دونا

دونا @dona_1

عضوة مميزة

بقايا.. حطــام..

الأدب النبطي والفصيح







اشتقت إليكن زهرات الواحة الأدبية...
سأضع اليوم القصة الثانية لي على صفحات واحتنا الغاليه ..
:33: (الله يعينكم علي..)
و لا أنكر أنني ترددت كثيرا قبل و ضعها...لكن ها هي...

****************************
الحلقة الأولى (مواجهه)

ألقت الشمس بخصلات شعرها على أحد الأحياء الفقيرة القابعة على أطراف المدينة...و كأنها تبادله تحية الصباح...أو ترقب أحواله....لقد أحبت الحي رغم بساطته...و أحبها الحي....
وجاء وقت الظهيرة...و بدا على حينا السكون...و كأن الحياة سلبت منه....و إذا بسيارة فاخرة تشق طرقاته الترابية الضيقة...مما أجبر أهالي الحي البسطاء على فتح نوافذهم ليستطلعوا الأمر...بينما جرى الفتيان خلفها و هم ينشدون أناشيد الإعجاب والسرور....
توقفت السيارة عند أحد البيوت، و خرجت منها فتاة يافعة...ما لبثت أن تنفست الصعداء...بينما قال لها سائق السيارة مودعاً: اطلبيني متى احتجت إلي...رغم أنني أظنك ستغيرين رأيك سريعا...
و مضى مسرعا دون أن ينتظر أي رد...لتختفي تلك السيارة كما ظهرت...
*****************************
مضى وليد يجوب الطرقات عائدا إلى منزله و هو يحمل حقيبة حوت ألوانه و كراسته...أعز صديقين بالنسبة له..و بينما هو على حاله أسرع إليه خليل الاسكافي و سأله قائلا: كيف حالك يابني..؟
تعجب وليد حيث لم يسبق لأحد أن سلم عليه أو كلمه بعدما خرج من دار الأحداث..لكن تعجبه لم يمنعه من الإجابة حيث قال:الحمد لله يا عم..
اقترب الإسكافي بدوره منه أكثر وعاد يقول: بني وليد لا أريدك أن تظن أني شخص متطفل.. لكني أحببت أن أسأل عن تلك السيارة الفاخرة التي وقفت عند بيتكم...و
قاطعة وليد قائلا: أي سيارة؟؟
أكمل الإسكافي قائلا: تلك السيارة التي خرجت منها فتاة حلت عليكم ضيفة...لعلها..
لكن وليد لم ينتظر خليلاً حتى يكمل كلامه فقد ترك ساقيه للريح ومضى راكضاً نحو منزله..و لسانه يردد لين..كوثر...
بينما ارتسم الخوف على وجهه....
كل الخوف.....
*****************************
نهضت لين مسرعة عند سماعها صراخ وليد المذعور و اتجهت نحوه وهي قلقة...و ما إن رأته حتى أمسك يديها بقوة وبدأ يطرح عليها سؤالاً تلو الآخر في لهفة و خوف لم تعهدها...
هل أنت بخير؟؟
.......
هل جرى لكوثر شيء ؟
........
لين أجيبيني فأنا لا أطيق صمتك..
أجابته لين وهي تحاول تهدأ ته:لا تقلق كلنا بخير..
تنفس وليد الصعداء ثم استدرك قائلا:إذن من تلك الفتاة التي جاءت إلينا..فلا أقرباء لنا و لا زوار..
أجابه صوت أنثوي لم يكن قد سمعه من قبل:إنه أنا يا أخي..
نظر وليد إلى مصدر الصوت..و بدا و كأنه يسترجع ذكرى قديمة..بينما عقبت لين: إنها لمى ...أختنا من الرضاعة..تلك التي أوصتها أمنا قبل أن تموت برعايتنا...
اقتربت لمى من وليد, و مدت يدها مصافحة و قد جاهدت لتظهر ابتسامة على ثغرها...وقالت: إذن أنت أخي الذي لم أحظى برؤيته إلا اليوم...
تجاهل وليد يدها الممدودة ورد في جفاف: و أنت أختي التي لم تزرنا إلا لحظة احتضار والدتي..
تجاهلت لمى كلماته و أجابته و هي تسحب يدها المهزومة من أرض المعركة: أظنك كنت تعني والدتنا فنحن نشترك في اللبن..على الأقل كنت هنا لحظة احتضارها لكن أنت!..
بترت عبارتها فجأة عندها عقب وليد بنفس الجفاف قائلا: في دار الأحداث...
أشاحت لمى ببصرها وهي تتابع قائلة: على كل سأمكث هنا لأيام...حتى تتحسن الأوضاع...
ابتسم وليد ابتسامة ساخرة و عقب قائلا: و إن لم تتحسن....؟؟؟
أجابته في تحدي.. و قد فهمت مقصده قائلة : من يدري...فعجلة الأيام لن تتوقف...
رمقها وليد بنظرة باردة....و غادر مسرعا إلى غرفته....وكذلك فعلت لمى...بينما بقيت لين واقفة للحظات...و كأن شيئا ما يقيدها....فاحتوت نفسها بين ذراعيها...فهكذا كانت تفعل كلما غاب عنها الشعور بالأمان..بينما ظل بصرها معلقا بالأفق...و لم تشعر بلسانها إلا وهو يردد في عفوية كلمات سمعتها للتو:من يدري..فعجلة الأيام لن تتوقف...
