أم سياف
أم سياف
السمك والحيتان


قال تعالى: {و هوَ الذي سَخَّرَ البحرَ لتأكلوا منهُ لحماً طَرَّياً} .

و قال تعالى: {و ما يستوي البًحران هذا عَذبٌ فراتٌ سائغٌ شرابه وهذا ملحٌ أجاج ومن كلٍّ تأكلون لحماً طرياً} .

و قال تعالى: {أحل لكم صيد البحر وطعامهُ متاعاً لكم وللسيارة} .

عن ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " أحلت لنا ميتتان ودمان فأما الميتتان فالحوت والجراد _ وفي رواية السمك والجراد _ وأما الدمان فالكبد والطحال " . وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم حين سُئل عن البحر قال: " هو الطهور ماؤه الحِلُّ ميتته " .

و في جواب النبي صلى الله عليه وسلم عن أسئلة لأحد أحبار اليهود فيما يرويه أنس رضي الله عنه وعن النبي صلى الله عليه وسلم قوله: " وأما أوّل طعام يأكله أهل الجنة فزيادة كبد الحوت " أي القطعة الزائدة منه . وفي رواية مسلم عن ثوبان أن اليهودي سأل النبي صلى الله عليه وسلم: فما تحفتهم حين يدخلون الجنة؟ قال: " زيادة كبد النون " والنون الحوت.

و قد ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما رواه جابر، حينما أخبره جماعة من الصحابة عن أكلهم حوتاً قذفه البحر يدعى العنبر، أنه قال: " هو رزق أخرجه الله لكم، فهل معكم من لحمه شيئاً فتطعمونا؟ قال جابر: فأرسلنا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم منه

فأكله " .

قال ابن القيم: أصناف السمك كثيرة وأجوده ما لذّ طعمه وطاب ريحه وتوسط مقداره وكان رقيق القشر، ولم يكن صلب اللحم ولا يابسه وكان في ماء عذب ويغتذي بالنبات لا بالأقذار. وأصلح أماكنه ما كان في نهر جيد الماء. والسمك البحري فاضل محمود لطيف وهو يخصب البدن ويزيد في المني ويصلح الأمزجة الحارة.

و أما داود الأنطاكي فيقول: وأجود السمك الأبيض المنقط بالصفار وفوق ظهره بقع خضر وألطف أنواعه الشبوط المعروف بالبوري ثم البني ثم الأليرك _ القشر _ ثم القشوة _ القرموط _ ثم الأنكليس. وينفع السمك من الاستسقاء والسل والقرحة وضعف الكلى وأوجاع الظهر والمفاصل وكله يهيج الباه وأولى ما أكل من السمك مشوياً بالخل والثوم والخردل.

و يعتبر السمك واحداً من الأغذية التي تشكل الطعام الرئيسي للملايين من البشر كاليابانيين وسكان أندونيسيا والأسكيمو، وحيث تقدم لهم مورداً بروتينياً ممتازاً يفوق اللحم بمقاديره. وبروتين السمك ذو قيمة غذائية عالية، سهل الهضم ولا يخلف بعد امتصاصه إلا القليل من الفضلات والأبيض منه أسهل هضماً من اللحم ولذا فهو يعتبر غذاءً مفيداً للمرضى المصابين باضطرابات في جهازهم الهضمي، كما يحتوي على جميع البروتيدات الكبريتية الرئيسية.

و يتميز الدهن الموجود في السمك بغناه بالحمض الدسمة غير المشبعة، وهي حموض مفيدة وغير ضارة وتتصف بقدرتها على خفض مستوى الدهون في الدم مما يجعلها مفيدة في الوقاية من تصلب الشرايين وخاصة من أمراض الشرايين الإكليلية القلبية. ودهن السمك أسهل هضماً من دهن اللحم. وإن نسبة اليود الموجودة فيه تسهل على العصارة المعثكلة مهمة امتصاصه.

و تحتوي الأسماك على كمية من الدهن تختلف حسب نوعها وحسب الفصول. فالسمك الأبيض كسمك القدّ والكولي يحتوي فقط على 1 % من وزنه دهناً. أما الأسماك الدهنية كالسلمون والمرقط Trout والسردين والطون فإنها تحتوي على 5 - 25 % من وزنها دهناً. ويعتبر الجنكليس أو الجري من الأسماك كثيرة الدهن المتوفرة في أسواقنا. أما المعلبات فيعتبر السردين والطون من الأسماك الدهنية الجيدة والمغذية جداً. وهي أفضل بكثير من اللحوم المعلبة. وليعلم أنه كلما ارتفعت نسبة الدهون في السمك كلما كانت أكثر فائدة للجسم.

و لحم السمك الدهني غني بالفيتامينات الذوابة في الدسم وخاصة " أ " و" د ". أما الأسماك البيضاء فإن هذه الفيتامينات موجودة في زيت كبدها وليس في لحمها. وإن غنى السمك بهذه الفيتامينات تجعل منه علاجاً ناجعاً للخرع عند الأطفال _ أو يعطوا زيت السمك _. إلا أن السمك فقير عموماً بالفيتامينات " ب " كما أنه لا يحتوي مطلقاً على الفيتامين " ج = C ". وبيوض السمك Caviar ذات قيمة غذائية عالية لكنها باهظة الثمن.

و تعتبر الأسماك مصدراً جيداً للأملاح المعدنية وخاصة اليود والصوديوم والبوتاسيوم والكالسيوم والفوسفور والكلور والكبريت، لكنها فقيرة بالحديد. أما الكلس فمعظمه موجود في العظام. وتؤمن عظام الأسماك المطهية في المعلبات مصدراً جيداً للكلس.

و هناك أهمية كبرى لغنى السمك باليود الذي يفيد في عمل الغدة الدرقية إذ يدخل في تركيب هرمونها (التيروكسين). وإن المناطق النائية عن البحار والتي يفتقر سكانها إلى اليود في غذائهم يصابون بضخامة في الغدة الدرقية واليود يعالج هذه الحالة تماماً.

و نظراً لما يحتويه لحم السمك من الفوسفور والحموض الدهنية الأساسية فإن تناوله ضرورة بالغة لنمو وتغذية الدماغ كما أنه يفيد المصابين باضطراب الذاكرة.

و إن تناول السمك للنباتات المغمورة في أعماق الماء والحاوية على البلادونا يؤدي إلى اختزانها في لحمه وهذا السبب بشعور الإنسان بجفاف في اللسان والحلق بعد تناول وجبة سمك دسمة. وهذه المادة مع البروتين الممتاز الذي يحتويه السمك تنفع في آفات الجهاز الهضمي، فهو يضاد المغص المعدي ويهدئ ثوران المعدة وحموضتها ويقلل من القلق مما يجعله نافعاً للمصابين بالقرحة الهضمية.

أما زيت السمك فهو الزيت الناجم عن عصر كبد الحوت في محتواه من الزيت وهو أغنى بالفيتامينات " أ " و" د " من زيت السمك لكنه أقل منه وفرة بالأحماض الدهنية الأساسية. ويطلق اسم زيت السمك الصافي على الزيت الذي لم يتعرض لعمليات كيميائية وفيزيائية وهذا ما يميزه عن زيت السمك المصنع، وحتى اليوم فلا ينصح إلا باستعمال زيت السمك أو زيت كبد الحوت والذي يحتوي على عوامل علاجية تفقد بالتصنيع.

السمك كعلاج:

قام الدكتور سينور وزميله بدراسة على 153 مريضاً مصابين بارتفاع دهون الدم مع اختلاطات قلبية عند البعض. وبعد المعالجة بزيت السمك لمدة شهرين انخفضت الغليسيريدات الثلاثية إلى مستواها السوي، وتبقى منخفضة طالما استمر المريض على تناوله. وتشير الدراسات الحديثة أيضاً إلى أن تناول زيت السمك _ أو وجبات من السمك الدهني _ يؤدي إلى الإقلال من تشكل الخثرات _ الجلطات _ في شرايين الجسم لأن ذلك يؤدي إلى إطالة زمن النزف ز نقص لزوجة الدم.

