كاندا كازومي
كاندا كازومي
لننتقل الان إلى ناحية اخرى من القصة ، أحداث في منزل آخر ... منزل أبو العبد ... الشخصيات : أبو العبد : رجل بكل معنى الكلمة ، تزوج من امراة وانجب منها ثم توفيت فتزوج امرأة احبها هي أمينة وأجبره بعدها أبوه على الزواج من راية أمينة : امرأة رائعة الجمال ، أهلها في يافا (شمال البلاد المحتل وبالكثير منهم هجروا وقت النكبة إلى سوريا ) ، مسالمة ، حنونة ، يموت كل طفل ذكر تلده وتعيش الإناث .. أمنيتها ان تنجب ابنا ذكرا ويطيل الله في عمره ، أنجبت أكثر من 5 أو 6 اطفال ذكور وماتوا ، إما أجهضتهم في وقت متأخر من الحمل أو ماتوا بعد الولادة نعمة : ابنة امينة ، لها اخت كبرى وأختان صغيرتان ... رائعة الجمال ، جمالها يذهل من يراها ، كانت تبدو أكبر من سنها فكثر خطبوها حتى وهي صغيرة .. راية : زوجة أبو العبد الثالثة .. عبد : الابن الأكبر ، أخ نعمة غير الشقيق من زوجة ابو العبد الاولى . متشدد قليلا لكنه حنون جدا ويحب أخوته جميعا ، ويمكن اعتباره عميد العائلة له امر ونهي على جميع افرادها ... أمينة تزوجت من ابو العبد وهي صغيرة السن ( 15أو 16 سنة ) وكان يكبرها بالسن كثيرا ، لكنها كانت تحبه ويحبها ، وكان كثيرا ما يقول لابنته نعمة ( يا ريتني ما تجوزت كمان مرة على أمك ) أرهق الحمل المتكرر جسد امينة .. كانت ترغب أن تنجب ولدا ، استجاب الله لدعائها المتكرر وتضرعها فرزقها بطفل جميل ، اعتنت به حيث كان ضعيفا وهزيلا ... أسمته علاء .. علاء كان طفلا جميلا طيبا يشع ذكاء على من حوله ، فكان وجوده في الغرفة فقط يسعد كل من فيها من العائلة ... يحب امه كثير ... كان عمره 3 سنوات ، أخذ مصروفه من ابيه وركض نحو السوق ليشتري شيئا لأمه ... سأل باعة الورد ، الملابس ، الأحذية ، المجوهرات فأيقن أن مصروفه لا يكفي لأي منها ، لكنه عاد لأمه بشيء اخر ... حزمة بقدونس اشتراها وعاد راكضا الى أمه يقول لها ... جبتلك هدية .... واخرج من خلف ظهره حزمة البقدونس فكانت اغلى حزمة بقدونس عرفتها أم علاء ... ضمته إلى صدرها وأخذت تدعو له بطول العمر والصلاح .... أخت نعمة الكبرى كانت مخطوبة لابن عمتها ، نعمة كانت قد خطبت لابن خالتها في يافا رغم صغر سنها ( 15 سنة ) وكان اخواتها الصغار ( أختان + علاء ) لم يتجاوز اكبرهم 5 سنوات ، انجبتهم امينة متتابعين أملا ان يكون احدهم ولدا يفرح قلبها ... وفي أحد الأيام الباردة في شهر رمضان ... استيقظت نعمة على صوت ابيها يطلب منها تحضير وجبة السحور ، استيقظت نعمة ونظرت إلى فراش أمها الذي لم تكن تنام فيه ، حيث كانت مريضة في المستشفى وزاد مرضها موت الأخ الذي كانت تحلم فيه لعلاء ليكون سنده عندما يكبر ... كانت نعمة تحضر الطعام عندما دق الباب بقوة ... فتحت الباب فإذا هي خالتها ... نعمة : شو جابك يا خالتي ... مش كنتي عند امي ، مالها امي يا خالتي .. كانت نعمة خائفة الخالة ما أن فتح لها الباب حتى جلست على عتبته تبكي وتضرب صدرها ، الله يرحمك يا أمينة ... واولادك يا حبيبتي لمين تركتيهم ... الله يرحمك يا غالية ... هنا انهارت نعمة ، ولم تدر إلا وقد استيقظت الحارة كلها تعزي ابو العبد بوفاة زوجته الحبيبة ، وأمها ممدة في وسط الغرفة ، وجهها تعب أصفر وشعرها قد ظهر فيه الكثير من الشيب رغم انها لم تتجاوز ال35 من عمرها ، وعلى شفتيها شبح ابتسامه ... بكاء مرير ... حزن