*************************************
أسدل الليل ستائرة المظلمة على المدينة..فازدانت السماء بالنجوم اللامعة ...
تطلعت لمى إلى النجوم و لسان حالها يقول: ما أبدعها..سبحان من فطرها...
و بينما هي كذلك تعالى صراخ طفلة صغيرة لم تتجاوز ستة أشهر من عمرها...مما انتزعها من أفكارها و جعلها تهرع إلى مصدر الصوت و ما أن وصلت حتى وجدت لين تحاول أن تهدأ أختها الصغرى كوثر..
اقتربت لمى من لين ببطء...حتى أن تلك الأخيرة لم تشعر بها..ثم همست في إذنها: هل لي أن أحاول تهدأتها..
التفتت إليها لين التفا ته حادة و أجابت في خفوت:طـ.. طبعا..
حملت لمى كوثر بين ذراعيها ثم وضعتها على حجرها و بدأت تغني لها و تلاعبها مما جعل كوثر تستبدل الصراخ بالضحك...و ما كان من لين إلا أن اكتفت بالمراقبة، و كل العجب يملؤها..و لم تشعر بنفسها إلا و هي تسأل قائلة وقد ارتسمت على وجهها ملامح القلق: لمى..هل تريدين حقا مساعدتنا ؟؟
نظرت إليها لمى باستعجاب و أجابت قائلة: ليس في ذلك شك...
أشاحت لين بوجهها بعيداً و هي تخفي دموعاً تجمعت في مقلتيها..و تابعت قائلة بصوت متهدج: نحن أسرة مفككة...لا تعرف معنى النظام...بينها و بين العالم ألف سد...تحتوينا غربة قاتلة...ما أعرفه عن وليد لا يزيد عما تعرفينه عنه..نحن إخوة لا كالأخوة...نحن جسد بلا حياة...اسم بلا معنى...
ثم نظرت إليها مباشرة و أكملت و قد سمحت لدموعها بالظهور: الفرق بيننا و بينك كبير..انظري لحالنا و لحالك..نحن كما ترين... أما أنت فكنت تعيشين عيشة الأثرياء..نشأت في منزل عمك الذي أحبك و اهتم بك..و ها أنت اليوم زوجة ابنه هشام..
ارتفع صوت لين فجأة و هي تتابع قائلة:ما تسمينه واقع نسميه حلم و ما تسمينه حلم نسميه مستحيل...أمامك المستقبل كله..أما نحن..فبقايا حطام...ما عساك أن تفعلي ببقايا حطام..
اقتربت لمى منها بعد أن وضعت كوثر التي أتعبها اللعب على الأرض..و ربتت على كتفيها في حنان جارف و همست في أذنها : قد أكون مختلفة عنكم في أشياء كما تقولين..لكني أشارككم في أشياء كثيرة..في اللبن الذي رضعته...في كوني يتيمه مثلكم...و الأهم أنا بقايا حطام من دونكم..من دون إخوة...دعينا نحيل هذا الحطام إلى قوة..دعينا نصنع منه شيئاً نفخر به..دعينا نحيله صرحاً شامخاً..دعينا نبني عائلة متماسكة...فما كانت الشجرة إلا بذرة...و لا وجود للمستحيل في قاموس الحياة..
مسحت لين دموعها بكفيها و رسمت ابتسامة واهنة على شفتيها و أجابت قائلة: ذلك صعب جداً..صعب...أنت كمن يريد أن يعيد الماء إلى نهر قد جف..أو كمن يريد أن يعيد النبض إلى قلب قد مات..
أمسكت لمى كفي لين الباردتين..و أجابتها في حماس: أنت قلتها..صعب لكن ليس بمستحيل...من حقنا أن نحاول..و نحاول.. لن أستطيع ذلك وحدي...هل تساعدينني على أن نعيد عائلتنا إلى الحياة...
ثم ارتفع صوتها أكثر و هي تكرر قائلة:هل تساعدينني يا لين؟
صمتت لين لبرهة و ما لبثت أن عادت تومئ برأسها إيجاباً.. ذلك جعل لمى تحتضن لين بغتة مما شل تلك الأخيرة عن الحركة و جعلها تشعر بدموع ساخنة تساقطت على كتفيها...و لم تعلم إحداهما أن شخصا آخر كان بقرب الغرفة..
إنه وليد...
الذي سمع كل شيء..
*******************************************
بات وليد ليلته مستيقظا..تقلب في فراشه عدة مرات طلباً للنوم و لكن دون جدوى..فجلس على طرف سريره..و تنهد بعمق..و إذا بصوت آذان الفجر يرتفع من مسجد الحي...
انتظر وليد حتى يفرغ الآذان ثم قام فتوضأ..فذهب للصلاة...و عندما عاد انطلق إلى غرفته لعله ينعم ببعض النوم لكن دون جدوى..و مرت الساعات و حان موعد المدرســة...عندها غادر وليد حجرته و هو يحمل حقيبته..و مضي ينزل درجات السلم و هو يسترجع كلمات لين...
نحن عائلة مفككة...
جسد بلا حياة..
اسم بلا معنى...
و فجأة تاهت الأفكار من ذهنه..و بدا بصره معلقا بما أمامه...و من ورائه ارتفعت أصوات أقدام لكنها توقفت فجأة حيث كان يقف و نظرت صاحبتها إلى ما كان ينظر إليه...
*********************************
56
7K

يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.

تسجيل دخول

تــيــمــة
تــيــمــة
تهاني المقدمة لك .. دونا ..

اشتقنا لك كثيرا .. ( من طول الغيبات جاب الغنايم )

ولأني لا أريد أن يتكرر الخطأ السابق في قصة الصديقتين .. فسأنقد هذه القصة جزءا جزءا .. ما رأيك ؟؟

في قراءتي الأولى لاحظت أمرين ..

الأول : و لم تدري بنفسها إلا و هي تسأل

هذه الجملة فيها خطأ نحوي وهو فعل تدري .. المفترض أنه مجزوم بلم وعلامة جزمه حذف حرف العلة من آخره ..
كما أن بها ركاكة .. ربما لم تشعر بنفسها تكون أفضل ..

الثاني : و من ورائه ارتفعت أصوات أقدام لكنها توقفت فجأة حيث كان يقف و نظرت إلى ما كان ينظر إليه

في هذه الجملة يبدو للقاريء أن الأقدام هي التي نظرت !!! عليك أن توضحي أن صاحبة الأقدام هي من فعلت ذلك ..

أنا فخورة بك يا دونا وبهمتك .. أدعو الله أن يكسبنيها أو يكسبني جزءا منها على الأقل .. ما شاء الله عليك ..
دونا
دونا
الحلقة الثانية(أسرار)