و قد أثبت هيراري ندرة حدوث أمراض شرايين القلب والدماغ عند سكان قرية يابانية يعتمد سكانها على السمك كغذاء رئيسي. وقد أظهرت دراسة كرومهوت 1985 أن معدل الوفيات بأمراض شرايين القلب كانت منخفضة جداً عند الذين يعتادون أكل السمك بالمقارنة مع أولئك الذين لا يتناولوه. وتبين لهم أن تناول وجبة أو وجبتين من السمك أسبوعياً تلعب دوراً هاماً في الوقاية من احتشاء العضلة القلبية. كما أن تناول السمك من قبل المصابين بالاحتشاء أدى إلى انخفاض نسبة الوفيات عندهم في السنين التي تلت الإصابة.

و تبين الدراسات قلة إصابة سكان الإسكيمو بتصلب الشرايين، علماً بأنهم يتناولون السمك أضعاف ما يتناوله غيرهم، كما أن نسبة حدوث احتشاء العضلة القلبية عندهم وعند اليابانيين أقل بكثير من المجتمعات الغربية. وقد ثبت أن تناول 30 غ من السمك في الأسبوع يؤدي إلى الوقاية من مرض شرايين القلب إلا أنه يجب تجنب السمك المقلي أو المملح .

و يقارن ليف وديبر بين الأسبرين وزيت السمك فيبين أن للأسبرين تأثيراً واحداً في الوقاية من احتشاء القلب وهو تأثيره على الصفيحات الدموية... أما زيت السمك فيمارس دوره في الوقاية من الجلطة على عدة مستويات وبآليات مختلفة مما يظهر أن له منافع تفوق الأسبرين . كما أكد كريمر فائدة زيت السمك في تخفيف الآلام المفصلية وعدد المفاصل المؤلمة وتيبس المفاصل عند المصابين بالتهاب المفاصل الرثواني، وذلك بسبب تأثيره على البروستاغلاندينات المسؤولة عن الألم والالتهاب، كما يفيد في زيادة نشاط المريض وقدرته على الحركة .

و تبين للباحثين تحسن أعراض داء الصدف عند العديد من المرضى خلال شهرين من تناول 10 كبسولات من زيت السمك يومياً أو ما يعادل تناول وجبة من السمك الدهني وباحثون من النرويج أكدوا فائدة زيت السمك في معالجة التهاب الجلد التأتبي Atopic dermatitics حيث ظهر تحسن واضح في الأعراض بعد تناوله لمدة شهرين - 3 شهور .

و أظهرت دراسة أمريكية جديدة فائدة زيت السمك للمرضى المصابين بدار رينو حيث ظهر تحسن واضح في تحمل هؤلاء المرضى للبرد وخفت شدة الأعراض عندهم وذلك بسبب تأثيره الموسع للشرايين. كما تبين أنه علاج فعال للمصابين بالشقيقة ويكفي لذلك 2 - 4 كبسولة يومياً ولمدة 6 أسابيع .

و في عدد تشرين الأول من مجلة Chest الأمريكية نشرت توصيات مؤتمر علمي لباحثين في أمراض القلب والأوعية كان منها:

1. أوصى الباحثون بتناول 30 - 40 غ من السمك يومياً، أو تناول وجبتين من السمك أسبوعياً على الأقل، للوقاية من احتشاء القلب.

2. يخفض زيت السمك مستوى الغليسيريدات الثلاثية في الدم.

3. الجرعات العالية أو المتوسطة من زيت السمك تؤدي إلى نقص ضغط الدم عند المصابين بارتفاع الضغط الشرياني. أما آلية ذلك فما تزال مجهولة.

و يؤكد الدكتور Goodright أن تناول كميات متوسطة من السمك الدهني _ وجبتان في الأسبوع _ يؤدي إلى انخفاض نسبة الوفيات عند المصابين باحتشاء العضلة القلبية. وأخيراً تدل أبحاث حديثة على أن زيت السمك قد يخفف من حدوث الانسمام الحملي .


مراجع البحث

1. حسان شمسي باشا: عن كتابه (الأسرار الطبية الحديثة في السمك والحوت) جدة: 1993.

2. صبري القباني: عن كتابه (الغذاء لا الدواء) بيروت: 1992.

3. دكتور السيد العجيلي: عن كتابه (الإعجاز الطبي في القرآن) دمشق: 1989.

4. ابن قيم الحوزية: عن كتابه (الطب النبوي).

5. دكتور تول أ (Tull A): عن كتابه (Food and Nutration) أكسفورد: 1989.

6. دكتور محمد شفيق البابا: عن كتابه (التغذية الصحيحة) دمشق: 1958.

7. ابن الأثير الجزري: (جامع الأصول في أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم).
أم سياف
أم سياف
عليكم بالسّنا والسّنوت


عن أسماء بنت عميس رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لها: بِمَ تستمشين؟ فقالت: بالشُبرم. فقال: حارٌّ جارٌّ. فقالت: ثم استمشيت بالسَّنا، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: " لو أن شيئاً كان فيه شفاء من الموت لكان السَّنا " .

و له شاهدٌ قوي من حديث البصريين ووافقه الذهبي فقال: عن أسماء بنت عميس أن رسول الله دخل عليها ذات يوم وعندها شبرم تدقه فقال: ما تصنعين بهذا؟ فقال: يشربه فلان. فقال: " لو أن شيئاً يدفع الموت أو ينفع من الموت شيئاً نفع السَّنا "

و قد روى أنس رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " ثلاث فيهن شفاء من كلّ داء إلا السّام: السّنا والسّنوت " قالوا: هذا السّنا عرفناه فما السّنوت؟ قال: لو شاء الله لعرفكموه، قال محمد ونسيت الثالثة .

قوله: بم تستمشين: أي بم تستطلقين؟ وبأي دواء تسهلين بطنك، فكّنى عن ذلك بالمشي لأن الإنسان يحتاج إلى المشي إلى أن يتردد إلى الخلاء مع شرب الدواء. والشّبرم حب صغير شبيه بالحمص يُتخذ في الأدوية.

أما النسيمي فيعرفه بأنه قشور جذور شجيرة مسهلة. وقوله حارٌّ جارٌّ، اتباع له كقوله حار يار وحران يّران، وهو الشديد الإسهال.

و السَّنا Cassia - Senna شجيرة من الفصيلة البقلية يصل طولها من 2 - 3 متر. أوراقها خماسية أو سباعية الأزواج. لها أنواع عديدة منها السنامكي والسنا الإسكندري _ المصرية _ وفي الهند الكاسيا أكوتيفوليا والكاسيا أنجستوفوليا، وتستعمل وريقاتها ملّينة ومسهلة.

و قد ذكر الدكتور زيتوني أنَّ المادة المؤثرة هي حمض الكريزفاني وبعض أشباه السكريات الحاوية على أنتراكينون وأمودين. أما H. Carni وأحمد محمد عوض فيذكران أن الجوهر المؤثر كمسهل أو ملين هو السنوسايد Sinnoside الذي ينشط غدد الأنبوب الهضمي ويحرض عضلاته الملس. وأكثر تأثيره يقع على حركات القولون بمقاديره القليلة. أما مقاديره الكبيرة فتحدث مغصاً في عضلات الحوض لذا لا يجوز إعطاؤه للحوامل مطلقاً. ويمزج عادة مع اللفاح أو البلادونا لمنع المغص. أو إلى غسل الوريقات بالغول. كما أن الغلي الطويل ينقص تأثير الأوراق المسهل. كما أن مزجها بالشمرة أو الأينسون يخفف المغص الذي يمكن أن تحدثه.

