قمه
قمه
ربي يسعدكم حبايبي ...... نورتو صفحتي ........
القصة في قمة الفائده ...... وممتعه جدا ...............
كونو بالقرب .....:)



:: الجزء الرابع::




(( القشة التي قصمت ظهر البعير)) :08:





انتظرت مجيئه بفارغ الصبر .. هناك شيء في كياني تزعزع .. هزة عنيفة جعلت من توازني يختل !! جاء أخيراً ليأخذنا من هذا المكان المشؤوم ! ركبنا جميعا في السيارة ! فتحت فاهي لأخرج ما تراكم فيه من صدمات اليوم .. ثم تراجعت .. أطبقت فمي وأنا أرتجف .. شعرتُ متأكدةً بأن نظراتهم سهام مسلطة عليّ !

بدأ الهمس ! فضلت السكوت كالمعتاد .
.
عدنا إلى منزلنا ... دخلت .. هناك تغيير داخلي يعبث بطمأنينتي توضأت واتجهت نحو القبلة .. ثم كبرت للصلاة .. توقفت لا شعورياً .. تذكرت ما حدث بسرعة !! لقد عاودتني الأحداث الغريبة التي رأيتها وسمعتها اليوم !!

تركت صلاتي وقد أصابني الهذيان .. ذهبت إليه .. إني أرتجف .. قلت له وذهول صوتي بالكاد عرف طريق الخروج :
- هل .. هل تعرف ما حدث اليوم ؟ سوف تفاجأ ! سوف .. سوف تُصعق .. بلا شك

نظر إلي بنظرة غريبة لم أعهدها من قبل .. نظرة رهيبة وهدوء أكثر من المعتاد .. ثم قال .. ماذا حدث ؟؟
وأشاح بنظره بعيداً عني !!

اصطكت أسناني ببعضها حتى خِلتُ أن العالم يسمعها .. انتابني الفزع الشديد !!

حكيت له القصة بحذافيرها والانفعال قد ترك بصماته جلية على وجهي المصعوق ... مابين هلعٍ وضحك

بكل برود وجمود قال :
-اذهبي لتكملي صلاتك ... اذهبي ..!!

حلفت له مرة أخرى بتتابع يتفجر من خلاله الرعب الذي أحاط بي أن هذا هو ما حصل بالفعل ..
وقد توقعت منه عدم التصديق .. فبالتأكيد أنه يعتقد بأني أمزح معه !! نعم بالتأكيد

قال مرة أخرى وقد انخفض صوته وشعرت فيه بالتأنيب وبدا عليه الارتباك :
حسنا حسناً ... اذهبي الآن وأكملي صلاتك !!

نعم هو سيفهم ويقدر ! إذا لم يقدر الزوج ويتفهم فمن إذاً ؟؟

انتظرت منه أن يهدئ الوضع .. أن يذم عمل هؤلاء الناس ويعدني بألا يذهب إليهم مرة أخرى ! وألا يذرف دمعة في حقهم ... انتظرت طال انتظاري !! لا فائدة !
ما به ممتقع الوجه ؟ هل صعق ؟ هل أصابه مثلما أصابني عندما سمعت ورأيت ؟ ما به ؟ لا ردة فعلٍ معاكسة حتى الآن ؟؟

حلفت للمرة الأخيرة بأن المرأة تتحدث عن الصوفيين .. وتدعو إلى تقديسهم وتبجيلهم !! وعن حياتهم وولائهم لله تعالى ... وعن أرواحهم التي تساعد الناس مع أنهم أموات !! وعن شفاعتهم وأن لهم أقطاباً وأعواناً وأغواثاً لا نراهم نحن ؟!! وأشياء عحيبة غريبة ! لا يصدقها العاقل .. هل تصدق ؟؟!!

فقاطعني بصوتٍ علا نسبيا وانتابه بعض الغضب : وماذا تعتقدين في الصوفيين إذاً ؟؟

فسألته وقد تسمرت مكاني وأنا أرقبه
- ما هذا السؤال ؟ لم أفهم لم أعِ مرامك منه !!

