وسطية
وسطية
ما شاء الله ،تابعي اخية فاسلوبك رائع فلقد اخذيتنا معك في البداية مع غربتك مع همك بتزويج ابنتك (الوهمية)ثم معاناتك مع مرض زوجك واخيرا مع عودتك لارض الوطن ،ولااعتقد ان العودة للوطن هي اخر المطاف في الشجون التي تحدثث عنها بل اعتقد ان الاحداث ستتلاحق في الوطن وانك سوف تقررين العودة للغربة بعد ان ترين ان ابنائك لاينسجمون في الوطن ولمصلحتهم ستعودين ثانية للشجون ما بين الوطن والغربة ( :42: اسفة شكلي حرقت الفلم).
تابعي لاشلت يمينك:26:
عروس الشام
عروس الشام
NOJOOM NOJOOM :
سلمت يداك ننتظر البقيه بشوق
سلمت يداك ننتظر البقيه بشوق
وجدت صعوبة بالغة في محاولة تنظيم حياتي هنا. في غربتي كان جدولي منظماً بين بيتي و زوجي و أولادي و واجباتي. يوم واحد في الاسبوع للزيارات و الواجبات الاجتماعية, و لا أفتح بابي إلا بموعد مسبق. كل شيء مرتب و حياتي هادئة. أما هنا فلم استطع أن أقفل بابي بوجه أقربائي. زيارات و هواتف ليل نهار. حياة مبعثرة و استهتار بالوقت. و مع اقتراب المدارس زاد توتري لأني لم أعرف أين أسجل ابني. فوجئت بكثرة المدارس الأجنبية في وطني, فقد أصبح لكل بلد غربي مدرسة. مدرسة أمريكية, و بريطانية و فرنسية و و و. هذا عدا عن مدارس اللغات. كلها تبدو متشابهة لي و لم أشعر بضرورة التدقيق في الاختيار كما كنت أفعل في الغربة. هناك, اخترت لابني مدرسة خاصة غاية في الصرامة و الجدية, يفصل فيها بين البنات و البنين. كما كنت أرسله بعد الظهر إلى مدرسة أخرى للغة العربية و العلوم الشرعية لمدة ساعة في اليوم. كنت أخاف كثيراً من المدارس العامة بسبب كثرة حوادث إطلاق النار و شرب المخدرات و المسكرات. كانت المدارس العامة تسبب لي رعباً حقيقاً لتسيبها و دخول كل من هب و دب فيها.



اخترت له أخيراً مدرسة لغات راقية قريبة من المنزل ليستطيع الذهاب إليها وحده دون الحاجة إلى إيصاله. و تأكدت من مستواها التعليمي الممتاز و من توثيق شهادتها الثانوية لدى الجامعات المحترمة. شعرت بأن ابني كبر و قد آن الأوان لأرخي الحبل قليلاً و أدعه يستمتع بحياته. حبسته كثيراً من خوفي عليه في ذاك المجتمع و أشعر بأنني جنيت عليه و لم أدعه يشعر بطفولة أو مراهقة كأقرانه.







أما ابنتي فقد لاحظت عليها بأنها أصبحت مهملة لنفسها كثيراً. فهي تجلس طوال النهار على جهاز الكمبيوتر تتحدث مع صديقاتها و تأكل. إلى أن يحين موعد النوم, فتذهب لفراشها لتستيقظ في الصباح و تفطر على جهاز الكمبيوتر. لم أشعر بأنها اندمجت في المجتمع هنا كما فعل أخوها, فهو سرعان ما كون صداقات على عكسها هي.


ذهبت إليها لأحدثها في الموضوع فوجدتها تحدق في شاشة الكمبيوتر و الدموع تترقرق في عينيها. خنقتني العبرة فقد شعرت بأنها تعاني و لكن ما باليد حيلة.


