أم سياف
أم سياف
الحمية رأس الدواء


عن عائشة رضي الله عنها: أنها كانت تأمر بالتلبينة للمريض وللمحزون على الهالك، وكانت تقول: إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " إن التلبينة تجم فؤاد المريض وتذهب ببعض الحزن " .

و في رواية للبخاري أن عائشة كانت إذا مات الميت من أهلها فاجتمع لذلك النسوة ثم تفرقن إلا أهلها وخاصتها أمرت ببرمة من تلبينة فطبخت ثم صنع ثريد فصبت التلبينة عليها ثم قالت: كلن فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " التلبينة مجمة لفؤاد المريض تذهب ببعض الحزن " _ والبرمة القدر _

وعن أم المنذر بنت قيس الأنصارية رضي الله عنها قالت: دخل عليَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعه عليّ وعليٌ ناقه، ولنا دوالٍ معلقة. فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم يأكل منها، وأخذ علي ليأكل منها فطفق رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول له: مه يا علي إنك ناقه، فكف عليّ. قالت: فصنعت شعيراً وسلقاً وجئت به. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أصب من هذا فهو أنفع لك،

روى الترمذي نحوه وفيه: فجعلت لهم سلقاً وشعيراً... الحديث وفيه: فهو أوفق لك، والناقه الذي أبلَّ من مرضه ولم تتكامل صحته.

و أما القول المأثور: الحمية رأس الدواء والمعدة بيت الداء، فليس حديثاً نبوياً وإنما هو على الأغلب من كلام طبيب العرب (الحارث بن كلدة) وكان يقول: رأس الطب الحمية.قال ابن حجر قال الأصمعي: التلبينة حساء يعمل من دقيق أو نخالة ويجعل فيه عسل. وقيل لبن. وسميت تلبينة تشبيهاً لها باللبن في بياضها ورقتها.قال أبو نعيم في الطب: هي دقيق بحت... وقال البغدادي: التلبينة الحساء ويكون في قوام اللبن وهو الدقيق الناضج لا الغليظ النيئ. وإذا شئت أن تعرف منافع التلبينة فاعرف منافع ماء الشعير لا سيما إذا كان نخالة _ مطحوناً _ فإنه يجلو وينفذ بسرعة ويغذي غذاءً لطيفاً. وإذا شرب حاراً كان أجلى وأقوى نفوذاً. والمراد بالفؤاد في الحديث رأس المعدة.

قال ابن القيم: الحمية حميتان: حمية عما يجلب المرض وحمية عما يزيده، فالأولى حمية الأصحاء والثانية حمية المرضى.

و الأصل فيها قوله تعالى: {و إن كنتم مرضى أو على سفر فلم تجدوا ماءً فتيمموا صعيداً طيباً} فحمي المريض عن استعمال الماء لأنه يضره....و أنفع ما تكون الحمية للناقه فإن طبيعته لم ترجع بعد إلى قوتها، ,القوة الهاضمة ضعيفة والطبيعة مستعدة فتخليطه يوجب انتكاسها.

و اعلم أن في منع النبي صلى الله عليه وسلم لعلي من الأكل من الدوالي وه وناقه، أحسن التدبير، فالدوالي رطب معلق في البيت والفاكهة تضر بالناقه من المرض لسرعة استحالتها وضعف الطبيعة عن وقتها، وفي الطب خاصة ثقل على المعدة، فتشتغل بمعالجته وإصلاحه عما هي بصدده من إزالة بقية المرض وآثاره. فلما وضع الشعير والسلق بين يديه أمره بأكله فإنه من أنفع الأغذية للناقه، فإن في ماء الشعير من التبريد والتغذية والتلطيف والتليين ما هو أصلح للناقه لا سيما إذا طبخ بأصول السلق فهذا من أوفق الغذاء لمن في معدته ضعف.

و مما ينبغي أن يُعلم أن كثيراً مما يحمى عنه العليل والناقه إذا اشتدت الشهوة إليه فتناول منه الشيء اليسير الذي لا تعجز الطبيعة عن هضمه لم يضره تناوله، بل ربما انتفع به، فإن المعدة والطبيعة تتلقيانه بالقبول والمحبة فيصلحان ما يخشى ضرره. ولذا فقد أقر النبي صلى الله عليه وسلم صهيباً على تناول التمرات اليسيرة كما يروي صهيباً رضي الله عنه قال: قدمت على النبي صلى الله عليه وسلم وبين يديه خبز وتمر فقال: أُدن فكل. فأخذت تمراً فأكلت. فقال: أتأكل تمراً وبك رمد؟ فقلت: يا رسول الله أمضغ من الناحية الأخرى. فتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم .

و إنه لمن المعجز حقاً التوافق التام بين هدي النبي صلى الله عليه وسلم في الحمية وبين معطيات الطب الحديث، والذي يعّرف الحمية بأنها التدبير الغذائي الخاص بالمريض من إلزامه منهاجاً من الغذاء لا يتعداه أو منعه من بعض أنواع الأغذية أو الأشربة التي أضحت مؤذية له بسبب مرضه.

و تعتبر الحمية جزءاً من المعالجة في كثير من الحالات ولكل مرض حميته. ولقد نبه رسول الله صلى الله عليه وسلم على أهمية الحمية حتى في دور النقاهة. وكان من هديه صلى الله عليه وسلم أن يغذى المريض بألطف ما اعتاده من الأغذية.

وقد وصف التلبينة والحساء لأنهما سهلا الهضم لطيفا التغذية، فكل منهما يريح المعدة ويقوي هضمها ويخفف آثار الحزن ولأن الطعام الثقيل في ظروف الانفعال قد يعرض المريض لعسرة الهضم.

و لقد كان الشعير غالب طعام أهل الحجاز لأن الحنطة عزيزة عندهم، لذا فإن التلبينة كانت تصنع من دقيق الشعير. وتؤكد مصادر الطب الحديث وصف حساء الشعير في الحميات وكغذاء لطيف سهل الهضم حيث يستعمل مهروس الشعير بعد نزع قشوره مطبوخاً بالماء أو الحليب للمسعورين والأطفال وتوصف للمتوعك والمصاب بالحمى أو بقلة الشهية أو عسرة الهضم... هذا وسنتكلم عن السلق تحت عنوانه الخاص.

و من الهدي النبوي في الحمية أيضاً، ألا يجبر المريض على الطعام أو الشراب حين تعافه نفسه فقد روي عن عقبة بن عامر الجهني رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " لا تكرهوا مرضاكم على الطعام والشراب فإن الله عزَّ وجل يطعمهم ويسقيهم " .

قال ابن القيم: ما أغزر فوائد هذه الكلمة النبوية المشتملة على حكم إلهية، وذلك لأن المريض إذا عاف الطعام والشراب فذلك لاشتغال الطبيعة بمجاهدة المرض أو لسقوط شهوته أو نقصانها لضعف الحرارة الغريزية أو خمودها.. واعلم أن الجوع هو طلب الأعضاء للغذاء لتخلف الطبيعة به عليها عوض ما يتحلل منها. وإذا وجد المريض اشتغلت الطبيعة بمادته وإنضاجها وإخراجها عن طلب الغذاء والشراب. فإذا أكره المريض على الطعام اشتغلت به الطبيعة عن فعلها واشتغلت بهضمه وتدبيره عن إنضاج مادة المرض ودفعه فيكون ذلك سبباً لضرر المريض.

يقول دكتور عادل الأزهري : ومعظم الأمراض يصحبها عدم رغبة المريض في الطعام وإطعام المريض قصداً في هذه الحالة يعود عليه بالضرر لعدم قيام جهازه الهضمي بعمله كما يجب مما يتبعه عسر هضم مع سوء حالة المريض... وكل مريض له غذاءٌ معين له ويجب أن يكون سهل الهضم قليل الغذاء... وإن من دلائل الشفاء عودة المريض إلى سابق رغبته في الطعام.

و يؤكد الدكتور النسيمي: أن الله سبحانه وتعالى قضت حكمته أن يكون في الجسم مدخرات كبيرة يستفيد منها وقت الحرمان، فينبغي أن لا يغتم ذووا المريض لعزوف مريضهم عن الطعام خلال المرض، فإن المعدة قد لا تحتمل الطعام الزائد، أو لا تحتمل الطعام مطلقاً، , قد يسبب له غثياناً أو قيئاً.. ولذا لا يجوز أن يجبروا مريضهم على الطعام وقد عافته نفسه.


مراجع البحث

1. ابن الأثير الجزري: عن كتابه (جامع الأصول في أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم).

2. ابن حجر العسقلاني: عن كتابه (فتح الباري بشرح البخاري).

