هَدْيُ الأنبياء
وأردف الشيخ سلمان: وهكذا أنبياء الله ورسله عليهم الصلاة والسلام، جميعًا، كانوا يعملون، ويرتبون، ويُخَطِّطُون، والله سبحانه وتعالى يفعل ما يشاء، ويحكم ما يريد. لكن كان يأمرهم ويتعَبَّدُهم بفعل السنن والنواميس، أما الاستثناءات، فهي عبارة عن آيات، أو معجزات، مثل ما وَقَع لموسى عليه الصلاة والسلام، أو ما وَقَعَ لإبراهيم عليه الصلاة والسلام، فهذه استثناءات فيها جانب الآية والإعجاز، حتى عندما وضع إبراهيم أولادَهُ وأسرته في مكة، ولحقت به زوْجُهُ تقول: آللهُ أَمَرَكَ بهذا؟ فأشار برأسه أنْ نَعَم. قالتْ : إذنْ لَا يُضَيِّعُنا .
وذكر فضيلته أن هذا يدعونا إلى ملاحظة أن اتباع الأنبياء هو في اتباع النواميس والسنن التي عملوها، وأما الاستثناءات التي هي عبارة عن معجزاتٍ أو آياتٍ، فإن الناس لم يُتَعَبَّدوا بها، بل كان كل الأنبياء عليهم السلام يعملون بذلك، فلنبي صلى الله عليه وسلم.
فالأنبياء كان منهاجهم اتباع السنن والنواميس، حتى إن النبي صلى الله عليه وسلم لَمَّا ذكر الأنبياء الذين رآهم ليلةَ أُسْرِيَ به، أو عُرِضُوا له، قال: "رَأَيْتُ النَّبِيَّ ومَعَهُ الرَّهْطُ، والرُّهَيْطُ، والنَّبِيَّ معه الرَّجُلُ والرَّجُلَانِ، والنَّبِيَّ وليس معه أَحَدٌ، ورُفِعَ لي سَوَادٌ عظيمٌ، فقلتُ: مَنْ هذا؟ قالوا: هَذَا مُوسَى وقَوْمُهُ، ثُمَّ رأى أُمَّتَه، وقال : إنّ فيهِمْ سَبْعِينَ أَلْفٍا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ بِغَيْرِ حِسَابٍ ولا عَذَابٍ، هُمُ الذين لا يَسْتَرْقُون، ولا يَكْتَوُون، ولا يَتَطَيَّرُونَ، وعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُون" .
درس عظيم
وأشار فضيلته إلى أن البعض يحتج فيقول: هذا نَبِيٌّ بُعِثَ ولم يَتْبَعْهُ أحد! ولكن الأمرَ ليس كذلك؛ لأن عليه فِعْلَ السَّبَبِ، وأما النتيجة فعلى الله، كما يقول بعضهم!
وهذا الكلام غير صحيح، فلماذا تحتج بِنَبِيٍّ ليس معه أحد، وتنسى النبي الذي معه الرهط، والنبيَّ الذي معه السواد العظيم، والنبي الذي معه أُمَمٌ لا يحيط بعلمها وعددها إلا الله عز وجل؟!
وأما ذاك النبي فقد عمل كل الأسباب، واستخدم كل الإمكانيات، ولم يجد اتباعًا من الناس، وهذا يعطينا درسًا عظيمًا في الحياة؛ وهو: أن بعض الناس يؤثرون أَلَّا يعملوا، وجحتهم: ما الفائدة من العمل، إذا كان هذا العمل سيأتي عليه أمر يعوقه، أو يُفْشِلُهُ؟! فتجد البعض يعذر لنفسه بعدم العمل؛ لأنه يقول: ما الفائدة أن أزرع، وأنا أعرف أن الجليد سوف يقتل زرعي، أو أن الحشراتِ سوف تقتله؟! ما الفائدة أن أعمل وأنا أعلم أن الفشل ينتظرني!