لفقد الغالية .... أيام وشهور من البكاء والألم ... تركت امينة 3 اطفال ... أختهم الكبرى تم زواجها لابنة عمتها ، أما نعمة ... فقد تذكرت حديث امها معها ليلة وفاتها .. قالت لها ديري بالك على اخوانك يا نعمة ، وغطي علاء منيح بالليل لأنو كتير برد ... خطيب نعمة الذي لم تكن تعرفه على حقيقته اكتشفت انه ممن يشربون الخمر ، فاتخذت من هذا السبب حجة أقنعت بها أبوها وأخوها عبد بان تفسخ خطبتها ... بعد اعوام قليلة (سنتين يمكن ) توفي ابو نعمة ... كان قد خرج وهو تعب إلى قرى ليطمئن على بعض العائلات المستورة التي يطمئن عليها وعاد متعبا فمات عند صاحب الدكان القريب من بيتهم .... هنا فقدت نعمة سندها ... أضحت لوحدها مع إخوتها الصغار .. حتى إخوتها الكبار غير الأشقاء فبالرغم انهم كانوا يزورونهم لكن كلا منهم كان مشغولا بحياته ... اصبحت نعمة مسؤولة عن عائلة بلا مصدر للرزق ... عملت نعمة في مركز للمعاقين لتكسب قوت اخوتها ، وبقيت في مدرستها حيث كانت في الثانوية العامة ... كان عبد يصر على نعمة بانها يجب أن تتزوج ، وكانت نعمة تحترم اخاها وتحبه ... لكنها كانت تعرف أنها ان تزوجت سيضيع إخوتها من بعدها ، لن يهتم بهم احد ... لطالما عادت عند المغرب لترى اخوتها على باب البيت وقد نسوا المفاتيح ، يجلسون على درج البيت يشعرون بالبرد أو الحر، الجوع يذبحهم ... وهذا موقف يرويه إخوتها الصغار ويذكرونه بحسرة وألم ... كانت نعمة في عملها عندما عاد إخوتها الصغار ولم يجدوا أحدا ولم يجدوا المفتاح في جيبهم ... جلسوا على درج المنزل ، المنزل الذي كان جزءا مما نسميه ( حوش ) يعني في حواليهم ناس من الأقارب والجيران والأصدقاء .. مرت الجارة وقد طبخت مقلوبة لأولادها .. المنازل قديمة فالمطبخ والحمام أعزكم الله خارج مكان السكن ، خرجت من المطبخ تحمل صينية المقلوبة ... نظر إخوة نعمة للمقلوبة بجوع ، تمنوا أن يأكلوا ولو لقمة ... والجارة لم تعرض عليهم حتى ان يدخلوا لينتظروا اختهم عندها ... تركتهم صغارا ينتظرون بالبرد وزادت تعذيبهم بصينية المقلوبة ... عادت نعمة لتجد إخوتها منكمشين على انفسهم ... نعمة : له له له .. انتوا ناسيين مفتاحكم .. الله يسامحكم يا حبايبي ... خلص ادخلوا ، فتحت الباب لهم ودخلوا حيث اشعلت المدفأة واخذت تغير لهم ملابسهم .... أكلوا مما رزقهم الله ، وفي الليل سمعت نعمة أختها الصغرى تقول : بتعرف يا علاء ، أنا عنجد نفسي مقلوبة زاكية زي اللي عملتها الجارة اليوم ، شفت ما أحلى منظرها ... أحست نعمة بغصة شديدة وقامت بالليل تطهو مقلوبة لإخوتها ... دموعها على عينيها ... وفي قلبها حسرة على اخوتها ...... في المرة القادمة إن شاء الله .. خطوبة نعمة ..... سهى تتعرف على نعمة ..... عماد يزور دورا في تل الربيع ( تل أبيب) بناء على طلب من امه ساره
لننتقل الان إلى ناحية اخرى من القصة ، أحداث في منزل آخر ... منزل أبو العبد ... الشخصيات : أبو...
نعمة لم تكمل تعليمها بعد الثانوية واستمرت في العمل في مركز المعاقين ، تساعدهم في التعلم وتكتسب الخبرات من صديقاتها هناك ، تحسنت احوالهم المادية قليلا ، لم تحرم اخوتها من اي شيء ، كانوا كل حياتها ... لكنها أصبحت في 23 من عمرها وترفض كل عريس يتقدم لها ، كان هذا يثير حنق أخوها عبد ... اخوتها أصبحوا كبارا يعتمدون على أنفسهم وان كانوا بحاجة إلى رعاية ومتابعة ...
