بايعتهالربي
بايعتهالربي
gloos gloos :
الله يجزاك خيرررر ريحتينا وجمعتي القصص بموضوع
الله يجزاك خيرررر ريحتينا وجمعتي القصص بموضوع
الحلقة(20) حادثة الأفك


هذه القصة في سورة النور، حوالي 20آية في سورة النور.


تتحدث عن كيفية تعامل المجتمع مع الشائعات.


فالقصة تتحدث إلىالصحافة، والإعلام، وتحذرهم من ترويج الشائعات،


وموجهة للسيدات اللواتي يكدنإلى سيدات أخريات، فتقوم بترويج الشائعات،


وموجهة أيضاً للشباب في الجامعة الذينيتحدثون عن البنات في الجامعات.

تألم النبي ألماً شديداً بسبب ذلك فقد أوذيإيذاءً شديداً وتأخر الوحي شهراً كاملاً.. لكي تتعلم من ذلك ولا تتكلم عن شرف أيإنسانٍ، أو تنشر شيئاً يسئ إليه، أو تتحدث عن عرضه.



فهناك الكثير من الدروس فيالقصص القرآنية،


يقول الله تعالى:


"أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَمِنْ عِندِ غَيْرِ اللّهِ لَوَجَدُواْ فِيهِ اخْتِلاَفاً كَثِيراً" (النساء82)


ويقول الله تعالى:


"أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍأَقْفَالُهَا "(محمد24).الوضع في المدينة:
المدينة بها 700 منافقتقريباً، يرأسهم عبد الله بن أبيّ بن سلول، فقد كان شديد الكراهية للنبي _صلى اللهعليه وسلم_ وللمؤمنين، وكان يخطط أن يكون ملكاً على المدينة، وكان ذلك في بدايةهجرة النبي _صلى الله عليه وسلم_ للمدينة،



فتركه الناس، وذهبوا لاستقبال النبي صلى الله عليه وسلم؛فلذلك كره النبي صلى الله عليه وسلم،


وكان يُظهر الإسلام، ويبطن الكفر والنفاق، ومعه 700 شخص.



عندماحدثت غزوة أحد، خرج مع المسلمين في الغزوة، ولكن قبل المعركة ببضع ساعاتٍ، رجع ومعه ثلث الجيش؛


سعياً لهز الجيش ولكن المسلمون انتصروا في هذه الغزوة،


وانتصرواأيضاً في غزوة الخندق. فأدرك أن السلاح لا يجدي،


فلجأ إلى الشائعات، واستهدف بذلكالرسول _صلى الله عليه وسلم_ لكي يفكك المجتمع من الداخل.

كانت هناك غزوةتسمى بني المصطلق، سنة 5 هـ،



فقد أراد البعض مهاجمة المدينة، فعلم النبي صلى الله عليه وسلم بذلك منالصحابة،


فجهز جيشاً لكي يهجموا عليهم قبل دخولهم المدينة،


فخرج المنافقون معهم لكييشعلوا فتنة داخلية،


وذهب المسلمون إلى المعركة، وانتصر النبي _صلى الله عليه وسلم_ في المعركة، وعند رجوعه مع الصحابة ارتاح الجيش في الطريق،


فذهبت السيدة عائشة رضي الله عنها لقضاء حاجتها.. ولما عادت


وجدت أنها اضاعت عقدها فذهبت تبحث عنه ...


ولما وجدته ورجعت كان الجيش قد رحل!!!


.................


.............


...........


واتُهمت السيدة عائشة فيعرضها،


وهي زوجة أشرف الخلق،


وابنة أبو بكر الصديق،


اتُهمت بالخيانة مع أحدأصدقائه،


فكان شيئاً موجعاً.

يجب أن تصبر في الحياة؛



وذلك لكي يظهر المؤمنمن غير المؤمن،



"...وَجَعَلْنَا بَعْضَكُمْ لِبَعْضٍ فِتْنَةً أَتَصْبِرُونَوَكَانَ رَبُّكَ بَصِيراً " (الفرقان20)



فالحياة هكذا ولا يوجد مثالية فيها، فهناكصراع بين الخير والشر، ومعركتك هي أن تنتصر على الشر.






تحكيالسيدة عائشة القصة وتقول:


" كان النبي _صلى الله عليه وسلم_ إذا أراد الخروج إلىغزوة أقرع بين نساءه"


- وهذا يدل على أن النساء يخرجن للغزوات، ويشاركن الرجال فيالمعارك، فهذا هو وضع المرأة في عهد النبي _صلى الله عليه وسلم_، المشاركة،والاحترام، -


فخرج سهم السيدة عائشة، فتقول:


"فخرجت معهم فانتصر الجيش،


ونزلليستريح،


فذهبت لأقضي حاجتي،


فعدت وقد نودي للجيش بالرحيل،


فنظرت إلى عقدي وقد كانلامرأة من نساء الأنصار"- وهذا يدل على أهمية رد الأمانات –


فتقول: "فالتمست العقدفلم أجده،


فعدت مسرعة أبحث عن العقد،


فوجدته، فعدت، فلم أجد الجيش،


وكانت النساءخفيفات؛ لم يثقلهن اللحم،


فلم يستنكر القوم خفة الهودج حين رفعوه،


وانطلق الجيش،وجلست وحدي في الصحراء، في مكاني،


وقلت سيفتقدونني، ويعودون إلي ،


فغلبتني عيناي،فنمت،


وكان رسول الله _صلى الله عليه وسلم_ يترك في مؤخرة الجيش صحابي، شهد بدراً،اسمه صفوان بن المعطل، كان يتفقد ويراقب مؤخرة الجيش،


ليرى إذا تخلف شخص، أو فقدشخص متاعه،


فجاء فرآني،


فعرفني،


فأعطاني ظهره،


ونادى ليوقظني،


وقال:"إنا لله وإناإليه راجعون"،


فاستيقظت،


وأناخ الجمل،


فركبت،


ووالله ما تكلم معي كلمة،


وما تكلمتمعه كلمة،


فوصلنا إلى الجيش، فرآنا عبد الله ابن أبيّ بن سلول، فبدأ يتكلم سراً بينالمنافقين، وبدأ ينشر،


ويقول أين كانوا؟


ماذا فعلوا؟


وبدأ الخبر ينتشر وسطالجيش".





تخيل موقف أبو بكر الصديق، رفيق النبي صلى الله عليه وسلم، ووالد زوجة النبي صلى الله عليه وسلم ، وابنتهحبيبة النبي صلى الله عليه وسلم !


لذا سميت القصة بحديث الإفك؛


فالإفك هو (البهتان، والزور، والافتراءالذي لا أصل له).





تقول السيدة عائشة:


" أن من رحمة الله عليها أنها عندمارجعت مرضت شهراً"،


فهي لم تعرف القصة إلا بعد شهر إلا ثلاثة أيام،


فتخيل لو عاشتشهراً هكذا،


ماذا كان سيحدث لها؟


يجب أن يتعلم المجتمع وأن يتعلم المسلمون درساًإلى يوم القيامة،


ولو لم ينضبط اللسان بعد هذه القصة؛ ستكونون شركاء في إيذاء رسولالله صلى الله عليه وسلم،


لأنكم لم تتعلموا،


لذلك لا تتحدث أبداً عن عرض أي إنسان ولو حتى بالإشارة أوبالرسالة.





تقول السيدة عائشة:


"فبقيت شهراً مريضة ولا أدري ما يقول الناسولا يغيبني، – أي لا يوجد ما استغربه-


غير أن رسول الله _صلى الله عليه وسلم_ يدخلعلىَّ مهموماً،


وطريقة سلامه مختلفة،


فيدخل عليّ رسول الله صلى الله عليه وسلم ويقول: "كيف تيكم ؟"،


ولا أجد ما كنت أجد منه من الوُد".



فبالرغم من ذلك لم يكلمها الرسول صلى الله عليه وسلم عن أي شي طيلةهذه المدة...



طب ما موقف أبو بكر الصديق؟


ما موقف صفوان بن المعطل؟


ما موقف عمر بنالخطاب؟


مضى شهر إلا ثلاثة أيام،


وبدأت السيدة عائشة تسترد صحتها،


فتقول:


"خرجت مع أم مسطح"،


-ابنها مسطح بن أثاثة ابن خالة السيدة عائشة، مهاجر،وفقير؛ ينفق عليه أبو بكر لأنه مهاجر فقير-.



"خرجت مع أم مسطح إلى الخلاء،


فبينما نحن نسير، عثَرَت أم مسطح،


فقالت: "تعس مسطح" ،


فقلت لها:"أتسبين رجلا شهدبدراً، من أصحاب رسول الله، ومهاجر؟"


قالت:" أوما تدرين ما قال فيكي؟"،


قلت: "وماقال فيَّ؟"،


فأخبرتني بقول أهل الإفك"،


وقالت لها أن كل المدينة تعرف ذلك.





دلائل نبوة محمد صلى الله عليه وسلم:



هذه القصة من دلائل النبوة،


فالدليل الأول:


هو أن الوحي تأخر شهراً، ولو كان يكتبه الرسول صلى الله عليه وسلم بيده كما قالوا لكتب ما يريدمباشرة،


ولكن هذا من دلائل النبوة،


والدليل الثاني:


هو رفض الرسول_ صلى الله عليهوسلم_ إصدار أي عقوبة على من يتكلم على زوجته،


فهو النبي الزوج،


والنبي القائد،


ولكنه لم يستخدم سلطته كزوج في موضوع يخص الأمة،


فهذا يدل على الحرية، وعدمالظلم.





يقول أحد المستشرقين:


"كلما شككت في نبوة محمد، نظرت في قصة حديثالإفك، فأتوقف، وأقول:


" لا يكون هذا إلا نبي"؛



وذلك لأن الوحي تأخر شهر بدون حللهذا الموضوع، وكذلك لأنه لم يستخدم سلطته، فهذا يدل على نبوته.





تقول السيدةعائشة:


"فجريت إلى رسول الله _صلى الله عليه وسلم_ فوجدته مهموما"،


ياترى متى كان شعورالرسول صلى الله عليه وسلم بالهم أكثر، في غزوة أحد، أم حديث الإفك؟.


ففي غزوة أحد كسرت رباعيته،


وشجفي رأسه،


وانهمر وجهه بالدماء،


فكانت فاطمة رضي الله عنها تغسل الدم بالماء، ولكنلا يتوقف الدم،


إلى أن جاء سيدنا علي بخرقة، حرقها حتى صارت رمادا، ثم ألصقهابالجرح، فاستمسك الدم،


فرفع النبي يديه إلى السماء، فظنوا أنه سيدعوا عليهم، ولكنهقال:


" اللهم اهدي قومي فإنهم لا يعلمون"،



بالرغم من كل ذلك لكن نظن أن الأصعب هو حديثالإفك؛


لأنه اتُهم في أهل بيته،


فكل ذلك لكي نتعلم أن نمسك ألسنتنا عن أعراضالنساء.





فهل تعلمنا؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟


فقالت السيدة عائشة للرسول _صلى الله عليه وسلم_:


"اأذن لي أن أعودإلى بيت أبي أمرض"،


فقال:" نعم إن شئت"،


فذهبت إلى أمي فقلت:"أوسمعت ما قالالناس؟"،


قالت:" نعم"،


فقلت:" وما تقولين؟"،


قالت:"يا بنيتي، ما من امرأة حسناء،محبوبة عند زوجها، ولها ضرائر؛ إلا أكثرن عليها"،


فقالت :"أوعلم رسول الله"،


قالت:"نعم"،


قلت:"أوعلم أبي؟"،


قالت:" نعم"،


فصعدت إلى سطح المنزل، فوجدت أبي يقرأالقرآن، فقلت:


"أوقال الناس فيَ"،


فقال:"كنا آل أبي بكر في الجاهلية لا يذكرنا أحدبسوء، وقد أكرمنا الله بالإسلام، أيقول فينا المنافقون ذلك".





لم ينزل جبريلطيلة هذه الفترة، حتى يصفى الناس؛ ويتعلموا فقد قال الله تعالى :


"... لَاتَحْسَبُوهُ شَرّاً لَّكُم بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ ..."(النور11).أقسامالناس في المدينة:


انقسمت المدينة إلى أربعة أقسام:

القسم الأول:



لايصدق، لكنه الأغلبية الصامتة، لا يكذب، ولا يدافع.

القسم الثاني:



صنف أقلية،ترفض، وتكذب،


منهم أبو أيوب الأنصاري وزوجته فيقول لها:
" أسمعت ما يقولالناس؟"،



قالت:"نعم"،


قال:"لو كنت مكان عائشة، أكنت تفعلين ما يقولون عنها؟"،


قالت:"لا"،


قال:"فعائشة خير منك"،


قالت:"وأنت لو كنت صفوان، أكنت تفعل ما قالوه عنصفوان؟"


قال :"لا، معاذ الله"،


قالت :"فصفوان خير منك".





القسم الثالث:


المنافقون، وكانوا يقومون بترويج الشائعات.

القسم الرابع:



المؤمنون، ولكنهمتكلموا في هذا الموضوع،


ومنهم مسطح بن أثاثة، الذي ينفق عليه أبو بكر،


ومنهم أيضاًحسان بن ثابت، شاعر النبي صلى الله عليه وسلم، الذي قال له :" قل يا حسان وروح القدسيؤيدك".





ماذا فعل صفوان؟


ثارت ثائرته؛ عندما سمع أن حسان قد تكلم عنه، فأخذقوسه، وذهب إلى حسان، وشج رأسه،


وقال: "أتتهمني في عرضي؟!"،


فذهب حسان إلي النبي صلى الله عليه وسلم ليشكوَ له،


فنادى النبي صلى الله عليه وسلم صفوان بن المعطل،


وقال له:"يا صفوان، ما أُمرنا بذلك، إما أنترضيه او أرد إليه حقه"،


فقال:"ليس معي ما أرضيه"،


فقال له:"أنا أعطيك".





أحدالمستشرقين كان يجلس مع أحد العلماء،


فسأله:"بأي وجه استطاعت السيدة عائشة أن تواجهالمجتمع وتقابل المجتمع بعدما قيل عنها؟"،


فرد عليه العالم، وقال:


"بنفس الوجه الذيقابلت به مريم الناس عندما أتت به قومها تحمله، قابلتهم بوجه الصادقة، الواثقة منبراءة الله عز وجل".

تقول السيدة عائشة :



" فظللت ثلاثة أيام لا يرقي لي دمع،


ولا أكتحل بنوم،


ولا يغمض لي جفن؛


حتى ظننت أن كبدي سينفطر من شدةالبكاء".





هناك أربعة حلول أمام النبيصلى الله عليه وسلم:

الحل الأول:



هو أن يطلقها ولكنه لم يفعلذلك.

الحل الثاني:



أن يدافع عنها بقوة، ويستخدم سلطته كقائد؛


بإصدار قراربعدم الحديث عن زوجته السيدة عائشة،


ولكنه لم يفعل ذلك..





الحل الثالث:


أن يترك الموضوعللمجتمع، يختار ما يشاء.

الحل الرابع:



وهو الذي اختاره النبي صلى الله عليه وسلم ،


وهو أن يتحدثمع شرائح مختلفة في المجتمع،


فبدأ بالحديث مع أم أيمن الجارية، وقال:


"أوسمعت مايقول الناس يا أم أيمن؟"،


قالت:"نعم يا رسول الله"،


فقال:"فماذا تقولين يا أمأيمن؟"،


فقالت:"أحمي سمعي وبصري يا رسول الله،


والله ما علمت عنها إلا خيراً ".





ثم ذهب إلى زينب بنت جحش زوجته؛


لأن أختها قد تحدثت عن السيدةعائشة،


فقالت:


"أحمي سمعي وبصري يا رسول الله،


والله ما علمت عنها إلا خيراً" .





فانتقل النبي صلى الله عليه وسلم لشريحة الشباب،


فذهب إلى أسامة بن زيد، فقال له:


"ما تقول ياأسامة؟"


فقال:"الله أكبر يا رسول الله،


أهل بيتك يا رسول الله، وما أعلم عنهم إلاالخير".



فذهب لسيدنا علي فقال:
"وما تقول يا علي؟"،



قال :"يا رسول الله النساءغيرها كثير، طلقها وتزوج غيرها".





بعد ذلك ذهب إلى سيدنا عمر بن الخطابفقال:


"يا رسول الله من الذي زوجك إياها"،


قال:
"الله"،



قال:"أيظنون أن اللهيزوجك إياها ويدلس عليك"،


فقال:"قل لهم يا عمر


فهذا يدل أن الرسول يعلم أنهابريئة.





موقف رسول الله صلى الله عليه وسلم يدل على الحكمة، والصبر، والترتيب؛


فقد أخذ رسولالله رأي الشباب والنساء والكبار،


وجمع الناس،


ثم صعد الرسول صلى الله عليه وسلم على المنبر،


وقال:


"أيها الناس من يعذِرَني في رجل آذاني في أهل بيتي،


وما علمت على أهل بيتي إلاخيراً،


ولقد ذكروا لي رجل ما علمت عنه إلا خيراً،


وما دخل على أهل بيتي في غيابيأبداً،


فيقوم أسيد بن حضير سيد الأوس، وهو من الأنصار الصادقين، فيقول:


"يا رسولالله إن كان من الأوس قطعنا عنقه،


وإن كان من إخواننا من الخزرج مرنا فلنقطع عنقه،


فقام سعد بن عبادة صحابي من سادة الخزرج، فقال:


"كذبت والله لا تقدر أن تقطع عنقه"،


فقال له أسيد:


"بل أنت الذي كذبت أنت منافق تدافع عن منافق"،


فقام الأوس والخزرج كليشد سلاحه،


فنزل النبي صلى الله عليه وسلم من على المنبر،


وقال : "دعوها،


أبدعوى الجاهلية وأنا بينكم؟


عودوا إلى بيوتكم".





تقول السيدة عائشة:



" فبكيت هكذا ثلاثة ليالي،


حتى أتانيالنبي _صلى الله عليه وسلم_، فدخل عليَّ وعندي أبواي، وقال :


"يا عائشة إن كنت بريئةفسيبرئك الله"،


وإن كنت قد أذنبتي فاستغفري الله،


فإن الله يغفر للعبد إذا أذنبوتاب"،


تقول السيدة عائشة:


"فتوقف الدمع في عيني ونظرت إلى أبي وأمي" وقلت لهم:


"أفلاتجيبون رسول الله؟"،


فقالوا :"والله لا ندري بما نجيب رسول الله"،


فقالت:"والله أرىأن أمراً استقر في نفوسكم وصدقتم،


فإن قلت لكم واعترفت بشيء لم أفعله صدقتموني،


وإنقلت لكم لم أفعله لم تصدقوني،


والله لا أجد لي ولكم إلا قول أبا يوسف


"فصبر جميل والله المستعان على ما تصفون".


تقول: "فقبل أن ينهض النبي _صلى الله عليه وسلم_ من مجلسه قمت إلى سريري،


ادعوالله: "اللهم إني أعلم أنك ستبرئني".



"فبينما أنا على سريري أدعو الله وكل ما أتمناه أن يبرئني الله برؤية يراها رسول الله في المنام،
وإن نفسي عندي أوهن من أن ينزل فيها قرآناً،
"فبينما رسول الله عندنا إذا بالوحيينزل، ويضحك النبي"،
ويقول:
"يا عائشة أبشري برَأكِ الله عز وجل"،
فقال أباها وأمها:"قومي لرسول الله اشكريه"،
فقالت: "لا والله لا أقوم لرسول الله،
ولا أقومإليكما،
ولا أسجد إلا لله عز وجل هو الذي برأني فسجدت شكراً لله عز وجل ونزلتالآيات

"إِنَّ الَّذِينَ جَاؤُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِّنكُمْ لَا تَحْسَبُوهُشَرّاً لَّكُم بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ لِكُلِّ امْرِئٍ مِّنْهُم مَّا اكْتَسَبَمِنَ الْإِثْمِ وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ "(النور11)

ثم نزلت القاعدة القلبية
"لَوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بِأَنفُسِهِمْ خَيْراً وَقَالُوا هَذَا إِفْكٌمُّبِينٌ "
مثل ما فعل أبو أيوب الأنصاري،
أما القاعدة العملية التشريعية
"لَوْلَاجَاؤُوا عَلَيْهِ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاء فَإِذْ لَمْ يَأْتُوا بِالشُّهَدَاءفَأُوْلَئِكَ عِندَ اللَّهِ هُمُ الْكَاذِبُونَ* وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِعَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ لَمَسَّكُمْ فِي مَاأَفَضْتُمْ فِيهِ عَذَابٌ عَظِيمٌ* إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْوَتَقُولُونَ بِأَفْوَاهِكُم مَّا لَيْسَ لَكُم بِهِ عِلْمٌ وَتَحْسَبُونَهُهَيِّناً وَهُوَ عِندَ اللَّهِ عَظِيمٌ* وَلَوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ قُلْتُم مَّايَكُونُ لَنَا أَن نَّتَكَلَّمَ بِهَذَا سُبْحَانَكَ هَذَا بُهْتَانٌ عَظِيمٌ* يَعِظُكُمُ اللَّهُ أَن تَعُودُوا لِمِثْلِهِ أَبَداً إِن كُنتُممُّؤْمِنِينَ*وَيُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآيَاتِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ* إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْعَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَاتَعْلَمُونَ*وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ وَأَنَّ اللَّهرَؤُوفٌ رَحِيمٌ "


قال أبو بكر أنه لن ينفق على مسطح فنهاه الله تعالى عنذلك وقال:
"وَلَا يَأْتَلِ أُوْلُوا الْفَضْلِ مِنكُمْ وَالسَّعَةِ أَن يُؤْتُواأُوْلِي الْقُرْبَى وَالْمَسَاكِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِوَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَن يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْوَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ"
وذلك يدل على أهمية صلة الرحم ويجب على كل إنسان أنيعفو ويسامح أخيه حتى يعفو الله عنه..
ويقول الله تعالى:
"إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَالْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ لُعِنُوا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِوَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ* يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْوَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ* يَوْمَئِذٍ يُوَفِّيهِمُاللَّهُ دِينَهُمُ الْحَقَّ وَيَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّالْمُبِينُ"
الآداب الإجتماعية التي تشتمل عليها سورة النور:

تزويجالشباب:

يقول الله تعالى:
"وَاَنكِحُوا الْأَيَامَى مِنكُمْ وَالصَّالِحِينَمِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِن يَكُونُوا فُقَرَاء يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنفَضْلِهِ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ* وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لَا يَجِدُونَنِكَاحاً حَتَّى يُغْنِيَهُمْ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ ... "

الاستئذان:

يقول الله تعالى:
"يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوالِيَسْتَأْذِنكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ وَالَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُواالْحُلُمَ مِنكُمْ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ مِن قَبْلِ صَلَاةِ الْفَجْرِ وَحِينَتَضَعُونَ ثِيَابَكُم مِّنَ الظَّهِيرَةِ وَمِن بَعْدِ صَلَاةِ الْعِشَاء ثَلَاثُعَوْرَاتٍ لَّكُمْ لَيْسَ عَلَيْكُمْ وَلَا عَلَيْهِمْ جُنَاحٌ بَعْدَهُنَّطَوَّافُونَ عَلَيْكُم بَعْضُكُمْ عَلَى بَعْضٍ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُالْآيَاتِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ "

غض البصر:

يقول الله تعالى:
"قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ "

الحجاب:

يقول الله تعالى :
"وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْأَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَاظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلَا يُبْدِينَزِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاء بُعُولَتِهِنَّأَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاء بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِيإِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْأَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُوْلِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِأَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاء وَلَايَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِن زِينَتِهِنَّ وَتُوبُواإِلَى اللَّهِ جَمِيعاً أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ "سميت بسورة النور؛ لأن الإنسان لو نفذ هذه الآداب؛سيستنيرُ المجتمع،
ومصدر النور هو الله سبحانه وتعالى
"اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِوَالْأَرْضِ ... "
وينزل هذا النور في المساجد
"فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنتُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّوَالْآصَالِ"
وينزل هذا النور على "رِجَالٌ لَّا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَابَيْعٌ عَن ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاء الزَّكَاةِ يَخَافُونَيَوْماً تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ "
ويصف الله من لم يفعل هذهالآداب الإجتماعية
"أَوْ كَظُلُمَاتٍ فِي بَحْرٍ لُّجِّيٍّ يَغْشَاهُ مَوْجٌ مِّنفَوْقِهِ مَوْجٌ مِّن فَوْقِهِ سَحَابٌ ظُلُمَاتٌ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ إِذَاأَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا وَمَن لَّمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُوراًفَمَا لَهُ مِن نُّورٍ "
ولذلك يجب أن نقرأ سورةُ النور ونعمل بما فيها من أحكام؛لكي يستنيرَ المجتمع.....

