حيـ القلوب ــاة
الجزء الثاني



بعد عدة أيام بعدما هدأ وضع عائلة ليلى.. وقد تستر الوالد على موضوع الطفلة فقد أراد أن يتأكد بنفسه.. حيث أن الخبر لم يكن سهل التصديق..
ذهب الأب إلى موقع الحادث حيث أنه أخذ العنوان من السائق..ذهب هناك و طرق أبواب كل من جاور ذلك المكان يسألهم عن طفلة صغيرة حديثة الولادة وقد كانوا يجيبونه بالنفي...إلى أن وصل إلى منزل والد مازن (سعيد) ...طرق الباب..فخرج له سعيد فقال الأب ولهجة الأسى تصطبغ على كلامه..
- السلام عليكم..
- و عليكم السلام ورحمة الله..
- إذا سمحت أيها الرجل..قبل عدة أيام هل رأيت طفل أو طفلة حديث الولادة هنا..و أمه صُدمت بسيارة قرب أذان الفجر.؟؟
رجع سعيد بالذاكرة للوراء..أكيد لا يوجد طفلة سوى التي أخذها..حيث أن تلك الحوادث لا تكرر يوميا و لكن هل الفتاة التي صدمت هي والدتها..!! أحب سعيد أن يستفسر أكثر فسأله..
- نعم أعلم... ولكن من أنت..!!
لم يعرف الرجل بما يجيب هل يخبره أن الفتاة التي فعلت ذلك هي لبنته..!! وجد ذلك صعبا فكذب هذه الكذبة...
- أنا والد صديقة الفتاة التي صُدمت.
- أهلا..ولكن ما قصتها إنني رأيت هذه الطفلة الصغيرة ولكن....
سكت سعيد لا يعلم كيف يقول لهذا الرجل أن الطفلة أصبحت ابنته وانه لا يستطيع الاستغناء عنها.. فقطع حيرته صوت الوالد يقول..
- إن هذه الفتاة هي صديقة ابنتي و قد علمنا من الطبيب أنها أوصته على طفلة لها وهي ...... لــ... لم ... لم تكن متزوجة....استغفر الله العظيم..
بعد تلك الجملة أيقن سعيد أن هذا الرجل و عائلة صديقة ابنته لن يكونوا أحن منه على الفتاة الصغيرة و خصوصا و أنها ليست بالحلال...
رد سعيد وهو يصطنع الأسى..
- إن الطفلة لم تستحمل الطقس البارد فماتت.
رد الرجل و كأن جزء من همه قد انزاح..
- الحمد لله .. إن الله يعلم أن هذا أفضل لتلك الفتاة من أن تعيش على عار لم يكن ذنبها..أشكرك أيها الرجل الطيب..ولكن ارجوا أن لا يعلم احد بما فعلته تلك الفتاة... وقد أوطأت رؤوس اهلها في الأرض.
قال سعيد بكل حنان وهو يهدئ على الرجل الذي بدأت العبرات تنحدر من عينيه..
- لا عليك يا أخي.. الله يسترنا بستره.
عاد سعيد إلى زوجته و اخبرها بما حدث...

******
بصوت طفولي ناعم صرخت...
- مازن أعطني لعبتي.
مازن يركض وهو مبتسم..
- لا..أولا ..اركضي خلفي و امسكي بي.
صرخت سارة بصوت عال.
- مـــامـــا.
جاءت والدة مازن و قد كانت تستمع إليهم فحضنت سارة و وضعتها على حجرها..
- مازن كم مرة قلت لك لا تضايق أختك.
- أمي إنني فقد أريد أن العب معها.
- ولكنها فتاة وأنت رجل كيف تلعب معها هكذا.
- صحيح يا أمي إنني رجل بل أقوى رجل في العالم.
ضحكت الأم وقالت...
- حسنا..إذا أردتم اللعب فالعبوا شيئا مخصص للبنات والأولاد ما رأيكم.؟
ضحكا الطفلين و ركضا إلى الفناء وهما فرحين.. ما أجمل براءة الطفولة..
جاءت والدة مازن إلى زوجها وهي تفكر.. جلست أمامه فقال لها..
- ما بال زوجتي العزيزة..!! فيما تفكر..؟؟!
- سعيد ماذا سنفعل...!! هل نخبر سارة بالحقيقة..
- لماذا... لا داعي لذلك.
- كيف لا داعي..!!! ما الذي تقوله هل تعلم أن سارة ستلتحق بالمدرسة بعد اقل من شهرين و ستعلم أن اسمها لا يطابق اسم أخيها مازن.
- نعم معك حق كيف لم يخطر على بالي هذا .!!
- لأنك يا عزيزي مجهد نفسك في العمل..ارتاح ..أهم شيء في الدنيا هوالصحة.
- حسنا سأرتاح في المنزل و في أخر الشهر نخرج نطلب الصدقة.
ضحك الاثنين وقلبيهما راض على بعضيهما وعلى حياتهما الهادئة وكل تفكيرهم منحصر في مستقبل الطفلين..