تقدم لها شاب ممتاز ، عريس لقطة ... أجبرها أخوها على الموافقة ... وتمت الخطبة وأتبعها أخوها بعقد القران ، وفي حفلة عقد القران ، كان من بين المدعوين سهى ، جاءت مع احدى صديقاتها ، احبت العروس ( نعمة) كانت جميلة ، طبيعية ، لا تحتاج أية مساحيق لتبرز جمال عيناها البنيتان الواسعتين ، ولا مسكارة لتبرز رموشها الطويلة الكثيفة ... جميلة رزينة ، خفيفة الظل ... هذا كان انطباع سهى عنها ، وبين المدعوات دار الحديث عن نعمة .... قالت إحدى العجائز : ( الله يوفقك يا خالتي ويعطيكي على قد نيتك يا أصيلة يا بنت الأصيلة ، ريتو ما يبلى هالوجه وهالجمسم والجمال ، الله يحفظك ) أخرى قالت : ( اه والله معك حق ، هالبنت حنونة وطيبة ، شوفي كيف وهي على الكوشة بتسال عن اخوتها ... ) ودار حديث طويل عرفت سهى من خلاله كم هي اصيلة نعمة هذه ، كم هي انسانة رائعة .... تذكرت زوجة اخوها فدمعت عيناها باسى على حاله وعلى حالها ، وقالت لصديقتها : ( يا ريت جميلة زي هالنعمة هاي .... الله يحميها ويوفقها )
في أحد الأيام سمعت نعمة اخوها علاء وقد كان ولدا صغيرا يقول لاخته : ( المصيبة الأولى كانت لما ماتت امي ، بس المصيبة الأكبر لما تتجوز نعمة كمان كم شهر ... هاي عنجد مصيبة ، وانا طيب يا ربي شو اعمل )
أدركت نعمة خطورة ما أقدمت عليه لترضي اخاها عبد ... فرمت وراءها كل ما يقوله الناس ، وجعلت نصب عينيها وصية امها على إخوتها .... تركت رضى عبد وصارحت خطيبها بانها لن تستطيع أن تكمل الطريق الذي بدأته ... حاول خطيبها ، وحاول ، وحاول مرات ومرات ، لكنها اصرت على موقفها ، فهو لا يريد تأجيل الزواج ، ولا يرضى أن يعيش معها اخوتها ... وهي تعلم أنه في المستقبل لن يقبل لها ان تكثر من زيارتهم... تركها على مضض ، وأعادت له مهره وكل هداياه ، حتى انه حسب لها كم كلفته إحدى العزائم التي اقامها لها حتى تدفع له تلك التكلفة ( ناس ما بتستحي ) ... نعمة ما قصرت ، أعطته كل اللي بدو اياه وتركته .... وعادت لتهتم باخوتها وبتعليمهم ...


لنعد الى عماد ....
عماد وبعد زيارات عديدة من امه أخذته معها إلى تل ابيب ليزور اخته .... وهم في السيارة على مشارف تل ابيب ... أخرجت سارة من حقيبتها قبعة صغيرة ... بحجم الكف ، وقالت لعماد ... خود البس هاي الطاقية ( القبعة ) نظر اليها عماد بدهشة ...( شو ... مستحيل البسها).. كانت هذه القبعة هي إحدى القبعات الصغيرة والتي يرتديها اليهود المتشددون ... فزع عماد ورفض بشدة ، تحججت أنه سيذهب إلى منطقة يملؤها اليهود ، لكنه رفض وهددها بالرجوع من حيث اتيا ، فسكتت على مضض ...
وصلا الى بيت دورا ، سلم على اخته ... وجلس مع زوجها ... كانت سارة وابنتيها وزوج دورا من اليهود المتدينين ( الذين يسمون سكناج ) ... كان حديثهم عابرا تملؤه المجاملات الفارغة ... تحدث زوج دورا كثيرا عن نفسه ، فهو غني يملك مصنعا ، تحدث عن ماضيه ، لكن بلغته ، لقد كان أحد الناجين من مذبحة الهولوكوست ( المذبحة التي قام بها هتلر ضدهم ) تحدث عن المبالغ الطائلة التي يقبضها من الحكومة الألمانية كتعويض ..
زيارة عماد كانت مفصلا في حياته ... أدرك انه أخطأ بزيارته ، وأنه يتعامل لا مع أمه وأختيه لكن مع يهود متشددين ، همهم الوحيد ابعاده عن دينه ... طالما فكر عماد بهذه الزيارة وجعلها امام عينيه كخطأ وقع فيه ولن يكرره ....

حياة عماد مع زوجته لم تتغير ، حتى بناته اللاتي كان يحبهن أصبحن مثل امهن ، ابنته الكبرى سيرين كانت في المدرسة وقد اصبحت واعية ... أصبحت نسخة مصغرة عن جميلة ، شكلا ومضمونا ، كاذبة ، متكبرة ، متعجرفة ، قاسية ، لئيمة .... كان عماد يرفض ان يرى اطباع ابنته هذه فهي ابنته يحبها ، هي ابنته الكبرى .. لها معزة خاصة ... اعتاد أن يأخذ إذنا من العمل لينقلها بسيارته الجميلة من مدرستها إلى البيت ... كان يغير ملابس عمله ، يرتدي ملابسه الرسمية ويذهب لاصطحابها ... أما هي فقد كانت تتباهي بوسامته واناقته بين زميلاتها ... حتى جاء يوم حدث فيه خلل كبير في إحدى الحارات واضطر عماد ان يتاخر في عمله لإصلاح الخلل ، كان يرتدي زيا خاصا برجال الكهرباء ، ويضع خوذة على رأسه ... تذكر فجأة ابنته ، تأخر على موعده 5 دقائق فلم يبدل ثياب عمله كيلا تطيل ابنته الانتظار أمام مدرستها ... ذهب اليها ... وقف بسيارته واستخدم زامور السيارة ، لكنها لم تكترث ... أطلقه مرة ومرة ، ثم نزل وقال لها : يا بابا يا حبيبتي تعالي ، تأخرت عليكي 5 دقائق سامحيني ... أعرضت عنه سيرين مقتضبة ... وعندما خلت المدرسة من الطالبات ، كانت سيرين تقف عند بابها ، ابوها في السيارة مصدوم من موقفها (مالها البنت ... مهو انا الحق علي تأخرت عليها )
ركبت سيرين السيارة ولم تنطق بكلمة واحدة رغم ان عماد كان يحاول فهم ما الذي يحدث ... مسكين عماد ، حتى آخر لحظة يلوم نفسه على 5 دقائق تاخير ، الزمن المقلوب الذي يراضي الاب فيه ابنته على خطا لم يرتكبه ...
