حيـ القلوب ــاة
الجزء الثالث



بدأت السنة الدراسية الجديدة ..على مائدة الإفطار .. جلست العائلة فقال الأب..
- أبنائي.. لقد بدء العام الجديد .. لابد من الاجتهاد من اليوم الأول..و التأقلم مع الحياة الجامعية الجديدة.
بكل تفاءل ردت عليه سارة..
- بالتأكيد يا أبي إنه حلم طفولتي سيصبح بين يدي..كلية الطب لن تضيع مني..سأحصل على الشهادة و بتفوق بإذن الله.
رد لها الأب بكل حنان..
- أتمنى يا ابنتي العزيزة...أعانك الله.
ثم نظر إلى مازن الذي بدا قلقا و متوترا فقال..
- و أعان من لا يشاركنا حديثنا و قد ذهب إلى عالم أخر.
انتبه مازن إلى صوت أبيه فأحس بالخجل ..قال...
- لا يا أبي إنني معكم و سأبذل قصارى جهدي كي أحصل على ما يرضيك .
- المهم هو ما يرضي نفسك لأن هذه حياتك و عليك أن تختار الطريق الذي تود أن تسلكه.
نظرت سارة إلى ساعتها ثم قالت..
- مازن لقد تأخرنا..إنني أفضل أن أتواجد في اليوم الأول من بدايته حتى أتأقلم مع الناس.
- حسنا..هيا بنا.
انصرفا إلى كليتيهما و قد دعا لهما والديهما بالتوفيق...

******

بنظره اندهاش و خوف قالت سارة..
- ما هذا يا مازن.. إن الطلاب كثيرون و الجو هنا في غاية الحماس.. و أنا لم أتعود على الاختلاط.
- لا عليك يا سارة.. ستتأقلمين مع الجو و لكن احذري على نفسك من بعض الشباب.
قابلت سارة بعض من صديقاتها في المدرسة ينتمون لنفس قسمها فسلمت عليهن و ذهبت معهن بعد أن ودعت مازن و اتفقت معه على موعد للخروج و العودة للمنزل...
أنهى كلا من سارة و مازن الإجراءات اللازمة للطالبات و الطلاب المستجدين .. و هما بالعودة للمنزل .. و قد انتهى يومهم الأول بسلام..