فقال حانقاً هائجاً :
- الرسول صلى الله عليه وسلم والخلفاء الراشدون هم أئمة الصوفية وزعماؤها

لا .. لا .. لا مسكين إنه يهذي بلا شك !! فالنوم القليل يؤثر سلباً في مزاج صاحبه !! لا .. لا .. فقلت بين مصدقة ومكذبة لرده المفاجئ :
- هذا اعتقادٌ خاطئ .. لأن الرسول صلى الله عليه وسلم ......

قاطعني بتحدٍ والشرر يتطاير من عينيه الناريتين .. والحقد يبدو جلياً في قسمات وجهه
- الصوفيون هم أفضل الناس .. هم الأولياء الصالحون والمقربون إلى الله . أم أنك تعتقدين أن أهل السنة هم الأسوياء الصالحون ؟؟ إنهم أهل الكفر والضلال وإباحة وتحريم الحلال !!

ما الذي يجري في هذا المكان وفي رأسي ؟ من أكون أنا ؟ ومن يكون هؤلاء ؟! خرجت كلماتي تتسارع وتتقاذف من فمي :
- لا .. لا .. أهل السنة هم ....

وفجأة سكتٌّ !!! هل أطبقت السماوات على الأرض ؟ من يكون هذا الرجل الذي يخاطبني ؟ وقفت بين وعيٍ وإغماءٍ لا أدرك شيئاً !! نظرت إليه بكل حسرةٍ وسكرات الموت تداعبني ! المنزل يدور بي في كل الأرجاء ! قدماي !! هل أقف عليهما ؟! هل تتقاذفني أمواج الحقيقة التي بدأت أكتشفها في التو واللحظة ؟!
فسألته بوجل يعقبه تأكيد لسؤالي :
- هل تعني أنك من الذين يدافعون عن هذا المذهب ؟؟

لم يجد بداً من السكوت ! أعدت عليه سؤالي ثانية :
- هل تؤيد هذا المذهب ؟؟!!

أدار ظهره بسرعة .. لقد طعنني في الصميم .. خان وفائي وصدقي وحُسن نيتي .. كذب علي متعمداً
- هل هل أنت صو ... صوفي ؟؟!!
اختفى صوتي شيئاً فشيئاً
أجب عن سؤالي .. انظر إلي .. هل أنت صوفي ؟ هل أهلك جميعهم صوفيون ؟؟

ليته لم يرد ! ليته حينما رد نفى سؤالي وقال لا ولو بصوت منخفض !! ليته طعنني في أعماقي ألف طعنة ! ليته مزقني إرباً إرباً قبل أن يجيب بصوتٍ كالفحيح وبنظراته الجنونية وقد بلغ الصبر حده ..

- نعم .. نعم .. أنا صوفي وأهلي جميعهم صوفيون وكل أقاربي ينتمون إلى المذهب الصوفي .. نحن لسنا بسنيين !! نحن أهل الهدى والصلاح ! وأنتِ من أهل الضلال والكفر

تناثرت أشلائي أدركت الآن مضمون الكتب التي كان يرسلها إلي خفية حتى لا يراها أهلي !!
علمت متأخرة بأن ما أصابني لم يكن ليخطئني !
رفعت وجهي المبلل بالدموع واختنقت كلماتي وأنا أقول :
- هل كنت على علم بأنني سنية ؟ تكلم .. تكلم !!

قال: نعم .. نعم .. كنت على علم بذلك !

قلت له باكية :
- فلماذا تزوجت بي إذاً ؟؟ لماذا خدعتني ؟ لماذا أخفيت حقيقتك كاملة حتى تمكنت مني ؟ لماذا لم تصارحني منذ البداية حتى نفترق ؟!

فقال واثقا :
- حتى أخرجك مما أنت فيه من أوهام وضلالات فاحمدي الله أن سخرني لك ...

