


ام اليزيد :
ننتظر البقيةننتظر البقية
حتى ذلك الحين كان الوضع كالتالي : عبير مع زوجها في الأردن ، أمها تعيش بالقرب منها ، سهى تسكن في بيت صغير بالقرب من بيت عماد لأنها تلقت مضايقات كثيرة من جميلة وامها ...
عماد يزور أمه بالأدرن دائما ويسأل عن حالها ....
بنات عماد يدرسون في أفضل مدارس فلسطين على الإطلاق ... حالة عماد المادية تحسنت جدا جدا ، أصبح عنده سيارة ومنزل كبير ، وأصبح مدير قسم في شركته ...
أما علاقته مع جميلة فكانت جحيما لا يطاق ... جميلة هي أبعد ما يكون عن الدين ... حتى ان عماد بات يقصر في صلاته وأصبحت حياته تعيسة ... يحب بناته جدا .. كان عنده عاطفة أبوة تفوق أية عاطفة في الدنيا ، وكأنه بعاطفته الجياشة يحاول نسيان العاطفة التي لم يرها من ابيه ...
كان دائما يلاعب بناته ويضحكهم ، يأخذهم في نزهات ... لم يكن يحرمهم وأمهم من أي شيء ..
كانت له حكاية مسلية مع بناته ، فعندما كان يمازحهن كان يقول لهن : أقوللكم قصة ... فتجتمع بناته حوله ليسمعن فيقول لهم : ( كان في راعي عنده عباي قصقصها ودوّرها ... أحكيلكم من أولها .... ) فيجيبونه بالإيجاب فيعيد سرد الجملة مرة أخرى فتضحك بناته .... كانت جملة من قصة لم يعرف بناته أو حتى عماد تكملتها ....
غابت عني تفاصيل كثيرة مما كان عماد يسرده .. لكن حياته كانت جحيما ، كان يندم في كل ساعة وكل قيقة على زواجه من جميلة ... لكنه كان يحمل نفسه فوق طاقتها من أجل بناته ، فهو لا يريد تشتيتهم ، وكان عنده أمل في ان تتغير المتكبرة المتعجرفة السخيفة التي تسمى زوجته ...
في يوم من الأيام كان عماد في نزهة مع بناته وزوجته عندما قلبت زوجته الرحلة إلى نكد ... وكان طبع عماد أن يسكت فلا يجادل كثيرا وكان طبعها أن لا تتوقف عن الصراخ والكلام الفارغ كرأسها ...
كانت تصيح وتصيح ... أما هو فلم يكن حتى يسمعها ... كان فكره مشغولا بتفاصيل حياته ... نسي أنها تصرخ بجانبه ... ولم يعبأ ببناته خلفه يلعبون في السيارة .... وفجأة انحرف عماد عن الطريق ، وسارعبر اتجاه منحدر صخري على الطريق ، كان كل همه أن يرتاح من الدنيا ، فهو مذ ولد لم ير لحظة سعيدة ، وجاءت جميلة لتكمل تعاسته ، فأنسته دينه وجعلت همه الراحة من الدنيا حتى لو كان الجزاء جهنم في الآخرة ... اتجه عماد بسرعة إلى المنحدر الصخري وقبل أن يقع في الهاوية سمع صوت ابنته الصغرى هدير ، كانت طفلة بريئة تبتسم لأن أبوها يسير بسرعة على غير عادته ... هنا تذكر عماد ان معه بناته الاطفال ... وأدرك ما كان مقدما عليه ، فاستغفر ربه وعاد أدراجه إلى الطريق وتخلى عن فكرة الانتحار للأبد نادما على ما فكر فيه ...
مضت الأيام ، عماد صابر ، سهى وعماد علاقتهم باتت أقوى وأقوى ، كانوا يحبون بعضهم البعض ، كل منهم يرى في الآخر سندا وملجأ .... وكانت نتيجة زيارة عماد لأخته أن حماته أظهرت أصلها العفن وأصل ابنتها الحقير عندما اتهمته بأنه يزني بها!!! ... تخيلوا الى اي درجة وصلت بهم الحقارة!! الى اتهامه بالزنى باخته ... كل هذا لأن علاقته بها كانت قوية اخته التي لايملك بالدنيا سواها خاصة ان حنان امه وعبير اخته تسكنان بالاردن بعيدا عنه !!!
( وبعدين معكم .... بتفهموش شو بتحكوا ، ولكم هاي أختي ، أختي يا عالم ... أنا .... لا حول ولا قوة الا بالله ، ذمتكم وسيعة وبتحكوا على الناس .... أختي بنت مش متزوجة عايشة لحالها ، لما أزورها بكون .... لا حول ولا قوة إلا بالله .... ) كانت هذه نقطة فاصلة في حياة عماد ، فعندما تتهمه حماته وزوجته الحقيرات بانه على علاقة بأخته ، أدرك عماد انه اختار أسوأ امرأة لتربي أولاده ... عصب عليها وصارت مشاكل ... قصدي يعني انها وصلت المشاكل حدها الأعلى ... لو أن رجلا آخر كان مكان عماد لطلق امرأته الحقيرة التي تتهمه بهذا الشكل ، ولم يكن أحد ليلومه ... لكنه كان وكما ذكرت سابقا يحمل نفسه عبأ لا تحمله الجبال مخافة ان تتشتت بناته بين أمهم وأبيهم ... أصبح جسد عماد هزيلا نحيفا .... أصبحت حياته روتينية ، في الصباح يخرج لعمله ، ويعود مساءا إلى مسلسلات زوجته التي لا حلقة أخيرة فيها ... بل أحداث حلقاتها تزداد إثارة يوما بعد يوم ...
وفي يوم من الأيام وعندما وصل عماد إلى عمله لقيه الحارس وقال له : أستاذ عماد ، هادي رسالة جابتلك اياها وحدة ووصتني أسلمك اياها ...
عماد : ومين هالوحدة عاد
حارس الشركة : ما بعرف ، مرة كبيرة بالسن ، وشكلها أجنبية .....
خفق قلب عماد بشدة .... أخذ الرسالة من يد الحارس وفتحها ليجد عليها كلمات قليلة كتبت بلغة غير عربية .... وبالواقع كانت اللغة التي خطت بها هذه الكلمات .... عبرية ... وهنا كاد قلب عماد يقفز من صدره ... ولم يعرف عماد ما السبب لكنه كان يحمل شكوكه الخاصة ....
ذهب عماد عند صديق له يجيد اللغة العبرية وطلب منه ترجمة الورقة ، وجاء الخبر الذي تلقاه عماد بصدمة وذهول رغم أنه الخبر الذي كان متأكدا أنه سيسمعه من صديقه ....
( المرة بتقول إنها امك ، وبكرة رح تيجي على الشركة عشان تشوفك ... )
مرت ساعات العمل ثقيلة طويلة ، وعاد عماد إلى منزله والذهول في عينيه ... آآآآآآآآآه من عينيه.. عيناه هاتان كانتا مرآة لقلبه وصدره ، من كان يريد قراءة أفكار عماد كان يكتفي بالنظر إلى عينيه .... عسليتان واسعتان جميلتان ، تحملان حزنا وهما يجوب في أنحائهما ...
