ليدي لين راسل
ليدي لين راسل

" شعرة الذئب "

.
.
|






مقالة رائعة جداً جداً وفيها عبرة وخاصة للأزواج ...


طوال السنوات الخمس التي مضت على زواجها كانت العلاقة بينها وبين زوجها طيبة، مع ما كان يشوبها بين الحين والآخر من مشكلات تنغص عليها حياتها لبضعة أيام، ثم تعود المياه إلى مجاريها، ولكن الحال ازداد سوءا في الأشهر الأخيرة، وصارت تشعر بعدم السعادة في معظم أيامها، وضاقت بها الدنيا مع رحابتها، وقلبت في رأسها الوضع برمته، واستعرضت كل الطرق التي كانت تسلكها لإعادة الأمور إلى ما كانت عليه، فوجدت أنها بحاجة ماسة لمشورة من هو أكثر حكمة منها، وقريتها لم يكن بها من الحكماء الكثير، ومع ذلك كانت خائفة من أن تسري في القرية أخبار خلافها مع زوجها، كما خشيت أن تستغل بعض النسوة ذلك وتتقرب إلى زوجها فتخسره إلى الأبد، ولم يقطع عليها سرحانها سوى تحية ألقتها عجوز معروفة في القرية بدهائها ورجاحة عقلها، ردت عليها التحية بمثلها، فرمقتها العجوز بنظرة شعرت من خلالها الشابة وكأن السر الذي تحاول أن تخفيه مكشوف أمام هذه العجوز التي مضت في طريقها تتوكأ على عكازها وظهرها المحني إلى الأمام يحمل حكمة السنين وخبراتها، وكانت كلما ابتعدت العجوز زادت الرغبة عند الزوجة الشابة في اللحاق بها، طرقت الباب الذي لم يكن مغلقا أساسا ثم دفعته ودخلت لترى وجها أناره فم باسم يتحرك به لسان عذب الكلام، وبداخله بقايا أسنان كأنها أعمدة مسرح روماني قديم كانت به في يوم من الأيام حياة زاخرة بالنشاط والحيوية، حيتها العجوز وطلبت منها الجلوس وسألتها عن سبب حزنها وهمها، فأخبرتها بسوء العلاقة بينها وبين زوجها، وأنها صارت عاجزة عن التواصل معه، وطلبت من العجوز وصفة تعيد الصفاء لحياتها، فقالت العجوز: لك عندي وصفة ستعيد السعادة لحياتك، ولكني لن أعطيها لك إلا إذا جئت لي من ظهر ذئب القرية بشعرة، فقالت الشابة: وكيف لي وأنا امرأة ضعيفة أن آتيك بشعرة من ظهر ذئب شرس لم يقدر عليه شباب القرية الأقوياء؟ ردت العجوز بهدوء شديد قائلة: هذا شرطي، أحضري لي شعرة من ظهر الذئب وأنا سأعطيك وصفة تعيد الصفاء لحياتك مع زوجك، خرجت الشابة حائرة مهمومة ولكنها مع ذلك كانت تفكر بطريقة تصل بها لظهر الذئب دون أن يفترسها، وانتهى بها التفكير إلى أن تلقي له بقطعة من اللحم كل يوم ومن بعيد دون أن يراها، ثم صارت تلقي له قطعة اللحم من بعيد أيضا ولكنه كان يراها، حتى ألف وجودها، ثم صارت تلقي له قطعة اللحم عن قرب، فإذا أكلها اقترب منها يعبر لها عن شكره وامتنانه، ولاحظت أنه كان ينتظر مجيئها، ثم صارت المسافة بينهما قريبة جدا، ولم تعد تخشاه فقد كانت علامات سعادته بقربها كبيرة، وانتهى بها المطاف إلى أن صارت تطعمه بيدها، عندها أخذت الشعرة من ظهره وعادة للعجوز مسرعة، فأخبرتها القصة كاملة، فقالت لها العجوز: من امتلكت القدرة على ترويض ذئب شرس قادرة بلا شك على حسن التعامل مع زوجها، اذهبي لدارك وفكري بالطريقة نفسها التي قربتك من الذئب حتى صار صديقا حميما لك، عندها لن تعدمين الوسيلة التي تقرب زوجك منك، ولن يكون زوجك أكثر شراسة من ذلك الذئب، تذكري فقط أنك حين كان هدفك الوصول لظهر الذئب، فكرت بكل الطرق الموصلة لذلك وتغلبت على خوفك بحسن تفكيرك، وتأكدي أنك ستصلين لمرادك مع زوجك لو امتلكت نفس الحكمة والهدوء والشجاعة.
.
.
|
ليدي لين راسل
ليدي لين راسل


