك متسع من الوقت .. تزيني بأفضل الملابس !!!! .. ثم .. خرج ..
ماذا يقصـد ؟ .. لم يخبرني أحد بأن هناك وليمة أو حفلة زفاف !!!

عــــاد ..

ـ هل أنت جاهزة ؟
ـ تقريباً ! .. ولكن أريد أن أصلي العصر أولاً .. انتظر ..

قال وكأنه قد تذكر شيئاً مهماً …
ـ آه ….. نسيت أن أصلي !! هيا سأصلي أمامك .. تراجعي إلى الخلف ..
قلت في نفسي : ( أين الصلاة في المسجد ؟ لماذا لا تلبّي داعي الله إلى المسجد .. واحسرتاه !!!! (

التفت إلي قبل أن يكبّـر وقال :
ـ هيا .. اجهري بنية الصلاة .. وبصوت مسموع .. كي أسمعـك .. ردّدي خلفي .. نويت أن أصلي لله تعالى أربع ركعات لصلاة العصر إماماً ..

ثم سكت .. رفعت حاجبي استغراباً .. وذهلت ! التفت مرة أخرى إلي وقال :
ـ ما بالك ؟! .. ألم تستمعي إلى قولي ؟!

قلت مذهولة :
ـ بلى !! .. ولكن الجهر بالنية والتلفظ بها ………

قاطعني بغضب :
ـ سنــة !! وليس بدعة كما تعتقدين .. هيا ردّدي ما قلته .. ألا تسمعين ؟!

ـ ولكني نويتها في قلبي مثلما نويت الوضوء الذي قبلها وهذا يكفي ! ..

ضرب كفّيه ببعضهما في نفاذ صبر وقال :
ـ وماذا بعد ؟ .. قلت لك تلفظي والآن أمامي .. أريد أن أسمع .. تبـاً لكم من وهّـابـيـن .. كل مستقيم تجعلونه أعوجـاً !! .. هيا انطقي بها ..

نطقت بها مكرهة ! .. فتظاهرت بالصلاة معه .. وقد كنت أصلي بمفردي .. آه .. لقد شككت حتى في صلاتي .. وهي ما أشعر فيها بالراحة والسعادة !!!

أنهينا الصلاة .. وعند التسليم لاحظت كفيه يتحركـان يمنة ويسرة .. ما باله ؟ لماذا يحركها مع التسليمة ؟ .. أردت السؤال فامتنعتُ .. لا أريد المزيد من الجدل .. تظاهرت بالتسليم معه حتى لا يقيم غضبه الدنيا .. فأنا لم أعد أحتمل .. كفاني .. قلت :
- ألن تخبرني إلى مكان ذهابنا ؟

ـ ستعرفين فيما بعد .. لا نريد التأخر .. بقيت لنا عشر دقائق فقط .. أين ملابسي ؟
ـ جاهـزة .. ولكن أرجوك أخبرني .. إلى أين ؟ لا أعرف لماذا أنا غير مطمئنة .. !

تمالك نفسه وأراد الخروج فأوقفته :
ـ انتظر أرجوك .. أخبرني أولاً .. إلى أين ؟! إلى أين ؟!

أجاب وهو يبتعد خارجاً من الغرفة :
ـ سنذهب إلى مكان يقام فيه مولد نبوي .. هل اطمأننتي ؟

أوقفته مرة أخرى .. نظرت إليه بتشكك ووجل :
ـ مولد نبوي ؟! .. ماذا تعني بذلك ؟!!!
ـ لن أخبرك سترين بنفسك .. ستسعدين بحضوره .. والآن هيا حتى أغلق الحجرة .. تقدمي ..
أغلق الحجرة .. هرول هابطاً قبلي إلى الدور السفلي .. فكرت في كلماته ملياً .. ماذا يقصد ؟
هبطت السلالم ببطء شديد ! .. هل لهذه المناسبة ارتباط بمعتقدات الصوفية ؟!! .. لماذا لا يريد إخباري ؟ .. هناك شيء ما أجهله !!

قابلت أمه في البهو .. إنها بكامل زينتها .. وكذلك أخته !! نظراتها شاردة .. لا تريد أن تلتقي بنظراتي المرتابة !! .. لماذا ؟!