وعندما عادا الى المنزل دخلت سيرين غرفتها ، جميلة لحقتها وبعد دقائق خرجت والشر يتطاير من عينيها واقتضاب وجهها زاده بشاعة وشناعة ...
جميلة صارخة : يعني ما بتعرف إلا تروح وتحرج البنت قدام صاحباتها ... رايحلها يخي باواعي الشغل ...
عماد مصدوما : أنا .. شو ... يعني... يعني سرين زعلانة عشان رحتلها باواعي الشغل ... هاي تربايتك يا جميلة ... ليش أنا يعني رئيس وزرا ... تعالي ولي سرين ... سببتلك احراج لأني جيت آخدك باواعي الشغل ، بتنعري مني ( يعنني بسببلك العار) لأني بشتغل بالكهربا .... لا حول ولا قوة إلا بالله ... لا حول ولا قوة إلا بالله .. قال وأنا زعلان إني تاخرت عليها شوي ... خرج عماد غاضبا ، مصدوما ، هذه ابنته الكبرى ، فما بال الأخريات ، رنا مثلها ايضا ... هل ستصبح هدير ورباب هكذا ... لم اخترت هذه الزوجة لتكون ام اولادك يا عماد؟؟!!!! ...


في المرة القادمة ان شاء الله ...
سفر عماد إلى دول الخليج ... ومصيبة عماد الكبرى
أصدق إحساس الأمومه
كملي ياختي أنابانتظارك
..حكاية صمت..
..حكاية صمت..
بانتظـــــار البقية

تابعي.. ولك جزيل الشكر..
كاندا كازومي
كاندا كازومي
لا يمكنك مشاهدة هذا التعليق لانتهاكه شروط الاستخدام.
قبل ان أدخل في تفاصيل هذا الجزء من القصة أريد أن أطلعكم على وضع في فلسطين ....
بعد أن دخل اليهود البلاد ، أعطي جميع سكان الشمال ( الذين نسميهم عرب ال48 ) وهم الذين لم يهاجروا عام 1948 هويات اسرائيلية ... وبعد عدة سنوات من الاحتلال تم إجراء إحصاء للسكان وتوزيع هويات عليهم حسب منطقة سكنهم ( هوية زرقاء لأهل القدس ، وحمراء لسكان مناطق الضفة الغربية .... اصحاب الهوية الزرقاء لهم امتيازات متعددة أهمها قدرتهم على التنقل بين المدن ودخول القدس بالإضافة إلى التأمين الصحي وغيره ...
عماد كان من العائلات المقدسية الأصيلة ... ولد في يافا ( مدينة في شمال فلسطن ) ومع هذا عندما تم اجراء الاحصاء السكاني كان في مدينة في الضفة الغربية فحصل على هوية حمراء !!...
هناك ما يسمى معاملات لم شمل ، يتقدم بها أحد المواطنون من اصحاب الهويات المقدسية الزرقاء للداخلية الاسرائيلية راجيا أن يحصل أحد اقاربه من حملة الهوية الحمراء على هوية زرقاء مقدسية ...
مع تطور الأوضاع على الساحة السياسية في فلسطين ، كان من مصلحة عماد أن يحصل على هوية زرقاء .. تطوعت امه اليهودية سارة أن تقدم له معاملة لم شمل ... قدمت لأخته سهى فحصلت على الهوية الزرقاء ... أما عماد فقد كان لسارة شروط ... كانت تريد أن تسجله في الهوية .... يهودي ...فهذا في نظرها كلام فقط يسجل في الهوية .. وليبق عماد على دينه .. لكن هيهات لعماد أن يوافق على طلب حقير كهذا ، جن وثار وقال لها أنه لا يريد منها شيئا وأنه لن يغير دينه وانه يفتخر بكونه مسلم ، وكان هذا حدثا اخر ساهم في أن تنقطع علاقته مع امه سارة ...
ضاقت الأحوال على عماد ... وأدرك أن بيته بات يضم أكثر من جميلة ، بناته كانوا نسخة مصورة عن أمهم وإن كان يرفض أن يرى هذا ... لكنه وفي أحد الأيام أخبره صديق له يعمل في إحدى شركات دول الخليج أن الشركة عندهم بحاجة إلى مسؤول عن الكهرباء وأن عماد يصلح لهذه المهمة فهو خبير وفهيم وإن كان لا يملك إلا دبلوم في مجال الكهرباء ... أخبره صديقه أنه على علاقة قوية بالمدير وأنه يستطيع أن يدبر له هذا العمل ...
عماد ولأنه كان يعيش تعيسا أعجب بالفكرة وراى فيها خلاصا من جميلة ... بدا بتجهيز اوراقه الرسمية وساعده في ذلك زوج أخته عبير في الأردن ... وفي صباح أحد الايام خرج من بيته قاصدا السفر للأردن ليطمئن على امه ... ظروف السفر اصبحت متعبة ... هناك تشديد على الحدود ، جميلة عامليتله مشكلة على الصبح ... مسكين وصل تعبان عند بيت امه حنان ....
