¸.•´♥ رواية غريب الدار ¸.•´♥

الأدب النبطي والفصيح

¸.•´♥ رواية غريب الدار ¸.•´♥ الحلقة الأولى ¸.•´♥أدخلوها بسلام ¸.•´♥
::
وَلاَ تَهِنُوا وَلاَ تَحْزَنُوا وَأَنتُمُ الأَعْلَوْنَ
إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ
إِن يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِّثْلُهُ
وَتِلْكَ الأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ
وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ وَيَتَّخِذَ مِنكُمْ شُهَدَاء وَاللَّهُ لاَ يُحِبُّ الظَّالِمِينَ


::


إنها فرحة محمود..هو رجل طويل،وسيم، أسمر ، عيناه واسعتان،وفي الأربعينيات من عمره .. يجلس على الأريكة و بجانبه عروسه " سمية ", رائعة الجمال, شعرها أشقر, عيناها خضراء ، ناعمة رقيقة،جميلة أنيقة,تجلس كأميرة،هي أصغر من محمود بثلاث سنين.
لكنها لم تكن فرحة الطفلين جمال و معتز،فجمال ابن العروس سمية، في الثالثة عشر من عمره،له وجه مائلٌ للاستطالة أشقر وعيناه زرقاوان،و يرتدي نظارة دائرية، ضعيف البنية من يراه يحسبه في العاشرة لصغر حجمه، يجلس منكمشا حزيناً،و يختلس النظر حيناً ليرى أمه العروس الجميلة و ينظر إلى الرجل الجالس بجوارها، الذي يمسك يدها اليمنى و يلف يده الأخرى حول كتفها، فيطأطئ جمال رأسه..هو يشعر بالغيظ من هذا الرجل الغريب الذي قد أخذ أمه, كيف له أن يصبر على رؤيتها بين يديه؟ هو يغضب حيناً و يلومها حيناً أخرى، يحسب حساب متاهة المجهول التي قد دخل فيها مع هذا الرجل الذي سيكفله ويحتويه،بل ربما سيحتويه، و ربما سيتخلى عنه ،فإذا كان الأب قد تخلى فكيف بزوج أمه.
و بجانب جمال "معتز" ابن محمود. معتز قوي البنية واثق من نفسه معتد بشخصيته مرح و لكنه يلقى الكلمات كصاعقة ، لا يلقي لها بالاً,أتجرح أم تُفرح، من يراه يظنه أكبر من جمال لكنه أصغر بسنه يتهيأ للمعركة و يفكر: لا بد أن أربح المعركة التي بيني و بين هذه المرأة و ابنها..لن أسمح لهما بسرقة قلب أبي .. سيعرف أبي أن أمي رحمها الله هي الأفضل، وأن أختي رحمها الله لا تُنسى.
فظل صامتاً يحيك المعارك في عقله و يفكر كيف سيربحها ... ثم بدأ المعركة و قال: أتعلمين؟
ابتسمت سمية و قالت: نعم؟
معتز : إن هيأتك أنت و ابنك مثل الذي خرج من مجاعة ؟
محمود(حازماَ): معتز...
سمية ابتسمت إبتسامه مغتصبة و لم تعلّق...أما جمال فاكتفى بأن يدير وجهه و لا ينظر إلى معتز..الذي آثر الصمت يتهيأ لمعركة جديدة.
نظر محمود إلى جمال وقال في ابتسام: هل أعجبك منزلك الجديد؟ و هل أعجبتك غرفتك ؟
أمسك طرف نظارته ليعدل وضعيتها بتوتر وقال باستكانة و خضوع: نعم يا عم .
معتز يفكر: يتمسكن...حتى يتمكن..
محمود : قم و رتب ملابسك... هيا يا ولدي اذهب الآن .
نظر إلى أمه نظرة وداع و انصرف ببطء و بخطوات متثاقلة كأنها خطوات عجوز في التسعين
محمود : مار أيك يا معتز أن تساعد جمال ليكتشف غرفته الجديدة، و تساعده في ترتيب أغراضه؟
معتز : لا ..أنا لا أعرف كيف أرتب الملابس، كانت أمي رحمها الله من ترتب..
محمود :رحمها الله ..ما رأيك أن تتعلم منه؟
معتز على مضض:طيب.. هناك أمر أهم أريد أن أعلمه و أتأكد منه أولا.
محمود : هو ؟
معتز: هل هذه المرأة شقراء حقاً أم تصبغ شعرها ؟
سمية(ابتسمت ابتسامة صفراء) : هو كذلك .
معتز: هممممممم تشبهين ماري أنطوانيت.
محمود متجاهلا تعليق معتز: اذهب و أخبر جمال عن مكان الألعاب التي أحضرتها لكما.
أراد أن يتكلم فقال الأب : ثرثار ...هيا إلى الغرفة .
مشى خطوتين و رجع : و لكن أين الألعاب ؟
محمود : أنت تعرف مكانهم، اذهب و ألعب مع جمال.
مشى قليلا ثم رجع يهز كتفيه و يقول: المكان هنا أوسع .
نظر إليه بحزم فمشى إلى الغرفة، و تلصص من ثقب الباب،ليرى تلك المرأة التي تمشي بكبرياء بالقرب من أبيه, أما جمال فتجاهل تصرفه







