حبيبتهم (أم عبدالعزيز)
خرجت من المستشفى بعد أن انتهى اليوم الاول


وتوجهت إلى منزل أخي حيث كان يعمل في عاصمتي الحبيبه الرياض


خطواتي متثاقلة وعيناي لا تكاد أن ترى من امامها


جمعت قواي وصعدت إلى سريري الابيض


بعدها بدأت الالام تغوص في خلجان روحي


قدموا لي وجبة العشاء فجلست أنظر للأكل ولا استطيع ان اتناوله


فأنا أشعر بمعدتي ترفض كل طعام بل أنها ترمي مافي داخلها


بمجرد ماتراه !!


طلبت منهم أن يدخلوني إلى دورة المياه ( أعزكم الله )


لاني لا استطيع السير لوحدي من شدة الاجهاد والتعب


مرت نصف ساعة وأنا لا اشعر بشيء


وحين صحيت وجدت نفسي مرمي على الارض


وانا اسمع صوت الباب يطرق علي داخل الحمام


حينها عرفت اني اغمي علي لنصف ساعة


حاولت جاهداً أن اصل للباب كي افتحه


لكنني لم استطع وبعد جهدِ جهيد


استطاع أخي كسر الباب فاخرجني


وأنا لا أكاد أعرف من حولي


يالله كم هي لحظات قاسية حين تشاهد نفسك


وهي عاجزة عن فعل شيئٍ


فلقد تملكني هذا الشعور


وأنا في غمرة الهذيان والدهشة


إذا بزلازل يضرب في جسدي


كأن سيوفاً ورماحاً ادخلت فيه


اترنح من شدة الألم


آه ,, آه


ناشدت صديقي واخي أن يمسكوا بقلبي


فإني اشعر به يريد التخلص من سياج صدري


زفراتي وآهاتي تعلو في ارجاء المكان


ارتعش كطائرٍ اصابته رصاصة في مقتل


أخي يقرأ القرأن


وصديقي يحتضنني


هطلت امطار الدموع من عيني


لم تكن دموع الخوف


بل كانت دموع من شدة الألأم


الكون ضاق في عيني


وكأن روحي تخرج وتغادر جسدي


رفعت بصري إلى السماء


وناشدت الله


قلت له يالله


أنا عبدك المذنب


انا من عصيتك في قوتي


وانا الذي لم يحافظ على النعم


التي اعطيتني إياها


اسالك أن تمنحني القوة


وأن تمدني بالصبر والتحمل


يالله يالله يالله


ناديتك وانا المقصر في حقك


ناديتك وأنا معترفاً بكل ذنوبي


فارحمني فانت ارحم الراحمين



صدقوني دخلت في كهفٍ مظلمٍ


زادت دقات قلبي


انفاسي تتسارع بشكل مخيف


لاادري هل أنا على الارض او في السماء


كاني معلق


انتفض جسدي كالذي مصعوق بتيار كهربائي


فإذا بنارٍ من السوائل تخرج من فمي


قطع سوداء تقذف من داخل بطني


خمس دقائق وكانها مليون سنة


ألم تعجز حروفي عن وصفه وكتابته


لكنها رحمة الله تهل علي


فبعد هذه الخمس دقائق


إذا بي أعود لطبيعتي وكان شيئاً لم يحدث


فتحت عيني وشاهدت اخي وصديقي يبكيان


لم يصدقا اني سوف انجو


قلت لهما مالذي حدث ؟!


فأخبراني بما حصل


كانت الساعة التاسعة مساءً


وجهت وجهي للقبلة وصليت


لا اعلم كم ركعة ركعت


ولا كم سجدة سجدت


كل هذا شكراً لله وحمداً


بعد أن هدأت روحي واطنئنة نفسي


قلت لصديقي أرجوك اعطني دفتري وقلمي


قال لي وانت في هذه الحالة تريد أن تكتب


قلت له إذا لم أكتب الأن فلن اكتب ماحييت


قال لي لهذه الدرجة


قلت له أعظم من ذلك


قال لي طيب لمن تريد ان تكتب ؟!