حسن الظن
وأوضح الدكتور العودة أننا في مثل نَرُدُّ عليهم بمثل هذا الحديث، بأنّ النَّبِيَّ يأتي وليس معه أحد، ونرد عليهم بمثل قول النبي صلى الله عليه وسلم: " إذا قامَتِ السَّاعَةُ وبِيَدِ أَحَدِكُمْ فَسِيلَةٌ، فاستطاع أَلَّا تقومَ حتى يَغْرِسَهَا، فَلْيَغْرِسْهَا، فله بذلك أَجْرٌ"، أما الفعل فهو مُكَرَّرٌ.
والنبي صلى الله عليه وسلم، يقول أيضًا في الحديث الذي رواه الترمذي:" لو أنَّكُمْ تَتَوَكَّلُون على اللَّهِ حَقَّ تَوَكُّلِهِ، لَرَزَقَكُمْ، كما يَرْزُقُ الطَّيْرَ، تَغدُوا خِمَاصًا وتَرُوحُ بِطَانًا".
فالنبي صلى الله عليه وسلم تحدث هنا عن التوكل، "فَتَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ"، ولكنه مع ذلك تَكَلَّمَ عن الطير التي تغدو وتروح، ولم تجلس في وُكُنَاتِها وفي أعشاشها تنتظر الرزق، وإنما غدت وراحت وبحثت، وحصلتْ على النتيجة، فهذا وَعْدٌ من النبي صلى الله عليه وسلم- وهو وَعْدٌ من اللَّهِ- أنه من يَعْمَلْ يُصِبْ : {مَنْ يَعْمَلْ سُوْءًا يُجْزَ بِهِ ومَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ} .
وذَكَّرَ فضيلته بقول الله سبحانه وتعالى، في الحديث القدسي : [أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بِي، فَلْيَظُنَّ بِي ما شَاءَ]، مشيرًا إلى أن الذي يعمل ويَظُنُّ بربه خيرًا؛ أنّ الله سوف يُنْجِحُ مسعاه، فعليه أن ينتظرَ نتيجةً جميلةً ورائعةً .
يتبع بإذن الله
هَدْيُ الأنبياء
وأردف الشيخ سلمان: وهكذا أنبياء الله ورسله عليهم الصلاة والسلام، جميعًا، كانوا...
وأردف الشيخ سلمان: وهكذا أنبياء الله ورسله عليهم الصلاة والسلام، جميعًا، كانوا يعملون، ويرتبون، ويُخَطِّطُون، والله سبحانه وتعالى يفعل ما يشاء، ويحكم ما يريد. لكن كان يأمرهم ويتعَبَّدُهم بفعل السنن والنواميس، أما الاستثناءات، فهي عبارة عن آيات، أو معجزات، مثل ما وَقَع لموسى عليه الصلاة والسلام، أو ما وَقَعَ لإبراهيم عليه الصلاة والسلام، فهذه استثناءات فيها جانب الآية والإعجاز، حتى عندما وضع إبراهيم أولادَهُ وأسرته في مكة، ولحقت به زوْجُهُ تقول: آللهُ أَمَرَكَ بهذا؟ فأشار برأسه أنْ نَعَم. قالتْ : إذنْ لَا يُضَيِّعُنا .
وذكر فضيلته أن هذا يدعونا إلى ملاحظة أن اتباع الأنبياء هو في اتباع النواميس والسنن التي عملوها، وأما الاستثناءات التي هي عبارة عن معجزاتٍ أو آياتٍ، فإن الناس لم يُتَعَبَّدوا بها، بل كان كل الأنبياء عليهم السلام يعملون بذلك، فلنبي صلى الله عليه وسلم.
