ليدي لين راسل
ليدي لين راسل


" قالت لي: يا غبي "

.
.
|




بعد أربعين عاما من الزواج الذي كان بمجمله سعيدا، سأل القاضي الزوج عن سبب طلاقه لزوجته، فقال: لقد قالت لي يا غبي، فضحكت الزوجة بشدة، وقالت: لقد سمعها مني طوال أربعين سنة آلاف المرات، فلم لم يطلقني؟ فأجاب الزوج: صحيح ولكن هذه هي المرة الأولى التي قالتها لي في سوبر ماركت أمام الناس، وحين سمعت هذه القصة إحدى الزوجات ممن وصل الخلاف بينها وبين زوجها إلى حد الطلاق، قالت: ألا تعتقد أن هذا الزوج غبي جدا؟ قلت: ليس المهم الحكم على درجة ذكائه، ولكن المهم أن نسأل: لم استساغ هذه الكلمة طوال هذه السنين، ثم صارت السبب في حدوث الطلاق؟ فقالت: لا أدري، قلت: لأنها في هذه المرة قللت من احترامه أمام الناس، فالحاجة للاحترام والتقدير عند الرجل في غاية الأهمية، ولهذا نجد الكثير من الرجال بغض النظر عن درجة تعليمهم، أو ثقافتهم أو منصبهم أو أعمارهم، أو دينهم، يستاؤون جدا من الزوجة حين تسأل: أين أنت؟ ومع من؟ وماذا تفعل؟ كل هذه الأسئلة التي تتناول تفاصيل حياة الرجل أثناء غيابه عن زوجته تشعر الرجل أنه صغير، وتقلل من شعوره باحترام زوجته له، مع أن الدافع في كثير من الأحيان عند الكثير من الزوجات ليس احتقاره أو التقليل من احترامه، والزوجة الحكيمة هي التي تبتعد عن طرح مثل هذه الأسئلة بصورة مباشرة، لأن الحكمة على مر العصور لم ترتبط بمستوى التعليم ولكنها ارتبطت بمستوى الخبرة، فلنقرأ ما قالته السيدة خديجة أم المؤمنين حين جاءها المصطفى ترتعد أوصاله من رؤيته لجبريل وقد ملأ الأفق، وماذا قالت له كي تثبت فؤاده: (أبشر فوالله لن يُخزيك الله أبداً، إنك لتصل الرحم، وتصدق الحديث، وتحمل الكل، وتقري الضعيف، وتعين على نوائب الحق)، والملفت للنظر أنها لم تذكره بكثرة تبتله وانقطاعه عن العباد معتكفا في الغار، ولكنها ذكرت له حسن تعامله مع الناس من صلة الرحم وصدق الحديث وتحمل الكل الذي لا يحسن التصرف، وإكرام الضيف، وكأني بها تقول له إن رحمة الله بالعبد ترتبط برحمة العبد بالعبد، ولا حاجة للزوجة بعد زواجها أشد من حاجتها لرحمة زوجها بها ورحمتها به، لأن عمود الزواج الألفة، وجدرانه المودة، والرحمة، والمعروف، وللألفة سبل وطرق كثيرة أهمها إتقان لغة الآخر، فأصعب ما في السفر أن لا يتقن المسافر لغة البلد الذي يسافر إليه، وأصعب ما في الزواج أن لا يتقن كل زوج لغة شريكه، وأن لا يعرف كل منهما متى يفرح الآخر، ومتى يغضب، ما يسره، وما يزعجه، ما يقال في موقف ما ومالا يقال،
متى يطلب منها ما يريد ومتى تطلب منه ما تريد، متى يشتكي كل منهما للآخر، وتشير القصة السابقة إلى نقطة اختلاف بين الرجل والمرأة على درجة كبيرة من الأهمية، وهي حاجة الرجل إلى (الاحترام والتقدير )، فمن تريد أن تكسب زوجها فلتقدره وتحترمه، وتخطئ الزوجة التي لا تراعي ذلك، أو تلك التي تعتبر ما يدور بينها وبينه قابلا للتطبيق أمام الناس، مع يقيني أن عدم احترام الزوجة لزوجها خطأ فادح سواء كان أمام الناس، أو كان في السر بينهما، فمن لا تحترم زوجها أمام أولادها، ستساهم وبفعالية في جعل أبنائه لا يحترمونه، والعكس صحيح، وإذا كان الزوج يحتاج من زوجته الاحترام، فهي أيضا تحتاجه، سواء كانا وحيدين وبعيدين عن الناس أو كانا أمام أبنائهم، أو كانا بين الآخرين، ولابد من توفر حد أدنى من الاحترام كي تستقيم العلاقة بينهما.


