روايـــــــــــــــه تستحق المتابعه لاتفوتكم

الأدب النبطي والفصيح


غالياتي
اهدي لكم قصه قمه في الروعه

قصه تستحق المتابعه نقلتها لكم من احدى المنتديات

ارجوا ان تنال إعجابكم

فإلى اول فصول القصه :/
94
11K

يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.

تسجيل دخول

المشتاقة الى الجنه
( 1 ) الخوف من المجهول

حملتُ قلباً أرهف من قلب الطفل ، وروحاً أزكى من روح المسك ، حملتُ مشاعر مُحبة لم تعرف الكُره يوماً أو الحقد .. حلمتُ بدنيا هانئة هادئة جميلة .. شعرت بأن جميع من في الكون طيبون مُحبّون مثلي . وأن الجميع يحملون قلوباً طاهرة مغسولة بالماء والثلج والبرد ، كما هو قلبي ! وأن الجميع ذوو نوايا حسنة كما هي نيتي .. أستاء لآلام الناس وأحزن لمصابهم .. أحببتُ جميع الناس دون استثناء !!

وعندما أتممت العشرين من العمر تقدم إليّ شاب من بلد عربي فأخبرني به أهلي .. اضطربت وارتجفت فرائصي .. ترددت كثيراً ثم رفضت .. لا أريده ولا أعلم سبب رفضي له .. فطلبوا مني التمهل والتفكير .. فكرت ملياً ثم .. وافقت بعد شق الأنفس وجهد العناء .. ثم عُقد القران بيننا !!

إذن بقي عام على الزواج ! خلال هذا العام كان يُرسل إلي كتباً مغلفة خفية ودون علم أهلي ! ويطالبني بإصرار أن أخفيها عن أنظار الجميع !!

بدت الغرابة على محيّاي ! لماذا ؟ فقال :
ـ سنصبح زوجين فيجب أن تكون لنا خصوصياتنا ! اقرئيها بمفردك وطبّقي ما فيها فهي نافعة جداً ومفيدة للغاية !!

وكان يسألني باستمرار وبانتظام عن تأثير هذه الكتب علي ! وهل عملت بما فيها ؟ وما رأيي بمحتواها ؟ الحق يُقال بأن الله لم يكن بريد مني أن أفتح هذه الكتب أو أرى ما فيها على الإطلاق ، ولكن إجابتي له كانت بأنها نافعة ومفيدة .. حتى لا يضغط علي بها أكثر من ذلك !

واستمر الحال .. وقبل الزواج بأسبوعين امتلأت مآقيّ بدموع الكون فاحترقت وجناتي بهذه الدموع المحرقة التي لا أعرف لها سبباً ! ستُلقى على عاتقي مسؤوليات عظام .. فهل أنا على استعداد لها ؟ كنت الفتاة الصغرى المدلّلة دوماً !

هل سأوفّق في إسعاد زوجي وإعطائه حقوقه الزوجية كاملة ؟ هل سيكون سعيداً معي ؟ وهل سيُسعدني ؟ هل سيغضب الله علي عندما أغضبه ؟ وهل .. وهل .. الخ .

لقد تربيت في بيت يعرف الحقوق والواجبات ويقدّرها ولله الحمد ، بالإضافة إلى كونه بيتاً محباً هادئاً فبالتأكيد سوف تكون حياتي كذلك !

لا حظت عليه قبل الزواج عدم ذهابه إلى المسجد في وقت الصلاة ! وقد كان حُلُمي الذي طالما راودني أن أتزوج رجلاً ملتزماً خلوقاً ديّناً ، والشيء الأهم أن يصلي الصلاة في المسجد مع الجماعة .. حتى تسكن روحي معه .. وأطمئن له وبه .. وتهدأ حياتي وترفرف عليها السعادة والأمان !

كم حلمت بأن يستيقظ من سأتزوجه لصلاة الفجر كل يوم ويوقظني معه لأصلي ..

جاء يوم الزواج وأنا شبه واعية ! أخذ الخوف مني كل مأخذ .. اليوم فقط سأبدأ حياةً جديدة !

تزوجته .. سافرت معه إلى بلده ..


( 2 ) المفاجأة الأولى

وبعد وصولنا بيوم فاجأني قائلاً :
ـ استعدّي سيدخل عليك أقاربي من الرجال لمصافحتك وليباركوا لكِ بالزواج ..
التهبت عيناي :
ـ ماذا تقصد ؟ بالتأكيد تقصد بأنهم سيُباركون لي من خلف الباب !!!
نفى ذلك بسرعة وأردف :
ـ بل سيدخلون هنا عندك .. فصافحيهم وردّي إليهم التبريكات !
أنا ؟ هل سيراني رجال غرباء غير زوجي ؟ هتفتُ في أذنه :
ـ أرجوك .. هذا ليس اتفاقنا ! اتفقنا على ألاّ أظهر أمام أحد من الرجال على الإطلاق .. فأنا كما تعلم من عائلة محافظة متحجبة وأنت تعلم ذلك جيداً !!