منقول من منتدى عمرو خالد


وأخيرا اللي مش ح تتعلم من دي القصة وح تفضل زي ماهي تخوض في أعراض الناس...
بدي منها تتخيل السيدة عائشة يوم القيامة تقول لها:
انتي ماسمعتيش قصتي..
طب ما حسيتيش بإحساسي..
بلاش انا طب احساس رسولك صلى الله عليه وسلم..
حرام عليكي ياشيخة ..
ازاي جالك قلب تتكلمي..
الله يسامحك......

بجد ما أتخيل أنو ممكن أحد بعد كل دا الكلام يتكلم في بنات الناس أو يخوض في الاعراض...

بايعتهالربي
بايعتهالربي
جزاك الله كل خير انا مبقدرش اتابع البرنامج فساعدتينى كثيرا
جزاك الله كل خير انا مبقدرش اتابع البرنامج فساعدتينى كثيرا
الحلقة 21 - قصة ذو القرنين

من هو ذو القرنين؟هذا الرجل طاف لمسافات كبيرةجداً في الكرة الأرضية، هو وفريق العلماء الذي يرافقه،
ومفتاح شخصية هذا الرجلشيئين:
الأول: دنيوي والثاني إيماني.
الشيء الدنيوي: هو حب اكتشاف المجهول،
الشيءالإيماني: هو حب الخير والإصلاح في الناس،
فاستخدم حبه لاكتشاف المجهول من أجلالإصلاح في الأرض.

قصته توجد في سورة الكهف، بعد قصة موسى والخضر مباشرةً،
ويقول الله سبحانه وتعالى في الآية:
"ويسألونك عن ذي القرنين... قُلْ سَأَتْلُو عَلَيْكُم مِّنْهُ ذِكْراً "(الكهف83)،
فلم يحكي الله عنه كل شيء من تفاصيل مولده أو حياته الشخصية،
لكنه حكىلنا عن القوة العالمية حينما تُوَجََّه للخير،
وحينما تكون هناك قوة عالمية في الأرضفلا تُنهبُ ثرواتُ الشعوبِ وإنما تُصلحِ في الأرض،
وهذه الزاوية التي سنراها اليوموهي لمن يُعطي ولا يأخذ خير الآخرين .
ثم تأتي الآية:
"إِنَّا مَكَّنَّا لَهُ فِيالْأَرْضِ وَآتَيْنَاهُ مِن كُلِّ شَيْءٍ سَبَباً "
إذن كل إمكانيات الإصلاح،والنهضة، والقوة العالمية موجودة لديه:
من قوة عسكرية رهيبة، وقوة اقتصادية عظيمة،وقوة تكنولوجية، وعلمية,
وقوة روحية، وإيمانية، وهو رائد التنمية بالإيمان.
وهي الفكرة التي ذكرناها في صناعالحياة، فإذا أردت أن تراها مُجسدة في قصة من قصص القرآن فستجدها في ذي القرنين: التنمية بالإيمان.

فإذا قارناه بنابليون، فيكون هوالأفضل؛ فنابليون هُزم فيالنهاية،
وإذا قارناه بالإسكندر الأكبر، فيكون هو الأفضل؛ فالإسكندر أفسد فيالنهاية،
وإذا قارناه بأمريكا، فيكون هو الأفضل؛ فأمريكا لديها "بعض" أسباب القوة،
لكن لم يجتمع لأحد من كل شيء سبباً، فهي قوة لم تحدث من قبل!
يقول سفيان الثوري:
:" لم يجتمع لبشر مَلَكَ الأرض إلا لمؤمنين: سُليمان وذي القرنين"،
والآية:: "... وَآتَيْنَاهُ مِن كُلِّ شَيْءٍ سَبَباً "،
فالله تعالى أعطاه الأسباب إذاً لا توجدخوارق، فهو ليس نبي ولا مَلَك،
فالله تعالى أعطاه مفاتيح العلوم، والحضارة،والنجاح,
وهو لديه حب اكتشاف المجهول،
وتَربى على حب الخير والعطاء لكل البشر بصرفالنظر عن جنسياتهم أو أديانهم،
وهو مشابه لإبراهيم عليه السلام ويوسف عليه السلام،
ومن أشباه الفاتحين في الإسلام: خالد بن الوليد، وعمرو بن العاص وغيرهم،
ومن أشباهالمستكشفين: كولومبس، وفاسكو ديجاما،
و من أشباه زعماء العالم الذين طافوا الأرضكالإسكندر لكنه تفوق عليه بشدة.
هو شخصية عالمية، فذة، مؤمنة، مُصلحة.
فلماذا يحكيلنا الله قصته في القرآن؟
عشان نفوق.. انتو فين يامسلمين؟..رحتوا فين؟؟
ياخسارة...
ملحوظة عجيبة:
لماذا ذكره القرآن باسم ذوالقرنين؟
ألأنه بلغ قرنيِّ الشمس!
أم لأنه ملك قرني الحضارة! وهو المعنى الأعمق،
والحضارة إما مادية أو روحانية، وعادةً الذي يجمع بين الاثنين يكون قليلاً جداً،
فالغرب يمتلك حضارة مادية عظيمة لكنه يفتقر للروحانيات،
أما ذو القرنين فقد ملك قرنالعلم،
وبتوجيهه العلم للإصلاح فقد ملك قرن الإيمان.
"إِنَّا مَكَّنَّا لَهُ فِيالْأَرْضِ وَآتَيْنَاهُ مِن كُلِّ شَيْءٍ سَبَباً ".
أنه مُكِن من كل الأرض،بالأسباب وليس بالتواكل، بل بالعمل، والهندسة، والجغرافيا، والطب، والتاريخ،والعلوم، واللغات، والمعمار والآلات الحربية،
فعندما يجوب العالم سيحتاج لكل تلكالعلوم، فكفانا تواكل!
ونحن ندعو كل رمضان أن ينصرنا الله ومع ذلك حالنا كما هو،
لأنه دعاء بدون عمل،
وفي سورة آل عمران صفحة كاملة دعاء:
"رَّبَّنَا إِنَّنَاسَمِعْنَا مُنَادِياً يُنَادِي لِلإِيمَانِ أَنْ آمِنُواْ بِرَبِّكُمْ فَآمَنَّارَبَّنَا ... " (آل عمران 193)،
ثم الرد على الفور:
"فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْأَنِّي لاَ أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِّنكُم ... "،
ولم يقل دعوة داعٍ،
وذو القرنينلم يكتفِ بأخذ الأسباب كلها،
بل في الآية:
"فَأَتْبَعَ سَبَباً " (الكهف85)،
وجّهشعبه وشباب الأُمة لمزيد من العلم، فعلم الله لا ينفذ وقد أعطاه مفاتيحه، وهذا طموحغير عادي.

فإذا أعطى الله أحد الشباب موهبة ما، تجده يحمد الله عليها ثميتوقف على ذلك، ويستخدمها عدة سنوات ثم يقف،
مثل لاعب الكرة الذي يوقف طموحه ولاينطلق للعالمية لكي نرى أفضل لاعب مسلم على مستوى العالم،
ومثل صاحب شركة محليةينجح بشدة ولا يصل بها إلى العالمية مثل الغرب لأن طموحه توقف،
ومثل كاتب القصةالذي يصبح أفضل كاتب في الوطن العربي ولا ينطلق للعالمية لأنه لا يُطور مننفسه.
ياشباب ويابنات لايوقف طموحكم.. طوروا أنفسكم...
ربنا علّى السماء عشان طموحك مايبقى له حد!!

الله تعالى جعل السماء عالية ليصبح طموحك بلانهاية،
فتخيل إن كانت فوق رأسك مباشرة!
أما ذو القرنين فهو يعمل بطموحه ليل نهار،
والسؤال هو كيف أصبح هكذا؟
الجواب يتلخص في ثلاث نقاط:
1.
ذو القرنين نتاج أُمةفمن غير الممكن أن يكون هكذا وحده،
لكي لا نظلم أنفسنا، أو أظلم الشباب بأن أجبرهمعلى أن يكونوا ذا القرنين،
فذو القرنين عمل تراكمي، من الممكن جداً أن يكون 300 سنةعمل من جيل لجيل، يبدأ بالتعليم مثل قصة موسى والخضر، ثم أُمة لها رسالة، ثم عزم،ثم قوة، ثم علم، ثم ينتج ذو القرنين،

فذو القرنين ليس نتاج نفسه بل نتاج أُمة،
مثلصلاح الدين الذي ليس نتاج نفسه، فأولاً خرج الإمام أبي حامد الغزالي، وقدم كتابإحياء علوم الدين، ليُفهَمَ الدين بشكل يناسب زمانهم، وبدأ ينشئ مدارس تَخَرج منهانور الدين محمود، وأسد الدين شيركوه، ثم خرج صلاح الدين، فإذ هم ثلاث أجيالٍ.
فلننظلم الشباب ولكن على الأقل لابد من وضع بذور ينتج منها ذو القرنين،
ولماذا يحكيالله تعالى لنا هذه القصة؟
أين الأُمة التي تُخرج ذو القرنين؟

2.
ذو القرنينبدايته حلم، وأنا متأكد أن قصة مشرق الشمس ومغربها بدايتها حلم زُرع به منذ الطفولةمن والديه أو منه، ويتفكر ويرى الشمس والغروب وحب الاستكشاف وهي الصفة التي يفتقدهاشباب المسلمين اليوم،
والمجهول لايزال كثير في العالم، المجهول في أعماق البحار،وآفاق السماء، وفي الكائنات الحية، وفي جسم الإنسان، وفي قاع الأرض من معادنوبترول. لذا فالمجهول لازال كثيراً ويبحث عن من يكتشفه،
شباب الغرب مازال لديهم حبالاستكشاف، ومازال شباب المسلمين لديهم خجل وتوقف من اقتحام المجهول،
فهل هذا بسببطريقة التعليم؟
أم قلة الثقة بالنفس؟
أم قلة الطموح؟
ذو القرنين حلمه الأرض كلها،والله تعالى لم يصف لنا الأماكن التي وصل لها جغرافياً، لكن أخبرنا أنه وصل لآخرالأرض غرباً وآخر الأرض شرقاً،
وهكذا كان طموحه، فلم يُحَجّمه بأماكن،
فلماذا لاتحلم أنت؟
هل تخاف أن تدفع!
أم تخاف أن تحلم!
لا تكن ضعيفاً وتقول أنا أقلُ منالحلم،
احلم فعلى الأقل من سيحلم يمكنه تنفيذ حلمه،
لكن الذي لا يملك أن يحلم، سيقومغيره بهذا الدور بل سيضعه جزء من حلمه..
والبلد التي لا تملك حلم، ستصبح جزء منأحلام بلاد أخرى،
وذو القرنين كان حلمه استكشاف الأرض فلا تستهينوا بكلمةحلم.

3.
ذو القرنين لديه منظومة قيم وأخلاقيات،
إذا لم تكن عنده كان منالمستحيل أن يُمَكَّن هذا التمكين وكان قد أفسد في الأرض فساداً شديد،
ورصيد قيم ذوالقرنين كان:
قيمة العمل، قيمة العلم، قيمة الأيدي النظيفة؛ فلم تمتد يده إلى خيراتالشعوب، قيمة الطموح، قيمة العطاء وحب الخير وإسعاد الآخرين، قيمة الإتقان التيتظهر عند بناء السد، قيمة العدل وكراهية الظلم والسلبية،
هل يمكنك أن تُحضِر الآنورقةً وقلمًا وتكتب قيمك أنت؟؟
من أين تأتي القيم؟
من الأب والأم والدين..
وهذه دعوةللآباء والأمهات،
فحكاية قبل النوم هامة جداً خاصة إذا كانت مذاب فيها مجموعة قيم،
ومثلما تشتري لهم الملابس وتزيد من رصيدك في البنك لكي تتركها لهم،
فأهم من هذاوذاك أن تترك لهم قيماً،
فهدايا القيم أغلى بكثير من هدايا المال،
وإذا مت ولديهمقيم وليس لديهم مال؛ سينجحون، أماإذا مت ولديهم مال بدون قيم؛ فلن يحققوا شيئاً...
أولادكم يحتاجونكم فأعطوهم وقتاً،
فالأب والأم ليسوا شئوناً إدارية، يملون أوامركالأكل، والنوم، والنظافة، والمذاكرة، بل الأب والأم مخزون قيم يدخر للأولاد عنطريق القدوة، والمواقف، والتربية، والمعاشرة، والكلام، والحب وليس العنف،

ولذلك ذوالقرنين كان مؤهل للتمكين بسبب ما يملكه من رصيد للقيم.


ولقد نزلت في ذي القرنين أكثر من عشرين آية،
ألهذا القدر يحبه اللهتعالى؟!
وقد سمع الصحابة هذه الآيات في مكة، ففعلوا ما فعل ذو القرنين في 25 عاماً،
جيلُ وراء جيل،
وحتى بعد موت النبي_ صلى الله عليه وسلم_، لم تكن حدثت بعد، فكانوالا يزالون في الجزيرة العربية، لكن يبدوا أنهم حين سمعوا سورة الكهف وقد أمرنا اللهتعالى بقراءتها كل يوم جمعة، حدث شيء ما في تفكيرهم.

فلماذا نصوم رمضان؟
ألكي نعود للمعاصي أول يوم للعيد؟
أم أنه مخزون طاقة لكي نقوم بنهضة ونُصلحَونُعلمَ،
فالصحابة وهم مستضعفون في مكة- كأني أرى أعينهم تلمع وهم يقرأون قصة ذوالقرنين كل يوم جمعة!
والفكرة وصلتهم بما فيها من قيم،
بالإضافة لمجئ هذه القصة بعدقصة الخضر مباشرةً،
فالخضر كان يتكلم عن الغيب والروحانيات،
فكان لابد من التوازنباتباع الأسباب في قصة ذو القرنين،
فلو كان الكلام توقف عند الخضر لكان الجميعينتظر أفعال الله فيه بدون فعل منه.
وقد تحدثنا كثيراً عن الرضا عن الله تعالى وأفعاله...
أما ذو القرنين فقد قام بثلاث رحلات في كل منها كلمة قبلها
"فَأَتْبَعَ سَبَباً" فهو ليس متواكل،
فالتوكل هو أن تأخذ بالأسباب وتقوم بكل شيء ثم تقول يا رب!

قرر ذو القرنين قراراً عظيم، فلديه إمكانيات وبداخله طموح وحب لاكتشافالمجهول،
لذا قرر أن يأخذ أمته ويذهب بها للطواف بالأرض في ثلاث رحلات من غربهالشرقها لشمالها، وأثناء مروره يساعد البشرية ويُصلح في الأرض،
فقد استكمل قوتهكأُمة فلمَ لا يفيض بالخير على الآخرين!
ولا ينهب شيء من ثروات الشعوب بل يعطي هو،
وقد أعطاه الله كثيراً حتى أصبح قوة عالمية،
فكيف توظف لخير الآخرين، إذاً ففكرةالعولمة ليست جديدة بل بدأها ذو القرنين وهي عولمة الحق والخير، وأيهما أسعدللبشرية؟ عولمة التكنولوجيا أم عولمة الحق والخير؟
ففكرة ذو القرنين هي أنني أنجحوينجح معي الآخرين،
وليس من الضروري لكي أنجح أن يفشل الآخرين!
ونموذج ذو القرنينهو نموذج عالمي وليس مُهدى فقط للمسلمين،
بل مهدى لكل القوى في العالم في كل زمانومكان،
فالقرآن عالمي فلا تغلقوه علينا كمسلمين، وذلك ما قلته في كل القصص مثلقابيل وهابيل ومريم، وأن كلها قصص عالمية.

فالقوى العالمية تحتاج أن تَدرُسَذا القرنين،
ورجال السياسة يحتاجون أن يدرسوا ذا القرنين،
وذو القرنين كان عظيم فيقراره لأن لديه شباب وإمكانيات وعلوم فإذا لم تتحرك ماذا يحدث؟
وإذا كان العالمالعربي خالٍ من مشروع قومي للشباب فماذا يحدث؟
مخدرات، وتطرف، وإرهاب.
فذو القرنينوجّه أمته للحركة..
وأنا أقول للشباب إذا لم يوجد ذو القرنين ولم يوجد مشروع قوميلبلدك فتحرك أنت..
وإلا فلن تخرج الطاقة التي بداخلك،
ولهذا تجد شباب يُصبح متدين ثميعود كما كان،
وتجد شباب يتعاطون المخدرات ويجلسون مع أصحاب السوء،
فابحث عن مشروعتقوم به،
أو أسرة تنقذها،
اصنع حياة إنسان،
أو أسرة،
انزل لقرية من القرى، علِّمالناس...ذو القرنين قام بثلاث رحلات، أخذ الأرض عرضاً... ملايين الكيلومترات!
أول رحلة لإقامة العدل التي هي أول النهضة،
والرحلة الثانية هي رحلة تنمويةاقتصادية،
والرحلة الثالثة هي مواجهة الأعداء الخارجيين المهاجمين لبلادنا،
وسنشاهدخمس أُمم من الموجودين في الأرض، وستجد أنها مثل ما نراه اليوم،
لأنها مثل الصور أوالمرايا التي نرى فيها أنفسنا اليوم،
وسنأتي في النهاية للسؤال: يا ترى نحن أي أُمةمنهم؟رحلات ذو القرنين :
حلقة اليوم رسالة للعالم كله، ورسالةللمسلمين بأنه لا يصلح وضعهم هذا،
ورسالة للقوى في العالم كله أن يتوجهوا للخيروالإصلاح،
وسنتحدث عن الرحلة الأولى لذو القرنين. ويقال أنه خرج لليمن متجهاً إلىمغرب الشمس، وتخيل القوة العسكرية الخارجة معه والبلد تودعهم ومعهم العديدَ منالمهندسين، والأطباء، وعلماء الجغرافيا، واللغات.

ومغرب الشمس بالنسبة لأيإنسان هو مكان غروبها بالنسبة له سواء كان أمام بحر أو جبل،
لكن ذو القرنين وصل إلىآخر الأرض غرباً كما أرشده مستشاريه من علماء الجغرافيا،
"حَتَّى إِذَا بَلَغَمَغْرِبَ الشَّمْسِ وَجَدَهَا تَغْرُبُ فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ ... " (الكهف86)،
والعين الحمئة: (هي أرض زراعية خصبة جداً مليئة بالعيون مع انعكاس ضوء الشمس عليهاوعلى الطين الأسود) فتكون مثل العين الحمئة،
وكانوا قوم لديهم حضارة ومال لكن للأسفظالمين،
ووجد في هذه البلد مظلومون يزرعون الأرض بلا أي حق،
وتجد عظماء البلدوأغنياءها استولوا على كل شيء،
وعند دخول ذو القرنين البلد ظنوا بالتأكيد للوهلةالأولى أنه أتى لأخذ خيراتهم،
ولم يصدقوه حين أخبرهم أنه لم يأتي لهذا السبب،
"... قُلْنَا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِمَّا أَن تُعَذِّبَ وَإِمَّا أَن تَتَّخِذَفِيهِمْ حُسْناً "،
وهذا اختبار له بعد أن أصبح قوة عالمية ماذا سيفعل؟
فوضع ذوالقرنين دستور جديد ولم يعاقب الذي أخطأ من قبل كما ذكرت الآيات:
"قَالَ أَمَّا مَنظَلَمَ فَسَوْفَ نُعَذِّبُهُ ثُمَّ يُرَدُّ إِلَى رَبِّهِ فَيُعَذِّبُهُ عَذَاباًنُّكْراً " ،
عقوبات رادعة ولا يوجد فوضى ولا محاباة،
وقام بتشجيع الوازع الداخليفي الناس،
"وَأَمَّا مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً فَلَهُ جَزَاء الْحُسْنَىوَسَنَقُولُ لَهُ مِنْ أَمْرِنَا يُسْراً "
وهذا لمن يُصلِحُ في الأرض والذي سيوضعفي مكانه المناسب بدون أي وسائط، وسيكون له جوائز تشجيعية،
وهكذا أقام ذو القرنينالعدل في هذه البلد، وهذه كانت القصة الأولى.

بالتأكيد لم يتركهم ذو القرنينحتى استقروا وثبتوا على الدستور الجديد، ثم مشى ملايين الكيلومترات الأخرى اتجاهمشرق الشمس،

فكم كيلومتراً مشيته أنت من أجل الإصلاح؟

في الأثر أوحى الله إلى إبراهيم عليهالسلام: " أتدري لما اتخذتك خليلاً؟ "،
فقال: لما يا رب؟،
قال: " لأن حبك للعطاءأكثر من حبك للأخذ"...
فانظروا لمجهود ذو القرنين! وكيف احتمل من معه!
غير أن حبهللعطاء غير عادي!
اجعل أولادك يحبون العطاء.
"حَتَّى إِذَا بَلَغَ مَطْلِعَالشَّمْسِ وَجَدَهَا تَطْلُعُ عَلَى قَوْمٍ لَّمْ نَجْعَل لَّهُم مِّن دُونِهَاسِتْراً "،
مثل بعض المناطق الفقيرة في أفريقيا ليس بها شجر أو زرع أو ماء، فهميعيشون مأساة وكارثة طبيعية، بدون حتى ملابس تسترهم من الشمس، ولديهم جفاف وبدونماء،
فمشكلتهم أنهم كانوا مستسلمين لهذه الكارثة، ويَدََّعونَ أن هذا قَدرُهُم!!
ونسوا أن شق الآبار من قدر الله،
وحفر الأنهار من قدر الله،
وزرع الأرض من قدرالله،
فلما لا تُصلحوا قَدَر الله بقَدَر الله!