غرفة معتز و جمال بسيطة سريرين،مكتبين,خزانتين, وصندوقين صغيرين فيهما درجين،و مرآة و في صدر الغرفة نافذة و ستائرها جميلة، كان جمال يرتب ملابسه ببطء وإتقان وبصمت، لكن الصمت لم يدم مع دخول معتز الذي رمى جسده على سريره وقال : من أين أنت ؟
قال بهدوء و هو ينظر من خلال النافذة: أصولنا من الجزيرة العربية ..لكن جدة أبي شامية و جده من أبيه مغربيا،ولد أبي في مصر وولدت أمي في بلاط الشهداء و تربت قرب قصر الحمراء.. التقى أبي بأمي في الأندلس .. ولدت هناك،ثم ضاعوا و أضاعوني وأضاعوا الأندلس.
معتز: أوف !كل هذا ...أوجز... لم أفهم من أنت؟
جمال( تنهد): أنا عبد الرحمن الداخل... لكن هو دخل.... و أنا خرجت.
ثم فكّر: هو طرد من الشرق إلى الأندلس،وأنا طردت من الأندلس إلى الشرق.
قال معتز و قد ** شفتيه: و أنا أبو جعفر المنصور فاحذرني يا صقر قريش..(ثم انفجر ضاحكاً)
تنهد ساخراً و فكر : يا وليلي و يا ويلي و يا ويللي.
ثم أمسك جمال بقميص ونظر إليه بتمعن: هل تسمح بالخروج؟ أريد تبديل قميصي.
معتز: قميصك! غيره يا فتى الأندلس وأنا هنا.. هذه غرفتي،و أنت الذي تطفل و سرقها.
صمت جمال فلقد كان رد معتز قاسيا فزاد قسوة و قال : ممم.. هل ستطول إقامتك هنا ؟
لم يرد جمال فقال معتز: و لم لا تلحق بأبيك ؟
لم يرد فأردف معتز : كنتم في أمريكا ؟
هز جمال رأسه بنعم فقال معتز :عمي الدكتور راشد كان هناك, أحب زيارتها,هل تعرفه ؟
جمال: أجل
معتز: ماذا كنتم تعملون هناك ؟
جمال :كانت أمي تكمل بحث الدكتوراه .
ضحك معتز و قال: أبي لم يكمل الثانوية، ويعمل في ورشه،هو يحتاج إلى عاملٍ لمساعدته، ربما سيأخذك .
أحس برعشة من كلمات معتز و لم يرد أما معتز بدا غير مكترث و قال : منذ متى أنتم هنا؟
قال: منذ سنه.
أخرج جمال كتاب البداية و النهاية من حقيبته المتهرئة فأسقطت علبة دواء تحت قدميه..لم يحاول أن يرفعها ..نظر إليها ..ثم إلى معتز الذي يراقب الوضع..لا يجد تفسيرا للموقف..ترك العلبة على الأرض و مضى بهدوء خارج الغرفة..و معه القميص و الكتاب ،رفع معتز علبة الدواء عن الأرض و بدأ يتأملها يفكر:ما حكايته؟كنت أتأهب لمعركة ..لكن يبدو أنه شخص مريض..( ثم هز رأسه)لا ..يكذب أو يمثل.
خرج من الغرفة إن هذه الغرفة غرفة معتز و هو دخيلٌ عليها..كان يمشي و يتأمل هذا البيت الجديد كيف سيعيش وقد اقتلعت جذوره ، كيف الحال مع المدرسة و الشارع و المسجد .



80
16K

يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.

تسجيل دخول

***بسمة أمل ***
***بسمة أمل ***
مشى إلى غرفة المعيشة، ثم نحو الطاولة التي ستجمعهم كل يوم معاً شاء أم أبى ، و بدأ ينظر يمنه باتجاه غرفة أمه ، كان يرى بصيص نورٍ من تحت الباب ، و تذكر أن أمه ثم هذا الرجل فأحس برعشة و مسح دمعه،جلس على الكرسي، فتح كتابه و بدأ يقرأ.
أحس برغبةٍ جامحةٍ في البكاء..فعواصف ذكرياتٍ أليمة طافت بخواطره..
صوت أذان الفجر انتشر في الآفاق فأحس الطفل بالسكينة، ونزلت دمعةً ساخنةً على خده فمسحها و يده ترتجف.
ثم سمع صوت صرير الباب و هو يفتح ،عندما فتح محمود الباب جعل الفتى يرتعش فوقف اقترب منه محمود و سأله بحزم: لماذا لم تنم ؟
جمال و هو ينظر إلى الأرض : كـ ...كـ... كنت أقرأ كتاباً .
محمود بعد أن هز رأسه: لا بد أنك قارئ متميز، لكن عليك أن تنام جيداً ..ما رأيك بأن تأتي معي إلى المسجد؟ اذهب و توضأ .
جمال : أنا على وضوء فلقد صليت ركعتين قبل الفجر .
ابتسم محمود و قال : إذن هيا لترافقني .
ووضع محمود يده على كتف جمال و خرجا معاً .







طلبت سميه من معتز أن يجلس على كرسي بالقرب من طاولة صغيرة داخل المطبخ و قال : هل تريدينني أن أعمل بدلا منك في الطبخ ؟يا زوجة أبي ..إن سندريلا فتاة و ليست صبي .
سمية : أنا أريد أن تحادثني لا أن تساعدني .
معتز : و لكنك مملة، لا أعرف كيف أتواصل معك، أمي لم تكن كذلك.
سمية : لكل فرد شخصيته يا بني، عيوب و مزايا .....
صمت معتز و حدق بالأرض قالت برفق: لا بد أنها كانت رقيقة .
معتز : لم أجد فيها أي عيب..(عقد حاجبيه و فكر) أنا أرى فيكِ الكثير من العيوب .
سمية : و ما هي؟ طوبى لمن أهدى إلي عيوبي.
هز كتفيه فلم يعرف الرد ثم قال : ماذا ستطبخين يا زوجة أبي ..هل تريدين أن أقشر البصل ؟
قالت و هي تنظر إلى عينيه: اسمع أيها الفتى، أنا أحاول القيام برأب الصدع الذي بيننا .
نظرت للفتى فإذا هو فاغراً فاه عاقدا حاجبيه لا يفهم فاقتربت منه و قالت :إنس الأمر، إنني أحاول أن أقرّب بيني و بينك, قد لا أكون أمك، و لكن أحب أن تحترمني و تحبني مثلما تحب أمك.
معتز:زوجة أبي.. لا تظني أنك ستحلين مكان أمي، ولن أسمح بسرقة أبي.(ونزل ثم رجع إلى غرفته)







