شام
شام
الحلقة العاشرة : استقصاء هام لحل مشكلة البطالة





(( معذرة : سأنقل لكم تفريغ الحلقة حالما تتوفر على موقع الاستاذ عمرو خالد ))




كل ما يتعلق بالحلقة :



استقصاء هام جدا لحل مشكلة البطالة

لمشاهدة الحلقة اضغطي هنا


تفريغ الحلقة بالعربية والإنكليزية والفرنسية


لقاء أ:عمرو خالد مع فريق صناع الحياة بالسعودية
شام
شام
بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين و الصلاة و السلام على رسول الله - صلى الله عليه و سلم.

الحلقة - حل مشكلة البطالة عن طريق الاستقصاء – الجزء الثاني




أهلا بكم, لا زلنا نتواصل من خلال برنامج صناع الحياة.
في الحلقة الماضية تحدثنا عن مشروع قومي نريده لبلادنا, و أكدنا أننا جميعا نرغب في المشاركة. و نحن نريد من خلال هذا المشروع تشجيع شبابنا على الانطلاق نحو المشاريع الصغيرة و أن يتحركوا و ينتجوا.


و خطوة البداية من أجل نجاح الشباب في هذه المشاريع أننا نحتاج إلى مساعدة كل العالم. هذه المساعدة ستبدأ باستقصاء نقوم به. و علينا أن نجمع آراء المئات بل الآلاف من الشباب و الآباء و الأمهات, كي نعرف إن كان الشباب مستعدا لخوض تجربة المشاريع الصغيرة أم أنهم سينتظرون الوظيفة.


و نحن نريد أن يبلغ عدد المشاركين في هذا الاستقصاء الملونين أو الخمسة ملايين لكي نأخذ برأيكم و نُسمِع كل العالم صوتكم و نطرق كل أبواب العالم لنقول للعالم أجمع: إن شباب هذه المنطقة مستعد للعمل, و هم ليس كما تظنون شباب سلبي, و لكنهم شباب يريدون أن يغيروا وجه الأرض و لكنهم يحتاجون إلى مساعدة.

مضى على تسجيل الحلقة الماضية خمسة أو ستة أيام ، وقد جمعنا حتى الآن ثلاثمائة وخمسين ألف استقصاء ! نعم لقد وصل لنا عبر الإنترنت ، و الهاتف ، و الفاكس و الطرق المختلفة ثلاثمائة و خمسون ألف استقصاء, و لا يزال الاستقصاء متواصل ومفتوحا خلال الأسبوعين و الثلاثة أسابيع المقبلة حتى نصل- إن شاء الله – إلى مليون استقصاء أو أكثر. و إني استبشر خيرا , فثلاثمائة و خمسون ألف استقصاء عدد يبشر بالخير ، كلهم أدلوا بأصواتهم, و هذا يعني أن غالبية الشباب العربي خرجوا من صمتهم و بدؤوا يعلنون رأيهم ..



وأحب أن أشيد بأشياء جميلة حصلت خلال الأسبوع الماضي قام بها شباب كُثُر من صناع الحياة و شباب آخرون من العالم العربي و حتى أناس عاديين ..


• و هناك شخص قال لي بأن أمه التي تبلغ الخمسين من عمرها أخذت الاستقصاء و وزعته على الجيران و الأقارب و زملائها في العمل, و هذا شيء جميل...

• كذلك في جامعات مصر أخذ طلبة كثيرون الاستقصاء ووزعوه في قاعات الدراسة وقد جمعوا ستة عشر ألف استقصاء من الكليات المختلفة , سواء من الذين شاهدوا الحلقة أم لم يشاهدوها ، حتى أن أحدهم وزع ثمانين استقصاء و عادت له مائة وعشرين استقصاء ، فهؤلاء الشباب لم يرضوا بأن يقال عنهم شباب مستهتر فقاموا بدورهم ووزعوا الاستقصاء .

و الأمثلة كثيرة جدا, فمنهم من وزع في المترو و في الانترنت و في المنتديات, و منهم من بعث برسائل هاتفية لأصحابه, و منهم من توجه إلى محطات البنزين و وزع الاستقصاء على البنات .

• كذلك محاسن - من العراق - ذهبت إلى المعاقين و تعرفت عليهم ، و قالت لهم : نحن أيضا يجب أن نشارك و جمعت استقصاءاتهم .


• في فلسطين وضع بعض الناس شاشة مكبرة و عرضوا الحلقة و وزعوا أربعمائة استقصاء على الذين اجتمعوا حولهم.


• و من المبادرات الجميلة كذلك, ريم من طنطا من مصر ، عمرها سبع سنوات فقط ،جمعت وحدها خمسين استقصاء , فقد ذهبت إلى نادي طنطا و وزعت الاستقصاء على رواد النادي فوجدوا بنت صغيرة تحدثهم و تسألهم عن الشباب الذين يريدون القيام بالمشاريع الصغيرة فأجابوها على الأسئلة فجمعت بذلك خمسين استقصاء.

ليس المهم العدد و أن يكون هنالك من جمع ستة عشر ألف استقصاء و هنالك من جمع خمسين, ولكن المهم أن تكونوا شاركتم و تحركتم من أجل هذا.

• و أسعدني كذلك مجموعة من الشباب المسيحيين قالوا بأن موضوع المشاريع الصغيرة هو قضية قومية فبعثوا لنا و شاركوا معنا في جمع الاستقصاء لصناع الحياة.


فكنت سعيدا بكل ما أرى وأشاهد ، و شعرت بأن الشباب قد تحرك و بدأ يقول كلمته.


• و تأثرت كذلك ببنت بالإسماعيلية أخذت الاستقصاء و ذهبت إلى الناس البسطاء الذين يبيعون في الشارع و شرحت لهم و طلبت منهم رأيهم وجمعت معهم الاستقصاء.

بعد الكلمة القصيرة التي قلتها عن الثلاثمائة و خمسين ألف استقصاء التي جمعناها, أقول بأن هناك المزيد من الجهد علينا بذله, و الاستقصاء ما زال متواصلا طوال الأسبوعين القادمين.

و لكن دعوني أسألكم سؤالا:


هل منكم من يعرف كيف يحدث التغيير في حياة الأمم و الشعوب؟


كيف تتغير الدنيا ؟


كيف لأمة من الأمم تعيش مرحلة من الانهيار أن تنتقل إلى حياة العز و الخير؟


هل تعرفون كيف تحدث النقلة و يحدث التغيير والبلاد تعيش حالة من الانهيار و الضياع, حالة من الانحراف الفكري, والانحراف السلوكي , الإهمال و اللامبالاة,و الجمود والفساد و الرشوة,و غياب منظومة الأخلاق, وعدم استعداد الناس للعمل,و الجهل والتخلف و الأمية و البطالة ، ضياع في كل المجالات, في المجالات السياسية و الاجتماعية و الصحية و التعليمية و الفكرية و الرياضية و الثقافية. كله إلى الانهيار, و الفساد ينتشر بحدة. و زيادة في الغنى حتى أصبح غنا فاحشا وبالمقابل الفقر يتزايد ويستفحل.

و نتيجة لهذا الضياع و الانهيار يبدأ يظهر قو ل الله تعالى : {وَإِذَا أَرَدْنَا أَن نُّهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُواْ فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيراً }الإسراء16


هذا هو المشهد الأول : فماذا سيحصل؟


سينزل الهلاك, و لكن لماذا ؟ !


لوجود فساد في كل جهة يتمثل في الفساد الأخلاقي و السلوكي, والانحراف, والبطالة, والضياع, والرشوة , وحتى لا يبقى فساد على الأرض لأن هذه الأرض أرض الله. و سيوشك الهلاك أن يحدث , لكن الله برحمته سيعطي فرصة لهذه الأرض, فلن تهلك.

و لكن لما ذا ؟

لأن الله يوم خلق السموات و الأرض, كما يقول الرسول - صلى الله عليه و سلم : يوم خلق الله السموات و الأرض, كتب كتابا عنده فوق العرش فيه " إن رحمتي سبقت غضبي " ..


الأرض تستحق الهلاك لكن ربنا - سبحانه وتعالى - سيحفظها و يرحمها.

لكن كيف سيرحمها ؟



سيرسل الله - وهنا سيحصل التغيير - أناسا مصلحين سيصلحون في الأرض أغلبهم شباب و نساء. سيصلحون بدفعهم الظلم و الفساد و الانهيار. ويدفعون الفساد الأخلاقي, ويدفعون البطالة, ويدفعون التخلف و يدفعون الأمية. سيدفعونها من المظاهر الدينية و من المظاهر الدنيوية, و يتحقق قول الله .

هذا هو المشهد الثاني, و يتحقق قول الله تعالى: { َلَوْلاَ دَفْعُ اللّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَّفَسَدَتِ الأَرْضُ وَلَـكِنَّ اللّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعَالَمِينَ }البقرة251


أي لنزل الهلاك. فكان من المفروض أن يقع الهلاك فيرسل الله تبارك و تعالى المصلحين فيدفعون هذا الهلاك فيرحم الله تبارك و تعالى الأرض فيرفع الهلاك و يغلب المصلحين .


يتحقق قول الله تعالى : {وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ }هود117


كأن الهلاك كان نازلا بهم لولا أن المصلحين دفعوا الظلم و دفعوا الفساد ويرفع الله الهلاك بسبب هؤلاء المصلحين. و مشروع صناع الحياة و ما نقوم به في هذا البرنامج نوع من أنواع دفع الهلاك. حلقة من حلقات التاريخ لحفظ الأرض.

هل أسألكم سؤالا ؟

يا ترى نحن اليوم و في هذه اللحظة التي نتكلم فيها سنكون حلقة من حلقات التاريخ ؟

من سيغلب ؟

لمن الدور يا ترى في هذه الآونة و في السنين الآتية ؟

للفساد أم للإصلاح ؟



أقول حان دور الإصلاح. و أعتقد و هذا ما يمنحني الأمل أن دورة الفساد قد تمت و أن صفحة من صفحات التاريخ تقلب هذه الأيام في تاريخ هذه المنطقة من العالم. و بطي هذه الصفحة يظهر المصلحين, و صناع الحياة حلقة من حلقات هذا الإصلاح. و الممتع في الأمر هو أن هذا الإصلاح سيتم على أيد أناس عاديين, أنا و أنت ، امرأة عادية مثلك, و شاب عادي مثلك و ليس من أناس خارقين .


