rainyheart
rainyheart
وفي يوم التروية كنت أحاول أن أرتاح من التعب المتراكم بسبب عناء السفر واختلاف مواعيد النوم وطول البقاء بمطار الحجاج بسبب الزحام،وطول السفر حتى وصلنا إلى الشقة المؤجرة بالعزيزية وذلك بعد صلاة العصر ، فإذا بي أسمع صوت المطر ، فتنبهت فإذا هو مطر غزير، فقلت لنفسي ، إن المطر ماء مبارك ، لقوله تعالى : " وَنَزَّلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً مُبَارَكًا فَأَنْبَتْنَا بِهِ جَنَّاتٍ وَحَبَّ الْحَصِيدِ " ق-9 وقوله سبحانه: "وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً طَهُورًا " الفرقان-48 ، ثم فكرت : " ماء مبارك ، طَهور ، وفي مكة المكرمة:32: ؟!!!! هل أترك هذه الفرصة ؟ لا وألف لا ،،،، فنهضت مسرعة إلى الشباك لأفتحه ومددت يداي لتمتلآن بحبات المطر، ثم غسلت بها وجهي، فإذا بي أشعر بانتعاش لم أشعر به في حياتي،:2thmup: وقوة تسري في بدني بددت كل ما كنت أشعر به من تعب وجهد، فلما شعرت بذلك لم أتعجب بل ازددت يقينا ًبكلام الله سبحانه، فهرعت إلى المطبخ وأحضرت كأسين لأملأهما بالماء المبارك الطهور ، وبالفعل شربت إحداهما فإذا بي أتذوق أحلى وأعذب ماء ذقته طوال عمري :heart:؛ بل وشعرت بالشبَع رغم أنني كنت لم أتناول بعد طعام الغداء ، وتبددت الرغبة في النوم ، وظللت جالسة مكاني أدعو الله سبحانه لأنتهز فرصة وجود المطر وتفتُّح أبواب السماء وقبول الدعاء، ،و لما انتهيت مما شئت من الدعاء ظللت ساكنة أتأمل فضل الله تعالى !!!! كم أنت كريم وعظيم يا إلهي :27:!!!! كان من الممكن أن أغط في نوم عميق من شدة التعب وتفوتني هذه الفرصة النادرة ؛ ولكنه رزقني بفضله وسقاني سُقيا هنيئة مريئة بفضله ، ثم رزقني الدعاء !!!!!! وتساءلت بيني وبين نفسي: لماذا تُمطر السماء هنا في يوم التروية بالتحديد ؟!!! فلم أجد جواباً سوى: حتى لا يقلق الحجاج من فيروس أنفلونزا الخنازير ، فيكون الجو معقما ًنظيفاً حين يلتقون جميعا في اليوم التالي على جبل عرفات!!!!! وتذكرت وقتها مَن ألغوا حجز السفر بعد أن عزموا على الحج خوفاً من مرض الأنفلونزا ،،، كم فاتهم من خير كثير؟!!!!:44: لماذا لم يظنوا بالله ظنا حسناً ؟ هداهم الله وهدانا أجمعين ، والحمد لله الذي عافانا مما ابتلاهم به . ومما زاد فرحتي أن أهل المملكة السعودية الكِرام كانوا فرحين بالمطر متهللين ، فدعوت لهم جميعا بالمزيد من الخير، ودعوت لكل القائمين على أمر الحج سواء من وزارة الحج – التي رفعت شعار : خدمة الحاج شرفٌ لنا- أو جنود الجيش السعودي الذين كانوا يمنعون التزاحم قبل حدوثه وييسرون الأمور على الحجاج ويجيبون على أسئلتهم التي لا تنقطع ، بكل هدوء وبشاشة وتواضع ....نعم لقد دعوتُ لهم أن يزيدهم الله خيرا وشرفا ً وعِزة وكرامة ؛ وأن يعطيهم الجزاء الأوفى في الدنيا والآخرة ، ويجعل بلدهم آمنا مطمئنا ، وان يديم عليهم خدمة الحجاج والمعتمرين، آمين . ومن اللافت للنظر في الحج أن الجميع مشغولون بأنفسهم، فلا أحد ينظر إلى أحد ، ولا أحد يراقب أحد ، مما ذكَّرني بيوم الحشر، نعم إن الحج حقيقة يعطينا نموذجا ًحيا ًليوم الحشر، أجناس مختلفة وكثيرة من الناس المنشغلة بأنفسها، المتزاحمة، التي تسعى إلى هدف واحد ، في الدنيا : إلى إتمام فريضة الحج بالشكل الصحيح ، وبسلام ؛ وفي الآخرة : منشغلة بالنجاة من النار ودخول الجنة بسلام أيضاً !!!! أما جبل عرفة فقد شعرت بأنه جبل غير عادي ، جبل مقدس، جبل من الجنة ، بل إنه يكاد ينطق بتسبيحه للرحمن !!! وأما يوم عرفة ، فإذا جاز لي أن أطلق عليه اسماً آخر فإني حب أن أسميه يوم السكينة والتيسير ، وفي ذلك اليوم تذكرتُ دعائي لصديقتي وسائر الحجاج هذا العام -حينما ختمت تلاوة القرآن - فقد كان آخر ما يمكنني تصوره هو أن أصير واحدة منهم !!!! :icon28: فسبحان الله،،، لقد شملتني تلك الدعوات !!!! وفي يوم العيد كانت الكعبة المشرفة كالعروس التي تزينت في أبهى وأجمل منظر :arb: وكنت أشعر وكأنها سعيدة بعباد الرحمن وضيوفه ، ولو جاز لها أن تنطق لقالت : طِبتم ، وطاب سعيكم ، وطابت لكم الجنة إن شاء الله !!!! وأما ما شعرتُ به من سعادة وسكينة بعد رجم الشيطان، فظللت أفكر في سببها، هل لأن الرجم صار ميسراً بعد أن كنت أسمع عن صعوبته ومشقته؟ أم لأنني أطعت أمر الله وقمت برجم الصخر دون تفكير؟ أم لأنني أقوم بذلك لأول مرة ؟ أم لأنني أسمِّي الله وأكبِّر مع كل مرة ؟ أم أنني سعيدة بالدعاء المستجاب بعد الرجم ؟!!!! و أياً كان السبب فقد كنت سعيدة بهذا الشعور واعتبرته هدية من الكريم المنَّان . :27: ولما كان الله سبحانه قد حبَّب إليَّ -بفضله - إطعام الطعام، فقد كنت أقوم به قدر المستطاع لمن حولي، ولكني علمت في آخر أيام الحج بهذا الحديث الشريف: روى جابر بن عبد الله عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: " الحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة قيل وما بره قال إطعام الطعام وطيب الكلام " حديث حسن ورد في صحيح الترغيب والترهيب للألباني فلما علمت بذلك قلت سبحان الله !!! هل فرض الله سبحانه الحج ليلتقي المسلمون من شتى بقاع الأرض ويطعم بعضهم بعضا، ويُلين بعضهم الحديث لبعض؟!!! إذن هو مؤتمر رباني يجمع الله سبحانه فيه شمل المسلمين ليتعاونوا على البر والتقوى ، ويعودوا أقوى وأتقى وأنقى وأرقى مما جاءوا ؛ سبحان الله العظيم ، ولكني حزنت كثيرا لأني لم أعرف هذا الحديث منذ بداية مناسك الحج :icon33: وعزمت بإذن الله تعالى على أن أنفِّذ ما جاء به قدر استطاعتي إذا جئت للحج مرة أخرى،،،، أو أرسل مع الحجاج من يقوم بإطعام الحجاج عني ، وخاصة ممن يبدو عليهم الفقر ويحسبهم الجاهل أغنياء من التعفُّف ،،،، والحمد لله على نعمة الإسلام . :arb: يُتبع إن شاء الله
وفي يوم التروية كنت أحاول أن أرتاح من التعب المتراكم بسبب عناء السفر واختلاف مواعيد النوم وطول...
ولا أخفي عليكن أخواتي أن بالحج بعض المشقة ،
خاصة حين يضطر المسلم أن يحتمل أذى بعض المسلمين نتيجة اختلاف الثقافات والطبائع والعادات،
ونتيجة اضطرار المسلم لضبط النفس،
و الصبر الجميل الذي هو مفتاح الحج المبرور –بعد إطعام الطعام وطيب الكلام – وذلك بسب الزحام واجتماع ملايين البشر في أماكن محدودة ،
وخروج المسلم عن عاداته اليومية وحياته الطبيعية ،
واضطراره لأن يتعامل مع ألوان وأصناف من البشر،
واضطراره أيضا ً لأن ينتظر دوره في كل خطوة يمشيها؛
:29:

ولكني بعد أن عدت إلى بيتي وارتحت من عناء السفر شعرت بأن رحلة الحج هي أجمل رحلة ممكن أن يقوم بها إنسان ،:arb:

ففيها من البركات والفيوضات ، والعطاءات الربانية ما لا يعلمه إلا الله !!!

كما أن ما تحمَّله المسلم من مشقة في الحج تجعله يتحمل المزيد من المشقة في حياته اليومية ،
بل إن أي مشقة في حياته العادية تهون بجانب هذه المشقة؛

كما يكتشف المؤمن بعد عودته أن لديه قدرة كبيرة على ضبط النفس، والصبر على أذى الآخرين ،

وانتظار الدور في أي مكان ،

نعم إن الحج معسكر للتربية النفسية والإيمانية والاجتماعية بل وسبب لزيادة الرزق ،

لقوله صلى الله عليه وسلم :

" تابعوا بين الحج والعمرة ، فإنهما ينفيان الفقر والذنوب ، كما ينفي الكير خبث الحديد والذهب والفضة ، وليس للحجة المبرورة ثواب إلا الجنة " سنن الترمذي، حديث حسن صحيح غريب

والأهم من ذلك فإن نموذج يوم الحشر الذي يعيشه المسلم في الحج يجعله يستصغر الدنيا ومشاكلها وهمومها ،
فتزداد نفسه قوة على مواجهتها،
ويتقبلها بصدر رحب،
بل وتعينه على التسامح والتغاضي عن أخطاء الغير،
وتجعله يشعر أن لكل إنسان الحق في حياة كريمة مهما كان منصبه أو مستواه الاجتماعي.....مادام عبداً لله طائعا ً؛
مما يعين الإنسان على أن يحترم غيره ولا يتعالى على أحد ؛؛؛؛

فسبحان الله على هذه المدرسة الربانية العظيمة التي تسمى الحج !!!!