اجتمعت العائلة حول المائدة،و كان الطعام غريباً.. بالنسبة لمعتز وأبيه ،خضار.. معكرون .. دجاج، أكل الأب صامتاً لكن معتز بدأ يعلّق: أتأكلون رأب الصدع هذا كثيرا .
ضحكت سمية فأندهش جمال.. هذه أول مرة يرى فيها أمه تضحك من أعماق قلبها! ضحكة رقيقة برقة سمية و لطف سمية، فعدّل نظارته و بدأ يتأمل ضحكتها.
معتز : فهمت لماذا قوامك مثل نخلة هزيلة...
محمود غاضباُ : كفى ..
معتز بسخرية: هذه المرأة لا تعرف كيف تطبخ .
محمود و قد اشتد غضبه: قلت كفى ..
أراد معتز أن يتكلم كلمة أخرى فأغلقت سمية فمه و أخذته إلى المطبخ و قالت له : إذا لم تحترمني سأطعمك رأب الصدع هذا على الغداء وعلى العشاء وعلى الإفطار .
أشاح بوجهه أمسكت ذقنه وحوّلت وجهه نحوها و قالت : يا ولدي..لا تشعل المعارك بيننا فنخسر جميعنا، يا ولدي لن أسرق قلب والدك..فقلب والدك طيب و لا يستحق أن نتعارك و نؤذيه..يا ولدي ربما أنا لست أمك و لكني سأكون أماً لك ..يا ولدي.. أمك كانت إنسانه رقيقة ..فأجعلها تفخر بك يوم القيامة ..







كان محمود يجلس بالقرب من جمال على الأريكة في غرفة المعيشة،كان جمال صامتاً كعادته..أراد محمود أن يمازحه فقال: لا تقلق أظن أن أمك ستحتويه .
جلست سمية بالقرب من محمود أما معتز فدخل غرفته صامتاً فسأل: كيف تدبرت أمرك معه ؟
سمية : هددته بأن طعامه الدائم سيكون رأب الصدع.
انفجر محمود ضحكاً ...ثم أرخى جسده على الأريكة قال: هذا ما أسميه... العقاب الجماعي .




لم تنتهي أسرار جمال..
هل هو مريض ...
ما مرضه ؟
و معتز !
هل سيتقبل جمال و أمه ..
أم ستظل الحروب دائرة ؟
ستكشف لكم الحلقات المقبلة ...
حكايات غريب الدار ...جمال
***بسمة أمل ***
***بسمة أمل ***
مشى إلى غرفة المعيشة، ثم نحو الطاولة التي ستجمعهم كل يوم معاً شاء أم أبى ، و بدأ ينظر يمنه باتجاه غرفة أمه ، كان يرى بصيص نورٍ من تحت الباب ، و تذكر أن أمه ثم هذا الرجل فأحس برعشة و مسح دمعه،جلس على الكرسي، فتح كتابه و بدأ يقرأ. أحس برغبةٍ جامحةٍ في البكاء..فعواصف ذكرياتٍ أليمة طافت بخواطره.. صوت أذان الفجر انتشر في الآفاق فأحس الطفل بالسكينة، ونزلت دمعةً ساخنةً على خده فمسحها و يده ترتجف. ثم سمع صوت صرير الباب و هو يفتح ،عندما فتح محمود الباب جعل الفتى يرتعش فوقف اقترب منه محمود و سأله بحزم: لماذا لم تنم ؟ جمال و هو ينظر إلى الأرض : كـ ...كـ... كنت أقرأ كتاباً . محمود بعد أن هز رأسه: لا بد أنك قارئ متميز، لكن عليك أن تنام جيداً ..ما رأيك بأن تأتي معي إلى المسجد؟ اذهب و توضأ . جمال : أنا على وضوء فلقد صليت ركعتين قبل الفجر . ابتسم محمود و قال : إذن هيا لترافقني . ووضع محمود يده على كتف جمال و خرجا معاً . [/URL] طلبت سميه من معتز أن يجلس على كرسي بالقرب من طاولة صغيرة داخل المطبخ و قال : هل تريدينني أن أعمل بدلا منك في الطبخ ؟يا زوجة أبي ..إن سندريلا فتاة و ليست صبي . سمية : أنا أريد أن تحادثني لا أن تساعدني . معتز : و لكنك مملة، لا أعرف كيف أتواصل معك، أمي لم تكن كذلك. سمية : لكل فرد شخصيته يا بني، عيوب و مزايا ..... صمت معتز و حدق بالأرض قالت برفق: لا بد أنها كانت رقيقة . معتز : لم أجد فيها أي عيب..(عقد حاجبيه و فكر) أنا أرى فيكِ الكثير من العيوب . سمية : و ما هي؟ طوبى لمن أهدى إلي عيوبي. هز كتفيه فلم يعرف الرد ثم قال : ماذا ستطبخين يا زوجة أبي ..هل تريدين أن أقشر البصل ؟ قالت و هي تنظر إلى عينيه: اسمع أيها الفتى، أنا أحاول القيام برأب الصدع الذي بيننا . نظرت للفتى فإذا هو فاغراً فاه عاقدا حاجبيه لا يفهم فاقتربت منه و قالت :إنس الأمر، إنني أحاول أن أقرّب بيني و بينك, قد لا أكون أمك، و لكن أحب أن تحترمني و تحبني مثلما تحب أمك. معتز:زوجة أبي.. لا تظني أنك ستحلين مكان أمي، ولن أسمح بسرقة أبي.(ونزل ثم رجع إلى غرفته) [/URL] اجتمعت العائلة حول المائدة،و كان الطعام غريباً.. بالنسبة لمعتز وأبيه ،خضار.. معكرون .. دجاج، أكل الأب صامتاً لكن معتز بدأ يعلّق: أتأكلون رأب الصدع هذا كثيرا . ضحكت سمية فأندهش جمال.. هذه أول مرة يرى فيها أمه تضحك من أعماق قلبها! ضحكة رقيقة برقة سمية و لطف سمية، فعدّل نظارته و بدأ يتأمل ضحكتها. معتز : فهمت لماذا قوامك مثل نخلة هزيلة... محمود غاضباُ : كفى .. معتز بسخرية: هذه المرأة لا تعرف كيف تطبخ . محمود و قد اشتد غضبه: قلت كفى .. أراد معتز أن يتكلم كلمة أخرى فأغلقت سمية فمه و أخذته إلى المطبخ و قالت له : إذا لم تحترمني سأطعمك رأب الصدع هذا على الغداء وعلى العشاء وعلى الإفطار . أشاح بوجهه أمسكت ذقنه وحوّلت وجهه نحوها و قالت : يا ولدي..لا تشعل المعارك بيننا فنخسر جميعنا، يا ولدي لن أسرق قلب والدك..فقلب والدك طيب و لا يستحق أن نتعارك و نؤذيه..يا ولدي ربما أنا لست أمك و لكني سأكون أماً لك ..يا ولدي.. أمك كانت إنسانه رقيقة ..فأجعلها تفخر بك يوم القيامة .. [/URL] كان محمود يجلس بالقرب من جمال على الأريكة في غرفة المعيشة،كان جمال صامتاً كعادته..أراد محمود أن يمازحه فقال: لا تقلق أظن أن أمك ستحتويه . جلست سمية بالقرب من محمود أما معتز فدخل غرفته صامتاً فسأل: كيف تدبرت أمرك معه ؟ سمية : هددته بأن طعامه الدائم سيكون رأب الصدع. انفجر محمود ضحكاً ...ثم أرخى جسده على الأريكة قال: هذا ما أسميه... العقاب الجماعي . لم تنتهي أسرار جمال.. هل هو مريض ... ما مرضه ؟ و معتز ! هل سيتقبل جمال و أمه .. أم ستظل الحروب دائرة ؟ ستكشف لكم الحلقات المقبلة ... حكايات غريب الدار ...جمال
مشى إلى غرفة المعيشة، ثم نحو الطاولة التي ستجمعهم كل يوم معاً شاء أم أبى ، و بدأ ينظر يمنه باتجاه...
¸.•´♥ غريب الدار ¸.•´♥ الحلقة الثانية ¸.•´♥الصقر الجريح¸.•´♥



السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
هل كان معتز يحلم؟ بل إن الحلم حقيقة! وإن هذه الحقيقة لا تصدّق!
قُبله تُطبع على جبينه حتى يستيقظ، إنها القبلة الصباحية التي اعتاد عليها من شفتي أمه رحمها الله قُبله عطف وحنان، قُبله طاقة يهوى أن يبدأ بها يومه، لقد افتقدها على مدى ثلاث سنين، افتقد معها صراخ أخته وهي تحيه وتلاعبه، تصعد على ظهره وتشاكسه. يريد أن يفتح عينيه..لكنه يخشى الواقع،الذي لابد من مواجهته فهو يعيش تفاصيله، و لا يستطيع الهروب منه ،ثم قرر مواجهة الواقع وفتح عينيه، فكانت سمية تبتسم وتقول بصوت الأم الحنون: استيقظ يا كسول، الإفطار جاهز.
وضع غطائه فوق رأسه بعد أن شعر بالإحباط فهي ليست أمه، وميسون الصغيرة ليست معها، وما أن رفع الغطاء حتى سقطت على الأرض صورة امرأة جميلة، سمراء ناعمة و بالقرب منها ملاك صغير في الثالثة من عمرها، فالتقطت سمية الصورة وقالت باسمة: إن أمك وميسون رائعتا الجمال.
رفع غطائه فشاهد سمية تمسك بالصورة فأختطفها من يدها وقال غاضباً: إنها لي لا تسرقيها.
تجاهلت رده القاسي وقالت بحنان: ولماذا لا تضعها داخل إطار؟ (ثم سكتت لحظة و أكملت)على فكرة ..لدي إطار جميل.
ذهبت بخطواتها الرزينة الهادئة..وما لبثت أن رجعت...تحمل إطاراً جميلاً مذهباً، وضعت الصورة بداخل الإطار وقالت برضى:هكذا أجمل.
معتز مستفسرا: لماذا لم تغضبي مني؟
سمية وهي تضع الصورة على صندوق الأدراج بالقرب منه :لماذا؟
معتز وهو يهز كتفيه: مممممم.. لأن النساء يغرن.
ضحكت ضحكه صافية وقالت: والآن يكفي ثرثرة أيها الكسول... طعام الإفطار جاهز.



مشى متكاسلاً ..أما هي فانتقلت لتجلس بالقرب من سرير جمال تداعب شعره وتقول:لم أعهدك كسولاً يا صاحب الهمم.
قبلته على جبينه، وقد صار وجهه شاحباً، فأمسك يد أمه وقبّلها، ثم نظر من خلال النافذة، صامتا حزينا، بدأت تمسح وجهه برفق وتقول:ألن تكف عن الحزن يا بني؟
جمال:دعيني أرثي كتابي الوحيد هنا فلقد أكملت قرآئته وودعته كان غريب مثلي، شكونا الوحدة معاً، شكونا الحزن معا،شكونا الألم معا،شكونا الجرح معا،بكيت فكأنه بكى، وكأننا بكينا معاً.
قالت:سيتغير الحال يا ولدي
ما بين طرفة عين وانتباهتها
يغير الله من حالٍ إلى حالِ
جمال بألم: الحمد لله، فلن يمر حال أسوأ مما مر، وهل يوجد أسوأ مما مر؟
سمية بحزن: لن يأتي يا ولدي، سنكون بخير هنا إن شاء الله، قم يا ولدي وتناول طعامك..تمر الأيام ولا أراك تأكل إلا بضع لقيمات.