قلت له أريد أن اكتب عن الحب


فالحب هو سر بقائنا وسر قوتنا


أمسكت قلمي ويدي ترتجف


وسافرت في عالمي الواسع


افتش عن كلماتٍ اكتبها


ففاضت روحي بهذه الحروف :



من يسمع بكاء الأرض
إذا فارقها المطر ؟؟!
من يشعر بحنين الليل
لو غاب عنه القمر ؟؟!
من يفهم صرخات الأمواج
عندما يلفظها البحر ؟؟!
ومن أكون أنا يا حبيبي
لو أبعدك عني السفر؟؟!!!
أتعلم ماذا حدث في غيابك عني؟؟!
توقفت الساعة !!
أظلمت الدنيا !!
سكت العالم !!
انطفأت الشمس !!
أستشهد الفرح بأحضان الألم !!
أصيبت كل الأماني بالشلل !!
أدخلت البسمة زنزانة الحزن !!
لم يعد هناك لي شيء
يربطني بمن حولي ,
غريب بين أهلي وأصحابي !!
وحيد والكون يقف خلف بابي !
يا لوعة زهر ما زاره الندى !,
يا حرقة طير أبعد عن الفضاء !,
عند ذلك الرصيف الذي رحلت منه
أقف والشوق يحرق مهجتي !,
أتأمل في كل الوجه العائدة
لعلي أراك بينهم ,
كل طلت نور أتخيلها وجهك !!
كل نسمة عطر أتصورها أنفاسك !!
ويمضي الوقت ولا تأتي
فتستأذنني الشمس حزينة بالرحيل
ويطل القمر كئيبا من غير نور ,
وأعود من حيث أتيت
حاملا بين أحشائي الأسى
تطوف بخاطري لحظة لقائنا الأول
ذلك اللقاء الذي ألهب الدنيا فرحا ,,
وتراقصت الأماني به طربا ,
كأني أرها تلك الساعة
التي التقينا فيها
أتخيل دفء يديك,
رحابة صدرك
بشاشة وجهك,
عذوبة صوتك,
أتذكر جيدا
احتضان عيناك لعيني ,
سنين طافت وأنت
معي يا حبيبي كظلي !!
فمتى تعود من سفرك ؟؟
كي أشعل لك أصابعي شمعاً,
وأقدم لك روحي هدية ,
في عيد ميلاد حبنا
سأطلق عنان قلبي
كي يعبر عن حبي واشتياقي
فما أصدق أن يحكي القلب
وتترجم العيون !
أن حبي لك لم يعرفه العالم
على مر العصور!!!!
الحب ليس كلمات تقال في مناسبة ما
بل هو إحساس يجتاح جوارحك
ويلهب عواطفك ,
ولأن الحب باقي ومستمر



وليس ل عمر أو حدود ساعتان قضيتهما في الكتابه


فانا أشعر بالسعاده

حين ادخل في زنزانة الكلمات

بعد ان انتهيت قلت لصديقي

الأن أقرأ وقل لي ماهو رايك؟!

فقال لي الأن عرفت سر صبرك

وعرفت أنك تتنفس حباً وشوقاً لها

وابتسم ابتسامه وقال لي

لمن هذه الكلمات ؟!

قلت له إذا قرأتها من أعنيها سوف تعرف

لانها هي وحدها من تعرف فك رموز كلماتي


أنتهت الجولة الثالثة عشره,



حبيبتهم (أم عبدالعزيز)
اليوم الثاني من محرم لعام 1425 هـ


حضرت للمستشفى مبكراً كي اجري فحوصات الدم


فلا استطيع أخذ العلاج إلا بعد معرفة معدل المناعة


جلست على كرسي الانتظار وبجانبي رجل مسن


تجاذبنا اطراف الحديث فبدأ بسؤالي عن مرضي


أين موقع الورم ومتى اتى لي وكم فترة علاجي ؟!