وضعت يدي على أذني وأنا أصرخ به :
كفى .. كفى .. كفى .. لا أريد سماع صوتك .. اتركني وحدي اتركني اتركني
وانحدرت دموع الخوف .. بدأ قلبي يتوقف عن النبض شيئاً فشيئاً .. انتشر ظلام الرعب يكتنف المكان ! خانتني قدماي فوقعت أرضاً تباطأ الزمان !اختفى صوت العالم من حولي ..

انتهى الحديث المشئوم ! اكتشفت اللعبة .. كم هي دنيئة !! إن الخيانة في النوايا هي أسهل عملٍ يمكن أن يعمله هذا الصوفي الماكر !!

- ولماذا ؟ لماذا ؟ لماذا ؟

ابتعدت عنه وأنا كطفلة رضيعة لم تتعلم المشي بعد ! زحفت على كربتي لقد تمثل لي شيطاناً بشراً إنه مخادع خدعني وأهلي !!

حاولت ربط الأمور بعضها , تذكرت قوله أنه لا يحب الذهاب إلى المساجد حتى لا يحتك بأهلها ! إنه يعني ( أهل السنة ) بالطبع .. وهيهات أن يتفقا وشتان ما بين السنة الطاهرة والصوفية النتنة !!

أدركت سبب مجيئه من المسجد وهو يحمل أحقاد العالم علينا ! لأن الخطبة لم تعجبه ولم تؤيد مذهبه ! نعم ... ولكن فهمي كان متأخراً جداً ! عاودتني الأحداث السابقة ! فهمت الحقيقة التي كانت تختبئ خلف شمس الخداع والمكر !!

منعني من الاتصال بأهلي ومهاتفتهم !! أصبح علي كالرقيب العتيد حتى لا لأفضح أمره وأهله !! اعتزلته في الطعام والمجلس والمنام !

حاول بعدها إغراقي فيما هم فيه غارقون !! عذبوني كثيراً !! قطعوا صلتي بالعالم الآخر .. لقد أفرطوا في إيذائي .. الكل يحمل عليّ أصناف من الغيظ لحشمتي وترفعي عن غيهم ... نعتوني بالمعقدة ! ألأنني نشدت العفاف ؟؟!!

لقد حفظني الله منهم ورعاني برحمته .. الجميع ضدي .. الكل يشير عليّ بالبنان المدجج بالعداء بأن هذه الفتاة سنية !! إذاً فقد أخرجوني من الملة !! الجميع يحذرني

كم تضرعت إلى الله باكية أن يبقي على إيماني وهدايتي .. بكيت في ثنايا الليل وفي غسق الدجى ..




يتـــــــبع ..
قمه
قمه
:: الجزء الخامس ::




((خطبة وصلاة الجمعة)) :09:






في أحد الأيام .. وعند الساعة التاسعة صباحاً أيقظته حتى يتهيأ لصلاة الجمعة … تكاسل .. تباطأ .. فقلت له أستحثه :
- ما بك لقد قاربت الساعة الآن من العاشرة والنصف وأنت لم تنهض بعد .. هيا حتى تستعد للذهاب إلى الصلاة

تصنع النوم والتوعك .. وتحت ضغطي وإلحاحي عليه بالنهوض قام متأففاً ذهب إلى المسجد للصلاة .. تنفست الصعداء .. الحمد لله على كل حال ..

بعد انتهاء الصلاة ... عاد غاضباً حانقاً من الخارج .. وأغلق الباب بقوةٍ وعنفٍ اهتز له أرجاء المنزل .. وأصابني الخوف ! ماذا أيضاً ؟؟ ما به ؟؟

أسرعت إليه لأستفسر عن سبب غضبه .. فقال وصدره يعلو ويهبط من شدة الغيظ:
- الأوغاد !! أهل الكفر !! الوهابيون !!....