" بين نظارات العيون ونظارات العقول "









كان شابا طويل القامة نحيفا، وضع على عينيه نظارة سوداء ضخمة أحاطت بعينيه إحاطة كاملة، وكانت علامات القلق بادية على محياه، وحين دعوته لدخول مكتبي لاحظت برود مصافحته، ولم يخطر في بالي للحظة أنه يبصر، فقد أوحت لي النظارة السوداء على عينيه بأنه كفيف، ولم يبدد هذه الصورة سوى ما قاله بعد أن جلس: ديكور المكان جميل جدا، ولكن إضاءته ضعيفة للغاية، تبسمت، وقلت هل إضاءة المكان هي السبب أم نظارتك السوداء، عندها انتبه فخلعها، وملامح الخجل والإحراج كانت بادية على وجهه، داعبته في محاولة مني لتقليل حرجه فقلت: كلنا نقع فيما وقعت فيه، وكثيرون هم الذين ينسون نظاراتهم على عيونهم ويسألون عنها، وكثيرون غيرهم الذين يمسكون أقلامهم بأيديهم ويبحثون عنها، وكل هذا دليل على أننا نعاني من الضغوط، التقط الكلمة ورد سريعا، صدقت فما أكثر الضغوط التي أعاني منها، كان هذا يوم الخميس.
وفي اليوم التالي حدثني إمام المسجد عن قصة رجل قرع بابه الليلة السابقة وهو يبكي، وصاحبنا الإمام ليس من عادته السهر لأكثر من العاشرة والنصف، وجميع أقاربه وأصحابه يعرفون ذلك، فتوقع أن يكون طارق الباب غريبا، وحين فتح الباب وجد رجلا في أواسط الأربعين يبكي، رحب به وأدخله وهو لا يزال يبكي إلى حد النحيب، فبادره الإمام مخففا عنه ما به، ولكن الرجل ازداد نحيبا، ربت على كتفه وأحضر له كأس ماء بارد عله يهدئ ما به، شرب الرجل ومسح وجهه بالماء، وعندها فقط استطاع أن يقول لمضيفه، يا سيدي لقد طلقت زوجتي أم أولادي، قال الإمام: وما الذي دفعك لهذا؟ قال: جئت من عملي قبل قليل فوجدتها قد نامت، سألتها أين عشائي؟ فقالت: لقد وجدت نفسي متعبة فنمت ومنك العذر، سأقوم الآن وأجهز لك عشاءك، عندها لم أدري ماذا أصنع فخرجت من الغرفة لأعود وبيدي حبل من البلاستيك، وكانت لا تزال هي في فراشها، فضربتها ضربا مبرحا أسال دمها ثم طلقتها، وطردتها خارج المنزل، وأبنائي وبناتي يضاغون ويبكون، وبعد أن هدأ غضبي بكيت ولا زلت أبكي على ما فعلت، فبماذا تنصحني، قلت لصاحبي الإمام: لا حول ولا قوة إلا بالله، وقصصت عليه قصة الشاب الذي زارني بالأمس وقد اتهم إضاءة المكان بأنها ضعيفة، تبسم كلانا، من منطلق شر البلية ما يضحك.
ولا زلت أسأل نفسي منذ أمس أليست مشكلة الاثنين لابس النظارة، والزوج الغاضب، واحدة، الأول نظارته المصنوعة من الزجاج جعلته يرى النور ظلاما أو شبه ظلام، والثاني لبس على عقله نظارة سوداء أيضا جعلته يرى زوجته مقصرة مع أنها من منظور شرعي ليست ملزمة بإعداد الطعام له، والأدهى من ذلك والأمر أن نظارة عقله القاتمة سمحت له برؤيتها عبدة لا يحق لها أن تتعب، أو تمرض، أو حتى أن تنام، ولا أدري هل أمثاله سمعوا ما قاله المصطفى عليه الصلاة والسلام حين ذكر النساء، فوعظ فيهن، وقال: علام يضرب أحدكم امرأته ولعله أن يضاجعها من آخر النهار أو آخر الليل، أليس هذا مثالا على من وضع على عقله نظارة شديدة السواد فمنعته من رؤية هذه القواعد الإنسانية للتعامل مع المرأة تماما مثلما منعت الأول نظارته الشمسية من رؤية نور المصابيح؟ لو علم أحدنا أن هذا الشرع الحنيف ألزم الزوجة بإجابة زوجها إن طلبها للفراش، ولم يلزمها أن تطبخ وتغسل وتكوي، وإن فعلت كل هذا فذلك فضل منها، ومن لا يقنعه هذا الكلام فليعد للنصوص الشرعية وما أكثرها، إن أعظم أمنية أتمنى أن تتحقق لي قبل أن أغادر هذه الدنيا أن يتحول الدين من ألفاظ إلى سلوك لدى الشريحة العظمى من أبناء الأمة عندها فقط يحق لنا أن نشعر بالكرامة.
.
.
|
ليدي لين راسل
ليدي لين راسل