******

بعد عدة شهور تأقلمت سارة في الكلية أصبحت تتحرك فيها بحرية أكثر.. تعرفت على صديقات جدد.. كانت تتحاشى الشباب و لا تختلط بهم كثيرا.. و لكنها لاحظت أن هناك شخص يلاحقها من فترة كلما جلست في الكافتيريا و جدته في الطاولة المقابلة لها و كلما ذهبت للمكتبة و جدته فيها.. حتى عندما تركب السيارة مع مازن كانت تجده ينظر إليها نظرة غريبة كان شاب وسيم مفتول العضلات.. ذو بشرة خمرية و شعر أسود ..عيناه حالكتا السواد .. بهما سحر خاص.. و جاذبية تجذب كل من ينظر إليها من دون أدنى تنبيه إلى أن تقترب منها يوجد عائق يقول لك احترس من تلك العينان .. فتبتعد.. الفتيات يتهاتفن على صحبته .. كان مطمع كل فتاة في الكلية و خارجها.. كان يتفاخر بماله أيضا..لديه أفخر السيارات..
كان يسأل دوما عن سارة … يتبع أثارها.. يتفقد حضورها….. وفي يوم من الأيام جاء إليها و قد كانت وحدها في المكتبة تقرأ كتاب.. أحست به يقترب..شعرت برهبة و خوف.. تبحث عن مازن ولكنه غير موجود معها.. وقفت .. جمعت حاجياتها استعدادا للهرب من ذلك الشخص و لكنه لم يترك لها المجال .. وقف أمامها و قال..
- لو سمحت يا آنسة… سارة… أليس كذلك.!!
شعرت بقشعريرة تسري في جسدها .. شعرت بإحساس غريب عندما نطق اسمها شخص تجهل من هو.. قالت...
- كـ...كيف...عرفت .. اسمي..؟!
- لا عليك إننا أصدقاء و في قسم واحد.
- حسنا.. ماذا تريد.!!
- أردت فقط أن أستعير دفترك لأخذ منه بعض الدروس.
قالت له سارة و كانت تعرف أن غرضه ليس الدروس بل غرضه لا يمت للدروس بصله..
- أسفه.. لا أستطيع..إنني أدرس يوميا و لا استغنى عن دفتري.
قال لها ووجهه يحمل نصف ابتسامة و في عينيه نظرة خبث ما كرة...
- إذن أعطني رقم هاتفك يا حلوتي.
حملت سارة حقيبتها و بأقصى سرعتها ركضت.. خرجت من المكتبة و هي لا تعلم إلى أين و لكنها تركض و الدموع في عينيها.. تركض .. و هي تسمع من خلفها صوت ضحكة شيطانية..
أسرعت الركض إلى أن وصلت إلى قاعتها .. تلفت حولها يمينا و يسارا كانت .. خائفة جدا من أن تجده هنا و لكنها وجدت مازن و حده يكتب في دفتره.. من غير تفكير أسرعت متوجهة إليه حتى أن الطلاب انتبهوا إلى سرعة خطواتها و كأن أحدا يلاحقها.. و هم لا يعلمون أنه فعلا يوجد من يلاحقها.. جلست بجانبه تلهث و تنظر حولها في خوف.. انتبه إليها مازن ... سألها بقلق..
- ما بك يا سارة!! لماذا وجهك مصفر هكذا .!! هل أنت مريضة.؟؟
- لا ..لا عليك فقط أرهقت من السير كنت أظن أن المحاضرة بدأت قبل أن آتي.
- ما بك المحاضرة بقي عليها أكثر من 20 دقيقة.
قالت له بتوسل واضح و عينين دامعتين..
- مازن..أرجوك لا تبتعد عني إنني لم أتأقلم بعد من الناس هنا.. أرجوك.
أمسك مازن يدها و قربها منه و وضع يده الأخرى على خدها و قال و هو مبتسم في حنان..
- و هل لي أن أترك أختي الصغرى حبيبتي هنا وحدها..!
في هذه اللحظة دخل الشاب الذي يلاحقها القاعة ووجدها على هذه الصورة مع مازن..نظر إليها نظرة خبث..ثم انصرف..
لم تلحظ سارة دخول الشاب حيث أنها كانت بجانب مازن ..أخوها..لا يعنيها شيء في هذه الدنيا.....بعد انتهاء المحاضرة..بعد ما يقارب الساعة و النصف....ذهبت سارة إلى خزنتها التي تضع فيها كتبها... فتحتها و لفت انتباهها ورقة مطوية قد أدخلها صاحبها من الفتحة العلوية الضيقة للخزنة فتحتها هي تتلفت حولها علها تجد شخصا يراقبها فلم تجد احد ينظر إليها.. فتحتها...توجه نظرها مباشرة إلى التوقيع أسفل الرسالة..كان فضولها يدفعها لمعرفة المرسل.. جحظت عيناها و ارتجفت يداها .. شعرت بهبوط الدم إلى أسفل جسدها..عندما قرأت...
المرسل : مجنونك .. أمجد
إنه ذلك الشخص ..نعم.. لقد سمعته يتحدث مع إحدى صديقاتها و عندما سألتها عن اسمه أخبرتها انه أمجد.. أخذت الورقة..طوتها و أدخلتها في حقيبتها سريعا خوفا من أن يراها شخص..أغلقت خزانتها و تلفتت حولها أيضا.. فوجدت مازن قادم..ارتبكت وقد خافت أن يكون قد رأى شيئا...لاحظ مازن ارتباكها و ضحكتها الصفراء المرتسمة على وجهها فقال لها..
- سارة ما بك..!! هل ضايقك شخص ما..!!
ردت سريعا و قد خافت أن يكون قد علم بشيء..
- لا..لا .. فقط اشعر ببعض الدوار.
- هل أنت مريضة..؟؟
- لا .. لا تخف فقط إن عدت للمنزل سآخذ حبة دوار .. و أنام و سأتحسن بإذن الله.
- بإذن الله.
أخذها للمنزل..... دخلا .. حيا والديهما اللذان كانا في انتظار هما..قالت الأم..
- ما بكم لقد تأخرتم قليلا اليوم .. هل حدث شيئا..؟؟
رد مازن
- نعم يا أمي .. سارة مريضة قليلا.
سألتها والدتها في شيء من الخوف و الحنان معا..
- ما بك حبيبتي هل حدث لك مكروه..؟؟هل نذهب للمستشفى..؟؟
- لا يا أمي لا عليك..إنه مجرد دوار بسيط.. لا بد أنني لم انم جيدا ليلة البارحة..هذا كل شيء.
- حسنا ولكن إن زاد الألم سأصطحبك للمستشفى رغما عنك..إنك تجهدي نفسك كثيرا بنيتي.
- حسنا يا أمي و لكن هذه كلية طب .. لا يوجد بها أي نوع من الراحة.... لا عليك سأكون بخير بإذن الله.
بعد الغداء .... دخلت سارة غرفتها لترتاح ...جلست على السرير كما هي عادتها تسترجع أحداث يومها.. تحللها..تستفيد من تجاربها.. تحترس في المرات القادمة من أخطائها..و في الوقت الذي تسترجع فيه سارة أفكارها تذكرت الرسالة ...قفزت سريعا إلى حقيبتها .. أخذت الرسالة و عادت للسرير .. جلست و فتحتها بانامل مرتجفة و قلب تتزايد عدد ضرباته..قرأت الرسالة...فوجدت مضمونها يقول.....