وفي اليوم التالي ... ذهب عماد من الصباح إلى أمه في الأردن ... أمه حنان التي أحبها ... أم عماد التي كانت تطرب لسماع هذا الاسم ... حنان التي ربته كما لم تربي ام ابنها الذي حملته في بطنها تسعة أشهر ....
جلس عندها ، فرحتها كانت لا تقاس ... حتى لو زارها كل دقيقة فستبقى فرحتها في أوجها ... تزداد محبتها له مع الايام ... لو شو ما أحكي ما بوفيلها حقها ، امرأة صالحة نادرا ما نشوف متلها ...
قرأت ام عماد أفكار عماد التي سطرت في عينيه وفاتحته قائلة ( يما ، شو مالك )
عماد: ها .... لا .. لا يما ولا اشي يا ست الكل تعبان شوي
أم عماد : والله يما أنا متأكدة انك مش مرتاح مع مرتك ...
عماد : لا يما جميلة منيحة وبيكفي عندي هالبنات بيسووا الدنيا كلها
أم عماد : الله يوفقك يما ، وأنا شو بدي بهادنيا غير سعادتك ... بس يما بدك تخبي علي ... انت ابني وأنا اللي بعرف مالك ...
عماد : بصراحة ... وسرد عماد قصة الورقة والأم اليهودية التي تذكرت أن لها ابنا قد شارف على الثلاثين أو أكثر من عمره ... عماد لم يكمل القصة لأن حنان بدأت بالبكاء ... كانت تبكي بكاء مريرا ، احمرت عيناها اللتين لم تخفي الايام جمالهما وروعتهما ، واحمر وجهها المدور الذي يضاهي وجوه الصبايا بالجمال والتورد ... بكى عماد معها ... وأخذ يخفف عنها ... ( يما إزا ما بدك اياني أشوفها ما بروح ... ما بدي اياها ، انتي عندي بالدنيا كلها ، انتي امي وست الكل )
رفعت أم عماد رأسها وقالت له : لا يا حبيبي ، هي اللي ولدتك ، شوفها يما ، شوفها .... بس يا عماد .... ما تنساني يا نور عيوني ... ما تتركني لما تتعرف عليها ... ما تنسى إني أم عماد وإنك عندي أغلى من روحي ... طال بكاء الاثنين ... تكرر موقف دخول خالد إلى البيت وإعلان حقيقة أن حنان ليست ام عماد ... تكرر عندما جاءت أم عماد اليهودية بعد غيااااااب طويل لترى ابنها ...
عاد عماد إلى الشركة ، وجاء موعد قدوم المرأة التي تقول انها امه ...
كانت سارة قد فقدت جزءا كبيرا من جمالها إن لم تكن قد فقدته كله ، عيناها الزرقاوان كانتا غائرتين في هالة من التجاعيد ، وشعرها الاشقر المنسدل قد أصبح ابيضا ... جلدها أصبح طريا وعدا ذلك فقد كانت قوية تتمتع بصحة جسدية كبيرة ... تربط شعرها بطريقة فريدة وتلفه ... كانت ككل عجوز أجنبية يصورونها بالمسلسلات ...
وكان اللقاء ... لقاء ينقصه حنين وحب ، لقاء يخلو من الحرارة والدفء ... وكان التعرف بينهما ... عرفت طريقه عندما عرفت احد اصدقاء أبيه من مشيته ونادت عليه لتسال عن حال ابنها وعرفت انه يعمل في هذه الشركة ...
ذهبت إلى بيته وتعرفت على ابنتها سهى ، فكان اللقاء باردا كما هو الحال مع عماد ... أما جميلة فعينكم ما تشوف إلا النور ... ما حبتها ولا طاقتها وتنكدت منها وكانت تكرهها كره العمى ...
مرت الأيام وتكررت زيارات سارة لابنها ، كانت تحبهم ، وتحب جميلة ( لأنها قليلة دين ) لكن جميلة كانت تكرهها ...
سارة وبعد طلاقها من خالد تزوجت رجل يهودي آخر وأنجبت منه ابنتان ( راشيل ودورا ) .. دورا كانت متزوجه وتعيش في مدينة تل الربيع في فلسطين والتي تسمى الآن ( تل أبيب ) ، أما راشيل فكانت مسخا بشعر أشقر ... شعرها جميل منسدل لامع ، أما وجهها فكان ... أستغفر الله العظيم ...
عماد يزور أمه بالأدرن دائما ويسأل عن حالها ....
بنات عماد يدرسون في أفضل مدارس فلسطين على الإطلاق ... حالة عماد المادية تحسنت جدا جدا ، أصبح عنده سيارة ومنزل كبير ، وأصبح مدير قسم في شركته ...
أما علاقته مع جميلة فكانت جحيما لا يطاق ... جميلة هي أبعد ما يكون عن الدين ... حتى ان عماد بات يقصر في صلاته وأصبحت حياته تعيسة ... يحب بناته جدا .. كان عنده عاطفة أبوة تفوق أية عاطفة في الدنيا ، وكأنه بعاطفته الجياشة يحاول نسيان العاطفة التي لم يرها من ابيه ...
كان دائما يلاعب بناته ويضحكهم ، يأخذهم في نزهات ... لم يكن يحرمهم وأمهم من أي شيء ..
كانت له حكاية مسلية مع بناته ، فعندما كان يمازحهن كان يقول لهن : أقوللكم قصة ... فتجتمع بناته حوله ليسمعن فيقول لهم : ( كان في راعي عنده عباي قصقصها ودوّرها ... أحكيلكم من أولها .... ) فيجيبونه بالإيجاب فيعيد سرد الجملة مرة أخرى فتضحك بناته .... كانت جملة من قصة لم يعرف بناته أو حتى عماد تكملتها ....
غابت عني تفاصيل كثيرة مما كان عماد يسرده .. لكن حياته كانت جحيما ، كان يندم في كل ساعة وكل قيقة على زواجه من جميلة ... لكنه كان يحمل نفسه فوق طاقتها من أجل بناته ، فهو لا يريد تشتيتهم ، وكان عنده أمل في ان تتغير المتكبرة المتعجرفة السخيفة التي تسمى زوجته ...
في يوم من الأيام كان عماد في نزهة مع بناته وزوجته عندما قلبت زوجته الرحلة إلى نكد ... وكان طبع عماد أن يسكت فلا يجادل كثيرا وكان طبعها أن لا تتوقف عن الصراخ والكلام الفارغ كرأسها ...