يقول الطبيب موفق الدين البغدادي: السنا مأمون الغائلة يقوي القلب ويسهل بلا عنف لذا أدخله الأطباء في أجل الأدوية لشرفه عندهم وكثرة منافعه، فيدخل في النقوعات المسهلة والحقن والسفوفات وما ذاك إلا لحسن إسهاله... وفي قوله صلى الله عليه وسلم في حديث أسماء: بم تستمشين....، سِرٌ لطيف ومعنى جليل وبرهان على أنه صلى الله عليه وسلم مطلع على كثير من المعلومات فإن الشبرم دواء منكر قوي الإسهال، ترك الأطباء استعماله لخطره وشدة إسهاله.

و يلخص النسيمي موانع استعمال السّنا بحالات التهاب المعدة والأمعاء والتهاب الزائدة والتهاب الكولون التشنجي والتهابات المثانة والرحم، وفي حالة الحمل والإرضاع وذلك لأن عناصرها الفعالة يمكن أن تفرز في الحليب.

و حديثاً فإن العديد من معامل الأدوية الشهيرة في العالم تصنع من السَّنا أفضل أنواع العقاقير مثل Pursennid وهي حبوب وشراب تعالج الإمساك. أو تدخلها في تركيب تلك العقاقير مثل Eucarbon وAgiolax وCarbon 80.

و في دراسة عشوائية قام بها كارني قارن فيها النتائج العلاجية للأجيولاكس الحاوي على السّنا مع ثلاثة مستحضرات أخرى لا تحوي عليه فأكد التفوق النوعي للأجيولاكس وأن هذه النتائج يمكن أن تعزى للتركيبة المتوازنة لهذا العقار. وأن ألياف السّنا الداخلة في تركيبه تؤدي بانتباجها إلى زيادة حجم الماء واحتباسه ضمن الكتلة البرازية، كما أنها لا تؤدي إلى أي تخريش في المعدة أو المعي مما يمكن من استعماله الطويل.

و في دراسة قام بها باس O. Bass: " Coparative Laxation of Psylium with and without Senna " The American j. of Gastroenterolgy , 82 , 1987] أكد التفوق النوعي للأجيولاكس كعقار ملين مضاد للإمساك المزمن باحتوائه على السَّنا كمادة متميزة.

أما المقدار المسّهل فهو 10 - 15 وريقة تسحق وترفع أعوادها وتمزج مع 2 غ من الشمرة بعد سحقها أو الأنيسون، تسف ويشرب فوقها ماء، أو تعجن مع 100 غ من العسل و100 غ من الماء وتؤخذ على الريق. أو تنقع في 200 - 300 من الماء المغلي وتشرب بعد ذلك على الريق. أما المقدار الملين فهو 3 / 1 - 2 / 1 المقدار المسهل كما أن المنقوع نفسه يمكن أن يستعمل رحضة _ حقنة شرجية _ لوحده أو بعد مزجه مع مغلي الخطمي _ الختمية _.

و في الهند دراسات واسعة يقوم بها الباحثان أرون ميصرا وراكليومارسينها حول التأثير الدوائي لفصائل مختلفة من السَّنا أو الكاسيا Cassia تنبت في الهند. فقد استعملت الأزهار واللب لفصيلة Cassia fistola كمسهل،، واستعمل اللب مضاداً للديدان، وفي التهاب الحلق تستعمل البذور واللب على شكل غرغرة واستعملوا Cassia Sufora لعلاج لدغة الثعبان واستعملوا أوراق Cassia Tura لتنقية الدم واستعملت بذةورها لمعالجة الربو.

كما قام الباحثان المذكوران بدراسة مخبرية حول تأثير خلاصات السّنا على معلق يحوي على الفيروس الذي يصيب أوراق التبغ ويدهن بالمزيج أوراق التبغ. وأكدت النتائج أن فصيلة Cassia Siam أوقفت تماماً نمو الفيروس، أما فصائل Cassia Fistola وCassia Oxyde Yant وCassia Eltora فكانت نتائجها المضادة للفيروس أضعف. كما تبين لهما أن خلاصة الأوراق في البنزول والخلاصة المائية لهما نفس النتائج. أما الراسب البروتيني والبروتين الذي استخلص من Cassia Siam واستعمل في اختبار حيوي لوقف نمو الفيروس فقد أعطى نتائج عالية وصلت إلى 100 % في بعض الأحيان.

كما أورد الباحثان عدداً من التقارير عن فاعلية بعض المواد الكيماوية ضد الجراثيم تم استخلاصها من نبتة السَّنا، ومنها مواد تستعمل ضد الفطريات استخلصت من Cassia Fistola Dekora تبين أنها غليكوسية - فلافونية وحامض كريزوفونيك - 9 أنتراسين ,

و صفوة القول في الوقت الحاضر أن نبتة السّنا وخاصة من فصيلة Cassia Siam تحتوي على مادة قاتلة للفيروسات لها صفات بروتينية. ولا بد من متابعة الأبحاث لمعرفة تأثيرها على الأمراض الفيروسية المختلفة سريراً على البشر وحتى تصدق نبوءة النبي العظيم حين قال: " لو أن شيئاً كان فيه شفاء من الموت لكان السَّنا ".

و من المعروف أن غياب دواء قاتل للفيروسات يفتح باب الأمل في معالجة الأمراض الفيروسية.

و اختلف في تعريف السنّوت على ثمانية أقوال ذكرها الكحال علي بن طرخان أحده أنه العسل، والثاني أنه ربّ عكة السمن، والثالث حب يشبه الكمون، الرابع أنه الكمون الكرماني، الخامس أنه الرازيانج، السادس الشِّبت، والسابع التمر والثامن: أنه العسل الذي في زقاق السمن. حكاه البغدادي وقال: بأنه الأجدر بالمعنى وأقرب للصواب أي يخلط السّنا مدقوقاً مع العسل المخالط للسمن ويلعق فيكون أصلح من استعماله مفرداً لما فيهما من إصلاحه وإعانته على الإسهال.

و يؤيد الدكتور النسيمي تفسير السنّوت بالعسل أو بالعسل الذي يكون في زقاق السمن أي الذي يخالطه شيء زهيد من السمن، خاصة إذا أردنا زيادة التأثير المسهل أو تحسين طعم الدواء وذلك بأن يحل العسل مكان جزء من الدواء _ السَّنا _ الذي يوصف عادة.

أما داود الأنطاكي فيرى أن السنّوت هو الكمون وهو أسود وأصفر وأبيض. أما الرازيانج فهو الأنيسون ويسمى بالشمار أو الشمرة والشبت نبت كالرازيانج إلا أن بزره أدق وأشدّ حدة.

و يرى الدكتور أمين رويحة أن السنّوت Anethum Graveoleons بقلة سنوية من التوابل قريبة من الشمار الحلو، تسمى في الشام بالشِّبت، تؤكل أوراقها الغضة مع السَّلطات. ثمارها بعد النضج حبوب كالعدس المجنح تمتد عليها خطوط سمراء، هذه الحبوب هي الجزء الطبي المستعمل منها، فيها زيت طيار يحوي مواد فعالة مثل Limonin Carvon.

يستعمل مغليها لغسل العيون المتقيحة من الرمد. ويشرب لتسكين مغص المعدة وطرد الغازات منها ولتسكين آلام العادة الشهرية عند النساء وإدرار الحليب عند المرضع _ 1 - 2 فنجان من المغلي في اليوم _ كما يفيد شربه مساءً لمعالجة الأرق، ويحقن في الشرج لمعالجة البواسير. ولا يعطى السنّوت للمصابين بأمراض الكلى.


مراجع البحث

1. ابن الأثير الجزري: عن كتابه (جامع الأصول في أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم).