تطلعت لمى إلى وليد و لين اللذين بدا و وكأنهما قد تحولا إلى لوح من جليد..و ابتسمت لمنظرهما..و لكنها ما لبثت أن اقتربت منهما و هي تقول و البسمة لا تفارق ثغرهــا:السلام عليكما..
تنبه الاثنان و أجابا بصوت واحد:و عليك السلام ورحمة الله و بركاته..
ثم أشارت لين إلى الأطباق التي كانت تقبع على البساط أمامها و سألت في استنكار:ما هذا لمى؟
اتسعت ابتسامة لمى و أجابت قائلة: الإفطار يا آنستي..هيا لين..هيا وليد لنتناول الإفطار بسرعة حتى لا تفوتكما المدرسة..
أشاحت لين ببصرها و كأنها سمعت ما يزعجها بينما أجاب وليد:نحن لم نعتد أن نتناول طعام الإفطار..
اقتربت لمى من وليد و هي تجيب بدورها: إذن ستعتادونه منذ اليوم..
لكن وليدًا رمى عليها نظرة حادة و أجاب في جفافه المعتاد:لقد تأخرت كثيراً..و لا يسعني تناول الإفطار..
و مضى مغادراً، لكن لمى استوقفته و أخرجت شيئا من حقيبتها و مدت به يدها نحو وليد الذي سألها في استنكار: ما هذا ؟
أجابته لمى و هي لا تزال تحتفظ ببسمتها:نقود..خذها لعلك تشتري بها شيئا تأكله..
أجابه وليد قائلا: المبلغ أكبر من ذلك..
أجابته و هي ترفع خصلة تدلت على جبينها: لعل هناك أشياء تنقصك و تحتاج إلى شرائها..
صمت وليد و وجه بصبره نحو لين طالباً مشورتها..فأومأت تلك الأخيرة برأسها إيجابا مما جعله يأخذ النقود و ينصرف دون أن ينطق بكلمة.. و جعل لمى تشعر بغصة..و لكنها حاولت أن تخفي موقفها بطلبها من لين الإسراع في تناول طعام الإفطار..لكن لين ظلت واقفة في مكانها..فاقتربت منها لمى و مررت يدها في حنان على شعر أختها..و هي تهمس:ما الأمر؟؟
نظرت لين إلى لمى للحظات ثم أشاحت بوجهها بعيداً و احتوت نفسها بين ذراعيها و هي تقول:لقد طردت من المدرسة..
تراجعت لمى إلى الخلف كالمصعوقة و هي تردد: طردت..من .. المدرسة...
أومأت لين برأسها إيجابا..فمررت لمى يدها على رأسها و سألت أختها في محاولة لتهدأت الموقف:لماذا؟
التفتت إليها لين بحركة حادة و كأنها لم تتوقع هذا السؤال..لكن لمى أعادته ثانية ..عندها أسرعت لين إلى غرفتها و هي تخفي دموعاً قد احترقت داخل عينيها و من خلفها على صوت لمى و قد علاه القلق:لين..لين..
ارتفع صوت الهاتف فجأة مما حمل لمى على رفع سماعة الهاتف تلقائياً و ما أن رفعتها حتى جاءها صوت يقول:اشتقت إليك..
تبدلت ملامح لمى فجأة و ارتسمت ابتسامة عذبة على شفتيها و أجابت:و أنا أيضا يا هشام..
فأجابها:كيف كان يومك الأول يا زوجتي العزيزة؟
أجابت و هي تلقي بجسدها على أقرب مقعد: يبدو أنهم بدؤا يألفونني..
تنهد هشــام و قال: اعتني بنفسك...فأنت في وسط غابة وحوش..
أجابته لمى باستنكار:غابة ! هشام..لا تنسى أنهم إخوتي..
أجابها:لا بأس.. لا تغضبي..هل تريدين شيئا لأجلبه لك؟
أجابته:نعم فأنا بحاجة لبعض النقود...
سألها مستنكراً:نقود..أين ذهبت نقودك ؟
تلعثمت لمى قليلاً لكنها أجابت:لقد اشتريت بها حاجيات للبيت..و أعطيت منها وليــ
قاطعها هشام قائلاً: ماذا؟كيف لك أن تعطي وليد مالاً..أ نسيتي أنه كان في دار الأحداث..ما يدريك فقد يصرف المال في عمل إجرامي..أو يشتري به مخدرات..يروجها أو يتعاطاها..
أمسكت لمى بالسماعة بقوة حتى كادت تعتصرها و أجابت في قلق:مخدرات..كلا لا أظن ذلك..
أجابها وليد: و ما أدراك..حتى أننا لا نعرف سبب دخوله دار الأحداث...لقد أخبرتك عزيزتي..
أجابته لمى في خفوت و هي تنهي المكالمة: يكفي هشام..إلى اللقاء..
أقفلت لمى السماعة و القلق يعتصرها..و تطلعت ببطء إلى حجرة أخيها..و أسرعت تصعد الدرج..و اقتربت من الغرفة..و تسارعت نبضات قلبها و حاولت أن تفتح باب الغرفة..لكنه كان مقفلاً...