كانت تصيح وتصيح ... أما هو فلم يكن حتى يسمعها ... كان فكره مشغولا بتفاصيل حياته ... نسي أنها تصرخ بجانبه ... ولم يعبأ ببناته خلفه يلعبون في السيارة .... وفجأة انحرف عماد عن الطريق ، وسارعبر اتجاه منحدر صخري على الطريق ، كان كل همه أن يرتاح من الدنيا ، فهو مذ ولد لم ير لحظة سعيدة ، وجاءت جميلة لتكمل تعاسته ، فأنسته دينه وجعلت همه الراحة من الدنيا حتى لو كان الجزاء جهنم في الآخرة ... اتجه عماد بسرعة إلى المنحدر الصخري وقبل أن يقع في الهاوية سمع صوت ابنته الصغرى هدير ، كانت طفلة بريئة تبتسم لأن أبوها يسير بسرعة على غير عادته ... هنا تذكر عماد ان معه بناته الاطفال ... وأدرك ما كان مقدما عليه ، فاستغفر ربه وعاد أدراجه إلى الطريق وتخلى عن فكرة الانتحار للأبد نادما على ما فكر فيه ...
مضت الأيام ، عماد صابر ، سهى وعماد علاقتهم باتت أقوى وأقوى ، كانوا يحبون بعضهم البعض ، كل منهم يرى في الآخر سندا وملجأ .... وكانت نتيجة زيارة عماد لأخته أن حماته أظهرت أصلها العفن وأصل ابنتها الحقير عندما اتهمته بأنه يزني بها!!! ... تخيلوا الى اي درجة وصلت بهم الحقارة!! الى اتهامه بالزنى باخته ... كل هذا لأن علاقته بها كانت قوية اخته التي لايملك بالدنيا سواها خاصة ان حنان امه وعبير اخته تسكنان بالاردن بعيدا عنه !!!
( وبعدين معكم .... بتفهموش شو بتحكوا ، ولكم هاي أختي ، أختي يا عالم ... أنا .... لا حول ولا قوة الا بالله ، ذمتكم وسيعة وبتحكوا على الناس .... أختي بنت مش متزوجة عايشة لحالها ، لما أزورها بكون .... لا حول ولا قوة إلا بالله .... ) كانت هذه نقطة فاصلة في حياة عماد ، فعندما تتهمه حماته وزوجته الحقيرات بانه على علاقة بأخته ، أدرك عماد انه اختار أسوأ امرأة لتربي أولاده ... عصب عليها وصارت مشاكل ... قصدي يعني انها وصلت المشاكل حدها الأعلى ... لو أن رجلا آخر كان مكان عماد لطلق امرأته الحقيرة التي تتهمه بهذا الشكل ، ولم يكن أحد ليلومه ... لكنه كان وكما ذكرت سابقا يحمل نفسه عبأ لا تحمله الجبال مخافة ان تتشتت بناته بين أمهم وأبيهم ... أصبح جسد عماد هزيلا نحيفا .... أصبحت حياته روتينية ، في الصباح يخرج لعمله ، ويعود مساءا إلى مسلسلات زوجته التي لا حلقة أخيرة فيها ... بل أحداث حلقاتها تزداد إثارة يوما بعد يوم ...
وفي يوم من الأيام وعندما وصل عماد إلى عمله لقيه الحارس وقال له : أستاذ عماد ، هادي رسالة جابتلك اياها وحدة ووصتني أسلمك اياها ...
عماد : ومين هالوحدة عاد
حارس الشركة : ما بعرف ، مرة كبيرة بالسن ، وشكلها أجنبية .....
خفق قلب عماد بشدة .... أخذ الرسالة من يد الحارس وفتحها ليجد عليها كلمات قليلة كتبت بلغة غير عربية .... وبالواقع كانت اللغة التي خطت بها هذه الكلمات .... عبرية ... وهنا كاد قلب عماد يقفز من صدره ... ولم يعرف عماد ما السبب لكنه كان يحمل شكوكه الخاصة ....
ذهب عماد عند صديق له يجيد اللغة العبرية وطلب منه ترجمة الورقة ، وجاء الخبر الذي تلقاه عماد بصدمة وذهول رغم أنه الخبر الذي كان متأكدا أنه سيسمعه من صديقه ....
( المرة بتقول إنها امك ، وبكرة رح تيجي على الشركة عشان تشوفك ... )
مرت ساعات العمل ثقيلة طويلة ، وعاد عماد إلى منزله والذهول في عينيه ... آآآآآآآآآه من عينيه.. عيناه هاتان كانتا مرآة لقلبه وصدره ، من كان يريد قراءة أفكار عماد كان يكتفي بالنظر إلى عينيه .... عسليتان واسعتان جميلتان ، تحملان حزنا وهما يجوب في أنحائهما ...
وفي اليوم التالي ... ذهب عماد من الصباح إلى أمه في الأردن ... أمه حنان التي أحبها ... أم عماد التي كانت تطرب لسماع هذا الاسم ... حنان التي ربته كما لم تربي ام ابنها الذي حملته في بطنها تسعة أشهر ....
جلس عندها ، فرحتها كانت لا تقاس ... حتى لو زارها كل دقيقة فستبقى فرحتها في أوجها ... تزداد محبتها له مع الايام ... لو شو ما أحكي ما بوفيلها حقها ، امرأة صالحة نادرا ما نشوف متلها ...
قرأت ام عماد أفكار عماد التي سطرت في عينيه وفاتحته قائلة ( يما ، شو مالك )
عماد: ها .... لا .. لا يما ولا اشي يا ست الكل تعبان شوي
أم عماد : والله يما أنا متأكدة انك مش مرتاح مع مرتك ...
عماد : لا يما جميلة منيحة وبيكفي عندي هالبنات بيسووا الدنيا كلها
أم عماد : الله يوفقك يما ، وأنا شو بدي بهادنيا غير سعادتك ... بس يما بدك تخبي علي ... انت ابني وأنا اللي بعرف مالك ...
عماد : بصراحة ... وسرد عماد قصة الورقة والأم اليهودية التي تذكرت أن لها ابنا قد شارف على الثلاثين أو أكثر من عمره ... عماد لم يكمل القصة لأن حنان بدأت بالبكاء ... كانت تبكي بكاء مريرا ، احمرت عيناها اللتين لم تخفي الايام جمالهما وروعتهما ، واحمر وجهها المدور الذي يضاهي وجوه الصبايا بالجمال والتورد ... بكى عماد معها ... وأخذ يخفف عنها ... ( يما إزا ما بدك اياني أشوفها ما بروح ... ما بدي اياها ، انتي عندي بالدنيا كلها ، انتي امي وست الكل )
رفعت أم عماد رأسها وقالت له : لا يا حبيبي ، هي اللي ولدتك ، شوفها يما ، شوفها .... بس يا عماد .... ما تنساني يا نور عيوني ... ما تتركني لما تتعرف عليها ... ما تنسى إني أم عماد وإنك عندي أغلى من روحي ... طال بكاء الاثنين ... تكرر موقف دخول خالد إلى البيت وإعلان حقيقة أن حنان ليست ام عماد ... تكرر عندما جاءت أم عماد اليهودية بعد غيااااااب طويل لترى ابنها ...
عاد عماد إلى الشركة ، وجاء موعد قدوم المرأة التي تقول انها امه ...
كانت سارة قد فقدت جزءا كبيرا من جمالها إن لم تكن قد فقدته كله ، عيناها الزرقاوان كانتا غائرتين في هالة من التجاعيد ، وشعرها الاشقر المنسدل قد أصبح ابيضا ... جلدها أصبح طريا وعدا ذلك فقد كانت قوية تتمتع بصحة جسدية كبيرة ... تربط شعرها بطريقة فريدة وتلفه ... كانت ككل عجوز أجنبية يصورونها بالمسلسلات ...