لماذا أناس عاديون ؟

كي تكون التجربة قابلة للتكرار, و لأن الله يريد أن يرحم هذه الأرض و يعم الإصلاح, لأنه لو كان من قبل ناس غير عاديين فلن يقلدهم الكثير و لن يتم الإصلاح. فهؤلاء الناس لن يقوموا بانجازات ضخمة جدا و لكن أعمال متواضعة وصغيرة مثل تلك السيدة التي وزعت خمسين استقصاء. و لكن إكثار هذه الأعمال الصغيرة مطلوب لكي تكون قابلة للتكرار, و كي يقول الناس بإمكاننا فعل مثل هذا فيزداد الصلاح.

وقد تحدثت معكم عن بعض النماذج القليلة التي تجسدت في الأشهر القليلة الماضية و التي قام بها أناس عاديون. فقد قمنا بالإعلان في برنامج صناع الحياة عن بعض المشاريع, فسأحدثكم عن الخير الذي عند هؤلاء الناس العاديين و عن ما يقوم به هؤلاء المصلحون من أعمال.


• فلقد دعونا منذ أسابيع لإنشاء المنتديات الصحية و قلت لكم : يتوجب علينا إنشاء هذه المنتديات الصحية . فقام أطباء و شباب في كل الوطن العربي بالأخذ بأيدي الناس من أجل العناية بصحتهم. و المفاجأة الجميلة تكونت بالفعل في بلاد عربية كثيرة منتديات صحية. و قام صناع الحياة في السعودية بمبادرة جميلة سموها ( مشكاة طبيب ) و هي مبادرة من أجل التوعية الصحية في كل المملكة السعودية و بدؤوا من مدينة جدة.


• وأيضا تكلمت في حلقة ماضية عن الدواء و قلت بأنه علينا بتصنيع الدواء و تشجيع البحث في هذا المجال و بأننا نستورد كميات هائلة من الدواء, فوجئت بتأسيس منتديين فورا بجهد من الصيادلة و أساتذة الجامعة. منتدى آخر للأخت إمامة البستانة من سوريا و قاموا بمشروع سموه دوائي العربي. وقد التحق به أفراد آخرون كثيرون على الإنترنت فالتحق به من مصر المهندس طارق رضوان و الدكتورة نغم من السعودية وبدؤوا يبحثون عن كيفية إنشاء شركة لتصنيع الدواء و بدؤوا يتصلون بأساتذة الجامعة و الصيادلة و كل من يهمه الأمر في الوطن العربي و قالوا لهم تعالوا نتعاون.


• و أنشئ مشروع آخر سمي بمشروع صناع الدواء, مجموعة من الشباب, حوالي خمسين دكتور صيدلي مصريين و سعوديين تجمعوا و قاموا بهذا المشروع.




يا جماعة هناك خير كثير, فممكن تكون تجارب صغيرة لكنها قابلة للتكرار وينتشر الخير و يزيد الخير . عندما انظر بداخلكم أتيقن بأننا سننجح إن شاء الله ؟ عندما أنظر فيكم أرى أن الأمل كبير و أن دورة الإصلاح حان موعدها, وأننا و الحمد لله نعيش في زمانها. صفحة في تاريخ هذه الأمة تقلب و هي تقلب في خير وإن المطلوب هو أن يستيقظ الناس ويستفيقون واضعين أيديهم في يد بعض.
ولذلك عندما نعرض الاستقصاء لمعالجة مشكلة البطالة و نقول هذه أول خطوة فإننا نريد أن تشارك فيه الملايين و نبيين لكم أننا سننجح في معالجة مشكلة البطالة وكل المشكلات الصعبة .

هل تتذكرون زراعة أسطح المنازل ؟


و الله لم أكن أتخيل أن هذا الموضوع سينال كل هذا الاهتمام و يأخذ بمأخذ الجد. كنت متأكد بأن الخير سيحصل لكن لم أكن أتصور أن يكون بهذا الحجم..


• ففي الأردن هناك خمسة مدارس بدأت تقوم بزراعة أسطحها بالإضافة إلى جامعتين أيضا. ففي كلية الصيدلة بجامعة العلوم والتكنولوجيا بالأردن بدؤوا بالفعل و كل أساتذة الجامعة و على رأسهم عميد الجامعة هو الذي شجعهم و قال لهم : اعملوا و نحن بجانبكم...

• وكذلك في كلية الطب بجامعة صنعاء بدؤوا بزراعة أسطح الكلية..

• وكذلك في سوريا و في كلية الهندسة الكهربائية بجامعة حلب قد بدؤوا يزرعون سطح الكلية ، وهناك خمس مدارس بسوريا بدؤوا بزراعة أسطح المدارس..

• و في لبنان قام صناع الحياة بلبنان بتنظيم ندوة كبيرة للمشاركة في هذا المشروع...
• و في المغرب حوالي ثلاثة مدارس وجامعتين بدؤوا يزرعون الأسطح...

• و في مصر بكلية الهندسة بجامعة عين الشمس بدؤوا يزرعون أسطح
الكلية ، و في جامعة القاهرة سمح عميد الجامعة بزراعة أسطح الجامعة و بتعميم القرار على كل الجامعة..

• و نتذكر حتما الدكتورة ( ميساء ) التي تحركت في كل مكان و تحصلت على الموافقة من ثلاثة جامعات من أجل زراعة الأسطح...

• و ما يفوق الخيال قد وصل لنا حتى الآن على الموقع خمسمائة بيت زرعت أسطحها في الوطن العربي.

• و أجمل شيء : بنت صغيرة, بنت أردنية لم تذكر اسمها بعثت لنا تقول :إن أستاذنا و ناظر المؤسسة التي تدرس فيها ألقى محاضرة لكل المدرسة عن كيفية إنشاء المشاريع الصغيرة وعن كيفية زراعة الأسطح و استقدموا تقننين يدربونهم على الكيفية, و أكدوا لهم بأنهم سيدعمونهم و يمولونهم. و هي تقول في الآخر بأنه حضر واحد (عمه كبير) و هذا يدل على أنها طفلة صغيرة, قالت حضر و شرح لنا قصته مع زراعة سطوحه و التي أصبحت مزارع تنتج خضروات في الأردن و تصدر إلى أوربا وسجلنا في القائمة خمسين ولد وبنت ربنا يوفقنا وتصبح على خير يا عمو..


فهذه كانت تجربة صغيرة و لكنها قابلة للتكرار, والخير آت بإذن الله.


الكل يعرف قوة الكارثة ، فالحكومات تعرف والشعوب أيضاً تعرف والإعلام كذلك, الكل يعرف بأننا في مصيبة و هذه المصيبة تتفاقم يوما بعد يوم وطوفان يعلو فوق رؤوسنا اسمه البطالة ، لكن الكل يفضل السكوت و يقول لا داعي للتطرق إلى المشكلة لأننا لا نعرف حلا لها, لكن لا يجدي أن نبقى في سكون لأن الطوفان سيقضي علينا فلا بد أن نتكلم قبل أن يجرفنا الطوفان ؛ ولهذا بادرنا في صناع الحياة و وضعنا هذا المشروع على عاتقنا. فنحن نريد أن نهز الدنيا بأسرها , و نقول لهم أنقذوا شباب هذه المنطقة قبل أن يتحول إلى بركان. و العالم كله سيخسر لو أن هذا الشباب لم ينتج و لم يخرج من دوامة البطالة. و لهذا فنحن ندق الجرس ونصرخ بأعلى صوتنا و نقول من أجل أن نخرج من هذه المحنة نحتاج إلى مشروع قومي.

الأرقام الرسمية تشير إلى أن البطالة بلغت ستة عشر مليون فرد, و قد يكون أكبر بذلك بكثير. ستة عشر مليون مواطن عربي لا يجدون عمل, ماكثين في بيوتهم منهم من هو في الثانية و العشرين من عمره و منهم من هو في الخمسة و الثلاثين و منهم رجال في الخامسة والأربعين يجلس بجانب زوجته في البيت لا يفعل شيئا. هذه المصيبة تزداد حدة, و الموضوع ليس جديد علينا فهو موضوع قديم وكل الصحف تتناوله يوميا ، فانظروا إلى الخبر الذي تنشره الأهرام :
( ثمانون مليون فرد سيعدون في تعداد البطالة سنة 2013 )
فنحن إذا نقترب من الوصول إلى 80 مليون عاطل. و هل تدرون كم يمثل هذا العدد من إجمالي تعداد سكان الوطن العربي ؟ فمجموع سكان الوطن العربي قرابة 280 مليون نسمة.


فماذا سيحصل يومئذ ؟!!...




هذا لأن خطر البطالة أخطر من أكبر مصيبة ألمت بأمتنا. فهل تدركون هذا يا شباب ؟ التتار لما دخلوا بغداد قتلوا ثلاثة ملايين مسلم أما الآن ليس هناك ثلاثة ملايين و لكن ثمانون مليونا من الأحياء سيصبحون أمواتا إن لم ندرك الأمر, و علينا بادراك الأمر إذ أردنا أن نقوم بنهضة. التتار قتلوا ثلاثة ملايين و قيل مليونين, وقيل مليون و يحكى أن بغداد تحولت إلى أكوام من الجثث و ترك الناس في الشوارع قتلى حتى تغيرت رائحة الهواء ، و البطالة ستغير رائحة بلادنا, ستغير قيمنا الاجتماعية و السلوكية, ستغير أخلاقنا ... المصيبة نفسها و لكن في بغداد الموت كان سريعا أما البطالة فإنها تقتل ببطء.


فلو أردنا أن نشبه البطالة بحدث نزل بالأمة في العصور الماضية فنشبهها بالطاعون الذي كان يأتي على بلد فيفنيه بأكمله . و إن أردنا أن نشبهها بحدث في العصور الحديثة نشبهها بإعصار (توسونامي) الذي حصد الكثير من الأرواح في آسيا, و أولئك الضحايا الذين كانوا يرون الطوفان و هو قادم إليهم, فهل تتصورون فظاعة المشهد, وهم يرونه يقترب منهم حتى أخذهم و غرقوا فيه و زهقت أرواحهم. كذلك البطالة, و لو كان موت البطالة بطيئا و بشكل اجتماعي وليس بشكل ظاهرة طبيعية, لكن الموت واحد في أخر الأمر ..


و لذلك أقول لا بد من حل المشكلة, و لكن ما الحل ؟


الحل هو أننا يجب أن ننتج, فنحن لا ننتج أبداً . نحن لا ننتج أبداً ، و لهذا فإننا لا نعمل. علينا بإنشاء مشاريع صغيرة كثيرة لكي يعمل الشباب, اثنان أو ثلاثة من الشباب في كل مشروع و هكذا ...مشروع تجاري أو مشروع اقتصادي أو مشروع خدمي أو مشروع صناعي. فليست محصورة حتما في الصناعة أو الصناعات الصغيرة, و لكن أي مشروع صغير فقط من أجل أن يكثر عدد العاملين. فنحن لا ننتج بل و بصراحة نعيش عالة على النعمة التي أهدانا الله إياها.