نظر إلي بنظرات غاضبة وقال :
ـ افعلي ما أقوله لك ..

كنت بكامل زينتي ، ولم يتم حديثه إلا وقد دخل جمع غفير من الرجال !!!
وعيون القوم تكاد تلتهمني !

فأسرعت بأخذ غطاء وألقيت به على رأسي وجسدي وأنا أتوهّج ألماً وغضباً .. وامتنعت عن النظر إليهم وقد امتلأت بالحسرة والقهر مع الدمعات .. فمدّوا أيديهم يتسابقون بالمصافحة .. وبحركة آلية مرتجفة خائفة .. وبدافع من نظرات الزوج الماكر وخوفاً من غضبه مددت يدي بلا شعور لمصافحة كبيرهم الذي لم يتجاوز الثامنة والثلاثين من عمره ! واكتفيت بمصافحته هو فقط !

أخذ البقية يثنون على اختيار زوجي لي وقد توقعت أن بقوم بالنيل منهم لهذه المجاملات غير اللائقة والتي صدرت بأسلوب مقزّز لم أعرف القصد من ورائه !!

ولكن للأسف ! فقد اتسعت ابتسامته وانفرجت أساريره .. وماتت غيرته !!

خرجت فوراً من الحجرة وكأنما شعرت بغضب الله قد وقع علي وما أشده من غضب !!

لم أعرف ماذا أفعل في مجتمع غريب ! ماذا سيفعل الله بي ؟
ما هذا الذنب العظيم الذي اقترفته ؟
اللهم اغفر لي فهذا خارج عن إرادتي وطوعي !!!

عدت إلى منزلي تسبقني إليه الدموع المذنبة .. ولكن يجب أن أقنع هذا الزوج بأسلوب حكيم هيّن ليّن ! فرجوته ألا يفعل ما فعله اليوم مرة أخرى ! بكل أدب وطيب حادثته :
ـ لأن الله لن يوفقنا في حياتنا على هذه الصورة !
فأبدى غضبه واستياءه وثار ، وأقام الدنيا ولم يقعدها ! ففضّلْت السكوت والإقناع بالحسنى على فترات متقطعة ، والتنازل له حتى يفعل الله أمراً كان مكتوباً .

فوجئت مرة أخرى وأخرى بإصراره على مخالطتي لهؤلاء الرجال .. رفضت ، رجوته ..
أمرني بلهجة حانقة بالدخول قائلاً :

ـ إنهم جميعا قد اعتادوا على المخالطة والضحك وتبادل النكات والأحاديث الودّية والطرب رجالاً ونساء .. ولستِ أنت التي ستعيقين فعلهم أو تصلحين من شأنهم ! فلتوفري مجهوداتك لنفسك !

تأملت الحال ! ألا يخافون الله وغضبه ؟ كيف تختلط النساء بالرجال بهذه الصورة المنتنة ؟
كيف تبدي النساء زينتهن أمام رجال أجانب ؟! كيف يسمح أزواجهن بهذه الدناءات ؟

ذهبنا بعد ذلك لزيارة بلد عربي آخر .. وما زلنا في الأسبوع الثاني من الزواج … فقلت في نفسي : نحن الآن بمفردنا ، وسأحاول إقناعه !

ذهب ليأتي لنا بالعشاء من الخارج .. فذهبت أبحث في سورة النور عن الآية الفاصلة لهذا العمل المشين .. والبهجة تملأني وكأني قد أمسكت بعقال الإبل .. نعم هنا سيقف وهنا سيرضخ !!
فإذا حكم الله بأمرٍ فلا خيرة له ولا لي فيه ! نعم جاء الفرج وانكشفت الغمة ..

انتظرته بفارغ الصبر وكأن أجنحة الطيور جميعاً ملكاً لي أطير بها أينما أشاء في هذا الكون الفسيح ! وكأنما قلوب الكون تعاضدني لأصل إلى الخلاص الأكيد !!

جاء ، لم أنتظر والابتسامة تنم عن فرح شديد وعن روح منتصرة ، ثم فتحت المصحف على الآية " وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها وليضربن بخمرهن على جيوبهن ولا يبدين زينتهن إلا لبعولتهن أو آبائهن أو آباء بعولتهن " .