وكان اللقاء ... لقاء ينقصه حنين وحب ، لقاء يخلو من الحرارة والدفء ... وكان التعرف بينهما ... عرفت طريقه عندما عرفت احد اصدقاء أبيه من مشيته ونادت عليه لتسال عن حال ابنها وعرفت انه يعمل في هذه الشركة ...
ذهبت إلى بيته وتعرفت على ابنتها سهى ، فكان اللقاء باردا كما هو الحال مع عماد ... أما جميلة فعينكم ما تشوف إلا النور ... ما حبتها ولا طاقتها وتنكدت منها وكانت تكرهها كره العمى ...
مرت الأيام وتكررت زيارات سارة لابنها ، كانت تحبهم ، وتحب جميلة ( لأنها قليلة دين ) لكن جميلة كانت تكرهها ...
سارة وبعد طلاقها من خالد تزوجت رجل يهودي آخر وأنجبت منه ابنتان ( راشيل ودورا ) .. دورا كانت متزوجه وتعيش في مدينة تل الربيع في فلسطين والتي تسمى الآن ( تل أبيب ) ، أما راشيل فكانت مسخا بشعر أشقر ... شعرها جميل منسدل لامع ، أما وجهها فكان ... أستغفر الله العظيم ...

كاندا كازومي :
حتى ذلك الحين كان الوضع كالتالي : عبير مع زوجها في الأردن ، أمها تعيش بالقرب منها ، سهى تسكن في بيت صغير بالقرب من بيت عماد لأنها تلقت مضايقات كثيرة من جميلة وامها ... عماد يزور أمه بالأدرن دائما ويسأل عن حالها .... بنات عماد يدرسون في أفضل مدارس فلسطين على الإطلاق ... حالة عماد المادية تحسنت جدا جدا ، أصبح عنده سيارة ومنزل كبير ، وأصبح مدير قسم في شركته ... أما علاقته مع جميلة فكانت جحيما لا يطاق ... جميلة هي أبعد ما يكون عن الدين ... حتى ان عماد بات يقصر في صلاته وأصبحت حياته تعيسة ... يحب بناته جدا .. كان عنده عاطفة أبوة تفوق أية عاطفة في الدنيا ، وكأنه بعاطفته الجياشة يحاول نسيان العاطفة التي لم يرها من ابيه ... كان دائما يلاعب بناته ويضحكهم ، يأخذهم في نزهات ... لم يكن يحرمهم وأمهم من أي شيء .. كانت له حكاية مسلية مع بناته ، فعندما كان يمازحهن كان يقول لهن : أقوللكم قصة ... فتجتمع بناته حوله ليسمعن فيقول لهم : ( كان في راعي عنده عباي قصقصها ودوّرها ... أحكيلكم من أولها .... ) فيجيبونه بالإيجاب فيعيد سرد الجملة مرة أخرى فتضحك بناته .... كانت جملة من قصة لم يعرف بناته أو حتى عماد تكملتها .... غابت عني تفاصيل كثيرة مما كان عماد يسرده .. لكن حياته كانت جحيما ، كان يندم في كل ساعة وكل قيقة على زواجه من جميلة ... لكنه كان يحمل نفسه فوق طاقتها من أجل بناته ، فهو لا يريد تشتيتهم ، وكان عنده أمل في ان تتغير المتكبرة المتعجرفة السخيفة التي تسمى زوجته ... في يوم من الأيام كان عماد في نزهة مع بناته وزوجته عندما قلبت زوجته الرحلة إلى نكد ... وكان طبع عماد أن يسكت فلا يجادل كثيرا وكان طبعها أن لا تتوقف عن الصراخ والكلام الفارغ كرأسها ... كانت تصيح وتصيح ... أما هو فلم يكن حتى يسمعها ... كان فكره مشغولا بتفاصيل حياته ... نسي أنها تصرخ بجانبه ... ولم يعبأ ببناته خلفه يلعبون في السيارة .... وفجأة انحرف عماد عن الطريق ، وسارعبر اتجاه منحدر صخري على الطريق ، كان كل همه أن يرتاح من الدنيا ، فهو مذ ولد لم ير لحظة سعيدة ، وجاءت جميلة لتكمل تعاسته ، فأنسته دينه وجعلت همه الراحة من الدنيا حتى لو كان الجزاء جهنم في الآخرة ... اتجه عماد بسرعة إلى المنحدر الصخري وقبل أن يقع في الهاوية سمع صوت ابنته الصغرى هدير ، كانت طفلة بريئة تبتسم لأن أبوها يسير بسرعة على غير عادته ... هنا تذكر عماد ان معه بناته الاطفال ... وأدرك ما كان مقدما عليه ، فاستغفر ربه وعاد أدراجه إلى الطريق وتخلى عن فكرة الانتحار للأبد نادما على ما فكر فيه ... مضت الأيام ، عماد صابر ، سهى وعماد علاقتهم باتت أقوى وأقوى ، كانوا يحبون بعضهم البعض ، كل منهم يرى في الآخر سندا وملجأ .... وكانت نتيجة زيارة عماد لأخته أن حماته أظهرت أصلها العفن وأصل ابنتها الحقير عندما اتهمته بأنه يزني بها!!! ... تخيلوا الى اي درجة وصلت بهم الحقارة!! الى اتهامه بالزنى باخته ... كل هذا لأن علاقته بها كانت قوية اخته التي لايملك بالدنيا سواها خاصة ان حنان امه وعبير اخته تسكنان بالاردن بعيدا عنه !!! ( وبعدين معكم .... بتفهموش شو بتحكوا ، ولكم هاي أختي ، أختي يا عالم ... أنا .... لا حول ولا قوة الا بالله ، ذمتكم وسيعة وبتحكوا على الناس .... أختي بنت مش متزوجة عايشة لحالها ، لما أزورها بكون .... لا حول ولا قوة إلا بالله .... ) كانت هذه نقطة فاصلة في حياة عماد ، فعندما تتهمه حماته وزوجته الحقيرات بانه على علاقة بأخته ، أدرك عماد انه اختار أسوأ امرأة لتربي أولاده ... عصب عليها وصارت مشاكل ... قصدي يعني انها وصلت المشاكل حدها الأعلى ... لو أن رجلا آخر كان مكان عماد لطلق امرأته الحقيرة التي تتهمه بهذا الشكل ، ولم يكن أحد ليلومه ... لكنه كان وكما ذكرت سابقا يحمل نفسه عبأ لا تحمله الجبال مخافة ان تتشتت بناته بين أمهم وأبيهم ... أصبح جسد عماد هزيلا نحيفا .... أصبحت حياته روتينية ، في الصباح يخرج لعمله ، ويعود مساءا إلى مسلسلات زوجته التي لا حلقة أخيرة فيها ... بل أحداث حلقاتها تزداد إثارة يوما بعد يوم ... وفي يوم من الأيام وعندما وصل عماد إلى عمله لقيه الحارس وقال له : أستاذ عماد ، هادي رسالة جابتلك اياها وحدة ووصتني أسلمك اياها ... عماد : ومين هالوحدة عاد حارس الشركة : ما بعرف ، مرة كبيرة بالسن ، وشكلها أجنبية ..... خفق قلب عماد بشدة .... أخذ الرسالة من يد الحارس وفتحها ليجد عليها كلمات قليلة كتبت بلغة غير عربية .... وبالواقع كانت اللغة التي خطت بها هذه الكلمات .... عبرية ... وهنا كاد قلب عماد يقفز من صدره ... ولم يعرف عماد ما السبب لكنه كان يحمل شكوكه الخاصة .... ذهب عماد عند صديق له يجيد اللغة العبرية وطلب منه ترجمة الورقة ، وجاء الخبر الذي تلقاه عماد بصدمة وذهول رغم أنه الخبر الذي كان متأكدا أنه سيسمعه من صديقه .... ( المرة بتقول إنها امك ، وبكرة رح تيجي على الشركة عشان تشوفك ... ) مرت ساعات العمل ثقيلة طويلة ، وعاد عماد إلى منزله والذهول في عينيه ... آآآآآآآآآه من عينيه.. عيناه هاتان كانتا مرآة لقلبه وصدره ، من كان يريد قراءة أفكار عماد كان يكتفي بالنظر إلى عينيه .... عسليتان واسعتان جميلتان ، تحملان حزنا وهما يجوب في أنحائهما ... وفي اليوم التالي ... ذهب عماد من الصباح إلى أمه في الأردن ... أمه حنان التي أحبها ... أم عماد التي كانت تطرب لسماع هذا الاسم ... حنان التي ربته كما لم تربي ام ابنها الذي حملته في بطنها تسعة أشهر .... جلس عندها ، فرحتها كانت لا تقاس ... حتى لو زارها كل دقيقة فستبقى فرحتها في أوجها ... تزداد محبتها له مع الايام ... لو شو ما أحكي ما بوفيلها حقها ، امرأة صالحة نادرا ما نشوف متلها ... قرأت ام عماد أفكار عماد التي سطرت في عينيه وفاتحته قائلة ( يما ، شو مالك ) عماد: ها .... لا .. لا يما ولا اشي يا ست الكل تعبان شوي أم عماد : والله يما أنا متأكدة انك مش مرتاح مع مرتك ... عماد : لا يما جميلة منيحة وبيكفي عندي هالبنات بيسووا الدنيا كلها أم عماد : الله يوفقك يما ، وأنا شو بدي بهادنيا غير سعادتك ... بس يما بدك تخبي علي ... انت ابني وأنا اللي بعرف مالك ... عماد : بصراحة ... وسرد عماد قصة الورقة والأم اليهودية التي تذكرت أن لها ابنا قد شارف على الثلاثين أو أكثر من عمره ... عماد لم يكمل القصة لأن حنان بدأت بالبكاء ... كانت تبكي بكاء مريرا ، احمرت عيناها اللتين لم تخفي الايام جمالهما وروعتهما ، واحمر وجهها المدور الذي يضاهي وجوه الصبايا بالجمال والتورد ... بكى عماد معها ... وأخذ يخفف عنها ... ( يما إزا ما بدك اياني أشوفها ما بروح ... ما بدي اياها ، انتي عندي بالدنيا كلها ، انتي امي وست الكل ) رفعت أم عماد رأسها وقالت له : لا يا حبيبي ، هي اللي ولدتك ، شوفها يما ، شوفها .... بس يا عماد .... ما تنساني يا نور عيوني ... ما تتركني لما تتعرف عليها ... ما تنسى إني أم عماد وإنك عندي أغلى من روحي ... طال بكاء الاثنين ... تكرر موقف دخول خالد إلى البيت وإعلان حقيقة أن حنان ليست ام عماد ... تكرر عندما جاءت أم عماد اليهودية بعد غيااااااب طويل لترى ابنها ... عاد عماد إلى الشركة ، وجاء موعد قدوم المرأة التي تقول انها امه ... كانت سارة قد فقدت جزءا كبيرا من جمالها إن لم تكن قد فقدته كله ، عيناها الزرقاوان كانتا غائرتين في هالة من التجاعيد ، وشعرها الاشقر المنسدل قد أصبح ابيضا ... جلدها أصبح طريا وعدا ذلك فقد كانت قوية تتمتع بصحة جسدية كبيرة ... تربط شعرها بطريقة فريدة وتلفه ... كانت ككل عجوز أجنبية يصورونها بالمسلسلات ... وكان اللقاء ... لقاء ينقصه حنين وحب ، لقاء يخلو من الحرارة والدفء ... وكان التعرف بينهما ... عرفت طريقه عندما عرفت احد اصدقاء أبيه من مشيته ونادت عليه لتسال عن حال ابنها وعرفت انه يعمل في هذه الشركة ... ذهبت إلى بيته وتعرفت على ابنتها سهى ، فكان اللقاء باردا كما هو الحال مع عماد ... أما جميلة فعينكم ما تشوف إلا النور ... ما حبتها ولا طاقتها وتنكدت منها وكانت تكرهها كره العمى ... مرت الأيام وتكررت زيارات سارة لابنها ، كانت تحبهم ، وتحب جميلة ( لأنها قليلة دين ) لكن جميلة كانت تكرهها ... سارة وبعد طلاقها من خالد تزوجت رجل يهودي آخر وأنجبت منه ابنتان ( راشيل ودورا ) .. دورا كانت متزوجه وتعيش في مدينة تل الربيع في فلسطين والتي تسمى الآن ( تل أبيب ) ، أما راشيل فكانت مسخا بشعر أشقر ... شعرها جميل منسدل لامع ، أما وجهها فكان ... أستغفر الله العظيم ...حتى ذلك الحين كان الوضع كالتالي : عبير مع زوجها في الأردن ، أمها تعيش بالقرب منها ، سهى تسكن في...
لننتقل الان إلى ناحية اخرى من القصة ، أحداث في منزل آخر ... منزل أبو العبد ...
الشخصيات :
أبو العبد : رجل بكل معنى الكلمة ، تزوج من امراة وانجب منها ثم توفيت فتزوج امرأة احبها هي أمينة وأجبره بعدها أبوه على الزواج من راية
أمينة : امرأة رائعة الجمال ، أهلها في يافا (شمال البلاد المحتل وبالكثير منهم هجروا وقت النكبة إلى سوريا ) ، مسالمة ، حنونة ، يموت كل طفل ذكر تلده وتعيش الإناث .. أمنيتها ان تنجب ابنا ذكرا ويطيل الله في عمره ، أنجبت أكثر من 5 أو 6 اطفال ذكور وماتوا ، إما أجهضتهم في وقت متأخر من الحمل أو ماتوا بعد الولادة
نعمة : ابنة امينة ، لها اخت كبرى وأختان صغيرتان ... رائعة الجمال ، جمالها يذهل من يراها ، كانت تبدو أكبر من سنها فكثر خطبوها حتى وهي صغيرة ..