لا نحولها لشيء ما وإنما نأخذها فقط لكي نأكلها. و بعبارة آخري, نحن نعيش على البترول. سواء بشكل مباشر في الخليج أو بشكل غير مباشر في بقية الوطن العربي الذي يستفيد بدوره من البترول. لكن ماذا سنفعل يوم ينفذ البترول ؟

إذن هو سينفذ ؟

طبعا سينفذ. فالأبحاث جارية, وستظهر مصادر جديدة للطاقة, الطاقة الشمسية وطاقة الرياح. القرن الماضي كان قرن الفحم. القرن الثامن عشر و القرن التاسع عشر كان الفحم هو مصدر الطاقة. و كانت الحروب تقام من أجل الفحم, ثم انحسر دور الفحم و لا أحد يبحث عنه. فأتى دور البترول, فماذا سنعمل ؟ أ

نتم تعرفون أنه لو خصمنا من ميزانيات الوطن العربي عائدات البترول فسنصبح أسوأ حالا من مجاعات إفريقيا ...

انقذوا المسلمين, و الحل الذي لا غنى عنه هو أن الشباب كله يبدأ يستثمر في المشاريع الصغيرة.

و ما المشاريع الصغيرة ؟


لا بأس أن نكرر, يعني كل اثنين أو ثلاثة من الشباب ينطلقون في مشروع يوظفون فيه خمسة أو ستة أشخاص أو يعملون وحدهم. فهذا ينتج منتجا صغيرا, وذاك يقدم خدمة, و آخر يقوم بنشاط تجاري. و تبدأ هذه المشاريع تكثر, و تنتشر في بلادنا و ننتج و نصدر ونقف على أرجلنا مرة أخرى و من دون هذا فلا جدوى. فالخيرات التي نملكها ستنفذ, و لهذا فعلينا بالمبادرة. و أكثر مما ذكرناه فنحن نريد إنشاء مشاريع متناهية الصغر. أي مشاريع صغيرة جدا. ورشة صغيرة للحدادة, ورشة صغيرة للنجارة. و أصحاب المهن و الحرف ينشئون مشاريع صغيرة.

هل أضرب لكم مثلا يحمسنا و يقوي من عزيمتنا ؟

كان هناك صحابي يسمى عبد الله ذو البجادين. و قد رويت قصته من قبل في برنامج و نلقى الأحبة. لكنني أريد أن أتطرق اليوم إلى قصة ذي البجادين من جانب آخر. ذو البجادين كان رجل يحب الإسلام كثيرا. و كان قوي الإيمان إلى درجة أنه ترك بلده و هو كان رجلا غنيا يعيش في عز بين أهله. فترك كل هذا من أجل الرسول - صلى الله عليه و سلم. وهاجر إلى النبي في ثياب مقطعة لأن أباه عندما عرف أنه أسلم نزع منه ماله. فذهب إلى الرسول. هل ترون حب الصحابة للإسلام ؟
فالرسول لما رأى فيه هذا الإخلاص علمه حرفة. فهو هاجر إلى الإسلام بإخلاص لكن هذا لم يكفِ فكان عليه أن يتعلم صنعة صغيرة . فعمل ذو البجادين بجانب الرسول في المدينة بعد أن ترك أهله, و بدأت يتقن حرفته و بدأ ينجح. إلى حد أن الرسول لما أراد الخروج إلى غزوة تبوك أخده معه, ليس لكي يحارب معهم و لكن ليخدمهم بحرفته. لكن ذو البجادين لم يرض و أراد أن يحارب مع بقية الصحابة, لكن الرسول رأى بأن ذا البجادين سينفع المسلمين بحرفته و يعينهم على النصر. فكان ذو البجادين يمشي بجانب الرسول فقال له : يا رسول الله ادعُ لي أن أموت اليوم شهيدا. فقال له النبي : يا ذا البجادين, يا عبد الله إن من عباد الله من يخرج من بيته في سبيل الله فتصيبه الحمى أو يسقط من فرسه فيموت فيكون شهيدا.
(فأنت عندما خرجت مع الجيش خرجت في سبيل الله. أنا أتمنى لو أن الشباب يفهمون هذا المعنى. فهو بصناعته الصغيرة ينقذ أمته) هل فهمتم ماذا كان يقول له الرسول؟ ليس فقط الشهداء الذين يموتون بضربة سيف أو ضربة رمح, فممكن أنكِ تكتبين عند الله شهيدة فقط لأنك وظفتِ عشرة من الناس و أنشأت مشروعا صغيرا, لأنك تخدمين نهضة أمة.

فعبد الله ذو البجادين سمع ما قاله رسول الله و سكت. و خرج الجيش إلى المعركة و حارب الجيش و لم يحارب معهم ذو البجادين و لكن بقي يعمل في مهنته و صنعته يخدم الجيش. و في ليلة من الليالي, يحكي ابن مسعود و يقول: "في ليلة شديدة البرد نظرت في فراش النبي فلم أجده فتعجبت. فالبرد شديد و الظلام شديد و النبي ليس في فراشه. فنظرت في فراش أبي بكر فلم أجده, فنظرت في فراش عمر فلم أجده, فسمعت صوت الحفر خارج الخيمة. فخرجت من خيمتي فإذا النبي يحفر في الأرض و أبو بكر و عمر يمسكان له سراجا. فنظرت فإذا النبي يحفر وعيناه تذرفان من الدموع ’مات أخوكم ذي البجادين‘ فقلت لأبي بكر وعمر ’أتتركان النبي يحفر وتقفان هكذا؟‘ فقالا لي ’أبى النبي إلا أن يحفر قبره بنفسه‘ ثم نزل النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم واضطجع في القبر ثم رفع يديه إلى أبي بكر وعمر وقال ’ابنيا إلي أخاكم‘ فضمه ثم وضعه في القبر ورأيت دموع النبي تسقط على النعش.. ثم وضعه النبي في قبره ورفع يده إلى السماء وقال ’اللهم إني أشهدك أني راض عن ذي البجادين فارضى عنه يا رب" .
.



هل يمكنكم أن تنظروا للموضوع من هذه الزاوية؟؟


أرجوكم وصولوا هذا الكلام لإخواننا الحرفيين والمهنيين. لن نقوم على أرجلنا إلا بالمشروعات الصغيرة ولا يوجد أمل أجر غيرها. ولا توجد حلول أخرى لآن بلادنا تعجز عن القيام بمشروعات قومية كبيرة تستوعب كل هذا الطاقة من الشباب. والكثير من المشروعات الكبيرة في بلادنا فشلت وذهبت أموالها.. كما أن التعليم لا يقدم ما يحتاجه السوق من خبرات وبالتالي فالفجوة في تزايد مستمر. الحل الوحيد هو المشروعات الصغيرة. ولتكن نيتنا أن ما نقوم به من عمل هو خالصا لوجه الله.

فلننظر مثلا إلى الغرب. كيف نجح

؟ محلات شانيل العملاقة بدأت بسيدة تعمل خياطة.. هل تصدقون أن شركة جونسن أند جونسن بدأت بشخص في معلم كيميائي يقوم بعمل تركيبة مطهر للجروح؟؟


هل تصدقون أن شركة كادبوري بدأت بحلواني صغير يصنع الشيكولاتة؟؟ كنت أشاهد من وقت قريب جدا فيلم عنوانه (انتصار الطلبة) وفي الفيلم مجموعة من الطلبة تخرجوا من الجامعة ولم يجدوا عمل فقرروا أن يجتمعوا في جراج واحد منهم ثم قاموا بشراء مجموعة من الأجهزة لتبدأ من هذا المكان شركة من أكبر شركات الكمبيوتر في العالم (أبل ماكينتوش). هم رجالا ونحن أيضا مثلهم رجالا.. هم لديهم عقولا ونحن أيضا لدينا عقولا مثلهم.. أم أننا سنظل دائما نعاني من عقدة الهزيمة ؟؟ وعقدة أننا صغار؟؟؟ متى نتخلص من كل هذا؟؟ لن نتخلص من هذه العقد إلا لو خرج منا رجال ونساء مصرين على العمل والإنتاج والنجاح. هيا بنا يا شباب.. لنتحرك.

والموضوع ليس مجرد حماس.. فنحن في حاجة إلى خمس أشياء:

1. أفكار لنا فيها ميزة نسبية
2. تمويل
3. تسويق للمنتجات
4. تدريب
5. بيئة إدارية مناسبة


دور حكوماتنا هو أن تجيء لنا بأفكار لها ميزة نسبية وهذه هي الطريقة الوحيدة حتى نكتسح العالم. فإذا كانت لدينا أفكار لمنتجات لها ميزة نسبية فسننتج بأسعار أقل وبالتالي نستطيع أن نقوم بالتسويق المناسب. سنكون في حاجة إلى تمويل وتدريب وسنكون في حاجة أن تساعدنا الحكومات عن جعل الضرائب والجمارك في مصلحة الشباب بدلا من أن تكون في مصلحة كبار المستثمرين. وبما أننا نفتقر إلى هذه الأشياء الخمسة فهذا هو السبب الأساسي أن المشروعات الصغيرة لا تنجح في بلادنا.

كيف نحقق هذه الأشياء الخمسة؟؟ نحن نقدم لكم هذا الاستقصاء حتى نرج به العالم كله لكي يساعدنا على توفير هذه الأشياء الخمسة... فهم حلنا وأملنا.. نريد مؤسسة ضخمة أو مؤسسات تكون بمثابة حضانات للشباب .. تقدم لهم هذه الأشياء الخمسة لينطلقوا.. وقبل أن نتهم الشباب العربي بالاستهتار نسأل أنفسنا إذا كانت هذه الأشياء الخمسة قد توفرت لهم أم لا.

كيف نحصل على أفكار لنا فيها ميزة نسبية؟ لابد أن يكون البحث عن هذه الأفكار خطة قومية في بلادنا كلها. هل صناعة الأثاث فكرة لها ميزة نسبة في مصر؟؟ ما هي الأفكار التي لها ميزة نسبة في المغرب أو في البحرين؟؟ كيف نعرف هذه الأفكار التي لنا فيها ميزة نسبية؟؟ نريد أن يتحول هذا الأمر إلى مشروع قومي تجمع عليه الأموال والخبراء والمدربين وطرق التسويق. لابد من أن يحدث كل هذا.. وبدونه لن يكون هناك حل للبطالة.