وقبل انتهائي من الآية نظرت إلى وجهه وقد توقعت التوبة والندم بالطبع !! ولكن يا للحسرة ، لقد استشاط غضباً ، وقام بخطف المصحف الشريف من يدي بقوة وألقى به على السرير ونظر في عينيّ بتهديد قاتل ووعيد مخيف . ثم قال :

ـ أنت تستمعين إلى كلامي أنا وليس إلى كلام هذا .. مفهوم !!

هذه الصعقة زلزلت كياني فخارت قواي ، لا فائدة !! مَنْ هذا الرجل الذي تزوجته ؟
طلبت المفاهمة منه بهدوء ، بكل أدب ، مع أن قلبي كاد أن يُخلع من هول الصدمة ! فسألته :
ـ ماذا تقصد ؟ وكيف تجرؤ على وضع المصحف بهذا الشكل ؟

فهاج قائلاً :
ـ وكيف تجرئين على مناقشة هذا الموضوع المُنتهي بهذا الشكل ؟ وهذه آخر مرة نتحدث فيها عن ذلك !!

فكرت ملياً .. لابد من مخرج لهذا المأزق والصبر هو العلاج الأفضل .

تمادى الجميع ( من الرجال ) في التحدث والضحك معي ، وافتعال المواقف التي تجبرني على الكلام معهم .. بكيت كثيراً على إجبار زوجي لي بالمخالطة .. رضخت بمشاعر مكرهة ! لعل الله أن يهديه فلا يعاود ذلك !

كنت ألبس حجاباً ساتراً جداً وأغطّي أكبر جزء ممكن من ملامحي ومن جسدي ونظراتي كسيرة منخفضة لا تجرؤ على النظر إلى هذا الكم الهائل من الوحوش الذين لبسوا ملابس الرجال !

وإذا به يناديني من بينهم فأرفع رأسي إليه والخجل يلفّني والحياء يذيبني ، فيأمرني بأن أرفع حجابي عن أكبر جزء ممكن ونظراته غاضبة تكاد تفتك بي وتعتصرني ، فلا أستطيع ! فيرغمني مرة أخرى بإرسال تلك النظرات التي تتوعدني وتتهددني ، فأرفض قسراً مع شدة خوفي منه ومنهم !

أين أنا ؟ مع من أعيش ؟ ليس هذا ما ربيت عليه !
أي عالم يحيط بي ؟!

أعاود النظر إليه فيشير إلي أن تكلمني مع المتكلمين ، واضحكي ، واخلعي جلباب الحياء الثقيل ، وكوني أكثر جرأة منهن !!! ولكن ديني يردعني وضميري يمنعني ..

نعود لمنزلنا .. أكفل له أنواع السعادة والهناء على الرغم من كل شيء !! كل ذلك حتى يتفهم طبيعتي وما أريده وما أرغب عنه .. ولكن لا جدوى ! يا للأسف ما لعمل ؟

سترت عليه ! مدحته أمام أهلي ، وأمام الجميع بأنه أرجل الرجال ! يجب أن أضع الأساس الصحيح لبناء المنزل الذي ليس له قواعد حتى الآن ! يجب أن أحاول المزيد ولكن بعيداً عن العيون …

" استعينوا على قضاء حوائجكم بالكتمان " .

في الأسبوع الرابع ضقت ذرعاً بعدم صلاته في المسجد .. قلت له بضيق :
ـ لماذا لا تصلي في المسجد مع الجماعة ؟
ـ صلاتي في المسجد تخصني ! وصلاتي في المنزل أفضل .. لا أريد الاحتكاك بمن في المسجد !!

سألته باستغراب واضح :
ـ ماذا تعني ؟
ـ لا أعني شيئا .. هيا سنخرج الآن .. !

تكرر هذا الموقف كثيراً ولكني لم أرد فقد الصبر المتبقي لدي !

( 3 ) حضور العزاء المريب

فاجأني في أحد الأيام بدخوله إلى المنزل وقت صلاة المغرب .. وقد امتلأت عيناه بالدمع .. وارتفع صوت نحيبه وبكائه ومعه عدد من أقاربه الرجال !
ما الخطب ؟! كاد أن يُغمى علي من شدة الهلع والخوف ! : رجل يبكي ؟! وأمامي ؟! وأقاربه كذلك ؟!

هل أصاب أهله أو أهلي مكروه ؟ يا إلهي قدماي لم تعودا قادرتين على حملي !! أهو أبي ؟ أهي جدتي العجوز ؟ أهي أمه ؟! أرجوك سيسقط قلبي من فرط الخوف !!