قالت الأم لابنتها بلطف وهي تتأملها :
ـ إنك جميلة يا ابنتي بهذا الثوب .. هل أخذتِ معك كل الكتب المطلوبة ؟

أجابت ابنتها وقد أشرق وجهها بابتسامة تنم عن فرحها بحضور هذه المناسبة :
ـ نعم يا أمي .. كل شي جاهز .. كتاب دلائل الخيرات .. والبردة .. وكتاب الغزالي .. ومجالس العرائس .. وكذلك أخذت معي .. الدفـوف .. والمزامير .. لا تخافي .. لم أنس شيئاً أمي !!

قلت في نفسي :
ـ عجباً .. عمّ تتحدثان ؟! .. كتبهم الدينية مع دفوف ومزامير ؟! .. ما هذا التناقض ؟!!!!! .. تذكرت بسرعة ما تحتويه تلك الكتب من زيغ وضلال .. عرفت إذاً أن ذهابنا لشيء ما غير سوي !!! ..
لا أريد الذهاب .. ولكن ستقلب الدنيا إن رفضت !!

واجهته قبل خروجه من المنزل .. وقلت له متوسلة :
ـ أرجوك .. لا أريد الذهاب .. أرجوك .. اذهب أنت وعائلتك .. سوف أنتظركم هاهنا ! .. أتركوني فأنا لن أستطيع الذهاب .. اذهبوا أنتم إلى أي مكان ترغبون !

ابتسم ابتسامة ماكـرة تحمل ألوان الدهاء والخبث :
ـ ألا تريدين الذهاب معنا يا عزيزتي ؟!! .. حسناً ..

صدقته وقد امتلأ قلبي بالفرح .. أخيراً فهم ؟!! أحسست بأني أطير في السماء من شدة الفرح والحبور .. ولكن للأسف .. وئدت تلك الفرحة للتو فلم تعرف النور !!!

كزّ على أسنانه بقوة .. ونطقت عيناه بالوعيد الذي عهدته لهما .. واحمـر وجهه غضباً .. وشعرت بحرارة أنفاسه الساخطة وهو يهمس بصوت يرعـد :
ـ لن أطيل الصبر في السيارة !! .. بسرعة تقدمي قبل أن أفقد صبري معك !!!!!!!!!!!!!

آه …. لا مجال أيضاً للمراوغة .. اضطررت للذهاب .. كم رجوتهم بأن يتركوني .. لهم دينهم ولي ديني .. لا فائدة .. ذهبت معهم ..
دخلنا في حـارة ضيقة مفتوحة الطرفين .. متعرجة .. طويلة .. مضاءة .. ذات طابع خاص .. أهم ما فيها الهدوء والنظافة ..
كنت مطرقة متجهمة بليدة في السيارة .. ولكني أدركت أنني على وشك أن أفقد كل شي !!

فاجأني صوت أمه تقول بابتهاج :
ـ هل أنتِ على ما يرام ؟!!
أومأت برأسي إيجاباً ولم أستطع الرد !

سوف تبتهجين معنا الليلة .. أليس كذلك ؟
أطرقت ساهمة .. ولم أجب ! .. فأمرني الزوج بأن أتحدث قائلاً وهو ينظر إلي من خلال مرآة السيارة الأمامية :
ـ ألم تسمعي ؟ .. ألستِ على ما يرام ؟! .. تكلمي !!
ـ بلى .. بلى .. على ما يرام .. على ما يرام .. !!

اقترب من والدته وبدأ الهمس الذي عهدته كثيراً في حضرتي بينهما .. فطلبت من الله العون والمساندة ..
كان صوتي كسيراً عندما نطقت .. فانزويت أحتضن حقيبتي وأغمضت عيني .. وكأنني غريبة مسافرة وحدي .. بيد أني اليوم بدأت أفكر في النهاية .. ووجدت نفسي أهتف :
ـ النهاية .. النهاية .. ترى ماذا ستكون ؟!!!!

توقفت السيارة أمام منزل متواضع .. رأيت الناس يتزاحمون في الدخول إليه ! ..
سترك يـا الله ! .. ما الذي سيفاجئني هنا أيضاً ؟!!

خرج الجميع فاستبقاني ! .. ماذا يريد الآن ؟! ألا يكفيه ما يفعله بي ؟ .. ألا يكفيه ما مضى ؟!!!
التفت نحوي .. كان قلبي يدق بعنف .. أنا لست مطمئنة لما يجري حولي !!
فقال بتشكك :
ـ أصلحي نيتك .. ولا تسخري من شي .. هل ستفعلين ؟!!
ـ نعم .. نعم سأفعل !

خرجتُ بسرعة .. أغلقت الباب بهدوء .. لم أنتظر المزيد من الحديث .. لقد سئمت .. تنهدت من الأعماق ..