- عمن تتحدث ؟ هدئ من روعك ! ما بك ؟؟

قال ونار القهر تتأجج من صدره :
- في أي شهر نحن ؟!
- في شهر رجب ! لِمَ تسأل ؟؟
- وماذا تعرفين عن فضله ؟؟ وعن أول جمعة فيه ؟
استرقت النظر إليه ثم قلت بعد تردد :
- إنه شهر كباقي الشهور وأول يوم جمعة يومٌ كباقي الأيام فيه ! ولكن لماذا ؟
قال في تمهل وضيق وقد احمرّ وجهه غضباً :
- تباً .. تباً للوهابين ! تباً لهم !! إن الإمام الضال ينهانا عن صيام أيام وشهر رجب ! وعن تعظيم ليلة الإسراء والمعراج ! وعن الاحتفال بهذه الليلة ! وعن إقامة الولائم فيها ! فهو يزعم بأنها بدعة ! هل جُنّ ؟ ولكن ... أنت السبب في كل ذلك ! فقد قلت لك بأني لا أرغب الذهاب إلى المسجد فلم تستمعي إلي ..!!

- ولكني قرأت بالفعل بأن تخصيص رجب للصيام يُعدّ ... بدعة !! وأن....

قاطعني وعيناه تنقل إلي رسالة وعيدٍ مدمر لا يمكن لأحد غيري أن يفهمها :
- اصمتي .. اصمتي الآن وإلا جززت رأسك وفصلته عن كتفيك .. ألا تعلمين أن من ينقدنا فإنه يطرد من رحمة الله ؟
- ماذا ؟؟
- نعم فهذا الشهر من أفضل الشهور لدينا .. ففيه ليلة عظيمة هي ليلة السابع والعشرين منه وهي ليلة الإسراء و المعراج ....
- ولكن ليلة الإسراء والمعراج لم تحدد في السابع والعشرين من الشهر !!

نظرت إليه لأرى أثر كلماتي عليه .. فنظر إلي وقد أدهشه ما قلت ... لاحظت دهشته بقلبٍ خافق ... ولكنّي أطرقت برأسي قائلة :
- وهل .. وهل .. يجوز تعظيم هذه الليلة ؟! .. أعتقد .. أعتقد ..

وهنا ضرب المائدة بقبضة يده وقال معترضاً :
- هذه الليلة الشريفة العظيمة هي ليلة السابع والعشرين من رجب بالفعل ويكثر الناس فيها من إيقاد القناديل .. وتجتمع النساء والرجال في المسجد .. أما النسوة فيدخلن متطيبات متزينات تعظيماً لهذه الليلة المباركة

قلت بتعجب واستغراب :
- أيحدث كل هذا حقاً في هذه الليلة ؟!

تجاهل سؤالي وأضاف :
- بل ويطبخ الطعام ويهتم به ويرسل إلى المساجد للدعاء عليه لإيصال الثواب ...
- ولكن ... ولكن كيف تختلط النساء بالرجال ؟ وفي المساجد !!!
- نعم تختلط !! تدخل النساء بكامل زينتها وكل ذلك تعظيماً لهذه الليلة المباركة

خفق قلبي .... وخاطبت نفسي ... هل ينتظر من ذلك ؟! أرجو ألا يأمل أن أفعل !!
ثم ... خرج من الغرفة ..




يتـــــــبع ..
آواخر الشتا
آواخر الشتا
كملييييييييي الله يسعدك دنيا وآخره دخلت جو..
قمه
قمه
كملييييييييي الله يسعدك دنيا وآخره دخلت جو..
كملييييييييي الله يسعدك دنيا وآخره دخلت جو..
عيوني لك ياحبيلس شكله مغير انت هنا خخخخخخخخخخخخخخخخخخخخخخخخخخخخخخخ
وهذا الجزء السادس :)
قمه
قمه
:: الجزء السادس ::




((الكتب المقدسة)) :icon33:







أجبرني الزوج في إحدى الليالي بأن أذهب معهم إلى مراسم عزاء سيقام بسبب وفاة ولي صالح
وأمرني بان أتصدر أنا هذه المرة النساء في قراءة كتبهم الضالة ! وحتى يتعلموا مني ! وحتى تتأكد جميعهن من أنني أصبحت إحداهن ! فأنا مثار جدل لا ينقطع بينهن !!