********************************
انتهى وقت المدرسة...و بينما اتجه كل التلاميذ إلى منازلهم اتجه وليد للقاء صديق عزيز على قلبه...
لطالما فرغ فيه همومه...و أحزانه...
إنه البحر..
ما أن وصل وليد إلى البحر حتى جلس على الصخور..كان يحب هذا المكان لأنه مكان تكسر الأمواج...
نظر وليد نحو البحر ثم خاطبه قائلاً: يبدو أنك هائج اليوم يا صديقي..أنا هائج مثلك..أنت في أمواجك و أنا في مشاعري..
ثم أخرج من حقيبته كراسته ففتحها و لوح بها قائلاً: انظر لقد أنهيت ذاك الرسم الذي حدثتك عنه..أ هو جميل.؟
تسارع النسيم ليداعب وجهه فضحك بدوره...لكن قسمات وجهه تغيرت فجأة و تنهد قائلا:لطالما كنت أشعر بالسعادة عندما ينعتني أحدهم بالغموض..كنت أظن أن في غموضي قوة و في ابتعادي عن العالم هيبة..لكن كلام لين بالأمس جعلني أشعر بالعجز و بالفشل...
تنهد وليد و أكمل قائلاً:أتعلم لماذا اخترتك صديقاً ؟..لقد كنت أبحث عمن يسمعني..لكني اليوم أبحث عمن يفهمني..و ينصحني...
و مع آخر حروفه ظل بصره معلقا بالأفق...و جملة من الماضي تحلق في ذهنه...
نحن بقايا حطام...
********************
نظرت لين إلى لمى و سألتها في قلق:ما بك ؟
لكن لمى لم تجب..أعادت لين السؤال ثانية و بصوت أعلى فتنبهت لمى لها و أجابت و هي ترسم ابتسامة مصطنعة:لا شيء..
اقتربت منها لين و سألتها مجدداً: أنت شاردة الذهن منذ الصباح..و الساعة الآن السابعة مساءا..ما الذي يشغلك؟
حركت لمى يديها في توتر و أجابت:هذا ما يقلقني إنها السابعة و وليد لم يعد بعد..
ابتسمت لين و قالت:لا تقلقي فهو لا يعود قبل الثامنة..
ازدادت ملامح القلق على وجه لمى و ارتفع بكاء كوثر..فنهضت لين لرؤيتها لكن لمى أشارت لها بيدها أن تجلس و ذهبت لإحضار كوثر..
في هذه الأثناء دق جرس الهاتف فرفعت لين السماعة و ما أن سمعت صوت صديقتها فلك حتى قالت:و عليك السلام و رحمة الله و بركاته..اشتقت إليك..
أجابتها فلك:و من يشتاق لشخص لا يسأل عنه..
ردت عليها لين:اعذريني.. فلك أنت أعلم الناس بظروفي..
سألتها فلك قائلة:و كيف حالها معكم؟؟
أجابت لين:تقصدين لمى.. إنها أفضل بكثير مما توقعت..
في هذه الأثناء نزلت لمى وهي تحمل كوثر وجلست بجوار لين..
سألت فلك لين:هل فكرت في الموضوع الذي أخبرتك عنه..
تطلعت لين إلى لمى و أجابت:ليس الآن يا فلك ليس الآن..إلى اللقاء سأحادثك لا حقاً..
و أقفلت الخط..
رمقتها لمى بنظرة و سألتها: من هذه التي كانت تحادثك ؟
أجابتها لين بشي من التوتر:إنها فلك..صديقتي..
احتضنت لمى كوثر و بدأت تهزها و عقبت قائلة: خلت أن لا صديقات لك..
ابتسمت لين و أجابت: أو تستكثرين علي واحدة ؟؟
على صوت لمى حدة و هي تكمل: ما الأمر الذي تخبئينه عني؟
تلعثمت لين و هي تقول:لا شيء..
ازدادت عصبية لمى و هي تقول:لا شيء..لين لقد و عدتني بالمساعدة.
عادة لين تجيبها قائلة:لا شيء لمى..لا شيء..
دق جرس الهاتف ثانية:عندها أسرعت لمى لرفع السماعة..مما جعل لين تشعر بمدى قلق أختها..فاقتربت منها وحملت كوثر عنها بعد أن نامت..
كان المتصل هشام الذي ما أن سمع صوت زوجته حتى قال: أخبرتك منذ البداية أنك في غابة وحوش فلم تصدقيني.
تحسست لمى خصلات شعرها في قلق و أجابته: ماذا تعني يا هشام؟؟
أجابها هشام و في صوته نشوة نصر:أختك يا لمى..هل تعلمين أنها قد طردت من المدرسة..
تعلق نظر لمى بلين التي احتوت نفسها بين ذراعيها
فأجابت لمى و هي مازالت تنظر إلى أختها:نعم أعلم...
عاد هشام يسألها: و هل تعلمين لماذا؟؟
و دون أن ينتظر ردها تابع قائلاً:لأن أختك حاولت أن تقتل إحدى الطالبات..
عطاء
عطاء
أولاً: أهلاً بكِ يادونا بعد طول غياب...