3. ابن قيم الحوزية: عن كتابه (الطب النبوي).

4. دكتور عزة مريدن: عن كتابه (علم الأدوية).

5. دكتور محمود ناظم النسيمي: عن كتابه (الطب النبوي والعلم الحدث).

6. الموفق البغدادي: عن كتابه (الطب من القرآن والسنة).
أم سياف
أم سياف
الحناء... دواء وجمال


عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إنّ اليهود والنصارى لا يصبغون فخالفوهم " .

و عن أبي أمامة رضي الله عنه قال: خرج النبي صلى الله عليه وسلم على مشيخة من الأنصار بيضٌّ لحاهم فقال: " يا معشر الأنصار حُمروا وصفروا وخالفوا أهل الكتاب " فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " غيروا هذا بشيء واجتنبوا السواد " .

و عن أنس رضي الله عنه قال: اختضب أبو بكر بالحناء والكتم واختضب عمر بالحناء بحتاً، _ أي صرفاً _ .

و عن أبي ذر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " إنّ أحسن ما غيرتم به الشيب الحناء والكتم " .

و عن سلمى أم رافع: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ما شكا إليه أحد وجعاً في رأسه إلا احتجم، ولا شكا إليه وجعاً في رجليه إل قال اختضب، .

و عنها أيضاً قالت: كان لا يصيب النبي صلى الله عليه وسلم قرحة ولا شوكة إلا وضع

عليها الحناء،

و عن عثمان بن وهب قال: دخلت علي أم سلمة فأخرجت لنا شعراً من شعر النبي صلى الله عليه وسلم مخضوباً، .

قال النووي: ومذهبنا استحباب خضاب الشيب للرجل بصفرة أو حمرة، ويحرم خضابه بالسواد على الأصح، وقيل يكره كراهة تنزيه والمختار التحريم، ورخص فيه بعض العلماء للجهاد فقط.

نبتة الحناء (Low sania _ Henna):

شجيرة من الفصيلة الحنائية lythracees حولية أو معمرة تمكث حوالي ثلاث سنوات وقد تمتد إلى عشرة، مستديمة الخضرة، غزيرة التفريع، يصل طولها إلى ثلاثة أمتار. أوراقها بسيطة بيضاوية بطول 3 _ 4 سم، متقابلة الوضع بلون أحمر خفيف أو أبيض مصفر.

لها صنفان يختلفان في لون الزهر كالصنفِ Alba ذو الأزهار البيضاء والصنف Miniata ذو الأزهار البنفسجية.

كما ذكروا لها صنفين: حمراء وسوداء، والغالب مزج النوعين معاً. والموطن الرئيسي للحناء جنوب غربي آسيا، وتحتاج لبيئة حارة، لذا فهي تنمو بكثافة في البيئات الاستوائية لقارة إفريقيا. كما انتشرت زراعتها في بلدان حوض البحر الأبيض المتوسط وأهم البلدان المنتجة لها مصر والسودان والهند والصين.

لمحة تاريخية:

عرفت الحناء منذ القديم، فقد استعملها الفراعنة في أغراض شتى، إذ صنعوا من مسحوق أوراقها معجونة لتخيب الأيدي وصباغة الشعر وعلاج الجروح، كما وجد كثير من المومياء الفرعونية مخضبة بالحناء، واتخذوا عطراً من أزهارها. ولها نوع من القدسية عند كثير من الشعوب الإسلامية إذ يستعملونها في التجميل بفضل صفاتها الممتازة.

فتخضب بمعجونها الأيدي والأقدام والشعر، كما يفرشون بها القبور تحت موتاهم. وتستعمل في دباغة الجلود والصوف ويمتاز صبغها بالثبات. وينحصر استعمالها في أوربا وأمريكا في صباغة الشعر، إذ إنها لا تضر به فضلاً عن تقويتها لجلد الفروة وهذا مهم جداً لأن صباغات الشعر الكيماوية كثيراً ما تؤدي إلى أمراض التهابية و تحسسية عديدة وأعراض انسمامية أحياناً. كما تتجه الأنظار إليها في الوقت الحاضر لاستعمالها في صناعة المواد الملّونة لسهولة استخراج العنصر الملون فيها، وتمتاز بألوانها الجميلة ذات المقاومة الأكيدة لعوامل التلف.