شعر الزوج كأن سهماً بارداً اخترق حناياه حين رآني أهبط من السيارة دون أن أنظر إليه .. سمعته ينادي .. وينادي .. لم ألتفت إليه .. لم أوجّه إليه كلمة واحدة .. إنه لا يستحق .. لا يستحق .. لا يستحق !!!

وجدت أمامي سلماً طويلاً .. صعدته بتكاسل .. الحماس .. التحدي .. لم يعد لهما مكان لدي !!
دخلت إلى دورة المياه .. غسلت وجهي وكأنما أغسل أحزاني .. خرجت وقد نزعت عني حجابي .. سألت إحدى العابرات بصوت ضعيف :
ـ أين تجلس النســوة ؟!
ـ هنا .. من هذا الباب .. ثم اصعدي بعد ذلك إلى سطح المنزل .. ففيه سيقام المولد .. أسرعي قبل أن يبدأ !!

أمسكت دمعة كادت أن تفلت من عقالها .. ثم قلت :
ـ شكراً لك .. شكراً ..

كان السكون مخيماً جداً في الممر .. أخيراً وجدت باب السطح .. ارتجفت يداي وارتعشت أناملي .. أمسكت بمقبض الباب .. آه .. كأنني أسمع من الخارج ابتهالات النساء بصوت موحد !!! ..
ترددت قليلاً ثم .. فتحت الباب ببطء .. توجهت أنظارهن إلي .. شد انتباهي ارتداء الجميع لحجاب الرأس .. ثم الابتهالات التي كن يرددنها خلف فتاة حسناء ذات صوت جميل ! .. ماذا يقلن ؟! ..

دققت النظر في الفتاة .. ثم في النساء .. وجدت مكاناً خالياً .. جلست .. امتعضت النساء من وجودي !! .. ما بهن ؟! .. أقبلت بعض النسوة مسرعـات إلي … أرى في نظراتهن استنكاراً لعمل ما عملته !!! .. همست إحداهن في أذني والجميع يرتقبن ردة فعلي وكأنني لست من البشر :

ـ إذا سمحتي يجب أن ترتدي حجابك على رأسك قبل الدخول ؟!
ـ لماذا ؟ .. هل سيدخل رجال هنا مثلاً ؟!

تبادلت النظرات اليائسة مع رفيقتها ثم قالت :
ـ بل لأنه مجلس ذكر ! .. والملائكة تفر من المجلس الذي تكون فيه امرأة غير مرتدية لغطاء الرأس .. اتسعت حدقتاي فقلت بتعجـب :
ـ وما شأن الذكر وقبوله بالحجاب ؟! .. إن الله يُذكر في أي حال ووضع ومكان ولا يشترط فيه الحجاب حتى يُقبل !!!

أجابت بنفاذ صبر :
ـ بل لن يستجيب الله لدعائنا .. ولن ينظر إلينا .. والملائكة لن تحضر مجلسنا ولن ترضى عن هذا !!

اعتذرتُ عن وضعه .. فيئستا مني وذهبتا حانقتين .. وعادت النساء تحدّقن بي وتتهامسن في وجودي .. ولكني لم أعد أكترث .. لقد يئست من كل شي .. فرضى الناس غاية لا تدرك ..

استمرت النسوة في الابتهالات .. فنظرت إليهن .. سمعتهن يقلن ألفاظاً غريبة :
ـ هو .. هو .. هو .. الله .. الله .. حي .. حي .. !!

ماذا يقصدن ؟ .. لا أفهم ماذا يفعلن !! .. لقد أخذ الوجد منهن مأخذاً عظيماً .. وبلغ التفاعل بينهن مبلغاً أعظم !!
تغير بعد ذلك المجرى .. فتناولت بعضهن الطار والدف والمزمار .. وأخذن ينشدن المدائح والقصائد الشعرية !! .. ما هذا التغيير المفاجئ ؟ .. وما هذا التناقض ؟ .. مدائح نبوية ومزامير ؟!!!!! .. آه .. أحسست وكأن مطرقة هوت على رأسي ! ..
قلت للمرأة التي تجاورني بلهجة أسف لم تخل من النقد :
ـ ما مناسبة هذا الاجتماع ؟

قالت باستغراب :
ـ إنه ذكرى لمولد النبي الشريف !!!