- "ما بك يا حبيبتي؟" بادرتها بالسؤال؟


- " لا شيء" قالتها و هي تكفكف دموعها


- " هل اشتقت لصديقاتك؟"


- " لو تعرفين يا أمي كم أشعر بالغربة هنا. كل قريباتي يعرفن بعضهن منذ الولادة و هن من أعز الصديقات. بينما أشعر بأنني دخيلة بينهن لا أعرف عما يتحدثن و إن فتحت فمي شعرت بأنهن يحدقن بي في استغراب. و عدا عن ذلك فإنني لم أجد عملاً بعد. بعدما كانت حياتي في غاية النشاط, أصبحت في منتهى الكسل"


- " لا تقلقي يا عزيزتي, ستجدين عملاً إن شاء الله. أنت تعرفين بأن العاطلين عن العمل في بلادنا كُثر, و من الصعب إيجاد عمل في شهر أو شهرين"


- ليست المشكلة في إيجاد عمل يا أمي. فقد وجدت الكثير من الوظائف التي لا يُطلب فيها سوى أن أتحدث بلغة أجنبية. و لكن المشكلة في طموحي. فقد كنت أعمل في وظيفة تحقق لي طموحي و أشعر بها بأنني انسانة منتجة أساهم في تنمية المجتمع. أما هنا, فكل الوظائف التي وجدتها تبدو فارغة بالنسبة لي. يريدونني مجرد واجهة لحضارتهم و تقدمهم فأنا مثقفة و أتحدث بعدة لغات. يبدو بأنني سأستسلم في النهاية و أقدم على أحد المدارس لأعمل في التدريس. على الأقل سأساهم في تطوير عقول الأطفال و سأشعر بأن ما أفعله له قيمة. أو ربما أقدم للعمل في سفارة بلدنا؟


- " سفارة بلدنا؟!!"


- "أقصد سفارة البلد الذي نحمل جواز سفره"



"سفارة بلدنا" ظلت تلك الجملة ترن في أذني طوال النهار. هل يعقل بأن أبنائي يشعرون بأن وطني ليس وطنهم؟ هل يشعرون هنا بالغربة كما شعرت أنا بالغربة عندما سافرت لألتحق بزوجي؟ هل يعانون نفس المعاناة؟ و لكني هنا بجانبهم, لم أتركهم و لا يعيشون وحدهم كما كنت أنا أعيش وحيدة هناك بعيدة عن كل أهلي.


طردت تلك الأفكار من رأسي و أقنعت نفسي بأن سبب كلام ابنتي هو عدم حصولها على عمل. و ما أن تجد عملاً حتى يدب فيها النشاط مرة أخرى و تندمج في المجتمع و يصبح لها صديقات.



في اليوم التالي ذهبت ابنتي إلى السفارة و عادت و هي سعيدة سعادةً لم ارها منذ أتينا إلى هنا.


- " سأعمل في السفارة يا أمي و سيتسنى لي إكمال دراستي في الجامعة هناك بنظام الانتساب و امتحاناتي ستكون في السفارة أيضاً"


- "الحمدلله. أرأيت, قلت لك بأنك ستجدين عملاً و ستعودين لنشاطك و تحقيق أحلامك"


- " هل كنت تعرفين يا أمي بأن السفير قد عاش هنا منذ حوالي خمسة عشر عاماً؟ تخيلي أنه في كل هذه المدة لم يتعلم العربية أبداً! قالها لي بصراحة: لماذا أتعلم العربية و الجميع يحادثني هنا بلغتي. بل حتى اللافتات في الشوراع تكتب بلغتي. لا داعي للاندماج في مجتمعكم لأنكم قد جعلتم بلدكم مكاناً ملائماً لنا"


- " حقاً؟ قد يكون معه حق. فنحن عندما سافرنا لبلده تعلمنا لغتهم و أدخلنا أطفالنا بمدارسهم. بينما يوجد هنا مدارس خاصة لهم يدخلون فيها أطفالهم. و الناس حولهم يفعلون المستحيل لإرضائهم و جعل مجتمعنا أشبه ما يكون بمجتمعهم حتى لا نقلق راحتهم"







هل شعر هذا السفير بالغربة عندما أتى إلى هنا؟ أم أن المجتمع فعلاً يحاول جاهداً إرضائه بينما كان مجتمع غربتي يحطمني تحطيماً؟