وبعد أن قلت له جزء يسير من حكايتي


قال لي ياولدي لله درك على هذا الصبر


فانا لي الأن شهران واحس أني متعذب


قلت له يا عم المرض يحتاج له صبر وتحمل


يا عم لا تجعل اليأس يجتاحك ويغزو حصونك


توكل على الحي الذي لا يموت


وكن على ثقة أن المكتوب لك سوف تأخذه


قال لي جزاك الله الف خير


وان شاء الله يكون بعون الجميع


جاء موعد علاجي ودعته وهو يبتسم


برغم سحابة الحزن التي ملئت عيناه !


استقبلني الممرض بإبتسامته المعهوده


طلب مني ان استلقي على السرير الذي يحمل رقم 3


بعد دقائق جاء لي كي يضع في يدي كنيولة


امسك يدي اليمنى فتش في كل اتجاه ولم يجد


اي وريد


حاول في اليد اليسرى ولم يجد كذلك


مما جعله يستدعي ممرض اخر


وبعد محاولت كثيرة وجدوا وريداً


لكن يداي اصبحتا كالقماش المثقوب من كل اتجاه


بدأ المحلول يتدفق داخل جسدي بشكلِ سريع


مما جعلني اشعر بألم يزداد تدريجياً


ناديت على الممرض وقلت له إني اشعر بألم


أرجوك حاول أن تقلل من سرعة العلاج


قال لي لابئس وحين قرب من الجهاز الخاص


بمحلول العلاج اوقفه بشكلِ سريع والتفت لي قائلاً


اني متاسف لقد أخطأت في درجة سرعة العلاج


والحمدالله أنك ناديتني لكن وضعك خطير الأن


قلت له ألم تقرأ التعليمات التي موجوده على العلاج ؟!


قال لي لقد قراتها ولكن المشكله ليست في التعليمات


المشكلة تكمن فيك أنت فقلبك لا يتحمل


فعلاجك يأخذ من 7 ساعات إلى9 ساعات


وهذا يتطلب بطئ في سرعة اخذ العلاج


حتى لا تحصل مضاعفات لا سمح الله .


الساعة لا تريد أن تمضي اثناء العلاج


احساس لا يعرفه إلا من عاشه بواقعه


كل الحروف لا تستطع ان تعبر عن هذا الاحساس


وأنا محلق في تفكيري إذا برجلِ اربعيني العمر


معه طفلِ صغير عمره تقريباً 12 عام


بداية الامر ظننت أن الرجل هو المريض


لكنني فجعت حين شاهدت الطفل مستلقي على السرير


وقلت في نفسي آه كم هي الحياة مؤلمه


كيف سيتحمل هذا الطفل المعاناة ؟


ليت أن الله يأخذ من صحتي ويعطيه


وهذا الكلام لا اكتبه للدعاية لنفسي


فوالله انني سألت الله صادقاً أن يشفيه


وان ياخذ من صحتي ويعطيه .


فمن ذاق مرارة الألم يعرف عن ماذا اعني ؟!


أجل هنالك اشخاص كثر يعانون اطفال كبار


شباب نساء فالمرض لا يميز بين أحد


ربما أنت تعاني ولكن هناك من يعاني اكثر منك


فلا تبتأس ولا تحبط من عزائمك وكن شمعة


تحافظ على نورها ضد تيار المرض


الأمل موجود وهو مغروس في داخلنا


ونحن من نزيل عنه غبار الخوف واليأس


تجربتي مع المرض طويلة وتفاصيلها كثيرة


لحظات صعبه عشتها واعيشها إلى الأن


لكنني اجاهد وسأظل هكذا مهما كان .


انتهى اليوم الثاني من العلاج غادرت المستشفى


وحين وصلت لبيت اخي جاءني اتصال غريب


اتصال يبكي ويضحك في نفس الوقت


الرقم دولي من إحدى دول الخليج


قال لي المتصل مبروك لقد حصلت على ثلاثة ملايين


قلت له خير ان شاء الله


كيف ولماذا ؟!


قال لي لقد فاز رقمك في مسابقة نوكيا


قلت له لم اشارك في اي مسابقة ؟!