دق الباب ... لم يفتح أحد ، انتظر لعلها عند الجيران .... ثم ذهب عند الجيران ليسأل عنها فلم يجدها .. غريبة ما انا حاكيلها اني رح أزروها ... كان هذا ما نطق به عماد وهو يدق باب منزلها .... قصد بيت أخته عبير ، جلس معها حتى جاء زوجها فجلس يتحدث معه ... ثم استأذن وعاد إلى منزل امه ... بينما هو ينتظر عند باب منزلها ... ولأنها كانت تعيش في بيت قديم في حي قديم فقد كانت البيوت قريبة من بعضها ، ومن الزقاق راى أحد الشباب ينظر من نافذته ، المفروض ان نافذته تطل لا بل قريبة جدا من نافذة غرفة أم عماد ... كان أحد الشباب الذين سكنوا حديثا مقابل بيت أم عماد ... كانوا شبابا طائشين عاصين ، جلساتهم وافعالهم مشبوهة ...
كانت نظرات الشاب خائفة ... ما أن أدرك ان عماد قد رآه حتى أدخل رأسه بسرعة وأسدل الستار على النافذة ... هنا دق قلب عماد ... ارتجف وأحس ان هناك خطبا ما ...
نزل إلى الدكان القريب ، اشترى بكيت سجائر ( أصبح يدخن وهو الذي كان لا يطيق التدخين ولا رائحته ... ) أخذ ينفخ في هواء السيجارة وينتظر ، في الغرفة المجاورة لبيت أمه كان يعيش رجل لوحده ... استأذنه عماد أن يتوضأ عنده ويستخدم الحمام أعزكم الله ...
انتظر وانتظر ولم تحضر امه ...
كان يقول في نفسه انها لا بد في زيارة أحد الجيران .. لكن عندما بدأ الظلام يحل رأى عماد أن ضوء البيت مشعل ... معقوووووول .. أم عماد مستحيييييييل تترك الضوء طول النهار ... زاد خوف عماد ... طلب من الرجل الذي يسكن قرب بيت أمه مصباحا يدويا ... أطل من نافذة قرب الباب ، كسر زجاجها ودفع الستار وأشعل المصباح ... وكانت صدمته .......

أم عماد المسكينة ... تحت طرف السرير .. رأسها تحته وتظهر قدميها ... وخط دم يسيل من تحتها ..... جن عماد ... صرخ ... يما ... الحقني يا أخي اطلب الاسعاف بسرعة ... بكى ... ارتجف ، كسر باب المنزل ودخل ليسحب جسد حنان من تحت السرير ... في رأسها غرز مقص كانت تستخدمه في الخياطة ... غرزة واحدة .. دخل المقص من رأسها وخرج من سقف فمها .... تكلم معها ... ناداها ... يما ردي علي .. ردي علي ... وسبحان الله ... كانت حية ... لسانها ينطق عماد... عماد ... عماد "بوهن وضعف".. وصلت الاسعاف ، وتم تبليغ الشرطة .... حملت أم عماد إلى المستشفى ... وسرعان ما دخلت في غيبوبة .....
أما عماد .... فمسكين لم تكفه مصيبته بما حصل لحنان أمه الحبيبة ، فقد القي عليه القبض ... والتهمة ....بقتل أمه !!...

في المرة القادمة إن شاء الله ..
عماد في السجن .... الشرطة الفاسدة .... وموقف جميلة ....
كاندا كازومي
كاندا كازومي
قبل ان أدخل في تفاصيل هذا الجزء من القصة أريد أن أطلعكم على وضع في فلسطين .... بعد أن دخل اليهود البلاد ، أعطي جميع سكان الشمال ( الذين نسميهم عرب ال48 ) وهم الذين لم يهاجروا عام 1948 هويات اسرائيلية ... وبعد عدة سنوات من الاحتلال تم إجراء إحصاء للسكان وتوزيع هويات عليهم حسب منطقة سكنهم ( هوية زرقاء لأهل القدس ، وحمراء لسكان مناطق الضفة الغربية .... اصحاب الهوية الزرقاء لهم امتيازات متعددة أهمها قدرتهم على التنقل بين المدن ودخول القدس بالإضافة إلى التأمين الصحي وغيره ... عماد كان من العائلات المقدسية الأصيلة ... ولد في يافا ( مدينة في شمال فلسطن ) ومع هذا عندما تم اجراء الاحصاء السكاني كان في مدينة في الضفة الغربية فحصل على هوية حمراء !!... هناك ما يسمى معاملات لم شمل ، يتقدم بها أحد المواطنون من اصحاب الهويات المقدسية الزرقاء للداخلية الاسرائيلية راجيا أن يحصل أحد اقاربه من حملة الهوية الحمراء على هوية زرقاء مقدسية ... مع تطور الأوضاع على الساحة السياسية في فلسطين ، كان من مصلحة عماد أن يحصل على هوية زرقاء .. تطوعت امه اليهودية سارة أن تقدم له معاملة لم شمل ... قدمت لأخته سهى فحصلت على الهوية الزرقاء ... أما عماد فقد كان لسارة شروط ... كانت تريد أن تسجله في الهوية .... يهودي ...