لم يتحدث !! مشيت بخطىً قد أثقلتها المخاوف وكبّلتها الشكوك .. دخل إلى المطبخ وقال باكياً :
ـ بسرعة .. ألبسي ملابس العزاء ، ولتكن سوداء اللون فقط !

اكتملت المخاوف .. رجوته أن يخبرني مَن الذي مات ؟ .. لم ينطق ! لبست الملابس الحالكة السواد كما أمرني كالآلة التي يتحكم بها صاحبها كيفما شاء ! خرجت معه ! وعلى الرغم من ذلك لم أنج من نظرات أقاربه !! قلت لوالدته وأخته بلهفة وأنا ألهث ..

ـ حدثوني أرجوكم من الذي مات ؟ .. ماذا يجري ؟ ما بكم ؟!

أطبق الحزن والصمت على أفواه الجميع .. وآهات الألم تتدفق من الصدور الثكلى ! لزمت الصبر والسكوت حتى كادت نبضات قلبي أن تتجمد !!
توقفنا عند قصر كبير ومترف فعادت نبضات قلبي تنتظم شيئاً شيئاً ! إذاً .. فهو شخص آخر !

دخلت ببطء .. رأيت جموعاً من النساء قد اجتمعن .. يبكين ويضربن على صدورهن !!
أين أنا ؟ ماذا أرى ؟ ما هذا المجتمع الغريب ؟ الكل يبكي وينتحب ؟!

فقدت الصبر .. فسألت إحدى أخوات الزوج بتأثر شديد من هذه المناظر المحزنة المخيفة :
ـ من هو الشخص الذي مات ؟! أشعر بالحزن عليه ..

فقالت وهي تتحاشى النظر إلي وبصوت مرتجف ومرتبك ..
ـ إنه أحد أولياء الله الصالحين المقربين إليه .. وهو أحد المشائخ المصلحين للأقدار في هذا الكون .. وصمتت .. فقلت في نفسي :

ـ ماذا تقصد بكلامها ؟ ولزمت الصمت أنا كذلك ، فتاهت نظراتي بين أفراد هذا العالم الجديد على حياتي !!

جلست مع الجالسات ! هذه أول مرة في حياتي أحضر فيها عزاءً .. انتقلت نظراتي نحو الحائط الكبير لترى صورة كبيرة وضخمة لرجل طاعن في السن محاطة بإطار جميل وغالي الثمن .. ثم .. !!!

ما هذه ؟ الصورة قد ربطت شريطة سوداء في جانبها الأيسر !!!

فجأة شدّ انتباهي نياح النساء وضرب بعضهن بأيديهن على رؤوسهن ووجوههن ! ( خاطبت نفسي ) ..

ـ يا ترى من هذا الشخص الذي أثّرت وفاته على كل هذه الوفود من النساء والرجال ؟
وهل عزاء يقام يحدث فيه كل ما يحدث الآن ؟!!

كعادتي فضلت السكوت ومجاراة الواقع واستكشاف الأمور الغامضة بهدوء ..

ـ من هي تلك المرأة التي تصدرت الجموع وجلست وحدها تقابل كل هؤلاء النسوة وقد غرقت ومن معها في بحر من الدموع المنسكبة ؟ ما لها تهيج وتضطرب ؟ ما بها تتمايل وتصيح هي ومن معها ؟ ما لها لا تضبط نفسها ؟
كأني اسمعها تستغيث بفلان وفلان !!! فمن هذا الذي تستغيث به ؟ وماذا تقصد ؟
الجميع أصبح مواجهاً لها !!! لا بد أنها ستقول أو ستفعل شيئا ما !! لأنتظر وأرى !!

وكما توقعت فقد أخذت جهاز الميكروفون ، وحينما بدأت بالكلام سالت دمعات ساخنات على وجهها أثارت أحزان وأشجان الجالسات فبكين مرة أخرى بحرقة ولوعة !!!

لماذا أشعر بالخوف ؟ لماذا لا أتمالك نفسي بهذا القدر ؟ لماذا أشعر بأن هناك شيئا ما غير سوي ؟!!!
لماذا أشعر بأن أمراً عظيماً سيقع ؟! لم قيّدتني الجالسات بنظراتهن ؟ لم أنا بالذات ؟
ما هذه الرجفة التي تسري في أجزائي ؟! هناك شيء ما !!!

نطقت أخيراً تلك المرأة المتزعمة للنساء بأول كلمة وهي تصرخ :
ـ اللهم ارحم سادتنا الصوفيين !!!!!!!!!!!!

ماذا سمعت ؟ بالتأكيد هناك خطأ إما لدى السامع أو لدى المتكلم .. وفي السامع أكثر ؟!!