راية : زوجة أبو العبد الثالثة ..
عبد : الابن الأكبر ، أخ نعمة غير الشقيق من زوجة ابو العبد الاولى . متشدد قليلا لكنه حنون جدا ويحب أخوته جميعا ، ويمكن اعتباره عميد العائلة له امر ونهي على جميع افرادها ...
أمينة تزوجت من ابو العبد وهي صغيرة السن ( 15أو 16 سنة ) وكان يكبرها بالسن كثيرا ، لكنها كانت تحبه ويحبها ، وكان كثيرا ما يقول لابنته نعمة ( يا ريتني ما تجوزت كمان مرة على أمك )
أرهق الحمل المتكرر جسد امينة .. كانت ترغب أن تنجب ولدا ، استجاب الله لدعائها المتكرر وتضرعها فرزقها بطفل جميل ، اعتنت به حيث كان ضعيفا وهزيلا ... أسمته علاء ..
علاء كان طفلا جميلا طيبا يشع ذكاء على من حوله ، فكان وجوده في الغرفة فقط يسعد كل من فيها من العائلة ... يحب امه كثير ... كان عمره 3 سنوات ، أخذ مصروفه من ابيه وركض نحو السوق ليشتري شيئا لأمه ... سأل باعة الورد ، الملابس ، الأحذية ، المجوهرات فأيقن أن مصروفه لا يكفي لأي منها ، لكنه عاد لأمه بشيء اخر ... حزمة بقدونس اشتراها وعاد راكضا الى أمه يقول لها ... جبتلك هدية .... واخرج من خلف ظهره حزمة البقدونس فكانت اغلى حزمة بقدونس عرفتها أم علاء ... ضمته إلى صدرها وأخذت تدعو له بطول العمر والصلاح ....
أخت نعمة الكبرى كانت مخطوبة لابن عمتها ، نعمة كانت قد خطبت لابن خالتها في يافا رغم صغر سنها ( 15 سنة ) وكان اخواتها الصغار ( أختان + علاء ) لم يتجاوز اكبرهم 5 سنوات ، انجبتهم امينة متتابعين أملا ان يكون احدهم ولدا يفرح قلبها ...
وفي أحد الأيام الباردة في شهر رمضان ... استيقظت نعمة على صوت ابيها يطلب منها تحضير وجبة السحور ، استيقظت نعمة ونظرت إلى فراش أمها الذي لم تكن تنام فيه ، حيث كانت مريضة في المستشفى وزاد مرضها موت الأخ الذي كانت تحلم فيه لعلاء ليكون سنده عندما يكبر ...
كانت نعمة تحضر الطعام عندما دق الباب بقوة ... فتحت الباب فإذا هي خالتها ...
نعمة : شو جابك يا خالتي ... مش كنتي عند امي ، مالها امي يا خالتي .. كانت نعمة خائفة
الخالة ما أن فتح لها الباب حتى جلست على عتبته تبكي وتضرب صدرها ، الله يرحمك يا أمينة ... واولادك يا حبيبتي لمين تركتيهم ... الله يرحمك يا غالية ...
هنا انهارت نعمة ، ولم تدر إلا وقد استيقظت الحارة كلها تعزي ابو العبد بوفاة زوجته الحبيبة ، وأمها ممدة في وسط الغرفة ، وجهها تعب أصفر وشعرها قد ظهر فيه الكثير من الشيب رغم انها لم تتجاوز ال35 من عمرها ، وعلى شفتيها شبح ابتسامه ...
بكاء مرير ... حزن لفقد الغالية .... أيام وشهور من البكاء والألم ...
تركت امينة 3 اطفال ... أختهم الكبرى تم زواجها لابنة عمتها ، أما نعمة ... فقد تذكرت حديث امها معها ليلة وفاتها .. قالت لها ديري بالك على اخوانك يا نعمة ، وغطي علاء منيح بالليل لأنو كتير برد ...
خطيب نعمة الذي لم تكن تعرفه على حقيقته اكتشفت انه ممن يشربون الخمر ، فاتخذت من هذا السبب حجة أقنعت بها أبوها وأخوها عبد بان تفسخ خطبتها ...
بعد اعوام قليلة (سنتين يمكن ) توفي ابو نعمة ... كان قد خرج وهو تعب إلى قرى ليطمئن على بعض العائلات المستورة التي يطمئن عليها وعاد متعبا فمات عند صاحب الدكان القريب من بيتهم ....
هنا فقدت نعمة سندها ... أضحت لوحدها مع إخوتها الصغار .. حتى إخوتها الكبار غير الأشقاء فبالرغم انهم كانوا يزورونهم لكن كلا منهم كان مشغولا بحياته ... اصبحت نعمة مسؤولة عن عائلة بلا مصدر للرزق ... عملت نعمة في مركز للمعاقين لتكسب قوت اخوتها ، وبقيت في مدرستها حيث كانت في الثانوية العامة ...
كان عبد يصر على نعمة بانها يجب أن تتزوج ، وكانت نعمة تحترم اخاها وتحبه ... لكنها كانت تعرف أنها ان تزوجت سيضيع إخوتها من بعدها ، لن يهتم بهم احد ...
لطالما عادت عند المغرب لترى اخوتها على باب البيت وقد نسوا المفاتيح ، يجلسون على درج البيت يشعرون بالبرد أو الحر، الجوع يذبحهم ... وهذا موقف يرويه إخوتها الصغار ويذكرونه بحسرة وألم ...
كانت نعمة في عملها عندما عاد إخوتها الصغار ولم يجدوا أحدا ولم يجدوا المفتاح في جيبهم ... جلسوا على درج المنزل ، المنزل الذي كان جزءا مما نسميه ( حوش ) يعني في حواليهم ناس من الأقارب والجيران والأصدقاء .. مرت الجارة وقد طبخت مقلوبة لأولادها .. المنازل قديمة فالمطبخ والحمام أعزكم الله خارج مكان السكن ، خرجت من المطبخ تحمل صينية المقلوبة ... نظر إخوة نعمة للمقلوبة بجوع ، تمنوا أن يأكلوا ولو لقمة ... والجارة لم تعرض عليهم حتى ان يدخلوا لينتظروا اختهم عندها ... تركتهم صغارا ينتظرون بالبرد وزادت تعذيبهم بصينية المقلوبة ...
عادت نعمة لتجد إخوتها منكمشين على انفسهم ...
نعمة : له له له .. انتوا ناسيين مفتاحكم .. الله يسامحكم يا حبايبي ... خلص ادخلوا ، فتحت الباب لهم ودخلوا حيث اشعلت المدفأة واخذت تغير لهم ملابسهم .... أكلوا مما رزقهم الله ، وفي الليل سمعت نعمة أختها الصغرى تقول : بتعرف يا علاء ، أنا عنجد نفسي مقلوبة زاكية زي اللي عملتها الجارة اليوم ، شفت ما أحلى منظرها ...
أحست نعمة بغصة شديدة وقامت بالليل تطهو مقلوبة لإخوتها ... دموعها على عينيها ... وفي قلبها حسرة على اخوتها ......
في المرة القادمة إن شاء الله ..