وكأني أرى الحلم يتحقق أمامي: أرى مدن كثيرة في كل بلاد العالم العربي يقوم فيها الشباب بالمشروعات الصغيرة.. أرى في أحد هذه المدن معاهد كبيرة بها خبراء يدربون الطلبة على الأفكار التي لنا فيها ميزة نسبية.. أرى كل الإعلام والأغاني والفيديو كليب يدفعون الشباب إلى هذه الأفكار.. أرى المدارس أيضا تعلم الشباب على الأفكار التي لنا فيها ميزة نسبية.. ألم أقل لكم أنه مشروع قومي؟؟ أرى المدن بها مئات الآلاف من المصانع والورش.. أرى الإنتاج يتم تصديره كله.. هل ترون معي كل هذا؟؟

كيف نحرك العالم كله؟؟ هل نملك هذا في صناع الحياة؟؟

طبعا نحن في حاجة إلى تمويل ضخم. وأنا أؤكد عليكم أن مثل هذه المؤسسات التي أتكلم عنها لابد أن تكون مؤسسات غير ربحية (مؤسسات أهلية) تجمع الشباب للعمل لا لكي تربح منهم.. وبهذا الشكل يتحرك العالم كله. طبعا لن نستطيع أن نقوم نحن بكل هذا وحدنا ولكننا نستطيع أن نهز العالم كله من الشرق إلى الغرب بهذا الاستقصاء.

الكل متصور أن الشباب مستهتر ولا يريد أن يعمل.. دائما يقولون لي أن أنظر للشباب في الشوارع وفي المقاهي.. وأنا متأكد أن هذا ليس بصحيح وأنا متأكد أن الــ 350000 استقصاء (حتى الآن) هم أول بادرة خير وبإذن الله نعبر بهم المليون ويزيد.. فهذا هو جهدكم جميعا. هذا الاستقصاء هو أول وسيلة تنبيه للعالم كله نقول لهم به "أفيقوا.. قبل أن يتحول شباب هذه المنطقة إلى بركان يجتاح العالم كله".

المطلوب هو أن نحول هذا الأمر إلى قضية قومية نقول بها للعالم كله أن يقدموا للشباب حضانات حتى يستطيعوا أن يخرجوا مشروعات صغيرة. وبصراحة بلادنا كلها تفتقر إلى مشروعات قومية. هل تذكرون بوريس يلتسن رئيس روسيا السابق؟؟ وقت أن كان رئيسا لروسيا قرأت خبرا في الجرائد وقتها يطلب فيه يلتسن من الشعب الروسي أن يتقدم أي منهم بفكرة مشروع قومي لإنقاذ روسيا. فهو لم يخجل أن يطلب من الشعوب المساعدة في أن يعرضوا مشروع قومي. هذا ليس عيبا أبدا.

سليمان الفارسي عرض على الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم مشروع قومي لإنقاذ المدينة (وهو حفر الخندق) وطبعا النبي لم يرفض مشروعه بحجة أن المشروع لابد أن يقدم منه هو نفسه. كما أن النبي لم ينسبه لنفسه. بل وافق على المشروع وتم تنفيذ فكرة سليمان الفارسي وبعد أن نفذ المشروع تنازع كل الصحابة على ضم سليمان الفارسي لهم. قال المهاجرين "سليمان منا" وقال الأنصار "سليمان منا" فحسم الرسول الخلاف وقال "سليمان منا آل البيت".



المشروع القومي الذي نعرضه على بلادنا الآن هو (مشروعات صغيرة كل طاقتنا تتجه إليها).. ونبدأ مشروعنا بهذا الاستقصاء المقدم من ثلاثة مليون منا.. بعد أن كانت أصواتنا متفرقة جمعناها كلها في صوت واحد.. صوت عالي جدا يهز العالم كله. وهذا هو دور الاستقصاء.

هل تذكرون مشروع السد العالي؟؟ مشروعنا القومي في مصر؟؟ أنا أريد أن تتحول المشروعات الصغيرة وحل مشكلة البطالة وهذا الاستقصاء إلى مشروع قومي مثل بناء السد العالي. هل تذكرون بناء السد العالي؟؟ أعلنا أننا سنبني السد العالي وكانت قضية مصر كلها.. ولكن من أين لنا بالتمويل؟؟ رفض البنك الدولي أن يقرضنا فقمنا بتأميم قناة السويس. فقامت حرب 1956 وجاءت إنجلترا وفرنسا وإسرائيل على مصر فانتصرنا عليهم وكانت النتيجة أننا أكملنا المشروع وتم بناء السد العالي.. تحدي كبير ولكنه تم.

اليابان من أكثر من 40 سنة قررت أن تصبح دولة عظمى بالمشروعات الصغيرة بعد أن كانت تتعلم من مصر وفعلا نجحوا في التحدي وتحولت البلد كلها (قانون – تعليم – إعلام – حكومة) إلى خدمة المشروعات الصغيرة حتى أصبحوا دولة عظمى.

فهل سنظل نحن كما نحن؟ عايز أقولكم حاجة بس من غير زعل.. نريد أن نعيش تحدي مثل تحدي النمل. فعلا.. هذا ليس مزاحا..



سأذكر لكم قصة يتم تدريسها للأطفال في الهند. هذه القصة كتبها أستاذ خبير في علم الحشرات. وأنا أسف إني أطلب منكم أن تكونوا مثل النمل ولكن هذه هي الحقيقة.. أفيقوا ودعونا نجمع الملايين من هذا الاستقصاء.

تقول هذه القصة (وهي حقيقية) أن النمل لديه صفة في سلوكياته فهو لا يستطيع أن يعيش إلا في ظل قضية تحدي.. يحكى عن مصنع كبير جدا للمواد الغذائية في الهند.. هذا المصنع به مخزن يحوي منتجات غذائية بمئات الآلاف من الدولارات. قام النمل ببناء مستعمرة بجوار هذا المخزن وبدأوا يهجمون على المنتجات الغذائية. كل محاولات الإبادة فشلت مع النمل. فجاءوا بخبير في الحشرات ليساعدهم وسألوه: "هل ستقوم بهدم المستعمرة؟" قال لهم: "لا.. لو هدمتها سيقوم النمل ببنائها مرة أخرى لآن النمل لديه تحدي غير عادي". فجاء بكومة كبيرة من السكر وضعها في نصف المخزن وتركها.. ثاني يوم اختفت كومة السكر.. فقام بتكرار هذه الطريقة وكل مرة يضع للنمل كومة سكر أكبر ممن قبلها. وجاء في يوم ليجد أن النمل قد ترك بعض كومة السكر. وفي الأيام التالية كان النمل يترك كمية أكبر من السكر حتى جاء يوم وجدوا فيها كومة السكر كما هي بدون أي نقص ولم يجدوا نملة واحدة في المخزن. فقال خبير الحشرات: "الآن لو ذهبتم للمستعمرة لن تجدوا فيها نملة واحدة". لماذا؟؟ لآن النمل أكل حتى شبع وملأ كل مخازنه فما كان منه إلا أن ترك هذه المستعمرة ليذهب إلى مستعمرة جديدة يبدأ فيها تحدي جديد لأنه لا يستطيع أن يعيش بلا تحدي.




وأنا أسألكم: ما هو الأفضل؟؟ أن نعيش زمن التحدي أم أن نعيش زمن الراحة والرفاهية؟؟ والله أؤكد لكم أن هذا الزمن أفضل. . فهو زمن التحدي. أذكركم بأن النمل مثلنا لديه مشكلة انفجار سكاني وبالتالي لو لم يعيشوا في تحدي مستمر يلهيهم ستكون النتيجة أنهم سيأكلون بعضهم البعض من كثرة عددهم. هل عرفتم الآن لماذا أسمى الله أكثر صورة تتحدث عن مقومات النهضة (سورة النمل)؟؟ مع إن سورة النمل تتحدث عن مملكة سيدنا سليمان (وهي أكبر مملكة في التاريخ) والنمل هو من أصغر المخلوقات.. إلا أن السورة كان أسمها النمل.. التحدي هو الذي يأتي بالنهضة. وأنا في الحقيقة أخجل من أطلب منكم أن تكونوا مثل النمل.. لكن يا جماعة القضية قضية تحدي. فهل تقبلون التحدي؟؟

هذا الاستقصاء هو الشهادة التي تشهد بها أنك تريد أن تشارك في النهضة بمشروعك الصغير. وقد تكون هذه الشهادة هي التي تنجيك يوم القيامة. هذا الاستقصاء ليس للشباب فقط لكن للخبراء – الموظفين – ربات البيوت – الآباء والأمهات.. الخ وليس من الضرورة الإجابة على كل الأسئلة. فكل واحد يجيب عما يخصه من الأسئلة حتى لو أجبت على سؤال واحد واثنين فقط من كل الاستقصاء.

تخيلوا معي هذا الحلم الجميل: مليون شاب من مصر ومليون شاب من الجزائر ومليون من السعودية ومليون من اليمن وربع مليون من لبنان ثم يتم عمل هذه الحضانات لهم لتمويلهم وتعليمهم وتفتح لهم أسواق. ثم يقوم كل واحد من هؤلاء بعمل مشروع يعمل فيه عشرة آخرين. فتخيل 10 مليون يعملون في مصر ومثلهم في الجزائر والسعودية واليمن ولبنان والمغرب. والله حتى لو فشل منهم نصفهم لن تكون هناك مشكلة فيكفي أن يعمل في كل بلد 5 مليون يزلزلون الملايين الباقية. هذه هي الفكرة. أنا لا أقول المستحيل فهذا الأمر ممكن جدا. وطبعا ستكون كل إمكانيات الدولة تحت خدمة هؤلاء المليون وكل الطاقات مسخرة لهم. أنا لا أقول أنه أمر سهل فأنا أعرف مدى الصعوبة وأعرف أني أتحدث عن مشروع قومي لنهضتنا. يقول الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم: " ....و من مشى مع أخيه في حاجة حتى تتـهيأ له أثبت الله قدمه يوم تزول الأقدام " (صحيح الألباني – السلسة الصحيحة).