" مناجاة رضيع "





من أروع أروع ماقرأت وتشكي حال الواقع لأغلب الأمهات



أمي حين سألتك لماذا كانت ولادتي قيصرية قلت لي إنك لا تريدين أن تتعبي في ولادتي فحرمتني من الاعتماد على نفسي في الخروج من جنة رحمك، بعدها صرت أسمع عن الصدر الحنون ولكنني لم أجده عندك فقد خفت أن يتشوه شكل صدرك وتركتني لحليب البقرة المجفف أرضعه وحدي من القارورة، ولم تضعيني على صدرك ولو غشا أو كذبا، فلا تلوميني إن كبرت وأنا أبحث عن هذا الصدر الحنون عند غيرك، وربما لا تعرفين السر الكامن وراء تحرشي حين أكبر أنا والكبار من بني جنسي بالنساء، ويبدو أنه من الحكمة أن أبوح لك به، إنني أبحث عنك ولا أدري من يمكن أن تكوني بين هؤلاء النسوة اللواتي ألاحقهن وأتحرش بهن؟.
أذكر أنك لم تعلميني النظافة فلم يعد مهما إن صرت نظيفا أو بقيت متسخا، ضقت مني يا أمي فأرسلتني للحضانة ولم أعد أستمتع بك، كما استمتعت أنت بجدتي، أمي لن أنسى أنك أنت الجنة التي عشت فيها تسعة شهور، وخرجت منها فلم أجدك بعدها، أنت من حملني وتعب حين كنت مرتاحا، وغذاني من جسده حين لم يكن لي سواك، ولكني بعد أن خرجت من تلك الجنة لم أجدك، أرجوك يا أمي لا تخلطي بيني وبين خطئي فأنا أجهل التصرف السليم، ولو أنك أبقيت على حبك لي حين أخطئ، فصدقيني، كنت سأعيش في أمان وأتعلم تصويب هذا الخطأ، لا ترفضيني، ولا تلقي بي إلى الخادمة كلما فعلت ما لا يرضيك، فأنت لا تعرفين ما الذي تفعله بي، إنها في بعض الأحيان تصب جام غضبها علي في الغرف المغلقة ولا تلومينها، تدرين لماذا لا يحق لك ملامتها؟ لأنك أنت أمي وتضيقين بي ذرعا، فكيف تطلبين منها أن تكون حليمة وصبورة علي أكثر منك، أنا علي يقين أنك ستلومينني وربما تعاقبينني إذا كذبت ولكن تذكري يا أمي أنك أنت أول من علمني كيف أكذب، هل نسيت كم مرة وعدتني وأخلفت وعدك؟ هل نسيت كم مرة كذبت أمامي حين كنت تتحدثين لأبي أو لعمتي أو خالتي، إن نسيت أنت، فأنا لم أنس، ويبدو أنني لن أنسى، أنا لا أنسى إطلاقا أنك ربما سهرت حتى أنام، ولكنك ألقيت بي إلى الخادمة كي ترتاحي، أرجوك يا أمي أعينيني على برك فلا تتركيني لمن لا يحافظ علي، ولا تفرطين بي، فكلما حافظت علي استطعت أن تجنبيني الانحراف، وكلما أبعدت عني شرور السائق والخادمة كبرت نقيا سويا، وكلما وقفت إلى جانبي حين أحتاج إليك سأقف إلى جانبك حين تحتاجين إلي، أمي إن رعيتني صغيراً حفظتك كبيرة، وإن زرعت في الصدق صدقت معك ومع الناس، وإن حافظت على وعدك معي ساعدتني في الوفاء بوعودي معك ومع الناس.
أمي أنا المرآة التي تنعكس عليها تصرفاتك، وما بي من حب لك هو رصيد حبك لي، وتذكري أني صغير لا أعي كل ما يدور حولي فأنا بحاجة لصبرك علي حتى أتعلم الصبر، أنت من يعلمني الحلم حتى أصبح حليما، وأنت من يعلمني الكرم حتى أصير كريما، وأنت من يعلمني كيف أكظم غيظي إن كظمت غيظك حين أثير غضبك، أنت من يعلمني كيف أفكر، وكيف أثق بنفسي وأعتمد عليها.
أمي، أحبك كثيرا، فعلميني الحب فأنا أحتاج إليه وإليك.
.
.
|
طفله عشرينيه
طفله عشرينيه
وااااااااااااااااااو قمه في الابدااااااااااااااااااااااااع
ليدي لين راسل
ليدي لين راسل