ليدي لين راسل
ليدي لين راسل

" هل الدين مظاهر وعبادات؟ "
.
.
|




زارني رجل على أبواب الثمانين من عمره غزى الشيب لحيته، ولكنه لا يزال يتمتع بعزيمة وقوة، بدأ حديثه بنبرة هادئة لكنها لا تخلو من حزن عميق، وفجأة غص الكلام في حلقه ولم يلبث أن أخرج منديلا كفكف به دموعه التي انهمرت على وجه تركت السنين آثارها عليه، وبعد أن هدأ بدأ يسرد قصة ابنته التي تزوجت من رجل شهد له الكثيرون بحسن خلقه فقال: مع أن زواجها مضى عليه أكثر من ربع قرن إلا أنها ولأول مرة تحدثني وهي تبكي بحرقة تنم عن ألم عميق وحسرة هائلة، فسألتها ما الذي يبكيك يا ابنتي؟ فقالت: لم أعد أطيق العيش مع زوجي يا أبت، قلت: لماذا؟ قالت ظلمني كثيرا وأساء إلي كثيرا، وبعد حوار طويل متنقل بين أمور حياتية كثيرة استقر المقام عند السبب الرئيسي لخلافها مع زوجها، هذا الخلاف الذي أوصلها إلى الحد الذي لم تعد تطيق أن تكمل حياتها معه مع أن لها منه عدة أبناء أصغرهم عمره خمس سنوات وأكبرهم ثلاث وعشرون، والملاحظ أنه كان عنيفا معها، فكلما حصل خلاف بينهما ارتفع صوته وشتمها وغالبا ما ينتهي الخلاف بضربها، والمؤسف أنه كان بعد كل خلاف بينهما في النهار يقرب منها في الليل، وتعلق على هذه النقطة بقولها: لقد شعرت يا أبي أني لست إنسانة، فأنا في النهار أشتم وأضرب وفي الليل أصبح مطلوبة، وختمت حديثها: هل هذا من الدين يا أبت؟ وسرعان ما حول الأب سؤالها إلي قائلا: هل هذا من الدين يا دكتور؟ قلت: لا، أكمل الأب حديثه بما هو أشد وأنكى، فقال: تصور أنه طردها وحرمها من أولادها، فتذكرت أن عَبْدِ الرَّحْمنِ بن عَبْدِ الله قد روى عن أبِيهِ أنه قال: (كُنَّا مَعَ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلّم في سَفَرٍ فَانْطَلَقَ لِحَاجَتِهِ فَرَأيْنَا حُمَّرَةً مَعَهَا فَرْخَانِ فَأخَذْنَا فَرْخَيْهَا، فَجَاءَتْ الْحُمَّرَةُ فَجَعَلَتْ تَفْرُشُ فَجَاءَ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلّم فقال: مَنْ فَجَّعَ هذِهِ بِوَلَدِهَا، رُدُّوا وَلْدَهَا إلَيْهَا)، وأتساءل بدوري كيف يحق لمن يفعل هذا الفعل أن ينسب نفسه لدين نبيه يفعل ما سبق مع رجال حرموا طائرا من صغاره، وإذا كان عليه الصلاة والسلام يعتب عتبا شديدا على من حرم أم الفراخ من صغارها فماذا سيقول مثل هذا الزوج لخالقه حين يسأله عن حرمان هذه الأم من أبنائها؟ وكيف يمكن لأمثاله أن يزعموا انتسابهم لدين يقول نبيه: (من لا يرحم لا يرحم ، ومن لا يغفر لا يغفر له، ومن لا يتوب لا يُتاب عليه)؟ وماذا سيقول أمثال هؤلاء حين يقفون بين يدي الرحمن وهم يزعمون أنهم ينتسبون للإسلام ونبينا يتعامل مع الأطفال بالصورة التي يرسمها عبد الله بن شداد عن أبيه حين يقول: خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلّم في إحدى صلاتي العشي الظهر أو العصر، وهو حامل الحسن أو الحسين، فتقدم النبيّ صلى الله عليه وسلّم فوضعه ثم كبر للصلاة، فصلى فسجد بين ظهراني صلاته سجدة أطالها، فقال: إني رفعت رأسي فإذا الصبي على ظهر رسول الله صلى الله عليه وسلّم وهو ساجد، فرجعت في سجودي فلما قضى رسول الله صلى الله عليه وسلّم الصلاة قال الناس: يا رسول الله إنك سجدت بين ظهراني صلاتك هذه سجدة قد أطلتها فظننا أنه قد حدث أمر أو أنه قد يوحى إليك قال: (فَكُلُّ ذلِكَ لَمْ يَكُنْ، وَلكِنَّ ابْنِي ارْتَحَلَنِي فَكَرهْتُ أَنْ أُعَجّلَهُ حَتّى يَقْضِي حَاجَتَهُ)، نبي يترك طفلا فوق ظهره زمنا طويلا والناس وراءه سجود وفيهم كبار الصحابة، فقط حتى يعطيه الفرصة ليقضي حاجته في اللعب والاستمتاع بالركوب على ظهر سيد الخلق، فهل يحق لمثل هذا الزوج الذي يضرب أم أولاده ويحرمها منهم أن يدعي انتسابه لدين هذا بعض من سلوك نبيه؟ وهل الدين مظاهر وعبادات أم أنه إضافة لها هو سلوك ومعاملات؟
.
.