أريد أن أقرأ عليكم بعض أسئلة الاستقصاء بسرعة مرة أخرى:


- هل لديك عمل أو وظيفة مستقرة في الوقت الحالي ؟ نعم أم لا
- في حالة كونك طالبا ... هل تتوقع الحصول على فرصة عمل مناسبة ومستقرة بعد تخرجك ؟
- إذا كنت لا تعمل ، فمن في رأيك المسئول عن توفير فرص العمل والوظيفة لك ولأمثالك في السنوات العشر القادمة؟؟
- إذا كنت طالبا أو لا تعمل حاليا هل تعتقد أن البحث عن العمل هو: أول أولوياتك - على قمة أولوياتي بجانب أهداف أخرى - واحد من الأولويات الكثيرة...
- في ضوء وصول نسبة البطالة حاليا بين الشباب العربي إلي 26.6 % (226 لكل 1000) تعتقد أنه عليك: انتظار الوظيفة - أبدا بمشروع خاص بشرط وجود جهة أو جهات تساعد في التمويل والتدريب وتسويق المنتجات - مستعد فورا لبدء مشروع خاص صغير أو تعلم حرفة بدون انتظار مساعدة أحد.
- إذا كنت مستثمرا أو رجل أعمال أو صاحب مال هل أنت مستعد أن تنفق من مالك لتمويل الشباب لإقامة مشروعات صغيرة لتقليص مشكلة البطالة ؟
- إذا كنت صاحب خبرة في مجال التدريب والإدارة ، فهل أنت مستعد أن تقدم جزء من هذه الخبرة للشباب؟
- إذا كنت أبا أو أما لشاب في المدرسة أو الجامعة فهل توافق أن يتجه ابنك أو ابنتك لعمل مشروع خاص بدلا من انتظار الوظيفة ؟
- إذا كنت أبا أو أما لشاب في المدرسة أو الجامعة فهل توافق أن يتجه ابنك أو ابنتك لتعلم حرفة أو مهنة ويتقنها ؟

ستة عشر سؤالا وهذه الأسئلة متوفرة على موقع www.amrkhaled.net أدخلوا لتأخذوها وتطبعوها وتوزعوها على أكبر عدد ممكن. وأنا هنا أحب أن أشكر شباب صناع الحياة على كل ما قاموا به وأعلن أن الثلاث أسابيع القادمة هي مسابقة بين كل نوادي صناع الحياة وبين كل الناس والشباب والجمعيات على جمع أكبر عدد من الاستقصاءات (ثم إدخالهم على الموقع) وستكون الجائزة مفاجأة وسأقوم أنا بنفسي بتسليمها في أي بلد من بلاد العالم. كل ما تجمعوه من الاستقصاءات يمكنكم أن تدخلوه على الموقع دفعة واحدة أو ترسلوه على الفاكس أو صندوق البريد . وأذكركم بالمقولة: "ما ضاع حق ورائه مطالب". هذا هو حقنا وسنأخذه سنأخذه بأي طريقة. الأمة الآن فرجة لكل العالم وما نريده هو أن ينحني العالم كله احتراما لشبابنا. أوصيكم بالاستقصاء وأذكركم أننا سنحمل صوتكم للعالم كله من خلاله.. وسنتقابل كلنا يا شباب مع عبد الله ذي البجادين في الجنة بإذن الله وسيفرح بنا نبينا ونتقابل مع سليمان الفارسي لنخبره عن مشروعنا القومي.

نشوفكم على خير إن شاء الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.






تفريغ الحلقة باللغتين الإنكليزية والفرنسية


لمشاهدة الحلقة اضغطي هنا


أنيمشن مجالات النهضة: صناع الحياة في سوريا
شام
شام
أختي الكريمة لاوسي : أسعدني تشريفك أنت والأخوات في الموضوع ...

نسأل الله عزوجل أن يعيننا على العمل بما يرضيه

بارك الله بكن جميعا ..

------------------------------------------------------------------------



يمكنكم المشاركة في الإستقصاء على هذا الرابط....
http://www.amrkhaled.net/survey/batala1.php

يمكنك هنا أن تضع الإجابات دفعة واحدة بدلاً من أن تجيب على الاستقصاء واحداً واحداً

http://www.amrkhaled.net/survey/gsurvey/batala1.php


يمكنكم تحميل وطبع الإستقصاء من على هذا الرابط

http://www.amrkhaled.net/articles/articles684.html


نتائج الإستقصاء لحظة بلحظة من كل دول العالم :

http://www.amrkhaled.net/survey/statistics/ar_html.php
شام
شام
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين و الصلاة و السلام على رسول الله - صلى الله عليه و سلم.

الحلقة – التعليم (الجزء الأول)





أهلا بكم وحلقة جديدة من برنامجنا صناع الحياة..


سنبدأ أولا بنتائج الاستقصاء و دائما ً نقول : لا بد أن يكون موضوع المشروعات الصغيرة والبطالة مشروعا قوميا لبلادنا كلها ، وأول خطوة لتحقيق ذلك كان الاستقصاء الذي يطلب رأي الشباب العربي وشباب هذه المنطقة ، هل تريدون أن تعملوا أم تنتظروا الوظيفة ؟

هل أنت مستعدون لعمل مشروعات صغيرة لتنتجوا؟

من أجل ذلك عملنا إستقصاء البطالة. نريد ملايينا وليس ألوفاً من الشباب لنأخذ هذا الاستقصاء ونطرق به كل الأبواب ونحمله باسمكم إلى كل الجهات المحلية والدولية لنقول لهم إن شباب هذه المنطقة من العالم - شباب العالم العربي- شجاع ويريد أن يعمل.

وقبل أن نبدأ في موضوع اليوم كنا قد أقمنا مسابقة لعمل تصور لمجالات النهضة الإحدى عشرة من صناعة، زراعة، تعليم... ألخ .. بطريقة الرسوم المتحركة أو animation لعمل صور جميلة تعبر عن مجالات النهضة الإحدى عشرة. وقد شارك في المسابقة عدد كبير من الشباب الموهوبين ، وفاز في المسابقة شاب عربي يعيش في كندا يدعى أيمن عبد الرحمن .... وهذا يدل على أن هناك أمل في الشباب الذي يريد أن يبذل ويعطي كنموذج أخونا أيمن..الشباب بإحساسه الذي يعبر عن إرادته بأن يقدم ويعمل شيئا ويشارك بشيء مع صناع الحياة...



ما زلنا مع صناع الحياة وما زلنا مع مجالات النهضة ولقد انتهينا من مجال البطالة والصناعة والزراعة و العمل الحرفي والصحة وسنتكلم اليوم عن التعليم ...
فالتعليم الموضوع الأكبر الذي يهزنا ويمسنا جميعا لأننا طلاب أو آباء للطلبة أو أقارب لهم ..فالتعليم موجود في كل بيت ويؤثر على كل بيت...

وسنخصص للتعليم أربع حلقات:


الحلقة الأولى : سنتكلم فيها عن قيمة التعليم وأهميته وعلاقته بالنهضة... ونتعرف على مخرجات التعليم ونقرر إذا كانت صحيحة أم لا.
الحلقة الثانية : سنتكلم عن معوقات التعليم التي نستطيع نحن كشعوب أن نساعد فيها لنحل مشاكل التعليم ونساعد حكوماتنا وبلادنا فيها..
الحلقة الثالثة : سنتكلم فيها عن كيفية تفعيل الطالب والمعلم وأولياء الأمور ونخاطب كل منهم..
الحلقة الرابعة : سنتكلم فيها عن التعليم الفني والحرفي والإهتمام بالحرف والمهن ...



أما حلقة اليوم فهي عن قيمة العلم و أهمية التعليم وسأبدأ معكم بداية مختلفة جدا حول التعليم ،إن التعليم هو الذي يقيم الدول أو يسقطها.. والتعليم يقيم الحضارات أو يسقطها...فالتعليم هو أداة تعمير الأرض....



سنحلم معا بعام 2025 م وقد حدثت النهضة خلال السنوات العشرين بجهود صناع الحياة بجهود الشباب والبنات بجهود طلبة المدارس وبجهود سبعمائة ألف ممن أجابوا على الاستقصاء ، لكن ما علاقة هذا بالتعليم ؟ بينما نحن نحلم نرى التعليم يتداخل في الحلم ...كلما حلمنا سنجد التعليم أمامنا ..وسأريكم أهمية وقيمة التعليم سنة 2025 ..

هيا بنا نحلم عام 2025..



نحن في طائرة و قد هبطت في مطار القاهرة أو مطار جدة أو مطار صنعاء أو مطار الرباط و قد هبطت في موعدها المحدد في الساعة 04:17 حالها حال جميع أنواع المواصلات في بلادنا فالإنضباط يسود بلادنا في كل مجال ...لأننا في المدارس أول ما نعلمه للطلبة الانتظام في المواعيد...
فالمدرسة تفتح أبوابها الثامنة صباحا ، وتدق ساعات الطلاب الثامنة صباحا ، ويقرع جرس المدرسة الثامنة صباحا .. فتربى الطلبة على النظام في المدارس وكانت النتيجة شعب منضبط
ونحن نهبط بالطائرة نرى من نوافذ الطائرة المباني ونرى المساحة الخضراء في بلادنا قد اتسعت ونقول يا الله ! أليس هذا حي شبرا الذي كان شديد الإزدحام في الماضي؟ !
أليس هذا حي الغرير في جدة الذي كان شديد الإزدحام في الماضي؟ !..
أليس هذا الحي في صنعاء الذي كان شديد الإزدحام في الماضي؟ !..
وأصبح في الوسط حديقة ونرى شبابا يلعب كرة القدم في الملاعب لتفريغ طاقتهم الرياضية فيها...ونرى بنات يجلسن مع بعضهن...
نرى أسطح المنازل وقد امتلأت بالمزروعات المتنوعة ، وكل بيت الآن يأكل الخضار والفواكه التي يحتاجها مما زرعت أيديهم على أسطح المنازل ..تعرفت العائلات على بعضهم وأصحبت العلاقات بين العائلات مترابطة يسودها الحب والصحبة لأن أولاد العائلات كلهم يزرعوا معا سطح المنزل..نرى كل العمارات السكنية يعلوها الخضرة.. تقام الحفلات على الأسطح ويأكلون ما يحتاجونه من الخضار مما يزرع على الأسطح...
ماذا حصل؟ المدارس والجامعات سنة 2008 أعلنوا قرارا بأن من يقوم بزراعة سطح منزله من طلبة المدارس والجامعات سيأخذ كل درجات أعمال السنة .. وكذلك لمن يشارك بزراعة أسطح المدارس والجامعات...
وفي سنة 2007 العام الماضي صدر قرارا بأن كل طلبة الجامعات يجب أن يتعلموا كيفية محو الامية ويحصل الطلبة على درجات زيادة إذا عقدوا دورات محو الأمية في الريف والقرى..
وقد ساعد الإعلام الطلبة في ذلك حيث حببوا الأميين نحو التعليم وأعلنوا عن جوائز للأمي الذي يتعلم وكانت النتيجة أن انخفضت نسبة الأمية من 60% في العالم العربي الى 15% خلال سنة واحدة...