فهذا في نظرها كلام فقط يسجل في الهوية .. وليبق عماد على دينه .. لكن هيهات لعماد أن يوافق على طلب حقير كهذا ، جن وثار وقال لها أنه لا يريد منها شيئا وأنه لن يغير دينه وانه يفتخر بكونه مسلم ، وكان هذا حدثا اخر ساهم في أن تنقطع علاقته مع امه سارة ... ضاقت الأحوال على عماد ... وأدرك أن بيته بات يضم أكثر من جميلة ، بناته كانوا نسخة مصورة عن أمهم وإن كان يرفض أن يرى هذا ... لكنه وفي أحد الأيام أخبره صديق له يعمل في إحدى شركات دول الخليج أن الشركة عندهم بحاجة إلى مسؤول عن الكهرباء وأن عماد يصلح لهذه المهمة فهو خبير وفهيم وإن كان لا يملك إلا دبلوم في مجال الكهرباء ... أخبره صديقه أنه على علاقة قوية بالمدير وأنه يستطيع أن يدبر له هذا العمل ... عماد ولأنه كان يعيش تعيسا أعجب بالفكرة وراى فيها خلاصا من جميلة ... بدا بتجهيز اوراقه الرسمية وساعده في ذلك زوج أخته عبير في الأردن ... وفي صباح أحد الايام خرج من بيته قاصدا السفر للأردن ليطمئن على امه ... ظروف السفر اصبحت متعبة ... هناك تشديد على الحدود ، جميلة عامليتله مشكلة على الصبح ... مسكين وصل تعبان عند بيت امه حنان .... دق الباب ... لم يفتح أحد ، انتظر لعلها عند الجيران .... ثم ذهب عند الجيران ليسأل عنها فلم يجدها .. غريبة ما انا حاكيلها اني رح أزروها ... كان هذا ما نطق به عماد وهو يدق باب منزلها .... قصد بيت أخته عبير ، جلس معها حتى جاء زوجها فجلس يتحدث معه ... ثم استأذن وعاد إلى منزل امه ... بينما هو ينتظر عند باب منزلها ... ولأنها كانت تعيش في بيت قديم في حي قديم فقد كانت البيوت قريبة من بعضها ، ومن الزقاق راى أحد الشباب ينظر من نافذته ، المفروض ان نافذته تطل لا بل قريبة جدا من نافذة غرفة أم عماد ... كان أحد الشباب الذين سكنوا حديثا مقابل بيت أم عماد ... كانوا شبابا طائشين عاصين ، جلساتهم وافعالهم مشبوهة ... كانت نظرات الشاب خائفة ... ما أن أدرك ان عماد قد رآه حتى أدخل رأسه بسرعة وأسدل الستار على النافذة ... هنا دق قلب عماد ... ارتجف وأحس ان هناك خطبا ما ... نزل إلى الدكان القريب ، اشترى بكيت سجائر ( أصبح يدخن وهو الذي كان لا يطيق التدخين ولا رائحته ... ) أخذ ينفخ في هواء السيجارة وينتظر ، في الغرفة المجاورة لبيت أمه كان يعيش رجل لوحده ... استأذنه عماد أن يتوضأ عنده ويستخدم الحمام أعزكم الله ... انتظر وانتظر ولم تحضر امه ... كان يقول في نفسه انها لا بد في زيارة أحد الجيران .. لكن عندما بدأ الظلام يحل رأى عماد أن ضوء البيت مشعل ... معقوووووول .. أم عماد مستحيييييييل تترك الضوء طول النهار ... زاد خوف عماد ... طلب من الرجل الذي يسكن قرب بيت أمه مصباحا يدويا ... أطل من نافذة قرب الباب ، كسر زجاجها ودفع الستار وأشعل المصباح ... وكانت صدمته ....... أم عماد المسكينة ... تحت طرف السرير .. رأسها تحته وتظهر قدميها ... وخط دم يسيل من تحتها ..... جن عماد ... صرخ ... يما ... الحقني يا أخي اطلب الاسعاف بسرعة ... بكى ... ارتجف ، كسر باب المنزل ودخل ليسحب جسد حنان من تحت السرير ... في رأسها غرز مقص كانت تستخدمه في الخياطة ... غرزة واحدة .. دخل المقص من رأسها وخرج من سقف فمها .... تكلم معها ... ناداها ... يما ردي علي .. ردي علي ... وسبحان الله ... كانت حية ... لسانها ينطق عماد... عماد ... عماد "بوهن وضعف".. وصلت الاسعاف ، وتم تبليغ الشرطة .... حملت أم عماد إلى المستشفى ... وسرعان ما دخلت في غيبوبة ..... أما عماد .... فمسكين لم تكفه مصيبته بما حصل لحنان أمه الحبيبة ، فقد القي عليه القبض ... والتهمة ....بقتل أمه !!... في المرة القادمة إن شاء الله .. عماد في السجن .... الشرطة الفاسدة .... وموقف جميلة ....
قبل ان أدخل في تفاصيل هذا الجزء من القصة أريد أن أطلعكم على وضع في فلسطين .... بعد أن دخل...