خطوبة نعمة ..... سهى تتعرف على نعمة ..... عماد يزور دورا في تل الربيع ( تل أبيب) بناء على طلب من امه ساره
الشخصيات :
أبو العبد : رجل بكل معنى الكلمة ، تزوج من امراة وانجب منها ثم توفيت فتزوج امرأة احبها هي أمينة وأجبره بعدها أبوه على الزواج من راية
أمينة : امرأة رائعة الجمال ، أهلها في يافا (شمال البلاد المحتل وبالكثير منهم هجروا وقت النكبة إلى سوريا ) ، مسالمة ، حنونة ، يموت كل طفل ذكر تلده وتعيش الإناث .. أمنيتها ان تنجب ابنا ذكرا ويطيل الله في عمره ، أنجبت أكثر من 5 أو 6 اطفال ذكور وماتوا ، إما أجهضتهم في وقت متأخر من الحمل أو ماتوا بعد الولادة
نعمة : ابنة امينة ، لها اخت كبرى وأختان صغيرتان ... رائعة الجمال ، جمالها يذهل من يراها ، كانت تبدو أكبر من سنها فكثر خطبوها حتى وهي صغيرة ..
راية : زوجة أبو العبد الثالثة ..
عبد : الابن الأكبر ، أخ نعمة غير الشقيق من زوجة ابو العبد الاولى . متشدد قليلا لكنه حنون جدا ويحب أخوته جميعا ، ويمكن اعتباره عميد العائلة له امر ونهي على جميع افرادها ...
أمينة تزوجت من ابو العبد وهي صغيرة السن ( 15أو 16 سنة ) وكان يكبرها بالسن كثيرا ، لكنها كانت تحبه ويحبها ، وكان كثيرا ما يقول لابنته نعمة ( يا ريتني ما تجوزت كمان مرة على أمك )
أرهق الحمل المتكرر جسد امينة .. كانت ترغب أن تنجب ولدا ، استجاب الله لدعائها المتكرر وتضرعها فرزقها بطفل جميل ، اعتنت به حيث كان ضعيفا وهزيلا ... أسمته علاء ..
علاء كان طفلا جميلا طيبا يشع ذكاء على من حوله ، فكان وجوده في الغرفة فقط يسعد كل من فيها من العائلة ... يحب امه كثير ... كان عمره 3 سنوات ، أخذ مصروفه من ابيه وركض نحو السوق ليشتري شيئا لأمه ... سأل باعة الورد ، الملابس ، الأحذية ، المجوهرات فأيقن أن مصروفه لا يكفي لأي منها ، لكنه عاد لأمه بشيء اخر ... حزمة بقدونس اشتراها وعاد راكضا الى أمه يقول لها ... جبتلك هدية .... واخرج من خلف ظهره حزمة البقدونس فكانت اغلى حزمة بقدونس عرفتها أم علاء ... ضمته إلى صدرها وأخذت تدعو له بطول العمر والصلاح ....
أخت نعمة الكبرى كانت مخطوبة لابن عمتها ، نعمة كانت قد خطبت لابن خالتها في يافا رغم صغر سنها ( 15 سنة ) وكان اخواتها الصغار ( أختان + علاء ) لم يتجاوز اكبرهم 5 سنوات ، انجبتهم امينة متتابعين أملا ان يكون احدهم ولدا يفرح قلبها ...
وفي أحد الأيام الباردة في شهر رمضان ... استيقظت نعمة على صوت ابيها يطلب منها تحضير وجبة السحور ، استيقظت نعمة ونظرت إلى فراش أمها الذي لم تكن تنام فيه ، حيث كانت مريضة في المستشفى وزاد مرضها موت الأخ الذي كانت تحلم فيه لعلاء ليكون سنده عندما يكبر ...
كانت نعمة تحضر الطعام عندما دق الباب بقوة ... فتحت الباب فإذا هي خالتها ...
نعمة : شو جابك يا خالتي ... مش كنتي عند امي ، مالها امي يا خالتي .. كانت نعمة خائفة
الخالة ما أن فتح لها الباب حتى جلست على عتبته تبكي وتضرب صدرها ، الله يرحمك يا أمينة ... واولادك يا حبيبتي لمين تركتيهم ... الله يرحمك يا غالية ...
هنا انهارت نعمة ، ولم تدر إلا وقد استيقظت الحارة كلها تعزي ابو العبد بوفاة زوجته الحبيبة ، وأمها ممدة في وسط الغرفة ، وجهها تعب أصفر وشعرها قد ظهر فيه الكثير من الشيب رغم انها لم تتجاوز ال35 من عمرها ، وعلى شفتيها شبح ابتسامه ...
بكاء مرير ... حزن لفقد الغالية .... أيام وشهور من البكاء والألم ...
تركت امينة 3 اطفال ... أختهم الكبرى تم زواجها لابنة عمتها ، أما نعمة ... فقد تذكرت حديث امها معها ليلة وفاتها .. قالت لها ديري بالك على اخوانك يا نعمة ، وغطي علاء منيح بالليل لأنو كتير برد ...
خطيب نعمة الذي لم تكن تعرفه على حقيقته اكتشفت انه ممن يشربون الخمر ، فاتخذت من هذا السبب حجة أقنعت بها أبوها وأخوها عبد بان تفسخ خطبتها ...
بعد اعوام قليلة (سنتين يمكن ) توفي ابو نعمة ... كان قد خرج وهو تعب إلى قرى ليطمئن على بعض العائلات المستورة التي يطمئن عليها وعاد متعبا فمات عند صاحب الدكان القريب من بيتهم ....
هنا فقدت نعمة سندها ... أضحت لوحدها مع إخوتها الصغار .. حتى إخوتها الكبار غير الأشقاء فبالرغم انهم كانوا يزورونهم لكن كلا منهم كان مشغولا بحياته ... اصبحت نعمة مسؤولة عن عائلة بلا مصدر للرزق ... عملت نعمة في مركز للمعاقين لتكسب قوت اخوتها ، وبقيت في مدرستها حيث كانت في الثانوية العامة ...
كان عبد يصر على نعمة بانها يجب أن تتزوج ، وكانت نعمة تحترم اخاها وتحبه ... لكنها كانت تعرف أنها ان تزوجت سيضيع إخوتها من بعدها ، لن يهتم بهم احد ...
لطالما عادت عند المغرب لترى اخوتها على باب البيت وقد نسوا المفاتيح ، يجلسون على درج البيت يشعرون بالبرد أو الحر، الجوع يذبحهم ... وهذا موقف يرويه إخوتها الصغار ويذكرونه بحسرة وألم ...
كانت نعمة في عملها عندما عاد إخوتها الصغار ولم يجدوا أحدا ولم يجدوا المفتاح في جيبهم ... جلسوا على درج المنزل ، المنزل الذي كان جزءا مما نسميه ( حوش ) يعني في حواليهم ناس من الأقارب والجيران والأصدقاء .. مرت الجارة وقد طبخت مقلوبة لأولادها .. المنازل قديمة فالمطبخ والحمام أعزكم الله خارج مكان السكن ، خرجت من المطبخ تحمل صينية المقلوبة ... نظر إخوة نعمة للمقلوبة بجوع ، تمنوا أن يأكلوا ولو لقمة ... والجارة لم تعرض عليهم حتى ان يدخلوا لينتظروا اختهم عندها ... تركتهم صغارا ينتظرون بالبرد وزادت تعذيبهم بصينية المقلوبة ...