نزلنا بالطائرة ونزلنا نمشي في الشوارع ونظرنا الى وجوه الناس التي تغيرت عما كنت عليه في سنة 2005 فأظهر الناس أصبحت مستقيمة على عكس سنة 2005 الذي كانت فيه ظهورهم منحنية...الوجوه مبتسمة على عكس سنة 2005 الذي كانت الوجوه فيه مليئة بالكآبة... تملأ العيون الثقة بالنفس لأنه هناك حصة في المدارس أسبوعيا اسمها حصة الحرية...
هيا نزور مدينة في الجزائر و تونس وفي كل العالم العربي ..مدينة رائعة... ما تلك المدينة ؟ ! إنها مدينة الشباب للمشروعات الصغيرة.. نعم مدينة بنيت وفيها مئات الآلاف من الورش والمشروعات الصغيرة..من يقف في الورش ؟ ! شباب صغير السن وشباب جامعي ليس كلهم من الخريجين..كل مجموعة عملت مشروعا صغيرا وقد أعطتهم الدولة مكانا لممارسة عملهم ..
وما المشروعات الصغيرة ؟ ! هذه المشروعات تُصدِر بمئات الملايين من الجنيهات والدولارات ، إلى أين يصدرون إنتاجهم ؟ إنهم اكتسحوا السوق الصيني.. حتى أن الصين تفكر أن تسن قانونا يمنع غزو المنتجات العربية الى بلادهم..فالدراجات الصينية كلها الآن مستوردة من البلاد العربية بماركة عالمية اسمها (( عرب )) كلها من البلاد العربية... فالمشروعات العربية غزت الصين..
هل تتخيل هذه المدينة؟ ! و من أين تم تمويل هذه المدينة ؟ ! من الشعب حيث وضع كل فرد من الشعب مبلغا من المال عندما صدقوا أن الموضوع جادا ولما عرفوا أن الشباب جاد ومن إستقصاء عام 2005 الذي سأل عن الشباب المستعد لعمل مشروعات صغير ة فأجاب ثلاثة ملايين شابا بالإيجاب فهزت عزيمتهم الدنيا وبنيت تلك المدن...

لم تعد البطالة موجودة فانخفضت نسبة البطالة من 30% سنة 2005 الى 4% سنة 2025 كل ذلك بسبب مدن الشباب للمشروعات الصغيرة والتي ساعد فيها الاستقصاء و من رأي الشباب الذين ردوا عليه..
إلى أين تحب أن تذهب ؟ نحن الآن في محطة القطار..فالقطار كبير جدا وقد امتلأ بآلاف الناس والبضائع.. يخرج من مصر يمر بسوريا ويخرج من سوريا يمر بفلسطين ويمر بلبنان ومن ثم يمر على دول الخليج العربي ويذهب لليمن.. ينقل آلاف الناس الى أي بلد يريدونه فلا يحتاجون الى تأشيرة ولا يوجد حدود بين البلاد ولا يوجد عملات مختلفة فالعملة أصبحت موحدة تتعامل بها جميع البلدان العربية لأنهم تعلموا أن وحدة بلادنا غالية جدا ، وكانت الجامعات في الصيف تنظم رحلات مشتركة بين البلاد فالشباب متحابين وتعارف بعضهم على بعض وتزوجوا من بعض بسبب ما عملته المدارس والجامعات...

طريقة التعامل بين الناس تغيرت فأصبحت جميلة جدا..فالناس تتعامل مع بعضها بهدوء شديد...ولذلك زادت السياحة ويزور البلاد العربية مائتي مليون سائحا على عكس سنة 2005 ؛ لأنه هناك حصة في المدارس اسمها ((حصة الذوقيات ))..يعلموا فيها الشباب كيف يرتدون ملابسهم وكيف يتكلمون مع غيرهم وكيف يعاملون الناس ؛ فزادت السياحة بسبب حصة (( الذوقيات)).

هل ترى المساجد ؟ لقد امتلأت في صلاة الفجر سنة 2025 .. زادت مساحة مصلى النساء في المساجد فأصبحت مساحة مصلاهم في المساجد مثل الرجال تماما ، والنساء أصبحت تصلي الفجر في المساجد مثل الرجال ؛ لأن عمل جميع البلد يبدأ بعد صلاة الفجر فلا يناموا في الساعة الثالثة صباحا ويعملوا الساعة الثانية عشرة ظهرا مثل ما كان عام 2005 ، كل الناس تبدأ عملها مبكرا ، والتدين ليس في الصلاة فقط بل في العلاقة بين الناس ، و في التعايش الجميل بين المسلمين والمسيحيين ، والعلاقة المتميزة بين السنة والشيعة..
ماذا حدث ؟ لم يعد الدين مادة إضافية ليس لها فائدة في المدارس بل أصبحت مادة إلزامية...مادة تعلم الشباب كيفية الإنتاج لبلادهم و وكيف يحبون بلادهم..
تخيلوا أنه بسبب (( حصة الدين )) نجحت كل المشروعات الأخرى ، وعملت المدارس مشروعا اسمه "التنمية بالإيمان" صنعوا التنمية بالإيمان من خلال حصص الدين التي تدرس للشباب..





ما رأيكم في الحلم؟ نستيقظ الآن ؛ فيتحول هذا الحلم إلى حقيقة إن شاء الله بأيدينا وجهودنا ..

رأيتم معي تفاصيل الحلم؟
أود أن أقول ليس حلمنا فقط الذي يقوم على التعليم ! ! فهناك أناس رأوا حلما قبلنا وحلمهم تحقق الآن ..ماليزيا...
ماليزيا منذ ثلاثين عاما مضت كان حالها أصعب من حال بلادنا بكثير وحلموا بنفس الطريقة التي حلمنا بها اليوم بالضبط وتحقق الحلم ،


و عندما استضفنا في إحدى القنوات الفضائية العربية "مهاتير محمد" رئيس وزراء ماليزيا السابق وهو من عمل النهضة لماليزيا ، سئل سؤالا محددا في بداية الحلقة : ماذا فعلتم حتى تحققوا حلمكم ؟ ! أخبرونا ماذا فعلتم؟ ! ولكن أرجو أن لا تقول قصة طويلة ، احكي لي كلاما محددا ، ..
فرد "مهاتير محمد" : اعتمدنا على أمر واحد فقد جعلنا ميزانية التعليم 20% من ميزانية الدولة.
فسأله المذيع: فقط؟ !
فأجاب مهاتير محمد: فقط.. أصبحنا نوفر من أكلنا ونصرف على التعليم..أعطينا للتعليم أكبر بند في الميزانية العامة للدولة ...وتحقق
الحلم..
إذن الموضوع غير مستحيل؟

هل تدرون أن كل دول العالم المتقدمة أكبر بند في ميزانية الدولة بعد التسليح التعليم...لأن التعليم ليست مسألة خدمة اجتماعية بل التعليم أعظم استثمار كبير بدونه ستستنزف ، وإذا لم تكن تصنع فسيأتي كل شيء من الخارج ..فلو لم تكن صانعا لحاجتك ستظل تُستنزف مثل حالتنا الآن ..
هل عرفت درجة و أهمية وخطورة التعليم؟ ولماذا يُصرف عليه كل هذه الأموال؟

السؤال الذي يطرح نفسه هل الوضع الحالي في بلادنا يساعد أن يتحقق الحلم ؟


لا أريد أن أقول لا أو أقول نعم ولكنني سأقول أننا يجب أن نكن منصفين .. الجهد الذي يبذل في بلادنا من وزارة التعليم على التعليم ومن الجهات الأهلية على التعليم مجهود خرافي بلا شك، وهذا الأمر ليس في بلد عربي واحد بل في كل البلاد العربية ..يصرف على التعليم أموالا طائلة و تُبذل جهود جبارة .

على سبيل المثال، الإنفاق على التعليم في مصر زاد من 8 مليار من سنة 1996 الى 16 مليار عام 2002 ...وعدد المدارس التي بنيت في العالم العربي في التسعينات يساوي عدد المدارس التي بنيت في العالم العربي في القرن الماضي كله ...وهذا بالإضافة إلى الزيادة السكانية فعدد الطلاب زاد 27% ..ولكن الأمر يحتاج عشرة أضعاف المجهود المبذول الآن ؛ لأن مخرجات التعليم في بلادنا مخرجات ضعيفة ولا تحقق الحلم...

سأحكي لكم قصة أحد أصحاب الأراضي الزراعية يرفض أن يُشغل في أرضه أي مهندس زراعي قد تخرج من كلية الزراعة بل يقول أنه سيشغل أي فلاح أمي هو من سيحرث الأرض ويشغل الجرار ؛ لأنه تعلم في مدرسة الحقل ، أما خريج كلية زراعة لن يعرف أن يتعامل مع الأرض فقد درس كلاما نظريا ليس له علاقة بالحقل..هل لاحظتم مخرجاتنا من التعليم ؟

الحكومات في بلادنا تقيس مخرجات التعليم بنسبة النجاح في الثانوية العامة وعدد الخريجين من الجامعات...وكم نسبة النجاح في الثانوية العامة و الجامعة ؟ 100% الكل ينجح ؛ لأنه لا يوجد مكان فهناك طلبة جدد وليس للطالب القديم مكانا فلا بد أن تنجح المؤسسة التعليمية الطالب... فالمدرسون والمديرون ينجحون الطلاب بصرف النظر عما كتبه الطالب ..فالمخرجات في بلادنا تقاس بعدد الناجحين، وهل هذا المقياس صحيح ؟

المعيار يجب أن يكون في عدد الذين عملوا براءة إختراع أو عدد الذي اشتغلوا أو انخفاض نسبة البطالة ، ومن هنا نستطيع تحديد مخرجات التعليم ..

لنقارن بين الدول في عدد براءات الاختراع

ومعنا تقرير التنمية البشرية للأمم المتحدة سنة 2003 من الدول المختلفة .... و تحسب بالعدد بين كل مليون شخص
الدولة العدد الدولة العدد
مصر 1 فرنسا 195
الجزائر 2 النمسا 159
ماليزيا 25 أمريكا 289
إسرائيل 71 اليابان 1057
المصدر: تقرير التنمية البشرية2003

كل ذلك يدل على مخرجات التعليم ، ويمكننا قياسها أيضا بعدد جوائز نوبل والجدول التالي يوضح ذلك :

الدولة العدد الدولة العدد
أمريكا 137 روسيا 11
ألمانيا 49 اليابان 8
المملكة المتحدة 47 السويد 8
فرنسا 18 كندا 6
هولندا 11 مصر 2
المصدر: تقرير التنمية البشرية2003


عدد البحوث العلمية المنشورة
الدولة العدد الدولة العدد
الولايات المتحدة 2747000 الهند 155000
اليابان 161000 إسرائيل 81000
المملكة المتحدة 58000 مصر 20000
ألمانيا 480000 السعودية 14000
المصدر: تقرير التنمية البشرية2003

معدلات البطالة:
الدولة العدد
العالم العربي 30%
أمريكا 5%
اليابان 5.4%
المملكة المتحدة 5.2%
المصدر: تقرير التنمية البشرية2003

الهدف مما طرحته من هذه الإحصائيات أن مخرجات التعليم في بلادنا لا تحقق الهدف منها، لهذا أقول لكم أننا نحتاج أضعاف أضعاف الجهد المبذول؛ لأن التعليم في بلادنا تعليم تلقيني: احفظ، سمّع. فيتحول دماغ التلميذ إلى مخزن مؤقت تدخل إليه المعلومات إلى يوم الامتحان، ويخرُج الطالب من الامتحان يقول "الحمد لله ارتحت منها".