وضع عماد في الحجز ... كان عماد ومع كثرة مآسيه في الحياة قد أصبح يعاني من رجفة بسيطة في يديه ... طبيبه يقول أنها التهاب بالأعصاب نتيجة التوتر ...
كان يجلس يضع راسه بين كفيه ، تسيل منه قطرات دمع حااااااااارة صامتة ... أمه حنان .. ما أخبارها .. من الحقير الذي فعل هذا ... راسه مليء بالأفكار ، أمه حنان ما ذنبها ، ماذا فعلت وهي التي كانت تحب جميع الناس ... تذكر كم مرة حذرها من ثقتها العمياء بالناس ... كم مرة قال لها أن تتعامل مع فلانة وفلان بحذر ... شو صار فيها هلأ ... كان هذا هم عماد حتى انه لم يكن يعي أنه قد تم احتجازه ...
مرت ساعات ... عبير عرفت بما حصل مع امها ... فالشرطة تعتبرها البنت الوحيدة لحنان .. أخبروا عبير أن أخاها غير الشقيق قتل أمها ... مصيبتان فوق رأسها ... صرخت وقالت مستحيل ، مستحيل يا عالم ... هدا عماد ما بيقتل جاجة ... هادا عماد .. يا عالم اطلعوا على عيونه ، احكوا اسمها بس قدامه وشوفوا ردة فعلها... ما رح تقدروا تشوفوا ردة فعلها ... هي بغيبوبة ... كان نور عيونها وروح قلبها ... وكانت كل حياته ... مش ابنها ..صح هو مش ابنها .. بس الام هي اللي بتربي ... حرام عليكم تزيدوا همه ومصيبته ... مصيبته بامه بتكفيه يعيش تعيس طول حياته ...
بكت وصاحت ... لم يسمعها احد من الشرطة ...
موقف الشرطة كان مغايرا ... أمامهم قضية شروع بالقتل ... تكلمت عنها الصحف والمجلات ، انتشر خبرها .. وواجبها كشرطة كان البحث عن الفاعل وبما ان مخافة الله كانت معدومة ... وجدوا امامهم الفاعل ... عماد ... نلصق به جريمة القتل ونريح انفسنا ...
عماد موقفه كان غير متوقع ايضا .... يجلس حزينا غير مدرك لما حوله ... أمه لم يكن قد عرف مصيرها بعد ... يبكي ولا ياكل الطعام الذي يقدمونه له والذي تأباه الجرذان ....
عبير تحدثت معه ... أمك بخير ... الدكتور بيقول عشان المقص ما انسحب من راسها ما صار نزيف خطير .. لسة بغيبوبة... انت لازم تدير بالك على حالك ...
عماد اصبح هزيلا ، لا يذوق طعم النوم ، أما الشرطة فكانت ترى فيه مجرما ، تعذبه ليعترف ... بدو يستخدموا معاه اسلوب تاني حسبي الله عليهم كلهم ...
ادخلوا عليه أحد افراد الشرطة ليقوم بجلده ... تالم عماد ، صرخ ... ولم يسمع احد صراخه ... لكنه في النهاية كان يعتقد أن لا الم أكبر مما حصل لأمه ...
في يوم من الأيام ، جاء موعد تعذيبه أدخلوا عليه الشرطي نفسه ... الشرطي احس بذنبه .. رفع سوطه وضرب قطعة الخيش المرمية على الارض والتي يسمونها فراش ... ثم نظر له وقال ... اصرخ كلما ضربت الفرشة ... نظر له عماد باستغراب فكان رد الشرطي ... والله بعرف انك بريء ، ومنظرك ما بيدل انك ممكن تأذي حد ... بس شو اعمل ... أوامر يا خوي ...
علمت عبير بما يحصل مع اخيها ... قدمت شكاويها للمسؤولين ، تعذيب المساجين ممنوع في جميع البلدان .. لكن ... حسبي الله عليهم ...
كانت تزور امها في المستشفى يوميا ... تجلس بجانبها ، تبكي ، وتبكي ، وتبكي .... ثم تتوقف عن البكاء لتعود بعد ثوان لتبكي ...
أما الشرطة فلم يكفها أنها اعتقلت رجلا بريئا ... قام أحد افرادها بإضافة عبارات الى تقريره .... قال أنه عندما سال ام عماد من قتلها قالت .... عماد ...
الطبيب نفى ان يكون هذا صحيحا فأم عماد بغيبوبة ،حتى لو كانت نطقت شيئا قبل أن تدخل الغيبوبة فلا يؤخذ على كلامها ... لكن هيهات ان تقبل الشرطة بهذا الكلام ...
كل الأدلة كانت من صالح عماد .. وصل للحدود الساعة كذا ، وعبر الساعة كذا ... رآه صاحب الدكان يصعد سلالم منزل أمه الساعة كذا ، نزل بعد دقائق وذهب للجيران .... ذهب عند أخته ، وعاد ....
لكن ماذا نقول في النفوس الضعيفة ... الرجل الذي كان يسكن قرب منزل امه قال أنه كان خائفا وطلب منه أن يدخل إلى الحمام أعزكم الله ليتوضا ، وطال وجوده في الحمام .... الف كلاما لم يكن من صالح عماد ... ولكنه في نفس الوقت كان يضم تناقضات عديدة ... كان أسخف شرطي ليراها .. لكن حسبي الله على من يتهم الناس ظلما ..