نهض، ومشى بهدوء إلى غرفة الطعام،فأستقبله محمود، وكان يجلس حول المائدة فقال باسماً: كيف حال بطلنا جمال.
عدّل نظارته بتوتر وقال باضطراب: الحمد لله أنا بخير يا عمً.
قال محمود يداعب معتز وجمال: إذن هيا لنأكل فمعتز يموت جوعاً، وإن تأخرت أكثر فسيفترسك.
لم تكن شهية جمال على ما يرام كعادتها فأكل لقيمات وبقي جالساً ينتظر الإذن له بالانصراف،أ ما معتز، فيأكل بنهم.
لم يقدر محمود أن يسكت هذه المرة على ضعف شهية جمال فسأل عاتباً:أنا لا أراك تأكل؟
جمال بتوتر: بــ...بــ.. بلى..ربما لم تنتبه
محمود: يا بني،إنك الآن في طور النمو،وتحتاج إلى الغذاء.
لم يرد فلم يلزمه محمود الذي وقف متوجها إلى الباب وقال لسمية: أنا ذاهب للعمل إن أردت شيء اتصلي بي.
وقف جمال مقابل محمود، فمعتز أخبره بأن أبوه يحتاج إلى عامل وسيأخذه معه، فقال وهو يخفض رأسه:هل سأذهب للعمل معك؟
عقد محمود حاجبيه مستغربا وفكّر، ابتسم ثم قال: ماذا؟! آخذك لتعمل معي إنك هزيل و لا تنفعني.
نظر إلى سمية وضحك قائلا: أطعميه..
ثم رحل



قالت سمية: معتز، أبوك ينتظرك لتذهب إلى المكتبة، وأنت كذلك يا جمال.
جمال متلهفاً: ماذا المكتبة؟
هم بأن يركض فانتهرته سمية فتوقف، ورغم ذلك كان أول من وصل إلى العربة ،جلس في المقعد الخلفي،ينتظر معتز الذي نزل ببطء وقال لأبيه :والله لولا الدفاتر الجديدة و الحقيبة الجديدة التي وعدتني بها، ما جئت إلى هناك.
نظر محمود إلى معتز وقال متحدياً :طيب ..... سأعقد معكما اتفاق، في هذه المرة يجلس معتز في المقعد الأمامي، وفي المرة القادمة... جمال.
أحس جمال بالحرج الشديد وانكمش في جلسته، أراد أن يعاند لكنه لكن لسانه لم يطاوعه, وعندما وصل إلى المكتبة أصيب بخيبة أمل، لقد ظن أن زيارة المكتبة لاختيار الكتب، فاذا هي لدفاتر معتز وأقلامه.




كان معتز مشغولاً بانتقاء الدفاتر أما هو فلا يملك ثمن قلمٍ صغير، كرامته لم تسمح له أن يطلب أي شيء، ثم طاف بخياله أنه لم يُدعى أو أنه لن يذهب للمدرسة أصلاً، كما أوهمه معتز فتشاغل بالنظر إلى كتابٍ في المكتبة باسم " الحاجب المنصور"، وإذا بعمه يسأله بعد أن وقف مقابله: لماذا لم تختر القرطاسية؟
وضع الكتاب جانباً وأشار بكلتا يديه إلى صدره مندهشاً: أنا؟
محمود وهو يضحك: نعم أنت، هل ستكتب دروسك على ورق النخيل؟
جمال بخجل: لا شكراً.
محمود بحزم:لا تقل لي ... لا، على كل حال أنا و معتز سنختار لك.
واختار لجمال كما اختار لابنه وزاده بكتاب الحاجب المنصور.