أصر على قوله .. تقدم إلي أمام أهله حاملا في يده بعضا من الكتب ...انتقلت نظراتي بعشوائية إلى يديه .. أدركت فورا أنه يريد مني أن أخذل !!

- ماذا تحمل في يديك ؟؟
- هذه الكتب التي أردت منك قراءتها على النساء ! وبصوت عال ! حتى تتجنبي نظراتهن إليك بأنك مخلوق غريب !! وحتى تثق النساء بأن الله قد هداك إلى الطريق القويم !!

مد يده ببطء .. فتناولت الكتب .. وركزت نظري على الكتاب الأول وقلت بنبرة تشكك :
- دلائل الخيرات ؟ .. روض الرياحين !! مجالس العرائس !! الروض الفائق .. البردة!!

قاطعني بتوتر :
- لا حاجة لك أن تقرأي العناوين بهذا التشكك وتلك الريبة !! اقرئيها فقط فيما بعد .. وافعلي ما آمرك به

- ولكني لا أجد من بينها كتبا من كتب الأحاديث المعتمدة !؟ أين هي ؟!

عض على نواجذه وتضايق ثم قال :
- ماذا تقصدين ؟ وهل يساورك الشك في هذه الكتب ؟ إنها من الكتب التي يستغني فيها المرء عن قراءة القرآن !

صعقت !! شعرت أن هذه الكتب تحوي افتراءات وأكاذيب إذاً على رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنها قد حشيت بالأحاديث الموضوعة المكذوبة ! وأنها جمعت بين الغث والموضوع والبدع !! .. لا ... يجب أن أحذر من قراءة هذه الكتب المسمومة الكاذبة فكيف أقرأها على الملأ

إن رفضت فسألقى عقابا ساحقا ! ما العمل ؟

نظرت إلى والدته وإخوته .. ووجدتها فرصة ومناسبة .. فقلت :
- ما رأيكم ؟ من الأفضل أن آخذ معي مصحفا , وكذلك كتب الحديث المشهورة مثل الصحيحين , السنن , الموطآت , المسانيد , المصنفات ... فإنها تغنينا حتما عن ... وسكت

فهمت بأني قد أصبت الهدف تجهم وجهه على الفور , وبصوت متهدج خافت مليء بالرغبة في قتلي وسحقي وقلوب الجميع تعاضده :
- كفي .. كفي ... لا أريد سماع المزيد !! إلى متى سنظل في اختلاف !؟ متى ستهتدين ؟ متى ستقتنعين ؟ متى ستتوقفين عن معارضتنا ؟ سحقا لك ؟ لم يجرؤ أحد قط على انتقاد هذه الكتب المقدسة !!

آزرته أمه وقد استولى عليها الغضب الشديد :
- كفي ... استمعي إلى أوامر زوجك ولا تعارضيه .. اذهبي لتستعدي للخروج .. تأخرنا .. بسرعة لا حول ولا قوة إلا بالله

كنت في ظاهري هادئة ومسترخية .. ولكن إحساسي الداخلي بالانعزال آلمني كثيرا
لماذا يقف الجميع ضدي ؟ رباه لقد تعبت .. ساعدني يا إلهي ! لا أريد أن أذهب معهم ! لا أريد أن أقرأ كتبهم ! فليموتوا بغيظهم ! لا لأريد أن أضعف أبدا .. أبدا

أخذت أتأمل الكتب التي أمامي بعينين لا تميزان شيئا , بعينين فارغتين .. فتحت الصفحة الأولى من كتاب ( مجالس العرائس ) أحسست بانقباض في صدري منه فتحت على الصفحة الثالثة من الجزء الرابع وقرأت ( أن الله خلق الأرض على قرن ثور !! وأن مد البحر وجزره يحدث بسبب تنفس الثور ! وأن الله خلق العرش على الماء فاضطرب وتأرجح , فخلق الحية فالتفت حول العرش فسكن !!

يا إلهي ما هذا الكذب ؟ هل بعد هذا الكذب من كذب يا معشر الصوفية ؟‍!!