التركيب الكيماوي:

يستعمل من الحناء أوراقها وأزهارها. حيث تحتوي الأوراق على غليكوزايدات مختلفة أهمها اللاوزون (Lawsone) وجزئيها الكيماوي من نوع 2 - هيدروكسي 1 - 4 نفتوكينون، وهي المادة المسئولة عن التأثير البيولوجي الطبي وعن الصبغة واللون الأسود، كما تحتوي على مواد راتنجية Resine وتانيتات تعرف بـ حماتانّين Hennatannin. أما الأزهار فتحتوي على زيت طيار له رائحة زكية وقوية ويعتبر أهم مكوناته مادة الفوبيتا إيونون (A , B , Ionone).

استعمالاتها الطبية:

كان للحناء مكانتها المرموقة عند أطبائنا المسلمين. فقد ذكر ابن القيم أن: الحناء محلل نافع من حرق النار، وإذا مضغ نفع من قروح الفم والسلاق العارض فيه ويبرئ من القلاع. والضماد فيه ينفع من الأورام الحارة الملتهبة. وإذا ألزقت به الأظافر معجوناً حسنها ونفعها، وهو ينبت الشعر ويقويه وينفع من النفاطات والبثور العارضة في الساقين وسائر البدن.

أما الموفق البغدادي فيقول: لون الحناء ناري محبوب يهيج قوى المحبة وفي رائحته عطرية وقد كان يخضب به معظم السلف، , يؤكد البغدادي: أن الحناء ينفع في قروح الفم والقلاع وفي الأورام الحارة ويسكن ألمها. ماؤها مطبوخاً ينفع من حرق النار وخضابها ينفع في تعفن الأظافر، وإذا خضب به المجدور في ابتدائه لم يقرب الجدري عينيه.

أما ابن سينا فيقول: الحناء فيه قبض وتحليل بلا أذى. ويستعمل في الطب الشعبي كقابض وفي التئام الجروح والحروق وغسول للعيون وكمروخ لمعالجة البرص والرثية. وذكر داود في تذكرته أن للحناء فوائد في إدرار البول وتفتيت الحصى وإسقاط الأجنة. كما ذكر أن تخضيب الجلد بها يلون البول مما يدل على قابلية امتصاصها من الجلد.

و في الطب الحديث: أكد الدكتور النسيمي فائدة معالجة السحجات الناجمة عن السير في الطرقات والداء الفطري بين الأصابع بالحناء.، وعلل ذلك بأن الفطور الخمائرية تؤدي إلى سهولة اقتلاع الطبقة السطحية من الجلد والحناء قابضة، وهذا يجفف الجلد ويقسّيه ويمنع تعطينه مما يمنع سيطرة الخمائر والفطور ويعمل على سرعة شفاء السحجات والقروح السطحية.

و يحضر مسحوق الحناء بسحق الأوراق ونهاية الأغصان الرفيعة بعد تجفيفها ثم تصنع منه عجينة. وتؤكد الدكتورة سامية قاسي فائدة تطبيق معجونة الحناء لمعالجة العديد من الأمراض الجلدية وخصوصاً الالتهابات الفطرية المنشأ والتي تتوضع في الثنيات وبين الأصابع، كما تساعد في التئام الجروح. وتفسر الدكتورة سامية تلك الصفات بسبب وجود مادة الحناتانين القابضة في الحناء وتؤكد أن تطبيق تلك العجينة على فروة الرأس لفترة طويلة، فإن المواد المطهرة والقابضة الموجودة فيها تعمل على تنقية الفروة من الجراثيم والطفيليات ومن المفرزات الزهمية الفائضة، كما تفيد في معالجة قشرة الرأس وتعمل على الإقلال من إفراز العرق عند مفرطي التعرق.

أما عند استخدام الحناء في صبغ الشعر فيجب استعمالها في وسط حامضي لأن مادة اللاوزون لا تلون في وسط أساسي، ولذا ينصح بصنع عجينة الحناء بالخل والليمون.

و من دواعي الأسف أن الأبحاث ما تزال فقيرة حول فوائد الحناء ونود لو يعطيها الباحثون حقها من الدراسة حتى يتم التحقق من المعجزة النبوية في كونها دواء وجمال ...