وهذا الكلام موجه لنا،
فمشكلةالقوم الأولين الظلم أما هؤلاء فمشكلتهم التحجج بالقدر.
ألسنا نكرر نفس الكلامدائماً أن هذا قدرنا!
وأننا في انتظار المهدي المنتظر لينقذنا!
الله عز وجل يرينافي كل رحلة نوعُ من الأُمم، ونوعُ من الإصلاح،
وذو القرنين ليس نمطي، فالرحلةالأولى احتاجت للعدل والثانية للإصلاح التنموي،
حتى وصل لأفضل إنجاز استفدنا منهحتى اليوم وهو بناء السد الذي منع يأجوج ومأجوج من الدخول علينا حتىاليوم.

انطلق ذو القرنين وجنده حتى وصلوا لأرض فسيحة بين جبلين، في شمالالأرض من الممكن جداً أن تكون ناحية الصين، أو جورجيا، أو الاتحاد السوفيتي. لاأعلم بالتحديد.
"حَتَّى إِذَا بَلَغَ بَيْنَ السَّدَّيْنِ وَجَدَ مِن دُونِهِمَاقَوْماً لَّا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ قَوْلاً "
وجد هناك جنسيات جديدة ولا يفقهونقولاً لا تعني أنهم لا يستطيعون الكلام،
بل أنه حينما دخل عليهم كانوا في مصيبة:
أطفال مقتلين، زرع محترق، خيرات منهوبة،
"قَالُوا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِنَّيَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ فَهَلْ نَجْعَلُ لَكَ خَرْجاًعَلَى أَن تَجْعَلَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ سَدّاً "،
واضح أنهم يعرفونه جيداً، وأنشهرته في ذلك الوقت شهرة عالمية،
وواضح أنهم قوم مؤمنين، ويأجوج ومأجوج وظيفتهمأن يخرجوا على هؤلاء القوم لأخذ خيراتهم وذبحهم...وذلك منتهى الفساد، ثم يعودوا حيثأتوا وذلك يحدث مرة كل عام، حتى يبدأ القوم في الزراعة مرة أخرى فيخرج يأجوج ومأجوجمن بين السدين لأخذ خيراتهم ثم يعودوا،
ومن أسمائهم تشعر بالغلظة التي بهم،
فيأجوج: من تأججت النار،
ومأجوج: من ماجت الماء مثل الطوفان الذي يُغرق كل شيء،
فهم قبيلتينمفسدتين في الأرض.

فقالوا لذو القرنين:
"... فَهَلْ نَجْعَلُ لَكَ خَرْجاًعَلَى أَن تَجْعَلَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ سَدّاً "،
فهم أغنياء لذلك عرضوا المالعلى ذي القرنين ليجعل لهم سداً يحميهم،
فسد بين جبلين سيكلف الكثير من المال،
وهمأيضاً يعلمون أن الحل هو السد،
بل ولديهم موارد طبيعية ألم يقل لهم: "آتُونِيزُبَرَ الْحَدِيدِ ... "،
ولديهم أيدي عاملة، وقوى بشرية ألم يقل لهم: "... قَالَانفُخُوا ... قَالَ آتُونِي ... "،
إذاً فماذا ينقص هؤلاء القوم؟
أرضهم مليئة بالبترول،
لديهم شباب،
لديهم فكر،
لديهم مال،
لكن تنقصهم الإرادة...!!
مش عايز يتحرك ويشتغل.. مش عايز ينقذ نفسه...
القصة الأولى قصة عدل،
والثانية قصة يأس،
والثالثة قصة إرادة،
فهم لا يريدون الحركة رغم أنهم في كل يوميموت منهم ،
بل يرغبون في الجلوس كما هم حتى يأتيهم المُنقذ.

لعل رمضان هذايكون بداية لمائتي عام قادمين،
ولن نخجل أن نقول كلمة نهضة، بالرغم من أننا سنموتلكن يكفينا أن نضع البذور..
سأطرح سؤالاً:
من نحن من هؤلاء؟
أُمة ذو القرنين؟
أمالأُمة المليئة بالظلم؟
أم الأُمة المليئة باليأس؟
أم يأجوج ومأجوج؟
أم الأُمة التيلديها كل شيء سوى الإرادة؟؟؟!!
لسنا كفاراً،
ولسنا يأجوج ومأجوج،- رغم أن هناك منيقول عنا هكذا !
ولسنا مملوئين بالظلم لهذه الدرجة الخطيرة،
أنا أرى أننا يغلُبعلينا الحالة الخامسة وهي الأُمة التي لديها كل شيء سوى الإرادة،
رغم أن فينا منقوم ذو القرنين- لكي لا أكون يائساً.

وذو القرنين لم يستجب لأخذ مال علىبناء السد،
بل قال: "... فَأَعِينُونِي بِقُوَّةٍ ... " ،

لأنه لو أبعد عنهم يأجوجومأجوج بمفرده بدون مساعدتهم اليوم سيأتيهم مئات مثلهم،
يقولون أن الشعوب نوعان:
شعوب غير قابلة للاستعمار،
وشعوب قابلة للاستعمار فإذا تركها المستعمر تبحث عنمستعمر يستعمرها،
"... فَأَعِينُونِي بِقُوَّةٍ أَجْعَلْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْرَدْماً "،
وبدأ يجمع الحديد من ألواح متساوية،
"آتُونِي زُبَرَ الْحَدِيدِ ... "،
وآلاف يعملون لنقله كمشروع قومي لهذه البلد،
وبنى ما هو أعظم من الهرم،
ورفعواالحديد وضبطوه في مكانه فلديه قوى علمية غير عادية:
"... حَتَّى إِذَا سَاوَىبَيْنَ الصَّدَفَيْنِ قَالَ انفُخُوا حَتَّى إِذَا جَعَلَهُ نَاراً قَالَ آتُونِيأُفْرِغْ عَلَيْهِ قِطْراً "،
ثم أمرهم بتسخين الحديد فهو يعرف خواصه جيداً، حتىإذا أصبح محمراً، أمرهم أن يأتوه به وهو الذي سيفرغ عليه النحاس المذاب، فبدأالنحاس المذاب ينزل على الحديد الملتهب فيتخلله حتى يَجمُد ويصبح أملس لا أحديستطيع صعوده.

والجميل أنه قام بثلاثة أشياء، وهم قاموا بثلاثة أشياء
: "آتُونِي زُبَرَ الْحَدِيدِ حَتَّى إِذَا سَاوَى بَيْنَ الصَّدَفَيْنِ قَالَانفُخُوا حَتَّى إِذَا جَعَلَهُ نَاراً قَالَ آتُونِي أُفْرِغْ عَلَيْهِ قِطْراً "،
وهذا هو العمل الجماعي لمن لا يعرف كيف يعمل جماعياً،
وهناك نكتة ظريفة ولكنهامؤلمة:
نزل فريق ياباني ليسابق فريق عربي في السباحة ففاز الياباني بتفوق،
فوجدواأن الياباني أحدهم مدير والباقون يقلدونه أما العربي ف9 مديرين وواحدُ يقلدهم!
فأصلحوا الوضع وأعادوا ففاز الياباني بمراحل،
فوجدوا أن الياباني أحدهم مديروالباقي يقلدونه، أما العربي فواحد مدير و3 مديرين إدارات و4 مديرين أقسام وواحديقلد،
فقرروا اتخاذ قرار صارم بإبعاد الشخص الذي يُقلد..!!!
تخيلوا أن معادلاتذو القرنين مسجلة في كتاب الله،
وهي معادلات كيماوية وعلمية،
ونحن نتعبد لله ونُصليفي رمضان ونتهجد بالقرآن، ونريد دخول الجنة بهذا..
أتى يأجوج ومأجوج بعد بناء السدبصياحهم وقوتهم،
وذو القرنين منتظر مع جيشه في الناحية الأخرى،
وهذا معناه أنه بقيمع القوم قرابة السنة،
لكن لماذا لم يحارب يأجوج ومأجوج؟
لأنني لو أستطيع أن أحمي بدونحرب وبدون اسالة دماء فهذا أفضل،
فليست دائماً البطولة أن تختار الحرب،
وعندما جاء يأجوج ومأجوج لم يتمكنوا من صعود السد ولا نقره،
"فَمَا اسْطَاعُوا أَن يَظْهَرُوهُ وَمَا اسْتَطَاعُوا لَهُ نَقْباً "،
ثم قالخطبته الأخيرة ونسب الفضل لله فلم يكن كقارون ولم يرى إنجازه ولهذا فإن إنجازه مستمر:
"قَالَ هَذَارَحْمَةٌ مِّن رَّبِّي فَإِذَا جَاء وَعْدُ رَبِّي جَعَلَهُ دَكَّاء وَكَانَ وَعْدُرَبِّي حَقّاً "
أما قارون لما قال : "... إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِندِي ... " (القصص78)
خسف الله به الأرض،

يقول النبي _صلى الله عليه وسلم_
أنه كل يوم يأجوجومأجوج يحاولون أن يحفروا في السد ولا يقدرون، حتى إذا جاء يوم القيامة فُتح السدوخرج يأجوج ومأجوج ليهلكوا البشرية كما في الآيات:
{حَتَّى إِذَا فُتِحَتْيَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ وَهُم مِّن كُلِّ حَدَبٍ يَنسِلُونَ } (الأنبياء 96) ،
وأنالا أعرف مكانهم، ولا أين هم من الأرض، ولا لما لم تراهم الأقمار الصناعية؟ لكنيأُصدق القرآن، وسيكون فتح السد من علامات يوم القيامة.

خاتمة:
خرج _النبي صلى الله عليه وسلم_ من بيته يوماً مُحمَرَ الوجه،
قالوا: ماذا يا رسول الله؟،
قال: " ويلٌ للعرب من شرٍ قد اقترب، فُتِحَ اليوم من يأجوج ومأجوج مثل هذا " (شكل حلقة )وهذا جزء صغير لمدة طويلة!
فانظر كيف حمانا سد ذو القرنين طوال هذه المدة الكبيرة!
فهو صاحب فضل علينا،
فأماننا وأمان أولادنا وأمانكم بسببه،
ففضل ذو القرنين علىالبشرية جمعاء،
نموذج جميل لم نره من قبل،
وهو ليس نبي أو مَلَك بل بشر مثلنا..
أحببته وفهمت لما يأمرنا الله تعالى بقراءة سورة الكهف كل جمعة.
شوفوا النماذج وتعلموا..
شوفوا انتوا مين عشان تتوجعوا وتصروا على إصلاح انفسكم جمعة ورا الثانية..
لتتوجهوا وتصروا على النهوض الجمعة التي تليها ...
مات ذو القرنين، فتخيل جنازته!
هل كانت ستمشي بها كلالبشرية من مسلمين، وغير مسلمين، ومؤمنين، وغير مؤمنين؟
لم نراه حارب في أي مرة،فليست الحرب دائماً هي البديل الصحيح،
ولم نسمعه أصر على دخول قوم في الإسلام ،
فالإصلاح والخير للبشر كلهم،
ولهذا يوسف عليه السلام أصلح مصر وهو في السجن،
وأناأقترح أن نُعَلِم أبنائنا قصة ذو القرنين في سن السابعة إلى الثانيةعشرة،
فلربما يخرجمن هذا الجيل مثله، فأنا أنصح بشدة بقصة ذو القرنين وقيمه.


منقول من منتدى عمرو خالد:26:



oum nasser
oum nasser
روعة ما شاء الله....بوركت يمينك....اللهم اجعلنا من اهل القران
بايعتهالربي
بايعتهالربي
الحلقة 21 - قصة ذو القرنين من هو ذو القرنين؟هذا الرجل طاف لمسافات كبيرةجداً في الكرة الأرضية، هو وفريق العلماء الذي يرافقه، ومفتاح شخصية هذا الرجلشيئين: الأول: دنيوي والثاني إيماني. الشيء الدنيوي: هو حب اكتشاف المجهول، الشيءالإيماني: هو حب الخير والإصلاح في الناس، فاستخدم حبه لاكتشاف المجهول من أجلالإصلاح في الأرض. قصته توجد في سورة الكهف، بعد قصة موسى والخضر مباشرةً، ويقول الله سبحانه وتعالى في الآية: "ويسألونك عن ذي القرنين... قُلْ سَأَتْلُو عَلَيْكُم مِّنْهُ ذِكْراً "(الكهف83)، فلم يحكي الله عنه كل شيء من تفاصيل مولده أو حياته الشخصية، لكنه حكىلنا عن القوة العالمية حينما تُوَجََّه للخير، وحينما تكون هناك قوة عالمية في الأرضفلا تُنهبُ ثرواتُ الشعوبِ وإنما تُصلحِ في الأرض، وهذه الزاوية التي سنراها اليوموهي لمن يُعطي ولا يأخذ خير الآخرين . ثم تأتي الآية: "إِنَّا مَكَّنَّا لَهُ فِيالْأَرْضِ وَآتَيْنَاهُ مِن كُلِّ شَيْءٍ سَبَباً " إذن كل إمكانيات الإصلاح،والنهضة، والقوة العالمية موجودة لديه: من قوة عسكرية رهيبة، وقوة اقتصادية عظيمة،وقوة تكنولوجية، وعلمية, وقوة روحية، وإيمانية، وهو رائد التنمية بالإيمان. وهي الفكرة التي ذكرناها في صناعالحياة، فإذا أردت أن تراها مُجسدة في قصة من قصص القرآن فستجدها في ذي القرنين: التنمية بالإيمان. فإذا قارناه بنابليون، فيكون هوالأفضل؛ فنابليون هُزم فيالنهاية، وإذا قارناه بالإسكندر الأكبر، فيكون هو الأفضل؛ فالإسكندر أفسد فيالنهاية، وإذا قارناه بأمريكا، فيكون هو الأفضل؛ فأمريكا لديها "بعض" أسباب القوة، لكن لم يجتمع لأحد من كل شيء سبباً، فهي قوة لم تحدث من قبل! يقول سفيان الثوري: :" لم يجتمع لبشر مَلَكَ الأرض إلا لمؤمنين: سُليمان وذي القرنين"، والآية:: "... وَآتَيْنَاهُ مِن كُلِّ شَيْءٍ سَبَباً "، فالله تعالى أعطاه الأسباب إذاً لا توجدخوارق، فهو ليس نبي ولا مَلَك، فالله تعالى أعطاه مفاتيح العلوم، والحضارة،والنجاح, وهو لديه حب اكتشاف المجهول، وتَربى على حب الخير والعطاء لكل البشر بصرفالنظر عن جنسياتهم أو أديانهم، وهو مشابه لإبراهيم عليه السلام ويوسف عليه السلام، ومن أشباه الفاتحين في الإسلام: خالد بن الوليد، وعمرو بن العاص وغيرهم، ومن أشباهالمستكشفين: كولومبس، وفاسكو ديجاما، و من أشباه زعماء العالم الذين طافوا الأرضكالإسكندر لكنه تفوق عليه بشدة. هو شخصية عالمية، فذة، مؤمنة، مُصلحة. فلماذا يحكيلنا الله قصته في القرآن؟ عشان نفوق.. انتو فين يامسلمين؟..رحتوا فين؟؟ ياخسارة... ملحوظة عجيبة: لماذا ذكره القرآن باسم ذوالقرنين؟ ألأنه بلغ قرنيِّ الشمس! أم لأنه ملك قرني الحضارة! وهو المعنى الأعمق، والحضارة إما مادية أو روحانية، وعادةً الذي يجمع بين الاثنين يكون قليلاً جداً، فالغرب يمتلك حضارة مادية عظيمة لكنه يفتقر للروحانيات، أما ذو القرنين فقد ملك قرنالعلم، وبتوجيهه العلم للإصلاح فقد ملك قرن الإيمان. "إِنَّا مَكَّنَّا لَهُ فِيالْأَرْضِ وَآتَيْنَاهُ مِن كُلِّ شَيْءٍ سَبَباً ". أنه مُكِن من كل الأرض،بالأسباب وليس بالتواكل، بل بالعمل، والهندسة، والجغرافيا، والطب، والتاريخ،والعلوم، واللغات، والمعمار والآلات الحربية، فعندما يجوب العالم سيحتاج لكل تلكالعلوم، فكفانا تواكل! ونحن ندعو كل رمضان أن ينصرنا الله ومع ذلك حالنا كما هو، لأنه دعاء بدون عمل، وفي سورة آل عمران صفحة كاملة دعاء: "رَّبَّنَا إِنَّنَاسَمِعْنَا مُنَادِياً يُنَادِي لِلإِيمَانِ أَنْ آمِنُواْ بِرَبِّكُمْ فَآمَنَّارَبَّنَا ... " (آل عمران 193)، ثم الرد على الفور: "فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْأَنِّي لاَ أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِّنكُم ... "، ولم يقل دعوة داعٍ، وذو القرنينلم يكتفِ بأخذ الأسباب كلها، بل في الآية: "فَأَتْبَعَ سَبَباً " (الكهف85)، وجّهشعبه وشباب الأُمة لمزيد من العلم، فعلم الله لا ينفذ وقد أعطاه مفاتيحه، وهذا طموحغير عادي. فإذا أعطى الله أحد الشباب موهبة ما، تجده يحمد الله عليها ثميتوقف على ذلك، ويستخدمها عدة سنوات ثم يقف، مثل لاعب الكرة الذي يوقف طموحه ولاينطلق للعالمية لكي نرى أفضل لاعب مسلم على مستوى العالم، ومثل صاحب شركة محليةينجح بشدة ولا يصل بها إلى العالمية مثل الغرب لأن طموحه توقف، ومثل كاتب القصةالذي يصبح أفضل كاتب في الوطن العربي ولا ينطلق للعالمية لأنه لا يُطور مننفسه. ياشباب ويابنات لايوقف طموحكم.. طوروا أنفسكم... ربنا علّى السماء عشان طموحك مايبقى له حد!! الله تعالى جعل السماء عالية ليصبح طموحك بلانهاية، فتخيل إن كانت فوق رأسك مباشرة! أما ذو القرنين فهو يعمل بطموحه ليل نهار، والسؤال هو كيف أصبح هكذا؟ الجواب يتلخص في ثلاث نقاط: 1. ذو القرنين نتاج أُمةفمن غير الممكن أن يكون هكذا وحده، لكي لا نظلم أنفسنا، أو أظلم الشباب بأن أجبرهمعلى أن يكونوا ذا القرنين، فذو القرنين عمل تراكمي، من الممكن جداً أن يكون 300 سنةعمل من جيل لجيل، يبدأ بالتعليم مثل قصة موسى والخضر، ثم أُمة لها رسالة، ثم عزم،ثم قوة، ثم علم، ثم ينتج ذو القرنين، فذو القرنين ليس نتاج نفسه بل نتاج أُمة، مثلصلاح الدين الذي ليس نتاج نفسه، فأولاً خرج الإمام أبي حامد الغزالي، وقدم كتابإحياء علوم الدين، ليُفهَمَ الدين بشكل يناسب زمانهم، وبدأ ينشئ مدارس تَخَرج منهانور الدين محمود، وأسد الدين شيركوه، ثم خرج صلاح الدين، فإذ هم ثلاث أجيالٍ. فلننظلم الشباب ولكن على الأقل لابد من وضع بذور ينتج منها ذو القرنين، ولماذا يحكيالله تعالى لنا هذه القصة؟ أين الأُمة التي تُخرج ذو القرنين؟ 2. ذو القرنينبدايته حلم، وأنا متأكد أن قصة مشرق الشمس ومغربها بدايتها حلم زُرع به منذ الطفولةمن والديه أو منه، ويتفكر ويرى الشمس والغروب وحب الاستكشاف وهي الصفة التي يفتقدهاشباب المسلمين اليوم، والمجهول لايزال كثير في العالم، المجهول في أعماق البحار،وآفاق السماء، وفي الكائنات الحية، وفي جسم الإنسان، وفي قاع الأرض من معادنوبترول. لذا فالمجهول لازال كثيراً ويبحث عن من يكتشفه، شباب الغرب مازال لديهم حبالاستكشاف، ومازال شباب المسلمين لديهم خجل وتوقف من اقتحام المجهول، فهل هذا بسببطريقة التعليم؟ أم قلة الثقة بالنفس؟ أم قلة الطموح؟ ذو القرنين حلمه الأرض كلها،والله تعالى لم يصف لنا الأماكن التي وصل لها جغرافياً، لكن أخبرنا أنه وصل لآخرالأرض غرباً وآخر الأرض شرقاً، وهكذا كان طموحه، فلم يُحَجّمه بأماكن، فلماذا لاتحلم أنت؟ هل تخاف أن تدفع! أم تخاف أن تحلم! لا تكن ضعيفاً وتقول أنا أقلُ منالحلم، احلم فعلى الأقل من سيحلم يمكنه تنفيذ حلمه، لكن الذي لا يملك أن يحلم، سيقومغيره بهذا الدور بل سيضعه جزء من حلمه.. والبلد التي لا تملك حلم، ستصبح جزء منأحلام بلاد أخرى، وذو القرنين كان حلمه استكشاف الأرض فلا تستهينوا بكلمةحلم. 3. ذو القرنين لديه منظومة قيم وأخلاقيات، إذا لم تكن عنده كان منالمستحيل أن يُمَكَّن هذا التمكين وكان قد أفسد في الأرض فساداً شديد، ورصيد قيم ذوالقرنين كان: قيمة العمل، قيمة العلم، قيمة الأيدي النظيفة؛ فلم تمتد يده إلى خيراتالشعوب، قيمة الطموح، قيمة العطاء وحب الخير وإسعاد الآخرين، قيمة الإتقان التيتظهر عند بناء السد، قيمة العدل وكراهية الظلم والسلبية، هل يمكنك أن تُحضِر الآنورقةً وقلمًا وتكتب قيمك أنت؟؟ من أين تأتي القيم؟ من الأب والأم والدين.. وهذه دعوةللآباء والأمهات، فحكاية قبل النوم هامة جداً خاصة إذا كانت مذاب فيها مجموعة قيم، ومثلما تشتري لهم الملابس وتزيد من رصيدك في البنك لكي تتركها لهم، فأهم من هذاوذاك أن تترك لهم قيماً، فهدايا القيم أغلى بكثير من هدايا المال، وإذا مت ولديهمقيم وليس لديهم مال؛ سينجحون، أماإذا مت ولديهم مال بدون قيم؛ فلن يحققوا شيئاً... أولادكم يحتاجونكم فأعطوهم وقتاً، فالأب والأم ليسوا شئوناً إدارية، يملون أوامركالأكل، والنوم، والنظافة، والمذاكرة، بل الأب والأم مخزون قيم يدخر للأولاد عنطريق القدوة، والمواقف، والتربية، والمعاشرة، والكلام، والحب وليس العنف، ولذلك ذوالقرنين كان مؤهل للتمكين بسبب ما يملكه من رصيد للقيم. ولقد نزلت في ذي القرنين أكثر من عشرين آية، ألهذا القدر يحبه اللهتعالى؟! وقد سمع الصحابة هذه الآيات في مكة، ففعلوا ما فعل ذو القرنين في 25 عاماً، جيلُ وراء جيل، وحتى بعد موت النبي_ صلى الله عليه وسلم_، لم تكن حدثت بعد، فكانوالا يزالون في الجزيرة العربية، لكن يبدوا أنهم حين سمعوا سورة الكهف وقد أمرنا اللهتعالى بقراءتها كل يوم جمعة، حدث شيء ما في تفكيرهم. فلماذا نصوم رمضان؟ ألكي نعود للمعاصي أول يوم للعيد؟ أم أنه مخزون طاقة لكي نقوم بنهضة ونُصلحَونُعلمَ، فالصحابة وهم مستضعفون في مكة- كأني أرى أعينهم تلمع وهم يقرأون قصة ذوالقرنين كل يوم جمعة! والفكرة وصلتهم بما فيها من قيم، بالإضافة لمجئ هذه القصة بعدقصة الخضر مباشرةً، فالخضر كان يتكلم عن الغيب والروحانيات، فكان لابد من التوازنباتباع الأسباب في قصة ذو القرنين، فلو كان الكلام توقف عند الخضر لكان الجميعينتظر أفعال الله فيه بدون فعل منه. وقد تحدثنا كثيراً عن الرضا عن الله تعالى وأفعاله... أما ذو القرنين فقد قام بثلاث رحلات في كل منها كلمة قبلها "فَأَتْبَعَ سَبَباً" فهو ليس متواكل، فالتوكل هو أن تأخذ بالأسباب وتقوم بكل شيء ثم تقول يا رب! قرر ذو القرنين قراراً عظيم، فلديه إمكانيات وبداخله طموح وحب لاكتشافالمجهول، لذا قرر أن يأخذ أمته ويذهب بها للطواف بالأرض في ثلاث رحلات من غربهالشرقها لشمالها، وأثناء مروره يساعد البشرية ويُصلح في الأرض، فقد استكمل قوتهكأُمة فلمَ لا يفيض بالخير على الآخرين! ولا ينهب شيء من ثروات الشعوب بل يعطي هو، وقد أعطاه الله كثيراً حتى أصبح قوة عالمية، فكيف توظف لخير الآخرين، إذاً ففكرةالعولمة ليست جديدة بل بدأها ذو القرنين وهي عولمة الحق والخير، وأيهما أسعدللبشرية؟ عولمة التكنولوجيا أم عولمة الحق والخير؟ ففكرة ذو القرنين هي أنني أنجحوينجح معي الآخرين، وليس من الضروري لكي أنجح أن يفشل الآخرين! ونموذج ذو القرنينهو نموذج عالمي وليس مُهدى فقط للمسلمين، بل مهدى لكل القوى في العالم في كل زمانومكان، فالقرآن عالمي فلا تغلقوه علينا كمسلمين، وذلك ما قلته في كل القصص مثلقابيل وهابيل ومريم، وأن كلها قصص عالمية. فالقوى العالمية تحتاج أن تَدرُسَذا القرنين، ورجال السياسة يحتاجون أن يدرسوا ذا القرنين، وذو القرنين كان عظيم فيقراره لأن لديه شباب وإمكانيات وعلوم فإذا لم تتحرك ماذا يحدث؟ وإذا كان العالمالعربي خالٍ من مشروع قومي للشباب فماذا يحدث؟ مخدرات، وتطرف، وإرهاب. فذو القرنينوجّه أمته للحركة.. وأنا أقول للشباب إذا لم يوجد ذو القرنين ولم يوجد مشروع قوميلبلدك فتحرك أنت.. وإلا فلن تخرج الطاقة التي بداخلك، ولهذا تجد شباب يُصبح متدين ثميعود كما كان، وتجد شباب يتعاطون المخدرات ويجلسون مع أصحاب السوء، فابحث عن مشروعتقوم به، أو أسرة تنقذها، اصنع حياة إنسان، أو أسرة، انزل لقرية من القرى، علِّمالناس...ذو القرنين قام بثلاث رحلات، أخذ الأرض عرضاً... ملايين الكيلومترات! أول رحلة لإقامة العدل التي هي أول النهضة، والرحلة الثانية هي رحلة تنمويةاقتصادية، والرحلة الثالثة هي مواجهة الأعداء الخارجيين المهاجمين لبلادنا، وسنشاهدخمس أُمم من الموجودين في الأرض، وستجد أنها مثل ما نراه اليوم، لأنها مثل الصور أوالمرايا التي نرى فيها أنفسنا اليوم، وسنأتي في النهاية للسؤال: يا ترى نحن أي أُمةمنهم؟رحلات ذو القرنين : حلقة اليوم رسالة للعالم كله، ورسالةللمسلمين بأنه لا يصلح وضعهم هذا، ورسالة للقوى في العالم كله أن يتوجهوا للخيروالإصلاح، وسنتحدث عن الرحلة الأولى لذو القرنين. ويقال أنه خرج لليمن متجهاً إلىمغرب الشمس، وتخيل القوة العسكرية الخارجة معه والبلد تودعهم ومعهم العديدَ منالمهندسين، والأطباء، وعلماء الجغرافيا، واللغات. ومغرب الشمس بالنسبة لأيإنسان هو مكان غروبها بالنسبة له سواء كان أمام بحر أو جبل، لكن ذو القرنين وصل إلىآخر الأرض غرباً كما أرشده مستشاريه من علماء الجغرافيا، "حَتَّى إِذَا بَلَغَمَغْرِبَ الشَّمْسِ وَجَدَهَا تَغْرُبُ فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ ... " (الكهف86)، والعين الحمئة: (هي أرض زراعية خصبة جداً مليئة بالعيون مع انعكاس ضوء الشمس عليهاوعلى الطين الأسود) فتكون مثل العين الحمئة، وكانوا قوم لديهم حضارة ومال لكن للأسفظالمين، ووجد في هذه البلد مظلومون يزرعون الأرض بلا أي حق، وتجد عظماء البلدوأغنياءها استولوا على كل شيء، وعند دخول ذو القرنين البلد ظنوا بالتأكيد للوهلةالأولى أنه أتى لأخذ خيراتهم، ولم يصدقوه حين أخبرهم أنه لم يأتي لهذا السبب، "... قُلْنَا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِمَّا أَن تُعَذِّبَ وَإِمَّا أَن تَتَّخِذَفِيهِمْ حُسْناً "، وهذا اختبار له بعد أن أصبح قوة عالمية ماذا سيفعل؟ فوضع ذوالقرنين دستور جديد ولم يعاقب الذي أخطأ من قبل كما ذكرت الآيات: "قَالَ أَمَّا مَنظَلَمَ فَسَوْفَ نُعَذِّبُهُ ثُمَّ يُرَدُّ إِلَى رَبِّهِ فَيُعَذِّبُهُ عَذَاباًنُّكْراً " ، عقوبات رادعة ولا يوجد فوضى ولا محاباة، وقام بتشجيع الوازع الداخليفي الناس، "وَأَمَّا مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً فَلَهُ جَزَاء الْحُسْنَىوَسَنَقُولُ لَهُ مِنْ أَمْرِنَا يُسْراً " وهذا لمن يُصلِحُ في الأرض والذي سيوضعفي مكانه المناسب بدون أي وسائط، وسيكون له جوائز تشجيعية، وهكذا أقام ذو القرنينالعدل في هذه البلد، وهذه كانت القصة الأولى. بالتأكيد لم يتركهم ذو القرنينحتى استقروا وثبتوا على الدستور الجديد، ثم مشى ملايين الكيلومترات الأخرى اتجاهمشرق الشمس، فكم كيلومتراً مشيته أنت من أجل الإصلاح؟ في الأثر أوحى الله إلى إبراهيم عليهالسلام: " أتدري لما اتخذتك خليلاً؟ "، فقال: لما يا رب؟، قال: " لأن حبك للعطاءأكثر من حبك للأخذ"... فانظروا لمجهود ذو القرنين! وكيف احتمل من معه! غير أن حبهللعطاء غير عادي! اجعل أولادك يحبون العطاء. "حَتَّى إِذَا بَلَغَ مَطْلِعَالشَّمْسِ وَجَدَهَا تَطْلُعُ عَلَى قَوْمٍ لَّمْ نَجْعَل لَّهُم مِّن دُونِهَاسِتْراً "، مثل بعض المناطق الفقيرة في أفريقيا ليس بها شجر أو زرع أو ماء، فهميعيشون مأساة وكارثة طبيعية، بدون حتى ملابس تسترهم من الشمس، ولديهم جفاف وبدونماء، فمشكلتهم أنهم كانوا مستسلمين لهذه الكارثة، ويَدََّعونَ أن هذا قَدرُهُم!! ونسوا أن شق الآبار من قدر الله، وحفر الأنهار من قدر الله، وزرع الأرض من قدرالله، فلما لا تُصلحوا قَدَر الله بقَدَر الله! وهذا الكلام موجه لنا، فمشكلةالقوم الأولين الظلم أما هؤلاء فمشكلتهم التحجج بالقدر. ألسنا نكرر نفس الكلامدائماً أن هذا قدرنا! وأننا في انتظار المهدي المنتظر لينقذنا! الله عز وجل يرينافي كل رحلة نوعُ من الأُمم، ونوعُ من الإصلاح، وذو القرنين ليس نمطي، فالرحلةالأولى احتاجت للعدل والثانية للإصلاح التنموي، حتى وصل لأفضل إنجاز استفدنا منهحتى اليوم وهو بناء السد الذي منع يأجوج ومأجوج من الدخول علينا حتىاليوم. انطلق ذو القرنين وجنده حتى وصلوا لأرض فسيحة بين جبلين، في شمالالأرض من الممكن جداً أن تكون ناحية الصين، أو جورجيا، أو الاتحاد السوفيتي. لاأعلم بالتحديد. "حَتَّى إِذَا بَلَغَ بَيْنَ السَّدَّيْنِ وَجَدَ مِن دُونِهِمَاقَوْماً لَّا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ قَوْلاً " وجد هناك جنسيات جديدة ولا يفقهونقولاً لا تعني أنهم لا يستطيعون الكلام، بل أنه حينما دخل عليهم كانوا في مصيبة: أطفال مقتلين، زرع محترق، خيرات منهوبة، "قَالُوا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِنَّيَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ فَهَلْ نَجْعَلُ لَكَ خَرْجاًعَلَى أَن تَجْعَلَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ سَدّاً "، واضح أنهم يعرفونه جيداً، وأنشهرته في ذلك الوقت شهرة عالمية، وواضح أنهم قوم مؤمنين، ويأجوج ومأجوج وظيفتهمأن يخرجوا على هؤلاء القوم لأخذ خيراتهم وذبحهم...وذلك منتهى الفساد، ثم يعودوا حيثأتوا وذلك يحدث مرة كل عام، حتى يبدأ القوم في الزراعة مرة أخرى فيخرج يأجوج ومأجوجمن بين السدين لأخذ خيراتهم ثم يعودوا، ومن أسمائهم تشعر بالغلظة التي بهم، فيأجوج: من تأججت النار، ومأجوج: من ماجت الماء مثل الطوفان الذي يُغرق كل شيء، فهم قبيلتينمفسدتين في الأرض. فقالوا لذو القرنين: "... فَهَلْ نَجْعَلُ لَكَ خَرْجاًعَلَى أَن تَجْعَلَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ سَدّاً "، فهم أغنياء لذلك عرضوا المالعلى ذي القرنين ليجعل لهم سداً يحميهم، فسد بين جبلين سيكلف الكثير من المال، وهمأيضاً يعلمون أن الحل هو السد، بل ولديهم موارد طبيعية ألم يقل لهم: "آتُونِيزُبَرَ الْحَدِيدِ ... "، ولديهم أيدي عاملة، وقوى بشرية ألم يقل لهم: "... قَالَانفُخُوا ... قَالَ آتُونِي ... "، إذاً فماذا ينقص هؤلاء القوم؟ أرضهم مليئة بالبترول، لديهم شباب، لديهم فكر، لديهم مال، لكن تنقصهم الإرادة...!! مش عايز يتحرك ويشتغل.. مش عايز ينقذ نفسه... القصة الأولى قصة عدل، والثانية قصة يأس، والثالثة قصة إرادة، فهم لا يريدون الحركة رغم أنهم في كل يوميموت منهم ، بل يرغبون في الجلوس كما هم حتى يأتيهم المُنقذ. لعل رمضان هذايكون بداية لمائتي عام قادمين، ولن نخجل أن نقول كلمة نهضة، بالرغم من أننا سنموتلكن يكفينا أن نضع البذور.. سأطرح سؤالاً: من نحن من هؤلاء؟ أُمة ذو القرنين؟ أمالأُمة المليئة بالظلم؟ أم الأُمة المليئة باليأس؟ أم يأجوج ومأجوج؟ أم الأُمة التيلديها كل شيء سوى الإرادة؟؟؟!! لسنا كفاراً، ولسنا يأجوج ومأجوج،- رغم أن هناك منيقول عنا هكذا ! ولسنا مملوئين بالظلم لهذه الدرجة الخطيرة، أنا أرى أننا يغلُبعلينا الحالة الخامسة وهي الأُمة التي لديها كل شيء سوى الإرادة، رغم أن فينا منقوم ذو القرنين- لكي لا أكون يائساً. وذو القرنين لم يستجب لأخذ مال علىبناء السد، بل قال: "... فَأَعِينُونِي بِقُوَّةٍ ... " ، لأنه لو أبعد عنهم يأجوجومأجوج بمفرده بدون مساعدتهم اليوم سيأتيهم مئات مثلهم، يقولون أن الشعوب نوعان: شعوب غير قابلة للاستعمار، وشعوب قابلة للاستعمار فإذا تركها المستعمر تبحث عنمستعمر يستعمرها، "... فَأَعِينُونِي بِقُوَّةٍ أَجْعَلْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْرَدْماً "، وبدأ يجمع الحديد من ألواح متساوية، "آتُونِي زُبَرَ الْحَدِيدِ ... "، وآلاف يعملون لنقله كمشروع قومي لهذه البلد، وبنى ما هو أعظم من الهرم، ورفعواالحديد وضبطوه في مكانه فلديه قوى علمية غير عادية: "... حَتَّى إِذَا سَاوَىبَيْنَ الصَّدَفَيْنِ قَالَ انفُخُوا حَتَّى إِذَا جَعَلَهُ نَاراً قَالَ آتُونِيأُفْرِغْ عَلَيْهِ قِطْراً "، ثم أمرهم بتسخين الحديد فهو يعرف خواصه جيداً، حتىإذا أصبح محمراً، أمرهم أن يأتوه به وهو الذي سيفرغ عليه النحاس المذاب، فبدأالنحاس المذاب ينزل على الحديد الملتهب فيتخلله حتى يَجمُد ويصبح أملس لا أحديستطيع صعوده. والجميل أنه قام بثلاثة أشياء، وهم قاموا بثلاثة أشياء : "آتُونِي زُبَرَ الْحَدِيدِ حَتَّى إِذَا سَاوَى بَيْنَ الصَّدَفَيْنِ قَالَانفُخُوا حَتَّى إِذَا جَعَلَهُ نَاراً قَالَ آتُونِي أُفْرِغْ عَلَيْهِ قِطْراً "، وهذا هو العمل الجماعي لمن لا يعرف كيف يعمل جماعياً، وهناك نكتة ظريفة ولكنهامؤلمة: نزل فريق ياباني ليسابق فريق عربي في السباحة ففاز الياباني بتفوق، فوجدواأن الياباني أحدهم مدير والباقون يقلدونه أما العربي ف9 مديرين وواحدُ يقلدهم! فأصلحوا الوضع وأعادوا ففاز الياباني بمراحل، فوجدوا أن الياباني أحدهم مديروالباقي يقلدونه، أما العربي فواحد مدير و3 مديرين إدارات و4 مديرين أقسام وواحديقلد، فقرروا اتخاذ قرار صارم بإبعاد الشخص الذي يُقلد..!!! تخيلوا أن معادلاتذو القرنين مسجلة في كتاب الله، وهي معادلات كيماوية وعلمية، ونحن نتعبد لله ونُصليفي رمضان ونتهجد بالقرآن، ونريد دخول الجنة بهذا.. أتى يأجوج ومأجوج بعد بناء السدبصياحهم وقوتهم، وذو القرنين منتظر مع جيشه في الناحية الأخرى، وهذا معناه أنه بقيمع القوم قرابة السنة، لكن لماذا لم يحارب يأجوج ومأجوج؟ لأنني لو أستطيع أن أحمي بدونحرب وبدون اسالة دماء فهذا أفضل، فليست دائماً البطولة أن تختار الحرب، وعندما جاء يأجوج ومأجوج لم يتمكنوا من صعود السد ولا نقره، "فَمَا اسْطَاعُوا أَن يَظْهَرُوهُ وَمَا اسْتَطَاعُوا لَهُ نَقْباً "، ثم قالخطبته الأخيرة ونسب الفضل لله فلم يكن كقارون ولم يرى إنجازه ولهذا فإن إنجازه مستمر: "قَالَ هَذَارَحْمَةٌ مِّن رَّبِّي فَإِذَا جَاء وَعْدُ رَبِّي جَعَلَهُ دَكَّاء وَكَانَ وَعْدُرَبِّي حَقّاً " أما قارون لما قال : "... إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِندِي ... " (القصص78) خسف الله به الأرض، يقول النبي _صلى الله عليه وسلم_ أنه كل يوم يأجوجومأجوج يحاولون أن يحفروا في السد ولا يقدرون، حتى إذا جاء يوم القيامة فُتح السدوخرج يأجوج ومأجوج ليهلكوا البشرية كما في الآيات: {حَتَّى إِذَا فُتِحَتْيَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ وَهُم مِّن كُلِّ حَدَبٍ يَنسِلُونَ } (الأنبياء 96) ، وأنالا أعرف مكانهم، ولا أين هم من الأرض، ولا لما لم تراهم الأقمار الصناعية؟ لكنيأُصدق القرآن، وسيكون فتح السد من علامات يوم القيامة. خاتمة: خرج _النبي صلى الله عليه وسلم_ من بيته يوماً مُحمَرَ الوجه، قالوا: ماذا يا رسول الله؟، قال: " ويلٌ للعرب من شرٍ قد اقترب، فُتِحَ اليوم من يأجوج ومأجوج مثل هذا " (شكل حلقة )وهذا جزء صغير لمدة طويلة! فانظر كيف حمانا سد ذو القرنين طوال هذه المدة الكبيرة! فهو صاحب فضل علينا، فأماننا وأمان أولادنا وأمانكم بسببه، ففضل ذو القرنين علىالبشرية جمعاء، نموذج جميل لم نره من قبل، وهو ليس نبي أو مَلَك بل بشر مثلنا.. أحببته وفهمت لما يأمرنا الله تعالى بقراءة سورة الكهف كل جمعة. شوفوا النماذج وتعلموا.. شوفوا انتوا مين عشان تتوجعوا وتصروا على إصلاح انفسكم جمعة ورا الثانية.. لتتوجهوا وتصروا على النهوض الجمعة التي تليها ... مات ذو القرنين، فتخيل جنازته! هل كانت ستمشي بها كلالبشرية من مسلمين، وغير مسلمين، ومؤمنين، وغير مؤمنين؟ لم نراه حارب في أي مرة،فليست الحرب دائماً هي البديل الصحيح، ولم نسمعه أصر على دخول قوم في الإسلام ، فالإصلاح والخير للبشر كلهم، ولهذا يوسف عليه السلام أصلح مصر وهو في السجن، وأناأقترح أن نُعَلِم أبنائنا قصة ذو القرنين في سن السابعة إلى الثانيةعشرة، فلربما يخرجمن هذا الجيل مثله، فأنا أنصح بشدة بقصة ذو القرنين وقيمه. منقول من منتدى عمرو خالد:26:
الحلقة 21 - قصة ذو القرنين من هو ذو القرنين؟هذا الرجل طاف لمسافات كبيرةجداً في الكرة الأرضية، هو...
الحلقة 22 - الدعاء

عبادة الدعاء:


عندما سألت نفسي ما هي العبادةالمناسبة لنعلمها في ليلة من ليالي رمضان، وتكون مناسبة لهذا البرنامج؟
توصلت إلىعبادة الدعاء،
على الرغم من ذكري للدعاء في حلقات سابقة ولكنه من احتياجاتومستلزمات رمضان،
ونحن ندعوا في نهاية كل حلقة،
ولكن اليوم سوف يكون الدعاء كثيراً،فهناك فرق بين أن تدعُ الله وأنت تعرف ماهيةُ الدعاء وبين أن تدعوه وأنت لا تعرف،
وهنا يخرج الدعاء من قلبك فتشعر به وبقوته، لذلكفهذه الحلقة حلقة ودية حيث نعيشفيها سوياً في حب الدعاء.






جاء رجل إلى رسول الله_ صلىالله عليه وسلم_ فقال :
" يا رسول الله أبعيد ربنا فنناديه أم قريب فنناجيه؟ "
فنزلقول الله تعالى قبل أن يرد النبي _صلى الله عليه وسلم_ :
"وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِيعَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ... " (البقرة186)،
فكل الأسئلة في القرآن الكريم مثل:
"يَسْأَلُونَكَ عَنِ اٌلشَّهْرِاٌلْحَرَامِ قُلْ.."،

"وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ اٌلْمَحِيضِ قُلْ.."،
"يَسْأَلُونَكَعَنِ اٌلْأََهِلَّةِ قُلْ..."
فيجب أن تأتي كلمة قل،
أما في هذه الحالةقال:
"وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي..."،
فلا يوجد واسطة بيننا وبينهفهو الذي يجيب،
فانظر إلى الحنان والقرب الذين يتجلى في رده تعالى:
"... فَإِنِّيقَرِيبٌ..."،
والقرآن كلام الله لذا فأنت تسمعه سبحانه وتعالى يجيبك، ثم يقول أجيبفالإجابة هنا جاءت مبكرة حيث قال: "...أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ..."،
ولم يقل أجيبدعوة المؤمن، أو التقي، أو دعوة الحافظ،
ثم يقول: "... إِذَا دَعَانِ..."،
أي إذااختار هو أن يدعوني أُجيب دعوته...