ليدي لين راسل
ليدي لين راسل



" العطاء بين الوابل والطل "




لم يشدني تنبيه المشرف على الطائرة لربط الأحزمة استعدادا للهبوط، بقدر ما شدني وللحظات منظر بقعة من الأرض ظهرت كلمحة سريعة بين سحب كثيفة، لقد كان منظرا خلابا لم أر في حياتي مثله بساط أخضر يوحي للنفس بمعان فريدة من النضرة والشباب والحياة. وسرعان ما دخلت الطائرة بين السحب ثم عاد المنظر الأخضر للظهور من جديد ولكن هذه المرة بشكل أكثر إبداعا ووضوحا، ولم يبعد المنظر من ذاكرتي سوى هبوط الطائرة والخروج منها إلى صالة المطار، وما هي إلا فترة وجيزة حتى كنا خارج مطار صلالة، وعشنا لحظات الاستقبال الحافل من مضيفينا الذين ميزتهم وجوه باشة وعبارات استقبال حلوة وعذبة تنم عن نفوس كريمة، وسرنا تحت رذاذ مطر ناعم هادئ ينافس هدوء أهل صلالة، ولم يطل الطريق فقد كنا في فندقنا بعد أقل من ربع ساعة، ولكني لم أحتمل الجلوس في الفندق بعد وضع متاعنا به، وسرعان ما عدنا لنصعد إلى ربوة خضراء توقفنا عندها لبرهة ونزلنا جميعا من السيارة لنمتع عيوننا بالمنظر الخلاب من جهة ولنستمتع برذاذ ناعم يداعب وجوهنا من ناحية ثانية، وبعد صعودنا للسيارة حانت مني التفاتة إلى صخرة كبيرة مسطحة كساها الماء وكانت بقعة نشازا في وسط تلك الربوة، عدنا بعدها إلى الفندق وعدت بدوري سريعا إلى نسخة من المصحف كنت أحتفظ بها في محفظتي وفتحته لأقرأ قوله عز من قائل: (ومثل الذين ينفقون أموالهم ابتغاء مرضاة الله وتثبيتا من أنفسهم كمثل جنة بربوة أصابها وابل فآتت أكلها ضعفين فإن لم يصبها وابل فطل والله بما تعملون بصير)، يومها أدركت أثر الطل، وأدركت الجنة التي بالربوة، وشعرت ولأول مرة بشعور غريب جعل من المثل الذي ساقه الخالق عز وجل في هذه الآية صورة واضحة ومؤثرة في نفسي، وأدركت يومها أن من ينفق من المؤمنين إنفاقا يبتغي فيه وجه الله ورضاه وتثبيتا لنفسه كالبستان في ربوة فإن كان مطرها الذي يرمز للعطاء غزيرا فإن نباتها سيعطي أضعاف ما يتوقع منه، وإن لم يكن هذا المطر (العطاء) كبيرا وكان طلا (رذاذا) بسيطا فإن الناتج بستان أو أرض خضراء تسر الناظرين وتعطي للعين إحساسا بالرضا، وبالمقابل كانت الصخرة هي الصفوان الصلب القاحل المنفر الذي يقطع على الناظر الإحساس بروعة المنظر وهي نموذج حي لمن يعطي ويتبع ما يعطي بالمن والأذى، فكأن الأذى هو الكلمة المقابلة للمن، فلا يمكن أن يكون من بدون أذى بل إنه هو عينه الأذى، (ياأيها الذين آمنوا لا تبطلوا صدقـاتكم بالمن والأذى كالذي ينفق ماله رئاء الناس ولا يؤمن بالله واليوم الآخر فمثله كمثل صفوان عليه تراب فأصابه وابل فتركه صلدا لا يقدرون على شيء مما كسبوا والله لا يهدي القوم الكـافرين)، إن هذا المن الذي يعقب عطاء مهما كبر هو كالمطر الغزير الذي يذهب ما على الصخرة من تراب ويبقيها صلدة جافة لا خير فيها ولا نبات ولا تصلح لشيء، عدت لنفسي وأنا أعيش المعاني بصورة لم أعشها من قبل، وتذكرت كم هم الذي يعطون عطاء كثيرا ولكنهم يتبعون عطاءهم بالمن والأذى فيحيلونه إلى صخرة جافة في وسط ربوة خضراء هي نتاج عطاء من يعطون دون من أو أذى بل هم يتكتمون على ما يعطون خشية تحويل ناتج العطاء إلى محق وصخرة صماء، لكل معط في هذا الشهر الكريم أردت أن أنقل هذه الصورة من واقع رأته عيناي ووعاه قلبي آملا أن يكون عطاؤنا في شهر الخير أقله رذاذ وأعلاه طل، دون من ولا أذى.