أغلقت الكتاب بسرعة وأنا أرتجف ما هذا ؟ .. ودعاني فضولي إلى فتح كتاب آخر يقال له ( الروض الفائق ) في الصفحة (61) يقول صاحبه ويدعى ( الحريفيش ) بأنه كان يذهب إلى الحج وهو يصلي من مسجده الأوقات الخمسة لا ينقطع منها في أي وقت أبدا !!!

هل يعقل هذا الهراء ؟ إذا كان صاحب عقل ودين فكيف يحج وهو يصلي في مسجده في البصرة الأوقات الخمسة ؟!! وهل حدثت خارقة مثل هذه الخارقة الكاذبة للرسول عليه الصلاة والسلام ؟؟!!

تابعت القراءة ... ما هذا أيضا ؟ إنه يعلم الغيب ! إنه يحدد وقت وفاة بعض الناس وعلى الإسلام يموتون أم على الكفر ! فسأله خادمه : وكيف عرفت ذلك ؟
فقال : اطلعت على اللوح المحفوظ فوجدت فيه ذلك !!

لا .. لا .. لا .. هل أقرأ كتبا تحمل كذبا وافتراء ؟ وبهذه الصورة ؟ لا .. أرجوكم !!
وقفت بسرعة .. استرقت النظر إلى الباب .. هل رآني أحدهم وأنا أقرأ ؟ لا يبدو ذلك
يبدو أنهم ما زالوا يستعدون حتى نخرج للعزاء ... اغتنمت الفرصة .. فتحت كتابا آخر بطريقة عشوائية ..
قرأت كتاب ( روض الرياحين ) بأن أعرابيا قال للرسول عليه الصلاة والسلام :
( إن حاسبني ربي لأحاسبنه !! ) فهبط جبريل عليه السلام وقال ك يا رسول الله بلغ الأعرابي بأن الله يقول لا يحاسبنا ولا نحاسبه لأنا قد غفرنا له !!

أي جرأة على الله تعالى وعلى رسوله صلى الله عليه وسلم هذه ؟! إنه روض الشياطين وليس الرياحين
تملكني الذعر و الذهول في هذه اللحظة سمعت صوتا خلفي .. أدرت رأسي ببطء .. إنه هو .. تأملته من رأسه وحتى أخمص قدميه ! قلت له وأنا ألاحظ نظراته الباردة المتسائلة عن ردة فعلي على ما قرأت :
- لن أفعل .. لن أفعل .. أرجوك اتركني وشأني .. من أنتم ؟ اتركوني !! أرجوكم !!

أجابني بلهجة جافة خلت من الرحمة وتجردت منها :
- صدقيني ستفعلين .. وبدون أية مقاومة .. والآن .. لا تفقديني انضباط أعصابي

وقف الجميع خلفه والنصر يتراقص في عيونهم .. اتجهت نحو السلم دون أن ألتفت إليهم .. تبعني بسرعة وأمسك بقوة على معصمي ثم أمرني بهدوء عاصف :
- سأنتظر .. لا أحب أن أطيل الانتظار .. أو .. أكرر الكلام

ارتعد صوتي بالانفعال وبدت إمارات الانهيار على تصرفاتي وأنا أهتف قائلة :
-إذاَ قررتم أن أموت غيظا ونيران الرفض تستعر في حناياي

أجاب بنظراته المليئة بالثقة .. والفرح يظهر من صوته البارد :
- نعم .. ها قد أصبت أخيرا ... والآن تحركي !..

رفعت نظري إلى السماء وعيناي ملأى بالدموع .. ركضت وأطلقت العنان لدموعي تسيل على وجهي الكئيب ... أمرني بالتوقف .. فلم أفعل ..ركضت إلى غرفتي وأقفلت الباب ورائي .. وتركته ومن معه غاضبين وعيونهم تقدح شرراَ .. سمعت صدى صوته وهو ينادي .! ارتعدت .. لا خيار .. سأذهب .. سأذهب

بدا الانكسار يتجسد في ملامحي .. نظرت إليهم وأنا أهبط درجات السلم .. فبادلوني بتلك النظرة الملأى بالزهو ...!