" المشي مع المظلوم "
.
.
|




مشاهد الظلم في العالم كثيرة، ويبدو أن شعور الناس بهذا الظلم زاد لاعتبارات كثيرة أبرزها قدرة الإعلام الفضائي على نقل أحداث العالم أولا بأول من ناحية، ولأن الظلم قرين الجشع، وحيثما يزيد الجشع يزيد الظلم، وزيارة واحدة لمحكمة من المحاكم توضح مقدار الجشع الذي يملأ بعض النفوس وما يولده من ظلم الإنسان لأخيه الإنسان، بغض النظر عن درجة القرابة بين الظالم والمظلوم، فكم من أب ظلم ولده وكم من أم ظلمت بعض أبنائها، وكم من أخ أو أخت ظلموا بعضهم البعض، ومن يجمع النصوص الشرعية التي تناولت المسألة يدرك أننا ننتمي لدين هدفه الأكبر إشاعة العدل على الأرض، لذا كانت وسائل دفع الظلم عديدة، ابتداء من تشجيع المسلم على عدم قبول ظلم أحد له، مرورا بتشجيعه على دفع الظلم عن غيره، والمؤسف أن واقع الحياة اليومية فيه تشجيع على الابتعاد عن مساعدة المظلوم، وفيه حض على مزاولة الحيادية وعدم الوقوف مع المظلوم، والأمثلة الشعبية التي تشجع على ذلك كثيرة، ابتداء من «عليك نفسك»، «امشي الحيط الحيط وقول يا رب الستر»، ويبدو أن قائل هذه الأمثال كان قد واجه أذى كبيرا نتيجة دفاعه عن الحق وحماية المظلوم فأراد أن يحض غيره على السلبية وعدم مساعدة المظلومين، وما نحتاج لإدراكه أن الظلم أشبه بالفيروسات الممرضة التي لا تصيب صاحبها فقط وإنما ينتقل أذاها لغيره، لهذا قال تباركت أسماؤه: «واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة»، والواضح أن الظلم يتسبب في الفتن لذا كان لا بد من اتقائها من خلال بذل الجهد لمنعه، مع اليقين أن هذه الفتنة لن تكون في حدود الظالمين، أو بلغة أخرى في حدود من لديهم الفيروس، وكأن الحال يشبه إلى حد كبير ما نفعله مع حامل الفيروس حين نمنعه من الاختلاط بالأشخاص السليمين عبر الحجر عليه صحيا، وما أدهشني وأنا أبحث هذا الموضوع الحديث الذي وجدته في كتاب جامع المسانيد في جزئه السابع وبالتحديد في الصفحة 392 حيث يقول عليه الصلاة والسلام: «من مشى مع مظلوم حتى يثبت له حقه ثبت الله تعالى قدميه يوم تزل الأقدام»، والمشي مع المظلوم لا يعني إحداث مواجهة صاخبة مع من بيده تثبيت حقه، سواء كان أبا أو معلما أو قاضيا أو مسؤولا في موقع من مواقع الحياة اليومية، وإنما يعني فيما يعنيه بذل كل جهد ممكن لتثبيت حقه، وذلك باستخدام الحجة على من ظلمه، أو بمساعدته بالمشورة، أو بالدفاع عنه ــ كما يفعل المحامون ــ في المحاكم، أو بجمع الأدلة أو من خلال أية وسيلة يمكن أن تساهم في إثبات هذا الحق، والملفت للنظر أن حض النبي ــ عليه الصلاة والسلام ــ لنا للمشي مع المظلوم لإثبات حقه قد قرنه ببعد الآخرة وثبات أقدام الساعي لدفع الظلم عن المظلوم يوم تزل الأقدام، ويوم يحتاج كل منا إلى حسنة واحدة مهما كان العمل الكامن وراءها، باعتبار الأعمال الصالحة هي العملة المستخدمة يوم تزل الأقدام، وليست عملة الغنى أو الجاه أو سواهما، إن هذا الربط بين دفع الظلم عن المظلوم وتثبيت حقه وبين النجاة في الآخرة أمر عظيم يتطلب أن نربي أنفسنا وأبناءنا عليه، مع التأكيد على أن حياة المسلم لا ينبغي أن يفصل فيها بين الدنيا والآخرة، باعتبار أن الآخرة هي الضابط للحياة الدنيا، ومن قطع الصلة بين الدارين فسيمشي الحيط الحيط ويطلب الستر، مع يقيني أنه طلب للستر بطريقة مغلوطة، فالستر ليس ستر الدنيا فحسب وإنما هو ستر الآخرة باعتباره الستر الحقيقي المطلوب.

.