******

- ماما..هل ستشتري لي هذا الزي..!!
تحدثت سارة وهي تشير إلى احد أزياء المدارس الذي سترتديه في السنة الدراسية الجديدة..
ابتسمت لها الأم في حنان و قالت..
- نعم يا عزيزتي .. هل أعجبك؟؟
- جدا يا ماما... هــيا
سحبت سارة أمها من عباءتها و أدخلتها المحل....اشترت لها الأم الزي..

**في المنزل**

أرادت سارة أن تجرب الزي و ترتديه ولكن أمها قالت لها...
- اجلسي يا سارة أريد أن أتحدث إليك.
- حسنا.
و بكل براءة الأطفال جلست سارة مبتسمة تنظر لامها منتظرة ماذا ستخبرها..
- سارة حبيبتي أنت تعلمين كم نحبك و نعاملك مثل مازن تماما ولكن هناك شي لا تعلمينه هو... هو... انك لقيطة.
ولم تستطع الأم أن تشرح المزيد فقد اغرورقا عيناها بالدموع و تحشرجت كلماتها في حلقها..
رفعت سارة حاجبيها متسائلة..
- ماذا يعني ماما.
استجمعت الأم قواها و شجاعتها وقالت..
- يعني... أنا لم احمل بك يا عزيزتي لقد وجدك أبوك عند المسجد وأمك قد ماتت في حادث .
تفاجأت سارة من الكلام..صحيح أنها صغيرة ولكن كلام والدتها لا يحتاج
إلى كثير من التفسير ....قالت وقد بدأت الكلمات تتأرجح في حلقها..
- هل يعني انك لست ماما.....!!؟!!
ردت الأم بسرعة البرق خوفا على مشاعر ابنتها.
- بلى إنني أمك .. حبيبتي .. لقد أرضعتك مع مازن .. إنني أمك و سعيد أبوك و مازن هو أخوك.. ولكن الفرق أن اسمك سيختلف عن اسم مازن و لن يكون اسم والدك سعيد.
أحست سارة أن هذا الكلام طمأنها هي لا ترغب غير أن يكون لها والدين و إخوة ....و لم تكن تعرف أهمية أن تكون تحت ظل والدها الحقيقي الذي تحمل اسمه و تكون من صلبه..

******
مرت على الأسرة سنوات ....
كانت سارة في كل مرة تحس بأن هذه الأسرة هي أسرتها فعلا... و لكن كلام والدتها لم يزل محفور في ذهنها...
كانت تتسأل دوما... إذا كانت والدتها الحقيقية ماتت في حادث .. فأين والدها..!!!!!
و كيف يتركونها عند المسجد إلى أن يلتقطها شخص عابر...!!!!!
كانت هذه النقطة...هي نقطة ضعفها..لذلك جعلتها الدافع وراءها ... كانت دائما تحاول أن تكون الأفضل ....في المدرسة....في التعامل مع الأشخاص....في الأخلاق....و في جميع الأمور....كانت تحاول أن تثبت ذاتها في كل شي.. و قد حققت ما كانت تصبوا إليه...
و بعد مرور عدة سنوات