2. أرون ميصرا وراكليومار سينها: عن كتابه (الكاشيا في الطب الإسلامي واستعمالاتها الحديثة) عن أبحاث المؤتمر العالمي الأول عن الطب الإسلامي , الكويت: 1981.

3. أمين رويحة: عن كتابه (التداوي بالأعشاب) 1973.

4. دكتور محمود ناظم النسيمي: عن كتابه (الطب النبوي والعلم الحدث).

5. محمد بدر الدين زيتوني: عن كتابه (الطب الشعبي والتداوي بالأعشاب) دمشق: 1986.

6. الموفق البغدادي: عن كتابه (الطب من القرآن والسنة) تحقيق دكتور عبد المعطي أمين القلعجي بيروت: 1988.
أم سياف
أم سياف
ضَمِّدها بالصَّبِر


عن نُبيه بن وهب أن عمر بن عبد الله بن معمر اشتكى عينيه وهو محرم فأراد أن يكحلها فنهاه أبان بن عثمان وأمره أن يضمدها بالصبر وحدثه عن النبي صلى الله عليه وسلم كان يفعله. .

و في رواية عن عثمان بن عفان رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في الرجل يشتكي عينيه وهو محرم قال: ضمدها بالصبر. .

عن قيس بن رافع بن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " ماذا في الأمرين من الشفاء: الثفاء والصبر " . وعن أم سلمة رضي الله عنها قالت: دخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم حين توفي أبو سلمة وقد جعلت عليَّ صَبِراً. فقال: ما هذا يا أم سلمة؟ فقالت: إنما هو صَبر يا رسول الله ليس فيه طيب. فقال: " إنه يشُّب الوجه فلا تجعليه إلا بالليل وتنزعيه بالنهار " .

قال البغدادي: الصبر نبت يحصد ويعصر ويترك حتى يجف وأجوده ما يجلب من سقطرى _ من اليمن _ يدفع ضرر الأدوية إذا خلط معها وينفع من ورم الجفن ويفتح سدد الكبد ويذهب اليرقان، وينفع قروح المعدة كثيراً.

أما الكحال بن طرخان فيقول: أخبرني رجل من أهل عُمان عن معاصر الصبر عندهم ونبات الصبر كنبات السوسن الأخضر غير أن ورقه أطول وأعرض وأثخن كثيراً. وهو كثير الماء جداً. فيحصد ويلقى في المعاصر ثم يدق بالخشب حتى يسيل عصيره فيترك حتى يثخن ويشمس حتى يجف. والصبر مسهَّل، مُنَقٍ للمعدة، يجفف القروح ويسرع لحامها وينفع القروح التي تحدث في المذاكير والفرج والمقعدة نفعاً بيناً إذا ذُرّ عليها.

و يقول الحافظ الذهبي عن الصبر: أنه ينفع من ورم العين ويفتح سدد الكبد ويذهب باليرقان وينفع قروح المعدة ذروراً.

قال ابن القيم: الصبر كثير المنافع لا سيما الهندي منه: ينقي الفضول الصفراوية التي في الدماغ وأعصاب البصر. وإذا طلي على الجبهة بدهن الورد ينفع من الصداع، وينفع من قروح الأنف والفم. والفارسي منه يذكي العقل ويشد الفؤاد وينقي الفضول الصفراوية والبلغمية من المعدة إذا شرب منه ملعقتان بماء....

و الصبر Aloe Vera نبات معمر من الفصيلة الزنبقية Liliaceae من النباتات الصحراوية دائمة الخضرة، تنتشر زراعته في الحجاز وأبها واليمن _ سقطرى وحضر موت _ وفي عُمان ومصر والمناطق الاستوائية وشبه الاستوائية في إفريقيا والبيرو وسومطرة وغيرها. ويطلق عليه بعض المؤلفين خطأ اسم الصبار. يزرع في أي من شهور السنة عدا كانون الثاني _ يناير _ وتفضل زراعته في أوائل الربيع والصيف. والنبتة يصل طولها إلى 40 - 50 سم، أوراقه غليظة لحمية هلامية متراصة ذات حواف مسننة وتحيط قاعدتها بالساق أزهاره صفراء متداخلة الحواشي.

و الصبر من أقدم النباتات التي استعملت في المعالجة، فقد استخدمه اليونان منذ القرن الرابع قبل الميلاد. كما عرفه اليمنيون القدامى والفراعنة وجاء ذكره في وصفاتهم الطبية وقد نقله العرب إلى أوربا في القرون الوسطى.

و يطلق الصبر أيضاً على المادة الناتجة عن تجفيف عصارة أوراقه والتي تكون على شكل كتل أو مسحوق، بلون رمادي - أسود أو أخضر ورائحته غير مستساغة وطعم شديد المرارة حيث يضرب به المثل _ مرّ مثل الصبر _. وهي مادة تنحل بسهولة في الغول 60 % وفي الماء الحار وهي قليلة الانحلال في الإيتر.

و لتحضير هذه العصارة عدة طرق أبسطها أن تقطع الأوراق قطعاً صغيرة وتوضع في وعاء من القصدير ذو ثقوب في قاعدته، ويترك ليسيل العصير من خلالها. والطريقة الحديثة تتم بعصر الأوراق آلياً بعد تقطيعها إلى أجزاء صغيرة ثم ينقى العصير ويوضع في محم بدرجة 50 - 60 مئوية لعدة ساعات ويركز بإمرار تيار هوائي ساخن حتى يجف تماماً.

يحتوي الصبر على مواد فعالة من زمر غليكوسيدية انتراكينونية Anthraquinoglycsides يدعى مزيجها بالألوين _ الصبرين _: Barb-Aloin مثل Aloin والألودين، والتي تتفكك في وسط الأمعاء القلوي لتعطي سكر الأرابينوز والألوءامودين Aloe-emodin لذا لا يعطى هذا العقار للمصابين بآفة كبدية أو صفراوية.

المقادير القليلة من الصبر (20 - 100 ملغ) تعتبر مشهية وهاضمة. أما المقادير المتوسطة فهي ملينة ومفرغة للصفراء. أما المقادير الكبيرة (أكثر من 300 ملغ) فهي مسهلة شديدة مطمثة وطارحة للماء وتأثيرها المسهل مرتبط بتأثيرها على المعي الغليظ ويظهر بعد 8 - 10 ساعات من تناوله. وهي تسبب احتقاناً في الأوعية الحوضية لذا لا يجوز إعطاؤها للحوامل وفي حالة الطمث والنزف الطمثي أو الإصابة بالبيلة الدموية أو البواسير أو ضخامة الموثة.

و قد ذكر ألن ناتو أن للصبر أكثر من 300 نوع وذكر استخدامه لمعالجة الحروق ولدغ الحشرات وحروق الأشعة والتهاب المفاصل والإمساك.

و ذكر فائدته في السحجات والجروح الجلدية، كما أكد أنه مفيد جداً في تقرحات القرنية. وقد عدد ناتو المواد الفعالة في الصبر فذكر منها:

1. مادة براديكينار Brandykinase والتي تعطي البروتاز Protease المفكك لمادة البراديكنين المسببة للألم في مواضع الالتهاب الجلدية، كما أنها تقبض الأوعية الدموية الجلدية لذا تم إدخال الصبر في مراهم حروق الشمس.

2. لاكتات المغنزيوم: وهي تمنع تشكل الهستامين والذي يعتبر السبب الأول للحكة وظواهر الحساسية الجلدية وهذا يفسر فعاليته لمعالجة لدغ الحشرات.

3. المادة المضادة للبروستاغلاندين: والبروستاغلاندين هي من المواد الهامة المحدثة للالتهاب والألم.

4. الأنتراكينولون: وهي المسببة للإسهال، كما يستخرج منها مادة الأنترالين المستخدمة في علاج الصدفية.

و ذكر الدكتور شحات نصر لأبو زيد أن عصير الصبر الطازج تطلى به البشرة المصابة بحروق الشمس يخفف من آلامها ويسرع في شفائها. وفي مجال التزويق يرطب البشرة وينعمها، لذا فإن مركبات الصبر الغليكوسيدية تدخل في تركيب مستحضرات التجميل المرطبة للبشرة وخاصة الرهيمات والصوابين والشامبو. ومن هنا نفهم المعجزة النبوية في قوله صلى الله عليه وسلم لأم سلمة حين وضعت الصبر على وجهها " أنه يُشب الوجه " فيجعله شاباً نضراً. كمنا ذكر أبو زيد ما ثبت من أن للأمودين فعلاً مثبطاً لبعض الأورام الجلدية!

و قد ذكرت كتب الطب الشعبي أن الصبر مقوٍ للباه وأنه يقي من السموم وطارد للديدان، يفيد في أمراض العين والنزلات الشعبية وانحباس البول ويطبق عصيره على الفروة لإطالة الشعر ومنع تساقطه. وفي معالجة الحزاز والثعلبة. والأطباء الروس يستعملون الصبر منذ عدة عقود. وقد كتب ماشوفسكي عن عدد من الأدوية المستخلصة من الصبر منها:

1. خلاصة الصبر المهيأة للحقن Aloe exract:

و هي خلاصة مائية من أوراق الصبر الصغيرة، وهي سائل رائق بلون أصفر فاتح وحتى المحمر، مرة الطعم تنتج في أمبولات بسعة 1 مل تحقن تحت الجلد يومياً (من 1 - 4 مل) وللأطفال ما دون الخامسة (0.2 - 0.3 مل) وما فوق الخامسة (0.5 مل) تعاد السلسلة العلاجية بعد 3 شهور عند الحاجة. وتعطي نتائج جيدة لمعالجة العديد من أمراض العين (الحسر، الترقي، التهاب الشبكية، التهابات الأجفان والملتحمة والقرنية والقزحية وفي عتامة الجسم الزجاجي) كما تفيد في معالجة الداء القرحي والعفجي والربو القصبي. وهنا تتجلى المعجزة النبوية في قول النبي صلى الله عليه وسلم للرجل الذي يشتكي عينيه " ضمدها بالصبر ". ولا تعطى هذه الحقن للمصابين بآفات قلبية وعائية وبفرط التوتر الشرياني وللحوامل بعد الشهر السابع وللمصابين بالتهاب الكلى النفروزي.

2. مروخ الصبر Aloe Liniment:

و يتكون من عصير أوراق الصبر 78 غ، زيت الخروع 11 غ، وزيت الأوكاليبتوس 0.1 غ وEmulgator 11 غ. والمروخ بلون الكريما وقوام القشدة. يوصف دهوناً في الحروق وفي الوقاية لآفات الجلد الشعاعية ومعالجتها.

3. عصير الصبر:

و يتركب من عصير الأوراق 80 مل، وغول إيتلي 95 % - 20 مل وهدرات كلور بوتانول 0.5 مل. وهو سائل عكر بلون برتقالي فاتح وطعم مر، يغمق بتأثير الضوء والهواء. يطبق غسولاً أو إرذاذاً لمعالجة الجروح المتقيحة والحروق وآفات الجلد الالتهابية. وهناك دراسات حديثة أشار إليها الدكتور محمد الظواهري منها دراسة Flag 1959 عن فائدة الصبر لمعالجة القرحات الشعاعية ودراسة Blits وزملاؤه 1963 عن معالجة القرحة الهضمية بالصبر ودراسة Riner وGjestad 1968 عن فوائده في العلاج التجميلي.

و قد تحدث الظواهري عن دراسته الميدانية التي جرب فيها هلام الصبر Aloe vera gel لمعالجة العديد من الحلات الجلدية المعندة نوجزها بما يلي: والهلام يشكل لب أوراق نبتة الصبر ويستخلص بتقطيع الأوراق اللحمية الغضة من قاعدتها وتترك يومين لتسيل منها العصارة المرة ثم تفتح الأوراق ويستخرج من لبها الهلام الموجود فيه، ثم يدعك ليصبح متجانساً ويصفى ويضاف له مادة حافظة ويترك في الثلاجة حيث يمكن استعماله خلال شهر كامل. ويطبق هكذا كدهون بلا تمديد. ويحتوي الهلام على الكاربوهدرات والعفص وشحوم وو سيترئيدات Steroides ومركبات غير مشبعة وحموض عضوية وأملاح معدنية كالكلورايد والكبريتات والحديد والنحاس والصود والبوتاس , وهو براق لزج عديم اللون ذو رائحة مميزة وطبيعة حامضية ويتلون بالقرمزي إذا تعرض للهواء. تمت معالجة 3 مرضى مصابين بقرحات ساق مزمنة مختلطة عند بعضهم بأكزيمة دوالية وتصبغات حول الآفة أو بداء فيل كاذب حيث طبق هلام الصبر مباشرة على التقرح 2 - 3 مرات في اليوم بعد تنظيفها بمحلول مطهر. وقد كانت القرحات مديدة السير استمرت لسنوات (5 - 15) سنة متسخة عميقة لم تعن لأي من العلاجات المعروفة. لاحظ المؤلف تحسن الأوعية الدموية في المنطقة منذ الأسابيع الأولى لتطبيق العلاج والتي عرفت من منظر النسيج الحبيبي المتورد. كما لوحظ أن الهلام يسمح بتحلل النسيج التنخري وسقوطه مما يؤدي إلى زوال الرائحة الكريهة وإلى نمو النسيج الحبيبي في قاع التقرح. يشاهد بعد ذلك تنمي النسيج الظهاري Epithelization من الجوانب وزحفه ببطء نحو التقرحات. مما يدل على فعالية العقار والتي أدت خلال أسابيع إلى تناقص سطح التقرحات التدريجي وحتى الشفاء. ويعزى سر تأثير هلام الصبر في التئام القرحات إلى واحد من عديدات السكاكر المخاطية والتي توجد بتركيز عال فيه.

كما طبق العلاج بنجاح عند 3 مرضى مصابين مصابين بنوع من الحاصات المثية Seborrheic alopecias والتي تترافق بسقوط أشعار واسع مع فرط الزهم في الفروة. وقد تبين أن للهلام فعلاً مجففاً للزهم المفرط عندهم يتبعه فعل منشط لنمو الأشعار. ويحتمل أن له فعلاً قابضاً على الغدد الزهمية منقصاً بذلك جريان الزهم عبر الأجربة الشعرية - الدهنية.

و عند المصابات بالعد الشائع أدى هلام الصبر إلى تجفيف البشرة من زهمها المفرط وإلى تراجع الآفات العدية خلال شهر من المعالجة. كما أدى تطبيقه عند المصابين بالثعلبة أو الحاصة البقعية Alopecia areata إلى عودة نمو الأشعار وإلى شفائها الكامل خلال أسابيع عدة، كما أن تجربته عند 10 مرضى مصابين بسقوط أشعار بآليات إمراضية مختلفة أدى إلى نتائج أولية مشجعة.

و على هذا فإن الدكتور الظواهري يرى أن هلام الصبر عقار مأمون ليس له أي تأثيرات جانبية، يطبق كدهون Lotion، 2 - 3 مرات يومياً كعامل مرهم هام لمعالجة التقرحات الجلدية وخاصة قرحات القرنية.

كما يطبق كمجفف للدهن في الحلات المثية Seborrhea والتهابات الجلد الزهمية والعد الشائع _ حب الشباب _.

كما أنه علاج فعال يحد من سقوط الأشعار ويعمل على عودة نموها.


مراجع البحث

1. الشحات نصر أبو زيد: عن كتابه (النباتات والأعشاب الطبية) بيروت: 1986.

2. دكتور محمد علي البار: في حاشيته على كتاب (الطب النبوي) لعبد الملك حبيب الأندلسي - دمشق: 1993.

3. الموفق البغدادي: عن كتابه (الطب من القرآن والسنة). تحقيق القلعجي - بيروت: 1986.

4. ابن الأثير الجزري: عن كتابه (جامع الأصول في أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم). تحقيق عبد القادر الأرناؤوط.

5. ابن قيم الحوزية: عن كتابه (الطب النبوي) القاهرة: 1978.

6. الحافظ الذهبي: عن كتابه (الطب النبوي) القاهرة: 1961.

7. حسان شمسي باشا: عن كتابه (قبسات من الطب النبوي) جدة: 1990.

8. دكتور محمد الظواهري: عن مقالته (الصبر وقيمته العلاجية) بالإنكليزية مجلة الجلد _ العدد 9 دمشق: 1993.

9. الكحال بن طرخان: عن كتابه (الأحكام النبوية في الصناعة الطبية) القاهرة: 1955.

10. دكتور. ماشكو فسكي: عن كتابه (المواد الدوائية) بالروسية، موسكو: 1972.

11. ممجموعة من الأساتذة في جامعة الملك سعو دفي الرياض: عن كتابهم (النباتات السعودية المستعملة في الطب الشعبي) إصدار إدارة البحث العلمي.
أم سياف
أم سياف
وطلح منضود


الطلح من ثمار الجنة التي أعدها الله لعباده المؤمنين. قال تعالى: {و أصحاب اليمين ما أصحاب اليمين * في سدر مخضود * وطلحٍّ منضود * وظل ممدود} .

قال الطبري: قوله {في سدر مخضود} يعني في ثمر سِدرٍ موقر حملاً قد ذهب شوكه. قال قتادة: وعن ابن عباس: خضده، أي وقره من الحمل، وعن عكرمة: لا شوك فيه. {و طلحٍ منضود} قال المعمر بن المثنى هو عند العرب شجر عظام كثير الشوك، وأما أهل التأويل من الصحابة والتابعين فيقولون أنه الموز. قال ابن عباس وعلي وروي عن مجاهد وعطاء وقسامة وقتادة. وعن ابن زيد قال: الله أعلم إلا أن أهل اليمن يسمون الموز الطلح. والمنضود هو الذي نضد بعضه على بعض وجمع بعضه إلى بعض.

و روى ابن كثير عن أبي سعيد الخدري في قوله {و طلح منضود} قال: الموز وأهل اليمن يسمون الموز الطلح. وروى ابن الجوزي في قوله {منضود} قال ابن قتيبة: هو الذي نضد بالحمل أو بالورق والحمل من أوله إلى آخره فليس له ساقٌ بارزة. وعن مجاهد {منضود} أي متراكم الثمر ....

و لفظ الموز معرب عن الهندية _ موزا Musa Sapientum. وكان العرب يشبهون ثماره بالأصابع _ البنان _. فلما انتقلت زراعته إلى إسبانيا ومنها إلى أوربا أسموه Banana وهو شجرة عشبية طولها 3 - 6 أمتار من وحيدات الفلقة من الفصيلة الموزية Musace"es ولقد عرفه البشر منذ أكثر من ألفي عام ويعتقد أن موطنه شبه الجزيرة الهندية، وقيل الملايو، ومنها انتقل إلى بلاد فارس وإلى إفريقيا ومنها نقله البرتغاليون إلى كثير من أنحاء العالم.

و يعتقد أن الصينيين منذ القديم استعملوا خلاصة جذور شجر الموز دواءً لمعالجة الحصبة والصداع واليرقان. كما كان حكماء الهند يعتمدونه. وقد أشاد العالم النباتي بليني Pline _ 79 قبل الميلاد _ بمزايا الموز وكان يطلق عليه طعام الفلاسفة، كما يعتبر الفاكهة المفضلة عند الآشوريين.

و إذا كان الموز يتصدر معظم موائد العالم كفاكهة ممتازة فإنه يعتبر بالنسبة لبعض البلدان غذاء رئيسياً كما في جزر الأنتيل والفليبين وسواحل أمريكا الوسطى وأواسط إفريقيا فهو بالنسبة لهم كالقمح بالنسبة لنا. وإذا كان يؤكل نيئاً كفاكهة لكنه قد يطبخ ويصنع منه أنواع الجيلي. كما يصنع دقيق من شرائحه المجففة، ودقيقه من الناحية الكيماوية قريب من دقيق الأرز. ويصنع منه في فرنسا خبز يعجن مع السكر ويعطر بالطيب ويتزود منه الناس في أسفارهم.

و الموز غني بماءات الفحم التي تهب الجسم الطاقة والحرارة. وتتكون من النشاء الموجود في الموز الفج، لذا يكون هذا النوع عسر الهضم قليل الحلاوة. وكلما نضج الموز تحول قسم كبير من نشائه إلى سكر فيصبح سهل الهضم مستساغ الطعم. وإن نسبة السكاكر العالية لا توجد في أي من الفاكهة الأخرى، إذ تصل حتى 24 % من وزنه. أما باقي المواد التي تدخل في تركيبه فهي الماء _ 70 - 78 % _ بروتين _ 0.34 - 1.2 % _ دهون _ 0.4 - 0.9 % _ وألياف سللوزية _ 0.5 - 1 % _. كما يحتوي على أثر من النشاء والعفص. هذا وإن كل 100 غ من الموز تعطي من الحريرات ما يعطيه 100 غ لحم، يضاف إلى ذلك أثره في تمتين الأنسجة وتجديدها لما يحويه من فيتامينات وأملاح معدنية.

فالموز يحتوي على نسبة جيدة من الفيتامين " ث = C " لذا فهو مضاد لداء الحفر وواقٍ جيد من الكريب والنزلات الشعبية وعامل مقوٍ ومضاد للتعب والإنهاك. كما يحتوي على مجموعة الفيتامين " ب " وخاصة " ب 1 ب 2 ب 6 ب 12 " لذا فهو مفيد في التهاب الأعصاب وفي حالات فقر الدم والتشنج وللمصابين بالرثية وفيه نسبة عالية من الفيتامين " أ = A " (300 وحدة دولية / 100 غ) الذي يساعد على النمو ويقوي البصر.

أما الأملاح المعدنية فتوجد في الموز بكمية كافية تؤهله لتزويد الجسم بأكثر حاجاته من العناصر الحيوية. فهو غني بالبوتاسيوم _ 40 ملغ / 100 غ _ فقير بالصوديوم خالٍ من الكولسترول لذلك يستعان به على خفض الضغط الدموي المرتفع ة على تخفيف حمولة الكلى وللوقاية من تصلب الشرايين. ويحتوي على نسبة لا بأس بها من الكالسيوم والحديد والنحاس. وعلى نسبة جيدة من الفوسفور الذي يسمى بملح الذكاء والذي يساعد المشتغلين بالأعمال الذهنية والفكرية، والفلور الذي يحمي الأسنان من التسوس. وباحتوائه على مادة البكتين فهو يساعد على مكافحة الإسهالات.

يقول الدكتور لابيه رئيس مختبر الطب في باريس: إنَّ القيمة الغذائية للموز عالية، فالموز الطري يحتوي على نفس الفائدة لنفس الكمية من اللحم، أما الموز الناضج جداً فيحتوي على ضعف هذه النسبة، والموز وإن كان يعتبر من الأغذية الممتازة فمن الخطأ اعتباره غذاءً كاملاً فلا بد من إضافة أغذية أخرى إلى الموز تحتوي على الدهن كالحليب مثلاً والذي يعتبر مكملاً للموز...

هذا ويعتبر الموز غذاءً وعلاجاً للذين يشكون من الإرهاق والهزال وللمصابين بأمراض قلبية أو كلوية وكبدية، بل هو الغذاء المثالي لهم. أما المصابون بالداء السكري والبدينين فلا يلائمهم الموز لغناه بالمواد السكرية. كما أنه نظراً لقلة ما يحتويه من ألياف تجعلنا ننصح المصابين بالإمساك بعدم الإكثار منه.

إن هضم الموز وتمثله والاستفادة منه لا تتم إلا بشرطين وهما أن يكون تام النضج وأن يمضغ جيداً. وبهذا نتفادى محاذيره وسوء هضمه إن كان فجاً وخاصة لمن كانت معدته ضعيفة أو كان جهازه الهضمي غير سليم. هذا ويمكننا أن نسحق ثمرة الموز أو نخفقها كعجينة لتقديمها لأمثال هؤلاء ولصغار الأطفال ليحسن الاستفادة منها.

و الموز الناضج علاج جيد للمصابين باضطربات هضمية حادة وخاصة عند الصغار وللمصابين بالتهاب الأمعاء الغليظة _ القولونات _ والآفات الهضمية المزمنة وداء الذرب Spure الذي ما زالت أسبابه غامضة والذي ينتهي إلى الهزال الكلّي وانهيار الجسم فإن الموز أفضل علاج أمين وشافٍ له. فهو يحتوي على جميع العناصر الفعالة واللازمة للشفاء من هذا الداء المخاتل. ويحتوي الموز على مواد قلوية تحول دون حدوث التخمرات المعوية، وهذه القلويات تعتنر علاجاً شافياً من حماض الأنسجة والاستقلاب الغذائي Acidosis في اضطرابات الهضم المزمنة، إذ يعدّل هذه الحماضات ويرفع درجة القلوية الاحتياطية للدم أيضاً ويستدل على ذلك من تحول التفاعل الكيماوي للبول من حامض إلى قلوي.

و يستفاد من قلوية الموز في معالجة التظاهرات المرافقة للقرحة المعدية. فلقد نقلت أولغا كريج Olga Craig في صحيفة Today البريطانية بتاريخ 7 كانون الثاني لعام 1991] عن المجلة الطبية الأسترالية أبحاثاً تفيد أن موزة واحدة كل يوم تقي تماماً من تفاقم القرحة المعدية، ,أن تناولها قبل الطعام يشفي من قرحة المعدة، كما تتحدث التقارير عن الشفاء من الألم القرحي وحرقة المعدة بتناول موزة مسحوقة مع الحليب _ Coctail _ ويؤكد البروفيسور Barin Hills _ كاتب البحث _ أن الموز يعيد إلى المعدة المقروحة البطانة الواقية التي توجد عند الشخص السويّ. كما تؤكد خبيرة الأغذية شيللا كيسنجر أن الحوامل في أشهر الحمل الأخيرة كثيراً ما يعانين من حرقة المعدة يرافقها بعض الاقياء، وقد أثبتت أن الموز علاجٌ شافٍ للحوامل من هذه الظاهرة.

و الموز لسهولة احتماله ولما يحتويه من سكر فواكه وفائض القلوية والفيتامينات وبإشراكه مع الحليب يعتبر غذاءً ممتازاً للترميم خلال دور النقاهة من الأمراض الشديدة والحمّيات، وفي نقص التغذية وعند الحوامل والمرضعات وللرياضيين وعمال المهن الشاقة والشيوخ وخاصة الذين يعانون من ضعف الشهية.

كما اكتشفت الأبحاث الحديثة وجود هرمونات في الموز ذات صفات مقوية عالية من شأنها تنظيم الجهاز العصبي. وإن تناول الموز بانتظام يعطي الأطفال التوازن النفسي ويشع فيهم روح الغبطة والمرح.

هذا ولم يغفل تراثنا الإسلامي قيمة الموز العلاجية فقد قال عنه ابن القيم: أنه حارٌّ رطب

أجوده النضيج الحلو، ينفع من خشونة الصدر والرئة والسعال وقروح الكليتين والمثانة ويدرُّ البول ويزيد في المني ويحرك شهوة الجماع ويلين البطن ويزيد الصفراء والبلغم، أما ابن البيطار فيقول عن الموز: ينفع من السعال وأوجاع الصدر وقلة الدم ويسمّن كثيراً وهو جيد للصدر والكلى ويدر البول ويزيد في البلغم والصفراء ويحرك الباه ويزيد في المني.



مراجع البحث

1. الإمام ابن جرير الطبري: عن كتابه (جامع البيان عن تفسير آيات القرآن).

2. الإمام الحافظ ابن كثير: عن كتابه (تفسير آيات القرآن العظيم).

3. أيمن عزت الطباع: عن كتابه (المرشد إلى طبابة الأعشاب) دمشق: 1984.

4. محمد كمال عبد العزيز: عن كتابه (الأطعمة القرآنية) القاهرة: 1977.

5. صبري القباني: عن كتابه (الغذاء لا الدواء) بيروت: 1977

6. أحمد قدامة: عن كتابه (قاموس الغذاء والتداوي بالنبات) بيروت: 1982

7. ابن قيم الحوزية: عن كتابه (الطب النبوي).

8. ابن الجوزي: عن كتابه (زاد المسير في علم التفسير).
أم سياف
أم سياف
العسل: فيه شفاء للناس




ما من شك في أن النصوص القرآنية والأحاديث النبوية التي وردت في العسل هي أوضح وأرسخ النصوص التي جزمت بالخواص العلاجية المفيدة والثابتة لهذه المادة القيمة.

قال تعالى: {و أوحى ربك إلى النحل أن اتخذي من الجبال بيوتاً ومكن الشجر ومما يعرشون. ثم كلي من الثمرات فاسلكي سُبُلَ ربك ذللاً يخرج من بطونها شرابٌ مختلفٌ ألوانه فيه شفاءٌ للناس} .

و في وصف جنة الخلد التي أعدت للمتقين قوله تعالى: {مثل الجنة التي وعد المتقون، فيها أنهار من ماء غير آسن وأنهارٌ من لبن لم يتغير طعمه وأنهارٌ من خمرٍ لذةٍ للشاربين. وأنهارٌ من عسل مصفّى..} .

و قد أورد البخاري ومسلم في صحيحهما أن النبي صلى الله عليه وسلم يقول: " إن كان في شيء من أدويتكم من خير ففي شرطة محجم أو شربة عسل أو لذعة بنار توافق الداء، وما أحب أن أكتوي ".

و في رواية للبخاري عن النبي صلى الله عليه وسلم قوله: " الشفاء في ثلاثة: شرطة محجم أو شربة عسل أو كية بنار وأنهى أمتي عن الكي ". ويشرح الحافظ ابن حجر هذا الحديث فيقول: لم يرد النبي صلى الله عليه وسلم الحصر في ثلاثة فإن الشفاء قد يكون بغيرها.

كما روى البخاري ومسلم في صحيحهما عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: إن أخي استطلق بطنه. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اسقه عسلاً، فسقاه ثم جاءه فقال: إني سقيته عسلاً فلم يزده إلا استطلاقاً. فقال له ثلاث مرات ثم جاء الرابعة فقال: اسقه عسلاً. فقال: لقد سقيته عسلاً فلم يزده إلا استطلاقاً. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: صدق الله وكذب بطن أخيك، اسقه عسلاً، فسقاه فبرئ.

و في رواية لمسلم: أن رجلاً أتي النبي صلى الله عليه وسلم فقال: إن أخي عرب بطنه، فقال: اسقه عسلاً....، ثم ذكر نحوه ومعناه.

قال العلامة الزرقاني في شرح قوله صلى الله عليه وسلم: صدق الله وكذب بطن أخيك، معناه أخطأ بطن أخيك حيث لم يصلح لقبول الشفاء بسرعة لكثرة المادة الفاسدة فيه، ولذا أمره النبي صلى الله عليه وسلم بمعاودة شرب العسل لاستفراغها، فلما كرر ذلك برئ.