فالأنبياء كان منهاجهم اتباع السنن والنواميس، حتى إن النبي صلى الله عليه وسلم لَمَّا ذكر الأنبياء الذين رآهم ليلةَ أُسْرِيَ به، أو عُرِضُوا له، قال: "رَأَيْتُ النَّبِيَّ ومَعَهُ الرَّهْطُ، والرُّهَيْطُ، والنَّبِيَّ معه الرَّجُلُ والرَّجُلَانِ، والنَّبِيَّ وليس معه أَحَدٌ، ورُفِعَ لي سَوَادٌ عظيمٌ، فقلتُ: مَنْ هذا؟ قالوا: هَذَا مُوسَى وقَوْمُهُ، ثُمَّ رأى أُمَّتَه، وقال : إنّ فيهِمْ سَبْعِينَ أَلْفٍا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ بِغَيْرِ حِسَابٍ ولا عَذَابٍ، هُمُ الذين لا يَسْتَرْقُون، ولا يَكْتَوُون، ولا يَتَطَيَّرُونَ، وعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُون" .
درس عظيم
وأشار فضيلته إلى أن البعض يحتج فيقول: هذا نَبِيٌّ بُعِثَ ولم يَتْبَعْهُ أحد! ولكن الأمرَ ليس كذلك؛ لأن عليه فِعْلَ السَّبَبِ، وأما النتيجة فعلى الله، كما يقول بعضهم!
وهذا الكلام غير صحيح، فلماذا تحتج بِنَبِيٍّ ليس معه أحد، وتنسى النبي الذي معه الرهط، والنبيَّ الذي معه السواد العظيم، والنبي الذي معه أُمَمٌ لا يحيط بعلمها وعددها إلا الله عز وجل؟!
وأما ذاك النبي فقد عمل كل الأسباب، واستخدم كل الإمكانيات، ولم يجد اتباعًا من الناس، وهذا يعطينا درسًا عظيمًا في الحياة؛ وهو: أن بعض الناس يؤثرون أَلَّا يعملوا، وجحتهم: ما الفائدة من العمل، إذا كان هذا العمل سيأتي عليه أمر يعوقه، أو يُفْشِلُهُ؟! فتجد البعض يعذر لنفسه بعدم العمل؛ لأنه يقول: ما الفائدة أن أزرع، وأنا أعرف أن الجليد سوف يقتل زرعي، أو أن الحشراتِ سوف تقتله؟! ما الفائدة أن أعمل وأنا أعلم أن الفشل ينتظرني!
حسن الظن
وأوضح الدكتور العودة أننا في مثل نَرُدُّ عليهم بمثل هذا الحديث، بأنّ النَّبِيَّ يأتي وليس معه أحد، ونرد عليهم بمثل قول النبي صلى الله عليه وسلم: " إذا قامَتِ السَّاعَةُ وبِيَدِ أَحَدِكُمْ فَسِيلَةٌ، فاستطاع أَلَّا تقومَ حتى يَغْرِسَهَا، فَلْيَغْرِسْهَا، فله بذلك أَجْرٌ"، أما الفعل فهو مُكَرَّرٌ.
والنبي صلى الله عليه وسلم، يقول أيضًا في الحديث الذي رواه الترمذي:" لو أنَّكُمْ تَتَوَكَّلُون على اللَّهِ حَقَّ تَوَكُّلِهِ، لَرَزَقَكُمْ، كما يَرْزُقُ الطَّيْرَ، تَغدُوا خِمَاصًا وتَرُوحُ بِطَانًا".
فالنبي صلى الله عليه وسلم تحدث هنا عن التوكل، "فَتَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ"، ولكنه مع ذلك تَكَلَّمَ عن الطير التي تغدو وتروح، ولم تجلس في وُكُنَاتِها وفي أعشاشها تنتظر الرزق، وإنما غدت وراحت وبحثت، وحصلتْ على النتيجة، فهذا وَعْدٌ من النبي صلى الله عليه وسلم- وهو وَعْدٌ من اللَّهِ- أنه من يَعْمَلْ يُصِبْ : {مَنْ يَعْمَلْ سُوْءًا يُجْزَ بِهِ ومَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ} .
وذَكَّرَ فضيلته بقول الله سبحانه وتعالى، في الحديث القدسي : ، مشيرًا إلى أن الذي يعمل ويَظُنُّ بربه خيرًا؛ أنّ الله سوف يُنْجِحُ مسعاه، فعليه أن ينتظرَ نتيجةً جميلةً ورائعةً .
يتبع بإذن الله