على سبيل المثال: الدروس الخصوصية ليست قائمة على الفهم بل على (خدع الامتحانات) كيفية دخول الامتحان وكتابة الإجابة الصحيحة، فالمدرس الخصوصي يعطيك احتمالات أسئلة الامتحان، فعلى سبيل المثال هناك أب كيميائي عظيم جدا قال لابنه: لا تأخذ دروسا في الكيمياء، فأبوك أمهر كيميائي في مصر. فدرّس الأب الابنَ الكيمياء بأفضل طريقة، ولكن الابن سقط في الامتحان؛ لأن الأب لم يعرف أن الموضوع ليس موضوع السهولة ولكن الموضوع في الحفظ، كيفية الحصول على أعلى الدرجات في الامتحان، فالهدف ليس الفهم بل التلقين فقط.

أريد منكم إيقاف التعليم التلقيني واستبداله بتعليم يقوم على ثلاثة أمور:


 أولا اكتشاف قدرات ومواهب الشباب والطلبة، كيف نكتشف مواهب الطالب حتى نقلل البطالة، ولتنتشر هذه المواهب، لا أن يكون الجميع موظفين.
 ثانيا كيفية تنمية مهارات التفكير، وليس مجرد التخزين.
 ثالثا كيفية تعليم الطالب البحث عن المعلومة حتى يصبح البحث هو حياته لاحقا.




أولا اكتشاف القدرات وتنمية المواهب



في العالم المتقدم يعلمون المعلمين كيفية استخراج مهارات الطلبة، كيفية الاكتشاف، يقولون له أن الطالب الثرثار -الذي يُضرَب في بلادنا- قد يمتلك مهارة الخطابة، فاستغلوه في الإذاعة المدرسية، والطالب الذي يصدر أصواتا باستمرار -الذي يقال له في بلادنا أنه قليل الأدب لأنه يلعب في الحصة- قد يمتلك إبداعات موسيقية، والطالب الذي يقضي وقت الحصة في الرسم على الورقة نوجهه لمجلة في المدرسة فقد يكون موهوبا في الرسم، والطالب الذي يقوم بعمل صواريخ ورقية -هذا الطالب في بلادنا يطرد من الحصة ومن المدرسة لأسبوع- فيمكن أن يوجه للمشروعات الصغيرة، والطالب الذي يخرج من الحصة ليلعب في الملعب كرة القدم يوجه بتخصيص وقت له ليتدرب مع فريق كرة القدم. فهم يدربون المعلم الغربي على كيفية استخراج مواهب الطلبة، وأنا أتساءل: كم موهبة قتِلت في بلادنا بالضرب في المدرسة لأنه رسم على ورقة؟

من الأمثلة: في ماليزيا أنهم -كما قلنا- خصصوا 20% من ميزانية الدولة على التعليم، وخصصوا منها حصة تسمى حصة الاختراعات لكل الطلبة، تكون هذه الحصة 4 مرات في الشهر، وهي اختيارية، فالطالب الذي يختار دخول حصة الاختراعات يُصرَف له من الدولة 1300 دولار فورا، ثلثهم للمدرسة لتشجع بدورها الطالب، والثلث الثاني مكافأة للطالب، والثلث الثالث للإنفاق على الاختراع، هل عرفتم لماذا استطاعت ماليزيا صنع سيارة ولم نستطع نحن فعل ذلك؟ هل لاحظت كيفية تنمية المواهب والاختراعات؟

لا توجد طريقة معينة لاكتشاف هذه المواهب، ففي جامعة في أمريكا أجريَ اختبار بين الطلبة لتقدير نسبة الذين يعرفون مواهبهم مِن الطلبة ويحددها ممن لا يعرف، 3% فقط من الطلبة كانوا ممن يعرفون مواهبهم، بعد عشرين سنة بحثوا في الأمر ثانية فوجدوا دخل هؤلاء الذين كانوا من ضمن الـ 3% يساوي دخل الطلبة الـ97% الباقين؛ لأنهم عرفوا موهبتهم وهم طلبة، فقررت المدارس والجامعات في أمريكا تخصيص حصة أسبوعيا لاكتشاف المواهب، فيأتون بخبير ليجلس مع الطلبة ويسألهم أسئلة عن ماذا يحبون... ويسأل الخبير الطالب عن هدفه فيقول الطالب أن أكون أكبر مخترع في أمريكا، فيحضرون له العدة ويبدأ الطالب بالعمل، ثم يرسلون تقريرا لولي الأمر عن مجال تميز ابنه، بعد إجازة الطالب الصيفية يطلب تقريرا من الأب والأم يشرحون فيه ما قام الطالب بعمله في الإجازة الصيفية، وإن لم يتميز الطالب كثيرا في هذا المجال فيقومون بالبحث عن مجال تميزه، أما إن نجح فيبدأون بتنمية موهبته وإرسال مستشارين له.

أطلب من الشباب أن يبحثوا عن موهبتهم بأنفسهم إذا لم يجدوا من يساعدهم في ذلك، وهذا هو الأمر الأول الذي أريد أن أقوله، نريد تغيير تعليمنا، أطلب من الجميع أن يبدأ باكتشاف مواهب أبنائه، وأن يبدأ مع ابنه وعمره ثلاث سنوات، من الروضة، أرجو كل الشباب وكل من يسمعني أن يكتشفوا مواهبهم، لا تقل لي أنك في كلية الهندسة، بل قل لي ما هي موهبتك؟

وانظروا كيف اكتشف النبي -صلى الله عليه وسلم- مواهب الصحابة، فيقول -صلى الله عليه وسلم- لحسان بن ثابت أنت في مجال الشعر، ولأبي بكر أنت في أنساب العرب، ولزيد بن ثابت أنت في الفرائض، ولعلي بن أبي طالب أنت في القضاء، أليس كذلك؟ ألم يوزع النبي –صلى الله عليه وسلم- الكفاءات؟

ومن كثر توزيعه للمهارات كان يعرف كيف يكتشف مهارة كل شخص، حتى أن قريشا هجت النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال لحسان: "إن روح القدس لا يزال يؤيدك ما نافحت عن الله ورسوله"

انظروا كيف يدفع المهارة ويقول لحسان جبريل معك فرد عليهم، فيقول حسان سأرد عليهم يا رسول الله. ومن ثم يقول له النبي-صلى الله عليه وسلم-: "لا تعجل. فإن أبا بكر أعلم قريش بأنسابها، وإن لي فيهم نسبا، حتى يلخص لك نسبي"

لماذا؟ لأن حسان لا يعرف أنساب قريش جيدا، فقد يهجو قريشا ويهجو معها النبي -صلى الله عليه وسلم- لكن أبا بكر عالم بأنساب قريش، ولذلك أرسل أبا بكر مع حسان، فيكتب حسان بن ثابت القصيدة ويقول له أبو بكر ماذا يختار من فروع قريش التي ليس لها علاقة بالنبي -صلى الله عليه وسلم- ووصلت القصيدة لقريش فاغتاظت، فيقول أبو سفيان: والله إن هذه القصيدة لوراؤها أبو بكر. أرأيت المواهب؟


ثانيا تنمية مهارات التفكير

يقول المعلم للطلبة أنه يجب حفظ جدول الضرب لمعرفة حاصل 5×6 فيقوم الطالب بكتابته مئة مرة، فيكون العقل هنا كالمخزن، أما لو قال أن 5×6يساوي 30 قطعة من الحلوى، ويقوم المعلم بتقسيم الصف إلى 5 طاولات، ونقسيم قطع الحلوى الثلاثين على الطاولات الخمس، فلماذا قسمت هكذا؟ ثم يسأل المعلم من أسرعكم تقسيما للحلوى؟ هل تعلّم الطالب هكذا أم لا؟ تعلم أن 5×6=30 ولكنه لم يتعلمها بكتابة 5×6=30 مئة مرة.

حتى في تعلم الأحرف العربية والإنجليزية التي يتعلمها الأطفال في KG1 أو KG2 نعلمها للطلبة بكتابة حرف الألف 30 مرة وحرف الباء 30 مرة، أما في الغرب فهم يرسمون للأطفال على الأرض بالطباشير -لا تحتاج لإمكانيات- لعبة السلم والثعبان وهي أنك حين تصل السلم فإنك تصعده وتتقدم حتى تصل إلى النهاية وتفوز، فهذه اللعبة ترسم على الأرض، ففي أول خانة حرف الألف، فلو مر الطفل بالخانة الأولى فيقف فوقه فيتعلم أن الحرف الأول هو حرف الألف، ويليه الباء ثم الجيم... فيتعلم باللعبة ويتعلم استخدام عقله، ما رأيكم بهذا الكلام؟

نريد أفكارا، سئِل عالم الفيزياء الألماني الذي حصل على جائزة نوبل منذ سنتين أو ثلاثة عن كيفية حصوله على جائزة نوبل؟ فقال لهم ببساطة: ربتني أمي وأنا صغير على أن تسألني كلما أعود من المدرسة: كم سؤالا مفيدا سألت الأستاذ اليوم؟ فتعلمت أنه عليّ الرد عليها، فصرت أخبرها الأسئلة وتسألني إذا كان السؤال مفيدا أم لا؟ حتى بدأت أستخرج الأسئلة المفيدة وبدأ العقل يعمل، ثم أخذت جائزة نوبل.

حرام علينا أن نقتل أولادنا، نحن نقتلهم! ألا تذكرون قول الله تعالى: {وَإِذَا الْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ * بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ} (التكوير:8-9)؟ هناك وأد للأحياء الآن يسمى الوأد الخفي، نمارسه في عقول أولادنا في المدارس والجامعات، والله إنه لحرام، ويجب أن ننمي مهارات التخيل؛ لأنه بداية التفكير. يقول أينشتاين: الخيال أقوى من العلم لأن الخيال يأتي بالعلم. فكيف يمكن أن ننمي التفكير عن طريق الخيال؟ فما رأيكم أن نعرض حصة التاريخ بأن يختار المعلم من مجموعة طالبا يقوم بدور جندي في جيش صلاح الدين، ويختار من مجموعة أخرى طالبا يقوم بدور جندي من جيش ريتشارد قلب الأسد، أريد منكم أن تقوموا بإجراء حوار بينكم عن أخلاق ريتشارد وأخلاق صلاح الدين، لماذا لا نقوم بذلك؟ هل تكلف أموالا؟ هل تكلف ميزانيات؟ لا تكلف شيئا.