***بسمة أمل ***
***بسمة أمل ***
¸.•´♥ غريب الدار ¸.•´♥ الحلقة الثانية ¸.•´♥الصقر الجريح¸.•´♥ السلام عليكم و رحمة الله و بركاته هل كان معتز يحلم؟ بل إن الحلم حقيقة! وإن هذه الحقيقة لا تصدّق! قُبله تُطبع على جبينه حتى يستيقظ، إنها القبلة الصباحية التي اعتاد عليها من شفتي أمه رحمها الله قُبله عطف وحنان، قُبله طاقة يهوى أن يبدأ بها يومه، لقد افتقدها على مدى ثلاث سنين، افتقد معها صراخ أخته وهي تحيه وتلاعبه، تصعد على ظهره وتشاكسه. يريد أن يفتح عينيه..لكنه يخشى الواقع،الذي لابد من مواجهته فهو يعيش تفاصيله، و لا يستطيع الهروب منه ،ثم قرر مواجهة الواقع وفتح عينيه، فكانت سمية تبتسم وتقول بصوت الأم الحنون: استيقظ يا كسول، الإفطار جاهز. وضع غطائه فوق رأسه بعد أن شعر بالإحباط فهي ليست أمه، وميسون الصغيرة ليست معها، وما أن رفع الغطاء حتى سقطت على الأرض صورة امرأة جميلة، سمراء ناعمة و بالقرب منها ملاك صغير في الثالثة من عمرها، فالتقطت سمية الصورة وقالت باسمة: إن أمك وميسون رائعتا الجمال. رفع غطائه فشاهد سمية تمسك بالصورة فأختطفها من يدها وقال غاضباً: إنها لي لا تسرقيها. تجاهلت رده القاسي وقالت بحنان: ولماذا لا تضعها داخل إطار؟ (ثم سكتت لحظة و أكملت)على فكرة ..لدي إطار جميل. ذهبت بخطواتها الرزينة الهادئة..وما لبثت أن رجعت...تحمل إطاراً جميلاً مذهباً، وضعت الصورة بداخل الإطار وقالت برضى:هكذا أجمل. معتز مستفسرا: لماذا لم تغضبي مني؟ سمية وهي تضع الصورة على صندوق الأدراج بالقرب منه :لماذا؟ معتز وهو يهز كتفيه: مممممم.. لأن النساء يغرن. ضحكت ضحكه صافية وقالت: والآن يكفي ثرثرة أيها الكسول... طعام الإفطار جاهز. مشى متكاسلاً ..أما هي فانتقلت لتجلس بالقرب من سرير جمال تداعب شعره وتقول:لم أعهدك كسولاً يا صاحب الهمم. قبلته على جبينه، وقد صار وجهه شاحباً، فأمسك يد أمه وقبّلها، ثم نظر من خلال النافذة، صامتا حزينا، بدأت تمسح وجهه برفق وتقول:ألن تكف عن الحزن يا بني؟ جمال:دعيني أرثي كتابي الوحيد هنا فلقد أكملت قرآئته وودعته كان غريب مثلي، شكونا الوحدة معاً، شكونا الحزن معا،شكونا الألم معا،شكونا الجرح معا،بكيت فكأنه بكى، وكأننا بكينا معاً. قالت:سيتغير الحال يا ولدي ما بين طرفة عين وانتباهتها يغير الله من حالٍ إلى حالِ جمال بألم: الحمد لله، فلن يمر حال أسوأ مما مر، وهل يوجد أسوأ مما مر؟ سمية بحزن: لن يأتي يا ولدي، سنكون بخير هنا إن شاء الله، قم يا ولدي وتناول طعامك..تمر الأيام ولا أراك تأكل إلا بضع لقيمات. نهض، ومشى بهدوء إلى غرفة الطعام،فأستقبله محمود، وكان يجلس حول المائدة فقال باسماً: كيف حال بطلنا جمال. عدّل نظارته بتوتر وقال باضطراب: الحمد لله أنا بخير يا عمً. قال محمود يداعب معتز وجمال: إذن هيا لنأكل فمعتز يموت جوعاً، وإن تأخرت أكثر فسيفترسك. لم تكن شهية جمال على ما يرام كعادتها فأكل لقيمات وبقي جالساً ينتظر الإذن له بالانصراف،أ ما معتز، فيأكل بنهم. لم يقدر محمود أن يسكت هذه المرة على ضعف شهية جمال فسأل عاتباً:أنا لا أراك تأكل؟ جمال بتوتر: بــ...بــ.. بلى..ربما لم تنتبه محمود: يا بني،إنك الآن في طور النمو،وتحتاج إلى الغذاء. لم يرد فلم يلزمه محمود الذي وقف متوجها إلى الباب وقال لسمية: أنا ذاهب للعمل إن أردت شيء اتصلي بي. وقف جمال مقابل محمود، فمعتز أخبره بأن أبوه يحتاج إلى عامل وسيأخذه معه، فقال وهو يخفض رأسه:هل سأذهب للعمل معك؟ عقد محمود حاجبيه مستغربا وفكّر، ابتسم ثم قال: ماذا؟! آخذك لتعمل معي إنك هزيل و لا تنفعني. نظر إلى سمية وضحك قائلا: أطعميه.. ثم رحل قالت سمية: معتز، أبوك ينتظرك لتذهب إلى المكتبة، وأنت كذلك يا جمال. جمال متلهفاً: ماذا المكتبة؟ هم بأن يركض فانتهرته سمية فتوقف، ورغم ذلك كان أول من وصل إلى العربة ،جلس في المقعد الخلفي،ينتظر معتز الذي نزل ببطء وقال لأبيه :والله لولا الدفاتر الجديدة و الحقيبة الجديدة التي وعدتني بها، ما جئت إلى هناك. نظر محمود إلى معتز وقال متحدياً :طيب ..... سأعقد معكما اتفاق، في هذه المرة يجلس معتز في المقعد الأمامي، وفي المرة القادمة... جمال. أحس جمال بالحرج الشديد وانكمش في جلسته، أراد أن يعاند لكنه لكن لسانه لم يطاوعه, وعندما وصل إلى المكتبة أصيب بخيبة أمل، لقد ظن أن زيارة المكتبة لاختيار الكتب، فاذا هي لدفاتر معتز وأقلامه. كان معتز مشغولاً بانتقاء الدفاتر أما هو فلا يملك ثمن قلمٍ صغير، كرامته لم تسمح له أن يطلب أي شيء، ثم طاف بخياله أنه لم يُدعى أو أنه لن يذهب للمدرسة أصلاً، كما أوهمه معتز فتشاغل بالنظر إلى كتابٍ في المكتبة باسم " الحاجب المنصور"، وإذا بعمه يسأله بعد أن وقف مقابله: لماذا لم تختر القرطاسية؟ وضع الكتاب جانباً وأشار بكلتا يديه إلى صدره مندهشاً: أنا؟ محمود وهو يضحك: نعم أنت، هل ستكتب دروسك على ورق النخيل؟ جمال بخجل: لا شكراً. محمود بحزم:لا تقل لي ... لا، على كل حال أنا و معتز سنختار لك. واختار لجمال كما اختار لابنه وزاده بكتاب الحاجب المنصور.
¸.•´♥ غريب الدار ¸.•´♥ الحلقة الثانية ¸.•´♥الصقر الجريح¸.•´♥ السلام عليكم و رحمة الله و...
جلس معتز حول المائدة ينادي:يا قوم إني أموت جوعاً، أدعوا الله أن يكون طعامنا بلا صدع ولا رأب.
رمق محمود ابنه بنظرة غضب، لكن وصول سمية بالوقت المناسب، وهي تضع أصناف الطعام الشهي أنقذه فضحكت وقالت:لقد أحضرت لي عمّتك سائدة....كنز.