عادت نعمة لتجد إخوتها منكمشين على انفسهم ...
نعمة : له له له .. انتوا ناسيين مفتاحكم .. الله يسامحكم يا حبايبي ... خلص ادخلوا ، فتحت الباب لهم ودخلوا حيث اشعلت المدفأة واخذت تغير لهم ملابسهم .... أكلوا مما رزقهم الله ، وفي الليل سمعت نعمة أختها الصغرى تقول : بتعرف يا علاء ، أنا عنجد نفسي مقلوبة زاكية زي اللي عملتها الجارة اليوم ، شفت ما أحلى منظرها ...
أحست نعمة بغصة شديدة وقامت بالليل تطهو مقلوبة لإخوتها ... دموعها على عينيها ... وفي قلبها حسرة على اخوتها ......
في المرة القادمة إن شاء الله ..
خطوبة نعمة ..... سهى تتعرف على نعمة ..... عماد يزور دورا في تل الربيع ( تل أبيب) بناء على طلب من امه ساره
الصفحة الأخيرة
وجاء يوم زفاف عماد. كان جالسا بجانب عروسه على الكوشة ... نظر إليها وأحس بالندم المتأخر ... ليست هذه من تمنيت أن تعيش معها ما بقي من حياتك ... لكن وقت الندم فات ... رمى عماد إحساسه بالذنب خلف ظهره ، فقد كان رجلا يتحمل المسؤولية ويعلم ان بنات الناس مش لعبة ...
عاش عماد مع زوجته أياما عادية ، لا تخلو من بعض المشاكل التي يمكن اعتبارها عادية بين زوجين حديثين ، أمها تتدخل كثيرا في علاقتهما ، إخوتها لم يبق لهم سوى ان يناموا بينه وبين زوجته ... ملتصقين بهم ليل نهار ... كلما أراد أن يجلس مع زوجته او يخرج معها على انفراد على صوت حماته واخوة زوجته ... ليييييييييييييييش احنا لأ ... تعايش عماد المسالم مع هذه المشاكل ، كان اكثر ما يكره ، ليس تدخل حماته ، ولا التصاق وملاحقة إخوتها صغيرهم وكبيرهم ... بل كان يكره استهتار زوجته ، انكارها للنعمة وتكبرها على من حولها ... فلانة وفلانة ... لا تترك سير الناس ، تسب هذا وتعلق على هذا ... هذا عائلته غير أصيلة ، وهذا يتحدث بلهجة غير مدنية ... كان عماد يكره هذه الاحاديث ، وكان هذا مبدأ في حياته ... وان قال لها مالنا وللعالم والناس ، اتركي كل واحد بحاله ... تنهااااااااال عليه التحليلات والتفسيرات الخاطئة من كل صوب .... ليش بتداف عنهم وشو في بينك وبنهم .....الخ
أنجب عماد من جميلة 4 بنات وهن من الأكبر للأصغر : سرين ، رنا ، رباب ، هدير
أحبهن عماد اكثر من نفسه ... كن شمعات تنير طريقه ( لطالما استخدم عماد هذا المصطلح ... كن شمعات ) ، كانت جميلة تغار كثيرا ، من كل شيء ، ومن كل الناس ...
سرين البنت الكبرى كانت ذكية جدا ، قوية وجريئة ، لكنها كانت تكذب كثيرا ... أما عماد فكان الكذب بالذااات عنده خطا أحمر لا يجب تجاوزه ... كان يكرهه كثيرا وكانت وصيته طول عمره ... ابتعدوا عن الكذب
رنا : كانت نسخة مصغرة عن سرين ، تكذب كثيرا وتفوق قدرتها على التمثيل نجمات هوليوود
رباب : كانت هادئة رزينة ، تشع ذكاءا وخفة
هدير : كانت صغيرة ، حظها بالجمال أفضل من أخواتها فرغم ان ملامحها لا تختلف كثيرا عن اخواتها ، والتي ورثنها عن امهم إلا أنها كانت تملك بشرة بيضاء ورثتها عن أبيها شعرا أشقرا وعينان عسليتان فاتحتان مما جعلها تبدو أجمل مما هي عليه ..
وهذه مواقف تبين الحياة التي عاشها عماد مع زوجته جميلة :
كانت جميلة تمشط شعر ابنتها سرين ، كان طويلا ناعما ... كانت تمشطها بعنف ، والفتاة تبكي ..:icon33:. دخل عماد على صوت ابنته ..:arb:..
عماد : على مهلك يا جميلة .... على مهلك يا ابوي على شعر البنت
جميلة : شو دخلك انت بيكفي تدخل بكل شي ... تعال مشطها أشوف:mad:
عماد : يا بنت الحلال صلي على النبي ... وعلى مهلك على شعر البنت ... البنت بتبكي
تصرخ جميلة : قلتلك ما إلك ... وبعدين معك بتدخل بشغل النسوان
هنا ثار عماد وسحب ابنته من بين يدي امها وقال لها : تعالي يا بابا تعالي ....
وهديك الليلة طبعا .. ما نام نهاااااااااااائيا من نكد جميلة وحكيها الفاضي
دخل عماد مرة على ابنته رباب ، كانت تنام على بطنها وترفع رجليها تحركهما للأمام والخلف ، وما أن رأت أباها حتى ركضت عليه وقالت : بابا بابا شوف ، كتبتلك رسالة ...
أمسك عماد الورقة وقد خطت عليها خطوط هي أبعد ما يكون على الكلام ... ضحك من كل قلبه وضم ابنته إلى حضنه ... بتجنن يا روح بابا انتي ... إن شاء الله أشوفك بكرة بالجامعة وتاخدي شهادة الدكتوراة وتكتبيلي أحلى رسايل ...
خرج يوما عماد مع زوجته وبناته إلى أريحا ( مدينة في فلسطين تقع في الغور) ، كان عماد يحب برتقال اريحا ، فمر بجانب صديق له يملك محل بيع فواكه وخضار ، نزل من السيارة وسلم عليه بحرارة ... أخذ طلبه ، وحسب حساب حماته واولادها طبعا ... وعندما ركب في السيارة ليرحل ، أطل صديق عماد البائع من نافذة السيارة وخاطب جميلة ... ( كيفك يا أختي ... وكيف البنات ... الله يخليلك اياهم ، ديري بالك على البنات وعلى عماد ... عماد هاد زلمة طيب ... ) .... كانت هذه الكلمات العابرة سببا دفع جميلة أن تقلب النزهة إلى جحيم ، فباعتقادها أن عماد شكى لصاحبه عنها ... واخذت بالكلام الفاضي والصياح والبهادل !!!!!!
المرة القادمة ... عماد يسير بسيارته وعائلته إلى الوادي السحيق ... هل يمكن أن ينتحر عماد