و أنا أتجول في أحد الأسواق الجديدة التي بنيت لتحاكي أسواق الغرب, لاحظت على الشباب هنا شدة حبهم لكل ما يمت للغرب بصلة. فالأغاني غربية, و الحديث بلغة أجنبية, و الملابس تشابه ملابس أفراد العصابات الذين كنت أبعد أبنائي عنهم في الغربة. حتى لاحظت وجود بعض الوشوم على أجسادهم! كم يحاولون التشبه بأناس لا يعرفونهم و لا يمتون لهم بصلة. و يفشلون فشلاً ذريعاً حتى في محاولة التقليد لأنهم اختاروا حثالة مجتمع الغرب لتقليده و انصرفوا عن تقليد ذوي الشأن و العلم و الفكر.


ترى, هل تصرفاتهم تشبه تصرفات الغرب أيضاً؟ هل تأثر دينهم و أخلاقهم في عملية الانسلاخ التي يسعون إليها؟


طوال غربتي حاولت جاهدةً ألا أسمح لأبنائي بالانسلاخ عن دينهم. كنت ألقنهم في كل صباح بأن الله يرانا و لن ينفعنا صديق و لا حبيب يوم القيامة. كنت أؤكد كثيراً على تنمية الخوف من الله في أنفسهم حتى لا يقلدوا أقرانهم في المدرسة.



بدأت المدارس في ذلك العام و لاحظت سعادة ابني في المدرسة الجديدة. فالتجربة غنية جداً بالنسبة له. لأول مرة أسمح له بالذهاب إلى المدرسة وحده مع أنه أصبح في السادسة عشر من عمره. و لأول مرة يدرس في جو مختلط و يحتك بالجنس الآخر مباشرة. كما أنه لم يعد ملزماً بحضور مدرسة بعد الظهر فهنا توجد حصة خاصة للغة العربية و العلوم الشرعية. فأصبح لديه وقت فراغ إضافي يقضيه مع زملائه الذين تعرف عليهم في المدرسة.


سعدت باندماج ابني في المدرسة و حصول ابنتي على عمل. و شعرت بأننا و أخيراً استقرينا في الوطن و سنبدأ في تشكيل حياتنا هنا.



و للحديث بقية
عروس الشام
عروس الشام
لن استطيع الرد على الجميع اليوم, فاعذرنني. سأعود غداً بإذن الله
NOJOOM
NOJOOM
في حفظ الله اختي
نحن بإنتظارك
كان جزء رائع في شوق للبقيه
الأميرة الدمشقية
شام شام :
يا الله يا عروس الشام ... لكم استمتعت ببداية موضوعك . والآن استمتع اكثر وأكثر , بل هناك شيء أبعد وأكبر من هذا الشعور الجميل وأنا أقرأ كلماتك التي تختارينها بعناية فائقة , وتوصلين المعنى بأدق التفاصيل , ولكم جعلتِ دموعي تنهمر وأنا أقرأ تفاصيل عودة الاهل للوطن وشوق الأم لتلك الأجواء ووضعت نفسي مكانها ... بنفس الوقت , بدأ الخوف يتسلل إلى داخلي , هل يا ترى بعد غربتنا لم نعد ننتمي لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء ... ؟؟؟ لقد سمعت هذه الكلمة من سيدات عمرن في الغربة عمرا طويلا , ثم قلن لي : بعد هذه السنين لم نعد قادرين على العودة , ليتنا ما تغربنا ... كلنا شووووووووق وآذان أو عيون مترقبة منتظرة لنرى جميل إبداعك غاليتي بارك الله فيك
يا الله يا عروس الشام ... لكم استمتعت ببداية موضوعك . والآن استمتع اكثر وأكثر , بل هناك شيء...
:26::26::26::26:

رائع عروس أحسست وكأن كلماتك لامست شغاف قلبي بكيت كثيرا لأنني أفكر كل يوم هل أستطيع التأقلم في بلدي التي أعشقها أوسأشعر بالغربة بين أهلي وأحبائي