وقد جاءت هذه الآية في وسط آيات الصيام فجاء قبلهاقوله تعالى:
" شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِيَ أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ...."(البقرة 185)،
وجاء بعدها قوله تعالى:
" أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُإِلَى نِسَآئِكُمْ..."(البقرة 187).
كان الصحابة إذا سمعوا " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ "
اتجهوا بكل آذانهم ليسمعوا الآية،
فهل منالممكن عندما تسمع هذه الآية أن تتجه بكل آذانك إليها ؟
وأنت تعلم أن الله هو الذييكلمك ويقول لك :
"وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي..."،
فانظر لكلمة عبد فكأنهقرينه فهو قريب منه يجيب دعوته ...
ففي الآية يقولتعالى:
" وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ....."(غافر 60)،
فلم يقلأدعوني فقط فهل هناك وعد أكثر من هذا؟
فمن يدخل معركة يقُل له قائده: خذ هذا السلاحواستعن به،
فكلمة الدعاء ولله المثل الأعلى كأنما أعطاك الله سلاحاً وقال لكاستخدمه إن احتجت شيئاً.


وهناك حديث قدسي:
((يا عبادي كلكم ضال إلا من هديتهفاستهدوني أهدكم،
يا عبادي كلكم جائع إلا من أطعمته فاستطعموني أطعمكم،
يا عباديكلكم عارٍ إلا من كسيته فاستكسوني أكسكم،
يا عبادي إنكم تخطئون بالليل والنهار وأناأغفر الذنوب جميعا فاستغفروني اغفر لكم،
يا عبادي لو أن أولكم وآخركم وإنسكموجِنََّكُم قاموا في صعيدٍ واحدٍ فسألوني فأعطيت كل واحد منكم مسألته ما نَقَصَ ذلكمما عندي إلا كما ينقص المخيط إذا أدخل البحر ))،

وانظر لحديث النبي _صلى الله عليهوسلم_ :
(الدعاء هو العبادة)،
فماذا تعني العبادة؟
العبادة تعني ذلُ وخضوع ُ لله..
هي شعور أنك عبد وهو رب...
فقد تصلي ولا تشعر بهذا الشعور لعيبٍ في نفسك، أو تصوم ولاتشعر به للهوٍ في نفسك،
ولكن من المستحيل أن ترفع يديك وتقل أنا محتاج أعطيني..أنجدني أنا مكروب وخائف ولا تشعر بشعور العبودية...
ولذلك الدعاء عبادة لأن الدعاء هوأكثر موقف تشعر فيه بأنك عبد.


يقول النبي ¬_صلى الله عليه وسلم_:
(من لا يسألالله يغضَبُ عليهِ)..

وفي الآية:
((وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْلَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَدَاخِرِينَ))(غافر 60)،
فقد اعتبر من لا يدعو أنه مستكبر فالدعاءُ هو ما يعطي الذلَوالخضوعَ،
فلماذا لا تدعو؟
أيعقل أنه لا يوجد لديك ما تحتاجه؟
هذا مستحيل،
ألست بشراً؟
أمأنت مستكبرُ؟
أم لا تحتاج لله تعالى؟
ولكن الله تعالى قال:
(...ادْعُونِي...)،
أيأنه فعل أمر يرتبط بنتيجة مضمونة وهي الإجابة..


ويقول النبي_ صلى الله عليهوسلم_:
)إن الله يحب الملحّين في الدعاء )،
أي الذين يلحون ويعيدون في الدعاء،
فإن ذهب أحدهم إلى عمرةٍ مدة أسبوعٍ أَلَحَ وأعاد نفس الدعوات كل يوم،
إن سجد وإنشرِبَ زمزم أعاد نفس الدعوات،
وإن ذهب لوالدته أوصاها بأن تدعو له بنفسالدعوات.


يقول النبي أيضا _صلى الله عليه وسلم_:
) لا تعجزوا مع الدعاءفإنه لا يهلك مع الدعاء أحد)،
فلا توقف الدعاء فلا أحد يضيع وهو يدعو.


فلماذا كلهذه الآيات والأحاديث عن الدعاء، إن هذا ينطوي على فكرة مهمة جداً لأنك عبد الله ومنأسمائه الحسنى العزيز،
وهو لا يريد عبد العزيز أن يخفض رأسه لأي مخلوق،
وكمثال علىذلك (ولله المثل الأعلى) عندما يقول لك خالُ أو عمُ وأنت في الغربة أو فاقد لوالديك:
اوعى توطي راسك لحد...
تعال لي في أي وقت وانا اعطيك بس لاتذل نفسك لأحد وانا حي..
……………….
كان هناك أحد التابعينيُدعى حماد بن مسلمة، كان يمشي في إحدى الليالي المطيرة في بغداد وسمع صوت إحدىالسيدات تتحدث من داخل منزلها وتقول: "يا رفيق ارفُق بنا، يا لطيف الطف بنا، يامُغيث أغثنا"،
فشعر أنها لا تقدر أن تخرج من شدة المطر، فذهب وأحضر طعاماً وقدمهلها،
فقالت: "ومن أنت؟ " قال: "حماد" ومشى،
فقالت لها ابنتها: "يا أماهُ لمَ رفعتصوتك فجعلت حماداً بيننا وبين الله"،
فقالت: "يا ابنتي ما رفعت صوتي ولكن الرفيقرفق بي فأتى به إلى الكوخ"،

وهذه قصة بسيطة تعبر عما أريد قوله،
ومن أكثر ما يميزالدعاء أنه يدخلك بسرعة إلى الله لأن فيه ذل وخضوع وبقدر ما تتذلل يستجاب الدعاء،
فاذهب إليه بضعفك يُمدك برزّقه،
اذهب إليه بِذُلّك يمدك بعزّه،
اذهب إليه بفقركيُمدك بغناه،
واحكي معه قُل له ياغني من للفقير إلا أنت،
يا قوي من للضعيف إلا أنت،
يا عزيز من للذليل إلا أنت،
و ندعوا أيضاً ونقول: "اللهم إنا نسألك بعزك وذلنا،وقوتك وضعفنا، وغناك وفقرنا أن ترحمنا".


وانظر إلى النبي _صلى الله عليه وسلم_ كيف كان يدعو الله،
فقد كان يبسط يديه ويفتحهما وهو يدعو،
وإذا كان الأمر جليا كأمريهم المسلمين أو معركة كان يرفع يديه حتى يظهر بياض إبطيه.


ويقول النبي _صلىالله عليه وسلم_:
" إن الله حيّيُ كريمُ يستحي أن يرفع العبد يديه ثم يردهما صفراًخائبتين"،
فالكريم هو من يعطي دون أن يُسأل فكيف إذا سُئل...!!!

والحديث القدسي يقول:"
أنا عند ظن عبدي بي فليظن عبدي بي ما شاء"،
فكيف هو ظنك بالله؟؟
فليكن ظنك به أنهسيغفر لنا،
وسيحقق لنا الدعوات الخاصة التي كنا ندعوه بها سابقاً..
فليكن لديك ثقة فيالله،
فهذا الموضوع من أكثر المواضيع التي وُجدت فيها الأحاديث والآيات واضحة لاتحتمل التأويل.


وهناك حديث قدسي آخر يقول:
" يتنزل الله تعالى إلى السماء الدنيافي الثُلث الأخير من الليل فينادي هل من مُستغفرٍ فأغفر له، هل من تائب فأتوب عليه،هل هناك من له حاجة فأقضيها له"
يقول النبي _صلى الله عليه وسلم_: "وذلك في كلليلةٍ"،
فقد تنام، أو تنسى، أو تسهو، ولكن هو كل ليلة ينادي عليك ليلبي حاجتك،
فيامن لديه المشاكل والمصائب،
يا زوجة يا من لم تنجبي،
يا سيدات يا من لديكن مشاكل معأزواجكن،
يا شباب يا من لديكم نقص في الرزق،
فلتذهب له وتدعوه،
كما كان الصحابةيجهزون لشهر رمضان بمجموعة دعوات محددة ويرتبونهم ويعرفون كم مرة سوف يكررنوها،
فيقولون ندعو وندعو وندعو فوالله ينقضي رمضان ولا يأتي رمضان القادم إلا وقد أجابالله لنا ما دعونا به.


وهذا الكلام مُجرّب،
فسوف أحكي عن شيء عشته شخصياً،
فكلالأشياء التي حدثت في حياتي كانت بسبب دعوات رمضان، فإنجابي وراءه دعواترمضان،
والأعجب من ذلك كما حكيت من قبل أنني ظللت لمدة 10 سنوات لا أُرزق بالأولاد،
ولكن الله رزقني بالولد بعد دعاء شديد يوم عرفات،
وبعد هذه القصة كلما قابلت أحداًقال لي: لا تظن أنك وحدك ما حدث معه ذلك الموقف فهي ليست خصوصية فأنا أيضاً قد حدثمعي ذلك فهذا الولد معجزة من الله وآية في الدعاء.


وانظر لسيدنا زكريا عندما قال:
:"...وَلَمْ أَكُن بِدُعَائِكَ رَبِّ شَقِيّاً"(مريم 4)،
أي أنني ما دعوتك قط ولمتستجب لي،
فكن متأكداً أن الله سيستجيب دعاءك ويلبي لك طلبك.


والقرآن يمتليء بكم هائلٍ من الدعوات وبالأخص الدعوات الصعبة المستحيلة،
فانظرلدعوة سيدنا سليمان في عصر لا يوجد به تكنولوجيا،
كما في قوله تعالى:
" قَالَ رَبِّاغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكاً لَّا يَنبَغِي لِأَحَدٍ مِّنْ بَعْدِي..."،
فهلتحققت له أم لا؟
وانظر لدعوة سيدنا إبراهيمكما في قوله تعالى:
" وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَـَذَا بَلَداًآمِناً وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَرَاتِ......"(البقرة126)،
فكم عمر هذهالدعوة؟
وكم عاماً استمرت الدعوة؟
إنها تستمر ألوف السنين، فاذهب لمكة لترى الرزقوقل: سبحان الذي يُجيب الدعاء.


ودعوة سيدنا نوح تأخرت لمدة تسعمئة وخمسين عاماًحتى قال، كما في قوله تعالى
" فَدَعَا رَبَّهُ أَنِّي مَغْلُوبٌ فَانتَصِرْ* فَفَتَحْنَا أَبْوَابَ السَّمَاء بِمَاء مُّنْهَمِرٍ * َوفَجَّرْنَا الْأَرْضَعُيُوناً فَالْتَقَى الْمَاء عَلَى أَمْرٍ قَدْ قُدِرَ ".
ودعوة سيدنا يونس وهوفي بطن الحوت
"...فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَن لَّا إِلَهَ إِلَّا أَنتَسُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ"(الأنبياء 87)،
فاستجبنا له ونجيناهمن الغم.


فعليك بالدعاء وأن تكون على يقين من الإجابة،
فانظر لسيدنا زكريا إذقال كما في قوله تعالى:
"قَالَ رَبِّ إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي وَاشْتَعَلَالرَّأْسُ شَيْباً وَلَمْ أَكُن بِدُعَائِكَ رَبِّ شَقِيّاً...."(مريم 4-5)
أرأيتالثقة في الدعاء، فمن لديه هذه الثقة؟
ومن يقول أن الدعاء لا يُستجاب؟
فلا توجددعوة لا تُستجاب فمن أسمائه تعالى المجيب، السميع، والبصير،
فلتُحيي الأمل في نفسكمرة أخرى وجهز دعواتك للعشر الأواخر.


يقول عمر بن الخطاب:
أنا لا أحمل همالإجابة ولكني أحمل هم الدعاء، فإذا أُلهِمت الدعاء، أُلهِمت معهُ الإجابة)

ولذلك يقول رسول الله_ صلى الله عليهوسلم_:
" من فُتِحَ له بابُ الدُعاءِ، فُتَحِت له أبوابُ الجنة"،
فقضيتك الأساسيةكما قال سيدنا عُمر هي الدعاء وليس الإجابة فهذا أمر مفروغُ منهُ.


يقول أبوهريرة :" كانت أمي ( وهي غير مسلمة) تتكلم عن رسول الله كثيراً وتؤذيني فيه، فذهبتحزيناً إلى رسول الله_ صلى الله عليه وسلم_ لأني لا أعلم ما يمكن أن يحدث لها، فقال : " مالك يا أبو هريرة؟ " قلت: " يا رسول الله أمي كذَّبتك ولم تؤمن بك وآذتني فيكفادعُ الله أن يهدي أمي "، فقال النبي: " اللهم إهد أم أبي هريرة، اللهم إهد أم أبيهريرة "، فقال: " فرجعت مُستبشراً بدعوة النبي _صلى الله عليه وسلم_ ولكن يحدونيالهم، فطرقت الباب فقالت: " من؟ " ، فقلت: "أبو هريرة"، فقالت: "مكانك"، ثم فتحت ليوقالت: " اسمع يا أبا هريرة أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً عبده ورسوله "،فبكيت وعدت إلى رسول الله وقلت له: " يا رسول الله لقد استجاب الله دعائك فقد أسلمتأمي "، فقال: " الحمد لله"، فقلت: " يا رسول الله اُدعُ الله أن يُحببني أنا وأميإلى المؤمنين ويُحبب المؤمنين إلينا "، ثم يقول: " فما سمع بي مؤمن في المدينة إلاوأحبني منذ ذلك اليوم ".


وهنا يأتي السؤال هل تتذكر كمدعوةٍ دعوتها وأجيبت لك؟
فالمشكلة الكُبرى أن الشيطان يُنسيك، فقد كنت سابقاً تدعُالله ويُستجاب لك ليس في الحال، ولكن بعد مرور عدةِ أيامٍ ولكن الشيطان قد أنساكهذا، فلماذا ينسِيك الشيطان هذا؟
لأنه يعلم أن معك سلاح قوي جداً فلو علمت أن دعوتكتُستجاب تكون قد عرفت الطريق للمجيب السميع البصير،
لذا ينسيك ويوهمك بأن أحداثالزمن هي التي حققت لك دعائك.


.........
نحن الآن في أيام إجابةالدعاء وهي العشر الأواخر من رمضان، والتي من أوقاتها أيضاً الثُلث الأخير منالليل، وليلة القدر، والصائم عند فطره، وأثناء العمرة والحج، فها أنت لديك خمسأسباب تجعل من دعوتك دعوة مستجابة هذه الأيام،
فاللصائم عند فطره دعوة لا تُرد ،
وتتجلى عظمة الخالق في ناحية أخرى، فلو جئت الآن وطلبت منك أن تفعل شيئاً لي وجاءكشخص آخر أثناء حديثي معك يطلب منك طلباً آخر سوف تقول له أن ينتظر حتى تنتهي منحديثك معي ثم يستطيع أن يطلب منك ما شاء،
فسبحان الله الذي لا يشغله سمعٌ عن سمع ،والذي في هذه الليالي العظيمة يطلُب الملايين منه طلبات مختلفة ويلبيها جميعاً،وهنا ترى العقيدة التي اكتسبها المسلمون بالفطرة فلا تجد أن أحداً يطلب من الآخر أنلا يدعو الله حتى يدعوَ هو فقط لأن كلنا موقنون أنه يسمعنا جميعاً.


هل تعرف أنأكثر طريقة تذل بها نفسك لله تعالى هي الدعاء،
وأكثر طريقة تُشعرك بقربك منه هيأيضاً الدعاء.


شروط إجابة الدعاء:
هل تريد أن يُستجاب لدعائك؟
إذن فاحفظ هذهالأشياء الأربعة والتي علّمها لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم:
1.
اليقين فيالإجابة:
فكيف تريد المجيب أن يستجيب لك إن كنت لا تصدق أنه يستطيع فعل ذلك،
فالرسول _صلى الله عليه وسلم_ يقول:
" ادعوا الله وأنتم موقنون في الإجابة "
مهماكان ما تريده بعيداً وصعب المنال،
لذا أريد منك أن تزيد نسبة يقينك فلا تكون أقل من 99% فالرسول _صلى الله عليه وسلم_ يقول:
" إن الله يقول إذا دعا أحدكم فلا يقل ربيلو شئت "
فلا تدعو الله وتقول إن شئت أعطيتني سيارة أو كذا وكذا بل اعزم فيالمسألة.

2.
الخشوع أثناء الدعاء:
فالنبي _صلى الله عليه وسلم_ يقول:
" إن اللهلا يستجيب من قلب غافل لاهٍ"
فلتتخيل شخصاً يريد أن يرمي سهماً ولكن القوس مرتخيفسوف يسقط السهم تحته مباشرةً، لذلك يقول الله تعالى:
"أَمَّن يُجِيبُ الْمُضْطَرَّإِذَا دَعَاهُ...."(النمل 62)،
فلماذا المضطر؟
لأنه خاشع ولديه نائبه،
وفي هذا يقولعبد الله بن عمر:
" أنا أعلم متى يُستجاب دعائي"،
فقالوا له:" كيف ذلك "؟
قال:" إذاخشع القلب واهتزت الجوارح ودمعت العين أقول هذا وقت إجابة الدعاء"

يقول أحدالصالحين:
" مثل المؤمن حين يُستجاب دعائه كمثل رجل في بحر هائج تحطمت به سفينتهفتعلق بخشبة، يريد النجاة من الأمواج فيقول:" "يارب، يارب"، فهكذا مثل المؤمن حينيُستجاب دعائه".



3.
عدم الاستعجال:
فالنبي _صلى الله عليه وسلم_ يقول
:" يُستجاب لأحدكم ما لم يستعجل"
فكيف يستعجل؟
بأن يقول دعوت الله ودعوت ودعوت فلمأرَه يُستجب لي فيترك الدعاء فلا يُستجاب له،
وهذا كأن يقوم شخص ما بزراعة نبتة تحتالأرض فيسقيها ويرويها المرة تلو الأخرى حتى يَمَلّ بعد مرور أسبوع لأنها لم تنبتخارج الأرض بعد، فهناك بعض الأشجار تنبت بعد مرور عشرين عاماً فيتركها على الرغمأنها كانت على وشك الخروج ،
لذا فإياك والاستعجال فهناك بعض الدعوات يدعوها الفردعشرة أعوامٍ حتى يُستجاب لها ،
فقد تتأخر الإجابة لمصلحتك وقد تتأخر لأن زمانها لميأتِ بعد، وقد تتأخر لأن الله يريد أن يسمع صوتك فهو يريد أن يعلمك أن ترجع إليهكثيرًا، فربما إن أجابك سريعاً لن تأتِ إليه غداً، لذا فأنت تحتاج إلى بعض التدريبعلى القرب منه،
فيسأل سبحانه وتعالى الملائكة:
" يا ملائكتي أدعاني عبدي؟ يقولون: نعم ياربي،
" يا ملائكتي هل ألحّ علي عبدي؟ فيقولون: نعم ياربي،
" يا ملائكتي أخروامسألة عبدي فأني أحب أن أسمع صوته"،

فالدعاء عبادة جميلة وهي من أحلى وأرقالعبادات، ففي بعض الأحيان خمس دقائق دعاء بقرب وذل شديدين تُعادل صلاة تراويح،
فأحياناً تخاطبه وأنت ساجد وتقول يارب فتحس كأنك مالكٌ للدنيا وما فيها،
وتحس بأنقلبك هو الساجد وبأنك لا تريد القيام من السجدة.