قال لي أنت تريد المبلغ أو لا


قلت له إذا تمزح شوف لك أحد غيري


اظنك مضيع في الرقم ياأخ


قال لي انت اعطينا رقم حسابك البنكي


واحنا ننزل المبلغ في حسابك


وخلك متصل برقمك


أنا من تعبي قلت هذا شكله فاضي


وجاي يتمسخر فيني خلني اغلق الجوال


واريح حالي لاني موفاضي له


المهم اغلقت الهاتف وجلست افكر


لايكون كلامه صحيح واكون ضيعت الملايين


وانا قاعد اروح واجي بافكاري إذا بصديقي


يقول لي ياغازي اليوم وانا معك في المستشفى


اتصلت وحده وقالت لي مبروك لقد فزت بمليون


قلت لها روحي العبي على غيري إنتِ نصابه


واغلقت الهاتف في وجهها


ضحكت وقلت له أنا وأنت ضيعنا اربع ملايين


قال لي كيف ؟!


قلت له إللي حصل لك حصل لي


شكلهم متفقين علينا


وجلسنا نضحك لدرجة أننا نسينا


سالفة العلاج وهموم الألم


أخذت الادوية واستلقيت على سريري


وأنا احاول أن أغمض عيناي


واقول يومان انقضيا وباقي ثلاثة



أنتهت الجولة الرابعة عشر



استودعكم الله
حبيبتهم (أم عبدالعزيز)
أخي القارئ لقصتي أو قصة غيري


ممن ابتلاهم الله بهذا المرض عليك ان تعرف


إني انا واظن الكثير من المرضى لا ينتظرون منك



إلا الدعاء لنا وأن تستفيد من تجاربنا الواقعية مع المرض



نظرة الشفقة أو الرحمة والتعاطف ليست مقصدنا


حين نطرح قصصنا هنا أو في اي مكان أخر


ربما نزرع وردود الحب هنا ونرحل


فيأتي من يستنشق عبير ما زرعناه


وتبقى ذكرانا تجول في كل الزوايا


كلماتي تنوب عني وإن غادرت دنياكم ترفرف روحي حولكم


تحمل في طياتها نسائم الشوق والحنين لكم


فقصائدي وخواطري وما تنزفه روحي يظل معكم


فهذه إحدى قصائدي المتواضعه تقول لمن سيرحل منا :


طروك البارحة يمي
وزاد من الوله همي
مناي أنت وحلمي
ياليت تحس بالمشتاق


سنين مرت على بعدك
نسيت فيها بقى رسمك
وجابوا بالخطا إسمك
وهاضت فيني الاشواق


جلست لحالي أتأمل
لماضي الحب أتخيل
أعيد الذكرى من أول
زمانٍ كنا فيه عشاق


وقفت ابكي على اطلالك
وأدور في السما هلالك
وأمني العين بوصلك
عساك تحن لي وتشتاق



نعود للجولة الخامسة عشر



استيقضت في اليوم الثالث من الجلسة الاولى


وأنا لا أعرف نفسي من شدة الاعياء والتعب


احاول النهوض لكنني فشلت كلما وقفت سقطت


حتي الكلام ماعدت استطيع أن أخرجه من فمي


جرس الساعة بدأ يصرخ وينادي لكنه لم يستطع


أن يفيق صديقي لانه متعب مثلي فلم ينم إلا متأخراً


فقد قضى الليلة الماضية بقربي لانني عشت وقتها



اشد انواع الالم غثيان متواصل وبلغم



فصديقي كان يتألم كما اتالم واكثر



فهو رجل بما تعنيه هذه الكلمة واكثر


فمواقفه معي اثناء رحلتي مع المرض كثيرة وكبيرة


فقد ظل طيلة مشواري بجانبي والى الان


وسوف أذكر لكم بعض مواقفه في الجولات القادمه .