كررتها ثانية والدمع يجري كما تجري الأنهار ..
ـ اللهم ارحم سادتنا الصوفيين !!!!!!!

زاغت نظراتي .. تاهت أفكاري .. تبعثرت أوراقي !! حسناً بالتأكيد هناك خطأ في السامع أو في المتكلم وفي المتكلم أكثر !!!

حسناً حسناً .. أريد أعرف الخطأ عن طريق ردود فعل هؤلاء النسوة التي تعالت صيحاتهن !!!
إن الجميع يؤمّن !! آمين ، وحرقة البكاء ولوعة الحزن وأنين الفراق قد أخذ منهن كل مأخذ !!

انتقلت نظراتي بين النسوة تبحث عن والدة الزوج بلهفة .. أريد حمايتها ! أريد أن أدفن وجهي في صدرها !!
أريدها أن تهدّئ من روعي ، وتبعث الطمأنينة في حناياي !!!

ماذا يحدث ؟ خطأ جسيم في الموضوع ولا شك !

كررت المرأة الجملة الدعائية مرة ثالثة وأخيرة وهي تضرب على صدرها وتتمايل كما تتمايل الأشجار من الريح العاتية ، وتصرخ بصوت عال مستغيث :
ـ اللهم ارحم سادتنا الصوفيين !!!

في هذه اللحظة وجدتها !! وجدت والدة زوجي بين النساء !! يا إلهي ماذا تفعل ؟؟ إنها تصرخ على وجهها وتضرب على وجهها وصدرها !! إنها .. إنها .. تؤمّن !! بحرارة أكثر .. وصوت أعلى .. و .. وحرقة أشد !!!!!

لا .. لا .. لا .. ماذا يحدث هنا ؟ .. وإذا بأخوات الزوج يحطن بوالدتهن ويفعلن كما تفعل !

عدت لواقعي .. حاولت إقتاع نفسي بأنهم لا يعلمون ماذا يقولون ويفعلون ؟
بالتأكيد لم ينتبهوا إلى ما قالته تلك المرأة ! أين زوجي ؟ عندما يعلم سيفاجأ ! سيصاب بصاعقة عقلية ! سيعرف أن نحيبه كان كثيراً جداً على هؤلاء القوم !!



يـــــــــــــــــــــتــــــتبع
المشتاقة الى الجنه
غريبه شكل الروايه ما جذبت احد ماشفت اي رد
ماتوقعت هالشيء
لكن بأحط هالفصل واشوف الردود


( 4 ) القشة التي قصمت ظهر البعير

انتظرت مجيئه بفارغ الصبر .. هناك شيء في كياني تزعزع .. هزة عنيفة جعلت من توازني يختلّ !
جاء أخيراً ليأخذنا من هذا المكان المشؤوم ! ركبنا جميعاً في السيارة ! فتحت فاهي لأخرج ما تراكم فيه من صدمات اليوم . ثم تراجعت.. أطبقت فمي وأنا أرتجف .. شعرت متأكدة بأن نظراتهم سهام مسلطة علي ! بدأ الهمس ! فضلت السكوت ! كالمعتاد ..

عدنا إلى منزلنا .. دخلت ..

عدنا إلى منزلنا .. دخلت .. هناك تغيير داخلي يعبث بطمأنينتي .. توضأت واتجهت نحو القبلة .. ثم كبرت للصلاة .. توقفت لا شعورياً .. تذكرت ما حدث بسرعة !!
لقد عاودتني الأحداث الغريبة التي رأيتها وسمعتها اليوم !!

تركت صلاتي وقد أصابني الهذيان .. !
ذهبت إليه .. إني أرتجف .. قلت له وذهول صوتي بالكاد عرف طريق الخروج :
ـ هل … هل تعرف ماذا حدث اليوم ؟ سوف تُفاجأ ! سوف تصعق .. بلا شك !!

نظر إليّ بنظرة غريبة .. لم أعهدها من قبل .. نظرة ريبة وهدوء أكثر من المعتاد .. ثم قال : ماذا حدث ؟!
وأشاح بنظره بعيداً عني !!! ..

اصطكت أسناني ببعضها حتى خِلت أن العالم يسمعها .. انتابني الفزع الشديد !!

حكيت له القصة بحذافيرها والانفعال قد ترك بصماته جلية على وجهي المصعوق .. ما بين هلع وضحك !!

ـ بكل برود وجمود قال :
ـ …. اذهبي لتكملي صلاتك .. اذهبي .. !!