سألتها بفضول :
ـ وهل هو خاص بوقت معين ؟ .. فمولد النبي كان في شهر ربيع الأول في الثاني عشر منه .. وهو لا يصادف اليوم !!!
ـ آه نعم .. ولكن لا يشترط ذلك ! فهو يقام عند وجود أي مناسبة من موت أو حياة أو تجدد حال .. لم تسألين ؟! ألم تحضري مولداً من قبل ؟!

قلت بدون أن ألتفت إليها .. متجاهلة سؤالها :
ـ وما مناسبة اليوم يا ترى ؟!!




يتـــــــبع ..
قمه
قمه
:: الجزء الثالث عشر ::




((حضر .. حضر))






ـ لقد انتقلوا إلى هذا المنزل منذ وقت قريب .. وفرحاً بالمناسبة أقاموا اليوم الاحتفال بالمولد النبوي الشريف !!! .. أحسست في هذه الوهلة بأني وحيدة .. فليس هناك عزلة أشد من عزلة الرأي .. ولا انفراد أقوى من انفراد العقيدة والدين .. نظرت إلى كفّي المعروقة .. مسحتها .. آه لحزنك يا قلباه .. ما أتعسك !!!

أقبلت صاحبات المنزل وقدمن الطعام .. وقد دعون إليه الأصدقاء والأقارب والقليل من الفقراء !!! ..
فأكلن وتلذّذن بالطعام .. أما أنا فقد اكتفيت بأكل القليل من الفاكهة ..
ما للوقت يمشي كئيباً .. بطيئاً ؟! زاد يقيني أن الذين حولي لا يشاركوني إحساسي بالاغتراب !!

رفعت رأسي نحو الحائط .. وجدت صوراً لطالما رأيتها في الكثير من المنازل .. إنها صور أوليائهم !! .. يتبركون بها !!
لقد نصبوها في المنازل كلها وكأنها أوثان تعبد .. ما الفائدة منها يا ترى ؟! .. هل يعتقدون فيها ؟ ..
هل تجلب لهم نفعاً أو تدفع عنهم ضراً ؟! .. إنهم جاهلون .. غارقون في الوهم حتى الثمالة !!!!!

انتهت النساء من الطعام .. فجلسن للاستماع للأشعار المنشودة والترنم بالمدائح والشمائل المحمدية ومعرفة النسب الشريف .. ولكن مهلاً .. إن جل المدائح والقصائد التي أسمعهن يتغنين بها لا تخلوا من ألفاظ شركية إنهم يطرون الرسول الكريم كما أطرت النصارى عيسى بن مريم ؟! .. هل أخبرهم بذلك ؟! ..
ولكني لن آمن العقاب ! .. ربـاه ساعـدني

وفجـأة .. قامت النساء واستقبلن القبلة عندما كانت الفتاة الحسناء تقرأ قصة المولد .. حتى إذا بلغت : ( وولدته آمنة مختوناً ) !! لقد قمن إجلالاً وتعظيماً لدقائق تخيلاً منهن وضع آمنة لرسول الله صلى الله عليه وسلم .. نظرتُ إليهن .. إني خائفة .. مرتبكـة .. ماذا يحدث حولي .. ثم قالت النساء بأصوات وجدانية :
ـ لقد حضـر .. حضر .. حضر .. أمام القبلة .. !!

نظرت باستغراب وتخوف !! أين حجابي ؟! .. انتظرن ! من هذا الذي حضر ؟! .. أوقفنه .. أريد أن أرتدي حجابي .. ولكن .. أنا لا أرى شيئـاً !! من الذي حضر ؟!
هل .. هل يقصدون جنياً ؟ .. من يقصدون ؟ .. هل يرين أشياء لا أراها ؟! .. يا إلهـي !!!

ثـم .. أتي لهن بالمجامر وطيب البخـور .. فتطيبت النساء ! .. ثم درن بكؤوس الماء والعصير فشربن منه بنهم !!

أقبلت إلي بعض النسوة يركضـن وأخذنني وقلن لي فرحات :
ـ هيا معنـا .. بسرعة .. لا نريد أن يفوتكِ الموقف الشريف .. بسرعة .. لقد حضر حضر ..

رأيت الصفقة خاسرة وأحسست بثقل يمشي في صدري .. فقلت بحسرة وأنا أرافقهن :
ـ من هو الذي حضر ؟! .. أهو رجل آخر تطالبنني فيه بالكشف عن وجهي وتقبيله أيضاً ؟!

قلن لي وكأنني قد اعتنقت دين اليهود أو النصارى :
ـ إنه محمد صلى الله عليه وسلم !!!!!!!!!!!!!!