بعد مرور نصف ساعة وأنا أحاول النهوض


تنبه صديقي لي فقام مسرعاً كي يساعدني


على النهوض لكننا سقطنا معاً من شدة التعب


أخيراً نهضت وأنا مثقل الخطوات أتعكز على صديقي


استعديت للذهاب للمستشفى وصلنا متأخرين


اجريت فحوصات الدم وجلست انتظر النتائج


مرت ساعتان بعدها نادى علي الممرض


وقال لي للأسف يا غازي لن تأخذ العلاج اليوم


فالمناعة لديك ضعيفة وهذا ياثر عليك


لذا سوف نؤجل العلاج لغد ان شاء الله


غادرت المكان وأنا حزين لانني اريد ان انهي العلاج


فالانتظار مؤلم وقاسي لكنها الاقدار


ركبت السيارة وقلت لصديقي دعنا نلقي نظرة


على عاصمتنا الحبيبه فأنا منذ جاءت لها وأنا في حالة علاج



فقال لي لا استطيع فأنت متعب وأنا كذلك


فدعنا نذهب للبيت كي نستريح وفي المساء نخرج


وصلنا البيت وبعد عناء نمت على مضض


لم افق الا الثالثة عصراً أخذت هاتفي النقال


فإذا به مكالمات كثيرة لم يرد عليها


ارقام كثيرة منها ما اعرفها ومنها لا اعرفها


اخترت رقم زوجتي لانه تكرر كثيراً


لم يريد احداً زاد قلقي وخوفي


اتصلت كذلك باخي ولم يرد


هنا تاكدت ان هناك من خطبٍ اصابهم


اعدت الاتصال على زوجتي فردت


لكن صوتها منخفض وكأنه يخرج منها بصعوبه


قلت لها مابكِ ؟!


قالت لا شيء المهم أنت بخير


قلت لها أنا مادمت اتنفس فانا بخير


قول لي ايوجد شيء تخفيه علي ؟!


قالت غازي ارجوك أن تغلق هاتفك


ولا ترد على أحد مهما كان !!


هنا زدات ظنوني وتلعثمت كلماتي


وقلت لها لا لن افعل ذلك بل قولي ماهي الحكاية ؟


قالت انتظر حتى تعود للبيت وسوف تعرف


كأن كلماتها نزلت علي كصاعقة مدوية


قلت لها هل مات احد ؟!


لم ترد علي التزمت الصمت


ناديتها يا ام تركي تكلمي


وبعد مناشدتي لها بكل الوسائل


قالت قبل ان اخبرك اريد ان تعدني


انك لا تحزن ولا تعود للبيت


قلت لها تكلمي لقد نفذ صبري


قالت إن لله وإن له لراجعون


لقد توفى أحد اصدقائك


قلت لها من هو ؟!


قالت صديقك عبدالله توفى اليوم في حادث


سقط الهاتف مني دون شعور


وانا سقطت ايضاً معه


عبدالله مات لا غير معقول


ماني مصدق كاني في حلم


فعبدالله أحد اصدقائي الاعزاء


ولنا معاً ذكريات كثيرة


فاخر مرة قابلته فيها


كانت قبل مجيئ للعلاج بلليلة


وكان حديثنا وقتها عن مشروع موقعي الخاص


فقد خططنا سوياً لعمل موقع يحمل اسمي ويضم


كل اعمالي الفنية ويكون هو المشرف العام عليه


سبحان الله ولا اله الا الله


كانه كان يشعر بقرب دنو اجله فقد قال لي


لا اريد ان اكون مشرفاً على الموقع


لكن اريدك أن لا تنساني إذا أنا رحلت


قلت له ربما انا اسبقك


وانا اريدك ان تهتم بموقعي من بعدي


قال لي سوف نرى من يدفن الثاني اولاً


وكانه يغمز لي بذلك !!


بكيت وبكيت حتى انني اغمى علي


افقت بعدها وانا لا استطع الحديث


قلت لصديقي اريد ان اسافر اليوم


قال لا حرام عليك يا غازي لم يبقى الا ثلاثة ايام


وعبدالله راح الله يرحمه


مافيه داعي نسافر وانت بهذه الحالة


وبعدين تأجيل العلاج ماهو في صالحك


اقنعني بصعوبة رغم رفضي الداخلي لكلامه


طافت في مخيلتي كل الذكريات والمواقف


كأني اراها الأن يالله كم هي الحياة قصيرة


أحلام واماني نعيشها


منها مايتحقق وكثير منها لا يتحقق


اشخاص نقابلهم واخرين نودعهم !!


كأننا نسير في حافلة الكل منا ينتظر دوره


كي ينزل في المحطة المخصصه له


لكننا لا نعرف متي واين وكيف ؟!