حلفت له مرة أخرى بتتابع يتفجر من خلاله الرعب الذي أحاط بي أن هذا هو ما حصل بالفعل .. وقد توقعت منه عدم التصديق .. فبالتأكيد أنه يعتقد بأني أمزح معه !! نعم بالتأكيد !

قال مرة أخرى وقد انخفض صوته وشعرت فيه بالتأنيب وبدا عليه الارتباك :
ـ حسناً حسناً .. اذهبي الآن وأكملي صلاتك !!!

نعم .. هو سيفهم ويقدّر ! إذا لم يقدّر الزوج ويتفهم فمن إذاً ؟

انتظرت منه أن يُهدئ الوضع .. أن يذم عمل هؤلاء الناس ويعدني بألا يذهب إليهم مرة أخرى ! وألا يذرف دمعة في حقهم ! … انتظرت .. طال انتظاري !! .. لا فائدة !!

ما به ممتقع الوجه ؟ هل صُعق ؟ هل أصابه مثلما أصابني عندما سمعت ورأيت ؟
ما به ؟ لا ردّة فعل معاكسة حتى الآن ؟

حلفت للمرة الأخيرة بأن المرأة تتحدث عن الصوفيين .. وتدعو إلى تقديسهم وتبجيلهم !! وعن حياتهم وولائهم لله تعالى .. وعن أرواحهم التي تساعد الناس مع أنهم أموات !!
وعن شفاعتهم وأن لهم أقطاباً وأعواناً وأغواثاً لا نراهم نحن ؟!!!!! .. وأشياء عجيبة غريبة لا يصدقها العاقل .. هل تصدق ؟؟؟!!

فقاطعني بصوت علا نسبياً وانتابه بعض الغضب :
ـ وماذا تعتقدين في الصوفيين إذاً ؟!!!!!

فسألته وقد تسمّرتُ مكاني وأنا أرقبه :
ـ ما هذا السؤال ؟ لم أفهم ! لم أعِ مرامك منه ؟

فقال حانقاً هائجاً :
ـ الرسول صلى الله عليه وسلم والخلفاء الراشدون هم أئمة الصوفية وزعماؤها :
لالا … مسكين .. إنه يهذي بلا شك !! فالنوم القليل يؤثر سلباً في مزاج صاحبه !!! .. لا لا .. فقلت بين مصدقة ومكذبة لردّه المفاجئ :

ـ هذا اعتقاد خاطئ .. لأن الرسول صلى الله عليه وسلم ………

قاطعني بتحد والشرر يتطاير من عينيه الناريتين .. والحقد يبدو جلياً في قسمات وجهه :
ـ الصوفيون هم أفضل الناس .. هم الأولياء الصالحون والمقربون إلى الله . أم أنك تعتقدين أن أهل السنة هم الأسوياء الصالحون ؟!! إنهم أهل الكفر والضلال وإباحة الحرام وتحريم الحلال !!

ما الذي يجري في هذا المكان وفي رأسي ؟ من أكون أنا ؟ ومن يكون هؤلاء ؟!!

خرجت كلماتي تتسارع وتتقاذف من فمي :
ـ لا لا .. أهل السنة هم ……………………. !!!!!!!

وفجأة سكتُّ !!! هل أطبقت السماوات على الأرض ؟ من يكون هذا الرجل الذي يخاطبني ؟ ..
وقفت بين وعي وإغماء لا أدرك شيئاً !! .. نظرت إليه بكل حسرة وسكرات الموت تداعبني ! ..
المنزل يدور بي في كل الأرجاء ! .. قدماي !! .. هل أقف عليهما ؟! .. هل تتقاذفني أمواج الحقيقة التي بدأت أكتشفها في التوّ واللحظة ؟!!

فسألته بوجل يعقبه تأكيد لسؤالي :
ـ هل تعني أنك من الذين يُدافعون عن هذا المذهب ؟

لم يجد بُداً من السكوت ! أعدت عليه سؤالي ثانية :
ـ هل تؤيد هذا المذهب ؟!!

أدار ظهره بسرعة .. لقد طعنني في الصميم .. خان وفائي وصدقي وحسن نيتي .. كذب علي متعمداً !!

ـ هل هل .. هل أنت صـــــو …… صـــوفي ؟!!!!!!

اختفى صوتي شيئاً فشيئاً !!
ـ أجب عن سؤالي .. انظر إلي .. هل أنت صوفي ؟ هل أهلك جميعهم صوفيون ؟!!

ليته لم يرد ! .. ليته حينما رد نفى سؤالي وقال لا ولو بصوت منخفض !! ..
ليته طعنني في أعماقي ألف طعنة ! .. ليته مزّقني إرباً إرباً قبل أن يجيب بصوت كالفحيح وبنظراته الجنونية وقد بلغ الصبر حده ..