كشف الغش في الحناء:

تغش الحناء لزيادة وزنها بإضافة الرمل الناعم عند الطحن، وهذا يسهل كشفه لأن الرمل ذو ثقل نوعي أكبر، وهكذا فإن حجماً معيناً من الحناء الأصلية أقل وزناً من نفس الحجم من الحناء المغشوشة. كما أن نفخها نفخاً خفيفاً يؤدي إلى تطايرها وبقاء الرمل، كما أن وضع كمية قليلة منها في الماء يؤدي إلى ترسب الرمل وتطفو الحناء نقية. وقد تغش الحناء أيضاً لتغطية اصفرارها بمزجها بطلاء اخضر.


مراجع البحث

1. ابن قيم الحوزية: عن كتابه (الطب النبوي).

2. الإمام النووي: عن كتابه (شرح صحيح مسلم).

3. ابن الأثير الجزري: عن كتابه (جامع الأصول في أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم).

4. دكتور محمود ناظم النسيمي: عن كتابه (الطب النبوي والعلم الحدث) ج 3 _ الطبعة 3 _ 1991.

5. شكري إبراهيم سعد: عن كتابه (نباتات العقاقير والتوابل) القاهرة: 1977.

6. سامية قاسي: عن مقالة لها بعنوان (الحناء.. علاج وتجميل) مجلة الدواء العربي، حزيران 1993.

7. محمد بدر الدين زيتوني: عن كتابه (الطب الشعبي والتداوي بالأعشاب) دمشق: 1986.
أم سياف
أم سياف
الذريرة



عن عائشة رضي الله عنها قالت: طيبت رسول الله صلى الله عليه وسلم بيدي بذريرة في حجة الوداع لحلّه وإحرامه .

و روى ابن السني عن بعض أزواج النبي صلى الله عليه وسلم قالت: دخل عَلَي رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد خرج في إصبعي بثرة فقال: عندك ذريرة؟ قلت: نعم. قال: ضعيها عليها وقولي: اللهم مصغر الكبير ومكبر الصغير صغّر ما بي، .

و عن بعض أزواج النبي صلى الله عليه وسلم: دخل عليها _ يعني رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: عندك ذريرة؟ قالت: نعم، فدعا بها فوضعها على بثر بين أصابع رجليه ثم قال: اللهم مصغر الكبير ومكبر الصغير أطفئها عني فطفئت،

قال ابن القيم: والذريرة دواء هندي يتخذ من قصب الذريرة، تنفع من أورام المعدة والكبد والاستسقاء، وتقوي القلب لطيبها. أما البثرة فهي خراج صغير يكون عن مادة حارّة تدفعها الطلبعة فتسترق مكاناً من الجسد تخرج منه، فهي تحتاج إلى ما ينضجها ويخرجها والذريرة تفعل بها ذلك فإن فيها إنضاجاً وإخراجاً مع طيب رائحتها.

و قال ابن سينا: إنه لأفضل لحرق النار من الذريرة بدهن الورد والخل، وقصب الذريرة ملطف وفيه قبض يسير مع حرافته ... وتجفيفه أكثر يحلل الأورام.

و قصب الذريرة Acorus Calamus , Sweet Flag نبات عشبي معمر من جنس القصب من فصيلة القلقسيات، أحمر اللون عطر الرائحة، له ريزومات متفرعة وأفرعاً هوائية قصبية الشكل، ويسمى بقصب الطيب لرائحته الزكية وقد ورد ذكره في التوراة ضمن أفخر الأطياب، وإذا كسرت فروعه ظهر منها ذرور أبيض هو الذريرة، تضاف إلى الحناء لتعطيرها وتدخل في صنع الصابون المعطر.

منابته في الأهواز ومصر والصين.

يستخرج من ريزوماته _ الجذامير _ زيت عطري مذكور في دستور الأدوية الألماني كعقار طبي يحتوي على الإيجبينول والآزارون وحمض النخل وسيتيلك وفيتامين " ب " والكولين والعفص. تستعمل خلاصة جذاميره أو زيته، إذ هو نافع للمعدة مقو لها، هاضم، ومطمث، طارد للغازات، ويعالج به النهاك والملاريا وسوء الهضم. يعطى للمصابين بالحيات كمخفف للحرارة، ومسكن في الآلام العضلية والمفصلية _ الرثية _. وإذا مزج مع الكرفس وشرب نفع من برد الكلى والالتهابات البولية.

مراجع البحث

الحافظ الهيثمي: عن كتابه (مجمع الزوائد).

ابن الأثير الجزري: عن كتابه (جامع الأصول في أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم).