اكتفى جمال في النظر إلى أمه وتعديل نظارته ليتأمل ضحكتها وبسمتها، أما معتز قال بلهفة: كنز... ما هو؟
سمية وقد جعلت وجهها يستقبل وجه معتز وقالت:دفتر طبخٍ كتبته أمك رحمها الله ..من الآن... سأطبخ الأصناف التي تحبها، ( وهمست بحنان)قد لا يكون طعامي مثل الأصل.. لكني سأحاول.
أحس معتز بالغبطة والسرور، أما محمود وجمال حدقا بسمية معجبين بأسلوبها ببسمتها الرقيقة.
نظر محمود إلى صحن جمال الذي ظل على حاله وسأل مؤنباً:إلى متى يا جمال؟ أنظر إلى جسدك النحيل ووجهك الشاحب، إني أخشى عليك أن يزداد مرضك.
جمال وقد عدّل نظارته: أرجوك ...لا أقدر على أكل المزيد
ثم نظر إلى أمه وقال: أشكرك يا أمي.
وقف ثم استدار لكن محمود قال بحزم وسطوة: لم أسمح لك بالانصراف.
نظرت سمية إلى محمود بقلق وأظهرت التماسك، قالت لمعتز بابتسامة شاحبة:ما رأيك أن تساعدني في نقل الأطباق؟


جلس جمال منقبض النفس، مضطرب الفؤاد، أما معتز كان يلمح الفتى شامتاً.
قال محمود بسطوة وتسلط: كُل.
اكتفى بهذين الحرفين حازماً، فأمسك جمال الملعقة بيد مرتعشة، فلم يقدر إلا على تناول لقمة وقال برجاء:لا..
أخذ محمود الملعقة من يد جمال، التقط لقمة من الطبق ودسها في فم جمال المستسلم المستكين وقال بسطوة وتسلط:لا..تقل.. لي..لا.. من الآن فصاعداً، سأجبرك على نظامٍ غذائيٍ صارم،إن لم تأكل سأطعملك أنا وأجبرك على تناول الطعام، لقد زاد ضعف جسدك.
لم يعرف جمال كيف يمضغ اللقمة، سأل محمود وهو ينظر إلى وجه جمال الشاحب ويبتسم:هل قرأت كتاب الحاجب المنصور؟
هز جمال رأسه بتوتر لينفي، ثم استجمع قواه وقال بتلعثم:أ....أرجوك...أتركني..
ثم لم يشعر بجسده فسقط رأسه على صدر محمود، وغاب عن الوعي، بدأ جسده يرتعش وبردت أطراف يده.
شعر محمود بالجزع، أما أمه فهرعت إليه وقالت مرتبكة: هل عاودته النوبة؟
معتز بدهشة: أي نوبة؟

حمله محمود وقال: يال حماقتي لقد كنت قسوت عليه، سأحمله إلى أخي راشد، جهزي نفسك لتأتي معي.
ارتدت ملابسها بسرعة، ولكنها عندما وصلت أمام الباب؟ ..تسمرت مكانها وقالت وهي تبكي:لا..لا.. أقدر أن أخرج..لا أستطيع.
ثم بركت على الأرض..ساعدها معتز على الوقوف وقال: لا بأس يا خالة سأبقى معك..(ووجه كلامه إلى أبيه وقال) أبي خذه الآن إلى المستشفى، أنا سأعتني في الخالة سمية
***بسمة أمل ***
***بسمة أمل ***
جلس معتز حول المائدة ينادي:يا قوم إني أموت جوعاً، أدعوا الله أن يكون طعامنا بلا صدع ولا رأب. رمق محمود ابنه بنظرة غضب، لكن وصول سمية بالوقت المناسب، وهي تضع أصناف الطعام الشهي أنقذه فضحكت وقالت:لقد أحضرت لي عمّتك سائدة....كنز. اكتفى جمال في النظر إلى أمه وتعديل نظارته ليتأمل ضحكتها وبسمتها، أما معتز قال بلهفة: كنز... ما هو؟ سمية وقد جعلت وجهها يستقبل وجه معتز وقالت:دفتر طبخٍ كتبته أمك رحمها الله ..من الآن... سأطبخ الأصناف التي تحبها، ( وهمست بحنان)قد لا يكون طعامي مثل الأصل.. لكني سأحاول. أحس معتز بالغبطة والسرور، أما محمود وجمال حدقا بسمية معجبين بأسلوبها ببسمتها الرقيقة. نظر محمود إلى صحن جمال الذي ظل على حاله وسأل مؤنباً:إلى متى يا جمال؟ أنظر إلى جسدك النحيل ووجهك الشاحب، إني أخشى عليك أن يزداد مرضك. جمال وقد عدّل نظارته: أرجوك ...لا أقدر على أكل المزيد ثم نظر إلى أمه وقال: أشكرك يا أمي. وقف ثم استدار لكن محمود قال بحزم وسطوة: لم أسمح لك بالانصراف. نظرت سمية إلى محمود بقلق وأظهرت التماسك، قالت لمعتز بابتسامة شاحبة:ما رأيك أن تساعدني في نقل الأطباق؟ جلس جمال منقبض النفس، مضطرب الفؤاد، أما معتز كان يلمح الفتى شامتاً. قال محمود بسطوة وتسلط: كُل. اكتفى بهذين الحرفين حازماً، فأمسك جمال الملعقة بيد مرتعشة، فلم يقدر إلا على تناول لقمة وقال برجاء:لا.. أخذ محمود الملعقة من يد جمال، التقط لقمة من الطبق ودسها في فم جمال المستسلم المستكين وقال بسطوة وتسلط:لا..تقل.. لي..لا.. من الآن فصاعداً، سأجبرك على نظامٍ غذائيٍ صارم،إن لم تأكل سأطعملك أنا وأجبرك على تناول الطعام، لقد زاد ضعف جسدك. لم يعرف جمال كيف يمضغ اللقمة، سأل محمود وهو ينظر إلى وجه جمال الشاحب ويبتسم:هل قرأت كتاب الحاجب المنصور؟ هز جمال رأسه بتوتر لينفي، ثم استجمع قواه وقال بتلعثم:أ....أرجوك...أتركني.. ثم لم يشعر بجسده فسقط رأسه على صدر محمود، وغاب عن الوعي، بدأ جسده يرتعش وبردت أطراف يده. شعر محمود بالجزع، أما أمه فهرعت إليه وقالت مرتبكة: هل عاودته النوبة؟ معتز بدهشة: أي نوبة؟ حمله محمود وقال: يال حماقتي لقد كنت قسوت عليه، سأحمله إلى أخي راشد، جهزي نفسك لتأتي معي. ارتدت ملابسها بسرعة، ولكنها عندما وصلت أمام الباب؟ ..تسمرت مكانها وقالت وهي تبكي:لا..لا.. أقدر أن أخرج..لا أستطيع. ثم بركت على الأرض..ساعدها معتز على الوقوف وقال: لا بأس يا خالة سأبقى معك..(ووجه كلامه إلى أبيه وقال) أبي خذه الآن إلى المستشفى، أنا سأعتني في الخالة سمية
جلس معتز حول المائدة ينادي:يا قوم إني أموت جوعاً، أدعوا الله أن يكون طعامنا بلا صدع ولا رأب. رمق...