وفي موضوع التعبير تجد المعلم يطلب من الطالب أن يكتب عبارة في وصف حديقة جميلة، ولا يطلب منه أن يكتب حوارا بين جندي في جيش صلاح الدين وجندي في جيش ريتشارد قلب الأسد، عندها ستجد وتكتشف إبداعات الطلبة وتنمية التفكير لديهم، أمر بسيط جدا.

تخيلوا يا إخوتي أن الأستاذ يتكلم 50 دقيقة والطلاب قاعدون وأيديهم على وجوههم، أو تجد أحدهم يلعب أو يكتب ويرسم أشياء على الورق، أوليس ذلك بحرام؟! فمن المفروض أن يتكلم المعلم 20 دقيقة من الحصة فقط وباقي الحصة للمناقشات، فتربية النقاش هي التي تربي العقول وتنمي الخيال، فالمشكلة ليست في أسلوب تدريس المعلم، بل في طريقة ترتيب الصفوف في بلادنا المختلفة عن كل العالم، فالصفوف مرتبة بطريقة صفوف متتالية، أليس كذلك؟ هل تعرفون ما معنى ذلك؟ أن الطالب مقهور على أن يسمع المعلم؛ لأن طريقة جلوسهم تحتم عليهم ذلك، أما طريقة ترتيب الصفوف الصحيحة فهي أن تكون على شكل مجموعات، فهذه الطاولة يجلس حولها 5 طلاب، وهذه الطاولة يجلس حولها 5 طلاب آخرين، وطاولة ثالثة يجلس حولها 5 طلاب آخرين، ويجري حوار ونقاش بين مجموعات الطلبة، والمعلم يسهل عملية التعلم ويتحدث ثلث الوقت فقط، فبهذه الطريقة تنمو مهارات التفكير، وتخيل عند تدريب المعلم للطلبة على آداب الحوار وكيفية سماع الآخر وطريقة مناقشة مجموعات العمل لبعضها البعض، فماذا سيتعلمون؟ سيتعلمون الاستماع الجيد وأدب الحوار، سيتعلمون العمل الجماعي.

نحن في صلاة الجمعة لا نستطيع تسوية الصفوف، فنتقاتل في صلاة الجمعة ولا نقف بجانب بعضنا البعض؛ لأننا لم نتعلم في المدرسة كيفية العمل الجماعي، فشركات الجنسيات المتعددة تتحد الآن وتنشئ شركات ضخمة جدا ويتعاونون سويا؛ لأنهم تربوا على ذلك في المدارس، أما نحن فيموت الأب ويترك تركة كبيرة، وكل ولد يقسمها ويأخذ حصته، فهم لا يعرفون العمل سويا، فنحن نتفكك لأننا لا نستطيع القيام بالعمل الجماعي.

نحن لا نستطيع أن ننقد بعضنا بعضا، عندنا وجهة نظر واحدة فحسب؛ لأن المدارس تقوم على التلقين، لأن المدرس هو الذي يتكلم فقط، مدرس في بريطانيا أقام طالبين ووضع بينهما قطعة خشب تشبه الرقم 7 وكل طالب يقف في جهة، فكل طالب يرى رقم 7 بشكل مختلف، فالأول يراه رقم 7 والثاني يراه رقم 8 فبهذه الطريقة يتعلم الطالب احتمالية وجود وجهتي نظر لأي شيء، ويطلب من الطالب الذي يرى الرقم 7 أن يدافع عن وجهة نظره ويطلب من الطالب الذي يرى الرقم 8 أن يدافع عن وجهة نظره كذلك، ويخبرهم أن من يقنع الآخر بوجهة نظره فسيأخذ جائزة، فمن يأخذ الجائزة هو الذي يقول للآخر تعال انظر للرقم من مكاني، هل عرفت أنه من الممكن أن توجد وجهة نظر أخرى غير وجهة نظرك؟ أما أولادنا فيكونون أحاديو التفكير، فينتج من ذلك العنف وعدم التأقلم على العمل الجماعي.

يا أولياء الأمور، يا أيها الأساتذة والمعلمين، ما رأيكم في الكلام الذي نعرضه؟ والغرب لم يكتف بذلك، بل خصص كل حصص الأسبوع الواحد لتساعد الطالب على فهم الفكرة التي تنمي مهارات التفكير جدا، كل الحصص تتكلم عن نفس الموضوع، كيف؟ باستخدام التعليم التكاملي، كيف؟ بأن تكون مثلا مادة الجغرافيا خلال الأسبوع كله، كيف؟ بأن تكون حصة الجغرافيا مثلا عن خصائص فصل الشتاء، وفي حصة التاريخ يتكلم المعلم عن كيفية هزيمة نابليون في معركته في واترلو بسبب خصائص فصل الشتاء الذي كان السبب الأساسي للهزيمة، وفي حصة اللغة العربية يتحدث المعلم عن الإنشاء والتعبير في خصائص فصل الشتاء، وفي حصة الأحياء يتحدث المعلم عن ظاهرة البيات الشتوي التي تحصل للكائنات في فصل الشتاء، فماذا يحدث للطلاب؟ يركزون على معلومة واحدة، وهنا يأتي دور المناهج والحكومات.

التعليم التكاملي ينفذ في بلد عربي واحد رغم ظروفه الصعبة: في فلسطين، نفذت التعليم التكاملي ويطبق الآن في مدارسها، سأقرأ لكم بريدا أرسله شاب عمره 19 سنة، هذا الشاب أرسل هذه الرسالة لأحد المواقع على الإنترنت يقول: أنا شاب أبلغ من العمر 19 سنة، مشكلتي تبدأ منذ دخلت المرحلة المتوسطة، كنت شخصا مبدعا، كنت أقرأ الكتب بكافة أنواعها دائما، كنت نشيطا رياضيا، أبدع في أفكار جديدة، كنت أتعلم كل ما أراه رغبة مني في ذلك، كنت أتحرى حتى ألِمّ في الموضوع لدرجة أنني تعلمت صنْع كل ما يصنَع من سعف النخل من أطباق وحصيرة وغيرها، وأنا لم أتجاوز التاسعة، ناهيك عن الخياطة والتطريز والصناعات الورقية والحياكة، كنت الأول على المدرسة دون منازع، إلى أن دخلت الثانوي، وكانت المنافسة على أشدها، ويجب أن أركِّز فيما تعطيه المناهج، فتركت هواياتي وفقدت شهيتي للمطالعة الخارجية وركزت على الكتب حتى أحصل على المجموع المطلوب، المشكلة تكمن في أن المدرسون في هذه السنوات العجاف في الثانوية كانوا يعلموننا الحفظ الأجوف الأعمى الأصم، ففقدت إبداعي، وبعد تخرجي أصِبت بضغط الدم ولم أتجاوز الثامنة عشر؛ نتيجة للمنافسة الشديدة، المشكلة الكبرى أني الآن ما عدت أستطيع أن أفكر كما كنت، أنا لا أستطيع الدراسة في الجامعة، فلقد اعتدت على التوجيه الأعمى في الثانوية، ساعدوني أريد أن أعود كما كنت.

هذا الشاب عبّر عن رأيه، فما بالك بالملايين الذين لم يعبروا عن آرائهم وهم يسمعوننا الآن ويجلسون معنا؟ ساعدوني يا أولياء الأمور في تنمية مهارات التفكير، وأنا ضربت لكم أمثلة في الحلقة ففكر أنت الآن.

ثالثا: تعليم الطالب كيفية البحث عن معلومة

نحن نعلم الأولاد من كتاب المدرسة، فإن لم يتوفر فيه كل المطلوب نعطيه الملزمة من المدرس، وسيُـنضَح هذا بالامتحان للمدرس، هل سمعنا في مدارسنا من يأمر الطلبة بالبحث في مسألة ما في المكتبة أو في كتب معينة؟ هل نسمع مثل هذا الكلام؟ ففي بعض مناهج الحكومات حثّ على ذلك، ولكن المعلمين لا ينفذون لأنهم لم يتدربوا على ذلك، وأولياء الأمور لا يريدون البحث لأبنائهم لأنه وإن بحث فسيسقط في الامتحان؛ لأن الهدف هو المعدل والحصول على الشهادة.
هناك من يقول لي: أنت تنحت في الصخر، أنت مثل الماء الذي يلاطم الصخر. وأنا موافق على ما يقولونه من أن أكون كالماء الذي يلاطم الصخر، فمن الرابح في النهاية الماء أو الصخر؟ الماء طبعا، فالماء ليس أقوى من الصخر، الصخر يظن أنه الأقوى لأنه صلب، لكن محاولات الماء الدائمة المتكررة هي التي تشكل الصخر كما تشاء.
أذكركم بالاستقصاء، نحن لم نتعد المليون بعد، نحن نريد أن نتخطى المليون، وأنا سعيد بجهود الشباب والأطفال الذين يجمعون الاستقصاء، ونساء فوق الخمسين، ناس من كندا وألمانيا وفرنسا والنرويج يبعثوا لي الاستقصاء، يا شباب الجامعات قبل انتهاء الجامعة مطلوب منكم أن تشاركوا وتشركوا وتجمعوا الاستقصاء، يا شباب لبنان ومصر والسعودية، يا شباب العالم الإسلامي والعربي كله، سآخذ الاستقصاء وأحمل صوتكم للعالم كله، سننجح إن شاء الله وسننحت في الصخر وما هو مستحيل اليوم غدا سيكون ممكنا بإذن الله.
نراكم على خير، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته







لمشاهدة الحلقة اضغطي هنا

لترجمة الحلقة اضغطي هنا
امان33
امان33
انا ايضا اشجع موضوع صناع الحياه وسابدا اولا بنفسى
ساعمل على نفسى كثيرا لاصل الى المستوى الذى بامكانى ان اساعد به الغير
فنا مثلا من الساعه الواحده بعد الظهر وانا فى بطاله حقيقيه وكل وقتى حتى الصباح هو بطاله فى بطاله
ساحاول ان اجد لى اى مشروع املىء فيه وقتى فالروتين يكاد يخنقنى واكيد فيه كثيرات مثلى
ولا ادرى ماذا افعل