عزيزتي .. سارة
أريد أن أتحدث معك في موضوع ضروري
للغاية أرجو أن تتصلي بي في هذه الليلة عند
الساعة 8 مساءَ
سأكون في انتظارك لا تنسي أن الموضوع
طارئ جدا على هذا الرقم*********
مجنونك .. أمجد

تزايدت ضربات قلبها أكثر مما كانت عليه حتى أنها شعرت به يؤلمها.. ظهرت حبات العرق على جبينها.. جف ريقها..رمت نفسها على السرير..تقلبت عليه.. جافا عيونها النوم..إنها متعبة .. مرهقة ولكن تفكيرها مستمر و منحصر في تلك الرسالة وذلك الشاب..هل تتصل به.!! فيرد عقلها سريعا لا.. هل جننت..!!!أما قلبها فيقول و ذلك الموضوع ..لابد أنه خطير.. !!و ما سيضرني لو أنني اتصلت و علمت الموضوع..!! فقط و لا أكررها ثانية..استقرت على هذه الفكرة ونامت..لم تشعر إلا و والدتها توقظها ..
- سارة حبيبتي هل نمت هكذا..؟!!
فقد كانت سارة مستلقية على السرير من غير غطاء و إحدى يديها كانت متدلية من السرير و بها الرسالة.. فتحت سارة عينيها و كأنها تحاول أن تفهم هي أين و لماذا.. إلى أن استيقظ عقلها و استقر تفكيرها..نظرت إلى والدتها التي كانت توقظها .. رأت سارة الرسالة التي سقطت تحت يديها...
قفزت سارة معتدلة على السرير و سارعت في التقاط الرسالة وإخفائها عن والدتها التي كانت منشغلة في فتح الستائر و النافذة لتهوية الحجرة..خافت أن تكون والدتها رأت الرسالة و لكن لم تظهر عليها أي علامة من علامات التعجب فطمأنها ذلك... و لكن ليس للأبد فإن الموضوع نفسه لم تطمئن له و إن كانت قد استقرت على الفكرة التي راودتها..نظرت إلى الساعة فوجدتها 6 مساءا.. باق من الزمن ساعتين.. نهضت سارة.. بدلت ملابسها.. نزلت لوالدتها فوجدتها وحدها في الصالة ..جلست معها .. تحدثا في أمور شتى إلا أن قالت الأم لسارة..
- سأذهب لجارتنا عند الساعة السابعة لقد أنجبت ابنتها و أريد أن أزورها .. وقد أظل ما يقارب الساعتين..ابقي أنتي هنا و اهتمي بالمنزل.
تعجبت سارة من الموقف ..يا لحسن الحظ .. لقد رتب لها القدر الجو الملائم لكي تستطيع الاتصال من دون عوائق ..فردت لوالدتها سريعا..
- حسنا يا أمي .. لا تشغلي بالك..

