أم سياف
أم سياف
مَن عُرِض عليه الريحانُ فلا يَرُدُّهُ


قال تعالى في معرض ذكره عن النعم التي وضعها في الأرض لعباده: {والحب ذو العصف والريحان} .

و قال تعالى: {فأما إن كان من المقربين فروح وريحان وجنة نعيم} .

عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " من عرض عليه الريحان فلا يردُّه فإنه خفيف المحمل طيب الرائحة " .

و عن أبي عثمان النهدي مرسلاً أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " إذا أعطي أحدكم الريحان فلا يردًّه فإنه من الجنة " .

و في سنن ابن ماجة من حديث أسامة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ألا مشمِّر للجنة فإن الجنة لا خطر لها، هي ورب الكعبة نور يتلألأ وريحانة تهتز وقصر مشيد ... "

قال ابن القيم: الريحان كل نبت طيب الرائحة. فكل أهل بلد يخصونه بشيء فأهل المغرب يخصونه بالآس، وهو الذي يعرفه العرب من الريحان. أم أهل العراق والشام فيخصونه بالحبق



الآس: Myrtle

شجيرة من الفصيلة الآسية Myrtacees ترتفع إلى مترين ولها فروع عديدة ملساء عليها غدد ذات رائحة جميلة. تنبت برياً في سفوح الجبال، وتزرع في المناطق الغزيرة المياه وعلى ضفاف الأنهار. ويعود الاهتمام به لخضرة أوراقه الدائمة وأنها تحافظ على نضارتها وقتاً طويلاً. استعمله العامة من المسلمين لزيارة قبور موتاهم. يقال أن موطنه الأصلي بلاد فارس ونشره العرب في حوض البحر الأبيض المتوسط وفي إسبانيا. ويعرف في المغرب العربي باسم الريحان وثمره هو حب الآس _ الحبلاس _. هذا وتفرز أوراقه مواد مطهرة تنقي الهواء وتقضي على الكائنات العضوية الدقيقة.

قال ابن القيم: الآس يجفف الرأس تجفيفاً قوياً وهو قاطع للإسهال الصفراوي وإذا شُمَّ فهو مفرح للقلب، مانع للوباء. وكذا إذا فرش في البيت.

و إذا سُحق ورقه اليابس وذر على القروح نفعها، وينفع من داء الداحس. وإذا دُلك به البدن قطع العرق وأذهب نتن الإبط. وطبيخه يجلو قشور الرأس وقروحه الرطبة ويمسك الشعر المتساقط ويسّوده، وحبه _ الحبلاس _ نافع من نفث الدم العارض في الصدر والرئة، دابغ للمعدة نافع من استطلاق البطن، مدمر للبول، نافع من لذع المثانة وعض الرتيلاء ولسع العقرب.

و أكد ابن سينا: أن ورق الآس يطيب رائحة البدن ويقوي أصل الشعر ويسّوده ويمنع تساقطه. وأضاف البغدادي: أن الآس يقطع الإسهال واشتمامه يسكن الصداع.

و في الطب الحديث يستخرج من ورقه وثمره زيت عطري طيار منعش زكي الرائحة، عنصره الفعال هو الميرتول Myrtole كما يحوي خلاصة قابضة ويوصف في التهاب اللثة والنزلات الصدرية وسيلانات المهبل. كما تحوي الأوراق على حمض الطرطير وزبدته ولذا فهي مدرة للبول، تخفف من شدة نوبات الصرع ومن عددها.

و يستخرج من ورقه وثمره ماء مقطر عطري زكي الرائحة _ عطر الملائكة _ يفيد مطهراً للأنف. أما ثماره _ الحبلاس _ فهي مغذية، منعشة ومقوية للجسم، تؤكل كفاكهة ولها خاصة مقبضة ومجففة للفم لاحتوائها على مادة عفصية، ويصنع منها مع السكر مُربّى لذيذ الطعم.



الحبق: Sweet Basil

هو الريحان بعرف أهل الشام، وربما كانت الهند موطنه الأصلي وهو نبات عشبي عطري من فصيلة الشفويات Labiee , s، زرع للزينة، ارتفاعه حوالي 50 سم، أوراقه بيضاوية معلاقية، زهره أبيض أو محمر قليلاً. يستعمل كتابل لتطبيب نكهة الطعام ويدخل في تحضير الحساء والسجق والسلطات. أما زيته الذهبي فيدخل في صناعة العطور والمشروبات.

و يستعمل كامل العشب الطازج بعد تقطيره لاستخراج الزيت. وهو زيت طيار أبيض أو أصفر اللون، له رائحة زكية واضحة ويدخل في تركيبه اللينالول والسينيول والأوجينول والتربين.

قال ابن القيم عن الحبق بأن: شّمه ينفع من الصداع الحار، ويجلب النوم، وبزره حابس للإسهال الصفراوي ومسكن للمغص، مقو للقلب ونافع من الأمراض السوداوية.

و أضاف ابن سينا: الحبق ينفع من البواسير والدوار والرعاف وأن أزهاره منشطة وهاضمة واستنشاق مسحوق أوراقه يزيل الصداع الناجم عن الزكام.

و في الطب الحديث: يحضر شرابه من رؤوسه المزهرة بعد نقعها في ماء مغلي، ويؤخذ منه مقدار ملعقة كبيرة بعد الطعام حيث يفيد كمنبه وهاضم، طارد للغازات، ومطهر للأمعاء ومزيل للمغص المعوي، مدر للبول، كما يقضي على الرشح والزكام. وله فائدة كبيرة في معالجة الوهن النفسي، وكمضاد للأرق العصبي والصداع وآلام الطمث.

و في أوربا يستعمل في عدد من المعالجات الشعبية. أما مغلي البذور فيعطي نتائج جيدة لمعالجة الزحار والاسهالات المزمنة.


مراجع البحث

1. ابن الأثير الجزري: عن كتابه (جامع الأصول في أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم).

2. الإمام السيوطي: عن كتابه (الجامع الصغير).