علينا ان نتقاسم لحظات الفرح والحزن


ونرتشف من ارشيف ماضينا ذكرى جميله


تعيننا على مواجهة واقعنا المر .



أنتهت الجولة الخامسة عشر
حبيبتهم (أم عبدالعزيز)
حملت أحزاني داخل قلبي
ولبست معطف جراحي

ومشيت على اسلاك الهموم
واتيت للمستشفى كي اكمل العلاج
فأنا الأن أمام المواجهه الحقيقة
أما الاستسلام أو المقاومة
وكلاهما صعبُ ومؤلم
شعورك بفقدان أحد اعزائك
لا تستطع إي لغة أن تترجمه
فاحداث المآسي تتلون وتتشكل يومياً
وقفت رافع الرأس بوجه تيار اليأس
وقلت لنفسي المجهده هيا انهضي
هيا تحركي لا تخذليني فأنت أخر حصوني
لا تلقي راية الصبر فوق بوابة آمالي
أخذت عينة الدم مني وجاءت النتائج
تحسن بسيط في المناعة
وهذا يعني جولة جديدة مع العلاج
جاء دوري ناد الممرض علي
ذهبت معه لغرفة العلاج لم اجد سريراً فارغاً
فجميع الاسرة ممتلئة فطلب مني الممرض
أما الانتظار أو أن أأخذ العلاج على كرسي
فقلت له بل أبدأ لأن الانتظار قاسي
وافقت رغم معرفتي أن العلاج على كرسي صعب
فسسبعة ساعات أو تسعة ساعات
تجلسها على كرسي شيء متعب ومؤلم
لكن اخاك مظطر وليس بطل !
بدأ الممرض البحث عن وريد
لكن اوردتي لم تعد موجوده من كثرة العلاج
اختفت وكأني اعيش من دون اوردة
وهذا الشيء يأرقني ويتعبني كثيراً
فالوقت الذي يقضيه الممرض في البحث
يستغرق وقتاً طويلاً ومؤلم
صداع رهيب يعصف برأسي
وألم يحاوطني في كل مفاصلي
وانا اقول في نفسي هذه بدايتها
الله يعين على أخرتها
طلبت من الممرض ان يأتي لي بدواء للصداع
وليتني لم اطلب ذلك !
فبعد تناولي للدواء دخلت في عالم أخر من الالم
غثيان ورعشة في جسمي غريبه
مما جعل الممرض ايقاف العلاج
وطلب الطبيب كي يرا حالتي
وحين جاء الطبيب وكشف علي
قال للممرض اوقف العلاج
ولا تعطيه اياه على كرسي
بل انتظر حتى يفضى سرير
لانه لا يستطيع تحمل العلاج هكذا
انتظرت وانتظرت وأنا غارق في الامي
واصبر نفسي لكنها تأب الصبر
فوالله إني غير قادر على التحمل
حبيبتهم (أم عبدالعزيز)
فقلت للممرض ارجوك أن تجد لي حلاً
فأنا اتساقط كااوراق الشجر

كل جزء مني يصرخ ويستغيث
اجهزتي التنفسية اعلنت حالة الطوارئ
فلا عدت اقوى على التنفس
ضربات قلبي كأنها مطارق تهدم في اضلعي
وأنا بين نار الانتظار ونار العذاب
جاء لي الممرض وبيديه دواء
فقال لي خذ هذا الدواء وان شاء الله ترتاح
قلت له أخاف يكون مثل العلاج الذي قبله
قال لي لا ان شاء الله افضل
أخذت الدواء وانا كلي خوف
وبعد مرور عشر دقائق توقفت رعشاتي
واحسست ان حالتي بدأت تستقر
قلت للمرض الأن أبدا العلاج سواءً على كرسي
او في اي مكان
قال لي لا لن تأخذ العلاج إلا على سرير
فما اصابك منذ قليل ليس بالسهل
قلت له على بركة الله سوف انتظر .
وبعد طول انتظار
حدث شيئاً لم يكن في الحسبان !!



أنتهت الجولة السادسة عشر