.

ليدي لين راسل
ليدي لين راسل
" كيف نتعامل مع أخطاء أبنائنا؟ "


كان الأب يحمل طفلا رضيعا، والأم تحمل بإحدى يديها كيسا به سيارة كبيرة، وتمسك بالأخرى طفلها الثاني الذي لا يتجاوز الثالثة من عمره والذي كان يحاول مسايرتها في مشيتها السريعة، ولكنه تعثر وسقط على الأرض، وبدل أن ترفعه وتواسيه، لطمته على وجهه وأضافت ألما إلى ألم السقوط، فصاح على أثرها، وتساءلت وقتها عن سبب حرصنا على رؤية أبنائنا بلا أخطاء، وهل هو حرص منطقي عاقل أم هو حرص ينم عن جهلنا بمراحل نموهم بل ونمونا؟ لأننا مررنا بالمراحل ذاتها التي مروا بها، ووقعنا بمعظم الأخطاء التي وقعوا بها، والاختلاف بيننا أن بعضنا عاش في كنف أبوين رحيمين أحدهما أو كليهما، أو في كنف أبوين أحدهما أو كلاهما قاس أو جاهل، وتبقى المسألة التي لا بد من مناقشتها هل نترك أبناءنا يخطئون ويتعلمون أم نصر أن يكونوا بلا أخطاء؟ وما الفرق بين من يخطئ فيجد من يرحمه ويعلمه وبين من لا يخطئ؟ والجواب عندي أن لا أحد يمكن أن يكون بلا أخطاء إلا إن كان ميتا أو لا يعمل، وباعتبار أن الأطفال مستكشفون بفطرتهم، فلابد إذا من أن يتحركوا لتحقيق هذا الهدف الفطري في معرفة ما يحيط بهم، وهم لابد أن يقعوا في أخطاء بسيطة أو فادحة، وعندها هل نصر على أن لا يقعوا بها، أم نوطد أنفسنا على قبول مبدأ وقوعهم في الخطأ ونتعلم كيف نعالج هذا الخطأ ونعاملهم بعدها على أساس ما تعلمناه؟ وهل كان ذلك الطفل بحاجة لتلك الهدية الفخمة والضخمة مع سلوك أمه باللطم والضرب أم أنه كان بحاجة لرحمتها وعطفها وتفهمها لضعفه أكثر بكثير من تلك الهدية؟ أعتقد جازما أن أطفالنا يحتاجون وجودنا أكثر من هدايانا، وأفضل ما يعينهم على أن يكونوا ناجحين ليس ما نفعله لهم وإنما ما نعلمهم أن يفعلوه لأنفسهم، إن حبنا لأولادنا يظهر بشكل مؤكد حين نحبهم لما هم عليه وليس لما نريدهم أن يكونوا عليه، فنحن جميعا نتعلم من أخطائنا أكثر مما نتعلمه من نجاحنا، وأذكر أنني كنت أراقب أحد أطفالي حين بدأ يزحف ولاحظت محاولاته العديدة في الزحف ومعاناته في موازنة حركته والجهد الكبير الذي يبذله، والمدهش أن حركته تحسنت بعد أيام قليلة وصار أقدر على توجيه زحفه نحو الهدف الذي يريده، دام الحال كذلك شهورا عدة وفي كل يوم نلاحظ أنه صار أسرع وأمهر، وحين أراد أن يقف كان يحاول ويسقط ليعاود المحاولة التي يتبعها السقوط حتى نجح في الوقوف، ولا أذكر أنه استأذن أحدا حتى زحف أو وقف وبعدها حتى مشى، إن نضج أجهزة جسمه هو الذي يعطيه إشارة البدء بممارسة أي نشاط، ويبقى العنصر المهم في كل ذلك أن أطفالنا لا يمكنهم أن يتعلموا إلا إذا أخطأوا، وأعود لأقول:إن أفضل ما يعين أولادنا على أن يكونوا ناجحين ليس ما نفعله لهم وإنما ما نعلمهم أن يفعلوه لأنفسهم مع ملاحظة مهمة وهي أنهم لن يتعلموا الصواب في كثير من الأحيان إلا إذا وقعوا في الخطأ، وهذا عبد الله بن عمرو بن العاص يقول: أنزلت (إذا زلزلت الأرض زلزالها) وأبو بكر الصديق قاعد، فبكى حين أنزلت، فقال له رسول الله ـــ صلى الله عليه وسلم ـــ: «ما يبكيك يا أبا بكر؟ قال: يبكيني هذه السورة، فقال له رسول الله ــــ صلى الله عليه وسلم ـــ: لولا أنكم تخطئون وتذنبون فيغفر الله لكم، لخلق الله أمة يخطئون ويذنبون فيغفر لهم»، والخطأ المشار إليه هنا خطأ له علاقة بالجانب المرتبط بالمعصية، فما بالنا بالخطأ الناتج عن قلة النضج والخبرة؟ إنه أحرى أن يتم التغاضي عنه ومساعدة المخطئ برحمة وعطف كي يتجاوز خطأه.