ثانياً: أحب ُّ أن أخبركِ أنني مستمتعة حتى مشاشة رأسي...

سأوجل النقد والتعليق على القصة حتى تنتهي...

أكملي بارك الله فيك..فأنا في شوق لمعرفة بقية أحداث القصة..
دونا
دونا
عزيزتي تيمه..
لم انتبه لردك إلا بعد أن وضعت الحلقة الثانية..
و قد قمت بتعديل الأخطاء يا معلمتي..
يسعدني حقا أن تصحيني في هذه القصة..
تيمه.. أنا فخورة بك أيضا ..لأنني عندما كنت أقرأقصصك كنت أتمنى أن أكتب مثلها..
*****************************************************
عزيزتي عطاء..
كم أسرني ردك السريع..
لا تقلقي لن أنام اليوم قبل وضع الحلقة الثالثة..
دمت..و بوركت..
*****************************
دونا
دونا
الحلقة الثالثة ( أبكي أم أضحك)

سقطت السماعة من يد لمى و اجتاحت وجهها ملامح الفزع و التعجب..فحملت وجهها بين كفيها...و ما لبثت أن تسارعت أنفاسها...عندها أزاحت كفيها عن وجهها و اقتربت من لين و سألتها في منتهى العصبية: ما الذي تخفينه عني؟؟
تراجعت لمى في خوف و هي تردد في ذعر قائلة:لا شيء..قلت لك لا شيء..
عندها فتح باب المنزل بقوة مما أجبر الفتاتين أن تنظران للقادم و إذا بوليد يدخل المنزل و هو في غاية الإعياء و التعب..بالكاد كان يقف على قدميه..نظرت لمى لحاله و سألته بعد أن وضعت يدها على قلبها الذي تسارعت نبضاته: وليد ماذا بك؟
لم يستطع وليد الرد عليها..لذا أسرع إلى غرفته ..نظرت لمى إلى لين و في عينيها ألف سؤال و سؤال..ثم رمقت كوثر النائمة على المقعد بنظرة امتزج فيها الحنان و القلق..و فجأة شهقت لمى عندما تذكرت كلام هشام..
ما يدريك فقد يصرف المال في عمل إجرامي..أو يشتري به مخدرات..يروجها أو يتعاطاها....
وضعت لمى يدها على فمها و كأنما أرادت أن تكتم صرخة..و تاه بصرها بين أركان الغرفة..مما جعل لين تسألها:لمى ماذا هناك؟
نظرت لمى إلى لين للحظات و فجأة و بلا وعي منها أسرعت تصعد الدرج غير عابئة بصرخات لين التي كانت تنطلق خلفها..
أمسكت لمى بمقبض الباب..و أسرعت خلفها لين و عادت تسألها وكل خلجة من خلجات وجهها تنطق بالخوف:ماذا تفعلين؟؟ماذا تفعلين؟؟..ما الأمر؟
لكن لمى حركت مقبض باب غرفة وليد...و فتحت الغرفة..
********************************
ما أن رأت لين وليد يحقن نفسه بسائل ما حتى احتوت نفسها بين ذراعيها بقوة..بينما تجمدت لمى في مكانها للحظات..و شعرت أنها لم تعد تستطيع السيطرة على تصرفاتها...تساقطت الدموع من عينيها..و تاهت يدها.. تارة تتلمس شعرها وتارة تتلمس وجهها..
و ترددت كلمات زوجها في مخيلتها..
نظر وليد إليهما ثم أشاح ببصره بعيداً..و قال و هو يشعر بغصة في حلقه:كنت أنوي إخباركما..
تتطلعت لمى إليه و هي تشعر أن قلبها يكاد ينفجر بين أضلاعها..ثم هرعت لتفتح الأدراج و تفتش تحت الأغطية و فوقها..مما جعل وليد لأول مرة يشعر بالقلق عليها..فسألها :عن ماذا تبحثين ؟؟