ـ نعم .. نعم أنا صوفي .. وأهلي جميعهم صوفيون ، وكل أقاربي ينتمون إلى المذهب الصوفي .. نحن لسنا بسنيين !!!!!
نحن من أهل الهدى والصلاح ! .. وأنتِ من أهل الضلال والكفر !!

تناثرت أشلائي .. أدركت الآن مضمون الكتب التي كان يرسلها إلي خفية حتى لا يراها أهلي !!
علمت متأخرة بأن ما أصابني لم يكن ليخطئني !!!

رفعت وجهي المبلل بالدموع واختنقت كلماتي وأنا أقول :
ـ هل كنت على علم بأنني سنية ؟ تكلم .. تكلم !!
نعم .. نعم كنت على علم بذلك ! .. قلت باكية :
ـ فلماذا تزوجت بي إذاً ؟ لماذا خدعتني ؟! لماذا أخفيت حقيقتك كاملة حتى تمكنت مني ؟
لماذا لم تصارحني منذ البداية حتى نفترق ؟!! فقال واثقاً :

ـ حتى أخرجك مما أنت فيه من أوهام وضلالات .. فاحمدي الله أن سخرني لك ..

وضعت يدي على أذني وأنا أصرخ به :
كفى .. كفى .. كفى .. لا أريد سماع صوتك .. اتركني وحدي اتركني اتركني .

وانحدرت دموع الخوف .. بدأ قلبي يتوقف عن النبض شيئاً فشيئاً .. انتشر ظلام الرعب يكتنف المكان ! .. خانتني قدماي فوقعت أرضاً .. تباطأ الزمان !
اختفى صوت العالم من حولي .. انتهى الحديث المشؤوم ! اكتشفت اللعبة .. كم هي دنيئة !! .. إن الخيانة في النوايا هي أسهل عمل يمكن أن يعمله هذا الصوفي الماكر !!

ـ ولماذا ؟ لماذا ؟ لماذا ؟

ابتعدت عنه وأنا كطفلة رضيعة لم تتعلم المشي بعد ! .. زحفت على كربتي .. لقد تمثل لي شيطاناً بشراً ! إنه مخادع خدعني وأهلي !!

حاولت ربط الأمور بعضها ، تذكرت قوله أنه لا يحب الذهاب إلى المساجد حتى لا يحتكّ بأهلها ! .. إنه يعني ( أهل السنة ) بالطبع ! وهيهات أن يتفقا ! وشتان ما بين السنة الطاهرة والصوفية النتنة !!

أدركت سبب مجيئه من المسجد وهو يحمل أحقاد العالم علينا ! .. لأن الخطبة لم تعجبه ولم تؤيد مذهبه ! .. نعم .. ولكن فهمي كان متأخراً جداً ..
عاودتني الأحداث السابقة .. فهمت الحقيقة التي كانت تختبئ خلف شمس الخداع والمكر !!

منعني من الاتصال بأهلي ومهاتفتهم !! أصبح علي كالرقيب العتيد حتى لا أفضح أمره وأهله ! ..
اعتزلته في الطعام والمجلس والمنام !

حاول بعدها إغراقي فيما هم فيه غارقون ! .. عذّبوني كثيرا .. قطعوا صلتي بالعالم الآخر ..
يا إلهي لقد أفرطوا في إيذائي .. الكل يحمل علي أصنافاً من الغيظ لحشمتي وترفعي عن غيّهم ..
نعتوني بالمعقّدة ! .. لأنني نشدت العفاف ؟ لقد حفظني الله منهم ورعاني برحمته .

الكل يشير علي بالبنان المدجج بالعداء بأن هذه الفتاة سنية !! إذاً فقد أخرجوني من الملة ! ..
الجميع يحذرني !!

كم تضرعت إلى الله باكية أن يبقي على إيماني وهدايتي .. بكيت في ثنايا الليل وفي غسق الدجى ..


( 5 ) خطبة وصلاة الجمعة

في أحد الأيام .. وعند الساعة التاسعة صباحاً أيقظته حتى يتهيأ لصلاة الجمعة .. تكاسل .. تباطأ .. فقلت له أستحثه :
ـ ما بك ؟ لقد قاربت الساعة الآن من العاشرة والنصف وأنت لم تنهض بعد ! ..
هيا حتى تستعد للذهاب إلى الصلاة !

تصنّع النوم والتوعّك .. وتحت ضغطي وإلحاحي عليه بالنهوض قام متأففاً ! ..
ذهب إلى المسجد للصلاة .. تنفّستُ الصعداء .. الحمد لله على كل حال ..