4.
أكل الحلال:
فقد ذهب سعد بنأبي وقاص إلى النبي _صلى الله عليه وسلم_ وقال:" يا رسول الله ادعُ الله أن أكونمُستجاب الدعوة "، قال: " يا سعد أطب مطعمك تكن مستجاب الدعوة"
فبدأ في التركيزأكثر فأكثر في أكل الحلال فكان لا تُرَدُّ له دعوة ،
بعض الناس يقولون لقد صعّبتهذا الأمر علينا فنحن لدينا بعض الشكوك،
أقول لهم تصدّقوا كثيراً هذه الأيام،
ولذلكيوصي بعض العلماء أن تجعل قبل دعائك صدقة حتى يتطهر مالك،
يقول النبي _صلى اللهعليه وسلم_:
)إن الله طيب لا يقبل إلا الطيب، ثم ذكر الرجل يطيل السفر، أشعث، أغبر- ودعوة المسافر مستجابة، فهو مستوفي لكل الشروط- فيرفع يديه ويقول يارب يارب- عشرمرات- ولكن مأكله حرام وملبسه حرام وغُذّي بالحرام فأنّى يُستجاب له)،
لذلك يكفيكمع أكل الحلال أن القليل من الدعاء يستجاب لك.
فلتحافظ على الشروط الأربعة لتضمنالدعاء والإجابة إن شاء الله،
وكلما وجدت لحظات خشوع وعينك تدمع فعليك بالدعاء،فهذه لحظات إجابة،
ولتنظر لقصة سيدنا زكريا، فكان كلما دخل على السيدة مريم المحرابوجد لديها رزقاً، إما طعام أو نعم من عند الله أو خضوع وخشوع وبكاء وكل هذا رزق منعند الله ،
فالآية تقول: " هُنَالِكَ دَعَا زَكَرِيَّا رَبَّهُ...."(آل عمران 38)،
فعندما رأى آيات من الله وقرب من الله رغم أنه ليس معه ولكن أحياناً عندما ترىشخصاً يعبد الله يرق قلبك وفي هذه اللحظة دعا زكريا ربه عندما رأى معجزات وآيات منالله
"...... قَالَ رَبِّ هَبْ لِي مِن لَّدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً إِنَّكَسَمِيعُ الدُّعَاء فَنَادَتْهُ الْمَلآئِكَةُ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي فِيالْمِحْرَابِ أَنَّ اللّهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيَـى مُصَدِّقاً بِكَلِمَةٍ مِّنَاللّهِ وَسَيِّداً وَحَصُوراً وَنَبِيّاً مِّنَ الصَّالِحِينَ"(آل عمران 38-39)،
فأينما تجد هذه اللحظات ادعو الله وقد تجدها في ليلة 27 من رمضان أو الليال الوتريةمن شهر رمضان أو وأنت تقرأ القرآن أو وأنت تقود السيارة ويرق قلبك فجأة فانتهزالفرصة وأدعو الله ولا تقل يجب أن أكون جالساً بل فضفض وتكلم مع الله بما يجول في قلبكوليس من الضروري أن يكون الكلام مُسترسلاً مُنمقاً بل يكفي أن تناجي الله بما فيقلبك باللغة العامية وليست الفصحى بالضرورة،
فقد أتى رجل إلى النبي _صلى الله عليهوسلم_ وقال: "يا رسول الله أنا لا أجيد دندنتك ولا دندنة معاذ"، فقال له:" فماذاتقول أنت ؟
قال:" أقول اللهم إني أسألك الجنة، اللهم نجني من النار "،
فقالالنبي صلى الله عليه وسلم:
" حولها أدندن أنا ومعاذ ".
منقول من منتدى عمرو خالد
بايعتهالربي
بايعتهالربي
الحلقة 22 - الدعاء عبادة الدعاء: عندما سألت نفسي ما هي العبادةالمناسبة لنعلمها في ليلة من ليالي رمضان، وتكون مناسبة لهذا البرنامج؟ توصلت إلىعبادة الدعاء، على الرغم من ذكري للدعاء في حلقات سابقة ولكنه من احتياجاتومستلزمات رمضان، ونحن ندعوا في نهاية كل حلقة، ولكن اليوم سوف يكون الدعاء كثيراً،فهناك فرق بين أن تدعُ الله وأنت تعرف ماهيةُ الدعاء وبين أن تدعوه وأنت لا تعرف، وهنا يخرج الدعاء من قلبك فتشعر به وبقوته، لذلكفهذه الحلقة حلقة ودية حيث نعيشفيها سوياً في حب الدعاء. جاء رجل إلى رسول الله_ صلىالله عليه وسلم_ فقال : " يا رسول الله أبعيد ربنا فنناديه أم قريب فنناجيه؟ " فنزلقول الله تعالى قبل أن يرد النبي _صلى الله عليه وسلم_ : "وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِيعَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ... " (البقرة186)، فكل الأسئلة في القرآن الكريم مثل: "يَسْأَلُونَكَ عَنِ اٌلشَّهْرِاٌلْحَرَامِ قُلْ.."، "وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ اٌلْمَحِيضِ قُلْ.."، "يَسْأَلُونَكَعَنِ اٌلْأََهِلَّةِ قُلْ..." فيجب أن تأتي كلمة قل، أما في هذه الحالةقال: "وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي..."، فلا يوجد واسطة بيننا وبينهفهو الذي يجيب، فانظر إلى الحنان والقرب الذين يتجلى في رده تعالى: "... فَإِنِّيقَرِيبٌ..."، والقرآن كلام الله لذا فأنت تسمعه سبحانه وتعالى يجيبك، ثم يقول أجيبفالإجابة هنا جاءت مبكرة حيث قال: "...أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ..."، ولم يقل أجيبدعوة المؤمن، أو التقي، أو دعوة الحافظ، ثم يقول: "... إِذَا دَعَانِ..."، أي إذااختار هو أن يدعوني أُجيب دعوته... وقد جاءت هذه الآية في وسط آيات الصيام فجاء قبلهاقوله تعالى: " شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِيَ أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ...."(البقرة 185)، وجاء بعدها قوله تعالى: " أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُإِلَى نِسَآئِكُمْ..."(البقرة 187). كان الصحابة إذا سمعوا " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ " اتجهوا بكل آذانهم ليسمعوا الآية، فهل منالممكن عندما تسمع هذه الآية أن تتجه بكل آذانك إليها ؟ وأنت تعلم أن الله هو الذييكلمك ويقول لك : "وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي..."، فانظر لكلمة عبد فكأنهقرينه فهو قريب منه يجيب دعوته ... ففي الآية يقولتعالى: " وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ....."(غافر 60)، فلم يقلأدعوني فقط فهل هناك وعد أكثر من هذا؟ فمن يدخل معركة يقُل له قائده: خذ هذا السلاحواستعن به، فكلمة الدعاء ولله المثل الأعلى كأنما أعطاك الله سلاحاً وقال لكاستخدمه إن احتجت شيئاً. وهناك حديث قدسي: ((يا عبادي كلكم ضال إلا من هديتهفاستهدوني أهدكم، يا عبادي كلكم جائع إلا من أطعمته فاستطعموني أطعمكم، يا عباديكلكم عارٍ إلا من كسيته فاستكسوني أكسكم، يا عبادي إنكم تخطئون بالليل والنهار وأناأغفر الذنوب جميعا فاستغفروني اغفر لكم، يا عبادي لو أن أولكم وآخركم وإنسكموجِنََّكُم قاموا في صعيدٍ واحدٍ فسألوني فأعطيت كل واحد منكم مسألته ما نَقَصَ ذلكمما عندي إلا كما ينقص المخيط إذا أدخل البحر ))، وانظر لحديث النبي _صلى الله عليهوسلم_ : (الدعاء هو العبادة)، فماذا تعني العبادة؟ العبادة تعني ذلُ وخضوع ُ لله.. هي شعور أنك عبد وهو رب... فقد تصلي ولا تشعر بهذا الشعور لعيبٍ في نفسك، أو تصوم ولاتشعر به للهوٍ في نفسك، ولكن من المستحيل أن ترفع يديك وتقل أنا محتاج أعطيني..أنجدني أنا مكروب وخائف ولا تشعر بشعور العبودية... ولذلك الدعاء عبادة لأن الدعاء هوأكثر موقف تشعر فيه بأنك عبد. يقول النبي ¬_صلى الله عليه وسلم_: (من لا يسألالله يغضَبُ عليهِ).. وفي الآية: ((وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْلَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَدَاخِرِينَ))(غافر 60)، فقد اعتبر من لا يدعو أنه مستكبر فالدعاءُ هو ما يعطي الذلَوالخضوعَ، فلماذا لا تدعو؟ أيعقل أنه لا يوجد لديك ما تحتاجه؟ هذا مستحيل، ألست بشراً؟ أمأنت مستكبرُ؟ أم لا تحتاج لله تعالى؟ ولكن الله تعالى قال: (...ادْعُونِي...)، أيأنه فعل أمر يرتبط بنتيجة مضمونة وهي الإجابة.. ويقول النبي_ صلى الله عليهوسلم_: )إن الله يحب الملحّين في الدعاء )، أي الذين يلحون ويعيدون في الدعاء، فإن ذهب أحدهم إلى عمرةٍ مدة أسبوعٍ أَلَحَ وأعاد نفس الدعوات كل يوم، إن سجد وإنشرِبَ زمزم أعاد نفس الدعوات، وإن ذهب لوالدته أوصاها بأن تدعو له بنفسالدعوات. يقول النبي أيضا _صلى الله عليه وسلم_: ) لا تعجزوا مع الدعاءفإنه لا يهلك مع الدعاء أحد)، فلا توقف الدعاء فلا أحد يضيع وهو يدعو. فلماذا كلهذه الآيات والأحاديث عن الدعاء، إن هذا ينطوي على فكرة مهمة جداً لأنك عبد الله ومنأسمائه الحسنى العزيز، وهو لا يريد عبد العزيز أن يخفض رأسه لأي مخلوق، وكمثال علىذلك (ولله المثل الأعلى) عندما يقول لك خالُ أو عمُ وأنت في الغربة أو فاقد لوالديك: اوعى توطي راسك لحد... تعال لي في أي وقت وانا اعطيك بس لاتذل نفسك لأحد وانا حي.. ………………. كان هناك أحد التابعينيُدعى حماد بن مسلمة، كان يمشي في إحدى الليالي المطيرة في بغداد وسمع صوت إحدىالسيدات تتحدث من داخل منزلها وتقول: "يا رفيق ارفُق بنا، يا لطيف الطف بنا، يامُغيث أغثنا"، فشعر أنها لا تقدر أن تخرج من شدة المطر، فذهب وأحضر طعاماً وقدمهلها، فقالت: "ومن أنت؟ " قال: "حماد" ومشى، فقالت لها ابنتها: "يا أماهُ لمَ رفعتصوتك فجعلت حماداً بيننا وبين الله"، فقالت: "يا ابنتي ما رفعت صوتي ولكن الرفيقرفق بي فأتى به إلى الكوخ"، وهذه قصة بسيطة تعبر عما أريد قوله، ومن أكثر ما يميزالدعاء أنه يدخلك بسرعة إلى الله لأن فيه ذل وخضوع وبقدر ما تتذلل يستجاب الدعاء، فاذهب إليه بضعفك يُمدك برزّقه، اذهب إليه بِذُلّك يمدك بعزّه، اذهب إليه بفقركيُمدك بغناه، واحكي معه قُل له ياغني من للفقير إلا أنت، يا قوي من للضعيف إلا أنت، يا عزيز من للذليل إلا أنت، و ندعوا أيضاً ونقول: "اللهم إنا نسألك بعزك وذلنا،وقوتك وضعفنا، وغناك وفقرنا أن ترحمنا". وانظر إلى النبي _صلى الله عليه وسلم_ كيف كان يدعو الله، فقد كان يبسط يديه ويفتحهما وهو يدعو، وإذا كان الأمر جليا كأمريهم المسلمين أو معركة كان يرفع يديه حتى يظهر بياض إبطيه. ويقول النبي _صلىالله عليه وسلم_: " إن الله حيّيُ كريمُ يستحي أن يرفع العبد يديه ثم يردهما صفراًخائبتين"، فالكريم هو من يعطي دون أن يُسأل فكيف إذا سُئل...!!! والحديث القدسي يقول:" أنا عند ظن عبدي بي فليظن عبدي بي ما شاء"، فكيف هو ظنك بالله؟؟ فليكن ظنك به أنهسيغفر لنا، وسيحقق لنا الدعوات الخاصة التي كنا ندعوه بها سابقاً.. فليكن لديك ثقة فيالله، فهذا الموضوع من أكثر المواضيع التي وُجدت فيها الأحاديث والآيات واضحة لاتحتمل التأويل. وهناك حديث قدسي آخر يقول: " يتنزل الله تعالى إلى السماء الدنيافي الثُلث الأخير من الليل فينادي هل من مُستغفرٍ فأغفر له، هل من تائب فأتوب عليه،هل هناك من له حاجة فأقضيها له" يقول النبي _صلى الله عليه وسلم_: "وذلك في كلليلةٍ"، فقد تنام، أو تنسى، أو تسهو، ولكن هو كل ليلة ينادي عليك ليلبي حاجتك، فيامن لديه المشاكل والمصائب، يا زوجة يا من لم تنجبي، يا سيدات يا من لديكن مشاكل معأزواجكن، يا شباب يا من لديكم نقص في الرزق، فلتذهب له وتدعوه، كما كان الصحابةيجهزون لشهر رمضان بمجموعة دعوات محددة ويرتبونهم ويعرفون كم مرة سوف يكررنوها، فيقولون ندعو وندعو وندعو فوالله ينقضي رمضان ولا يأتي رمضان القادم إلا وقد أجابالله لنا ما دعونا به. وهذا الكلام مُجرّب، فسوف أحكي عن شيء عشته شخصياً، فكلالأشياء التي حدثت في حياتي كانت بسبب دعوات رمضان، فإنجابي وراءه دعواترمضان، والأعجب من ذلك كما حكيت من قبل أنني ظللت لمدة 10 سنوات لا أُرزق بالأولاد، ولكن الله رزقني بالولد بعد دعاء شديد يوم عرفات، وبعد هذه القصة كلما قابلت أحداًقال لي: لا تظن أنك وحدك ما حدث معه ذلك الموقف فهي ليست خصوصية فأنا أيضاً قد حدثمعي ذلك فهذا الولد معجزة من الله وآية في الدعاء. وانظر لسيدنا زكريا عندما قال: :"...وَلَمْ أَكُن بِدُعَائِكَ رَبِّ شَقِيّاً"(مريم 4)، أي أنني ما دعوتك قط ولمتستجب لي، فكن متأكداً أن الله سيستجيب دعاءك ويلبي لك طلبك. والقرآن يمتليء بكم هائلٍ من الدعوات وبالأخص الدعوات الصعبة المستحيلة، فانظرلدعوة سيدنا سليمان في عصر لا يوجد به تكنولوجيا، كما في قوله تعالى: " قَالَ رَبِّاغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكاً لَّا يَنبَغِي لِأَحَدٍ مِّنْ بَعْدِي..."، فهلتحققت له أم لا؟ وانظر لدعوة سيدنا إبراهيمكما في قوله تعالى: " وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَـَذَا بَلَداًآمِناً وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَرَاتِ......"(البقرة126)، فكم عمر هذهالدعوة؟ وكم عاماً استمرت الدعوة؟ إنها تستمر ألوف السنين، فاذهب لمكة لترى الرزقوقل: سبحان الذي يُجيب الدعاء. ودعوة سيدنا نوح تأخرت لمدة تسعمئة وخمسين عاماًحتى قال، كما في قوله تعالى " فَدَعَا رَبَّهُ أَنِّي مَغْلُوبٌ فَانتَصِرْ* فَفَتَحْنَا أَبْوَابَ السَّمَاء بِمَاء مُّنْهَمِرٍ * َوفَجَّرْنَا الْأَرْضَعُيُوناً فَالْتَقَى الْمَاء عَلَى أَمْرٍ قَدْ قُدِرَ ". ودعوة سيدنا يونس وهوفي بطن الحوت "...فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَن لَّا إِلَهَ إِلَّا أَنتَسُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ"(الأنبياء 87)، فاستجبنا له ونجيناهمن الغم. فعليك بالدعاء وأن تكون على يقين من الإجابة، فانظر لسيدنا زكريا إذقال كما في قوله تعالى: "قَالَ رَبِّ إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي وَاشْتَعَلَالرَّأْسُ شَيْباً وَلَمْ أَكُن بِدُعَائِكَ رَبِّ شَقِيّاً...."(مريم 4-5) أرأيتالثقة في الدعاء، فمن لديه هذه الثقة؟ ومن يقول أن الدعاء لا يُستجاب؟ فلا توجددعوة لا تُستجاب فمن أسمائه تعالى المجيب، السميع، والبصير، فلتُحيي الأمل في نفسكمرة أخرى وجهز دعواتك للعشر الأواخر. يقول عمر بن الخطاب: أنا لا أحمل همالإجابة ولكني أحمل هم الدعاء، فإذا أُلهِمت الدعاء، أُلهِمت معهُ الإجابة) ولذلك يقول رسول الله_ صلى الله عليهوسلم_: " من فُتِحَ له بابُ الدُعاءِ، فُتَحِت له أبوابُ الجنة"، فقضيتك الأساسيةكما قال سيدنا عُمر هي الدعاء وليس الإجابة فهذا أمر مفروغُ منهُ. يقول أبوهريرة :" كانت أمي ( وهي غير مسلمة) تتكلم عن رسول الله كثيراً وتؤذيني فيه، فذهبتحزيناً إلى رسول الله_ صلى الله عليه وسلم_ لأني لا أعلم ما يمكن أن يحدث لها، فقال : " مالك يا أبو هريرة؟ " قلت: " يا رسول الله أمي كذَّبتك ولم تؤمن بك وآذتني فيكفادعُ الله أن يهدي أمي "، فقال النبي: " اللهم إهد أم أبي هريرة، اللهم إهد أم أبيهريرة "، فقال: " فرجعت مُستبشراً بدعوة النبي _صلى الله عليه وسلم_ ولكن يحدونيالهم، فطرقت الباب فقالت: " من؟ " ، فقلت: "أبو هريرة"، فقالت: "مكانك"، ثم فتحت ليوقالت: " اسمع يا أبا هريرة أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً عبده ورسوله "،فبكيت وعدت إلى رسول الله وقلت له: " يا رسول الله لقد استجاب الله دعائك فقد أسلمتأمي "، فقال: " الحمد لله"، فقلت: " يا رسول الله اُدعُ الله أن يُحببني أنا وأميإلى المؤمنين ويُحبب المؤمنين إلينا "، ثم يقول: " فما سمع بي مؤمن في المدينة إلاوأحبني منذ ذلك اليوم ". وهنا يأتي السؤال هل تتذكر كمدعوةٍ دعوتها وأجيبت لك؟ فالمشكلة الكُبرى أن الشيطان يُنسيك، فقد كنت سابقاً تدعُالله ويُستجاب لك ليس في الحال، ولكن بعد مرور عدةِ أيامٍ ولكن الشيطان قد أنساكهذا، فلماذا ينسِيك الشيطان هذا؟ لأنه يعلم أن معك سلاح قوي جداً فلو علمت أن دعوتكتُستجاب تكون قد عرفت الطريق للمجيب السميع البصير، لذا ينسيك ويوهمك بأن أحداثالزمن هي التي حققت لك دعائك. ......... نحن الآن في أيام إجابةالدعاء وهي العشر الأواخر من رمضان، والتي من أوقاتها أيضاً الثُلث الأخير منالليل، وليلة القدر، والصائم عند فطره، وأثناء العمرة والحج، فها أنت لديك خمسأسباب تجعل من دعوتك دعوة مستجابة هذه الأيام، فاللصائم عند فطره دعوة لا تُرد ، وتتجلى عظمة الخالق في ناحية أخرى، فلو جئت الآن وطلبت منك أن تفعل شيئاً لي وجاءكشخص آخر أثناء حديثي معك يطلب منك طلباً آخر سوف تقول له أن ينتظر حتى تنتهي منحديثك معي ثم يستطيع أن يطلب منك ما شاء، فسبحان الله الذي لا يشغله سمعٌ عن سمع ،والذي في هذه الليالي العظيمة يطلُب الملايين منه طلبات مختلفة ويلبيها جميعاً،وهنا ترى العقيدة التي اكتسبها المسلمون بالفطرة فلا تجد أن أحداً يطلب من الآخر أنلا يدعو الله حتى يدعوَ هو فقط لأن كلنا موقنون أنه يسمعنا جميعاً. هل تعرف أنأكثر طريقة تذل بها نفسك لله تعالى هي الدعاء، وأكثر طريقة تُشعرك بقربك منه هيأيضاً الدعاء. شروط إجابة الدعاء: هل تريد أن يُستجاب لدعائك؟ إذن فاحفظ هذهالأشياء الأربعة والتي علّمها لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: 1. اليقين فيالإجابة: فكيف تريد المجيب أن يستجيب لك إن كنت لا تصدق أنه يستطيع فعل ذلك، فالرسول _صلى الله عليه وسلم_ يقول: " ادعوا الله وأنتم موقنون في الإجابة " مهماكان ما تريده بعيداً وصعب المنال، لذا أريد منك أن تزيد نسبة يقينك فلا تكون أقل من 99% فالرسول _صلى الله عليه وسلم_ يقول: " إن الله يقول إذا دعا أحدكم فلا يقل ربيلو شئت " فلا تدعو الله وتقول إن شئت أعطيتني سيارة أو كذا وكذا بل اعزم فيالمسألة. 2. الخشوع أثناء الدعاء: فالنبي _صلى الله عليه وسلم_ يقول: " إن اللهلا يستجيب من قلب غافل لاهٍ" فلتتخيل شخصاً يريد أن يرمي سهماً ولكن القوس مرتخيفسوف يسقط السهم تحته مباشرةً، لذلك يقول الله تعالى: "أَمَّن يُجِيبُ الْمُضْطَرَّإِذَا دَعَاهُ...."(النمل 62)، فلماذا المضطر؟ لأنه خاشع ولديه نائبه، وفي هذا يقولعبد الله بن عمر: " أنا أعلم متى يُستجاب دعائي"، فقالوا له:" كيف ذلك "؟ قال:" إذاخشع القلب واهتزت الجوارح ودمعت العين أقول هذا وقت إجابة الدعاء" يقول أحدالصالحين: " مثل المؤمن حين يُستجاب دعائه كمثل رجل في بحر هائج تحطمت به سفينتهفتعلق بخشبة، يريد النجاة من الأمواج فيقول:" "يارب، يارب"، فهكذا مثل المؤمن حينيُستجاب دعائه". 3. عدم الاستعجال: فالنبي _صلى الله عليه وسلم_ يقول :" يُستجاب لأحدكم ما لم يستعجل" فكيف يستعجل؟ بأن يقول دعوت الله ودعوت ودعوت فلمأرَه يُستجب لي فيترك الدعاء فلا يُستجاب له، وهذا كأن يقوم شخص ما بزراعة نبتة تحتالأرض فيسقيها ويرويها المرة تلو الأخرى حتى يَمَلّ بعد مرور أسبوع لأنها لم تنبتخارج الأرض بعد، فهناك بعض الأشجار تنبت بعد مرور عشرين عاماً فيتركها على الرغمأنها كانت على وشك الخروج ، لذا فإياك والاستعجال فهناك بعض الدعوات يدعوها الفردعشرة أعوامٍ حتى يُستجاب لها ، فقد تتأخر الإجابة لمصلحتك وقد تتأخر لأن زمانها لميأتِ بعد، وقد تتأخر لأن الله يريد أن يسمع صوتك فهو يريد أن يعلمك أن ترجع إليهكثيرًا، فربما إن أجابك سريعاً لن تأتِ إليه غداً، لذا فأنت تحتاج إلى بعض التدريبعلى القرب منه، فيسأل سبحانه وتعالى الملائكة: " يا ملائكتي أدعاني عبدي؟ يقولون: نعم ياربي، " يا ملائكتي هل ألحّ علي عبدي؟ فيقولون: نعم ياربي، " يا ملائكتي أخروامسألة عبدي فأني أحب أن أسمع صوته"، فالدعاء عبادة جميلة وهي من أحلى وأرقالعبادات، ففي بعض الأحيان خمس دقائق دعاء بقرب وذل شديدين تُعادل صلاة تراويح، فأحياناً تخاطبه وأنت ساجد وتقول يارب فتحس كأنك مالكٌ للدنيا وما فيها، وتحس بأنقلبك هو الساجد وبأنك لا تريد القيام من السجدة. 4. أكل الحلال: فقد ذهب سعد بنأبي وقاص إلى النبي _صلى الله عليه وسلم_ وقال:" يا رسول الله ادعُ الله أن أكونمُستجاب الدعوة "، قال: " يا سعد أطب مطعمك تكن مستجاب الدعوة" فبدأ في التركيزأكثر فأكثر في أكل الحلال فكان لا تُرَدُّ له دعوة ، بعض الناس يقولون لقد صعّبتهذا الأمر علينا فنحن لدينا بعض الشكوك، أقول لهم تصدّقوا كثيراً هذه الأيام، ولذلكيوصي بعض العلماء أن تجعل قبل دعائك صدقة حتى يتطهر مالك، يقول النبي _صلى اللهعليه وسلم_: )إن الله طيب لا يقبل إلا الطيب، ثم ذكر الرجل يطيل السفر، أشعث، أغبر- ودعوة المسافر مستجابة، فهو مستوفي لكل الشروط- فيرفع يديه ويقول يارب يارب- عشرمرات- ولكن مأكله حرام وملبسه حرام وغُذّي بالحرام فأنّى يُستجاب له)، لذلك يكفيكمع أكل الحلال أن القليل من الدعاء يستجاب لك. فلتحافظ على الشروط الأربعة لتضمنالدعاء والإجابة إن شاء الله، وكلما وجدت لحظات خشوع وعينك تدمع فعليك بالدعاء،فهذه لحظات إجابة، ولتنظر لقصة سيدنا زكريا، فكان كلما دخل على السيدة مريم المحرابوجد لديها رزقاً، إما طعام أو نعم من عند الله أو خضوع وخشوع وبكاء وكل هذا رزق منعند الله ، فالآية تقول: " هُنَالِكَ دَعَا زَكَرِيَّا رَبَّهُ...."(آل عمران 38)، فعندما رأى آيات من الله وقرب من الله رغم أنه ليس معه ولكن أحياناً عندما ترىشخصاً يعبد الله يرق قلبك وفي هذه اللحظة دعا زكريا ربه عندما رأى معجزات وآيات منالله "...... قَالَ رَبِّ هَبْ لِي مِن لَّدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً إِنَّكَسَمِيعُ الدُّعَاء فَنَادَتْهُ الْمَلآئِكَةُ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي فِيالْمِحْرَابِ أَنَّ اللّهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيَـى مُصَدِّقاً بِكَلِمَةٍ مِّنَاللّهِ وَسَيِّداً وَحَصُوراً وَنَبِيّاً مِّنَ الصَّالِحِينَ"(آل عمران 38-39)، فأينما تجد هذه اللحظات ادعو الله وقد تجدها في ليلة 27 من رمضان أو الليال الوتريةمن شهر رمضان أو وأنت تقرأ القرآن أو وأنت تقود السيارة ويرق قلبك فجأة فانتهزالفرصة وأدعو الله ولا تقل يجب أن أكون جالساً بل فضفض وتكلم مع الله بما يجول في قلبكوليس من الضروري أن يكون الكلام مُسترسلاً مُنمقاً بل يكفي أن تناجي الله بما فيقلبك باللغة العامية وليست الفصحى بالضرورة، فقد أتى رجل إلى النبي _صلى الله عليهوسلم_ وقال: "يا رسول الله أنا لا أجيد دندنتك ولا دندنة معاذ"، فقال له:" فماذاتقول أنت ؟ قال:" أقول اللهم إني أسألك الجنة، اللهم نجني من النار "، فقالالنبي صلى الله عليه وسلم: " حولها أدندن أنا ومعاذ ". منقول من منتدى عمرو خالد
الحلقة 22 - الدعاء عبادة الدعاء: عندما سألت نفسي ما هي العبادةالمناسبة لنعلمها في ليلة من...
الحلقة 23 - سيدنا لقمان