صعقت ونظراتي المكذبة والمصدقة قد آلمتني كثيراً .. عدت إلى مكاني بسرعة .. وعيون القوم ترمقني أن كيف أترك فرصة كهذه وأستهين بها !!

جئن واللوم باد على وجوههن بعد أن انتهين من الابتهالات الجماعية والدعوات والصراخ ! .. وبعد أن ذهبت روح المصطفى إلى بارئها !!!
ـ بالتأكيد أنتِ لا تحبين الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم !! .. أنت لا تريدينه أن يشفع لك يوم القيامة !! .. ستحدث لك نكبات ومصائـب لأنك استهنت بحضوره بيننا ولأنك رفضتِ مشاركتنا في زمن حضوره !!

يـا إلهـي ! .. هل ما يقلنه صحيح ؟! .. هل هن صادقـات ؟ ..
يبدو التأثر على أوجه الكثيرات منهن !!!

تقدمت إحداهن إلي وقالت لي وكأنما تصب سمّـاً زعافاً في عقلي :
ـ أيتها الحمقاء المعتوهة !! .. لقد كنت مثلك أو أشد منك ! .. وكنت أعتقد أن هذه خزعبلات وترهات !!!
ولكن بعد أن منّ الله علي شعرت بحلاوة الإيمان .. آه كم أنا سعيدة .. وأتمنى لو أنني أقيم في كل يوم مولداً نبوياً في منزلي !! .. جربي ولن تندمي .. وستصبحين مثلنا وأشد ! ..
وإن لم يعجبك الحال فامتنعي ولكنني متأكدة من أنه سيعجبك !!

يـا إلهـي لم أعد أحتمل .. أين الصواب وأين الخطأ ؟! ..
هل يعقل أن يكون أهلي على خطأ ؟! .. هل يمكن ؟! .. وبدأت الشكوك تساورني ! .. آه لقد أثّروا علي من كل اتجـاه .. وحدي أنا ! بدأت أسلحتي تضعف شيئاً فشيئاً !!
ربـاه .. أرجوك.. أريد أن أعود لنقائي .. أفكاري النقية .. معتقداتي وعقيدتي الصافية ! .. سريرتي الطاهرة .. قلبي السليم .. هل يمكن ذلك ؟

مضى الوقت يتلكأ حتى أوشك الليل أن ينتصف !! .. وسيطر السكون بعدها على المكان .. فلم أر وأنا بمكاني إلا عيونـاً قد أخذها اللوم علي ! .. فخشخشت الأوراق بتأثير نسمة طرية باردة .. معلنة عن وقت الرحيل من هذا المنزل .. !!

ركبـت في السيـارة .. التقت نظراتي الحزينة التائهة بنظرات الزوج المتلهفة لمعرفة ردة فعلي على ما سمعت وما رأيت .. أغمضت عيني .. شعرت بحاجتي لصدر أمي الحنـون .. حتى البكاء .. أصبح عسيراً علي .. ربـاه .. اللهم اكفنيهم بما شئت .. !

عـدت إلى المنزل .. وقفت أفكاري وعاد إليها ركودها الأول .. أحسست برغبة جامحة في الدخول إلى مخدعي .. ولكن السكون المطلق الذي ران على المنزل لم يشجعني على سرعة الدخول .. فأخذت أنظر إلى غير هدف ! .. أنظر إلى أي شيء !! .. وأنظر إلى كل شيء !

شعرت بتقدم خطى الليل .. فوقفت بتكاسل .. وتحسست طريقي في الظلام حتى وصلت إلى فراشي .. واندسست تحت اللحاف الخفيف .. أخذت نفسـاً عميقـاً .. وأنا أشعر بالوحدة .. كان آخر ما تذكرته في هذه الليلة هو اليوم الكئيب الذي عاصرت فيه أحداثاً ثقيلة .. في البحر .. في المنزل .. في المولد النبوي ..

بقيت نظراتي تائهة .. وأفكاري متلاطمة حتى بانت خيوط الصباح الأولى .. ثم .. أسدلت أجفاني بثقل شديد .. فنمت وأنا أسمع أنيني يخترق فضاء الأحـزان




يتـــــــبع ..
قمه
قمه
حبيباتي ................................ بنزل الجزء اللي بعده العصر أو الظهر ........................
لاني الأن مشغولة .............................. بأمان الله
آواخر الشتا
آواخر الشتا
الله يحفظك ياقلبي..كنت برد عليك من بدري بس الاتصال قطع..ومشكوووره..