ذهبت والدته معي وأمرتني واثقة وأمام النساء بأن أبدأ القراءة

ابتسمت .. ثم ..رفضت .. اعتذرت للجميع بأني أعاني ألما حادا في رأسي .. وتركتهن .. وعلامات الغيظ تنطق عنها وعنهن !!

تبعتني بعد قليل والدته وهي محرجة .. وقالت بابتسامة مصطنعة تخفي وراءها غيظا مكظوما :
- حسنا إن لم تقرأي .. فتعالي وشاركينا اللهج بالدعاء والمجالسة .. وتعلمي .. ربما انتفعت .. تصنعت بدوري الألم في رأسي فوضعت يدي عليه

وقلت لها أطمئنها : حسنا سألحق بك بعد قليل يا خالتي !!

دخلت ... استقبلتني نظراتهن الضيقة .. وأفسحت إحداهن لي مكانا .. شكرتها .. ثم جلست وأنا أتنهد ...

بعد قليل دخلت امرأة تتبعها أربع من النساء وفي أيديهن كتب ! ما هذا ؟ لابد أنها الكتب نفسها التي طالبوني بقراءتها أمامهم !! ثم .. ما هذا إنها تحمل مصحفا ؟!! صحيح ؟! لا أصدق !

جلست النسوة الأربعة مقابلات لنا وبدأت إحداهن بقراءة القرآن .. ولكن إنها تتغنى به ! تعجبت من قراءتها !! انخفضت نظراتي لترى أكواب الماء منتظمة وكذلك جوالين الماء موجودة في الأرض بجانب القارئات .

عندما يصيب إحداهن النصب والتعب تتداول الأخريات في القراءة وبأصوات وتغن به مختلف ..

كان هذا اليوم هو ثالث أيام العزاء ويسمى بيوم ( الختمة ) لأنهن يختمن فيه القرآن فيهدينه إلى الميت

أخيرا انتهت المرأة من القراءة فبدأت بالدعاء بصوت مرتفع .. و****د مدائح للرسول صلى الله عليه وسلم من كتاب رأيته بين يديها .. كتاب ( البردة ) إنه كتاب يحوي مدائح غرامية في الرسول الكريم كما سمعت عنه

فتحت هؤلاء النسوة الكتب الباقية فقرأت إحداهن :
.. وقال الولي الصالح فلان بن فلان .. وفي الكتاب الفلاني .. وقرأنا في حاشية العلامة العارف بربه وبأسراره الفلاني .. ..الخ .. وما بال الناس مذعنون ؟ متأثرون .انتظرت مطولا نصا من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم .. أطلت الانتظار .. لا أمل في ذلك ..

أكملت القارئة :
- ونحتج بفعل ذلك بعمل الولي الصالح فلان بن فلان ..!!

تعجبت .. شعرت بشيء ما يعلن سخطه وعدم رضاه بداخلي ! شعرت بأن الهزل يوشك أن يبدأ .. ثم أقنعت نفسي الرافضة لكل ما أرى بأني عن قريب راحلة .. إن شاء الله ..وددت أن أصرخ فيهن .. أن أدوي بصيحات تجعل من أركان المجلس تهتز كفى .. أرجوكم .. لماذا تصرون على تحطيمي وتعذيبي .. لماذا ؟؟

ألم تتفكروا في قوله تعالى :
( وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا ) الحشر 4

آه لشعوري بالانعزال والاضطهاد ... آه ليقيني بما تحملون عليّ من ضغينة وأحقاد

أخيرا انتهت المرأة من الأذكار والقرآن .. فتمتمت بكلمات لم أفهمها .. كنت في مد جزر مع ما يحدث حولي ... يا الله كن بي لطيفا .. فجأة رفعت إحدى القارئات صوتها وقالت :
- الفاتحة على روح فلان بن فلان .. فقرأن الفاتحة .. ثم قالت مرة أخرى : الفاتحة بنية كذا وكذا ...




يتـــــــبع ..