3. ابن قيم الحوزية: عن كتابه (الطب النبوي).

4. محمد العودات: عن كتابه (النباتات الطبية) دمشق: 1987.

5. أحمد قدامة: عن كتابه (النباتات الطبية) دمشق: 1982.

6. صبري القباني: عن كتابه (الغذاء لا الدواء) بيروت: 1992.
أم سياف
أم سياف
كان مزاجها زنجبيلا


آيات كثيرة في كتاب الله سبحانه وتعالى تتحدث عن نعيم الجنة وما أعده الله لعباده المتقين قال تعالى: {و يسقون فيها كأساً كان مزاجها زنجبيلا} .

قال الطبري: {كأساً} هي كل إناء كان فيه شراب فإذا كان فارغاً لم يقل له كأس وإنما يقال له إناء.

وقال ابن عباس: يريد الخمر {كان مزاجها زنجبيلا} كان مزاج الكأس التي يسقون منها زنجبيلا، أي يمزج لهم شرابهم بالزنجبيل.

قال القرطبي: كانت العرب تستلذ من الشراب ما يمزج بالزنجبيل لطيب رائحته لأنه يحذو اللسان ويهضم المأكول فرغبوا في نعيم الآخرة بما اعتقدوه نهاية النعمة والطيب.

و الزنجبيل Zingiber Ginger نبات عشبي عطري معمر ريزومي _ أي أنه ينبت من سوق عرضية طولها 1 _ 1.5 متر يخرج منها عدة سوق هوائية. أوراقه رمحية تستدق عند القاعدة سطحها أملس ولونها أخضر داكن. تحصد سوقه الهوائية عندما تبدأ بالذبول ثم تحفر الأرض وتستخرج السوق الأرضية _ الريزومات _ التي تغسل وتقشر وتقطع ثم تنقع بالماء أو تغلى في محلول سكري ثم تجفف وتحفظ للاستعمال. موطنه الأصلي جنوب شرقي آسيا وينحصر إنتاجه في المناطق الاستوائية في إفريقيا والهند.

استخدمه الصينيون والهنود منذ القديم كعلاج وتابل. يقول عنه جالينوس: إسخانه إسخان قوي، إذا أردنا أن نسخن البدن كله بالعجلة وجب أن نأكل الزنجبيل. وقال ابن ماسويه: الزنجبيل نافع من السدد في الكبد الحادث عن الرطوبة والبرد، معين على الجماع، محلل للرياح الغليظة في المعدة والأمعاء، وقال عنه ابن سينا: أنه يزيد الحفظ ويجلو الرطوبة عن نواحي الرأس والحلق وينفع من سموم الهواء.

قال ابن القيم: ذكر أبو نعيم في كتابه (الطب النبوي) من حديث أبي سعيد الخدري أنه قال: أهدى ملك الروم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم جرة زنجبيل فأطعم كل إنسان قطعة وأطعمني قطعة. والزنجبيل مسخن، معين على هضم الطعام ملين للبطن. ينفع من ظلمة البصر الحاصلة عن الرطوبة: أكلاً واكتحالاً، معين على الجماع، صالح للكبد والمعدة، والمزّي منه يهيج الجماع ويزيد المني، ينشف البلغم ويطيب النكهة ويُدفع به ضرر الأطعمة الغليظة .... ريزوماته الشحمية تحتوي على أصماغ وراتنجيات دهنية ونشاء وزيت طيار يعطيه الرائحة العطرية التي تنبعث منه ويتكون من الكامفين Camphine واللينالول Linalol. وراتنج زيتي غير طيار هو الجنجرين الذي يعطيه الطعم اللاذع.

و تشير المصادر الطبية الحديثة إلى عدد من الاستعمالات الطبية الهامة للزنجبيل فهو يملك خواص مطهرة ومقوية ومضادة للحفر. خلاصته المائية من الأدوية الجيدة لأمراض العين كما تعطى داخلاً لتوسيع الأوعية الدموية وكمادة معرقة. كما يستعمل كمنعش ومنبه للقلب والتنفس، طارد للرياح، مضاد للمغص ومسكن للألم المعوي، لذا يفيد مزجه مع السنا فيمنع غثيانه ويصيره أقل شدة واستطالة. وبشكل عام فإن مزجه مع المسهلات يمنع حدوث المغص الناجم عنها. مَغليه منفث يفيد في النزلات البردية ويعتبر مضاداً للسعال، كما يصنع منه مربى يفيد في معالجة الآفات الصدرية. كما يمكن أن يغلى مع الشاي أو يسحق ويعجن مع العسل ويؤكل كغذاء مقو عام ومنشط للباه.

كما يعتبر مشهياً ومفرزاً للغدد لذا يستعمله الكثيرون كتابل يدخل في صناعة الحلوى والفطائر والمخللات والحساء لتطييب نكهة الطعام. كما يطبق معجون مسحوقه مع العسل موضعياً على الجلد والمفاصل كمسكن. هذا ولما كان الزنجبيل يحتوي على مقادير وافرة من المركبات الحريفة والقابضة فيجب تناوله باعتدال وعدم الإكثار منه وإلا أضرّ بالأغشية المخاطية للطرق الهضمية.

و يعتبر الزنجبيل منشطاً عطرياً يزيد من إفرازات المعدة بملامسته لبطانتها، وهو يقوي المعدة ويفيد لمعالجة أسواء الهضم وبعض اضطربات المعدة المشابهة بما فيها الناتجة عن دوار البحر، كما يفيد في طرد الغازات. وهو يعمل على تلطيف الحرارة وإزالة الظمأ لذا فهو يستخدم في الحميات والأنفلونزا، ويعطى شتاءً من أجل تدفئة الجسم. وهو مطمث عند المرأة، ويخفف من تأثير السموم على الجسم.


مراجع البحث

الإمام ابن جرير الطبري: عن كتابه (جامع البيان عن تفسير آي القرآن).

الإمام القرطبي: في تفسيره المسمى (الجامع لأحكام القرآن).

ابن قيم الحوزية: عن كتابه (الطب النبوي).

حسان الكاتب: عن كتابه (الموسوعة الموجزة) دمشق: 1978.

محمد بدر الدين زيتوني: عن كتابه (الطب الشعبي والتداوي بالأعشاب) دمشق: 1986.

أحمد قدامة: عن كتابه (قاموس الغذاء والتداوي بالنبات) بيروت: 1982.

أيمن عزت الطباع: عن كتابه (المرشد إلى طبابة الأعشاب) 1984.

زياد عبد الرحيم: عن مقالة (فوائد ومضار التوابل) مجلة البلسم، أيار: 1988
أم سياف
أم سياف
كلوا الزيت وادّهنوا به


قال تعالى: {و هو الذي أنشأ جنات معروشات وغير معروشات والنخل والزرع مختلفاً أكله والرمان متشابهاً وغير متشابهاً} .

و قال تعالى: {الله نور السماوات والأرض مثل نوره كمشكاة فيها مصباح المصباح في زجاجة كأنها كوكب دُرِّي يوقد من شجرة مباركة زيتونة لا شرقية ولا غربية} .

قال القرطبي: قال ابن عباس رضي الله عنه: في الزيتونة منافع، يسرج الزيت وهو إدام ودهان ووقود، وليس فيه شيء إلا وفيه منفعة، وهي أول شجرة نبتت في الدنيا، وأول شجرة نبتت بعد الطوفان وتنبت في منازل الأنبياء والأرض المقدسة ودعا لها سبعون نبياً بالبركة.

و قد اختلف العلماء في قوله تعالى: {لا شرقية ولا غربية} فعن ابن عباس وقتادة: الشرقية التي تصيبها الشمس إذا أشرقت ولا تصيبها إذا غربت لأن لها ستراً والغربية عكسها أي أنها شجرة في منكشف من الأرض لا يواريها عن الشمس شيء وهو أجود لزيتها. وقال ابن زيد: إنها من شجر الشام فإن شجر الشام لا شرقي ولا غربي وهو أفضل الشجر، وهي الأرض المباركة.

و في تفسير الجلالين {لا شرقية ولا غربية} بل بينهما فلا يتمكن منها حرٌ ولا برد مضرين.

قال تعالى: {و شجرة تخرج من طور سيناء تنبت بالدهن وصبغ للآكلين} . قال القرطبي: {و شجرة} يريد بها شجرة الزيتون وأفردها بالذكر لعظيم منافعها في أرض الشام والحجاز وغيرها، وقلة تعاهدها بالسقي والحفر وغير ذلك من المراعاة في سائر الأشجار {تخرج من طور سيناء} أي أنبتها الله في الأصل من هذا الجبل الذي بارك الله فيه، وطور سيناء من أرض الشام وهو الجبل الذي كلمّ الله عليه موسى عليه السلام، {تنبت بالدهن} أي تنبت ومعها الدهن، والمراد تعديد نعم الزيت على الإنسان، وهي من أركان النعم التي لا غنى للصحة عنها، {و صبغ للآكلين} يراد به الزيت الذي يصبغ به الأكل، وأصل الصبغ ما يلون به الثوب وشبه الإدام به لأن الخبز يلون بالصبغ إذا غمس فيه.

قال تعالى: {و التين والزيتون وطور سنين وهذا البلد الأمين} قال الإمام الرازي حصل فيه قولان، الأول أن المراد من التين والزيتون هذان الشيئان المشهوران، قال ابن عباس: هو تينكم وزيتونكم هذا، ثم ذكروا من خواص التين والزيتون أشياء ... وأما الزيتون فشجرته هي الشجرة المباركة، فاكهة من وجه وإدام من وجه ودواء من وجه ... ثم قال المفسرون: التين والزيتون اسم لهذين المأكولين وفيهما هذه المنافع الجليلة فوجب إجراء اللفظ على الظاهر والجزم بأن الله تعالى أقسم بهما لما فيهما من هذه المصالح. القول الثاني أنه ليس المراد هاتين الثمرتين، ثم ذكروا وجوهاً منها أنهما جبلان من الأرض المقدسة، ومنها أن المراد من التين والزيتون مسجدان، ومنها بلدان فقال كعب: التين دمشق والزيتون بيت المقدس.

عن أسيد رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " كلوا الزيت وادهنوا به فإنه يخرج من ثمرة مباركة " . وعن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " ائتدموا بالزيت وادّهنوا به فإنه يخرج من شجرة مباركة " . وعن زيد بن أرقم أن النبي صلى الله عليه وسلم أمرنا أن نتداوى من ذات الجنب بالقسط البحري والزيت، . وروى البخاري في صحيحه: كان ابن عمر رضي الله عنهما يدهن بالزيت، أي عند الإحرام .

و في كتب التراث الإسلامي وصف مسهب لفوائد زيت الزيتون نقتطف منها ما جاء في تذكرة داود الأنطاكي: والزيت إذا شرب بالماء الحار سكّن المغص والقولنج وأخرج الدود وأدرّ البول وفتَّت الحصى وأصلح الكلى. ويقع في المراهم فيدمل ويصلح، والادّهان به كل يوم كل يوم يمنع الشيب ويصلح الشعر ويمنع سقوطه.. والاكتحال به يقلع البياض ويُحَدُّ البصر ... أما الزيتون فهو من الأشجار الجليلة القدر، العظيمة النفع، وإن مُضِغَ ورقه أذهب فساد اللثة والقلاع وأورام الحلق.

أما موفق الدين البغدادي فيقول: والإدّهان بالزيت يقوي الشعر والأعضاء ويبطئ الشيب،, شربه ينفع السموم ويطلق البطن ويسكن وجعه ويخرج الدود. ويذكر ابن سينا أن جميع أنواع زيت الزيتون مقوية للبدن منشطة للحركة. والزيت البري للحمرة والشرى والأورام الحارّة. والزيت البري المعتصر من الفج ينفع القروح الرطبة واليابسة والجرب، وورقه للحمرة والشرى. والزيت المغسول يوافق أوجاع العصب وعرق النسا، وزيت العتيق ينفع للمنقرسين إذا طلوا به. كما ينفع البريُّ اللثة الدامية تمضمضاً به ويشد الأسنان المتحركة، والزيت يتهوع مع الماء فيكسر قوة السم.

و في طبنا الشعبي توصف ملعقتان كبيرتان من الزيت في الصباح على الريق لمعالجة الإمساك. كما يوصف مزيجه مع الغليسرين لمعالجة تشقق الأيدي والأرجل من البرد. أما دولامور فيورد بعض الوصفات من الطب الشعبي البريطاني، منها ما يجعل الشعر براقاً بعد مزجه مع صفار البيض وعصير الليمون: يدلك به الشعر 5 دقائق ثم يغسل. ولمنع قشرة الرأس يصفون مزيج الزيت مع الكولونيا. أما لمعالجة تجعد الشعر ومنع ظهورها فيوصف دلك الجلد بمزيج من زيت الزيتون مع عصير الليمون قبل النوم. كما يدلكون الأقدام بالزيت للذهب بتعبها.

و لقد أهمل الطب الحديث وحتى زمن قريب البحث عما في غذاء الإنسان من فوائد للوقاية من الأمراض وعلاجها، وأهمل الكثير من عقاقير القرون الوسطى _ كما يقولون _ وهكذا كان شأن الزيتون حتى عام 1986 حيث أيّدت أول دراسة موضوعية فائدته في معالجة ارتفاع كولسترول الدم، وبدأت الأبحاث تتوالى يوماً بعد يوم لتكشف أسرار هذه المادة الثمينة، وقد أثارت هذه الدراسات دهشة العالم حين أظهرت أن أمراض شرايين القلب واحتشاء العضلة القلبية كانت نادرة في جزيرة كريت، تلك الجزيرة التي يستهلك أهلها زيت الزيتون بشكل مثير يفوق الوصف. وفي حين قبل ذلك بـ 1400 عام كان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد قال: " كلوا الزيت وادّهنوا به فإنّه يخرج من شجرة مباركة " وكيف لا تكون مباركة وقد أقسم الله بها، أو بأرضها حين قال جل وعلا: {و التين والزيتون وطور سنين ...} كما شبه الله نوره سبحانه بالنور الصادر عن زيتها حين قال: {مثل نوره كمشكاة فيها مصباح * المصباح في زجاجة * الزجاجة كأنها كوكب دري يوقد من شجرة مباركة زيتونة ....} .

و يؤكد دولامور أن سورية كانت أول موطن للزيتون حين زرعها الساميون قبل حوالي 6000 سنة، كما أن فلسطين كانت مشهورة بالزيتون. وقد جاء في سفر التكوين من الإنجيل أن حمامة تركت سفينة نوح ثم عادت إليها بغصن الزيتون، لذلك اعتبر غصن الزيتون رمزاً للسلام إذ كان إشارة إلى نهاية غضب الرب على قوم نوح، كما ذكر الزيتون في الآثار المصرية وشوهدت رسومه على أضرحة الفراعنة، كما ثبت استعمالهم لزيته في الطعام والعلاج. وقد علّم الفينيقيون الإغريق استخدام الزيت كمصدر للنور، وبلغ اهتمام الإغريق بالزيتون إلى درجة اعتبار بساتينه مقدسة لا يسمح بزراعتها إلا للعذارى من النساء أو الرجال الطاهرين.



شجرة الزيتون:

ينتمي الزيتون إلى فصيلة النباتات الزيتية Oleales وهناك مئات الأنواع المختلفة لشجر الزيتون، وتختلف فيما بينها تبعاً للمناخ والتربة وفيما إذا كان الزيتون سيستخدم للطعام أم للحصول على الزيت منه. ولا تستطيع شجرة الزيتون تحمل الطقس البارد جداً أو الرطب، بينما تتحمل الجفاف لفترة طويلة.

لذا تكثر في أقطار البحر الأبيض المتوسط بعيدة عن شواطئه، والمتميزة بشتائها اللطيف وصيفها الحار الطويل. وتمتاز هذه الشجرة بعمرها المديد إذ تعمر مئات السنين. وهي دائمة الخضرة وتزهر في أواخر الربيع ولا يتم نضج ثمرها قبل مضي 6 شهور على إزهارها. وقد كان الرومان يحرمون حرق خشبها ويستبقونه لصنع أثاث كنائسهم. ويفيد المغليّ المحضر من أوراقها في إدرار البول وكخافض للضغط الدموي.



خواص زيت الزيتون وقيمته الغذائية:

تختلف أنواع الزيت حسب لونه ومذاقه ورائحته وهذا تابع للأرض التي ينبت بها شجره وطريقة حصده وعصر ثماره. وألوانه تتفاوت من الذهبي إلى الأخضر القاتم، كما يختلف مذاقه من لاذع أحياناً أو فلفلي إلى طعم ثمري لطيف. ونحتاج للحصول على ليتر من الزيت إلى عصر 5 كغ من الزيتون. وليس هناك زيت نباتي آخر يمكن أكله فور عصره، فلا بدَّ للزيوت الأخرى من معالجتها بوسائل خاصة قبل أكلها. ويصنف الزيت حسب درجة حموضته وهناك طرق لتكريره من أجل تخفيف حموضته ورائحته.

إن ثمرة الزيتون حين بدء تشكلها لا تحتوي على أي كمية من الزيت بل إنها تحتوي على مزيج من الحموض العضوية والسكاكر التي تتحول بقدرة الخالق تدريجياً إلى زيت وثمرة الزيتون في طريقها إلى النضج وذلك ضمن عملية خاصة تدعى بتكون الدهن Lipogenesis أجل...! فما هي إلا مصانع كيميائية إلهية تحول الحموض العضوية والسكاكر إلى زيتن يكون غذاء ودواءً للناس...

يقول دولامور: ومن العجيب أن تجد أن طعم ونكهة زيت الزيتون يختلف من منطقة لأخرى رغم كون نوع الشجر واحداً في المكانين وهو يعود إلى اختلاف التربة والمناخ المحليين الذي يؤثر في طعم الثمار، وهذه المقولة هي مصداق قوله تعالى: {و هو الذي أنشأ جنات معروشات وغير معروشات والنخل والزرع مختلفاً أكله والزيتون والرمان متشابهاً وغير متشابه}.

و لأهل المغرب شهرة عالمية في إضافة البهارات والتوابل إلى الزيتون، حيث يسمى الزيتون المغربي الملكي. وزيتون الشام مشهور من ذ القديم وقد عرف بجودته. ويعتبر الزيتون مادة مغذية ومشهية وزيته أسهل هضماً من الزيوت الأخرى وله قيمة غذائية عالية. وقد كان الأطباء لسنوات خلت يحذرون المصاب بارتفاع كولسترول الدم من تناوله، لكن الأبحاث الحديثة دلّت عكس ذلك.

كما أوصت الجمعيتان الطبيتان البريطانية والأمريكية لمرضى السكر أن تكون الزيوت اللامشبعة الوحيدة كزيت الزيتون المصدر الرئيسي للدهون التي يتناولها المصابون بالداء السكري. ويشكل الزيت نسبة 70 % من تركيب ثمرة الزيتون ويتكون من غليسيريدات وحموض أهمها حمض الأوليئيك مع كميات صغيرة من حمض البلمتيك واللينولئيك والستياريك والمستريك. وتحتوي كل 100 غ من الزيتون على بروتينات 0.9 غ، دسم 11 غ. وعلى عناصر معدنية هامة: البوتاسيوم والمغنزيوم والفوسفور والحديد والنحاس والكبريت وغيرها وعلى 4.4 م الألياف، وتعطي 103 حريرة.

كما تحتوي على نسبة عالية من الكاروتين _ طليعة الفيتامين آ _ وهي ما يقارب من 180 ميكروغرام، كما أنه غني بالفيتامين " و= E " الضروري لتركيب الخلايا ونشاطها الخمائري، كما يعتبر الفيتامين الخاص بالخصب والتناسل.

كما يحتوي على الفيتامين " د = D " الذي يقي من الكساح وتقوس الساقين عند الأطفال ومن تلين العظام عند الكبار. كما أن المادة العطرية التي يحتوي عليها تثير عند الإنسان شهوة الطعام. ويحتوي الزيت على ما يسمى بأشباه الدسم Lipoides وهي مواد ذات تأثير فعال في تغذية الخلايا السّامية في الجسم وخاصة النسيج الدماغي.

و زيت الزيتون مصدر عالٍ للطاقة الحرورية، فهو كغيره من الدهون، تبلغ قيمته الحرورية 9 حريرات للغرام الواحد، له مفعول جيد في نمو دماغ الطفل والعظام.



الخواص العلاجية لزيت الزيتون

فوائد زيت الزيتون عند المصابين بالداء السكري:

الداء السكري الكهلي يستفيد بالدرجة الأولى من الحمية وفي طليعتها الاعتماد على زيت الزيتون. فلقد أوصى الاتحاد الأمريكي لمرضى السكري المصابين بهذا الداء تناول حمية فقيرة بالكولسترول وبالدهون المشبعة _ الدهون الحيوانية _ وأصدر الاتحادان البريطاني والكندي توصيات مماثلة كما أقرت جداول حمية تعطى فيها الدهون بنسبة 30 % على ألا تتجاوز نسبة الدهون المشبعة 10 % وأن تكون نسبة الدهون اللامشبعة العديدة _ كزيت الذرة _ فيها 6 - 8 % في حين يكون الباقي 82 % على شكل حموض دهنية لا مشبعة وحيدة _ زيت الزيتون _. وقد أكد كارج وزملاؤه أن استعمال زيت الزيتون كمعوض عن بعض النشويات في غذاء المرضى السكريين يمكن أن يؤدي إلى تحسين السيطرة على مستوى السكر الدموي.

زيت الزيتون وأمراض المرارة:

تؤكد الكتب المدرسية في فن المداواة فائدة الزيت كمفرز ومفرغ لصفراء الكبد، إذا أعطي منه 2 - 6 ملاعق كبيرة يومياً موزعة قبل وجبات الطعام. وبتأثيره هذا يفيد المصابين بالرمال الصفراوية _ المرارية _ والصفراء اللزجة الكثيفة ويخفف من آلامها. ونظراً لتفككه في الجسم وانطلاق الغليسرين منه فإنه يفيد في تسهيل إفراغ الرمال البولية.

و في عام 1985 كتب الدكتور كوتكاس عن مشاهدات طريفة له من الطب الشعبي الكندي، وجدها فعالة في 95 % من الحالات لمعالجة حصيات المرارة تقوم على أن يصوم المريض على تناول السوائل والعصير _ من 20 - 24 ساعة _ ثم يبدأ بعدها بتناول ملعقتين كبيرتين من زيت الزيتون الطازج يتبعها فوراً بملعقة كبيرة من عصير الليمون الطازج أيضاً وذلك كل 15 دقيقة حتى يتناول ما مقداره (224 غ من زيت الزيتون) ثم ينام واضعاً زجاجة ماء دافئ على بطنه ويمتنع عن الطعام بعدها حتى صباح اليوم التالي. وقد أكدّ كوتكاس أنه كثيراً ما شاهد الحصيات المرارية تخرج متفتتة مع البراز خلال ساعات بعد ذلك.

زيت الزيتون والكولسترول:

يتواجد الكولسترول في دم وخلايا الإنسان. وهو عنصر أساسي في بنيته الكيماوية _ الحيوية حيث يدخل أيضاً في تركيب الهرمونات الهامة وله نوعان: ضارٌ ومفيد. فأما النوع الضار فهو ما يسمى بكولسترول الدسم البروتينية المنخفضة الكثافة، الذي يتراكم في الشرايين مؤدياً إلى تضيقها. وتوضعه في شرايين القلب خاصة يؤدي إلى الإصابة بخناق الصدر أو باحتشاء العضلة القلبية. أما النوع المفيد فهو كولسترول الدسم البروتينية المرتفعة الكثافة الذي يقوم بإزاحة النوع الضار من مواضعه في الخلايا ونقله إلى الكبد حيث يتخلص منه. لذا فيجب أن نهدف في تغذيتنا إلى رفع مستوى هذا النوع من الكولسترول حتى نقلل احتمال الإصابة بمرض في شرايين القلب. ويزداد هذا النوع في البدن عند تناول زيت الزيتون بدلاً من الدهون الحيوانية وعند القيام بالتمارين الرياضية وبعد التوقف عن التدخين.

و قد اعتادت المصادر الطبية على القول بأن زيت الزيتون لا يؤثر على كولسترول الدم سلباً أو إيجابياً، لكن الأبحاث العلمية الحديثة أظهرت أن زيت الزيتون ينقص معدل كولسترول الدم كما أنه ينقص أيضاً مستوى الدسم البروتينية المنخفضة الكثافة _ الكولسترول الضار _ ويجب أن تهدف معالجة المصابين بارتفاع كولسترول الدم لإنقاص معدّل هذين المركبين وعليه فإن زيت الزيتون يقوم بأداء ما نسعى إليه، وقد بينت تلك الأبحاث أن زيت الزيتون لا ينقص معدّل الكولسترول المفيد. وهكذا فإن للزيت تأثيراً مزدوجاً فهو ينقص من الكولسترول الضار في حين يحافظ على معدّل الكولسترول المفيد فيحمي بذلك شرايين القلب. وإن تأثير زيت الزيتون على دسم الدم أفضل بكثير من تأثير زيت الذرة أو المازولا الذي طالما تحدث عنه الأطباء.

زيت الزيتون وأمراض شرايين القلب:

يصاب القلب بعدد من الأمراض نتيجة إصابة الشرايين الإكليلية المغذّية للقلب بالتضيق أو الانسداد. وأكثر هذه الأمراض شيوعاً ما يسمى بالذبحة القلبية Angina Pectoris واحتشاء العضلة الققلبية _ الجلطة _ وينجم عن تضيق الشرايين عن تشكل لويحات في لمعتها يترسب فيها الكولسترول وصفيحات الدم مع نسيج ليفي، يزداد هذا التضيق بسبب ترسب خثرات دموية فوق السطح الخشن لتلك اللويحات مما يؤدي إلى الإصابة بالاحتشاء.

و قد أكد الدكتور تريفيسان وزملاؤه من جامعة نيويورك التأثيرات المفيدة لزيت الزيتون للوقاية من أمراض الشرايين القلبية. وقد أظهرت دراساته أن مستوى كولسترول الدم والسكر والضغط الدموي كانت أقل عند أولئك الذين كانوا يكثرون من تناول زيت الزيتون، ونظراً لأثر هذه العوامل في إحداث التصلب في شرايين القلب فهذا يجعلنا نعي الدور العظيم الذي يلعبه زيت الزيتون في الوقاية من الذبحة والاحتشاء القلبيين.

أما الدكتور باغيو فيؤكد أنه على الرغم من الاستهلاك الكبير للدهون في منطقة حوض البحر الأبيض المتوسط فإن نسبة حدوث أمراض الشرايين القلبية ومستوى كولسترول الدم تعتبر منخفضة نسبياً. وعزى ذلك لكثرة تناول سكان المنطقة من زيت الزيتون، كما وجد أن معدّل الوفيات من الاحتشاء هو أقل من فنلندا وأمريكا حتى ولو تساوى مستوى الكولسترول عند هاتين المجموعتين مما يوحي بأن لزيت الزيتون تأثيرات واقية أخرى لا تقتصر فقط على خفض كولسترول الدم.

و من جامعة مينوستا الأمريكية نشر الدكتور كيز نتيجة دراسته التي أجريت على 2300 رجل من متوسط العمر ومن دول مختلفة حيث وجد أن معدّلات الوفيات كانت منخفضة جداً عند الرجال الذين يتناولون زيت الزيتون بكثرة، كما أكدت أبحاث أوليفر وأهرتس أهمية التغذية بزيت الزيتون وفائدته في الوقاية من آفات شرايين القلب الإكليلية.

و قد أظهرت الدراسات أن زيت الزيتون يحتوي على مواد كيماوية تمنع تخثر الدم وترفع مستوى الكولسترول المفيد _ المرتفع الكثافة وتقي الشرايين من ترسب الكولسترول فيها. ويعطي الأطباء في جامعة ميلانو مرضى القلب الذين أجريت لهم عمليات على شرايين القلب 4 - 5 ملاعق من زيت الزيتون يومياً كإجراء روتيني وكجزء من العلاج الذي يتلقونه. كما أن غراندي من جامعة تكساس بين أن زيت الزيتون يخفض كولسترول الدم بمقدار 13 % ويخفض الكولسترول الضار _ المنخفض الكثافة _ بمعدل 21 % وينصح بتناول زيت الزيتون بدلاً من الدهون الأخرى للوقاية من الأمراض التي تصيب الشرايين القلبية.

هذا ويمكن أن نلخص عمل زيت الزيتون للوقاية من الآفات القلبية الوعائية بما يلي:

1. يخفض مستوى كولسترول الدم ويرفع نسبة كولسترول المفيد _ المرتفع الكثافة _ أما الزيوت النباتية الأخرى كزيت الذرة ودوار الشمس فإنها بدون شك تخفض مستوى كولسترول الدم لكنه في الوقت نفسه تخفض الكولسترول المفيد الذي يقلل من احتمالات حدوث آفة إكليلية قلبية.

2. هناك عامل قوي مضاد للاحتشاء يقوم بفعل مضاد للتخثر ويقلل من امتصاص الكولسترول في الجسم. ومن 1000 مادة حية في زيت الزيتون هناك ما يسمى بـ سيكلو أترانول الذي يعدل الكولسترول أثناء استقلابه في الجسم.

3. يزيد زيت الزيتون من إنتاج العضوية للبروستاسيكلين الذي يخفض ضغط الدم.

4. يؤثر على استقلاب وإنتاج الأنسولين مما يفسر تأثيراته على خفض سكر الدم.

زيت الزيتون وارتفاع الضغط الدموي:

في الدراسة التي أجراها ويليامز وزملاؤه بيان واضح بأن ضغط الدم المرتفع قد انخفض عند أولئك الذين تناولوا زيت الزيتون في غذائهم اليومي، واستنتجوا أن هناك علاقة عكسية بين ضغط الدم وتناول زيت الزيتون. ويعتقد بعض الباحثين من جامعة كنتاكي أن تناول ثلثي ملعقة طعام من زيت الزيتون يومياً يمكن أن يخفض الضغط الانقباضي خمس نقاط والانبساطي 4 نقاط.

فوائد علاجية أخرى لزيت الزيتون:

لخصت دائرة المعارف الصيدلانية (Martindele - 1989) فوائد زيت الزيتون على أنه مادة مغذية وملطفة ذات فعل ملين خفيف _ مضاد للإمساك _ إذا أخذ بمقدار 1.5 ملعقة كبيرة قبل الطعام. وأنه يمكن استعماله كحقنة شرجية _ 100 سم 3 من الزيت + 500 سم 3 من الماء الدافئ بدرجة 32 _ وذلك لتليين الكتل البرازية المسببة للإمساك ولمعالجة حالات إنعقال _ انفتال _ الأمعاء، كما يستعمل في بعض الحالات المرضية على شكل مستحلب كجزء من غذاءٍ خالٍ من البروتين.

و يؤكد الدكتور عبد الله عبد الرزاق السعيد الدور الهام الذي يلعبه زيت الزيتون في الوقاية من العديد من أسواء الهضم، فهو يلين الغشاء المخاطي للأثني عشر ويقلل من الإفراز المفرط للمعدة من حامض كلور الماء والببسين فيساهم بذلك في الوقاية من الإصابة بالقرحة المعدية والإثنى عشر، كما يعمل على وقف التقلص المرتفع، حيث يؤدي دوره الواقي والمنظم ويقلل من الإصابة بالتهابات المعدة.

و لزيت الزيتون حال الادّهان به فعل ملطف ومهدئ لحالات الجلد الالتهابية ويفيد لتطرية الجلد ولمعالجة القشور الناجمة عن الأكزيما والصدف، كما يستعمل مطرياً لصملاخ الأذن، وكمادة مزلقة لمساجات الجلد، كما يدخل في تركيب المروخات والمراهم. ويشرح الدكتور مريدن طريقة صنع المروخ الكلسي - الزيتي الذي يفيد في معالجة الحروق، ويحضر بمزج أقسام متساوية من زيت الزيتون وماء الكلس. ومن خلال مشاهداتنا العملية يمكننا أن نعتبر مزيج العسل مع زيت الزيتون علاجاً مثالياً للحروق خاصة بعد تفجير الفقاعات الناجمة عن الحرق _ الدرجة الثانية _ .

ويؤكد الدكتور النسيمي فائدة زيت الزيتون للمرضى المصابين بالبواسير، إذ من المعروف أن الإمساك المزمن من الأسباب المساعدة لحدوث البواسير وأن تليين الباطنة يخفف من وطأتها. ونظراً لأن الزيت ملين، ومنبه لإفراز المرارة مما يساعد في هضم الدسم وتنبيه الحركة الحوّية للأمعاء. لذا فإن تناول الزيت النيئ قبل الطعام مفيد جداً للمصابين بالبواسير. فقد ورد عن عقبة بن عامر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " عليكم بزيت الزيتون، كلوه وادّهنوا به فإنه ينفع من الباسور " .

و إذا كان الباحثون قد توجهت أنظارهم حديثاً نحو دراسة زيت الزيتون واكتشاف فوائده في الوقاية من احتشاء العضلة القلبية وفي تدبير مرضى السكر والضغط الدموي وارتفاع الكولسترول ومعالجة حصيات المرارة وغيرها، فإن رسول الإنسانية وطبيبها الملهم محمداً صلى الله عليه وسلم قد دعانا إلى أكثر من 14 قرناً غذاءً وعلاجاً، أكلاً وادّهاناً حين قال صلى الله عليه وسلم: " كلوا الزيت وادّهنوا به فإنه يخرج من شجرة مباركة ". وما أجمل فهم صحابة رسول الله لهذه الدعوة النبوية كما نراه من خلال الحادثة التي رواها القرطبي في شرحه لآية العسل حيث قال:رُويَ أن عوف بن مالك الأشجعي مرض فقيل له: ألا نعالجك؟ فقال: إيتوني بماء فإن الله تعالى يقول: {و نزلنا من السماء ماءً مباركاً} ثم قال: إيتوني بعسل فإن الله تعالى يقول: {فيه شفاء للناس} وإيتوني بزيت فإن الله تعالى يقول: {من شجرة مباركة زيتونة} فجاؤوه بذلك كله فخلطه جميعاً ثم شربه فبرئ



مراجع البحث

1. ابن الأثير الجزري: عن كتابه (جامع الأصول في أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم).

2. حسان شمسي باشا: عن كتابه (زيت الزيتون بين الطب والقرآن) جدة: 1992.

3. دكتور محمود ناظم النسيمي: عن كتابه (الطب النبوي والعلم الحدث). المجلد 3 الطبعة 3 , 1991.

4. داود الأنطاكي: عن كتابه (تذكرة أولي الألباب).

5. الموفق البغدادي: عن كتابه (الطب من القرآن والسنة).

6. دكتور صبري القباني: عن كتابه (الغذاء لا الدواء).

7. الرازي: عن كتابه (تفسير الفخر الرازي) ببيروت: 1985.

8. الإمام القرطبي: في تفسيره المسمى (الجامع لأحكام القرآن).