و في نفس الموضوع يقول الإمام فخر الدين الرازي: لعله عليه السم علم بنور الوحي أن ذلك العسل سيظهر نفعه بعد ذلك، فلما لم يظهر نفعه في الحال مع أنه عليه السلام كان عالماً بأنه سيظهر نفعه بعد ذلك، كان هذا جارياً مجرى الكذب فلهذا أطلق عليه هذا اللفظ.

و يقول الدكتور محمود ناظم النسيمي أن الإسهال الحاد الذي وصف له رسول الله صلى الله عليه وسلم العسل، كما يحتمل أن يكون ناتجاً عن تخمة _ كما يقول الطبيب الكحال وأيده الطب الحديث _ فإنه يحتمل أن يكوم ناجماً عن عفونة معوية بدليلين: الأول أن كلاً من التخمة وعفونة الأمعاء سبب لفساد الهضم، والثاني أن الطب الحديث يداوي إسهال العفونة بمسهل أحياناً.

ويرى أن للوصفة النبوية ميزات ثلاثاً: الأولى المعالجة المثلية بمعالجة الإسهال بمسهل وذلك لدفع الفضلات ومحتوى الأمعاء الفاسدة، والثانية اختيار العسل وهو ملّين على المسهلات الشديدة التي تخرش الأمعاء الفاسدة وأكثر الدوائيين اليوم إذا رغبوا بإعطاء مسهل في حوادث الإسهال غير الطفيلية المنشأ فإنهم يفضلون الملّين، والثالثة اختيار العسل من بين الملينات لأن فيه مواد مطهرة تؤثر على الجراثيم.

و روى البغوي بإسناد صحيح: أن ملاعب الأسنة بعث إلى النبي صلى الله عليه وسلم يسأله الدواء من وجع بطن أخٍ له فبعث إليه النبي صلى الله عليه وسلم عكة عسل فسقاه فبرئ

و قال القرطبي: اختلف العلماء في قوله تعالى: {فيه شفاء للناس} هل هو على عمومه أم لا، فقالت طائفة هو على العموم في كل حال ولكل إنسان. فقد روي عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه كان لا يشكو قرحة ولا شيئاً إلاّ جعل عليه عسلاً حتى الدمل إذا خرج عليه طلى عليه عسلاً. وروى أن عوف بن مالك الأشجعي مرض فقيل له: ألا نعالجك؟ فقال إيتوني بماء فإن الله تعالى يقول: {و نزلنا من السماء ماءً مباركاً} ثم قال: إيتوني بعسل فإن الله تعالى يقول: {فيه شفاء للناس} ثم قال: إيتوني بزيت فإن الله تعالى يقول: {من شجرة مباركة زيتونة} فجاؤوه بذلك كله في فخلطه جميعاً ثم شربه فبرئ. وقالت طائفة إن ذلك على الخصوص ولا يقتضي العموم في كل علة بل إنه خبر أنه يشفي كما يشفي غيره من الأدوية في بعض وعلى حال دون حال، ففائدة الآية إخبار عن أنه دواء لما كثر الشفاء به.

ثم قال القرطبي: لسنا نستظهر على قول نبينا بأن يصدقه الأطباء بل لو كذبوه لكذبناهم وصدّقناه صلى الله عليه وسلم.



ما هي مكونات العسل؟



العسل هو نتاج النحل ويدخل في تركيبه أكثر من سبعين مادة مختلفة وذات أهمية حيوية كبيرة للعضوية. ويعتبر منبع المواد السكرية الأكثر أهمية، وكما يقول المثل الفرنسي (لكل سيّد مكانته والعسل سيّد المحليّات). وهو منتج غذائي غني بالطاقة ويعطي الكيلو غرام الواحد من العسل ما يعادل 3150 - 3350 حريرة حسب نسبة الماء الموجودة فيه. ويختلف تركيب العسل اختلافاً يتناسب واختلاف الزهور والمناطق والأرض وحتى باختلاف الأحوال الجوية إلا أنّ السبب الرئيسي هو اختلاف تركيب التربة التي يتغذى منها النبات.

و العسل مادة معقدة التركيب التركيب جداً وتتألف من السكاكر بالدرجة الأولى إذ تبلغ 71 - 72 % من وزنه وأهمها سكر الفواكه (40 %) وسكر العنب (30 %) وعلى نسبة قليلة من سكر القصب وسكر الشعير والميلسيتوز والدكسترين والأرلوز وغيرها.

و يحتوي العسل على أحماض عضوية كثيرة وفي طليعتها حمض النمل والليمون والتفاح والطرطير والزبدة وعلى آثار من حمض العنبر والحمّاض Oxalic واللبن وغيرها. وهناكم أهمية خاصة للعسل باحتوائه على العديد م نالخمائر التي تلعب دوراً هاماً في حياة الكائن الحي وأهمها خميرة الشعير التي تحول النشاء إلى سكر. والقلابين Invertase التي تقلب السكر العادي إلى سكر عنب وسكر فواكه وخميرة الكاتالاز التي تحلل اعتباراً من سكر العنب وعلى آثار من خميرة البروكسيداز والليباز وغيرها.

و العسل يحتوي على مجموعة من الفيتامينات منها فيتامين " ب 1 " والفيتامين أو الريبوفلافين VIT. B2 والحمض الباتتوتيني VIT. B3 والحمض النيكوتيني VIT. B5 والبريدوكسين VIT. B6 وحمض الأسكوربيك VIT. C. كما توجد آثار من البيوتين والفيتامين " ك " والفيتامين " و= ُ " والكاروتين أو طليعة الفيتامين " آ ".

و العسل يعتبر وسطاً ممتازاً لحفظ الفيتامينات، فهي تبقى فيه مهما تقادم عليها الزمن دون أن تتخرب بينما تفقد الفواكه والخضار جزءاً كبيراً من فيتاميناتها عند حفظها أو تخزينها. إلا أن التسخين والوسائل المستعملة في تصفية العسل يفقد العسل الكثير من فيتاميناته لأن احتواء العسل على الفيتامينات مرتبط بما يحتويه من غبار الطلع. ولهذا نجد أن العسل يحتوي على أنواع من البروتينات والحموض الأمينية ومشتقات الكلوروفيل والأصبغة ومنشطات حيوية وعلى روائح عطرية وأغوال سكرية كالمانيتول وبعض الألدهيدات والإسترات والعفصيات.

و في تركيب العسل أملاح معدنية متعددة أهمها أملاح الكلس والصوديوم والبوتاسيوم والمنغنيز والحديد والكلور والفوسفور والكبريت واليود وغيرهما. وهي تلعب دوراً حيوياً هاماً ومميزاً ونقصانها من غذاء الإنسان يؤدي إلى فقده لنشاطه وحيويته وخاصة عند الشيوخ

و يمكن أن تكون المركبات المجهولة التي لم يعرف كنهها تماماً في العسل أكثر أهمية مما استعرضناه هنا من المواد المعروفة وإن كان بعض تلك المواد قد عرف بخصائصه الحيوية مثل خاصة تنشيط الكولين Cholinergic _ الكولين مادة تحول دون تكلس الأدهان في الكبد _ وعامل الغليكوتيل الذي يساعد الكبد على تحويل سكر العنب إلى غليكوجين دون وجود الأنسولين.

و على هذا فالعسل ليس غذاءً حلواً لذيذاً فقط لكنه مخزن كامل لمجموعة من العقاقير من علاجية ووقائية فعّالة. وهو إذا كان قد أخذ دوره في جداول الحمية فإن معظم المشافي لم تنصف العسل بعد ولم تتح له المجال اللائق به في التداول كعلاج أساسي في العديد من الأمراض المستعصية.