عظمة ومكانة سيدنا لقمان في القرآن:
اليوم نتحدثعن الأبناء والآباء، ونبدأ من أول قصة لُقمان، فهناك سورة قرآنية سُميت باسمه، وهذايدل على الشرف والمكانة والتكريم، فهذا الكتاب مُعجزةُ من الله تعالى، فالبحر،والسماء ، والنجوم ، والقرآن ، وكل حرف في القرآن أيضاً معجزة.
فتخيل عندما يذكرالله اسم شخص فى القرآن وليس فقظ اسمه، بل يجعل له سورة باسمه، ويذكره أيضاً بِأنهحكيم. فما هذه المكانة!! فنحن دائما نقول بأن لقمان حكيم، وهذا ما ذُكر في القرآنعندما قال الله تعالى:
"وَلَقَدْ آتَيْنَا لُقْمَانَ الْحِكْمَةَ ...." (لقمان12).
فالقرآن يشهد له أن ربنا أعطى له الحكمة . فهذا الرجل حكيم، وهذا أول شيء سأقفعنده. فالحكمة شيء غالي جداً، ولكنه مفتقد جداً. يقول الله تعالى:
" يُؤتِيالْحِكْمَةَ مَن يَشَاءُ وَمَن يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً ...." (البقرة269).
فما هي الحكمة؟
هي كلمات حق، وخيرٍ، وصلاحٍ، وهدايةٍ، تُنيروتحيي حياة بني آدم، وتُقال فى الوقت المناسب، وفى المكان المناسب للشخص المناسب. فمن الذي لديه الحكمة؟ إنني لن أتحدث الآن عن الآباء والأبناء، ولكن أتحدث عن لقمانالحكيم. جاءت الحكمة فى القرآن عشرين مرة، وهذا يدل على عظمتها ومكانتها، وبدأتالسورة بوصف الله تعالى للقمان بأنه حكيم، وكأن حكمته نور وقَبس من حكمة وعظمةالقرآن. فهل تقرأ القرآن كثيراً أَم لا؟ هل أخذت من حكمة ونور القرآن شيء؟ هلتتعامل مع الناس في الوقت الصحيح والمكان المناسب؟ أنا لن أقول أن كل الناس تستطيعأن تأخذ الحكمة، بل قليل منهم؛ لأنها تحتاج إلى بذل مجهود وأشياء أخرى سأقولها بعدقليل.
فالحكمة غالية، ولقمان حكيم، والحكمة هى كلمات نور، وخير، وإصلاح، وهداية،تُقال في الوقت المناسب، في المكان المناسب، للشخص المناسب، تُحيي به بني آدم. ومنالممكن أنك أحياناُ لا تعلم كلمة الخير التي تخرج منك، ولا تعلم أيضاً لمن ومتىتقولها؟ ؛ لأنك مُفتقد الحكمة ، فالحكمة شيءُ كبير، ولكن للأسف كثيرُ من الناسيفتقدها، وهناك آخرون يتحركون ويأخذون بأيدي غيرهم وهم يفتقدون إليها أيضًا.

كيف أخذ لقمان هذه الحكمة؟لكي تكون حكيماً، ويعطيك الله الحكمة فيجب أنيكون لديك أربع أشياء:

1.
التفكر في خلق الله، فالتفكر أيها شباب ليس عبادة فقط،بأن تنظر في خلق الله فتحبه، فهي الأصل، ولكن لها علاقة بشيءٍ آخر، فإنها توسعأقكار العقل وتجعله مُتفتحاً فيامن تعيشون في الغرب، وتتمتعون بالأماكن والمناظرالطبيعية الرائعة، إذا لم تستفيدوا من هذه الأماكن لكي تروا عظمة الله، وتنطلقالعقول مع رؤية هذا الكون الهائل عندما تتفكر فيها، فلن تفتتح عقولكم؟

2.
العلموالقراءة، فعندما تقرأ كتاباً، فإنك تأخذ حكمةَ وعقلَ شخصٍ آخر وتضعها فى عقلك،فمثلاً إن قرأت خمسين كتاباً، فأنت بذلك قد أخذت عقل وحكمة خمسين شخصاً بداخل عقلك،فكُلما تقرأ كتاباً كُلما تحفر بئر بترول في عقلك،
مثال آخر: شخص ألَف كتاباً بعدعشرين عاماً، فهذا الكتاب فِكرُ عشرين عاماً، لماذا أعطاه لنا؟ إما أنه يريد أنيحصل على المال؟ أو لعله يريد أن يوصل فكرتُه للناس ، وهذا من حقه، وبعد أن تقرأأنت هذا الكتاب وتقوم بإدخاله في عقلك فأنت بذلك أصبحت حكيماً، فيا أيها الشباب، لاتوجد حكمةُ بدون قراءة على الإطلاق.

3.
الاحتكاك، فكان لقمان عبد، ثم أصبح أجير،ثم مُدبر، ثم قاضٍ، ثم قاضي قضاة، وكان يسافر في الأرض ويختلط بالناس، فيا أيهاالآباء والأبناء، اجعلوا أولادكم يعملوا في الصيف حتى ولو كنتم أغنياء، يجب علىالابن أن يتعب ويشقى في الدنيا، ويا أيها شباب لا تجلس فى الصيف دون عملٍ واضعايديك على خديك، يجب أن تتحرك وتتعب وتعمل وتتعلم وتسافر وتختلط بالناس......
أعلمت كيفتأتي الحكمة؟
"يُؤتِي الْحِكْمَةَ مَن يَشَاءُ وَمَن يُؤْتَ الْحِكْمَةَ..." (البقرة269).
فيا سعادته وفرحته الذي أوتي الحكمة "...فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراًكَثِيراً ....".
فالذي يمتلك هذه الحكمة، لديه شيء كبير جداً.

4.
تنزل بين الناسويكون عندك نيةُ الإصلاحِ، فلن تخرج الحكمة إلا إذا بذلت الجهد في الإصلاح، فإذااحتككت وتعايشت مع الناس فستفهم احتياجاتهم، وتقول الكلام المناسب، في الوقتالمناسب، للشخص المناسب. فكثيراً من الناس لديهم الكثير من العلم، ولكنهم لم يعرفوااحتياجات الناس فيقول الشخص كلاماً لم يكن مناسباً لاحتياجات الناس فيؤدي إلىشيئين: إما أن يسمعوه وتطرب له آذهانهم، أو لا يفهمون منه شيئاً......

ولكن لقمانَ تعايشبين الناس واحتك بهم ففهم احتياجاتهم، فأصبح لقمانَ الحكيم الذي يستحق أن يُذكرَ فيالقرآن العظيم "وَلَقَدْ آتَيْنَا لُقْمَانَ الْحِكْمَةَ...."لقمان12. وبعد ذلك قيلله "... أَنِ اشْكُرْ لِلَّهِ... ".
فهذه الحكمة لم يأخذها الكثير من الناس، يالقمان كثيرُ من الناس حفظوا نصوصاً، ودرسوا جيلاً، لكنهم ليس لديهم هذه الحكمة،فهذه نعمة من عند الله، ويجب أن تشكر الله عليها.

حكمة وحياة سيدنالُقمان:
كان لقمان في بداية حياته عبد فقير، وبسيط، حبشي من النوبة، والآن سنعرفكيف أن تربية الأبناء ليس لها علاقة بالغنى أو الفقر. يا أيها الناس البسطاءالمستورون، لا تظنوا أن التربية السليمة مرتبطة بالغنى، فالتربية السليمة هىالأخلاق ، والقيم التي ليس لها علاقة بالفقر أو الغنى، فلقد بدأ لقمان حياته عبداًحبشياً بسيطاً يعمل نجاراً، ولكن حكمته هي التي حررته من العبودية.
كيف ذلك؟!
لقمانعبد، يعمل عند سيده ، فقال له سيده: "يا لقمان، اذبح عجلاً أو خروفاً، وخذ أطيب مافيه". فذهب لقمان وأخذ القلب واللسان. فقال له سيده:" اذهب، وخذ أخبث ما فيه". فأخذله لقمان القلب واللسان. فقال سيده:"ما هذا؟" فقال لقمان:" ياسيدي، وما أطيب ما فيالكون إن طاب، وما أ خبث ما في الكون، إن خَبُثا!".
فقال له:" اذهب، فأنت حُر".
وللأسف الشديد أن معظم الناس يسعون لتجميل وجوههم وأشكالهم الخارجية، ولكن من الذييسعى لتجميل ما بداخله؟
فكل البنات يقفن أمام المرآة ويصبغن شعورهن ويهتممن بشكلهن،ولكن من منهن تسأل نفسها هل هي جميلة بداخلها أم لا؟ فمن الذي يسأل عن الدُرِ؟!
هناك جبل يُطلق عليه- جبل الجليد- مساحة هذا الجبل 20% فوق المياه و80% تحت المياه،فمعظم الناس ينظرون للـ20%، ولكنهم لا ينظرون للـ 80%، بالرغم من أن الجبل بدون الـ 80% ينهار ويسقط.
فالذي يُشغَلُ نفسهُ من الخارج وينسى ما بداخله سينهار ويسقط،وأنا أحدث البنات خاصة، وأيضاً الأولاد الذين يذهبون إلى صالة الألعاب الرياضية ((gem وهم حريصون على أشكال عضلاتهم وأجسامهم وقوتهم،
لذلك كان النبي- صلى اللهعليه وسلم- عندما ينظرأمام إلى المرآة يقول: "اللهم كما أحسنت خَلقي، فأحسن خُلقي".
جميل جداً حكمة لقمان فأطيب ما فيها، إن طاب، وأخبث ما فيها، إن خبُث. فلسانك مغرفةقلبك؛ فهو يُخرج ما في قلبك، فانظر ماذا يُخرِجُ لسانُك؟
فهل لسانُك مغرفة قلبك؟.
هل تريد أن تعرف نوع الشخصية التي أمامك؟ فانظر إلى ما يقوله الشخص، فاللسان هومغرفة القلب والذي يُخرجُ ما بداخل الإنسان،
يقول النبي- صلى الله عليه وسلم-:"إنفي الجسد مُضغة، إذا صلُحت، صلُح الجسد كله، وإذا فسدت، فسد الجسد كله، ألا وهيالقلب."

بعد أن حرر لقمان، قرر أن يُهاجر من مصر إلى فلسطين، فلماذا ذهب إلىفلسطين؟ ومن الذي كان في ذلك الوقت فيها؟ إنه سيدنا داوود ، فلقمان جاء في وقتسيدنا داوود، فكان يقود أمة، وأتاهُ الله الحكمة والمُلك،
يقول الله تعالى: "وَشَدَدْنَا مُلْكَهُ وَآتَيْنَاهُ الْحِكْمَةَ وَفَصْلَ الْخِطَابِ " (ص20) لذاسيدنا داوود لديه الحكمة، وأتاهُ الله المُلك الشديد، وسيأتي بعده ابنه - سيدناسُليمان- ليبني أقوى مملكة في تاريخ بني إسرائيل ويقول: "... وَهَبْ لِي مُلْكاًلَّا يَنبَغِي لِأَحَدٍ مِّنْ بَعْدِي ....".
فجاء لقمان في وقت داود وهاجر ووصلإلى فلسطين، واشتغل أجير عند سيدنا داوود، ومن هنا تظهر شخصيتهُ وحكمته ببذلالجُهد، فالذي لديه حكمة سيعلو ويرتفع، وبدأ سيدنا داوود يُلاحظ عليه أنه إنسانمتميز، غير عادي، وكان سيدنا داوود يُعلِمُ صناعة الدروع ويصنع أمامه الدرع، فأرادلقمان أن يعرف ما هذا الذي يصنعه سيدنا داوود؛ لأنه أول مرةٍ يرى هذا الدرع، ولكنهصبر ولم يسأل عنه إلا في الوقت المناسب، وبعد أسبوع قال سيدنا داوود:" ونِعم الدرعللحرب"، ففهم لقمان ماذا كان يصنع سيدنا داوود، فالصمت من الحكمة. كيف؟! بأن تصمتفي الوقت المناسب، وتتكلم في الوقت المناسب.
وكان سيدنا داوود في هذا الوقت يحتاجإلى حُكماء يقومون بتربية الجيل الجديد؛ لأنه كان يبني أمة ودولة، فهل يوجد فيبَلدنا حُكماء يقومون بتربية الجيل الجديد؟ هل يوجد رموز للإصلاح؟ أم أنها هاجرت وتحطمت؟! ولمصلحة من الرموز لا تكبر؟ هل لمصلحة الجيل القادم؟ أليس هذا حرام؟ لكنسيدنا داوود فعل عكس ذلك، فكان يبحث عن الحُكماء ليُربي سُليمان، وجيل سليمان الذيسيقودُ فيما بعد، فداوود ما زال عظيماً، ولكن يوجد من هو أعظم منه وهو - سيدناسليمان- والجيل القادم، وهذا الجيل يحتاج إلى إعدادٍ كبير، وكثيرُ من الحُكماء،يقولون أن لقمان : " انتقل من عبد لأجير لمربي بني إسرائيل " وبذلك أصبح لقمان حكيممن حكماء بني إسرائيل. ومن ثم فقد انتقل إلى مُهمة كبيرة، وهي أنه سيُشارك داوود فيصناعة جيل النهضة (سليمان، وابن لقمان، وجنوده). وكأن الله كرْم المعلمين، وجعللقمان مثل يحتذى به من قِبل المربيين، فيجب على كل معلم أن يشعُر بأنه لقمان، وليسبأنه معلم؛ يأخد المال، ويعطي دروس خاصة.

كفاح وجوهرية دور لقمانكالأب:
وبدأ لقمان يُربي بني إسرائيل، فيختاره داوود لمُهمة عظيمة، بأن يكونقاضٍ لبني إسرائيل، ثم يصبح قاضي قضاة بني إسرائيل، أتتخيل هذا؟ مِن عبد إلى قاضٍ!! وأيضا كان داوود مثله، فكان في البداية راعٍ للغنم، ثم قتل جالوت، ثم".... وَآتَيْنَاهُ الْحِكْمَةَ وَفَصْلَ الْخِطَابِ " ، ثم قاد بني إسرائيل فصار أباسليمان.

ما أرغب في قوله: أيها الشباب، اجعلوا الأمل في قلوبكم واسعوا، فالعبد أصبحقاضي قضاة، والراعي للغنم أصبح نبياً حكيماً.

لذا فسيدنا داوود ولقمان لم يصلوا إلاببذل الجهد، والعمل، والإنتاج، والعبادة، والصلة بالله تعالى، فاتعب، وتعلم، واقرأ،واعمل، وسافر، وتحرك ولا تُضيِّع وقتك، والله يساعد الذين يعملون ويكدحون ومثال ذلكلقمان. فلقمان الآن أصبح قاضي قضاة بني إسرائيل، متزوج، لديه أبناء فلك أن تتخيل كمالنزاعات والجدل والمشكلات لبني إسرائيل، لذا فعمله شديد الصعوبة.

فلنترككل هذا ونتطرق للموضوع. وهو ذكر القرآن للقمان وهو يُربي ابنه، ولكن لم يذكُر حكمتهمع بني إسرائيل، فلماذا؟! لأن لقمان لم ينسَ ابنه، بالرغم من المشكلات التي يواجههاوحكمته العظيمة لبني إسرائيل، وبالرغم من اهتمامه ببني إسرائيل، إلا أن ابنه كان فيأول اهتمامه. ولكن أين ذكرت حكمته ؟ ذُكرت مع ابنه.
لذا فسر تشريفه في القرآناهتمامه بابنه. وهل ذكر القرآن باقي حكمته؟!! نعم ذكرها لنا في أثناء حديثه معسَيده ،
فماذا يريد الله منا؟
أول درس- كلمة للآباء- جوهرية دور الأب.
يا أيهاالآباء ألغوا التوكيلات الذي أوكلتموها لزوجاتكم.
كان الأب منذ عشرين عاماً يُشاركالأم في تربية الأبناء، ولكن في العشر سنواتٍ الأخيرة حدث توكيل وتفويض، حيث أنالأم تُربي، والأب يعطي المال، وهم متفقون على ذلك، ودلالة على ذلك عندما ينحرفالابن أو يدمن المخدرات، فماذا يفعل الأب؟ يقول للأم:" ماذا أفعل؟ فأنا أعمل وأدخرلكم المال، فما هو دورك؟" وتبدأ الأم في الدفاع عن نفسها وكأنها أخطأت، ولكن كانيجب عليها أن تقول له: "وما هو دورك أنت أيضاً؟" بمعنى نحن الاثنين مسؤلان عنالتربية، هل حقاً دور الأب الإتيان بالمال، والأم التربية؟ أم الاثنان مشتركان فيالتربية؟

أرأيت يوماً شخصاً يجدف في مركبة بمجداف واحد؟! بالطبع لا يستطيع أحد ذلك،فسيدور حول نفسه، لذا فيجب أن يتحركَ كلا من الأب والأم سوياً.

يا أيهاآباء، إن لقمان لم يكتفي بحكمته مع بني إسرائيل، وأنه يؤدي دوراً عظيماً في بلده،ولكنه جعل ابنه أول اهتماماته،
لذا فما قيمة حكمتك عندما تُصلح الكون، والفوضىعارمة في بيتك؟!! أين الحكمة في ذلك؟!
يقول مصطفى الرافعي حكمة جميلة: "إن منالفوضى والضياع، بأن تنظم الكون من حولك، وتترك الفوضى في بيتك".
أرأيتم سيدناإبراهيم مع ابنه إسماعيل،
هل يوجد أحدُ الآن منشغل مثل سيدنا إبراهيم؟!
يقول اللهتعالى: " فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ ...."(الصافات102).
بمعنى أنه عندما كبرسيدنا إسماعيل وأصبح مع أبيه. قال له: "... قَالَ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِيالْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ ..." (الصافات102).
أرأيتم العلاقة التي بين الأبوابنه؟ فما هو دور الآباء؟!!
سأسرد لكم قصة لعلكم تعلمون مقصدي، أعرف شاباً كان فيااثانوية ، وكان حارس مرمى يلعب كرة قدم مع فريق مدرسته، وكانت هناك في ذلك مباراةنهائية بين مدرسته ومدرسةٍ أخرى، فدعوا الآباء ليُشاهدوا المباراة، فجاء جميعالآباء ليشاهدوا المباراة، ولكن كان أباه منشغلاً عنه، فترجاه ليأتي معه هذهالمباراة، وبعد محاولات كثيرة من قبل العائلة، ذهب معه، وعندما نزل الشاب إلىالمباراة، رأى والده يتحدث مع من بجانبه ، والشاب يريد منه أن يراه ويشاهده، فحاولأن يقوم بأي استعراض؛ لكي تصفق له الناس ويراه أباه، ولكنه ظل منشغلاً عنه، وبعدذلك جاء رجل إلى أبيه، وهمس في أذنه؛ مما جعله يترك المباراة وينصرف، فيقول الشاب
:" وعلى الرغم من ذلك أكملت المباراة ولكن وأنا أبكي ولم انسَ هذه اللحظة"،
وتوفى أبيهبعد عشرين عاماً، وذهب الشاب إلى قبره، وقال لوالده في نفسه:" أنا لم أفعل لك شيء،ما الذي كان أهَمُ مني"؟!!. كنت أريد أن أعانقك".
فيا آباء تعلموا من هذه القصة،واعلموا أن الله لم يذكر إلا حكمة لقمانَ مع ابنه، ولم يذكره في القرآن إلا "وَإِذْقَالَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ ...."(لقمان13).

ذهب بعضالأمريكيون منذ حوالي عشرُ سنين إلى السجناء، وقالوا لهم:
"أتودون أن ترسلوا برقيةوبطاقات مُعايدة لأمهاتكم في عيد الأم؟" فأقبل جميع السجناء، وأرسلوا الكثير منالبرقيات لأمهاتهم، لدرجة أنهم اشتروا كميات كبيرة من البطاقات والبرقيات، وعندماسألوا السجناء في عيد الأب نفس السؤال رفضوا أن يشتروا البرقيات. فأجرى الأمريكيوندراسة، واكتشفوا أن كثير من السجناء يشعرون أن آبائهم هم السبب؛ لأنهم لم يهتموابهم....
واعتذر؛ لأن بي وجع – فسببت لكم الآلام فيا أيها الأب إن ابنَكَ بحاجة إليك،ورعايته ستدخلك الجنة، يقول النبي- صلى الله عليه وسلم-:" لئن يؤدب أحدكم ابناً،خيراً من أن تتصدق بطاعة".
فتخيل كل يوم تُربي فيه ابنك، كأنك تتصدق. يقول النبيصلى الله عليه وسلم-:" لا يغرس رجل غرساً، فيأكل منه طيراً أو إنسان، إلا كُتب لهبه ثواباً يوم القيامة"
فكيف بثواب الذي يغرس ابنه؟ فإنك تغرس ابن يعبد اللهويطيعه، يقول النبي- صلى الله عليه وسلم-:"من كان له ثلاث بنات، فيؤدبهُن،ويُكرمهُن، ويرحمهُن، كُنا له ستراً من النار".