******

خرج مازن كعادته إلى منزل صديق عمره محمد..
- مرحبا.. محمد..كيف حالك..؟
رد عليه محمد و هو مستاء...
- أهلا مازن.. أنا بخير.
لاحظ مازن نبرة الإحباط الموجودة في صوت صديقه فسأل خوفا عليه..
- ما بك يا أخي .. لماذا كل هذا الاستياء.!!؟؟
بعد زفرة بسيطة كانت تفي بالغرض لولا أن نفس محمد كانت مليئة بالمشاحنات فقال..
- لا أعلم .. أشعر بأنني غير مستقر نفسيا في كلية الهندسة..ليتني دخلت معك كلية الطب..
سأله مازن بحنان و خوف في أن معا..
- و ما سبب ذلك.؟؟
- لا أعلم .. أشعر أن بأن سبب ذلك هو عدم وجودك معي.
فهم مازن قصد محمد و قال في خبث و هو يغمز له..
- وجودي أنا..!!!! أم و جود.....
ثم لم يستطع مازن أن يمسك نفسه من الضحك بينما فهم محمد أن مازن يقصد سارة..حبيبته في الطفولة و المراهقة و الرشد .. دائما ظلت سارة محفورة في قلبه رغم انه لا يفضل البوح بذلك.. و لكن مازن رفيقه.. يفهمه من دون أن يتحدث.. فتلك الأمور تظهر على الشخص رغما عنه..
وقفت نوبة ضحك مازن و قد انتبه إلى شرود محمد فسأله بقلق..
- هـ...هل تضايقت من مزاحي..!!!
أجابه سريعا..
- لا..لا عليك .. إنك أخي و هي أختك.
و انفجر الاثنان بالضحك و قد ارتاحت نفس محمد عندما جاءت سارة في حديثه....
محمد هو صديق مازن من أيام الطفولة كانت علاقتهم قوية جدا..محمد يكبر مازن بسنة و لكنه تأخر دراسيا فأصبحا الآن سويا..محمد شخصية هادئة و حالمة..لا تختلط كثيرا بالناس.. ولكن إذا صادق أحدهم أوفى له بكل مشاعره و أمانته..محمد.. ذو ملامح هادئة بسيطة و لكنها جذابة جدا.. هو من الأشخاص الذين عندما تنظر إليهم ترتاح لهم نفسك ... محمد .. شخصية طموحة..تخطط لمستقبلها منذ البداية..

******

عند الساعة الثامنة دخلت سارة حجرتها بعد أنهت جميع أمور المنزل و تأكدت من أن والدتها غير موجودة و مازن عند صديقه محمد و والدها في المكتب..لم يكن في المنزل احد سواها..
أخذت هاتفها الخلوي و بأنامل مرتجفة ضربت الرقم..شعرت بأن الزمن قد توقف يمر بطيء الثواني تمر كالدهر إلى أن سمعت صوت رجل على الطرف الآخر يقول..
- مرحبا.
بسرعة البرق أغلقت سارة الهاتف و كل خلية في جسدها ترتجف.. تفكيرها أصبح مشتت..جزء منه يقول ماذا فعلت!! و جزء يقول هذا الذي لابد أن يحدث..قلبها يخفق بشدة..ظهرت حبات العرق على جبينها..خاطبت نفسها في تأنيب..
- يا الهي .. ماذا فعلت..!!!
انتفض جسدها عندما سمعت صوت هاتفها يرن إنه نفس الرقم..انه أمجد.. يا الهي .. هل أجيبه!!..و في غير وعي منها شعرت بإصبعها يضغط على زر رفع السماعة ......................



يتبع........
صيام قلب
صيام قلب
حمستينا
يا حياة القلوب .... ننتظر التتمه
صيام قلب
صيام قلب
صيام قلب هلااااااااااااااااااا تسلمي على المتابعة
صيام قلب هلااااااااااااااااااا تسلمي على المتابعة
وين رحتي ياحياة القلوب
نحن بالانتظار
ملاك الحجاز
ملاك الحجاز
نحن بالانتظار أختي الغاليه ,,
ضيـMEMEـاء
ضيـMEMEـاء
متابعة للقصة
في الانتظار ........