ابن قيم الحوزية: عن كتابه (زاد المعاد من هدي خير العباد) وكتابه (الطب النبوي) تحقيق شعيب وعبد القادر الأرناؤوط.

دكتور شكري إبراهيم سعد: عن كتابه (نباتات العقاقير والتوابل) القاهرة.

وديع جبر: عن كتابه (معجم النباتات الطبية) بيروت: 1978.

أبو القاسم الغساني المشهور بالوزير: عن كتابه (حديقة الأزهار في ماهية العشب العقاري) بيروت: 1985.
أم سياف
أم سياف
التداوي بالرماد


عن أبي حازم أنه سمع سهل بن سعد رضي الله عنه يُسأل عما دووي به جرح رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم أحد فقال: جرح وجهه وكسرت رباعيته وهشمت البيضة على رأسه، وكانت بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم تغسل الدم وكان علي يسكب عليها بالمجن. فلما رأت فاطمة أن الماء لا يزيد الدَّم إلا كثرة، أخذت قطعة حصير فأحرقته حتى صار رماداً فألصقته بالجرح فاستمسك الدم، الأمر بآلية مغايرة فيقول بأن الرماد يعمل عمل المواد القابضة، فهي عندما تطبق على جرح ترسب بروتيناته السطحية وتشكل بذلك طبقة ساترة على التهتكات والجروح تحميها من المخترقات الجرثومية وغيرها وتوقف النزيف بترسيب العنصر البروتيني في الدم، كما أن لها خاصية ترسيب البروتين في جسم الجراثيم فتوت فيكون فعلها في حماية الجرح والقضاء على أي جرثوم قريب منه.
مراجع البحث

1. ابن الأثير الجزري: عن كتابه (جامع الأصول في أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم).

2. الموسوعة العالمية Encyclopedia International لـ: Grolier المجلد 2 لعام 1972 _ نيويورك.

3. دكتور محمود ناظم النسيمي: عن كتابه (الطب النبوي والعلم الحدث) الجزء 3.

4. الموفق البغدادي: عن كتابه (الطب النبوي والسنة) تحقيق القلعجي 1988.

5. ابن حجر العسقلاني: عن كتابه (فتح الباري في شرح صحيح البخاري).
أم سياف
أم سياف
الرّمان Pome Grante


الرمان من فاكهة الجنة التي خصّها الله بالذكر مما يقدم لعباده المؤمنين فقال: {فيهما فاكهة ونخل ورمان} .

قال الإمام ابن الجوزي: وإنما أعاد ذكر النخل والرمان _ وقد دخلا في الفاكهة _ لبيان فضلهما، كما ذكرنا في قوله تعالى: {و ملائكته ورسله وجبريل وميكائيل}.

و قال ابن كثير {و نخل ورمّان}: من باب عطف الخاص على العام كما قرره البخاري وغيره، وإنما أفرد النخل والرمّان بالذكر لشرفهما على غيرهما.

و الرمان من الفاكهة الموغلة في القدم عرفه كثير من الأقوام السالفة واكتشفوا كثيراً من خصائصها ومنافعها ومنهم الفراعنة الذين استخدموها في علاج المرضى. وموطنها الأصلي جنوب غربي آسيا أو شمال غربي الهند ومنه انتقلت إلى إيران ومن ثم إلى حوض البحر الأبيض المتوسط ومصر ومنها إلى أوربا في عصور متأخرة.

و في تراثنا الإسلامي وصف دقيق لمنافع الرمّان. فقد قال ابن القيم: أن حلو الرمّان جيد للمعدة ومقوّ لها بما فيه من قبض لطيف، نافع للحلق والصدر والرئة، جيد للسعال، وماؤه ملين للبطن يغذو البدن غذاء يسيراً، يعين على الباه ولا يصلح للمحمومين. وحامضه قابض لطيف ينفع المعدة الملتهبة ويدر البول ويسكن الصفراء ويقطع الإسهال ويمنع القيء ويقوي الأعضاء. وأما الرمّان المزّ فمتوسط طبعاً وفعلاً بين النوعين وهذا أميل إلى لطافة الحامض قليلاً.و قال الرازي: أن الرمان الحلو ينفخ قليلاً حتى أنه ينعظ والحامض يذهب شهوة الباه، الحلو يعطش والحامض يطفئ ثائرة الصفراء ويقطع القيء، وجميع الرمّان ينفع من الخفقان.