رسالة للأباءوالأمهات:
1.
جوهرية دور الأب (هذا الذي تحدثنا عنه من قبل).
2.
الأب والأمالقدوة، "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ * كَبُرَ مَقْتاً عِندَ اللَّهِ أَن تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ " (الصف 2-3). فلقمان الحكيم لم يفعل ذلك على الإطلاق، فهل أنت قدوة وأنت تأبى أن تعظ ابنكوتنصحه، فأفضل وسيلة تعظ بها ابنك أن تصمت، وتكون قدوة في نفس الوقت،
فابن لقمان يرىكيف يتعامل أبوه مع أمه، وكيف يتعامل مع الناس، ويرى أخلاق لقمان. فهل أنت مَثلُأعلى لابنائك؟ هل أنت حريص عليهم؟
هناك مثل سوري جميل جداً يقول:" عدْ لمائة قبل أنتكذب على الناس، وعدْ لمليون قبل أن تكذب أمام ابنك، وعدْ لمليار قبل أن تكذب علىالله".
فهل أنت أب قدوة؟
هناك مدرس كان يسأل الطلاب يوماً ما: ماذا يريد كل طالب أنيعمل؟
وكانوا على بلد حدودية مع بلد ثانية، وكان منتشر فيها تهريب البضائع، فقال لهطالبُ:"أريد أن أصبح مُهرباً". فضحك الطلاب، والطالب لم يفهم لماذا ضحكوا عليه!! فالولد بريء يريد أن يكون مثل أبيه مُهرباً..!!

كان سيدنا علي بن أبي طالب جالس معسيدنا عُمر بن الخطاب، وعندما رأى سيدنا عمر الغنائم آتية من فارس، لدرجة أن جزءبسيط من الجواهر التي تستطيع أن تضعها في جيبك، موجودة في مكانها بالمسجد، فقالسيدنا عمر:"إن قوماً أدوا لي هذا، لأُمناء."، فرد عليه علي بن أبي طالب قائلاً:" ياأمير المؤمنين، عَفوت فاعفوا، ولو ركعت لركعوا".
فنحن نُحدث الحكماء، والمسؤلين،وأيضاً أنفسنا وللآباء، فقبل أن تلوم ابنك أو ابنتك على ذنبٍ اقترفوه، لُم نفسكفإذا عَفوت فاعفوا، ولو ركعت لركعوا.

مواعظ لقمان:
انظر إلى الآيات التييعظُ فيها لقمان ابنه، إنها صفحة كاملة من القرآن تتحدث عن مواعظ، فإن لم يكن لقمانقدوةً وحكيماً، فلم يسمعه ابنه؟ فأين الأب والأم القدوة؟ أريد من كل أب وأم أنيتعلم من هذه الآيات كيف يُربي ابنه؟ وأريد من كل ابن أن يعرف كيف يتعامل مع أبيهوأمه؟
" وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يَا بُنَيَّ لَاتُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ* وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَبِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْناً عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِأَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ* وَإِن جَاهَدَاكَ عَلى أَنتُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِيالدُّنْيَا مَعْرُوفاً وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّمَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ* يَا بُنَيَّ إِنَّهَا إِنتَكُ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِّنْ خَرْدَلٍ فَتَكُن فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِيالسَّمَاوَاتِ أَوْ فِي الْأَرْضِ يَأْتِ بِهَا اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌخَبِيرٌ* يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلَاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِالْمُنكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ* وَلَا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحاً إِنَّاللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ* وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ وَاغْضُضْمِن صَوْتِكَ إِنَّ أَنكَرَ الْأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ""


ما معنى هذهالآيات؟ وما هي الأولويات التي أُربي بها ابني؟ وكيف جعل لقمان ابنه يصغي إليه؟ فياآباء ويا أمهات، كيف نجعل أبناءنا يستمعون إلينا؟ فالأباء والأمهات بحاجة لتعلُمِحكمةُ لقمان، والأباء يعظون وينصحون أبنائهم ولكن بلا جدوى ، فعلينا أن نفكر كيفومتى ننصح أبناءنا، نحتاج للأب الصديق الذي يُصاحب ابنه وابنته، فيخرج معهم، مثالُ: أنا وابنتي نخرج معاً، أو أصحب ابني-البالغ 6 سنوات-وألعب معه أي رياضة، أنا وابنيأصدقاء، فنحن نُعلُِم الأب المُربي، والأب الموجه، ولكن هل يوجد الأب الصديق الذييستمتع بصحبة ابنه؟!! وهل يوجد الأب والأم اللذان يُصاحبان ابنتهما وابنهما،ويتحدثون مع بعضهم البعض، ويتبادلون الآراء سوياً؟! لذا فنحن بحاجة إلى الأب الصديقخاصة في هذا الزمن، قبل أن تُفاجيء بكارثة حدثت لهم.

يا أيها الآباءوالأمهات، إياكم أن تلجأوا للموعظة { وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ وَهُوَيَعِظُهُ..{ فهناك أمر مهم جدا قبل الوعظ ألا وهو هل سيسمع الابن منك أم لا؟ هل أنتأب صديق وحريص على هذه الصداقة أم لا؟ فالأب الصديق الذي يفهم احتياجات ابنه وابنتهبمجرد نظرة من أعينهم، فمثلاً عندما جاءت زوجة موسى إلى والدها وقالت له "... يَاأَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ " (القصص26)، فذهب والدها إلى سيدنا موسى وقال له: "إني أريد أن أنكحك إحدى ابنتيهاتين". فالأب فهم احتياجات ابنته عندما قالت له أنه شابقوى وأمين،
وأيضاً الأبالصديق كالنبي- صلى الله عليه وسلم- والسيدة فاطمة، فكان يقبلها في رأسها عندمايدخل أو يخرج من المدينة، وكان لا يدخل المدينة إلا إذا قام بزيارتها، وكانت بينهمعلاقة خاصة وحميمة، وقبل أن يموت قال لها سر في أذنها، فبكت، ثم قال لها سر أخر،فضحكت. فقالت لها السيدة عائشة: "ماذا يخبرك؟" فقالت لها:" ما كُنت لأفشي سر رسولِالله". وبعد وفاة رسولِ الله، قالت لها السيدة عائشة:" ماذا كان يُخبرك رسولالله؟". فقالت فاطمة: " قال لي أول مرة، إني ميت الليلة، فبكيت، وقال لي ثاني مرة،أنتِ أول أهلي لحوقاً بي، فضحكت." فكان من الممكن أن يقول رسول الله للناس إنه ميتالليلة، ولكن توجد علاقة حميمة بينه وبين ابنته، فهل يوجد الآن هذا الأب الصديق؟!
وأيضاً عندما قال سيدنا إبراهيم لابنه - سيدنا إسماعيل- "فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُالسَّعْيَ قَالَ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَفَانظُرْ مَاذَا تَرَى قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِن شَاءاللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ " (الصافات102) تخيل إذا كان قد قال سيدنا إسماعيل لاأريدك أن تذبحني، هل كان يذبحه ؟ نعم سيذبحه لأنه أمر من الله تعالى، ولكن لماذاقال له "فَانظُرْ مَاذَا تَرَى.."؟! لأنه يوجد علاقة حميمة تسمح لهم بالمناقشة فيكل شيء،
وعندما قال سيدنا إبراهيم: "يا بني إن الله أمرني أن ابني له بيتاً" فقالله سيدنا إسماعيل :" يا أبتِ، اطع ربك." فقال له:"وتُعينُني؟" فقال:"وأعينُك". وبنوا البيت سوياً.

أولويات وصايا لقمان:
ونستكمل الآيات "وَإِذْ قَالَلُقْمَانُ لِابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يَا بُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّالشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيم" (لقمان13)
فتوجد أولويات لتربية الأبناء مثل:
1.
معرفة وحُب الله، أول شيء ستغرسه في أولادك حُب الله... كيف؟ نحن جميعاً نعمل بشكلٍنظري، ولكن علمتنا الآيات شيئين: شيء نظري، وشيء عملي،
فالنظري مثل "وَإِذْ قَالَلُقْمَانُ لِابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يَا بُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّالشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيم"
والعملي بعدها بآيتين "يَا بُنَيَّ إِنَّهَا إِن تَكُمِثْقَالَ حَبَّةٍ مِّنْ خَرْدَلٍ فَتَكُن فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّمَاوَاتِأَوْ فِي الْأَرْضِ يَأْتِ بِهَا اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِير"
" فبينماكان لقمان يمشي مع ابنه في الطريق، رأوا حبةٍ من خردل، ليس لها أي قيمة، فألقاهابين الصخور، وقال له:"إن الله تعالي مُطلع عليها" فلقمان يُعلم ابنه اسم اللهالرقيب، والسميع، والعليم، وذلك من خلال شيء عملي. لذا فأنت مُطالب بأن تغرس حُبِالله، ومعرفة عظمته في ابنك، وذلك عندما يبلغ من العمر خمس سنوات، ثم تطبقهاعملياً، يا أيها الآباء والأمهات، كيف يصلي ابنك ويتقرب من الله وهو يراك على خلافذلك؟!! فتخيل ابنك استيقظ من النوم؛ لكي يشرب، ورأى والده يُصلي الفجر، فإنها أقوىموعظة عن الصلاة، وأكثر من ألف درس موعظة للصلاة، أعلمت كيف تغرس معرفة وعظمة اللهفي ابنك؟ بالكلام النظري، وبالتطبيقات العملية.

2.
بر الوالدين، إنها ثاني وصية " وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ...." (لقمان14) فأولوصية وصاها لقمان لابنه أثناء حديثه عن بِر الوالدين، وصيته عن أمه، فيا حبذا عندمايراك ابنك تتحدث عن أمه بكلامٍ طيب، فيا أيها الآباء والأمهات لا تظهِروا مشاكلكمأمام أبناءكم؛ لإنك تعاقبه، تؤذيه، وتحطمه، فأكبر كارثة عندما يتشاجر الأب والأم،وكلاً منهما يتحدث مع ابنه عن الطرف الثاني. اسعد كثيراً عندما أرى أم مطلقة وهيتتحدث عن زوجها السابق أمام ابنها بطريقة جيدة، فإن تحدثت عنه بكلام سيء فإنهاتعاقب، وتحطم، وتؤذي ابنها من داخله، وإنني لأحزن كثيراً عندما أرى أماً تشاجرت معزوجها فتحرمه من رؤية ابنه، أو أباً يحرم أماً من رؤية ابنها، فعندما تحدث لقمان عنبِر الوالدين، تحدث عن الأم والأب، ثم تحدث عن الأم، وذكر كيف أنها تتعب من أجلابنها، وكيف حملته في بطنها وهناً على وهن، فيا أيها الآباء والأمهات، قصة لقمانتهدف لتعليمكم كيفية تربية الأبناء، فحذاري الابتزاز العاطفي،
فمثلاً يقول الأبلابنه:" سأعطيك هذا، لكن افعل مع أمك هذا"
أو عندما يخطئ الابن في حق أمه ولا يفعلالأب له شيئاً، أما إذا أخطأ في حقه فيعاقبه، والعكس صحيح....

يُعلمنا لقمان درس مهمجداً ألا وهو أن يكبر الأب الأم في عين أولادها، وأنتِ تكبرَ الأم الأب في عينأولاده.

وسأتحدث الآن مع الأبناء في بر الوالدين، كيف حالكم مع الوالدين؟ "وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ..."(العنكبوت8) ، يقول النبي _ صلى اللهعليه وسلم_ :
" احفظ ودْ أبيك، لا تقطعه، فيُطفىء الله نورك"،
ولم يقل النبي احفظصلة أبيك، ولكنه قال وده وقم بإرضائه، وإلا فلن تشعر بحلاوة الدنيا، ويقول النبي _ صلى الله عليه وسلم_ :
"من أَحدْ النظر لوالديه، فأنا برىء منه يوم القيامة"
فمن نظرإلى أمه وأبيه بنظرة غيظ وغل وضيق، فالله برئ منه، فإياك وجرح قلوبهم، وإياك! والكذب عليهم، أو أن تفعل شيء دون علمهم،
يُحكى أنه كان في زمن النبي _صلى اللهعليه وسلم_ شاب يسمى علقمة، كان كثير الاجتهاد في طاعة الله، وفي الصلاة، والصوم،والصدقة، فمرض واشتد مرضه، فأرسلت امرأته إلى رسول الله_ صلى الله عليه وسلم_ :" إنزوجي علقمة في النزاع فأردت أن أعلمك يا رسول الله بحاله" . فأرسل النبي _صلى اللهعليه وسلم_: عماراً وصهيباً وبلالاً وقال امضوا إليه ولقنوه الشهادة، فمضوا إليهودخلوا عليه فوجدوه في النزع الأخير، فجعلوا يلقنونه لا إله إلا الله، ولسانه لاينطق بها، فأرسلوا إلى رسول الله _صلى الله عليه وسلم_ يخبرونه أن لسانه لا ينطقبالشهادة فقال النبي _صلى الله عليه وسلم_ :" هل من أبويه أحد حيّ ؟"، قيل:" يارسول الله أم كبيرة السن" فأرسل إليها رسول الله_ صلى الله عليه وسلم_ حتى أتت،فسلَّمت فردَّ عليها السلام وقال:" يا أم علقمة أصدقيني وإن كذبتيني جاء الوحي منالله تعالى، كيف كان حال ولدك علقمة؟" قالت :" يارسول الله كثير الصلاة، كثيرالصيام، كثير الصدقة". قال رسول الله_ صلى الله عليه وسلم_:" فما حالك؟" قالت:" يارسول الله أنا عليه ساخطة"، قال:"ولما ؟ "، قالت:" يا رسول الله كان يؤثر علىَّزوجته، ويعصيني" فقال رسول الله_ صلى الله عليه وسلم_: "إن سخط أم علقمة حجب لسانعلقمة عن الشهادة،
ثم قال:" يا بلال انطلق واجمع لي حطباً كثيراً"، قالت الأم: يارسول الله وما تصنع؟ قال :"أحرقه بالنار بين يديك".
قالت:"يا رسول الله إنه ولديولا يحتمل قلبي أن تحرقه بالنار بين يدي".
قال:" يا أم علقمة عذاب الله أشد وأبقى،فإن سَرك أن يغفر الله له فارضى عنه، فوالذي نفسي بيده لا ينتفع علقمة بصلاته ولابصيامه ولا بصدقته مادمت عليه ساخطة"،
فقالت:" يا رسول الله إني أشهد الله تعالىوملائكته ومن حضرني من المسلمين أني قد رضيت عن ولدي علقمة".
فقال رسول الله _صلىالله عليه وسلم_: "انطلق يا بلال إليه، فانظر هل يستطيع أن يقول لا إله إلا الله أملا ؟ فلعل أم علقمة تكلمت بما ليس في قلبها حياءً مني"
فانطلق بلال فسمع علقمة منداخل الدار يقول:" لا إله إلا الله" ...

أرأيتم ماذا حدث لعلقمة؟ فإنه لم ينطقبالشهادة؛ لأنه كان يأخذ لامرأته الفاكهة الطيبة، ويعطي لأمه الفاكهة السيئة، فكُسرقلب أمه، يا ترى كيف كسرت أنت قلب أمك؟ أتتذكر عندما طلبتك على الهاتف وأغلقته كيلا ترد عليها وجعلتها تبحث عنك طيلة اليوم؟ أم تتذكر عندما أغلقت الباب في وجهها؟فإياك وكسرة القلب.

فيا أيها شباب "وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَبِوَالِدَيْهِ..." فالتعلموا أن أكثر وصية أخذت وقت، هي وصية بر الوالدين. فكلالوصايا كلمة أو كلمتين، ولكن وصية بِرالوالدين آيتين كبيرتين،
يقول النبي_ صلىالله عليه وسلم_:" ثلاثة لا ينظر الله إليهم يوم القيامة: العاق لوالديه......" بمعنى أن الله لا يكلمك ولا يزكيك إذا عققت والديك.

يقول النبي _صلى الله عليهوسلم_ : "لا يدخل الجنة عاق، حتى يقضى بين الخلائق"
لذا فآخر من سيحاسب العاقلوالديه.
فهل من أحد الآن دخل عليه رمضان وهو عاق لوالديه؟!!
أتعلمون لماذا قال جناح الذُل؟
فهل الذُل له جناح؟!!
أتعلمون عندما تتشاجر الطيور، كيف يستسلم الطائر لوقفالمعركة؟
يفرد الطائر جناحيه، وينزلهما إلى الأرض، ويخفض جسمه، وهذا معناه أنهاستسلم.
فالله تعالى يقول لك هل تستطيع أن تفعل مثل ما فعل هذا الطير؟ هل تستطيع أنتقبل يد أمك، وتقول لها ادعي لي؟ هل تُعاندها؟ إياك والعناد مع والديك.
أعرف رجلسوري متزوج امرأة تشيكية، رأيت ابنتهم –أثناء خروجهم من المحل- ذاهبة لأبيها لتقولله:" انتظر يا أبي" فنزلت أمام جميع الناس؛ لكي تربط حذاء والدها.

فصاحب أمك "...وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفاً .."
ما معنى أن تصاحبهما؟
أتعلمونالرجل الذي جاء للنبي وقال له:
" يا رسول الله، من أحق الناس بحُسن صحابتي؟"، فقالرسول الله:" أمك". فقال له:" ثم من؟" قال :" أمك" فالرجل يريد أن يعرف أحداً آخر،فقال له:"ثم من؟"، قال :" أمك" فقال:" يا رسول الله علمت أنها أمي، ولكن من بعدأمي؟"، قال:" أبوك".
فهل أنت مصاحب لوالديك؟
أم صديق أصحابك والكمبيوتر والمحادثةعلى الانترنت ، ولا تتحدث مع والديك، وليس لك علاقة بهم؟!!
فلقمان يذكر ابنهبذكريات الماضي مع أمه عندما حملته وهناً على وهن، فإذا أردت أن يُحن قلبك على أمك،تذكر أيام الماضي عندما كانت تحملك في بطنها، ونقص من جسمها الحديد والكالسيوم؛ لكيتُغذيك وهي سعيدة بذلك. وكانت لديها أحلام كثيرة جداً مثلك الآن، ولكنها تنازلتعنهم بسببك، ولذلك الآيات تُذكرك بالماضي
" وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِحَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْناً عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْلِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ"(لقمان14).

3.
إقامة العبادة، تجعلابنك يصلي" أَقِمِ الصَّلَاةَ...."
4.
الإيجابية في الحياة، "... وَأْمُرْبِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ"
فانزل وأصلْح في الأرض، واصبر على أي شيء يُصيبك،واسعى في الدنيا، واعمل في الصيف، واختلط بالناس، وكن إيجابياً.


5. الأخلاق،"وَلَا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ..."
فلا تتكبرعلى أحدٍ، ما معنى تُصعر؟!
كانالصُعار مرض يُصيب الإبل، فتتلوي عُنقها، ولا تستطيع أن تُرجعها مرة أخرى...

" وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحاً إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّكُلَّ مُخْتَالٍ فَخُور"ٍ
فكن متواضعاً، ولا تتكبر على الفقراء.
6.
اجعل لك هدففي حياتك، "وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ.." اجعل لحركاتك قصداً وهدفاً ومُراداً.
7.
الأدب والذوق، "وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ وَاغْضُضْ مِن صَوْتِكَ إِنَّ أَنكَرَالْأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِير"ِ تحرك بروية، واخفض من صوتك، وتعلم الآدابوالذوقيات.

كلمة للآباء والأمهات:
هذه وصايا لقمان لابنه، ولكن هناك كلمةأخيرة أريد أن أقولها للآباء والأمهات، أرأيتم لقمان كيف يتحدث مع ابنه؟
تحدث معهبلغة العاطفة، ففي جميع الوصايا كان يقول له: "يا بني".
فأين لغة العاطفة يا آباءَ؟
ابنك وابنتك بحاجة إلى الحب والحنان خاصة البنات، فإذا كانت لا ترى هذا الحب فيالبيت، فأخشى أن تبحث عنه خارج البيت.
فمثلاً بدلا من أن تقول لها:" ستكوني فاشلةإن فعلتِ كذا وكذا " أو " ستموتين كلما قدت السيارة بهذه السرعة ". فبذلك ستفشلحقاً، ولكنك استخدمت لغة العقل. فهل من الممكن أن تضع لغة العاطفة قبل لغة العقل؟
مهما كنت أيها الأب شديداً.. يقول الشباب للآباء:
" إلمس قلبي؛ كي أسمعك، ومُر منقلبي على عقلي؛ كي أفهمك".
الشباب يُريد من يكلم قلبه، يا آباء قبل أن يعظ لقمانابنه قال له:" يا بني" هذه ليست كلمة عابرة، ولكنها أحاسيسُ، وحبُ، وحنانُ،وعاطفةُ، عبر عنها بكلمة (يا بُني).
وكان النبي_ صلى الله عليه وسلم_ لا يعِظأحداً، إلا وجه له لفتة عاطفية،
فعندما أراد نصح معاذ بن جبل قال له بعد أن أخذبيده ومشى به: " إني أحبك، فلا تنسى أن تقول بعد كل صلاة، اللهم أعني على ذكركوشكرك وحسن عبادتك".
أرأيتم كيف استخدم أولاً لغة العاطفة؟ أمسك بيديه وقال له أنااحبك، وبعد ذلك وعظه.
مثال آخر: كان ابن عباس رجل شديد الذكاء يقول:" ضمني رسولالله _صلى الله عليه وسلم_ إليه وقال اللهم علمه الحكمة وتأويل الكتاب" فرسول اللهيريد أن يقول له اعمل وتعلم، لكن أرأيت طريقته في حديثه مع ابن عباس؟
أعرف قصة حدثتلبنت مسلمة بكستانية اسمها لينا، تعمل في رعاية الأسر التي لديها مشكلات معالمخدرات في إنجلترا، جاءت لها أم وقالت لها:" ابني مدمن مخدرات منذ أكثر من 15عاماً، وأريد أن أطرده من البيت؛ لأنه سيدمر إخوته، وأنه مُقذذ، و... و...."
فقالتلها لينا:" متى آخر مرة ذكرتي له إنكِ تحبيه؟"
فقالت لها:" هذا شخص مُقذذ، كيف أقول له أنيأحبك؟!! أنا لا أستطيع أن أقولها".
فقالت لينا:" هل من الممكن أن تعودي إلى بيتكوتحبينه من قلبك بصدق؟".
وبعد أسبوع عادت الأم إلى لينا وقالت لها:" عندما عدت إلىالبيت، جلست مع ابني على المنضدة واستحضرت نيتي، وضغطت على نفسي، وصدقت النية معالله"
فقال ابني:" ما بكِ؟" أحدث شيء؟"
فنظرت إليه وقلت له:"أنا احبك؛ لأنك ابني،ومهما فعلت أنا احبك."
فبكى ابني المُدمن، وبكيت وضميته إلى صدري. وقرر الابن أنيبدأ بالعلاج".

[FO