لكنها لم تجبه بل واصلت بحثها حتى فتحت دولاباً صغيراً وجدت به عدداً لا بأس به من الزجاجات المملوءة بسائل غريب..
عندها تجمدت لمى للحظات.. و بدأ لسانها يردد:مخدرات يا وليد..مخدرات..
وعلى صوتها أكثر.. و تساقطت دموعها سيلاً جارفاً..ثم نظرت إلى عينيه مباشرة و هي تكمل:مخدرات..
اقترب منها وليد و قال لها بصوت يعلوه القلق: سأشرح لك كل شيء.
تنهدت لمى و هي تردد:كل شيء..و ماذا بقي حتى توضحه لي؟
ارتفع صوت وليد و هو يعقب قائلاً:من حقي عليك أن تسمعيني..
عندها نظرت لمى إليه و سألت باستنكار:من حقك ؟!
ثم أشاحت ببصرها نحو تلك الزجاجات...و تلمستها بأطراف أصابعها..ثم أجابت و قد حملت اثنتين منها في يديها قائلة:سأوفيك حقك يا أخي؟
و مع حروف كلماتها الأخيرة ألقت بالزجاجتين أرضاً فانكسرتا..و تناثرت قطع الزجاج هنا وهناك..وعادت لبقية الزجاجات و بدأت تكسرها الواحدة تلو الأخرى..حاول وليد منعها...و محادثتها.. لكن دون جدوى...فصوت بكاءها
كان أعلى و أقوى من صراخه وكلماته..أما لين فاكتفت بالمراقبة من أمام باب الغرفة...و هكذا اختلطت قطع الزجاج بالدموع..و اختلط الحب بالغضب...و ما زال وليد يحاول أن يثني أخته و يهدأ ها..لكن دون جدوى..
حتى صرخ فيها فجأة قائلاً:يكفي لمى ستؤذي نفسك..
لكن لمى صرخت في وجهه و هي تحمل آخر زجاجة: ما الفائدة..لقد آذيتني مسبقاً يا وليد..
و همت بإلقاء الزجاجة الأخيرة لكن وليد أمسك يدها بقوة و هو يصرخ:يكفي لمى أنت لا تفهمين شيئاً.
حاولت لمى التملص من أخيها و هي تجيب:لا أفهم..و ماذا تريدوني أن أفهم..أن أخي مدمن مخدرات..
و مع حروفها الأخيرة أطلقت يدها من يده وهمت بإلقاء آخر زجاجة..لولا أن وليداً صرخ فيها قائلاً:لمى أنا لست بمتعاطي..أنا مريض بداء السكري يا لمى..مريض بداء السكري..
توقفت لمى فجأة بينما انطلقت شهقة مكتومة من لين..
مرر وليد يديه على شعره في محاولة للتقليل من توتره و أكمل قائلاً:أنا مريض بداء السكري يا لمى..و ما في يديك أنسولين ..بمكانك قراءة ذلك على الزجاجة..
تطلعت لمى في وجه وليد لبرهة..ثم قرأت الأحرف المدونة على الزجاجة..
و ما أن تأكدت من صدق أخيها حتى ظهر على وجهها شبح ابتسامة...و لكنه اختفى فوراً...و ازدادت دموعها هطولاً..
اقترب منها وليد و هو يصطنع البسمة:نعم أخطأت..أعترف بذلك..لكني لست سيئا ًلهذا الحد..
أشاحت لمى بوجهها بعيداً و هي تجيب آخاها:لم أعد أدري هل علي أن أبكي..أم أضحك...أ أعتذر لك أم أشتمك...ليتك أخبرتني قبلاً..ليتك فعلت...
و أسرعت تغادر غرفة وليد و الندم يعتصرها...
كل الندم...
*******************************
تطلع و ليد إلى لين التي ما زالت تحتوي نفسها بين ذراعيها..ثم أشاح ببصره بعيدًا...
دخلت لين الغرفة و ألقت نظرة على الزجاج المتناثر..ثم انحنت لإزالته من على الأرض..لكن وليداً أمسك إحدى يديها..و حملها بين كفيه.. و همس لها قائلاً:آسف يا لين..