ليدي لين راسل
ليدي لين راسل

يقول الدكتور ميسرة

وسائل التربية بالحب أو لغة الحب أو أبجديات الحب هي ثمانية

1- كلمة الحب ،،،، 2- نظرة الحب ،،،، 3- لقمة الحب 4- لمسة الحب ،،،،

5- دثار الحب ،،،، 6- ضمة الحب 7- قبلة الحب ,,,, 8- بسمة الحب


الأولى : كلمة الحب


كم كلمة حب نقولها لأبنائنا ( في دراسة تقول أن الفرد إلى أن يصل إلى عمر المراهقة يكون قد سمع مالا يقل عن ستة عشر ألف كلمة سيئة ولكنه لا يسمع إلاّ بضع مئات كلمة حسنة )

إن الصور التي يرسمها الطفل في ذهنه عن نفسه هي أحد نتائج الكلام الذي يسمعه ، وكأن الكلمة هي ريشة رسّام إمّا أن يرسمها بالأسود أو يرسمها بألوان جميلة . فالكلمات التي نريد أن نقولها لأطفالنا إمّا أن تكون خيّرة وإلا فلا

بعض الآباء يكون كلامه لأبنائه ( حط من القيمة ، تشنيع ، استهزاء بخلقة الله ) ونتج عن هذا لدى الأبناء


الثانية : نظرة الحب


اجعل عينيك في عين طفلك مع ابتسامة خفيفة وتمتم بصوت غير مسموع بكلمة ( أحبك يا فلان ) 3 أو 5 أو 10 مرات ، فإذا وجدت استهجان واستغراب من ابنك وقال ماذا تفعل يا أبي فليكن جوابك { اشتقت لك يا فلان } فالنظرة وهذه الطريقة لها أثر ونتائج غير عادية