بعد انتهاء الصلاة .. عاد غاضباً حانقاً من الخارج .. وأغلق الباب بقوة وعنف اهتز له أرجاء المنزل .. أصابني الخوف !! .. ماذا أيضاً ؟ ما به ؟

أسرعت إليه لأستفسر عن سبب غضبه .. فقال وصدره يعلو ويهبط من شدة الغيظ :
ـ الأوغــاد !! أهل الكفـر !! الوهّـابيــون !

ـ عمّن تتحدث ؟ هدّئ من روعك .. ما بك ؟

قال ونار القهر تتأجج في صدره : في أي شهر نحن ؟!
ـ في شهر رجب ! .. لم تسأل ؟!

ـ وماذا تعرفين عن فضله ؟ وعن أول جمعة فيه ؟

استرقت النظر إليه .. ثم قلت بعد تردد :
ـ إنه شهر كباقي الشهور وأول يوم جمعة يوم كباقي الأيام فيه ! .. ولكن لماذا ؟!

قال في تمهل وضيق وقد احمرّ وجهه غضباً :
تبـاً !! تبـاً للوهـّابـيـن ! تبـاً لهم !! ..
إن الإمام الضال ينهانا عن صيام أيام وشهر رجب ! .. وعن تعظيم ليلة الإسراء والمعراج ! ..
وعن الاحتفال بهذه الليلة ! وعن إقامة الولائم فيها .. فهو يزعم بأنها بدعة .. هل جن ؟ .. ولكن …………… أنت السبب في كل ذلك !!
فقد قلت لك بأني لا أرغب الذهاب إلى المسجد فلم تستمعي إلي !!!

ـ ولكني قرأت بالفعل بأن تخصيص رجب للصيام يعد …... بدعة !! .. وأن …….. !

قاطعني وعيناه تنقل إلي رسالة وعيد مدمّر لا يمكن لأحد غيري أن يفهمها :
ـ اصمتي .. اصمتي الآن وإلا جززت رأسـك وفصلته عن كتفيك …. ألا تعلمين أن من ينقدنا فإنه يطرد من رحمة الله ؟

ـ مــاذا ؟!!!!!!!!

ـ نعم .. فهذا الشهر من أفضل الشهور لدينا .. ففيه ليلة عظيمة هي ليلة السابع والعشرين منه وهي ليلة الإسراء والمعراج ..

ـ ولكن ليلة الإسراء والمعراج لم تُحدد في السابع والعشرين من الشهر !!

نظرت إليه لأرى أثر كلماتي عليه .. فنظر إلي وقد أدهشه ما قلت .. لا حظت دهشته بقلب خافق .. ولكني أطرقت برأسي قائلة :
ـ وهل .. وهل .. يجوز تعظيم هذه الليلة ؟! .. أعتقد .. أعتقد ..

وهنا ضرب المائدة بقبضة يده وقال معترضاً :
ـ هذه الليلة الشريفة العظيمة هي ليلة 27 من رجب بالفعل ! .. ويكثر الناس فيها من إيقاد القناديل .. وتجتمع النساء والرجال في المساجد .. أما النسوة فيدخلن متطيبات متزينات تعظيماً لهذه الليلة المباركة .

قلت بتعجب واستغراب :
ـ أيحدث كل هذا حقاً في هذه الليلة ؟!

تجاهل سؤالي وأضاف :
ـ بل ويُطبخ الطعام ويُهتم به ويرسل إلى المساجد للدعاء عليه لإيصال الثواب ..

ـ ولكن …… ولكن كيف تختلط النساء بالرجال ؟ وفي المساجد ؟!!!
ـ نعم تختلط !!! تدخل النساء بكامل زينتها وكل ذلك تعظيماً لهذه الليلة المباركة !

خفق قلبي .. وخاطبت نفسي .. هل ينتظر مني ذلك ؟! .. أرجو ألا يأمل أن أفعل !!! .. ثم .. خرج من الغرفة ..
الدرة نهاد
الدرة نهاد
تابعي :27:
فيض المحبة
فيض المحبة
قصة مؤلمة تابعب نحن بالانتظار..
زهرةالايمان
زهرةالايمان
أعتقد أنها رواية تتخذ من التكفير للآخرين مذهباً لها
وهذا هو اصل العنف والمسلمون في غنى عنه
وهم في أمس الحاجة لرص الصفوف ومجابهة أعداء الإسلام الذين ماانتصروا علينا إلا عندما تفرقنا وتشرذمنا
واختلاف الرأي لايفسد للود قضية