لكن لين لم تجبه..
فأشاح ببصره قائلا:معك حق أن تغضبي مني..ما كان علي إخفاء أمر كهذا عليك..لكن لا تقتليني بسكوتك..أبكي..أو اصرخي كما فعلت لمى..اشتميني أو اصفعيني إن شئت..لكن لا تظلي صامته..فصمتك يعذبني..
تطلعت لمى لوجه وليد..و مسحت بيدها الأخرى دمعة ساخنة سقطت على خد أخيها..و أجابته قائلة: شلت يمني إن صفعتك يا ابن أمي و أبي...أنت أخي..وستظل مهما فعلت...كل ما يهمني الآن أن تعتني بنفسك...فأنت ربيع حياتي يا وليد..و أنا لا أطيق الحياة بدون ربيع...
التفت إليها وليد وقد ارتسمت على شفتيه ابتسامة واهنة..ثم تحسس شعرها..و أجابها قائلاً: الربيع لن يدوم إلى الأبد..و لكن لعله يترك أثراً...
تطلعت إليه و قد سمحت لدموعها بالهطول ثم احتوت نفسها بين ذراعيها و أجابته قائلة: كف عن ذلك يا وليد..أطال الله بعمرك...لا تعذب نفسك من أجلي يكفيني أنك خفت علي من وقع الخبر...
أقترب منها وليد أكثر و قال لها: أما زلت تحتوين نفسك هكذا..كم تمنيت أن أجعلك تشعرين بالأمان..لكني كنت أفعل العكس...كم تمنيت أن أكون الأوراق التي تلفك و تحميك يا وردتي...كم تمنيت أن أجعلك تفخرين بي..و تشيرين إلي بالبنان...إن كنت ربيعك يا لين..فأنت و كوثر و..لمى...دمي الذي يجري في عروقي...ماضي الذي أفخر به..و حاضري الذي أعيشه..و مستقبلي الذي أتمناه..
مع حروفه الأخيرة ارتمت لين في حضن أخيها للمرة الأولى في حياتها..و بدأت تبكي..و تبكي..و هي تشعر أن العالم قد ابتسم لها أخيراً..و إن كان مرض أخوها قد زرع فيها الخوف من المجهول..
و المستقبل..
*********************************
ألقى هشام بجسده على مقعد وثير أمام المدفأة..و بدأ يراقب لهيب النار المتراقص ..
رمقه والده القابع بجواره بنظرة خاطفة..ثم وضع الكتاب الذي كان يقرأه فوق المنضدة وسأل ابنه قائلاً:ما لك يا بني تبدو سارحاً؟
اعتدل هشام في جلسته و أجاب والده:لا شيء غير مشاكل العمل..
ابتسم والده العجوز وسأله:و ماذا عن لمى..كيف حالها؟..
أجابه هشام:إنها بخير..
تنهد الأب العجوز و سأل ابنه ثانية: هل أخبرتها بنتائج الفحوصات؟
هز هشام رأسه نافياً و هو يجيب:كلا لم أفعل؟
تطلع أبو هشام إلى ابنه وعاد يسأله في استنكار:و لماذا تخفي عليها مثل هذا الأمر؟
أجابه هشام قائلاً:ليس في مثل هذه الظروف..
أجابه والده:و ما بها الظروف.. لست أعلم لماذا تجعل من بقاء زوجتك عند إخوتها بعض الوقت مشكلة...
أجابه هشام و هو يحاول أن يخفي غضبه:ألا تعلم من هم إخوتها يا أبي..شتان بيننا و بينهم ..
تنهد والده وعقب قائلا: كل إنسان معرض للخطأ..لكني أرى نار الغضب تشتعل في عينيك يا بني..اسمعني هشام... إن حرقت بهذه النار ابنة أخي فلن أسامحك أبدا..أبدا يا هشــام..

*******************
يتبع :44: