فيضٌ وعِطرْ
فيضٌ وعِطرْ
قال شاعر :
وأصد عن عيب الصديق تكرّمــاً
عمدا وما دهري له بهـــــــــــــــــوانِ
وأفارق الخلان من غير القلى..
وأميت بعض الســـرّ بالكتمانِ


وقال آخـــر :
إنما سمي الصديق صديقاً بصدقه لك ..
وسمي العدو عدواً لعدوه عليك لو ظفر بك .


وقيل :
علامة الصديق ـ إذا أراد القطيعة ـ
أن يؤخر الجواب ، ولا يبتدئ بكتاب .
فيضٌ وعِطرْ
فيضٌ وعِطرْ
قال يونس النحوي : لاتعادين أحداً وإن ظننت أنه لايضرك ،
ولاتزهدنّ في صداقة أحد وإن ظننت أنه لاينفعك ؛
فإنك لاتدري متى تخاف عدوك ، وترجو صديقك .
ولا يعتذر إليك أحد إلا قبلت عذره ،
وإن علمت أنه كاذب . وليقل عتب الناس على لسانك .


وقال شاعر :
إذا كثر التجني من خليلٍ :: بلا ذنبٍ فقد ملّ الخليلُ


وكتب أحدهم في بعض العتاب :
قد طالت علّتك أو تعاللك ، واشتد شوقنا إليك ، فعافاك الله مما بك من مرض
في بدنك أو إخائك ، ولا أعدَمَنَاك .


وكتب آخر لصديق :
إنما قلبي نجيّ ذكرك ، ولساني خادم شكرك
فيضٌ وعِطرْ
فيضٌ وعِطرْ
قيل لأرسطاطاليس معلم الإسكندر:
من الصديق ؟ قال : إنسانٌ هو أنت ، إلا أنه بالشخص غيرك .
سئل أبو سليمان وقيل له فسّر لنا هذ5 الكلمة ،
فإنها وإن كانت رشيقة ، فلا نظفر منها بحقيقة..
فقال : وإنما أشار بكلمته هذه إلى آخر درجات الموافقة
التي يتصادق المتصادقان بها،
ألا تري أن لهذه الموافقة أولاً منه يبتدئانها ؟
كذلك لها آخر ينتهيان إليه ..
وأول هذه الموافقة
توحّد ... وآخرها وحدة ..
وكما أن الإنسان واحد بما هو إنسان ،
كذلك يصير بصديقه واحداً بما هو صديق ؛
لأن العادتين تصيران عادة واحدة ،
والإرادتين تتحولان إرادة واحدة ؛
ولا عجب من هذا ..
فيضٌ وعِطرْ
فيضٌ وعِطرْ
قيل لابن المقفع :
بأي شيء يعرف الأخ ؟
قال : أن ترى وجهه منبسطاً ، ولسانه بمودته ناطقاً ،
وقلبه ببشره ضاحكاً ، ولقزبه في المجلس مجيباً ،
وعلى مجاورته في الدار حريصاً ، وله فيما بين ذلك مكرّ ماً .




وقال أحدهم :
إذا كتب الصديق إلى صديقْ ..
فقد وجب الجواب عليه فرضا..

وقال فيلسوف :
لاتقطع أحداً إلا بعد عجز الحيلة عن استصلاحه ،
ولاتتبعه بعد القطيعة وقيعة فينسد طريقه عن الرجوع إليك ،
فلعل التجارب ترده إليك ، وتصلحه لك .
فيضٌ وعِطرْ
فيضٌ وعِطرْ
قال الحراني : الجليس الصالح كالسراج اللائح ،
والجليس الطالح للمرء فاضح ،.
مجالسة الأشكال .. تدعو إلى الوصال ،.
ومجالسة الأضداد تذيب الأكباد .
*^
لما انتقل ابن المنجم عن جيرة عبيد بن عبد الله بن طاهر ..
إلى دار إسحق بن إبراهيم المرصلي ، كتب عبيد إليه أبياتاً :


يامن تحوّل عنا وهو يألفنا
بعُدت عنا ، أبعد البعد تلقانا ؟
فاعلم بأنك مذ فارقت جيرتنا
بُدّ لتُ جاراً وما بدلت جيرانا


فكتب إليه ابن المنجم رداً :
بعدت عنكم بداري دون خالصتي
ومحض ودي وعهدي كالذي كانا
وما تبدلت مذ فارقت قربكم ..
إلا هموماً أعانيها وأحزانا ؟
وهل يسرّ بسكنى داره أحدٌ
وليس أحبابه للدار جيرانا ؟
*^
قال أبو سعيد السيرافي :
الصديق يكون واحداً وجمعاً ومذكراً أو مؤنثاً .
قال المرواني : هذا والله من شرف الصديق .
قال ابو سعيد :
أما ترى هذا المثال كيف عم الأشياء المختلفة حتى تكون صورة الصديق محفوظة فيها
وملحوظة منها ، ولذلك قال الله تعالى :
" أو صديقكم "
فأخرجه مخرج الواحد وهو يريد الواحد والجمع والمذكر والمؤنث .