9. عبد الرزاق السعيد: عن مقالة له في مجلة الدواء العربي، السنة 12 العدد 2 لعام 1992
أم سياف
أم سياف
السدر والنبق


قال تعالى: {و أصحاب اليمين ما أصحاب اليمين في سدر مخضود وطلح منضود} . وعن مالك بن صعصعة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه رأى سدرة المنتهى ليلة أسري به وإذا نبقها مثل قلال هجر، .

و في الحديث الصحيح الذي رواه الستة وأحمد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " اغسلوه بماء وسدر ". وقال ابن كثير عن قتادة: كنا نحث عن " السدر المخضود " أنه الموقر الذي لا شوك فيه، فإن سدر الدنيا كثير الشوك قليل الثمر.

و قال الحافظ الذهبي: الاغتسال بالسدر ينقي الرأس أكثر من غيره ويذهب الحرارة وقد ذكره رسول الله صلى الله عليه وسلم في غسل الميت. والنبق ثمر السدر شبيه بالزعرور يعصم الطبع ويدبغ المعدة. وزاد ابن القيم: أنه ينفع من الإسهال ويسكن الصفراء ويغذو البدن ويشهي الطعام وينفع الذرب الصفراوي وهو بطيء الهضم وسويقه يقوي الحشا، وهو يصلح الأمزجة الصفراوية.

و السدر Zizyphus Spina Christi أو الشوك المقدس Christ,s Thorn نبات شجيري شائك، بري وزراعي موطنه شبه الجزيرة العربية واليمن ويزرع في مصر وسواحل البحر الأبيض المتوسط. وهو من الفصيلة العنابية أو السدرية Rhamnaccae، والنبق هو ثمر السدر حلو الطعم عطر الرائحة. أهم العناصر الفعالة الموجودة فيه هي سكر العنب والفواكهة وحمض السدر Acide Zizyphique وحمض العفص، ثماره مغذية وتفيد كمقشع صدري، وملينة وخافضة للحرارة ونافعٌ في الحصبة وقرحة المعدة. مغلي أوراقه قابض طارد للديدان ومضاد للإسهال ومقوٍ لأصول الشعر. ونافع من الربو وآفات الرئة. ويمكن أن تضمد الخراجات بلبخة محضرة من الأوراق. وطبيخ خشبه نافع من قرحة الأمعاء ونزف الدم والحيض والإسهال. وصمغه يذهب الحزاز.


مراجع البحث

1. ابن قيم الحوزية: عن كتابه (الطب النبوي).

2. الحافظ الذهبي: عن كتابه (الطب النبوي).

3. الموفق البغدادي: عن كتابه (الطب من القرآن والسنة).

4. مصطفى طلاس: عن كتابه (المعجم الطبي والسنة).

5. دكتور شكري إبراهيم سعد: عن كتابه (نباتات العقاقير والتوابل) القاهرة.

6. أبو القاسم الغساني المشهور بالوزير: عن كتابه (حديقة الأزهار في ماهية العشب العقاري
أم سياف
أم سياف
السلق



عن أم المنذر رضي الله عنها قالت: دخل عليَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعه عليّ وعليٌ ناقه، ولنا دوال معلقة فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم يأكل منها، وأخذ علي ليأكل منها، فطفق رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول له: مه يا علي إنك ناقه، فكف علي، قالت: فصنعت شعيراً وسلقاً وجئت به فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أصب من هذا فهو أنفع لك، وروى الترمذي نحوه وفيه: فجعلت لهم سلقاً وشعيراً ... الحديث وفيه " فهو أوفق لك " والناقه الذي أبَلّ من مرضه ولم تتكامل صحته.

و عن سهل بن سعد رضي الله عنه قال: كنا نفرح بيوم الجمعة. قلت: ولمَ؟ قال: كانت لنا عجوز ترسل إلي بضاعة _ قال ابن سلمة: نخل المدينة _ فتأخذ من أصول السلق فتطرحه في القدر وتكركر عليه حبات من شعير، فإذا صلينا الجمعة انصرفنا فنسلم عليها فتقدمه إلينا، فنفرح بيوم من الجمعة من أجله، .

و السلق عشبة من البقول من فصيلة السرمقية Chenopodiscee، تزرع شتاءً. أوراقها عريضة خضراء تؤكل مطبوخة بالزيت أو تضاف لأطعمة أخرى كما تدخل في تحضير المقبلات. وهي غنية بالفيتامينات " آ " و" ج " وبالمعادن وخاصة الحديد والكالسيوم ولذا فهي توصف للمصابين بفقر الدم، كما أنها ملينة ومدرة للبول،و تسكن القولنج وتمنع الغازات.

و قد عرف أطباء العرب منافع السلق منذ القديم وقالوا أن أكثر ما فيه منفعة عصارته، وأنها تفيد في اللقوة سعوطاً وفي الصداع والشقيقة وحمرة العين. وتزيل ألم الطحال والكلى والمثانة وأمراض المعدة شرباً، وتستعمل أوراقها ضماداً للحروق، وتحسن الشعر

مع الحناء وتفيد إذا سحقت كمراهم للجروح المتقيحة المؤلمة.

يستعمل مغلي أوراق السلق _ 25 - 50 غ / ليتر ماء _ كشراب لعلاج التهاب المجاري البولية والإمساك وللمصابين بالبواسير والأمراض الجلدية، كما أنه منشط للكبد وخاصة إذا حُلي بالعسل. كما يطبق هذا المغلي كمادات من الظاهر على البواسير والقروح والجروح والخراجات.

مراجع البحث

1. ابن الأثير الجزري: عن كتابه (جامع الأصول في أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم).

2. عبد اللطيف عاشور: عن كتابه (التداوي بالأعشاب والنباتات) القاهرة: 1985.

3. دكتور صبري القباني: عن كتابه (الغذاء لا الدواء).

4. أحمد قدامة: عن كتابه (قاموس الغذاء والتداوي بالنبات) بيروت: 1982