:)

ومما لفت نظري أنني لم أحتج إلى أغطية الرأس أو العباءات التي أحضرَتها لي كل من : صديقتي وقريبتي أكرمهما الله ....لقد بارك الله لي فيما تبقى لي من أغطية رأس وعباءات بعد أن أعطيت منها لصديقتي التي سافرت إلى الحج قبلي!!!

سبحان الله !!

نعم ، لقد رزقني الله بغيرها، ولكنه لم يحوجني إليها، فقط رزقني بها لكي يطمئن قلبي ، ولا أقلق ، ثم بارك لي فيما عندي ليعلمني هذا الدرس:
" ما نقص مالٌ من صدقة " !!!!
:26:

لا إله إلا الله الكريم المنان ذو الجلال والإكرام !!!!!!


ومما أدهشني بالفعل أنني أنفقتُ –بعد شراء الهدايا للأقارب والأحباب – أقل بكثير مما تصورت،
وعُدْتُ ومعي الكثير من المال ،
فسبحان الله خير الرازقين، أجود الأجودين ،
خير مَزور يُكرم زائره!!!


ومما أدهشني أيضاً أنني بعد طواف الوادع صليت العصر بالحرم ،وكانت تصلي بجواري أخت من ليبيا، فسألتها عن المكان الذي اشترت منه الطرحة البيضاء التي ترتديها والتي كنت أبحث عن مثلها ، فوصفت لي المكان ،ولكني تذكرت أنني قد طُفت طواف الوداع ولا يجوز لي الشراء إلا طعام أو شيء ضروري،
فقلت : " إنَّا لله وإنا إليه راجعون، اللهم اأْجُرني في مصيبتي واخلُفني خيراً منها " ، سوف أشتريه إن عدت للعمرة إن شاء الله .


ولما عدت إلى بلدي وعادت صديقتي التي كانت قد سافرت قبلي ومعها عباءاتي وأغطية رأسي القطنية ؛إذا بها قد أحضرت لي بعض الهدايا ومنها الطرحة البيضاء التي أعجبَتني وكنت أنوي شراءها يوم طواف الوداع ، فسبحان الله المعطي الوهاب !!!!!


فكم كانت فرحتي، لقد شعرت أن الهدية من الرحمن الذي زرت بيته ، وكنت ضيفته ،،،،، وليست من صديقتي،

فلما أخبرتها بهذه الحقيقة فرحت كثيرا أنها كانت سببا في أن تنقل إليَّ هدية الرحمن ، وجلسنا نتحدث عن ذكرياتنا في الحج ، وشعرت لأول مرة في حياتي أنني لا أريد التوقف عن الكلام وأن هذا هو أمتع حديث يمكن لإنسان أن يخوض فيه ،
ولم أدرِِ كم من الوقت مر بنا ونحن نتحدث ،
ولولا ارتباطها بإعداد طعام الغداء لأسرتها لما تركتُها تغادرني،

ولم أنسَ قبل أن تغادر أن أتذكر معها أهم الدروس التي تعلمناها من رحلة الحج وهي:
" الصبر الجميل ،

والإيثار،

وكظم الغيظ ابتغاء مرضاة الله ،

وعدم الجدال ،

وطاعة أوامر الله حتى لو كنا لا نفهم أسبابها أو الحكمة منها،

وأن الله تعالى أودع فينا طاقات وإمكانات لا ينبغي أن نعطِّلها ،

و أن نظل ندعو الله الكريم ولا نقنط من رحمته ، حتى يحين الموعد المناسب للإجابة
:26:
ثم دعونا الله تعالى أن يكتبها لنا ولأولادنا مرات ومرات ،

إنه على كل شيء قدير
rainyheart
rainyheart
بارك الله فيك يا تاتووو
وأثابك الجزاء الأوفى،
آمين.
تفاحة مقروشة
تفاحة مقروشة
مبروك الحج ووفقك الله لي ما يحبه ويرضاه افرحتني قصتك حقا حقا
اللهم صلى وسلم وبارك على محمد وعلى ال محمد
rainyheart
rainyheart
مبروك الحج ووفقك الله لي ما يحبه ويرضاه افرحتني قصتك حقا حقا اللهم صلى وسلم وبارك على محمد وعلى ال محمد
مبروك الحج ووفقك الله لي ما يحبه ويرضاه افرحتني قصتك حقا حقا اللهم صلى وسلم وبارك على محمد وعلى...
الله يبارك فيك يا احلى تفاحة:27:
فعلا الحج نعمة كبيرة من الله سبحانه وتعالى ،
عقبالك أنت وكل اخواتنا
واللى ذهبت عقبالها مرة ثانية
آمين
تاتووو
تاتووو
للرفع