مازال جمال فاقد الوعي، ممد على السرير، وإبرة المغذي في يده، محمود جالساً على كرسي بالقرب من السرير، يمسك بيد جمال، يسند رأسه عند يديه ويد جمال، أما الدكتور راشد وقف بجانب أخيه ينظر إلى جمال ويقول والألم يعتصره: يؤسفني أنك قد شهدت النهاية، ولم تشهد البداية...شهدت نهاية الطفل الشجاع(وأغمض عينيه بألم فنزلت دمعة تحسر وقال)...لقد انتهى جمال يا محمود..لن ينهض مرة أخرى.
محمود بحزم وثقة: إن الذي جمعني معه بمعجزة...قادر على أن يبعث الروح فيه من جديد ..بمعجزة أخرى...
هز الدكتور راشد رأسه متحسراً وقال:لا يمكن إقناعك.. على كل حال .. لقد جهزت له بعض المهدئات.. ..لا تقلق إن زادت ساعات نومه.




فتح جمال عينيه فوجد راشد ومحمود حوله فأحس بيد محمود الدافئة تمسك بيده بحنان.
قال راشد لمحمود وهو يمسح شعر جمال: استيقظ فارسك يا محمود.
محمود بتأسف: سامحني يا بني إن كنت قاسياً..
فأطلق شبه ابتسامة ولم يرد ..فقال الدكتور راشد:مع الأسف أيها الصقر الأندلسي، سترى قسوة أكثر من أخي الأكبر..إنني قد صرت طبيباً (وهمس في أذنه)وما زلت أرتجف من هيبته وسطوته.
ثم قال باسماً:سيكون نشيدك..كنشيدك في الماضي،أيها الصقر الأندلسي
و لرب نازلة يضيق لها الفتى ذرعاً وعند الله منها المخرجا
نزلت دموع جمال وأشاح بوجهه ولم يرد..أحس راشد بالألم على جمال..ثم قال الدكتور راشد بحزم:على كل حال إنك مصاب بسوء التغذية، أنا أدعوك يا محمود على أن تجبر جمال بتناول برنامج غذائي صارم.
قال محمود لجمال برفق:أعلم أيها الفارس الصغير بأنك مررت بأيامٍ عصيبة..لكنها انتهت يا ولدي..أليس كذلك يا بطل؟
لم يرد ولم يبتسم..
راشد باسماً: بلى قد انتهت يا جمال وصارت من الماضي،والآن جهزت أدوية عندما ستناولها ستصبح شهيتك أقوى من شهية معتز.





أحس معتز بيد حانية تمسح رأسه، إنه أبوه ينحني ويبتسم ثم يهمس: لقد أثبتّ رجولتك برباطة جأشك اليوم.
فتح معتز عينيه وابتسم لأبيه فسأل محمود: كيف حال سمية؟
قبل أن ينهي الجمله، دخلت سمية الغرفة، والإرهاق يظهر على وجهها، مشت ببطء إلى أن وصلت إلى سرير جمال، جلست على الأرض بجوار ابنها، أمسكت بيده،صارت تمسح دموعها بيده وتقول :قتلناك أيها الصقر الجريح..آه يا ولدي ...متى ستحلق من جديد...
أمسك محمود بيد معتز، ساعده على النهوض، لف ذراعه حول ظهر معتز وخرجا إلى الصالة ثم جلسا على الأريكة، أسند محمود رأسه على ظهر الأريكة ابتسم وقال لمعتز:أتعلم؟ أنا لم أكن أعرف جمال، إن الذي كان يعرفه، هو راشد، وكان يلتقي معه في مساجد أمريكا، كان جمال مرحا مثلك، كان شخصية فريدة( صمت برهة ثم أكمل)عندما ماتت والدتك و ميسون كنت أحكي مع راشد ونبرة الحزن تملأ صوتي، فيحكي لي نوادر جمال ليخفف عني.. كان يتكلم عنه بفخر..عن صموده وعن ذكائه، عن صبره وعن إيمانه، وكنت أدعو الله بصدق أن يجمعني معه..لأراه وأحتضنه..لأخفف عنه آلامه وأحزانه، ثم ..و بالصدفة ،استجاب الله دعائي و التقيت معه ومع أمه قبل ستة أشهر.
معتز: كيف؟
انطفأت الابتسامة..وأغمض عينيه كأنه يتذكر مشهدا مروعاً
وسكت.


كان جمال ممدد على سريره ينظر من خلال النافذة, ومعتز ينظر إليه محتاراً و يسأل: من أنت أيها الغريب؟وما هي حكايتك؟
حدق جمال في النجوم، تذكر ابتسامة أمه و ضحكتها،فابتسم ثم قال:أنا يا معتز... عبد الرحمن الغافقي...قتلت في المكان الذي ولدت فيه أمي.





ما هي حكاية جمال؟
ما قصته؟
مازال جمال يحمل الكثير من المفاجآت ..
فأنتظروا حكايته :)
براءة طفولة 22
براءة طفولة 22
واو رووعة ما كملتها بس ان شاء الله اقراها