الثالثة : لقمة الحب


لا تتم هذه الوسيلة إلاّ والأسرة مجتمعون على سفرة واحدة حتى يحصل بين أفراد الأسرة نوع من التفاعل وتبادل وجهات النظر . وأثناء تناول الطعام ليحرص الآباء على وضع بعض اللقيمات في أفواه أطفالهم . فإذا أبى الابن أن تضع اللقمة في فمه فلتضعها في ملعقته أو في صحنه أمامه ، وينبغي أن يضعها وينظر إليه نظرة حب مع ابتسامة وكلمة جميلة وصوت منخفض ( ولدي والله اشتهي أن أضع لك هذه اللقمة ، هذا عربون حب ياحبيبي ) بعد هذا سيقبلها

الرابعة : لمسة الحب


يقول د. ميسرة : أنصح الآباء و الأمهات أن يكثروا من قضايا اللمس . ليس من الحكمة إذا أتى الأب ليحدث ابنه أن يكون وهو على كرسين متقابلين ، يُفضل أن يكون بجانبه وأن تكون يد الأب على كتف ابنه (اليد اليمنى على الكتف الأيمن) . ثم ذكر الدكتور طريقة استقبال النبي لمحدثه فيقول : { كان النبي صلى الله عليه وسلم يلصق ركبتيه بركبة محدثه وكان يضع يديه على فخذيْ محدثه ويقبل عليه بكله } . وقد ثبت الآن أن مجرد اللمس يجعل الإحساس بالود وبدفء العلاقة يرتفع إلى أعلى الدرجات . فإذا أردتُ أن أحدث ابني أو أنصحه فلا نجلس في مكانين متباعدين .. لأنه إذا جلستُ في مكان بعيد عنه فإني سأضطر لرفع صوتي وأربتُ على المنطقة التي فوق الركبة مباشرة إذا كان الولد ذكراً أمّا إذا كانت أنثى فأربتُ على كتفها ، وأمسك يدها بحنان . ويضع الأب رأس ابنه على كتفه ليحس بالقرب و الأمن والرحمة ،ويقول الأب أنا معك أنا سأغفر لك ما أخطأتَ فيه

الخامسة : دثار الحب



ليفعل هذا الأب أو الأم كل ليلة ... إذا نام الابن فتعال إليه أيها الأب وقبله وسيحس هو بك بسبب لحيتك التي داعبت وجهه فإذا فتح عين وأبقى الأخرى مغمضة وقال مثلاً : ( أنت جيت يا بابا ) ؟؟ فقل له ( إيوه جيت ياحبيبي ) وغطيه بلحافه

في هذا المشهد سيكون الابن في مرحلة اللاوعي أي بين اليقظة والمنام ، وسيترسخ هذا المشهد في عقله وعندما يصحو من الغد سيتذكر أن أباه أتاه بالأمس وفعل وفعل

بهذا الفعل ستقرب المسافة بين الآباء و الأبناء .. يجب أن نكون قريبين منهم بأجسادنا وقلوبنا


السادسة : ضمة الحب
لاتبخلوا على أولادكم بهذه الضمة ، فالحاجة إلى إلى الضمة كالحاجة إلى الطعام والشراب والهواء كلما أخذتَ منه فستظلُ محتاجاً له

السابعة : قبلة الحب

قبّل الرسول عليه الصلاة والسلام أحد سبطيه إمّا الحسن أو الحسين فرآه الأقرع بن حابس فقال : أتقبلون صبيانكم ؟!! والله إن لي عشرة من الولد ما قبلتُ واحداً منهم !! فقال له رسول الله أوَ أملك أن نزع الله الرحمة من قلبك

أيها الآباء إن القبلة للابن هي واحد من تعابير الرحمة ، نعم الرحمة التي ركّز عليها القرآن وقال الله عنها سرٌ لجذب الناس إلى المعتقد ،، وحينما تُفقد هذه الرحمة من سلوكنا مع أبنائنا فنحن أبعدنا أبناءنا عنا سواءً أكنا أفراداً أو دعاة لمعتقد وهو الإسلام


الثامنة : بسمة الحب

هذه وسائل الحب من يمارسها يكسب محبة من يتعامل معهم وبعض الآباء و الأمهات إذا نُصحوا بذلك قالوا ( إحنا ما تعودنا ) سبحان الله وهل ما أعتدنا عليه هو قرآن منزل لا نغيره

وهذه الوسائل هي ماء تنمو به نبتة الحب من داخل القلوب ، فإذا أردنا أن يبرنا أبناءنا فلنبرهم ولنحين إليهم ، مع العلم أن الحب ليس التغاضي عن الأخطاء