و الرمان شجر مثمر من الفصيلة الآسية Myrtacees وثمرته الرمانة تتميز بحبوبها الحمراء اللؤلؤية. وزهره أحمر قان جميل يدعى الجلّنار. والرمان على ثلاثة أنواع: حلو و

حامض ومزّ معتدل، وتختلف خصائصه باختلاف أنواعه. فالحلو يحتوي على السكاكر (7 _ 10 %) والماء 81 % والبروتين 0.6 % والدسم 0.3 %. كما يحتوي على ألياف بنسبة 2 % وعلى مواد عفصية كالتالين ومواد مرّة وعلى حمض الليمون 1 % وعلى مقادير ضئيلة من الأملاح المعدنية وخاصة الحديد والفوسفور والكبريت والكلس والبوتاس والمنغنيز وعلى نسبة جيدة من الفيتامين " ث _ C ". وفي الرمّان الحامض تقل نسبة السكاكر وترتفع نسبة حمض الليمون حتى 2 % فهو موجود في الرمان أكثر من الليمون نفسه. وترتفع في بذوره نسبة البروتين إلى 9 % والدسم 7 %.

تحتوي القشرة الخارجية لثمر الرمّان على حمض العفص Tannic Acide وهي مادة قابضة لذا يستعمل مسحوق القشور المجففة كمضاد جيّد للإسهال والزحار، وكمرقئ للنزوف الهضمية. كما يستعمل مغلي القشور لهذا الغرض ويفيد كطارد للديدان وخاصة الدودة الوحيدة لاحتوائه على مادة البلليترين Peletierine. ويستفاد من خواص القشور في تثبيت الألوان فتستخدم في دباغة الجلود وفي التخضيب بالحنّاء.

أما قشرة الجذور فتستعمل أيضاً كعلاج طارد للديدان وخاصة لاحتوائها على نسبة عالية من قلويد البلليترين ومشتقاته حتى أن مغليها يمكن أن يؤدي إلى عوارض تسممية _ ضعف عام، دوار، غثيان، اقياء _. ولتحاشيها تمزج قشرة الجذور هذه مع مواد قابضة كالعفص Tannin حيث يصبح امتصاص المواد الذائبة بطيئاً كما تحتوي قشرة الجذر على نسبة عالية من المواد القابضة حيث تفيد في معالجة الإسهال أيضاً ومغلي الأزهار له نفس الفوائد التي نجنيها من مغلي قشرة الرمانة، كما يعتبر فعالاً لمعالجة التهابات اللثة.

و لعصير الرمان الحامض خواص هاضمة ممتازة لارتفاع نسبة الحموض العضوية فيه وخاصة بالنسبة لهضم الدسم، وهذا يساعد أيضاً على الوقاية من النقرس ومنع تشكل الحصى الكلوية. لذا يستعمل بإضافته إلى المآكل الغليظة فيساعده على هضمها وعلى تخليص الأمعاء منها. وتعتبر ثمرته من المواد المنعشة وز المقوية للقلب والأعصاب حيث تفيد المصابين بالوهن العصبي، كما أن لها خواصّ هاضمة. وإذا قطر العصير في الأنف لوحده أو ممزوجاً مع العسل فإنه يكافح أورام الأغشية المخاطية لكونه مقبضاً للأوعية الدموية كما يعين بذلك على تنظيف مجاري التنفس ويفتحها عند المصابين بالزكام والرشح، كما يشفي عسر الهضم.

و يصنع من العصير نوع من الدبس _ دبس رمان _ وهو خير الحموض المحفوظة التي تضاف إلى الطعام ويستعمل طبياً لمعالجة أمراض الفم واللثة.



مراجع البحث

ابن قيم الحوزية: عن كتابه (الطب النبوي).

موفق الدين البغدادي: عن كتابه (الطب النبوي والسنة) تحقيق عبد المعطي القلعجي

أيمن عزت الطباع: عن كتابه (المرشد إلى طبابة الأعشاب) دمشق 1984.

محمد العودات وجورج لحام: عن كتابهما (النباتات الطبية واستعمالاتها) دمشق: 1987.

صبري القباني: عن كتابه (الغذاء لا الدواء) بيروت: 1977.

محمد بدر الدين زيتوني: عن كتابه (الطب الشعبي والتداوي بالأعشاب).

ابن الجوزي: عن كتابه (زاد المسير في علم التفسير).

ابن كثير الدمشقي: عن كتابه (تفسير القرآن العظيم).