******
اليوم هو حفل تخرج سارة من المدرسة..
كانت الأم في المطبخ تحضر الطعام للحفل و الأب في العمل ينهي بعض الأوراق سريعا لكي يعود...
نادت الأم على ابنتها كي تعرف ماذا تحب أن تأكل بما أن الحفل لها و المدعوون صديقاتها..
- سارة
قفزت سارة درجات السلم وهي تركض فرحا.. خطواتها أصبحت كالفراشة .. أنه يومها.. يوم تحديد مصيرها لقد تخرجت و ستلحق بالكلية التي تحبها..
- خير يا أمي.
نظرت إليها الأم بدهشة سرعان ما تحولت إلى إعجاب ..
- ما شاء لله ما كل هذا الجمال .. انك تبدين عروس.
- مــا رأيك.؟؟
ثم دارت حول نفسها في حركة استعراضية تريد أن تُري أمها كل شئ..
- ما شاء لله.. حماك الله من العين يا بنيتي.
- سلمتي يا أمي.
ثم طبعت قبلة على جبين أمها..
دخل شاب.. طويل القامة..عريض المنكبين .. حاد الملامح..اسمر البشرة..صاحب عينين عميقتين.. صفر بإعجاب عندما رأى سارة وقد فغر فاه في حركة مسرحية تدل على شدة الانبهار..
ضحكت سارة وهي ترى مازن ينظر إليها هكذا..
- مــازن ما هذا لا تخجلني.
- ما شاء لله هل اليوم حفل تخرجك أم هو حفل زفافك..!!
تحركت إليه تريد ضربه ... كما و هما صغار..
- أمي ..قولي له أن يصمت.
قال لها مازن بتعجب..
- أيتها المجنونة.. أقول لك زفافك..تقولي لي اصمت..!!!
- أنت تعلم أنني لا أفكر بهذا الموضوع إلا بعد أن أكمل دراستي .. سألتحق بالكلية التي أتمناها و أعشقها..
قال مازن بنفاذ صبر يدل على أنها قالت هذا الكلام مئات المرات..
- اعلم..كلية الطب.. طبيبة أطفال.. إنني أعشق هذه الكلية منذ أن كنت صغيرة.
ضربته سارة على كتفه ثم قال..
- أكيد.. أيتها العبقرية إن نسبتك 99% و ليس مثلي 97% و لكني سأدخل كلية الطب أيضا..
- ما بالك يا مازن إن 97% جميلة و ستلحقك بالكلية التي تريدها..
ابتسم لها.. وقال..
- أتمنى ذلك..
و انصرف إلى حجرته و عادت سارة لتكمل زينتها..
كانت سارة غاية في الجمال و إن لم يكن كل جمالها خارجي... كانت روحها مرحة و طيبة ..كانت تحب جميع الناس..تعشق الأطفال..تحن على الكبار و المسننين .. أما لجمالها الخارجي..فقد كان جسمها يتكلم فيقول هذا جسم أنثى بكل المقاييس.. وشعرها يحكي بأنه تاجها.. ملامحها طفولية.. عيناها آسرتان..بريئة..... فمها صغير .. أنفها كحد السيف..قوامها ليس طويلا ولا قصيرا....تلفت نظر كل من ينظر إليها شخصيتها عفوية بسيطة.. لا تحب التصنع.. ولا تميل للتكلف...

** عند المساء **

اجتمعوا النساء و البنات.. صديقات سارة وهم يغمزون لها و يقولون..
- النساء ينظرون إليك الليلة سيكون لديك عريس.
فيضحكون و هي تقول لهن..
- لا أريده...إن جاءني سأرسله لكم .
فترد ناهد ..
أرسليه لي أنا أريده.. متى أتزوج..!!!
فيضحكون مجددا.. و يستمتعون بوقتهن و بليلة سارة....
في اليوم التالي فاتحت سارة والدها على موضوع الكلية..
- أبي إنني أريد الالتحاق بكلية الطب.. أريد أن أكون طبيبة أطفال..
قال لها الأب و هو مبتسم..
- إنك تستحقينها لقد حصلت على نسبة ترفع الرأس و أنا لا يوجد لدي مانع في كلية الطب.. و إنني أعلم مدى تعلقك بالأطفال و حلمك بأن تكوني طبيبة..
- أشكرك يا أبي..
******





يتبع........
الأم الحنونة
الأم الحنونة
رائعة سلمت يمنيك لاتطولي علينا رعاك الله
صيام قلب
صيام قلب
معاك على الخط يا حياة القلوب
حيـ القلوب ــاة
الأم الحنونة
تسلمي من ذوقك
وبتمنى تعجبك القصة للنهاية
حيـ القلوب ــاة
صيام قلب
هلااااااااااااااااااا
تسلمي على المتابعة