فلننتقل من الاردن وعماد إلى فلسطين وجميلة ... جميلة كانت زي ما حكيت عاملة مشكلة مع عماد يوم ما سافر الصبح .. هددها بالطلاق بعد ما فاض الكيل ... الأخت ما صدقت خبر حسبي الله عليها ...
الصحافة هولت الأمر ونزلت القصة مبهرة في المجلات والجرائد ... جميلة مسكت كل الصحف اللي حكت عن الموضوع وراحت ركض على شركة الكهرباء حيث كان زوجها يعمل ...
( شايفين صاحبكم شو عمل ... قتال قتلة ... قتل امه اللئيم الحقير ... ) دارت على كل اصحاب عماد ، وكل الموظفين ، وكل الجيران ... حسبي الله عليها إن شاء الله جهنم مصيرها ..
حجزت على البيت والسيارة ، وتركته بدون ولا قرش .... حتى اجرة المحامي لم تتركها له .... رغم أن هذا كان متوقعا من زوجة حقيرة مثل جميلة ، امها قد ربتها على الكره والحقد ، لكن عماد صدم عندما علم الخبر ... ولأول مرة في حياته يعاملها بما تستحق .... لكن بهدوء وبحق ... وصلتها ورقة الطلاق ، ورماها عماد وراء ظهره كما ترمى النفايات أعزكم الله ...

المحامي كان رائعا ، انسانا متفهما طيبا ... أخبره عماد انه لا يملك أجرته واعتذر له ... وطلب منه ان لا يكمل دفاعه .. لكنه رفض وكان همه أن يثبت للجميع أن عماد بريء ...
أمور أخرى بالتحقيق كانت من صالح عماد ... فالقاتل طعن أم عماد برأسها بثبات ، استخدم يده اليمنى كما أثبت التحليلات .... عماد كان أعسراً ، وإن كان يجيد استخدام يده اليمنى واليسرى في الكتابة بنفس الجودة لكن هذا كان بالكتابة فقط ... اليد الثابتة لم تكن يد عماد ، لأن البصمات لم تتطابق ، ولأن يدي عماد ترتجفان ...
اخبرت عبير رئيس المحققين بهذا ... أجبرته أن ينادي عماد إلى مكتبه ليرى ذلك بنفسه ...
دخل عماد المكتب ، فقد الكثير من وزنه ، وجهه شاحب وعيناه غائرتان ... جلس امام أخته التي لم تتمالك نفسها فبدأت بالبكاء ... تظاهر الشرطي بالذوق والرحمة فجأة ... طلب فنجانين قهوة لعماد واخته ...
أمسك عماد فنجان القهوة المملوء بيديه المرتجفتين حتى كاد يسكبها على نفسه ....
لكن هل تتوقعون أن من ختم الله على قلوبهم يؤمنون بالعدل وبنصرة المظلوم ... عاد عماد إلى زنزانته وعذابه ...

حوّل عماد إلى المحاكمة ... القاضي كان عادلا .... عندما راى أن ما يثبت براءة عماد أكثر مما يدعيه رجال الشرطة الفاسدون ، قبل بإطلاق سراحه بعد دفع اخته عبير وزوجها لكفالة مالية ....
خرج من السجن ... لكنه لم يتمتع بالحرية ... فهو لا زال المتهم الوحيد ... تذكر الشاب الذي رآه من الزقاق .. كانوا شباب مهملين ... أمه عندما نقلت إلى المستشفى وجد على ابهامها اثار حبر ... أحدهم حاول جعلها تبصم على شيء ... فكر أيعقل أن يكونوا هم من قتلوها ... لكن هيهات .. كان الشباب قد غادروا الحارة ولم يعرف لهم أثر ... والشرطة لم تتعب نفسها بالبحث عنهم ...
خرج عماد من السجن ... الى لا مكان ... لا يسمح له بالذهاب إلى فلسطين ، توجه إلى بيت أخته الحنون عبير ... ساعدته حتى آخر لحظة ....


جميلة ... بعد طلاقها احست بالندم ، حاولت أن تدخل واسطات ليعيدها عماد إلى ذمته ... لكن هيهات ان يقبل عماد ان يعيد امرأة رخيصة فعلت ما فعلته ... باعت السيارة ... أخرجت بناتها من المدارس الخاصة وأدخلتهم مدارس عادية ... فلم يبق لهم سوى دخلها المتواضع ...


من ناحية اخرى ... كانت نعمة التي تحدثنا عنها سابقا قد وصلت ال29 من عمرها ، لم تتزوج بعد لا زالت محافظة على جمالها الساحر ، التزمت بمبادئ دينها فغدا نور الإيمان ينير وجهها ويزيدها جمالا ....
أختاها الصغريين تزوجتا ، أخوها الحبيب علاء يدرس في الجامعة الأردنية علوم الشريعة ، وقد أصبح شابا ملتزما رائعا ...

في المرة القادمة إن شاء الله ....
قرار محاكمة عماد .... عماد بعد أن انتهى من جميلة.....